جميل ضبابات
قطعان المواشي تعود إلى المضارب مساءً، تجر خلفها كتلا من الغبار، ويسمع صياح بعض الأطفال يهتفون لقدوم المواشي، والكل في مضارب بدو الكعابنة ينتظر رحيَل، الشاب الذي من المفترض أن يكون في مقدمة القطيع قادما من وراء الجبال.
ظهر قطيع المواشي صاعدا أخدودا في منطقة أم الجمال في وادي المالح، لكن رحيل لم يظهر بعد، ولم يكن بالإمكان الاتصال به على شبكات الاتصال الإسرائيلية وسط الهضاب الرمادية.
وعلى تلة مرتفعة عن مستوى التلال الصغيرة المحيطة بها، تعيش بعض العائلات البدوية التي بدأت رحلة التنقل منذ العام 1948.
وفي حلم وترحالهم يشكو البدو.
وثمة من يقر رسميا بضعف اهتمام بعض الوزارات بهم.
ويعيش البدو في الأراضي الفلسطينية حياة خاصة بهم. وبعضهم ما زال يتمسك نسبيا بمهنته التي ورثها عن آبائه. وذاتهم بدو أو 'عرب الكعابنة' كما يطلق عليهم يفخرون بأصولهم المشتتة الآن.
وقال محمد الكعابنة وهو احد كبار السن ويمكن رؤيته يتجول في كل مكان في مضارب أم الجمال' نحن هنا بدو اقحاح بلا استثناء. لكن هناك متمرد واحد على هذه الحياة. انه ابني احمد'، وهو بذلك يشير إلى رفض احمد تربية الإبل التي اعتمدت عليها العائلة لزمن طويل.
واحمد في آخر الأربعينات من عمره، يرتدي لباس باكستاني ويحاول التمرد على نمط الحياة التي تعتمد على تربية الإبل.'لكني بدوي ابن بدوي' قال محمد فيما طلب من احد أبنائه إحضار فرس مربوطة إلى شجرة شوكية في الطرف الشمالي للمضارب.
وتشتت البدو في أكثر من منطقة من الأراضي الفلسطينية مرتين، مرة عندما أقيمت دولة إسرائيلية عام 1948، والمرة الثانية عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية ما تبقى من فلسطين التاريخية.
البدو هنا بائسون ويتشكون من حالة الشتات التي عاشوها طيلة عمرهم. والمساء مغبر والجبال 'كافرة' لا مراعي فيها. وتثور زوابع تتكور وتغطي الأفق.
ويطلب محمد من احد أبنائه أن يجهز له لفافة سيجارة، ويصيح على صبية يتمغرون بالتراب أمام حظيرة المواشي، قبل أن يطلب من ابنه كامل أن يبحث عن ناقة ذهبت للمرعى.
ويشكو الناس هنا من بطء السلطة الوطنية في تقديم الخدمات لهم.لكن رئيس الوزراء فياض زار المنطقة أكثر من مرة ووعد بان يقف إلى جانب السكان.
وقال عارف دراغمة الذي يدير مجلسا قرويا يشمل منطقة وادي المالح التي تقع فيها مضارب البدو أن إجراءات السلطة الوطنية بطيئة وضعيفة في تثبيت السكان.
'انظر هناك كيف بنى المستوطنون منازل بسرعة البرق. انظر هنا كيف يعيش الناس لا ماء ولا كهرباء. فقط غبار وغبار وغبار'.
يردد السكان المعنى ذاته. ويختلف الرجال حول مدى ما قامت به الحكومة من إجراءات لتقديم دعم لهم يمكنهم من مواصلة حياتهم. لكن آخرين يقولون إن الحكومة قامت بالكثير وعززت من مستوى المعيشة.
البدو هنا غير معنيين كثيرا بالسياسة.
وقال مروان طوباس محافظ طوباس والأغوار الشمالية التي تقع فيها المضارب البدوية' يجب تثبيت وجود البدو في الغور. الحكومة لا تعترف بالتقسيمات 1 وب وج.وهذا يجب أن يترجم على ارض الواقع'.
وأضاف'هناك وزارات تجاوبت وقامت بما عليها. ووزارت أخرى لم تتجاوب وأداؤها ضعيف في المنطقة'.
وقال وزير الزراعة إسماعيل دعيق لمراسل'وفا'، إن الحكومة مهتمة بشريحة البدو، وأنها أقرت من قبل مشروعا بقيمة(23مليون دولار)، نفذ جزء منه والجزء الآخر سينفذ.
وفي المساء فور وصول المواشي من المراعي يسود الاضطراب المؤقت المضارب، وتظهر نسوة تتحرك نحو الحظائر لحلب الشياه.
لكن الأفق مغلق والبدو مقيدين بحركتهم.
فهناك في المنطقة 7 معسكرات تبدو من قريب مثل 'باستيل'، وهناك القش وافر على أطراف المعسكرات، لكن ليس سهلا وصول المواشي له.
انه مكان محفوف بالخطر والخوف.
وهناك نحو 400 عائلة في المنطقة التي تنخلها الجبال والمناطق المنخفضة تعيش على ضوء القنديل كما قال دراغمة' أنهم يعيشون شظف الحياة'.
وقال دعيق' نتحدث الآن عن مشروع كبير لإنارة المناطق البدوية بالخلايا الشمسية.لكننا لغاية الآن لم نجد الطريق الأمثل لمساعدة السكان هناك'. وعمليا فائدة الشمس في الغور لا تتعدى تعقيم الأراضي الزراعية في بداية الموسم الزراعي!!.
ويجابه البدو مصاعب جمة في حركتهم.
قريبا من منازل الكعابنة قتل قبل سنتين فتى يدعى مهند قدري، وذاته محمد فقد ابنه نصار الذي قتل بانفجار لغم فيه في المنطقة' كان على بعد أيام من دخول الجامعة عندما جاء خبره'قال الرجل.
وبانوراما الحياة قاسية جدا، وفي الشتاء تكون صعبة.
تضرب ريح ساخنة أطراف المساكن الخيشية ويعطي عريش اسود مفتوح من كل جوانبه انطباعا بهامشية الحياة.
الكل يعمل في المضارب: رجالا ونساء. والأطفال يقومون باعمال شاقة أحيانا. وسط المضارب تجر طفلة حمارا عنيدا بصعوبة. وفي المدى المنظور ظهرت فتاتان تغرقان بالغبار وسط حظيرة مواشي كانتا تنظفانها مع مغيب الشمس.
ويعاني البدو من ندرة المراعي وشح المياه، مثل كل سكان الغور المنطقة الجافة التي تسيطر إسرائيل على كل مواردها منذ العام 1967.
عندما وصل رحيل من المرعي حمل خبرا غير سار: لقد قام الجيش الإسرائيلي بسكب المياه الموجودة في الصهاريج والبراميل في أعالي الجبال ويستخدمها الرعاة في أشهر الصيف.
ليس هناك أغلى من المواشي على قلوب البدو، كما يقولون.
'أنها جناحنا الذي نطير به'قال محمد. وردد ابنه احمد المعنى ذاته'لا استطيع ان ادفع عربة أبيع عليها الفلافل والحمص في شوارع المدن.استطيع إن ارعي قطيع مواشي'.
لكن هناك حيرة تظهر واضحة في تفكير البدو المستقبلي، ورغم إن كثير منهم مازال يتمسك برعي المواشي وبعضهم يربي الإبل، ويتنقل فيها من منطقة إلى أخرى مثل عائلة محمد الكعابنة وبعض أبناء عمومتهم، إلا أن بعضهم يرفض الآن اقتناء الإبل، ويدافع عن فكرته بالقوة مثل احمد المتزوج من امرأتين.
وقال الرجل موجها حديثه لبعض البدو المتجمعين حول والده' أربع بقرات أفضل من كل الإبل'. ينفعل شاب صغير رافضا فكرة بيع الإبل' أنها عز. أنها تقاليد'... ويسود نقاش حاد.
أن البدو حائرون وبائسون.
قطعان المواشي تعود إلى المضارب مساءً، تجر خلفها كتلا من الغبار، ويسمع صياح بعض الأطفال يهتفون لقدوم المواشي، والكل في مضارب بدو الكعابنة ينتظر رحيَل، الشاب الذي من المفترض أن يكون في مقدمة القطيع قادما من وراء الجبال.
ظهر قطيع المواشي صاعدا أخدودا في منطقة أم الجمال في وادي المالح، لكن رحيل لم يظهر بعد، ولم يكن بالإمكان الاتصال به على شبكات الاتصال الإسرائيلية وسط الهضاب الرمادية.
وعلى تلة مرتفعة عن مستوى التلال الصغيرة المحيطة بها، تعيش بعض العائلات البدوية التي بدأت رحلة التنقل منذ العام 1948.
وفي حلم وترحالهم يشكو البدو.
وثمة من يقر رسميا بضعف اهتمام بعض الوزارات بهم.
ويعيش البدو في الأراضي الفلسطينية حياة خاصة بهم. وبعضهم ما زال يتمسك نسبيا بمهنته التي ورثها عن آبائه. وذاتهم بدو أو 'عرب الكعابنة' كما يطلق عليهم يفخرون بأصولهم المشتتة الآن.
وقال محمد الكعابنة وهو احد كبار السن ويمكن رؤيته يتجول في كل مكان في مضارب أم الجمال' نحن هنا بدو اقحاح بلا استثناء. لكن هناك متمرد واحد على هذه الحياة. انه ابني احمد'، وهو بذلك يشير إلى رفض احمد تربية الإبل التي اعتمدت عليها العائلة لزمن طويل.
واحمد في آخر الأربعينات من عمره، يرتدي لباس باكستاني ويحاول التمرد على نمط الحياة التي تعتمد على تربية الإبل.'لكني بدوي ابن بدوي' قال محمد فيما طلب من احد أبنائه إحضار فرس مربوطة إلى شجرة شوكية في الطرف الشمالي للمضارب.
وتشتت البدو في أكثر من منطقة من الأراضي الفلسطينية مرتين، مرة عندما أقيمت دولة إسرائيلية عام 1948، والمرة الثانية عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية ما تبقى من فلسطين التاريخية.
البدو هنا بائسون ويتشكون من حالة الشتات التي عاشوها طيلة عمرهم. والمساء مغبر والجبال 'كافرة' لا مراعي فيها. وتثور زوابع تتكور وتغطي الأفق.
ويطلب محمد من احد أبنائه أن يجهز له لفافة سيجارة، ويصيح على صبية يتمغرون بالتراب أمام حظيرة المواشي، قبل أن يطلب من ابنه كامل أن يبحث عن ناقة ذهبت للمرعى.
ويشكو الناس هنا من بطء السلطة الوطنية في تقديم الخدمات لهم.لكن رئيس الوزراء فياض زار المنطقة أكثر من مرة ووعد بان يقف إلى جانب السكان.
وقال عارف دراغمة الذي يدير مجلسا قرويا يشمل منطقة وادي المالح التي تقع فيها مضارب البدو أن إجراءات السلطة الوطنية بطيئة وضعيفة في تثبيت السكان.
'انظر هناك كيف بنى المستوطنون منازل بسرعة البرق. انظر هنا كيف يعيش الناس لا ماء ولا كهرباء. فقط غبار وغبار وغبار'.
يردد السكان المعنى ذاته. ويختلف الرجال حول مدى ما قامت به الحكومة من إجراءات لتقديم دعم لهم يمكنهم من مواصلة حياتهم. لكن آخرين يقولون إن الحكومة قامت بالكثير وعززت من مستوى المعيشة.
البدو هنا غير معنيين كثيرا بالسياسة.
وقال مروان طوباس محافظ طوباس والأغوار الشمالية التي تقع فيها المضارب البدوية' يجب تثبيت وجود البدو في الغور. الحكومة لا تعترف بالتقسيمات 1 وب وج.وهذا يجب أن يترجم على ارض الواقع'.
وأضاف'هناك وزارات تجاوبت وقامت بما عليها. ووزارت أخرى لم تتجاوب وأداؤها ضعيف في المنطقة'.
وقال وزير الزراعة إسماعيل دعيق لمراسل'وفا'، إن الحكومة مهتمة بشريحة البدو، وأنها أقرت من قبل مشروعا بقيمة(23مليون دولار)، نفذ جزء منه والجزء الآخر سينفذ.
وفي المساء فور وصول المواشي من المراعي يسود الاضطراب المؤقت المضارب، وتظهر نسوة تتحرك نحو الحظائر لحلب الشياه.
لكن الأفق مغلق والبدو مقيدين بحركتهم.
فهناك في المنطقة 7 معسكرات تبدو من قريب مثل 'باستيل'، وهناك القش وافر على أطراف المعسكرات، لكن ليس سهلا وصول المواشي له.
انه مكان محفوف بالخطر والخوف.
وهناك نحو 400 عائلة في المنطقة التي تنخلها الجبال والمناطق المنخفضة تعيش على ضوء القنديل كما قال دراغمة' أنهم يعيشون شظف الحياة'.
وقال دعيق' نتحدث الآن عن مشروع كبير لإنارة المناطق البدوية بالخلايا الشمسية.لكننا لغاية الآن لم نجد الطريق الأمثل لمساعدة السكان هناك'. وعمليا فائدة الشمس في الغور لا تتعدى تعقيم الأراضي الزراعية في بداية الموسم الزراعي!!.
ويجابه البدو مصاعب جمة في حركتهم.
قريبا من منازل الكعابنة قتل قبل سنتين فتى يدعى مهند قدري، وذاته محمد فقد ابنه نصار الذي قتل بانفجار لغم فيه في المنطقة' كان على بعد أيام من دخول الجامعة عندما جاء خبره'قال الرجل.
وبانوراما الحياة قاسية جدا، وفي الشتاء تكون صعبة.
تضرب ريح ساخنة أطراف المساكن الخيشية ويعطي عريش اسود مفتوح من كل جوانبه انطباعا بهامشية الحياة.
الكل يعمل في المضارب: رجالا ونساء. والأطفال يقومون باعمال شاقة أحيانا. وسط المضارب تجر طفلة حمارا عنيدا بصعوبة. وفي المدى المنظور ظهرت فتاتان تغرقان بالغبار وسط حظيرة مواشي كانتا تنظفانها مع مغيب الشمس.
ويعاني البدو من ندرة المراعي وشح المياه، مثل كل سكان الغور المنطقة الجافة التي تسيطر إسرائيل على كل مواردها منذ العام 1967.
عندما وصل رحيل من المرعي حمل خبرا غير سار: لقد قام الجيش الإسرائيلي بسكب المياه الموجودة في الصهاريج والبراميل في أعالي الجبال ويستخدمها الرعاة في أشهر الصيف.
ليس هناك أغلى من المواشي على قلوب البدو، كما يقولون.
'أنها جناحنا الذي نطير به'قال محمد. وردد ابنه احمد المعنى ذاته'لا استطيع ان ادفع عربة أبيع عليها الفلافل والحمص في شوارع المدن.استطيع إن ارعي قطيع مواشي'.
لكن هناك حيرة تظهر واضحة في تفكير البدو المستقبلي، ورغم إن كثير منهم مازال يتمسك برعي المواشي وبعضهم يربي الإبل، ويتنقل فيها من منطقة إلى أخرى مثل عائلة محمد الكعابنة وبعض أبناء عمومتهم، إلا أن بعضهم يرفض الآن اقتناء الإبل، ويدافع عن فكرته بالقوة مثل احمد المتزوج من امرأتين.
وقال الرجل موجها حديثه لبعض البدو المتجمعين حول والده' أربع بقرات أفضل من كل الإبل'. ينفعل شاب صغير رافضا فكرة بيع الإبل' أنها عز. أنها تقاليد'... ويسود نقاش حاد.
أن البدو حائرون وبائسون.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر