بقلم: ميراف ميخائيلي
في نهاية الاسبوع الماضي توفي توني جادت. وهو شخص مدهش استمر في الوقت الذي كان يحتضر فيه بسبب المرض الذي أشله وجعله غير قادر على التنفس الا بمساعدة آلة وعلى الحديث الا بمساعدة مكبر صوت، استمر على انشاء نصوص مذهلة وفيها ما كتب عن وضعه.
هذا المؤرخ اليهودي الامريكي المعتبر، الاستاذ في جامعة نيويورك، الذي عاش في شبيبته في اسرائيل، كان في السنين الاخيرة شديد الانتقاد لسياسة اسرائيل وسلوكها؛ فقد كتب في 2003 ان اسرائيل بلغت وضعا من أجل ان تظل فيه دولة يهودية لم تستطيع البقاء ديمقراطية، ولهذا اقترح "التفكير فيما لا يمكن التفكير فيه أي دولة ثنائية القومية".
لم تترجم المقالة الى العبرية قط، وحظيت مع كل ذلك بردود معادية هجومية: "من يؤيد القضاء على اسرائيل؟" كتب يوئيل أسترون في صحيفة "هآرتس"؛ "ليس معادي السامية فقط من يدفع بيهودي الى التنور"، كتب الدكتور يوحاي سيلع في مجلة "مجلة الشرق الاوسط".
هكذا الحال في اسرائيل: كل من ينتقدها يصنف من الفور على أنه معاد للصهيونية، ومعاد للسامية، وكاره لاسرائيل ويهودي يكره نفسه. لكن المنتقدين من الخارج – ليس عند اسرائيل ما تفعله معهم سوى أن تقعدهم في كرسي منخفض. في مقابلة ذلك يوجد عندها ويوجد ما تفعل بأولئك الذين ينتقدونها من الداخل. بل ان جهات مثل صندوق اسرائيل الجديد وصحيفة "هآرتس" تهاجم لانها تنتقد اسرائيل، ومن المحقق أن افرادا يحظون بألقاب عيب وتهاجمهم وسائل الاعلام ويتعرضون لعنف الشرطة والجيش، وتسلب حقوقهم ويبعدون عن مواقع تأثير في التيار الرئيسي الاسرائيلي.
هذا المساء مستمر في اسرائيل منذ سنين طويلة. لكن حالة جادت كشفت عن الحقيقة المدهشة، وهي ان المسار نفسه بالضبط يجري اليوم بين يهود الولايات المتحدة.
في سنة 2003، بعد نشر المقالة من الفور في "نيويورك ريفيو اوف بوكس"، دعي جادت في حلقات يهودية وليبرالية "يهوديا كارها لنفسه ومعاديا للصهيونية ويساريا هاذيا". وأبعد عن مكانته الرفيعة في مجلة "نيو ريبابلك"، واتهمه المحرر وصديقه القريب (!) بأنه دعا الى "ابطال دولة اسرائيل". وفي 2006 سببت الرابطة من أجل التشهير والمؤتمر اليهودي العالمي الغاء حضور لجادت في القنصلية البولندية، في نقاش عن "جماعة الضغط الاسرائيلية والسياسة الخارجية الامريكية"، لانه "شديد الانتقاد لاسرائيل". بدئت تلك الحرب العالمية بنفس اللغة حقا في السنة الماضية موجهة الى "جي ستريت"، وهي جماعة الضغط اليهودية "اليسارية"، التي تؤيد انشاء دولة فلسطينية الى جنب اسرائيل.
صورة مرآة حقا: فاجماع محافظ يميني استعماري غير قادر على استيعاب أي موقف يعترض على تصور الضحية التي لا تعجز عن شيء. ليست هذه المرآة شيئا مجردا؛ فادارة الظهر والقطيعة والتشهير والابعاد محسوسة جدا. وهذه المرآة ايضا محسوسة جدا من الجانب الثاني: ففي اطار صور مشروع وثائقي أجريت لقاء مع جادت قبل شهر في كرسيه او سريره. جلست بازائه وسمعت هذا الاشتراك في ارادة احداث تغيير حسن. والرغبة القوية في مصلحتنا مصلحة الشعب اليهودي ودولتهم.
لم يخف توني جادت ان يقول ما اعتقد. ويوجد في اسرائيل ايضا ممن لا يخافون بيد ان الكثيرين منهم يبعدون عن التيار العام، أما الباقون فقد رأوا وخافوا وهم يحذرون ويحتفظون بآرائهم لأنفسهم.
إن الاجماع اليهودي هنا وهناك يخرج هذه الأصوات خارج الجدار، وخارج اللعبة، ويثبطها عن كل قدرة على التأثير. صورة المرآة هذه هي أنباء سيئة جدا لاسرائيل او للشعب اليهودي كله ايضا.
في نهاية الاسبوع الماضي توفي توني جادت. وهو شخص مدهش استمر في الوقت الذي كان يحتضر فيه بسبب المرض الذي أشله وجعله غير قادر على التنفس الا بمساعدة آلة وعلى الحديث الا بمساعدة مكبر صوت، استمر على انشاء نصوص مذهلة وفيها ما كتب عن وضعه.
هذا المؤرخ اليهودي الامريكي المعتبر، الاستاذ في جامعة نيويورك، الذي عاش في شبيبته في اسرائيل، كان في السنين الاخيرة شديد الانتقاد لسياسة اسرائيل وسلوكها؛ فقد كتب في 2003 ان اسرائيل بلغت وضعا من أجل ان تظل فيه دولة يهودية لم تستطيع البقاء ديمقراطية، ولهذا اقترح "التفكير فيما لا يمكن التفكير فيه أي دولة ثنائية القومية".
لم تترجم المقالة الى العبرية قط، وحظيت مع كل ذلك بردود معادية هجومية: "من يؤيد القضاء على اسرائيل؟" كتب يوئيل أسترون في صحيفة "هآرتس"؛ "ليس معادي السامية فقط من يدفع بيهودي الى التنور"، كتب الدكتور يوحاي سيلع في مجلة "مجلة الشرق الاوسط".
هكذا الحال في اسرائيل: كل من ينتقدها يصنف من الفور على أنه معاد للصهيونية، ومعاد للسامية، وكاره لاسرائيل ويهودي يكره نفسه. لكن المنتقدين من الخارج – ليس عند اسرائيل ما تفعله معهم سوى أن تقعدهم في كرسي منخفض. في مقابلة ذلك يوجد عندها ويوجد ما تفعل بأولئك الذين ينتقدونها من الداخل. بل ان جهات مثل صندوق اسرائيل الجديد وصحيفة "هآرتس" تهاجم لانها تنتقد اسرائيل، ومن المحقق أن افرادا يحظون بألقاب عيب وتهاجمهم وسائل الاعلام ويتعرضون لعنف الشرطة والجيش، وتسلب حقوقهم ويبعدون عن مواقع تأثير في التيار الرئيسي الاسرائيلي.
هذا المساء مستمر في اسرائيل منذ سنين طويلة. لكن حالة جادت كشفت عن الحقيقة المدهشة، وهي ان المسار نفسه بالضبط يجري اليوم بين يهود الولايات المتحدة.
في سنة 2003، بعد نشر المقالة من الفور في "نيويورك ريفيو اوف بوكس"، دعي جادت في حلقات يهودية وليبرالية "يهوديا كارها لنفسه ومعاديا للصهيونية ويساريا هاذيا". وأبعد عن مكانته الرفيعة في مجلة "نيو ريبابلك"، واتهمه المحرر وصديقه القريب (!) بأنه دعا الى "ابطال دولة اسرائيل". وفي 2006 سببت الرابطة من أجل التشهير والمؤتمر اليهودي العالمي الغاء حضور لجادت في القنصلية البولندية، في نقاش عن "جماعة الضغط الاسرائيلية والسياسة الخارجية الامريكية"، لانه "شديد الانتقاد لاسرائيل". بدئت تلك الحرب العالمية بنفس اللغة حقا في السنة الماضية موجهة الى "جي ستريت"، وهي جماعة الضغط اليهودية "اليسارية"، التي تؤيد انشاء دولة فلسطينية الى جنب اسرائيل.
صورة مرآة حقا: فاجماع محافظ يميني استعماري غير قادر على استيعاب أي موقف يعترض على تصور الضحية التي لا تعجز عن شيء. ليست هذه المرآة شيئا مجردا؛ فادارة الظهر والقطيعة والتشهير والابعاد محسوسة جدا. وهذه المرآة ايضا محسوسة جدا من الجانب الثاني: ففي اطار صور مشروع وثائقي أجريت لقاء مع جادت قبل شهر في كرسيه او سريره. جلست بازائه وسمعت هذا الاشتراك في ارادة احداث تغيير حسن. والرغبة القوية في مصلحتنا مصلحة الشعب اليهودي ودولتهم.
لم يخف توني جادت ان يقول ما اعتقد. ويوجد في اسرائيل ايضا ممن لا يخافون بيد ان الكثيرين منهم يبعدون عن التيار العام، أما الباقون فقد رأوا وخافوا وهم يحذرون ويحتفظون بآرائهم لأنفسهم.
إن الاجماع اليهودي هنا وهناك يخرج هذه الأصوات خارج الجدار، وخارج اللعبة، ويثبطها عن كل قدرة على التأثير. صورة المرآة هذه هي أنباء سيئة جدا لاسرائيل او للشعب اليهودي كله ايضا.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر