مشاريع الاستيطان الصهيونية خارج فلسطين :
عند التعرض لبحث مشاريع الاستيطان اليهودية خارج فلسطين لابد من الإشارة إلى أن تلك المشاريع اقترحتها هيئات وجهات مختلفة . فمشروعا الاستيطان في الأرجنتين وكندا قامت بوضعهما الجمعية اليهودية للاستيطان التي أسسها البارون دو هرش . بينما تقدم تيودور هرتزل و المنظمة الصهيونية بمشروع شرقي إفريقيا ( المعروف أيضا بمشروع أوغندا ) و مشروع سيناء ( العريش ) . أما مشروع ليبيا فقد قامت بطرحه المنظمة اليهودية للأراضي وهي منظمة انشقت عن التيار الرئيس للحركة الصهيونية تحت قيادة إسرائيل زانغويل عام 1905.
1) الأرجنتين : يرتبط الاستيطان اليهودي في الأرجنتين ارتباطا وثيقا باسم البارون موريس دو هرش مؤسس الجمعية اليهودية للاستيطان في لندن سنة 1891 . و قد أنشئت مستعمرة مويزفيل في إقليم (( سانتا في )) الزراعي الخصب في العقد الأخير من القرن الماضي , بالإضافة إلى العديد من المستوطنات الأخرى . ثم امتدت هذه الشبكة من المستوطنات مع حلول سنة 1914 إلى مقاطعات (( لابامبا )) و (( انتري ريوس )) و (( بونس ايريس )) و كانت غالبية المهاجرين إليها من يهود أوروبا الشرقية . و لابد من التذكير بان هرتزل اختار الأرجنتين في كتابه (( دولة اليهود )) لتكون أحد الموقعين المحتملين لإقامة الدولة اليهودية , أما الموقع الآخر فقد كان فلسطين .
شملت خطة العمل الأساسية للجمعية اليهودية للاستيطان مفاوضة الحكومة الأرجنتينية لاستعمار ما يقارب 3,75 مليون هكتار من الأراضي من جهة , و مفاوضة روسيا القيصرية من جهة أخرى للسماح بهجرة ثلاثة ملايين يهودي إلى الأرجنتين على امتداد خمسة و عشرين عاما . إلا أن هذه الخطة لم تنجح تماما , فلم يتم الحصول على أكثر من 600,000 هكتار من أراضي الأرجنتين .
و قد بلغ عدد اليهود في مستعمرات الأرجنتين الزراعية في عشرينات هذا القرن حوالي 20,000 يهودي . و هو أعلى رقم اجتمع في المستوطنات الزراعية , لأن المدن الكبيرة استقطبت المزارعين اليهود كما حصل في المستوطنات الزراعية اليهودية في البلدان الأخرى . و هكذا فشلت مشاريع الاستيطان الزراعية .
و على الرغم من أن منظمة غير صهيونية هي التي أسست مستوطنات الأرجنتين و أمدتها بالعون فقد مال يهود هذه المستوطنات بولائهم السياسي و الإيديولوجي سريعا نحو الحركة الصهيونية العالمية . و يهود الأرجنتين , و عددهم اليوم نحو مليون , يشكلون قوة سياسية ضاغطة لها تأثيرها في السياسة الخارجية للحكومة الأرجنتينية .
2) الولايات المتحدة و البرازيل و كندا : كان الاستيطان اليهودي في كندا يجري تحت رعاية الجمعية اليهودية للاستيطان أيضا . و بالرغم من أن نشاطها الأساسي كان يتجه نحو استقطاب هجرة اليهود الروس و البولونيين إلى الأرجنتين فإنها أولت بعض الاهتمام للمشاريع الاستيطانية في أماكن أخرى . فقد حصلت الجمعية على بعض الأراضي في الولايات المتحدة , و تم تنظيم بعض المستوطنات في ولايات نيويورك و نيوجيرسي و بنسلفانيا . و اشترت الجمعية عام 1904أراضي في مقاطعة (( ريوغراندي دوسول)) البرازيلية حيث تم تأسيس مستوطنة في ضاحية (( كواترو ايراماموس )) مساحتها 93 ألف هكتار . لكن هذه المشاريع لم تتحول إلى مستوطنات فعلية , مما أدى إلى صرف النظر عنها .
أما في كندا فقد بدأ الوضع مشجعا , إذ أسست الجمعية عام 1892 ((مستوطنة هرش)) في مقاطعة ساسكا تشوان . و تم تأسيس مستوطنات أخرى في مقاطعة ((مانيتوبا)) ,كما تم تأسيس فرع كندي للجمعية للإشراف على العدد المتزايد من مشاريع الاستيطان هناك . وغدا فرع الجمعية الكندي , مع حلول عام 1910 , مسئولا عن خمسة مشاريع استيطانية يهودية رئيسة وقد بلغت الحركة الاستيطانية أشدها في ذلك الزمن . لكن الحكومة الكندية رفضت فيما بعد أن تبيع مساحات واسعة من الأراضي . و هكذا منعت انتشار المستوطنات اليهودية في تلك البلاد .
3)مشروع العريش : كان مشروع العريش للاستيطان في شبه جزيرة سيناء من أوائل مشاريع الاستيطان الصهيونية . و كان مشروعا محببا إلى تيودور هرتزل . و قد تولى الزعيم الصهيوني الألماني دافس تريتش دراسة هذا المشروع دراسة مستفيضة لأن تصوره (( لفــلسطين الكبــرى)) اليهودية كان يشمل فلسطين نفسها و سيناء و قبرص.
اعتقد هرتزل أن نجاح مشروع العريش يعتمد على دعم وزارة المستعمرات البريطانية , و يعتمد كذلك على إمدادات مائية من نهر النيل . و قد سعى هرتزل لوضع هذا المشروع تحت حماية البريطانيين و رعايتهم على انه مشروع استيطاني مستقل مستغلا وجود اللورد كرومر حاكم مصر الفعلي في ذلك الوقت .
و قد زارت سيناء عام 1902 لجنة صهيونية عالية المستوى تضم خبراء في الاستيطان وبعض المهندسين , ثم أجرت مفاوضات مع المسؤولين في لندن , و مع اللورد كرومر في مصر . و انتعشت آمال الصهيونيين من النتائج الايجابية التي توصلت إليها تلك اللجنة .
لكن هذه المفاوضات لم تصل في نهاية الأمر إلى غايتها المنشودة , فقد رفضت الحكومة المصرية تقديم الإمدادات المائية من نهر النيل لشعور اللورد كرومر بان المشروع قد يؤدي إلى خلق متاعب سياسية لبريطانية في مصر و للإمبراطورية العثمانية في فلسطين .
4)مشروع أوغندا : في عام 1903 , و بعد فشل مشروع الاستيطان اليهودي في العريش, عقد جوزيف تشمبرلن وزير المستعمرات البريطاني محادثات مع تيودور هرتزل حول إمكانية الاستيطان اليهودي في بعض أجزاء الإمبراطورية البريطانية المترامية الأطراف في إفريقيا , و على الأخص في منطقتي كينيا و أوغندا . و كان هرتزل يرغب في الحصول على عرض محدد , و على ترخيص رسمي بالاستيطان من الحكومة البريطانية إلى ا لمنظمة الصهيونية تواكبه تعهدات باستقلال يهودي ذاتي في الشؤون الداخلية . أما فيما يتعلق بالحدود النهائية لهذا الإقليم فقد اقترح أن تحددها لجنة مشتركة من الصهيونيين و من خبراء المستعمرات البريطانيين . و قد وجد البريطانيون في هذا المشروع الاستيطاني فرصة مؤاتية لاستقطاب ذوي المهارات و رأس المال إلى إمبراطوريتهم الإفريقية , و ربما لتحويل هجرة اليهود الروس من بريطانيا إلى إفريقيا أيضا . أما فيما يتعلق بهرتزل فان (( مشروع أوغندا )) , كما أصبح يعرف , كان يمثل تأكيدا لبرنامج بازل (بال) و انتصارا لدبلوماسيته التي كانت تتجه نحو الحصول على براءات للاستيطان . لذا فان عرضا بريطانيا من هذا القبيل كان من شانه أن يمنح هرتزل كسبا هاما يستخدمه في المؤتمر الصهيوني السادس .
أدى مشروع أوغندا إلى انقسامات خطيرة في صفوف اليهود عندما عرض على المؤتمر الصهيوني السادس . فقد دار الصراع بين أنصار هرتزل (و المشروع) من جهة و الفئة التي عرفت باسم صهيوني صهيون من جهة أخرى . و أصر هؤلاء على الالتزام بالاستيطان في فلسطــين . و جرى طرح حل وسط يقضي باعتماد أوغندا مؤقتا لتلبية الحاجات اليهودية الآنية , و مرحلة على طريق الهدف النهائي , أي فلسطــين . لكن هذا الحل لم يلق تجاوبا من صهيوني صهيون الذين خرجوا من قاعة المؤتمر ووجهوا إنذارا نهائيا إلى هرتزل بالتحلي عن مشروع أوغندا .
و بعد ذلك التاريخ بعام واحد سحبت الحكومة البريطانية عرضها هذا , و مات تيودور هرتزل , فانتهى أمر هذا المشروع الاستيطاني , بالرغم من أن إسرائيل زانغويل و المنظمة اليهودية للأراضي ثابرا على العمل لإحياء ذلك المشروع دون جدوى .
5) أنغولا و أستراليا و المكسيك و ليبيا و العراق : بعد موت تيودور هرتزل , وخلال انعقاد المؤتمر الصهيوني السابع عام 1905 , انشقت عن الحركة الصهيونية الأساسية زمرة من المندوبين الصهيونيين بقيادة إسرائيل زانغويل و أسست المنظمة اليهودية للأراضي كمنظمة مستقلة . و كان مبعث هذا الانشقاق في الدرجة الأولى الخلاف في الرأي حول المكان الذي قد تنشأ فيه المستعمرات اليهودية الكبيرة . فبينما ركز الصهيونيون جهودهم على فلسطين كان أعضاء المنظمة اليهودية للأراضي , أو (( أصحاب الأرض)) كما جرت تسميتهم , يرغبون في إقامة المستعمرات في أي مكان بشرط أن تكون الأرض كبيرة كافية. و قد قال زانغويل ذات مرة : (( لا توجد بقعة من الأرض لم تفكر فيها المنظمة اليهودية للأراضي )) .
تابع (( أصحاب الأرض)) في البداية المفاوضات التي كان هرتزل قد أجراها مع وزارة المستعمرات البريطانية حول مشروع أوغندا , لكن هذه المفاوضات لم تتقدم بشكل ملموس. و حاول أصحاب الأرض الحصول على براءة للاستيطان في بقاع كبيرة من أنغولا عام 1907 , و في أماكن أخرى كاستراليا و المكسيك , و في الشرق الأوسط حيث ركزوا جهودهم على الحصول على أراض ملائمة من الحكومة العثمانية في ليبيا عام 1908 , و في العراق عام 1909 .
و يرتبط مشروع الاستيطان في ليبيا باسم ناحوم سلاوش احد أتباع هرتزل الأوائل و احد مؤسسي الاتحاد السويسري الصهيوني الذي انضم فيما بعد إلى جماعة زانغويل , أي أصحاب الأرض , و كان سلاوش أستاذا للأدب العبري في جامعة السوربون الفرنسية و خبيرا في شؤون يهود إفريقيا الشمالية . و قد أمضى بعض الوقت في ليبيا بين عام 1906 و عام 1908 لدراسة الأوضاع هناك بغية تأسيس مشروع يهودي كبير للاستيطان فيها . و أصبح التقرير السري الذي قدمه سلاوش أساسا لمبادرة قام بها (( أصحاب الأرض)) . و يروي ناحوم سلاوش في كتابه ((رحلات في شمال إفريقيا )) أن بعثة من أصحاب الأرض تضم خبراء في الزراعة و الهندسة بقيادته هو استقبلت بحفاوة من قبل السلطات العثمانية في ليبيا عام 1908 . و قد أجرت البعثة مفاوضات حول مشروع لإقامة ((مستعمرة يهودية قومية تتمتع بالاستقلال الذاتي )) في ليبيا . لكن هذه المفاوضات لم تؤد إلى نتائج ملموسة.
و هكـــذا تداعت مشاريع الاستيطان اليهودي خارج فلــــسطين واحدا بعد الآخر و اتجهت الحركة الصهيونية كما خططت من البداية إلى فلسطــين حيث استعمرتها تدريجيا و أقامت فيها ( الدولـــة ) التي أقر إنشائها مؤتمر بازل ( بــال ) .
عند التعرض لبحث مشاريع الاستيطان اليهودية خارج فلسطين لابد من الإشارة إلى أن تلك المشاريع اقترحتها هيئات وجهات مختلفة . فمشروعا الاستيطان في الأرجنتين وكندا قامت بوضعهما الجمعية اليهودية للاستيطان التي أسسها البارون دو هرش . بينما تقدم تيودور هرتزل و المنظمة الصهيونية بمشروع شرقي إفريقيا ( المعروف أيضا بمشروع أوغندا ) و مشروع سيناء ( العريش ) . أما مشروع ليبيا فقد قامت بطرحه المنظمة اليهودية للأراضي وهي منظمة انشقت عن التيار الرئيس للحركة الصهيونية تحت قيادة إسرائيل زانغويل عام 1905.
1) الأرجنتين : يرتبط الاستيطان اليهودي في الأرجنتين ارتباطا وثيقا باسم البارون موريس دو هرش مؤسس الجمعية اليهودية للاستيطان في لندن سنة 1891 . و قد أنشئت مستعمرة مويزفيل في إقليم (( سانتا في )) الزراعي الخصب في العقد الأخير من القرن الماضي , بالإضافة إلى العديد من المستوطنات الأخرى . ثم امتدت هذه الشبكة من المستوطنات مع حلول سنة 1914 إلى مقاطعات (( لابامبا )) و (( انتري ريوس )) و (( بونس ايريس )) و كانت غالبية المهاجرين إليها من يهود أوروبا الشرقية . و لابد من التذكير بان هرتزل اختار الأرجنتين في كتابه (( دولة اليهود )) لتكون أحد الموقعين المحتملين لإقامة الدولة اليهودية , أما الموقع الآخر فقد كان فلسطين .
شملت خطة العمل الأساسية للجمعية اليهودية للاستيطان مفاوضة الحكومة الأرجنتينية لاستعمار ما يقارب 3,75 مليون هكتار من الأراضي من جهة , و مفاوضة روسيا القيصرية من جهة أخرى للسماح بهجرة ثلاثة ملايين يهودي إلى الأرجنتين على امتداد خمسة و عشرين عاما . إلا أن هذه الخطة لم تنجح تماما , فلم يتم الحصول على أكثر من 600,000 هكتار من أراضي الأرجنتين .
و قد بلغ عدد اليهود في مستعمرات الأرجنتين الزراعية في عشرينات هذا القرن حوالي 20,000 يهودي . و هو أعلى رقم اجتمع في المستوطنات الزراعية , لأن المدن الكبيرة استقطبت المزارعين اليهود كما حصل في المستوطنات الزراعية اليهودية في البلدان الأخرى . و هكذا فشلت مشاريع الاستيطان الزراعية .
و على الرغم من أن منظمة غير صهيونية هي التي أسست مستوطنات الأرجنتين و أمدتها بالعون فقد مال يهود هذه المستوطنات بولائهم السياسي و الإيديولوجي سريعا نحو الحركة الصهيونية العالمية . و يهود الأرجنتين , و عددهم اليوم نحو مليون , يشكلون قوة سياسية ضاغطة لها تأثيرها في السياسة الخارجية للحكومة الأرجنتينية .
2) الولايات المتحدة و البرازيل و كندا : كان الاستيطان اليهودي في كندا يجري تحت رعاية الجمعية اليهودية للاستيطان أيضا . و بالرغم من أن نشاطها الأساسي كان يتجه نحو استقطاب هجرة اليهود الروس و البولونيين إلى الأرجنتين فإنها أولت بعض الاهتمام للمشاريع الاستيطانية في أماكن أخرى . فقد حصلت الجمعية على بعض الأراضي في الولايات المتحدة , و تم تنظيم بعض المستوطنات في ولايات نيويورك و نيوجيرسي و بنسلفانيا . و اشترت الجمعية عام 1904أراضي في مقاطعة (( ريوغراندي دوسول)) البرازيلية حيث تم تأسيس مستوطنة في ضاحية (( كواترو ايراماموس )) مساحتها 93 ألف هكتار . لكن هذه المشاريع لم تتحول إلى مستوطنات فعلية , مما أدى إلى صرف النظر عنها .
أما في كندا فقد بدأ الوضع مشجعا , إذ أسست الجمعية عام 1892 ((مستوطنة هرش)) في مقاطعة ساسكا تشوان . و تم تأسيس مستوطنات أخرى في مقاطعة ((مانيتوبا)) ,كما تم تأسيس فرع كندي للجمعية للإشراف على العدد المتزايد من مشاريع الاستيطان هناك . وغدا فرع الجمعية الكندي , مع حلول عام 1910 , مسئولا عن خمسة مشاريع استيطانية يهودية رئيسة وقد بلغت الحركة الاستيطانية أشدها في ذلك الزمن . لكن الحكومة الكندية رفضت فيما بعد أن تبيع مساحات واسعة من الأراضي . و هكذا منعت انتشار المستوطنات اليهودية في تلك البلاد .
3)مشروع العريش : كان مشروع العريش للاستيطان في شبه جزيرة سيناء من أوائل مشاريع الاستيطان الصهيونية . و كان مشروعا محببا إلى تيودور هرتزل . و قد تولى الزعيم الصهيوني الألماني دافس تريتش دراسة هذا المشروع دراسة مستفيضة لأن تصوره (( لفــلسطين الكبــرى)) اليهودية كان يشمل فلسطين نفسها و سيناء و قبرص.
اعتقد هرتزل أن نجاح مشروع العريش يعتمد على دعم وزارة المستعمرات البريطانية , و يعتمد كذلك على إمدادات مائية من نهر النيل . و قد سعى هرتزل لوضع هذا المشروع تحت حماية البريطانيين و رعايتهم على انه مشروع استيطاني مستقل مستغلا وجود اللورد كرومر حاكم مصر الفعلي في ذلك الوقت .
و قد زارت سيناء عام 1902 لجنة صهيونية عالية المستوى تضم خبراء في الاستيطان وبعض المهندسين , ثم أجرت مفاوضات مع المسؤولين في لندن , و مع اللورد كرومر في مصر . و انتعشت آمال الصهيونيين من النتائج الايجابية التي توصلت إليها تلك اللجنة .
لكن هذه المفاوضات لم تصل في نهاية الأمر إلى غايتها المنشودة , فقد رفضت الحكومة المصرية تقديم الإمدادات المائية من نهر النيل لشعور اللورد كرومر بان المشروع قد يؤدي إلى خلق متاعب سياسية لبريطانية في مصر و للإمبراطورية العثمانية في فلسطين .
4)مشروع أوغندا : في عام 1903 , و بعد فشل مشروع الاستيطان اليهودي في العريش, عقد جوزيف تشمبرلن وزير المستعمرات البريطاني محادثات مع تيودور هرتزل حول إمكانية الاستيطان اليهودي في بعض أجزاء الإمبراطورية البريطانية المترامية الأطراف في إفريقيا , و على الأخص في منطقتي كينيا و أوغندا . و كان هرتزل يرغب في الحصول على عرض محدد , و على ترخيص رسمي بالاستيطان من الحكومة البريطانية إلى ا لمنظمة الصهيونية تواكبه تعهدات باستقلال يهودي ذاتي في الشؤون الداخلية . أما فيما يتعلق بالحدود النهائية لهذا الإقليم فقد اقترح أن تحددها لجنة مشتركة من الصهيونيين و من خبراء المستعمرات البريطانيين . و قد وجد البريطانيون في هذا المشروع الاستيطاني فرصة مؤاتية لاستقطاب ذوي المهارات و رأس المال إلى إمبراطوريتهم الإفريقية , و ربما لتحويل هجرة اليهود الروس من بريطانيا إلى إفريقيا أيضا . أما فيما يتعلق بهرتزل فان (( مشروع أوغندا )) , كما أصبح يعرف , كان يمثل تأكيدا لبرنامج بازل (بال) و انتصارا لدبلوماسيته التي كانت تتجه نحو الحصول على براءات للاستيطان . لذا فان عرضا بريطانيا من هذا القبيل كان من شانه أن يمنح هرتزل كسبا هاما يستخدمه في المؤتمر الصهيوني السادس .
أدى مشروع أوغندا إلى انقسامات خطيرة في صفوف اليهود عندما عرض على المؤتمر الصهيوني السادس . فقد دار الصراع بين أنصار هرتزل (و المشروع) من جهة و الفئة التي عرفت باسم صهيوني صهيون من جهة أخرى . و أصر هؤلاء على الالتزام بالاستيطان في فلسطــين . و جرى طرح حل وسط يقضي باعتماد أوغندا مؤقتا لتلبية الحاجات اليهودية الآنية , و مرحلة على طريق الهدف النهائي , أي فلسطــين . لكن هذا الحل لم يلق تجاوبا من صهيوني صهيون الذين خرجوا من قاعة المؤتمر ووجهوا إنذارا نهائيا إلى هرتزل بالتحلي عن مشروع أوغندا .
و بعد ذلك التاريخ بعام واحد سحبت الحكومة البريطانية عرضها هذا , و مات تيودور هرتزل , فانتهى أمر هذا المشروع الاستيطاني , بالرغم من أن إسرائيل زانغويل و المنظمة اليهودية للأراضي ثابرا على العمل لإحياء ذلك المشروع دون جدوى .
5) أنغولا و أستراليا و المكسيك و ليبيا و العراق : بعد موت تيودور هرتزل , وخلال انعقاد المؤتمر الصهيوني السابع عام 1905 , انشقت عن الحركة الصهيونية الأساسية زمرة من المندوبين الصهيونيين بقيادة إسرائيل زانغويل و أسست المنظمة اليهودية للأراضي كمنظمة مستقلة . و كان مبعث هذا الانشقاق في الدرجة الأولى الخلاف في الرأي حول المكان الذي قد تنشأ فيه المستعمرات اليهودية الكبيرة . فبينما ركز الصهيونيون جهودهم على فلسطين كان أعضاء المنظمة اليهودية للأراضي , أو (( أصحاب الأرض)) كما جرت تسميتهم , يرغبون في إقامة المستعمرات في أي مكان بشرط أن تكون الأرض كبيرة كافية. و قد قال زانغويل ذات مرة : (( لا توجد بقعة من الأرض لم تفكر فيها المنظمة اليهودية للأراضي )) .
تابع (( أصحاب الأرض)) في البداية المفاوضات التي كان هرتزل قد أجراها مع وزارة المستعمرات البريطانية حول مشروع أوغندا , لكن هذه المفاوضات لم تتقدم بشكل ملموس. و حاول أصحاب الأرض الحصول على براءة للاستيطان في بقاع كبيرة من أنغولا عام 1907 , و في أماكن أخرى كاستراليا و المكسيك , و في الشرق الأوسط حيث ركزوا جهودهم على الحصول على أراض ملائمة من الحكومة العثمانية في ليبيا عام 1908 , و في العراق عام 1909 .
و يرتبط مشروع الاستيطان في ليبيا باسم ناحوم سلاوش احد أتباع هرتزل الأوائل و احد مؤسسي الاتحاد السويسري الصهيوني الذي انضم فيما بعد إلى جماعة زانغويل , أي أصحاب الأرض , و كان سلاوش أستاذا للأدب العبري في جامعة السوربون الفرنسية و خبيرا في شؤون يهود إفريقيا الشمالية . و قد أمضى بعض الوقت في ليبيا بين عام 1906 و عام 1908 لدراسة الأوضاع هناك بغية تأسيس مشروع يهودي كبير للاستيطان فيها . و أصبح التقرير السري الذي قدمه سلاوش أساسا لمبادرة قام بها (( أصحاب الأرض)) . و يروي ناحوم سلاوش في كتابه ((رحلات في شمال إفريقيا )) أن بعثة من أصحاب الأرض تضم خبراء في الزراعة و الهندسة بقيادته هو استقبلت بحفاوة من قبل السلطات العثمانية في ليبيا عام 1908 . و قد أجرت البعثة مفاوضات حول مشروع لإقامة ((مستعمرة يهودية قومية تتمتع بالاستقلال الذاتي )) في ليبيا . لكن هذه المفاوضات لم تؤد إلى نتائج ملموسة.
و هكـــذا تداعت مشاريع الاستيطان اليهودي خارج فلــــسطين واحدا بعد الآخر و اتجهت الحركة الصهيونية كما خططت من البداية إلى فلسطــين حيث استعمرتها تدريجيا و أقامت فيها ( الدولـــة ) التي أقر إنشائها مؤتمر بازل ( بــال ) .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر