مهدي عامل
هو الفيلسوف والمفكر الكبير والمناضل وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني الذي اغتاله في 19 أيار 1987 اعداء النهار، الخائفون من الفكر المتوهج ، بمسدسات كاتمة الصوت.
مهدي عامل واسمه الحقيقي (حسن حمدان)، في ممارسته النظرية، لم يكن خجولا. كان جريئا، لا يطمئن لما هو في حكم ولا يتكئ على ما هو متكّون، في الفكر الماركسي وفي النظرية، بل هو يلح – ضمن منهجه الماركسي بالذات – على رؤية وكشف الوجود المميز لهذه القوانين في الحركة التاريخية، والمرحلة التاريخية، المعيّنة.
فالقضية الاساسية التي ينطلق منها مهدي عامل، ويبحثها في كتاباته كلها، صاغها على الوجه التالي:
" ما هو الشكل، أو بالاحرى ما هي الاشكال المحددة التي تتميز فيها حركة القوانين التاريخية للمجتمعات العربية المعاصرة ؟".
وقد تطلبت محاولة التوصل الى الجواب، أو الاجوبة، عن هذا السؤال الاساسي، البحث النظري المضني الذي كانت نتيجته كتاب مهدي الاول: " مقدمات نظرية لدراسة اثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني " (1972)، وهو كتابه الاساس الذي بنى عليه جميع كتبه ودراساته وطروحاته اللاحقة، في حركة من البحث المتواصل، واعادة النظر، واجراء التدقيقات والتطويرات، وانتاج المفاهيم والادوات النظرية المعرفية الجديدة، فصارت الاجابات المتواصلة المتنامية على مختلف جوانب تلك القضية الاساس، هي قضية حياة مهدي عامل ومسيرته الفكرية والكفاحية، وهي التي تطبع تاريخ ممارسته النضالية الحزبية وحياته الشخصية، معا.
وفي كتابه الاساس هذا، طرح مهدي عامل مفهومه الاساس: " نمط الانتاج الكولونيالي "، وهو المفهوم الخاص بنمط الانتاج في البلدان " المتخلفة " التي خضعت للسيطرة الاستعمارية ودخلت في اطار تبعية بنيوية مطلقة للنظام الراسمالي الامبريالي العالمي، فصار " تطورها " محكوما بهذه السيطرة، ضمن حركة " تكرارية " من اعادة انتاج علاقة التبعية هذه، والتي يستحيل عليها أن تتخطاها الا بكسرهذه العلاقة.
في هذا المناخ، وفي خضم حركة الجدل بين ما هو متكون وما هو في مسار عملية التكون، كان مهدي عامل يبني عمارته الفكرية، ببنى جديدة في الفكر الماركسي: من كتابه الاساس : " مقدمات نظرية لدراسة اثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني " - بقسميه : " في التناقض " (1973) و " في نمط الانتاج الكولونيالي " (1976) - الذي ارسى فيه الاساس النظري لمشروعه الفكري العلمي الطموح. وعلى قاعدة هذا الاساس، وباستخدام المفاهيم النظرية والادوات المعرفية التي اشتغل في انتاجها، اتجه بالبحث في الموضوعات الاكثر تخصصاً، فوضع كتابه السجالي : " ازمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازيات العربية ؟ " (1974). ثم دخل بفكره السجالي والعلمي الموضوعي الاكثر حِدّة في لبنان : المسألة الطائفية، في كتابه : " النظرية في الممارسة السياسية – بحث في اسباب الحرب الاهلية في لبنان" (1979) و " مدخل الى نقض الفكر الطائفي. القضية الفلسطينية في ايديولوجية البرجوازية اللبنانية " (1980) و " في الدولة الطائفية " (1986) وهو اخر كتاب صدر لمهدي عامل قبل وقوع جريمة اغتياله، حيث بحث هذه المسألة – ربما لأول مرة في لبنان – على هذا المستوى النظري وبادوات الفكر الماركسي المتجدد. فكشف الجذر الطبقي للصراعات " الطائفية "، وتوصل الى صيغة ترى " أن الطائفية: هي الشكل التاريخي المحدد للنظام السياسي الذي تمارس فيه البرجوازية ...... سيطرتها الطبقية " ..... وإن " الطائفة : ليست كيانا، ليست جوهرا، بل هي علاقة سياسية ....... تربط الطبقات الكادحة بالبرجوازية ربطا طائفيا ".
وتابع مهدي عامل مشروعه الفكري مقتحما حقولا اخرى، فأصدر في عام 1985 كتابه الموسوم : " في علمية الفكر الخلدوني "، وفيه يحدد مهدي علمية الفكر الخلدوني ويرى أن هذه العلمية كانت قفزة في حقل الفكر الاجتماعي وفي حقل الفكر التاريخي.
وفي عام 1986 صدر له كتاب جديد هو : " ماركس في استشراق ادوار سعيد " حيث يناقش مهدي صفحات من كتاب " الاستشراق " لأدوار سعيد ويتوصل الى أن تأويل سعيد يلغي الطابع المادي للفكر الماركسي، فيتم بهذا التأويل ادراج النظرية الماركسية في البناء النظري للفكر المسيطر.
في الليل كان مهدي يخرج من تعب التجريد النظري، ويدخل الى حالة الشعر، فيترك اسم مهدي عامل (وهو ليس اسمه الحقيقي طبعا) ليدخل في اسم اخر، هو " هلال بن زيتون " حينا - وقد اصدر بهذا الاسم مجموعة بعنوان " تقاسيم على الزمان "– وهو حسن حمدان ( وهو اسمه الحقيقي) حيث اصدر مجموعة بعنوان " فضاء النون " .
وباغتياله في 19 أيار 1987 دخل مهدي عامل عالم شهداء الفكر والكفاح الثوري، وهكذا اضيف اسمه الى قائمة الشرف التي تطول، كأن ليس من اخر.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر