تواجه الانظمة العربية تحديات من الشارع العربي، وضغوطا شديدة مع استمرار التظاهرات التي التقطت اللحظتين التونسية والمصرية، وتحاول هذه الجماهير في ليبيا والبحرين واليمن والاردن والجزائر اشعال موجة انتفاضات تعيد تشكيل النظام العربي من جديد، ويظل النظام الليبي الذي يحاول تأكيد سلطته بالقوة اقسى التحديات، فبعد سنوات من شهر العسل مع الغرب يواجه النظام الليبي بزعامة العقيد معمر القذافي امتحانه الاكبر منذ عام 1969 بعد توليه الحكم، وانهاء انقلابه حكم الملك العجوز ادريس السنوسي.
ومع تضارب الانباء حول عدد القتلى جراء الاحداث التي اندلعت في ليبيا، حيث تضعها بعض الارقام باكثر من مئة، يواصل النظام الليبي رفضه عمليات العصيان المدني على الرغم من الاحتجاجات والشجب الغربي، فيما حذرت صحف ووسائل اعلامية تابعة للنظام من رد قاس على المتظاهرين بالقوة وحذرت صحيفة الزحف الاخضر من يقومون بالعصيان انهم يقومون بعملية انتحار. ويقوم الجيش الليبي بالتصدي للتظاهرات اضافة الى انباء حول اعتماده على مرتزقة افارقة تم تجنيدهم للهجوم على مدينة بنغازي.
وتجد العواصم الغربية نفسها امام تحد اخر، خاصة بريطانيا التي اقامت حكومة العمال السابقة علاقة دافئة مع النظام الليبي منذ عام 2004 ولهذا تفهم مسارعة وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ لشجب ممارسات النظام باعتبارها 'مثيرة للرعب' وانها 'غير مقبولة'.
ويرى معلقون ان النظام الليبي الذي اغلق خدمات الانترنت ومنع الصحافيين من دخول البلاد، مصمم على قمع الثورة التي اندلعت في شرق البلاد احتجاجا على الاوضاع وفي خمس مدن على الاقل. وعلى الرغم من محاولة التعتيم الاعلامي التي مارسها النظام فان صورا التقطت بالفيديو اظهرت مشاهد مريعة لجرحى.
وتأتي الاحداث الليبية في وقت استمرت فيه الاحتجاجات في البحرين التي حاول فيها الملك الدعوة للحوار، وسحب الجيش من الشوارع، واستمرت في الوقت نفسه التظاهرات في اليمن. وترى صحيفة 'اندبندنت' ان الاحداث في ليبيا تظهر ان القذافي يقاتل من اجل بقائه. ووصفت الصحيفة ان ليبيا وصلت الى مرحلة حرجة مع توسع وتيرة ومساحة الاحتجاجات.
وقال خبراء ان النظام الليببي على خلاف التونسي اوالمصري لن يقدم تنازلات. ونقلت عن سير ريتشارد دالتون، السفير البريطاني السابق في طرابلس الغرب قوله ان 'القذافي لن يتقبل فكرة تقديم تنازلات من اجل استمراره في السلطة، واعتقد ان موقف النظام الليبي هو اما انا او لا شيء'.
ويراقب المهتمون بالشأن الليبي ان كانت التظاهرات قد تصل الى العاصمة الليبية طرابلس الغرب. ويرى مراقبون ان العنف اندلع في مناطق الشرق التي ترتفع فيها نسبة البطالة والتي يقولون ان سيطرة النظام فيها ضعيفة. ويعترف المراقبون من ناحية اخرى ان النظام بقي في السلطة مدة 42 عاما من خلال العنف والقمع ولا يظهر انه فقد الاداة بعد لقمع المعارضين له.
وامام التطورات الجارية في ليبيا فان العديد من الشركات البريطانية ومصالح لندن الاقتصادية مع ليبيا تراقب الوضع بقلق فيما رفضت شركة بي بي البريطانية التي تحتفظ بعقود كبيرة مع النظام التعليق، لكنها قالت انها مهتمة بتأمين وضع فريقها هناك (140 خبيرا). ولان تجربتي تونس ومصر اثبتت خطل التحليلات الاولية حول قوة الانظمة الحاكمة في الدول العربية، فقد طالبت المعارضة البريطانية الحكومة بالحديث صراحة وشجب العنف ودعم حقوق الانسان في دول اخرى.
ويتهم نقاد الحكومة انها وحرصا على مصالحها مع ليبيا فانها التزمت بالصمت خاصة ان حجم الصادرات البريطانية لليبيا ارتفع الى 400 مليون جنيه استرليني ومن المتوقع ان يرتفع لاكثر مع تطور استثمارات شيل وبي بي في مجال الغاز.
ولا يخفي المحللون وبناء على التقارير التي تتسرب الى الخارج من ليبيا مخاوفهم من الوضع ووصف دالتون الباحث الان في معهد تشاتام هاوس قوله ان الازمة يمكن اعتبارها الاخطر التي تواجه النظام وقال 'انها قد تؤشر الى ان النظام قد وصل الى نقطة الخطر'، ولكنه اشار الى انه 'لا نعرف مدى استعداد الليبيين العاديين للمواصلة مع استمرار الضحايا وبدون حشد عام وكبير'.
ووصف دالتون الوضع بانه يعبر عن 'ثورة سياسية وليست تعبيرا عن مظالم اقتصادية مع ان هذه تقع خلف المطالب السياسية، وتظل الثورة مهمة وغير عادية لليبيا'. وحذر من انه من الباكر الحديث عن نهاية حكم القذافي لان نظامه يملك المقومات التي تجعله مصمما اضافة لعدد كبير من المؤيدين الذين يذهبون الى ابعد مدى من اجل الحفاظ على مصالحهم. وفيما يتعلق بالموازنة بين مقاييس الربح والخسارة فان المؤشرات كلها تشير الى ان المخاطر اكبر من الارباح'.
وعلقت صحيفة 'نيويورك تايمز' على احداث بنغازي قائلة انه من الصعوبة بمكان التأكد من عدد الضحايا ونقلت عن مشارك في المظاهرات من مدينة بنغازي قوله انه لا مجال للحوار الان بعد كل الضحايا الذين سقطوا 'ولم نعد نثق بالنظام'. وترى الصحيفة ان الرد الليبي على الانتفاضة يظلل مخاوف من الاثار غير المتوقعة الناجمة عن ثورتي تونس ومصر، مشيرة الى ان السلطات في اليمن والجزائر وليبيا لجأت الى العنف لمنع تطور الاحداث. ولكن الرد الليبي يظل الاعنف حتى الان مع ان نجل القذافي - الساعدي ارسل الى بنغازي لتهدئة الوضع فيها.
قلق سعودي
وفي تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز' عن حالة الترقب في السعودية حيث اصبحت محاطة بدول غير مستقرة وحلفاء يخرجون من السلطة بعد ثورات شعبية وجاء فيه ان الدولة التي تتميز بالمحافظة الدينية تبدو معزولة. وعبر مسؤولوها عن مخاوفهم من ان امريكا قد لا تكون الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه. ومع ان السعودية ليست في خطر من ظهور حركات تدعو للديمقراطية على غرار دول الجوار بسبب الثروة النفطية ومؤسستها الدينية القوية وعائلتها الحاكمة لكن العائلة هذه اهتزت في الصميم بعد سقوط حكام خاصة صديقها وحليفها الاكبر حسني مبارك - الرئيس المصري. وعليه يقومون بمتابعة الاحداث وتطورها في اليمن والبحرين عن كثب خاصة ان السعودية لديها حدود مشتركة معهما.
ومع الخوف قلق من نتائح ما حدث في العراق حيث ادت الاطاحة بنظام صدام حسين الى تقوية ايران كلاعب مهم في الدولة. وترى الصحيفة ان مرض العاهل السعودي، الملك عبدالله (87 عاما) والذي غاب عن البلاد مدة 3 اشهر وسيعود اليها من المغرب هذا الاسبوع عززت حالة الخوف وعدم الامن.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي قوله ان السعودية محاطة بشكل كامل بالمشاكل من 'الاردن الى العراق والبحرين واليمن'. واضاف ان السعودية هي الحليف القوي والاخير لامريكا في المنطقة والتي تواجه ايران، ويرى السعوديون في اي تهديد للنظام الموجود في المنطقة كسبا لايران وحلفائها في حزب الله اللبناني.
ويخشى السعوديون من تراجع الدعم الامريكي حيث بدأت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بالتحرك تجاه دعم الجماعات المؤيدة للديمقراطية حيث لا يضمن احد نتائجها. وهذا الوضع بدا واضحا في الموقف السعودي من الازمة في مصر حيث رأى السعوديون انه كان يجب السماح لمبارك بالبقاء في السلطة ويخرج منها بكرامة. وقام الملك عبدالله بمهاتفة اوباما مرتين اثناء الازمة وعبر فيهما عن قلقه وقبل الاطاحة بمبارك، وانتهت المكالمة الثانية بخلاف حاد بين الملك واباما حسب مسؤول سعودي مطلع.
وعلى الرغم من كل هذه المخاوف الا ان لهجة وزير الداخلية، الامير نايف في لقائه مع عدد من المثقفين والشخصيات البارزة في الرياض تحدث بثقة عن ان الدولة السعودية 'محصنة' من التظاهرات لانها تطبق تعاليم الدين والتي لا يشك احد من المواطنين بشرعيتها.
وقال احد المشاركين ان الامير نايف قال لهم 'لا تقارننا بتونس ومصر'. ولكن المشارك وغيره عبروا عن عدم موافقتهم على رأيه ويعتقدون ان الامير كان يحاول اخفاء قلقه. وكانت الصحافة السعودية والاعلام التابع لها في الخارج قد عبروا عن دعمهم الحذر لتونس ومصر فيما دعا كتاب مقالات رأي للتغيير السلمي. ولكن الوضع الان اختلف الان بسبب التوتر في البحرين لاسباب منها البعد الطائفي فيها ولانها قريبة من منشآت النفط السعودية ولوجود اقلية شيعية في المنطقة طالما اشتكت من ظلم الدولة وقال دبلوماسي سعودي ان الانتفاضة في البحرين قد تشجع الشيعة في المنطقة الشرقية للانتفاض مما قد يؤدي لاتساع دائرة العنف في البلاد.
ومع ان محللين يستبعدون حدوث سيناريو مثل هذا الا انهم يقولون ان الظروف التي قادت الى ثورتي مصر وتونس موجودة في السعودية، جيل من الشباب المتعلم المحروم وفساد وعدم حرية رأي. وفي نفس الوقت يرى محللون ان السعودية لن تسمح بالاطاحة بالعائلة الحاكمة في البحرين، فمع بدء الانتفاضة هناك بدأت شائعات تتردد من ان السعودية توفر الدعم العسكري للحكومة البحرينية وارشادات. وقال باحث في جامعة رتغرز ان السعودية لم تبن الجسر مع البحرين من اجل ان يقوم ابناؤها للترفه والاحتفالات في عطل نهاية الاسبوع بل من اجل لحظة كهذه وهي احتواء البحرين وحمايتها.
الثورات الجديدة في العالم العربي 'علمانية'
وناقش روبرت فيسك في 'اندبندنت' والذي كان في القاهرة وقدم تقارير من ميدان التحرير فيها، من ان الثورات في العالم العربي باتت ذات طابع علماني- مدني، مشيرا الى مقولة كل من زين العابدين بن علي وحسني مبارك من ان الاسلاميين يقفون وراء ثورتي تونس ومصر، كما ان الاردن وملكها، الملك عبدالله الثاني يرى يدا شريرة تقف وراء الانتفاضات التي تعم العالم العربي، فيما سارعت الحكومة في البحرين للكشف عن ان من يتظاهرون في شوارع البحرين قد تلقوا تدريبا من حزب الله في لبنان مما يعني ان ايران تقف وراء الاحداث.
وعلى خلاف الشاه الذي واجه ثورة اسلامية وسارع باتهام الشيوعيين في ايران بالوقوف وراءها فان الانظمة العربية تلقي باللوم على الاسلاميين. ويشير الكاتب الى ان الانظمة الغربية وامريكا على وجه الخصوص التي قامت في البداية بدعم 'انظمة ديكتاتورية مستقرة' تراجعت وبدأت بدعم الجماهير العربية وحقوقها مع ان هذه الاخيرة لا تريد دعما من هذا الغرب المنافق ولا تريد ان تقف امريكا الى جانبها. واشار الى حديث مع طالب مصري في ميدان التحرير الذي قال له ان الامريكيين تدخلوا في شأن مصر وفرضوا عليها ديكتاتورا لمدة 30 عاما وسلحوا جيشه، والان فان المصريين سيكونون ممتنين لو توقفوا عن التدخل في حياتهم. ونفس الاصوات سمعها في البحرين حيث قال المتظاهرون ان الجنود يستخدمون اسلحة ورصاصا امريكيا ضدهم، يطلقها جنود دربتهم امريكا ومصفحات امريكية الصنع. والان 'اوباما يريد ان يقف الى جانبنا' حسب متظاهر.
ويعتقد الكاتب ان احداث الشهرين الماضيين والقتال ضد الحكومات من اجل الكرامة والعدل وليس من اجل انشاء دولة اسلامية سيظل 'في كتب التاريخ التي ستكتب لمئة عام' من الان. ومع النقاش حول الثورة سيتم النقاش حول فشل التيار الاسلامي مؤكدا ان الثورة في مصر صنعها رجال وشبان شرفاء وشابات شريفات ومسلمون ومسيحيون. وتحدث عن ان القاعدة التي تخوض امريكا حرب ارهاب ضدها تلاقت مع الانظمة العربية في ربط الثورات بالدين. ومع انه يرى ان الاحداث لم تؤشر الى يوم جيد للاسلاميين الا ان الثورات لم تخل من شعارات اسلامية لان كل المتظاهرين مسلمون ومعظهم ملتزم بالدين وتعاليمه.
ويقرأ في الحالة البحرينية تميزا من ناحية التوازن السكاني بين السنة والشيعة، مشيرا الى انه على الرغم من وجود برلمان في البحرين الا انه غير ممثل للسكان، وعليه فالوضع مرشح للتغيير خاصة انه عندما يتخلى المواطنون العرب عن خوفهم من انظمتهم فانهم جاهزون لاستعادة حقوقهم المدنية.
ومع اعترافه ان الاحداث في البحرين قد ينظر اليها من منظور طائفي خاصة ان رد فعل الدولة القوي برر على انه محاولة لمنع العنف الطائفي، لكنه يقول انه يجب ان لا ينظر اليه من خلال هذا لان العنف في اليمن ضد حكم علي عبدالله صالح وان اتسم بالديمقراطية لكنه قبلي في طبيعته، لان المجتمع اليمني قبائله مسلحة باعلامها الخاصة وقوانينها. وامام الانظمة التي تواجه ثورات فالنظام الليبي يظل مختلفا، وشاذا من ناحية النظام ومن ناحية الرد على العنف وعلاقته مع الغرب، وعلى الرغم من حالة النظام الشاذة فان هناك امرين مهمين في حالة التعامل مع ليبيا من ناحية كونها مجتمعا قبليا، اما الامر الاخر فيتعلق بطبيعة الحاكم فهو ان كان شاذا او 'مجنونا' كما يقول فيسك فلا يعني هذا ان شعبه ابله. ويختم قائلا ان بحر التغيير في العالم العربي قد بدأ: سياسي، اقتصادي واجتماعي وثقافي ومعه تأتي مآسٍ واحلام ودماء، ويعلق على تعليقات الخبراء ومقارباتهم بين العالم العربي ودول المحور الشيوعي السابق داعيا اياهم لان يخرجوا الدين الان من معارك العالم العربي.
ومع تضارب الانباء حول عدد القتلى جراء الاحداث التي اندلعت في ليبيا، حيث تضعها بعض الارقام باكثر من مئة، يواصل النظام الليبي رفضه عمليات العصيان المدني على الرغم من الاحتجاجات والشجب الغربي، فيما حذرت صحف ووسائل اعلامية تابعة للنظام من رد قاس على المتظاهرين بالقوة وحذرت صحيفة الزحف الاخضر من يقومون بالعصيان انهم يقومون بعملية انتحار. ويقوم الجيش الليبي بالتصدي للتظاهرات اضافة الى انباء حول اعتماده على مرتزقة افارقة تم تجنيدهم للهجوم على مدينة بنغازي.
وتجد العواصم الغربية نفسها امام تحد اخر، خاصة بريطانيا التي اقامت حكومة العمال السابقة علاقة دافئة مع النظام الليبي منذ عام 2004 ولهذا تفهم مسارعة وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ لشجب ممارسات النظام باعتبارها 'مثيرة للرعب' وانها 'غير مقبولة'.
ويرى معلقون ان النظام الليبي الذي اغلق خدمات الانترنت ومنع الصحافيين من دخول البلاد، مصمم على قمع الثورة التي اندلعت في شرق البلاد احتجاجا على الاوضاع وفي خمس مدن على الاقل. وعلى الرغم من محاولة التعتيم الاعلامي التي مارسها النظام فان صورا التقطت بالفيديو اظهرت مشاهد مريعة لجرحى.
وتأتي الاحداث الليبية في وقت استمرت فيه الاحتجاجات في البحرين التي حاول فيها الملك الدعوة للحوار، وسحب الجيش من الشوارع، واستمرت في الوقت نفسه التظاهرات في اليمن. وترى صحيفة 'اندبندنت' ان الاحداث في ليبيا تظهر ان القذافي يقاتل من اجل بقائه. ووصفت الصحيفة ان ليبيا وصلت الى مرحلة حرجة مع توسع وتيرة ومساحة الاحتجاجات.
وقال خبراء ان النظام الليببي على خلاف التونسي اوالمصري لن يقدم تنازلات. ونقلت عن سير ريتشارد دالتون، السفير البريطاني السابق في طرابلس الغرب قوله ان 'القذافي لن يتقبل فكرة تقديم تنازلات من اجل استمراره في السلطة، واعتقد ان موقف النظام الليبي هو اما انا او لا شيء'.
ويراقب المهتمون بالشأن الليبي ان كانت التظاهرات قد تصل الى العاصمة الليبية طرابلس الغرب. ويرى مراقبون ان العنف اندلع في مناطق الشرق التي ترتفع فيها نسبة البطالة والتي يقولون ان سيطرة النظام فيها ضعيفة. ويعترف المراقبون من ناحية اخرى ان النظام بقي في السلطة مدة 42 عاما من خلال العنف والقمع ولا يظهر انه فقد الاداة بعد لقمع المعارضين له.
وامام التطورات الجارية في ليبيا فان العديد من الشركات البريطانية ومصالح لندن الاقتصادية مع ليبيا تراقب الوضع بقلق فيما رفضت شركة بي بي البريطانية التي تحتفظ بعقود كبيرة مع النظام التعليق، لكنها قالت انها مهتمة بتأمين وضع فريقها هناك (140 خبيرا). ولان تجربتي تونس ومصر اثبتت خطل التحليلات الاولية حول قوة الانظمة الحاكمة في الدول العربية، فقد طالبت المعارضة البريطانية الحكومة بالحديث صراحة وشجب العنف ودعم حقوق الانسان في دول اخرى.
ويتهم نقاد الحكومة انها وحرصا على مصالحها مع ليبيا فانها التزمت بالصمت خاصة ان حجم الصادرات البريطانية لليبيا ارتفع الى 400 مليون جنيه استرليني ومن المتوقع ان يرتفع لاكثر مع تطور استثمارات شيل وبي بي في مجال الغاز.
ولا يخفي المحللون وبناء على التقارير التي تتسرب الى الخارج من ليبيا مخاوفهم من الوضع ووصف دالتون الباحث الان في معهد تشاتام هاوس قوله ان الازمة يمكن اعتبارها الاخطر التي تواجه النظام وقال 'انها قد تؤشر الى ان النظام قد وصل الى نقطة الخطر'، ولكنه اشار الى انه 'لا نعرف مدى استعداد الليبيين العاديين للمواصلة مع استمرار الضحايا وبدون حشد عام وكبير'.
ووصف دالتون الوضع بانه يعبر عن 'ثورة سياسية وليست تعبيرا عن مظالم اقتصادية مع ان هذه تقع خلف المطالب السياسية، وتظل الثورة مهمة وغير عادية لليبيا'. وحذر من انه من الباكر الحديث عن نهاية حكم القذافي لان نظامه يملك المقومات التي تجعله مصمما اضافة لعدد كبير من المؤيدين الذين يذهبون الى ابعد مدى من اجل الحفاظ على مصالحهم. وفيما يتعلق بالموازنة بين مقاييس الربح والخسارة فان المؤشرات كلها تشير الى ان المخاطر اكبر من الارباح'.
وعلقت صحيفة 'نيويورك تايمز' على احداث بنغازي قائلة انه من الصعوبة بمكان التأكد من عدد الضحايا ونقلت عن مشارك في المظاهرات من مدينة بنغازي قوله انه لا مجال للحوار الان بعد كل الضحايا الذين سقطوا 'ولم نعد نثق بالنظام'. وترى الصحيفة ان الرد الليبي على الانتفاضة يظلل مخاوف من الاثار غير المتوقعة الناجمة عن ثورتي تونس ومصر، مشيرة الى ان السلطات في اليمن والجزائر وليبيا لجأت الى العنف لمنع تطور الاحداث. ولكن الرد الليبي يظل الاعنف حتى الان مع ان نجل القذافي - الساعدي ارسل الى بنغازي لتهدئة الوضع فيها.
قلق سعودي
وفي تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز' عن حالة الترقب في السعودية حيث اصبحت محاطة بدول غير مستقرة وحلفاء يخرجون من السلطة بعد ثورات شعبية وجاء فيه ان الدولة التي تتميز بالمحافظة الدينية تبدو معزولة. وعبر مسؤولوها عن مخاوفهم من ان امريكا قد لا تكون الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه. ومع ان السعودية ليست في خطر من ظهور حركات تدعو للديمقراطية على غرار دول الجوار بسبب الثروة النفطية ومؤسستها الدينية القوية وعائلتها الحاكمة لكن العائلة هذه اهتزت في الصميم بعد سقوط حكام خاصة صديقها وحليفها الاكبر حسني مبارك - الرئيس المصري. وعليه يقومون بمتابعة الاحداث وتطورها في اليمن والبحرين عن كثب خاصة ان السعودية لديها حدود مشتركة معهما.
ومع الخوف قلق من نتائح ما حدث في العراق حيث ادت الاطاحة بنظام صدام حسين الى تقوية ايران كلاعب مهم في الدولة. وترى الصحيفة ان مرض العاهل السعودي، الملك عبدالله (87 عاما) والذي غاب عن البلاد مدة 3 اشهر وسيعود اليها من المغرب هذا الاسبوع عززت حالة الخوف وعدم الامن.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي قوله ان السعودية محاطة بشكل كامل بالمشاكل من 'الاردن الى العراق والبحرين واليمن'. واضاف ان السعودية هي الحليف القوي والاخير لامريكا في المنطقة والتي تواجه ايران، ويرى السعوديون في اي تهديد للنظام الموجود في المنطقة كسبا لايران وحلفائها في حزب الله اللبناني.
ويخشى السعوديون من تراجع الدعم الامريكي حيث بدأت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بالتحرك تجاه دعم الجماعات المؤيدة للديمقراطية حيث لا يضمن احد نتائجها. وهذا الوضع بدا واضحا في الموقف السعودي من الازمة في مصر حيث رأى السعوديون انه كان يجب السماح لمبارك بالبقاء في السلطة ويخرج منها بكرامة. وقام الملك عبدالله بمهاتفة اوباما مرتين اثناء الازمة وعبر فيهما عن قلقه وقبل الاطاحة بمبارك، وانتهت المكالمة الثانية بخلاف حاد بين الملك واباما حسب مسؤول سعودي مطلع.
وعلى الرغم من كل هذه المخاوف الا ان لهجة وزير الداخلية، الامير نايف في لقائه مع عدد من المثقفين والشخصيات البارزة في الرياض تحدث بثقة عن ان الدولة السعودية 'محصنة' من التظاهرات لانها تطبق تعاليم الدين والتي لا يشك احد من المواطنين بشرعيتها.
وقال احد المشاركين ان الامير نايف قال لهم 'لا تقارننا بتونس ومصر'. ولكن المشارك وغيره عبروا عن عدم موافقتهم على رأيه ويعتقدون ان الامير كان يحاول اخفاء قلقه. وكانت الصحافة السعودية والاعلام التابع لها في الخارج قد عبروا عن دعمهم الحذر لتونس ومصر فيما دعا كتاب مقالات رأي للتغيير السلمي. ولكن الوضع الان اختلف الان بسبب التوتر في البحرين لاسباب منها البعد الطائفي فيها ولانها قريبة من منشآت النفط السعودية ولوجود اقلية شيعية في المنطقة طالما اشتكت من ظلم الدولة وقال دبلوماسي سعودي ان الانتفاضة في البحرين قد تشجع الشيعة في المنطقة الشرقية للانتفاض مما قد يؤدي لاتساع دائرة العنف في البلاد.
ومع ان محللين يستبعدون حدوث سيناريو مثل هذا الا انهم يقولون ان الظروف التي قادت الى ثورتي مصر وتونس موجودة في السعودية، جيل من الشباب المتعلم المحروم وفساد وعدم حرية رأي. وفي نفس الوقت يرى محللون ان السعودية لن تسمح بالاطاحة بالعائلة الحاكمة في البحرين، فمع بدء الانتفاضة هناك بدأت شائعات تتردد من ان السعودية توفر الدعم العسكري للحكومة البحرينية وارشادات. وقال باحث في جامعة رتغرز ان السعودية لم تبن الجسر مع البحرين من اجل ان يقوم ابناؤها للترفه والاحتفالات في عطل نهاية الاسبوع بل من اجل لحظة كهذه وهي احتواء البحرين وحمايتها.
الثورات الجديدة في العالم العربي 'علمانية'
وناقش روبرت فيسك في 'اندبندنت' والذي كان في القاهرة وقدم تقارير من ميدان التحرير فيها، من ان الثورات في العالم العربي باتت ذات طابع علماني- مدني، مشيرا الى مقولة كل من زين العابدين بن علي وحسني مبارك من ان الاسلاميين يقفون وراء ثورتي تونس ومصر، كما ان الاردن وملكها، الملك عبدالله الثاني يرى يدا شريرة تقف وراء الانتفاضات التي تعم العالم العربي، فيما سارعت الحكومة في البحرين للكشف عن ان من يتظاهرون في شوارع البحرين قد تلقوا تدريبا من حزب الله في لبنان مما يعني ان ايران تقف وراء الاحداث.
وعلى خلاف الشاه الذي واجه ثورة اسلامية وسارع باتهام الشيوعيين في ايران بالوقوف وراءها فان الانظمة العربية تلقي باللوم على الاسلاميين. ويشير الكاتب الى ان الانظمة الغربية وامريكا على وجه الخصوص التي قامت في البداية بدعم 'انظمة ديكتاتورية مستقرة' تراجعت وبدأت بدعم الجماهير العربية وحقوقها مع ان هذه الاخيرة لا تريد دعما من هذا الغرب المنافق ولا تريد ان تقف امريكا الى جانبها. واشار الى حديث مع طالب مصري في ميدان التحرير الذي قال له ان الامريكيين تدخلوا في شأن مصر وفرضوا عليها ديكتاتورا لمدة 30 عاما وسلحوا جيشه، والان فان المصريين سيكونون ممتنين لو توقفوا عن التدخل في حياتهم. ونفس الاصوات سمعها في البحرين حيث قال المتظاهرون ان الجنود يستخدمون اسلحة ورصاصا امريكيا ضدهم، يطلقها جنود دربتهم امريكا ومصفحات امريكية الصنع. والان 'اوباما يريد ان يقف الى جانبنا' حسب متظاهر.
ويعتقد الكاتب ان احداث الشهرين الماضيين والقتال ضد الحكومات من اجل الكرامة والعدل وليس من اجل انشاء دولة اسلامية سيظل 'في كتب التاريخ التي ستكتب لمئة عام' من الان. ومع النقاش حول الثورة سيتم النقاش حول فشل التيار الاسلامي مؤكدا ان الثورة في مصر صنعها رجال وشبان شرفاء وشابات شريفات ومسلمون ومسيحيون. وتحدث عن ان القاعدة التي تخوض امريكا حرب ارهاب ضدها تلاقت مع الانظمة العربية في ربط الثورات بالدين. ومع انه يرى ان الاحداث لم تؤشر الى يوم جيد للاسلاميين الا ان الثورات لم تخل من شعارات اسلامية لان كل المتظاهرين مسلمون ومعظهم ملتزم بالدين وتعاليمه.
ويقرأ في الحالة البحرينية تميزا من ناحية التوازن السكاني بين السنة والشيعة، مشيرا الى انه على الرغم من وجود برلمان في البحرين الا انه غير ممثل للسكان، وعليه فالوضع مرشح للتغيير خاصة انه عندما يتخلى المواطنون العرب عن خوفهم من انظمتهم فانهم جاهزون لاستعادة حقوقهم المدنية.
ومع اعترافه ان الاحداث في البحرين قد ينظر اليها من منظور طائفي خاصة ان رد فعل الدولة القوي برر على انه محاولة لمنع العنف الطائفي، لكنه يقول انه يجب ان لا ينظر اليه من خلال هذا لان العنف في اليمن ضد حكم علي عبدالله صالح وان اتسم بالديمقراطية لكنه قبلي في طبيعته، لان المجتمع اليمني قبائله مسلحة باعلامها الخاصة وقوانينها. وامام الانظمة التي تواجه ثورات فالنظام الليبي يظل مختلفا، وشاذا من ناحية النظام ومن ناحية الرد على العنف وعلاقته مع الغرب، وعلى الرغم من حالة النظام الشاذة فان هناك امرين مهمين في حالة التعامل مع ليبيا من ناحية كونها مجتمعا قبليا، اما الامر الاخر فيتعلق بطبيعة الحاكم فهو ان كان شاذا او 'مجنونا' كما يقول فيسك فلا يعني هذا ان شعبه ابله. ويختم قائلا ان بحر التغيير في العالم العربي قد بدأ: سياسي، اقتصادي واجتماعي وثقافي ومعه تأتي مآسٍ واحلام ودماء، ويعلق على تعليقات الخبراء ومقارباتهم بين العالم العربي ودول المحور الشيوعي السابق داعيا اياهم لان يخرجوا الدين الان من معارك العالم العربي.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر