حول يهودية إسرائيل
الكاتب: د.سفيان أبو زايدة
اقترح نتنياهو بشكل علني من على منصة الكنيست الإسرائيلي على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة مقابل التجميد المؤقت للاستيطان.
السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا تدريجيا لهذا المطلب الإسرائيلي إلى أن أصبح شرط للتفاوض، و الآن أصبح حتى شرط لتجميد الاستيطان.
ليس هناك جدل أن نتنياهو يستخدم هذا المطلب من اجل التهرب من اتخاذ القرارات الإستراتيجية، و التي على رأسها الحدود و القدس و اللاجئين. هذا لا يعني أن لطرح نتنياهو لا توجد دوافع أو أبعاد استراتيجيه.
الطرح الإسرائيلي بضرورة أن يعترف الفلسطينيين بيهودية الدولة لم يعد محصورا بمعسكر اليمين الإسرائيلي الذي يبحث عن تعقيدات وعقبات جديدة لإفشال حل الدولتين. لم يكتفي الإسرائيلي باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 بحق إسرائيل كدولة في الوجود. الكثير من الإسرائيليين اعتبر هذا الاعتراف منقوص حيث يعترف بالأمر الواقع فقط و لا يعترف بالحق التاريخي للوجود اليهودي في فلسطين. هذا على الرغم من أن إسرائيل لم تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، فقط الاعتراف في اوسلو كان بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني.
على الرغم من أن مصطلح دولة يهودية هو مصطلح قديم، ولكنه كان دائما مقترن بحقوق الشعب الفلسطيني. لم يذكر قط في أي وثيقة دولية دون التأكيد على حقوق السكان الأصليين و عدم المساس بها.
وعد بلفور المشئوم، الذي يعتبر بداية الكارثة الفلسطينية، تحدث عن "حق الشعب اليهودي في إقامة وطن قومي في فلسطين" ، و لكنه في نفس الوقت أكد على أن لا يمس ذلك بحقوق السكان الأصليين.
قرار التقسيم عام 1947 تحدث أيضا عن إقامة دولتين، يهودية و عربية و لكن تبعه بقرار 194 الذي يؤكد على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم و تعويضهم. التذاكي الإسرائيلي كما فعلوا مع وعد بلفور، اخذوا الفقرة الأولى وهي " الدولة اليهودية" و شطبوا من أحاديثهم و أدبياتهم كل ما يتعلق بحقوق الفلسطينيين، وعلى رأسها حق العودة.
على الرغم من ذلك، و في كل المراحل السابقة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ أوسلو حتى اليوم لم يطرح الإسرائيلي ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة كشرط لكل اتفاق. و اليوم نتنياهو يطرحه كشرط حتى للتجميد المؤقت للاستيطان.
و السؤال الذي يطرح نفسه هو ، ما هي الأبعاد الحقيقية لطرح نتنياهو بشكل خاص، و الطرح الإسرائيلي بشكل عام بضرورة الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي؟.
أولا: يمكن النظر لموقف نتنياهو على انه بالون اختبار موجه بالدرجة الأساسية للرأي العام الإسرائيلي، المعارضة الإسرائيلية و حزب الليكود . أراد نتنياهو أن يكون محتوى هذه الرسالة انه و ضمن شروط معينه يمكن أن يجمد الاستيطان، و أن موضوع التجميد وارد في الحسبان، فقط الشروط و الثمن هو الذي يتم نقاشه و ليس المبدأ. هذا يعني أن هناك تصدع في موقفه و أصبح على قناعه أن الخطوة الأقل ضرر بالنسبة لإسرائيل هي الاستجابة للمطلب الأمريكي بالتجميد المؤقت لكي لا تنهار العملية التفاوضية.
ثانيا: نتنياهو ومن خلال الربط بين المفاوضات و الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية إنما يريد أن يشتت الأفكار و الجهود في معارك وهمية تهربا من إعطاء أجوبة مباشرة لقضية الحدود و القضايا التفاوضية الأخرى. هو يدرك أن مصطلح يهودية الدولة غير متفق عليه إسرائيليا سواء من الناحية الإيديولوجية أو الناحية الدولية. مصطلح كل إسرائيلي يأخذ منه ما يريد. هناك من يتمسك به على اعتبار انه يخلصه من حق عودة اللاجئين، وهناك من يتمسك به على اعتبار انه سيغلق الطريق أمام النمو العربي الفلسطيني في داخل إسرائيل و يمنع بالتالي حصولهم على حقوقهم بشكل متساوي. وهناك من يعتبر أن الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل عام 1993 لم يكن كافيا و المطلوب هو الاعتراف بالحق التاريخي لليهود. نتنياهو يريد ان يغازل كل هؤلاء مع قناعته أن طرح هذا الأمر و بهذه الحدية في هذه المرحلة يخدمه على الصعيد الداخلي.
ثالثا: من الناحية التكتيكية نتنياهو يدرك أن رد الفعل الفلسطيني حول الربط بين تجميد الاستيطان و الاعتراف بيهودية الدولة سيقابل بالرفض، وهذا ما حصل، و عليه، هو يريد أن يعيد الكرة مرة أخرى للملعب الفلسطيني. رد الفعل الأمريكي الغامض على ما اقترحه نتنياهو يخدم هذا التكتيك، و لكنه لا يعفيه على المدى البعيد من تحديد موقفه من القضايا التفاوضية الأساسية، خاصة قضية الحدود التي يخشى الخوض بها لكي لا يخلق أزمة سياسية داخلية في حزبه و حكومته.
على أية حال، نتنياهو يستطيع اليوم أن يتخذ قرار التجميد دون أن يخشى انهيار حكومته، وذلك بعد أن أكدت كل من حركتي شاس و إسرائيل بيتنا الذي يتزعمها ليبرمان أنهم لم ينسحبوا من الحكومة إذا ما قرر نتنياهو تمديد التجميد. هذا يعني أن الطريق أصبحت سالكة أمامه لاتخاذ مثل هكذا قرار. لا يعني بطبيعة الحال أن هناك تغيير جوهري في المواقف، فقط هو التكتيك الذي لا يريد نتنياهو أن يتحمل هو تعطيل أو فشل المفاوضات، بل يريد أن يكون ذلك من نصيب الرئيس عباس و القيادة الفلسطينية.
الجانب الفلسطيني، وإضافة لرفضه مبدأ الخوض في هذا النقاش الذي يريدنا نتنياهو أن نغرق في تفاصيله ، من الناحية التكتيكية يجب أن يكون الرد من خلال طرح العديد من الأسئلة. على سبيل المثال، ما هو المقصود بيهودية الدولة؟ وهل هناك تعريف إسرائيلي بمن هو اليهودي؟ ما هي الأبعاد السياسية والقانونية لهذا الاعتراف؟ كيف ينعكس ذلك على أبناء الشعب الفلسطيني و حقوقهم داخل حدود هذه الدولة؟ كيف ينعكس ذلك على قضية اللاجئين التي هي إحدى قضايا الحل الدائم؟ و لماذا لم تغير إسرائيل أسمها في مجلس الأمن وبعد ذلك يطالبون الجانب الفلسطيني التعامل مع هذا الاسم الجديد؟ ما هي حدود هذه الدولة و بالتالي أين هي حدود الدولة الفلسطينية؟.
كل هذه الأسئلة لا إجابات إسرائيلية بشأنها، أو على الأقل لا إجابات موحدة عليها. كل طرف، كل حزب، وربما كل شخص له تفسير مختلف عن ألآخر.
الكاتب: د.سفيان أبو زايدة
اقترح نتنياهو بشكل علني من على منصة الكنيست الإسرائيلي على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة مقابل التجميد المؤقت للاستيطان.
السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا تدريجيا لهذا المطلب الإسرائيلي إلى أن أصبح شرط للتفاوض، و الآن أصبح حتى شرط لتجميد الاستيطان.
ليس هناك جدل أن نتنياهو يستخدم هذا المطلب من اجل التهرب من اتخاذ القرارات الإستراتيجية، و التي على رأسها الحدود و القدس و اللاجئين. هذا لا يعني أن لطرح نتنياهو لا توجد دوافع أو أبعاد استراتيجيه.
الطرح الإسرائيلي بضرورة أن يعترف الفلسطينيين بيهودية الدولة لم يعد محصورا بمعسكر اليمين الإسرائيلي الذي يبحث عن تعقيدات وعقبات جديدة لإفشال حل الدولتين. لم يكتفي الإسرائيلي باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 بحق إسرائيل كدولة في الوجود. الكثير من الإسرائيليين اعتبر هذا الاعتراف منقوص حيث يعترف بالأمر الواقع فقط و لا يعترف بالحق التاريخي للوجود اليهودي في فلسطين. هذا على الرغم من أن إسرائيل لم تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، فقط الاعتراف في اوسلو كان بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني.
على الرغم من أن مصطلح دولة يهودية هو مصطلح قديم، ولكنه كان دائما مقترن بحقوق الشعب الفلسطيني. لم يذكر قط في أي وثيقة دولية دون التأكيد على حقوق السكان الأصليين و عدم المساس بها.
وعد بلفور المشئوم، الذي يعتبر بداية الكارثة الفلسطينية، تحدث عن "حق الشعب اليهودي في إقامة وطن قومي في فلسطين" ، و لكنه في نفس الوقت أكد على أن لا يمس ذلك بحقوق السكان الأصليين.
قرار التقسيم عام 1947 تحدث أيضا عن إقامة دولتين، يهودية و عربية و لكن تبعه بقرار 194 الذي يؤكد على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم و تعويضهم. التذاكي الإسرائيلي كما فعلوا مع وعد بلفور، اخذوا الفقرة الأولى وهي " الدولة اليهودية" و شطبوا من أحاديثهم و أدبياتهم كل ما يتعلق بحقوق الفلسطينيين، وعلى رأسها حق العودة.
على الرغم من ذلك، و في كل المراحل السابقة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ أوسلو حتى اليوم لم يطرح الإسرائيلي ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة كشرط لكل اتفاق. و اليوم نتنياهو يطرحه كشرط حتى للتجميد المؤقت للاستيطان.
و السؤال الذي يطرح نفسه هو ، ما هي الأبعاد الحقيقية لطرح نتنياهو بشكل خاص، و الطرح الإسرائيلي بشكل عام بضرورة الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي؟.
أولا: يمكن النظر لموقف نتنياهو على انه بالون اختبار موجه بالدرجة الأساسية للرأي العام الإسرائيلي، المعارضة الإسرائيلية و حزب الليكود . أراد نتنياهو أن يكون محتوى هذه الرسالة انه و ضمن شروط معينه يمكن أن يجمد الاستيطان، و أن موضوع التجميد وارد في الحسبان، فقط الشروط و الثمن هو الذي يتم نقاشه و ليس المبدأ. هذا يعني أن هناك تصدع في موقفه و أصبح على قناعه أن الخطوة الأقل ضرر بالنسبة لإسرائيل هي الاستجابة للمطلب الأمريكي بالتجميد المؤقت لكي لا تنهار العملية التفاوضية.
ثانيا: نتنياهو ومن خلال الربط بين المفاوضات و الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية إنما يريد أن يشتت الأفكار و الجهود في معارك وهمية تهربا من إعطاء أجوبة مباشرة لقضية الحدود و القضايا التفاوضية الأخرى. هو يدرك أن مصطلح يهودية الدولة غير متفق عليه إسرائيليا سواء من الناحية الإيديولوجية أو الناحية الدولية. مصطلح كل إسرائيلي يأخذ منه ما يريد. هناك من يتمسك به على اعتبار انه يخلصه من حق عودة اللاجئين، وهناك من يتمسك به على اعتبار انه سيغلق الطريق أمام النمو العربي الفلسطيني في داخل إسرائيل و يمنع بالتالي حصولهم على حقوقهم بشكل متساوي. وهناك من يعتبر أن الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل عام 1993 لم يكن كافيا و المطلوب هو الاعتراف بالحق التاريخي لليهود. نتنياهو يريد ان يغازل كل هؤلاء مع قناعته أن طرح هذا الأمر و بهذه الحدية في هذه المرحلة يخدمه على الصعيد الداخلي.
ثالثا: من الناحية التكتيكية نتنياهو يدرك أن رد الفعل الفلسطيني حول الربط بين تجميد الاستيطان و الاعتراف بيهودية الدولة سيقابل بالرفض، وهذا ما حصل، و عليه، هو يريد أن يعيد الكرة مرة أخرى للملعب الفلسطيني. رد الفعل الأمريكي الغامض على ما اقترحه نتنياهو يخدم هذا التكتيك، و لكنه لا يعفيه على المدى البعيد من تحديد موقفه من القضايا التفاوضية الأساسية، خاصة قضية الحدود التي يخشى الخوض بها لكي لا يخلق أزمة سياسية داخلية في حزبه و حكومته.
على أية حال، نتنياهو يستطيع اليوم أن يتخذ قرار التجميد دون أن يخشى انهيار حكومته، وذلك بعد أن أكدت كل من حركتي شاس و إسرائيل بيتنا الذي يتزعمها ليبرمان أنهم لم ينسحبوا من الحكومة إذا ما قرر نتنياهو تمديد التجميد. هذا يعني أن الطريق أصبحت سالكة أمامه لاتخاذ مثل هكذا قرار. لا يعني بطبيعة الحال أن هناك تغيير جوهري في المواقف، فقط هو التكتيك الذي لا يريد نتنياهو أن يتحمل هو تعطيل أو فشل المفاوضات، بل يريد أن يكون ذلك من نصيب الرئيس عباس و القيادة الفلسطينية.
الجانب الفلسطيني، وإضافة لرفضه مبدأ الخوض في هذا النقاش الذي يريدنا نتنياهو أن نغرق في تفاصيله ، من الناحية التكتيكية يجب أن يكون الرد من خلال طرح العديد من الأسئلة. على سبيل المثال، ما هو المقصود بيهودية الدولة؟ وهل هناك تعريف إسرائيلي بمن هو اليهودي؟ ما هي الأبعاد السياسية والقانونية لهذا الاعتراف؟ كيف ينعكس ذلك على أبناء الشعب الفلسطيني و حقوقهم داخل حدود هذه الدولة؟ كيف ينعكس ذلك على قضية اللاجئين التي هي إحدى قضايا الحل الدائم؟ و لماذا لم تغير إسرائيل أسمها في مجلس الأمن وبعد ذلك يطالبون الجانب الفلسطيني التعامل مع هذا الاسم الجديد؟ ما هي حدود هذه الدولة و بالتالي أين هي حدود الدولة الفلسطينية؟.
كل هذه الأسئلة لا إجابات إسرائيلية بشأنها، أو على الأقل لا إجابات موحدة عليها. كل طرف، كل حزب، وربما كل شخص له تفسير مختلف عن ألآخر.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر