ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا


    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:30 pm


    5 – التخريب
    التخريب سلاح لا يُقَّدر ثمنه لدى الشعوب التي تخوض حرب الغوار. يتعلق تنظيمه مباشرة بالمنظمة المدنية السرية، إذ أن التخريبات لا تتم إلاَّ خارج المناطق التي يشرف عليها الجيش الثوري. غير أنه ينبغي وضع هذه المنظمة مباشرة تحت إمرة أركان حرب الغوار، وهي المخوَّلة تحديد الصناعات والمواصلات والأهداف التي يفضل إصابتها.
    لا يمت التخريب بصلة إلى الإرهاب. فالإرهاب والاغتيال الفردي طرق تختلف عن التخريب اختلافاً مطلقاً. نحن على يقين صادق من أن الإرهاب سلاح سلبي لا يعطي الآثار المرغوبة أبداً وإطلاقاً. ويمكن أن يبعد الشعب عن حركة ثورية، في حين يتسبب لدى ممارسيه بخسائر بشرية لا تتناسب مع النتائج الحاصلة. غير أنه يمكن اللجوء، بالمقابل، إلى اغتيالات فردية، ولكن في بضع حالات خاصة جداً، مثلاً لإزالة أحد رؤساء القمع. ولكنه لا يجوز في أية حال استخدام عتاد بشري متخصص لإزالة قاتل صغير يمكن أن يتسبب موته في القضاء على كل العناصر الثوريين الذين اشتركوا في مقتله، بالإضافة إلى ضحايا الانتقام اللاحق.
    ثمة نمطان ضروريان من التخريب: التخريب على النطاق الوطني، ضد أهداف معينة، والتخريب على مقربة من خطوط القتال. يجب أن يستهدف التخريب على النطاق الوطني بصورة أساسية تدمير المواصلات. يمكن تدمير كل نوع من المواصلات بطريقة مختلفة، بيد أنها عرضة للإصابة كلها. يسهل تدمير أعمدة البرق والهاتف بنشرها حتى ما قبل آخرها، بحيث أنها تظهر ليلاً بمظهر سليم، ثم يسقط أحدها فجأة، فيجرّ سائرها في سقوطه، مسبباً تعطيلاً واسعاً.
    كما يمكن تخريب الجسور بنسفها بالديناميت. وإذا لم يتوفر الديناميت، يمكن تدمير الجسور الحديدية بحِمْلاج اكسجيني ايدروجيني. يجب قطع الجائز الرئيسي والجائز الأعلى اللذين يحملان الجسر الحديدي. ومتى تمَّ قطع هذين الجائزين بالحملاج، يعمل مثل ذلك من الطرف الآخر أيضاً. هكذا ينقلب الجسر على جنبه، فيلتوي ثم يهوي. إنها أنجع وسيلة لتدمير جسر فلزي بلا ديناميت. يجب تدمير السكك الحديدية والطرقات أيضاً، وكذلك الكهاريز. ويمكن أحياناً بث الألغام في القطارات. يتعلق ذلك دائماً بقوة الغوارة.
    كذلك يسمح عتاد ملائم بتدمير الصناعات الحيوية في كل منطقة عندما تأزف الساعة. ينبغي أن تؤلف مسألة التخريب موضوع خطة شاملة، فلا يجوز تدمير مجال عمل إلاَّ في اللحظة الحاسمة، لأن تدميراً كهذا يستتبع نزوحاً جماهيرياً بين العمال ويؤدي للمجاعة. يجب القضاء على الصناعات التي تخص شخصيات العهد، وبذل الجهد لإقناع العمال بضرورة ذلك، إلاّ إذا أدى القضاء عليها إلى عواقب اجتماعية فائقة الخطورة.
    إننا نلح على أهمية تخريب طرق المواصلات. إن المواصلة السريعة هي السلاح الأكبر لدى جيش العدو ضد الثائرين، في الأرض غير الوعرة. لذا يتوجب علينا أن نحاول تدمير هذا السلاح باستمرار بنسف جسور السكك الحديدية والكهاريز والأعمدة الكهربائية والهواتف وحتى أنابيب المياه، وبكلمة، تدمير كل ما لا يستغنى عنه في الحياة الحديثة.
    التخريب ضروري أيضاً قرب خطوط القتال، على النحو ذاته، لكن بإقدام وتفان وتواتر أعظم بكثير. يمكن التعويل في هذه الحالة على عون فائق القيمة، هو الذي تقدمه الدوريات الجوَّالة التابعة للغوارة، والتي يمكنها هبوط المناطق المعنية ومساعدة أعضاء المنظمة المدنية في أداء مهمتهم. وهنا أيضاً يستهدف التخريب المواصلات قبل كل شيء. ينبغي تصفية كافة المعامل ومراكز الإنتاج القمينة بتزويد العدو بما يلزمه لمتابعة هجومه على القوى الشعبية.
    يجب الاستيلاء على مخزونات العدو، وقَطْع تموينه، وإذا لزم الأمر، يجب إخافة مُلاَّك الأراضي الذين يودون بيعه منتجات زراعتهم وحيواناتهم، وإحراق السيارات التي تتجول على الطرق واستخدامها لسد الطرق. ولدى كل عمل تخريبي، وفي نقاط معينة، على بعد كبير أو صغير من موضع إجراء العمل، يجب إحداث مناوشات متكررة مع العدو، باستخدام طريقة الضرب والهروب على الدوام. لا ضرورة لإبداء مقاومة كبيرة. يكفي مجرد إراءة العدو أنه حيثما يحصل تخريب، ثمة قوى غوارية على أهبة القتال، لإجباره بذلك على ألاَّ يتنقل إلاَّ متألباً محترزاً.
    وهكذا يتم إنزال الشلل شيئاً فشيئاً بكل المدن القريبة من مناطق نشاط الغوار.





    6 – الصناعة الحربية
    إن الصناعة الحربية، في منظور حرب الغوار، هي نتاج تطور طويل نوعاً ما، وهي تثبت أن الغوار قائم في وضع جغرافي مؤات. لقد قلنا سابقاً إنه عندما تكون ثمة مناطق محررة ويكون العدو قد بسط حصاراً شاملاً على التموين، ينبغي تنظيم صناعات مختلفة لا غنى عنها. ومن بين هذه الصناعات، ثمة اثنتان أساسيتان هما الحِذاوة[58] والسِراجة: لا تستطيع فرقة أن تسير بلا أحذية، في المناطق الشَجِرة الوعرة، المفروشة حجارة وشوكاً. يصعب جداً أن يتنقل المرء في هذه الظروف، ولا يطيق ذلك إلاَّ أبناء المحلة، وليس جميعهم. أما الآخرون، فيجب أن ينتعلوا. تنقسم هذه الصناعة إلى فرعين: صناعة الأحذية الجديدة، وتسكيف وإصلاح الأحذية المعطوبة. يستلزم إنشاء هذه الصناعة الحرفية تجهيزاً كاملاً لشغل الجلود. وتلحق بها السِراجة لصنع كل اللوازم الشائعة كجعب الفشك وحقائب الظهر، ويمكن صنعها من الكتان أو الجلد، وهي وإن كانت غير أساسية، إنما تساعد على راحة الفرقة وتعطيها انطباع الاكتفاء الذاتي.
    إن السِلاحة[59] هي صناعة أساسية أخرى. ووظائفها متباينة، من مجرد إصلاح القطع المعطوبة لكافة البنادق والأسلحة الأخرى، إلى صناعة بعض أنماط أسلحة القتال التي يبدعها روح الاختراع الشعبي، إلى صنع الألغام ذات الآليات المختلفة. وإذا ما أتاحت الظروف، تستكمل بورشة مكلفة بصناعة الباردو. فإذا أمكن صنع المتفجر ذاته في المنطقة المحررة، إضافة إلى الصاعق، أمكن التوصل إلى منجزات عظيمة في هذا الصدد ذي الأهمية البالغة، إذ أن استخداماً حكيماً للألغام يسمح بشل الطرقات شلاً كاملاً.
    هناك صف آخر من الصناعات الهامة، هي الحِدادة والصِفاحة. يجري في الحدادة إنعال المحترمل، كما يمكن أن تصنع فيها النعال ذاتها. أما في صناعة الحاجات من الصفيح، فتجري أعمال صنع الأطباق، وخاصة الصفائح. ويمكن أن يلحق بها قسم للسِباكة. فإذا تم صهر الفلزَّات الطرية، أمكن إنشاء معمل لرمَّانات اليد، يسهم بشكل رئيسي في تسليح الفرقة. كما ينبغي وجود ورشة مِهانية مختصة بالإصلاحات والإنشاءات عامة، تتولى وظائف مختلفة ومحددة تماماً، وهي ما تسمى في الثكنات "بطارية الخدمة"، غير أنها تكون هنا خالصة من روح المداونة[60]، ومكلفة بتلبية كل الحاجات على نحو فعلي.
    كما ينبغي وجود مسؤول عن المواصلات. لا يكون مسؤولاً فقط عن الدعاية اللاسلكية الموجهة إلى الخارج، بل مسؤولاً أيضاً عن الهواتف والطرقات، وينبغي أن يعمل مترابطاً مع المنظمة المدنية. لا ننسَ أننا محتربون، ويمكن أن يقع علينا هجوم، وأنه كثيراً ما يتوقف حفظ أرواح كثيرة على مخابرة أُرْسِلَت في حينها.
    ويَحْسُن، مرضاة للفرقة، أن توجد صناعة للسيكار أو للفائف. تُبْتَاع لهذه الغاية أوراق التبغ وتنقل إلى المنطقة المحررة حيث تحول إلى مادة صالحة للاستهلاك. الدِباغة صناعة أخرى عظيمة الشأن. هذه الصناعات كلها منشآت بسيطة يمكن تحقيقها تماماً في أي مكان مع التكيف بظروف الغوار. تستلزم الدباغة بعض الأبنية الإسمنتية الصغيرة، وهي تتطلب خاصة، كثيراً من الملح. غير أنها تسمح لصناعة الأحذية أن تتوفر لها مادتها الأولية محلياً وفي ذلك الأمر إفادة عظيمة. يجب استحضار الملح محلياً وتركيز كميات كبيرة منه، ويجب بلوغ أمكنة فيها تركيز ملحي كبير لهذه الغاية، وجعل الماء يستبخر. البحر هو بوضوح خير مصدر للملح، لكن ثمة مصادر أخرى. ولا حاجة لتخليص الملح من كل الأملاح المرافقة له، فيمكن استهلاكه على حاله، وإن كان طعمه ليس سائغاً جداً لدى الوهلة الأولى.
    يجب حفظ اللحم مملحاً، وهذا ما يُسهَّل عمله ويُمكَِّن من إنقاذ أرواح كثيرة في حالات الشدة القصوى. يُمكن حفظ اللحم مدة طويلة نوعاً ما في براميل تُملأ ملحاً، ويُمكن استعماله على هذا الشكل مهما كانت الظروف.

    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:32 pm

    7 – الدعاية
    يجب القيام ببث الأفكار الثورية بالوسائل الملائمة وعلى أعمق نحو ممكن ويتطلب ذلك إسهام فريق كامل من المتعاملين، وإسهام منظمة تعضدهم.
    وينبغي أن تتألف هذه المنظمة من قسمين متكاملين، يغطيان نطاق الوطن كله. يجب أن تتم الدعاية من الخارج، أي ضمن المنظمة المدنية الوطنية، ومن الداخل، أي في وسط الغوار. ويجب ألاَّ توجد سوى هيئة إدارية واحدة لهما، بغية تنسيق هذين العملين الدعائيين المتلازمين تلازماً وثيقاً.
    يجب أن تتم الدعاية في النطاق الوطني الصادرة عن المنظمات المدنية الموجودة خارج الأرض المحررة، عن طريق الصحف والنشرات والإعلانات. تُعنى أهم الصحف بمسائل البلد العامة، وتخبر الجمهور بوضع قوى الغوار المضبوط، ولا تغفل لحظة المبدأ الأساسي القائل إن الحقيقة، في المدى البعيد، لا بد أن تؤتي الخير للشعوب. وإلى جانب هذه المنشورات ذات الطابع العام، توجه منشورات سواها، أكثر تخصصاً، إلى قطاعات السكان المختلفة. فعلى المنشورات الموجهة للفلاحين أن تحمل إلى هذه الطبقة رسالة رفاقهم في الأرض المحررة، الذين لمسوا آثار الثورة المنعشة، فتنطق على هذا النحو بأماني الفلاحين. وتتميز الجريدة العمالية بذات الطابع، ولكنها قد لا تتضمن دائماً رسالة المقاتلين من هذه الطبقة، إذ يحتمل ألاَّ توجد قبل المرحلة الأخيرة، منظمات عمالية في نطاق حرب الغوار.
    يجب إيضاح الشعارات الكبرى للحركة الثورية مثل شعار الإضراب العام في الوقت المناسب، وشعار مساعدة القوى الثائرة، وشعار وحدة الصف... إلخ. ويمكن أن تشرح صحف كفاحية أخرى مثلاً مهمة سائر العناصر في البلد الذين لا يقاتلون في الغوار، ولكنهم يعنون بشتى أعمال التخريب والغيلة. ويمكن في داخل المنظمة، إصدار صحف موجهة إلى جنود العدو، تشرح لهم وقائع يجهلونها. هذا وتكون النشرات والإعلانات المتعلقة بحياة الحركة مفيدة جداً.
    إن أنجع دعاية هي التي تعود إلى داخل منطقة الغوار، إذ تطال سكان المنطقة وتشرح لهم نظرية الانتفاض التي لا يعرفون منها غير وجهها العملي. ويتضمن هذا القسم، إلى جانب الإذاعة اللاسلكية، الصحيفة المركزية الناطقة باسم قوى الغوار كافة، كما يتضمن صحفاً فلاحية، ومنشورات وإعلانات.
    تشرح الإذاعة اللاسلكية كافة المسائل، ومنها مسائل درء الهجمات الجوية، ومكان وجود قوى العدو، وتذكر الأسماء المألوفة. وتوزع الدعاية ذات النطاق الوطني صحفٌ مماثلة تصف الوقائع والمعارك التي تثير اهتماماً عميقاً لدى القارىء، تضاف إليها معلومات أكثر جدِّية ودقة بكثير. أما الإعلام الدولي، فينحصر أو يكاد في التعليق على الوقائع المتصلة مباشرة بنضال التحرر.
    الدعاية الشفهية، باللاسلكي، تفوق كل شيء، فهي الدعاية الأكثر فعالية، التي تؤتي تأثيرها بأعظم قسط من الحرية في أرض الوطن قاطبة، وتطال عقل الشعب ومشاعره. إن للاسلكي أهمية حاسمة. ففي الوقت الذي يتلظى به سكان منطقة أو بلد على درجات مختلفة بحمَّى القتال، تأتي قوة الكلمة فتزيد الحمى ضراماً وتفرضها على المقاتلين الأعتاد جميعاً. إنها تشرح، وتعلِّم، وتحرِّض، وتحدد لدى الأصدقاء والأعداء مواقفهم المقبلة. ولكن الإذاعة ينبغي أن تخضع إلى المبدأ الأساسي في الدعاية الشعبية وهو الحقيقة. إن حقيقة صغيرة، ولو كان تأثيرها ضئيلاً، هي خير من أكذوبة كبيرة يكسوها ثوب دليص[61]. يجب أن تقدم الإذاعة على الأخص معلومات حية عن المعارك والاشتباكات من كل نوع، وعن الاغتيالات التي يرتكبها القمع. كما ينبغي إعطاء السكان المدنيين توجيهات فكرية، وتعاليم عملية، ومن وقت لآخر خطابات لقادة الثورة.
    نعتقد أنه مفيدة أن تحمل الصحيفة المركزية للحركة اسماً يرمز إلى العظمة ووحدة الصف، كاسم أحد أبطال البلد مثلاً. كما ينبغي أن تشرح دائماً في مقالات رئيسية أهداف الحركة المسلحة وأن تجعل الناس يدركون القضايا الوطنية الكبرى، في حين تبقى فيها طائفة من الأركان التي تحظى من القارىء باهتمام مباشر أكبر.


    8 – الإخبار والاستخبار
    "إعرف نفسك واعرف خصمك، تستطيع هكذا أن تخوض مئة معركة بلا هزيمة واحدة". تعادل هذه الحكمة الصينية بالنسبة للغوار، قيمة مزمور من التوارة. ليس للقوى المقاتلة من عون أثمن من الإخبار الصحيح. سوف يكون هذا الإخبار عفوياً، إذ يأتي سكان المنطقة إلى الجيش الصديق وإلى حلفائه، يروون لهم كل ما يحدث في كل مكان. غير أن هذا الإخبار يجب أن يكون منظماً تنظيماً كاملاً. ومثلما لا يستغنى عن البُرُد[62] والرسلاء داخل منطقة الغوار وخارجها لإقامة الاتصالات الضرورية ونقل البضائع، كذلك ينبغي أن تكون دائرة الاستخبار على تماس مباشر بجبهة العدو. ويجب أن يتسلل الرجال والنساء إلى هذه الجبهة، ولا سيما النساء، لكي يكونوا على تماس دائم بالجنود ويتحققوا من كل ما يمكن. كما ينبغي إقامة منهج من التعاون مع رجال العدو لكي يتم اجتياز الخطوط بلا صدام.
    فإذا ما تم تحقيق ذلك، وتوفر العملاء الأكفَّاء، أمكن أن ينام معسكر الثوار أنعم بالاً.
    كما قلتها آنفاً، سوف يكون الهدف الأساسي لمصلحة الاستخبار هو خط النار الأول بأجمعه، أو أولى معسكرات العدو المتاخمة للأرض السائبة. ويجب أن تتقدم هذه المصلحة بقدر ما يتقدم الغوار، وسوف يزداد دورها حتى يشمل توقع تحركات الوحدات الأوسع نطاقاً التي يمكن أن تحدث حتى في مؤخرة العدو. وحيثما تُشرف الغوارة أو تُغير، يكون السكان كافة عملاء إخبارها. غير أنه يَحْسُن توفر أُناس يختصون بمهمة الاستخبار، إذ لا يمكن الوثوق بكلام الفلاح الذي اعتاد أن يضخم كل شيء ولم يألف دقة اللغة العسكرية. وإذا تم الوصول إلى تخليق وتنظيم الأشكال العفوية التي يتخذها التعاون الشعبي، أمكن عندها جعل جهاز الاستخبار ليس أهم عون لنا وحسب، وهو شأنه أصلاً، بل عاملاً لهجومنا المعاكس أيضاً، بفضل "باذرات الرعب" مثلاً. فتستطيع أولئك النسوة أن تنشرن بين الجند معلومات تحطم معنوياتهم، وهنَّ، إذ يتظاهرن بالتواطؤ معهم، إنما يبذرن الرعب والقلق بين جنود العدو. ويمكن تنمية الجؤول، وهو مبدأنا الأساسي، إلى الحد الأقصى، فإذا ما عرفت المواضع التي يتأهب جيش العدو ليهاجم منها، يكون في غاية السهولة اجتنابها ومهاجمته بالمقابل من أبعد المواضع توقعاً لديه.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:34 pm

    9 – التدريب والتثقيف السياسي
    إن خير تدريب لجندي التحرر هو حياة الغوار ذاتها، والقائد الذي لم يتعلم مهنته الصعبة في ممارسة الحرب يومياً ليس قائداً حقيقياً. يمكن أن تقوم جماعة من الرفاق بتدريب هذا الجندي، فيعلمونه شيئاً من استعمال السلاح، ويلقنونه بعض مبادىء التوجيه، ويعلمونه كيف يسلك مع السكان المدنيين، وكيف يقاتل.. إلخ. غير أنه لا يجوز تبذير وقت الغوار الثمين في إعطاء تعليم منهجي. ولا يمكن عمل ذلك إلاَّ إذا توفرت منطقة محررة واسعة وإذا كانت هناك حاجة لزيادة عدد المقاتلين زيادة كبيرة. يمكن عندئذ تأسيس مدارس للمجندين الأغرار.
    تؤدي هذه المدارس دوراً هاماً. إنها تخلق الجندي الجديد، الذي لما يجتز بعد حرمانات حياة القتال القاسية التي تعركه. إن معاناة الحرمانات تصطفي المرء اصطفاء حقيقياً، بعد أن تجتاز المحن العسيرة التي تسمح له بأن ينخرط في هذا الجيش الهائم الذي لا يخلِّف لمروره أثراً في أي مكان. وتكون التدريبات البدنية في مدارس المجندين على نوعين: من جهة، رياضة التليين مع تمارين المغاوير، والخفة في الهجوم والانسحاب، ومن جهة أخرى، مسيرات شاقة جداً، وحتى مضنية، تخشَِّن المجند. يجب أن يُحمل على الحياة في العراء، واحتمال الأنواء، والحياة على صلة وثيقة بالطبيعة، كما في حياة الغوار.
    يجب أن تؤمَّن مدرسة المجندين تموينها بذاتها، فتكون لها حظائر ماشيتها، ومزارعها، وبساتينها، وملابنها، وكل ما تحتاجه، لكي لا تثقل ميزانية الغوارة. ويمكن أن يتناوب الطلاب أعمال السخرة. ويمكن أن يعهد بها إلى أردأ الطلاب، على سبيل العقوبة، أو إلى من يتطوع لها.
    يتعلق كل ذلك بمميزات المنطقة التي تنشأ فيها المدرسة. نعتقد أنه مبدأ جيد أن يعهد بأعمال السخرة لمن يتطوع لها، وأن يُستكمَل عددهم، إذا لزم الأمر، بمن يكون سلوكهم أكثر مدعاة للأسف، أو بمن يكونون أقل استعداداً للتدريب على الحرب.
    يجب أن يكون للمدرسة منظمتها الصحية الخاصة، وفيها حسب الإمكان، طبيب أو ممرض، يراقب المجندين عن كثب قدر الإمكان.
    تشكل الرماية، جُلَّ التدريب. يجب أن يكون المغاور في هذا المضمار، رجلاً عظيم الدربة، إذ ينبغي استخدام أقل ما يمكن من الذخيرة. يبدأ التدريب بما يسمى الرمي على الدريئة، ويتم بأن تثبت البندقية بقوة على هيكل ما. ويسدد الأغرار، دون تحريك البندقية، هدفاً على صحيفة مُقوَّى متحركة تنتقل أمام خلفية ثابتة. فإذا أصابت الطلقات الثلاث نقطة واحدة كان الرامي ممتازاً. تكون البندقية 22 – إن توفرت – سلاح هذه الرمايات الأولى. وفي الظروف الخاصة - مثل توفر فائض من الذخيرة، أو ضرورة إجراء تدريب معجل للجنود – يتم التدريب برصاص حقيقي.
    الغارات الجوية هي من أهم امتحانات مدرسة التدريب. كان طيران العدو قد تعرف تماماً إلى مدرستنا، وكان العدو يركز هجماته مرة أو اثنتين كل يوم على المعسكر. وكان تصنيف هؤلاء الفتيان عملياً كمقاتلين عتيدين يتم وفقاً للنحو الذي يقاوم به كل طالب صدمات هذا القصف المستمر.
    لا يجوز أبداً أن تُهمل مدرسة المجندين التثقيف السياسي. لأن أولئك الرجال يتطوعون دون أن يكون لهم مفهوم واضح عن الأسباب التي تدفعهم. إنهم يفتقرون إلى الأسس، ويصلون إلينا بمفاهيم مشوشة جداً عن الحرية، وحرية الصحافة.. إلخ. يجب السير بهذا التثقيف إلى أبعد حد وبأعظم عناية ممكنة. ويشتمل على مفاهيم ابتدائية عن تاريخ البلد، مع إعطاء تفسيرات واضحة جداً للوقائع الاقتصادية، تلك الوقائع التي هي منطلق كل حادثة تاريخية. ويتضمن الحديث عن أبطال الوطن، وعن إرتكاساتهم[63] أمام أشكال الظلم المعينة التي كافحوها، ثم ينفتح التثقيف على تحليل الوضع الوطني أو وضع المنطقة. ويُعطى لكل أعضاء الجيش وجيز[64] مبسط يدرسونه دراسة دقيقة ويفيدهم نهجاً للمستقبل.
    وبالإضافة إلى ذلك يكون للمدرَّبين مدرسة إتقان خاصة بهم، يشتركون فيها باختيار النصوص، وينسقون إسهامات كل منهم في أمور التثقيف.
    يجب تشجيع المطالعة باستمرار مع محاولة اختيار كتب لا مضاعة للوقت فيها، في حين أنها تمكَِّن المجند من ولوج أبواب الثقافة والمسائل الوطنية الكبرى. قد يرغب المجند على طبيعته في مزيد من المطالعة، أو قد يدفعه وضع بيئته إلى ذلك بايقاظ وعيه إلى مسائل جديدة. وسوف تنشأ هذه الحالة الذهنية من جراء العمل، شيئاً فشيئاً، وبقدر ما تثبت مدارس المجندين تفوق طلابها على الجنود العاديين، سواء في مضمار تحليل الأوضاع، أو في مضمار الضبَاطة.
    يجب أن تكون الضباطة معللة دوماً. فعندما لا تكون آلية، تعطي ساعة القتال نتائج مدهشة.

    10 – بناء جيش حركة تحررية
    ينبغي للجيش الثوري الذي يمارس حرب الغوار، أن يعول كذلك حسبما أشرنا، ومهما كانت منطقة العمليات، على منظمة غير مقاتلة يكون إسنادها له أمراً رئيسياً. وتدور هذه المنظمة كلياً حول الجيش ودعمه، إذ أن النضال المسلح هو طبعاً العامل الجوهري في الظفر.
    يستند التنظيم العسكري على آمر، وفي حالة التجربة الكوبية، على قائد أعلى يُعيِّن آمري المناطق المختلفين، الذين لهم سلطة تامة لحكم مناطقهم وتعيين آمري الأرتال وسائر الرتب الأدنى منهم. يمكن أن يوجد دون القائد الأعلى آمرو مناطق يقع تحت إمرتهم آمرو الأرتال الذين يتفاوت دورهم حسب الظروف. ويقع دون آمري الأرتال، النقباء، وفي تنظيمنا الغواري، يقع دون النقباء الملازمون وهم أدنى الرتب. وبعبارة أخرى، يرقى المرء من جندي إلى رتبة ملازم.
    ليس هذا نمطاً يحتذى، ولكنه وصف حقيقة، إنه الطريقة التي استخدِمت في بلد سمح فيه هذا التنظيم بالتغلب على جيش لا بأس بتنظيمه وتجهيزه. وليس هذا مثالاً مطلقاً بأية حال، ولا سيما في هذا الصدد. إنما يقصد فقط إلى تبيان كيف تتسلسل الوقائع، وكيف يمكن تنظيم قوة مسلحة. أما الرتب فليس لها من أهمية في نهاية التحليل. المهم هو أن لا تمنح رتبة لا تتفق مع واقع، أو تخالف الأخلاق والعدالة، أو لا تمر خلال غربال النضال والفداء.
    ينطبق الوصف الذي قدمناه على جيش ذي قوة، قادر على مواجهة معارك جدية، وليس صورة غوَّارة بدائية يستطيع قائدها أن يحمل الرتبة التي تعجبه ولكنه لا يأمر في الواقع إلاَّ جماعة صغيرة من الرجال.
    العقوبة الضبَاطية هي من أهم تدابير التنظيم العسكري. يجب أن تكون الضبَاطة أحد أسس الغوار وينبغي التذكير بذلك دائماً. يجب أن تكون الضباطة قوة ناشئة عن قناعة داخلية ومعقولة، تزوَّد الفرد هكذا بضباطة داخلية. وعندما تنقطع هذه الضباطة، يجب إنزال العقوبة بالمرتكب بصرامة، مهما كانت رتبته، بتطبيق عقوبة تحدث أثراً بليغاً.
    ملاحظة هامة: لا يتحسس المغاور بذات العقوبات التي تؤثر في جندي الثكنة. إن عشرة أيام في السجن مثلاً هي عقوبة للجندي ولكنها تؤلف راحة استثنائية لأحد المغاوير. إنها عشرة أيام دون سير، دون عمل، دون نوبات الحراسة المعتادة، يستطيع فيها أن يأكل وينام ملء جفونه، ويطالع ويستريح. يفهم من ذلك تماماً أن حرمان الحرية ليس عقوبة منصوحة في الغوار.
    عندما تكون أخلاق المرء الثورية عالية، وشعوره بكرامته عميقاً، ثمة حالات يمكن فيها لحرمانه من حق حمل السلاح أن يسبب ارتكاساً إيجابياً يكون بمثابة عقوبة حقيقية. يكون تطبيقه إذ ذاك مناسباً.
    حدث إبان الهجوم على مدينة من مقاطعة لاس فيلاس، في أواخر أيام الحرب، أن ألفينا رجلاً قد أغفى على أريكة أثناء الهجوم على مواضع في وسط المدينة. ولدى الاستجواب، أفاد أنه قد نام لأن سلاحه قد نزع منه. فقلنا له إن هذا ليس سلوكاً صحيحاً إزاء الموقف. كان قد عوقب لعدم احترازه إذ ترك طلقة تخرج عفواً، وكان عليه أن يستعيد سلاحه، لكن ليس عن طريق النوم، بل بوجوده في الخطوط الأمامية.

    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:38 pm

    مرت بضعة أيام، وإبان الهجوم النهائي على مدينة سانتا كلارا، عندما كنا نزور مركز نقل الدم، مدَّ محتضر يده إلينا وذكرنا بالحادث وأردف إنه قد استرد حق حمل السلاح. وقد مات بعد قليل.
    لقد حملت ممارسة النضال المسلح المستمرة قواتنا إلى هذه المرتبة من الأخلاق الثورية، بَيْدَ أنه لا يمكن إدراك هذه المرتبة منذ البدء، عندما لا يزال هناك كثير من الخوف، كثير من التيارات الذاتية، تكبح تأثير الثورة. إنما تدرك هذه المرتبة بالعمل والمثال.
    يمكن لنوبات الحراسة الليلية الطويلة والمسيرات المضنية أن تشكل عقوبات أيضاً، ولكن المسيرات ليست عملية لأنها لا تفيد إلاَّ معاقبة الفرد وإعياءه في آن مع المكلفين بحراسته. أما نوبات الحراسة الليلية فمحذورها أنها تستلزم وجود جنود لمراقبة المعاقَبين الذين تكون أخلاقهم الثورية ضعيفة.
    كنت قد أحدثت، في القوى الموضوعية تحت إمرتي المباشرة، من أجل الجنح الطفيفة، عقوبة التوقيف مع الحرمان من السكاكر والتبغ، ومن أجل الحالات البالغة، الصوم التام. وكانت النتائج ممتازة، رغم هول العقوبة. فلا ينبغي تطبيق هذه العقوبة إلاَّ في حالات استثنائية حقاً.


    القسم الرابع

    من تشكيل الغوارة الأولى إلى الدفاع عن السلطة بعد الفوز بها





    1 – تنظيم الغوّارة الأصلية سراًًًًًًً
    على الرغم من أن حرب الغوار تخضع لجملة من القوانين المشتقة من قوانين الحرب العامة، كما تخضع لقوانين أخرى خاصة بها، فمن الواضح، حينما يراد الشروع بالنضال المسلح بدءاً من خارج الوطن أو من مناطق نائية، أنه ينبغي حصر عمل التآمر الأصلي بنواة قليلة من المطلعين. أما إذا ولّدت حركة الغوار من النشاط العفوي لجماعة من الناس، ارتكاساً ضد بعض أساليب الاكراه، فقد يُحتمل أن يغدو التنظيم اللاحق لنواة الغوار هذه كافياً ليقيها شر الإبادة. ولكن الغالب هو أن يشرع قائد مرموق النفوذ بخوض حرب الغوار، وقد حزم أمره، من أجل خلاص شعبه، وينبغي أن يستعد هذا الرجل أولاً خارج البلد في ظروف صعبة.
    لقد عانت معظم الحركات الشعبية التي قامت في الآونة الأخيرة لمناوأة الحكام الطغاة، من خطيئة أساسية هي عدم كفاية التأهب. ولا تُطبق طرق التآمر التي تقتضي عملاً دقيقاً وسرياً. وغالباً ما تعلم السلطة سلفاً، من دوائر استخباراتها، بنوايا الجماعة أو الجماعات. يحصل ذلك أحياناً بسبب عدم الاحتراز، وأحياناً بسبب مظاهرات مباشرة كما حدث في بلدنا حيث قال فيدل كاسترو: "عام 1956 سنكون أحراراً أو شهداء"، فجاهرت هذه العبارة علناً بالنزول إلى البر.
    إن أول مبدأ في أساس الحركة هو السرية المطلقة، وانعدام المعلومات تماماً لدى العدو. والمبدأ الثاني هو اصطفاء العتاد البشري، وهو عظيم الأهمية أيضاً. قد يتم هذا الاصطفاء بسهولة، ولكنه قد يكون في غاية الصعوبة إذ لا يمكن الاعتماد إلاَّ على العناصر المتوفرين، أي على منفيين قدامى يتقدمون عندما يدعوهم الداعي دون التمكن من إجراء تحقيق تام عن كل منهم. وحتى لو تسلل عملاء النظام العدو، فلا يغتفر أن يستطيعوا تقديم المعلومات، إذ ينبغي قبل الشروع بالعمل، أن يتم تأليب كافة المشتركين بالحركة في أماكن سرية لا يعرفها إلاَّ شخص أو اثنان، وأن يراقب القادة المشتركين مراقبة وثيقة، ولا تكون لهؤلاء أية صلة بالعالم الخارجي. وينبغي دوماً إبعاد العناصر الجُدُد، والذين لما تكتمل معرفتهم، عن النقاط الحساسة، أثناء الاستعداد والتدريب ولدى الفرار من وجه الشرطة.
    وينبغي في العمل السري أن لا يعلم أحد، لا أحد مطلقاً، بأي شيء ليست له ضرورة ماسة، وأن لا يثرثر أحد أبداً. وعند بلوغ مرحلة معينة من بناء الحركة، لا بد من مراقبة كل شيء، حتى الرسائل، بحيث تعرف تماماً علاقات كل واحد. ينبغي ألاَّ يعيش كل عضو منفرداً وألاَّ يخرج منفرداً. وينبغي منع الصلات الشخصية للعضو العتيد في جيش التحرر، مهما كان نوعها وبكل الوسائل. ثمة عامل يجب الإصرار عليه، وتأثيره في هذه المرحلة الأولى سلبي على العموم بقدر ما يغدو إيجابياً في النضال، ألا وهو المرأة. إن ضعف الرجال الشبان تجاه النساء أمر معروف، عندما يكونون بعيدين عن بيئتهم المعتادة وموجودين في أوضاع استثنائية حتى من الناحية النفسية. وكم يعرف الحكام الطغاة هذا الضعف ويحاولون استخدام جاسوساتهم. قد يسهل أحياناً كشف علاقات أولاء النسوة بمن يستخدموهن، ولكنه كثيراً ما يصعب كشف أدنى صلة. من ثم ضرورة منع العلاقات بالنساء.
    على الثوري الذي يستعد في السر لخوض الحرب أن يكون ناسكاً مكتملاً، وهذا ما يسمح من جهة أخرى بالتحقق على نحو مفيد من شيمة سوف تغدو في ما بعد إحدى أسس السلطة، ألا وهي الضباطة. فإذا تجاوز رجل تكراراً أوامر رؤسائه والتقى بنساء، وعقد صداقات غير مباحة، ينبغي الانفصال عنه فوراً ليس فقط بسبب الخطر المحتمل في هذه الصلات، بل لمجرد مخالفته الضباطة الثورية.
    ينبغي عدم التعويل أبداً على مساعدة غير مشروطة من إحدى الحكومات عندما يتم العمل في أرضيها، سواء أكانت حليفة أو لا مبالية فقط. يجب أن يتصرف المرء دائماً كما لو وجد معسكر معاد تماماً. يمكن طبعاً أن توجد في هذا المعسكر استثناءات، ولكنها لا تعدو أن تصدق القاعدة العامة.
    لا يمكن التحدث ههنا عن عدد الرجال الذين سوف يتم إعدادهم, يتعلق هذا الأمر بعوامل تتجاوز الحصر. نستطيع أن نتحدث فقط عن العدد الأدنى من الرجال الذين يمكن شن حرب الغوار بهم. فإذا ما حسب حساب الانسحابات وحالات الوهن التي لا بد منها، رغم الاصطفاء الصارم، ينبغي بحسب رأيي، اعتماد أساس يتراوح بين ثلاثين وخمسين رجلاً. يكفي هذا العدد للشروع بنضال مسلح في أي بلد أمريكي لاتيني، إذا كانت الأرض مؤايتة، والرغبة في امتلاك الأرض متأججة لدى الفلاحين، والعدالة مبكَّتة باستمرار.
    أشرنا أن الأسلحة ينبغي أن تكون من النمط ذاته الذي يستخدمه العدو. وعلى الجملة، وباعتبار أن كل حكومة تقف دائماً في البدء ضد نشاط عسكري يصدر عن أراضيها، فإن الجماعات التي تستعد ينبغي أن لا تتجاوز خمسين أو مئة رجل في كل وحدة. ليس ثمة محذور في أن يشرع بالحرب خمسمئة رجل مثلاً، ولكنه ينبغي ألاَّ يجتمع هؤلاء معاً. أولاً لأن عددهم الكبير يسترعى الانتباه، ثم لأنه في حال وقوع خيانة، تسقط الجماعة كلها. هذا في حين يصعب احتلال عدة أماكن في آن واحد.
    يمكن أن تكون دار الاجتماعات المركزية معروفة إلى حد ما. يرتادها المنفيون لعقد اجتماعات من شتى الأنواع، ولكن القادة لا يظهرون فيها إلاَّ استثناءً. وينبغي ألاَّ يوجد فيها أي مُسْتَمْسَك. يجب أن يكون في تصرف القادة أكبر عدد من المنازل، مستورة قدر الإمكان. ولا تعرف مستودعات السلاح إلاَّ من شخص أو اثنين، وتوزع في أماكن متعددة.
    ينبغي دائماً تسليم الأسلحة إلى الذين يستخدمونها في آخر دقيقة، إذ أن عملاً قمعياً ضد الذين يتدربون يسبب سجنهم كما يسبب أيضاً فقدان كافة الأسلحة التي يصعب الحصول عليها جداً، والتي تشكل نفقة لا يسع القوى الشعبية أن تتهاون بها.
    ينبغي إيلاء أهمية عظمى لإعداد القوى من أجل النضالات القاسية القادمة: ضباطة صارمة، مستوى معنوي رفيع، تفهم كامل للمهمة المراد تحقيقها، بلا تبجج ولا أوهام خادعة ولا آمال كاذبة في ظفر سهل. سوف يكون الصراع مراً وطويلاً. سوف تعاني الفرقة من الهزائم، وقد تشارف النكبة، ولن ينقذها إلاَّ مستواها المعنوي وضباطتها وإيمانها في الظفر النهائي، والصفات الاستثنائية التي يتحلى بها قائدها. هذه هي تجربتنا الكوبية، حيث استطاع إثنا عشر رجلاً أن يخلقوا جيشاً لأنهم كانوا يحققون هذه الشروط كافة ولأن الذي كان يقودهم اسمه فيدل كاسترو.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:40 pm

    وبالإضافة إلى الاستعداد الفكري والمعنوي، لا بد من تدريب جسمي دقيق. سوف يختار المغاوير منطقة جبلية للعمل فيها. ومهما كانت الأرض، فإن السير هو العنصر الأساسي في الغوار. فلا يسع الغوارة أن تتعثر بأناس بطيئين أو مُتْعَبين. يقوم التدريب الناجع على مسيرات مضنية نهاراً وليلاً، تُزَاد فيها المسافة كل مرة، وتصل بالرجال إلى حافة الانهيار، بينما هي تركز الجهد على السرعة. السرعة والجَلَد هما المائزتان الجسميتان لجماعة الغوار الأصلية. كما يمكن تلقين الرجال المعلومات النظرية، مثل التوجيه، وقراءة الخرائط، ومِهانات التخريب، وتُجرى إن أمكن، تدريبات رماية كثيرة ببندقية حربية، وخاصة على الدريئة، مع الإصرار على كيفية استخدام الذخيرة.
    ينبغي أن تحضر في ذهن المغاور دائماً قاعدة شبه دينية ألاَّ وهي اقتصاد الذخيرة. ينبغي أن يعرف الإفادة من كل رصاصة، حتى الأخيرة. فإذا ما اتبِعَت هذه التعليمات كافة، استطاعت قوى الغوار أن تدرك هدفها بسهولة.


    2 – الدفاع عن السلطة بعد الفوز بها
    ما دمنا لم ننجح في تحطيم الجيش الذي كان يدعم النظام البائد تحطيماً تاماً، فمن الواضح أن الظفر لا يمكن أن يكون نهائياً. وفوق ذلك، فإنه ينبغي تصفية كافة المؤسسات التي كانت تحمي هذا النظام على نحو منهجي. غير أن هذا الكتاب لا يعدو كونه وجيزاً تعليمياً للغوار، ولذلك سوف نقتصر على تحليل الدفاع الوطني في حال وقوع عدوان على النظام الجديد.
    سوف يحصل الصدام بادىء ذي بدء بالرأي العام العالمي: فسوف تشرع "الصحافة الكبرى" ووكالات الأنباء "الموضوعية" في الولايات المتحدة وسائر أوطان الاحتكارات، باعتداءات هجومية ومنهجية بقدر ما تكون القوانين الشعبية في البلد المتحرر هي الأخرى هجومية ومنهجية. لذلك يتوجب عدم الإبقاء على أية بنية من الجيش القديم. بَيْدَ أن النظام العسكري، والطاعة الآلية، ومفاهيم الواجب العسكري والأخلاق على النمط القديم لا يمكن اجتثاثها دفعة واحدة، كما أنه من الأشد استحالة جعل الظافرين الحاذقين في الحرب والمفتقرين غالباً إلى كل ثقافة عامة، يتعايشون مع العدو المغلوب ولكنه المغترّ بدرايته الحربية والحاقد بكل ما أوتي من قوة على أولئك المغاوير غير المثقفين.
    واضح أن هناك حالات فردية، حيث يقطع بعض العسكريين كل صلة بماضيهم ويدخلون النظام الجديد بروح تعاون مطلق. إنهم عندئذ مفيدون على مثلين، إذ أنهم يجمعون بين الارتباط بقضية الشعب، وبين المعارف اللازمة لإقامة بناء الجيش الشعبي الجديد. ينبغي تحطيم الجيش القديم وتشتيته وذلك باستيلاء الجيش الجديد على كافة المراكز، وأن يعقب ذلك تنظيم الجيش الجديد فوراً. ويمكن تعديل بنية الغوارة القديمة المُسْتَفْرِدة[65] والتي كانت متروكة تماماً تقريباً إلى مبادرة كل قائد بلا أي تخطيط. ولكنه في غاية الأهمية أن يُعاد تنظيمها صدوراً عن مفاهيم عمليات الغوار، وذلك باضفاء بنية الغوار العضوية على الجيش الشعبي، أي باضفاء تنظيم على جيش الغوار يُفصَّل له تفصيلاً بحسب أبعاده، فيجد نفسه مرتاحاً فيه. ينبغي عدم الوقوع في الخطيئة التي وقعنا فيها خلال الشهر الأول، عندما أردنا إدخال الجيش الشعبي الجديد في أُطُر الضباطة والتنظيم العسكري القديمين. يمكن أن تنجم عن ذلك صدوع خطيرة تؤدي إلى بلبلة التنظيم تماماً.
    ينبغي الشروع بالاستعداد منذ ذلك الوقت لحرب الدفاع الجديدة التي لا بد أن يخوضها جيش الشعب، وهو الذي اعتاد في نطاق النضال المشترك، حرية اجتيال[66] كبيرة كانت تترك مبادرة واسعة لكل جماعة مسلحة. يواجه هذا الجيش مسألتين مباشرتين: الأولى، إن آلافاً من ثوريي الساعة الأخيرة، الصالحين أو الطالحين، سوف ينخرطون في الجيش في موجة الظفر العارمة. ينبغي إمرارهم على صوارم حياة الغوار وإعطاؤهم دروساً عجْلى وكثيفة في التهيئة الثورية. إن التهيئة الثورية. التي تمنح جيش الشعب وحدته الفكرية التي لا بد منها، هي أساس الأمن القومي، في المدى البعيد والقريب على السواء. أما المسألة الثانية، فتطرحها صعوبة التكيُّف بالبنيات الجديدة.
    ينبغي أن تضطلع هيئة خاصة يتم تشكيلها فوراً، بشرح الحقائق الثورية الجديدة في كل وحدة من وحدات الجيش: فتشرح للجنود، الفلاحين والعمال، عدالة وحقيقة كل واقعة ثورية، وأماني الثورة، لماذا يقاتلون، ولماذا قضى كل الرفاق الذين لم يروا الظفر. وبصورة موازية، تسمح دروس مستعجلة في التعليم الابتدائي بالتغلب على الأمية، لتحويل الجيش الثوري، تدريجاً، إلى أداة مِهانية متكاملة، ذات تهيئة فكرية متينة وكفاءة قتالية متقنة.
    سوف تتحقق هذه الصفات الثلاث شيئاً فشيئاً مع الزمن. ويمكن من ثم استكمال الجهاز العسكري لكي يستطيع المقاتلون الحاذقون بالحرب أن يستحيلوا عسكريين محترفين، بفضل دورات خاصة، فيهيئون بدورهم كل الشعب الذي يُدْعَى إلى الخدمة عن طريق التجنيد الطوعي أو الإلزامي. يتعلق ذلك بالمميزات القومية ولا يمكن إثبات قواعد عامة له.
    إننا نعبِّر بهذا الصدد وفي كل ما يلي عن رأي قيادة الجيش الثائر حول السياسة الواجب اتباعها في كوبا، في حال شخوص خطر غزو أجنبي في المرحلة الحاضرة، وهو ما حدث أواخر 1959 وأوائل 1960 [67]. ها نحن قد توقعنا عدونا، ورزناه، وننتظره بلا خوف. إننا لم نعد نضع ههنا نظرية لإفادة الجميع، قائمة على تجربتنا الخاصة الماضية، بل على العكس، فإننا نستند إلى تجربة الآخرين لتطبيقها على دفاعنا القومي.
    ولما كان علينا أن نعتبر حالة كوبا، وأن نقدم فرضيتنا عنها في علاقاتها بالوقائع الأمريكية المرافقة، فنجعل الفرضية والوقائع المذكورة على وِفاق، لذلك سوف نقدم، على سبيل الخاتمة، تحليلاً للوضع الكوبي، حاضره ومستقبله.


    3 – تحليل الوضع الكوبي، حاضره ومستقبله
    ها قد مضت سنة كاملة منذ هروب الطاغية[68] نتيجة نضال أهلي مسلح قام به الشعب الكوبي. إن منجزات الحكومة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تتجاوز التقدير. ولربما كان ضرورياً أن نقوم بالتحليل، بإعطاء كل حد قيمته الصحيحة، ببيان أبعاد ثورتنا الكوبية بدقة إلى الشعب. إن هذه الثورة، وإن كانت زراعية في الأساس، قد كسبت مساهمة حماسية من جانب العمال والطبقة الوسطى، ونالت الآن دعم الصناعيين. إن تصميم شعبها الذي لا يتزعزع، والأهداف التي تحركه، قد منحت هذه الثورة أهمية قاريّة[69]، بل عالمية.
    ليس موضوعنا هو إجراء بحث تركيبي مهما كان موجزاً، لكافة القوانين المبرمة التي هي جميعاً مفيدة للشعب ولا ريب. سوف يكفينا أن نشدد الإشارة على بعض هذه القوانين، مبينين التسلسل المنطقي الذي يقودنا من أولها إلى آخرها، بمسيرة ذات خطى متتابعة ولازمة، مظهرين الاهتمام الذي توليه الدولة لحاجات الشعب الكوبي.
    لقد لزمت الحكومة بادىء ذي بدء أن تحطم آمال الطبقات الطفيلية في البلد، فرسمت بخطى سريعة، قانون الإيجارات، وتخفيض أسعار الكهرباء وتعرفة الهاتف. وما لبث الذين كانوا يريدون أن يروا في فيدل كاسترو وصحبه القائمين بهذه الثورة، بعض السياسيين على النمط القديم أو بعض البُلهاء الذين تسهل مداورتهم، إشارتهم المائزة الوحيدة هي اللحى في ذقونهم، ما لبثوا حتى اعتراهم الظن بأن شيئاً أعمق كان يتفجر من صميم الشعب الكوبي ذاته، وأن امتيازاتهم قد أحاق بها خطر الزوال. بدأت كلمة شيوعيين ترتسم حول القادة، حول المغاوير الظافرين، وأخذت كلمة معاداة الشيوعية، بالمقابل، تؤلب الذين قد جُرِّدوا من امتيازاتهم الجائرة.
    وجاء قانون الأراضي البور، وقانون البيع لنسيئة[70]، فألحقا شعور انزعاج لدى رؤوس الأموال المرابية. ولكن الرجعية ما كانت لتعاني بعد إلاَّ مناوشات، وكان كل شيء لما يزل ممكناً. كان بعد باستطاعة أمثال دوبوا أو بورتر أن ينصحوا "هذا الطفل المجنون" فيدل كاسترو ويُهْدُوه إلى الطرق "الديمقراطية" الجيدة. كان الوثوق بالمستقبل لما يزل ممكناً.
    جاء قانون الإصلاح الزراعي صدمة بالغة، وانجلت الأمور واضحة لكل الذين مسَّهم القانون.
    لقد كان غاستون باكويرو، الناطق بلسان الرجعية، قد توقع بدقة قبل هؤلاء ماذا كان يحدث، وانسحب إلى مياه الطغيان في اسبانيا، هي أكثر هدوءاً. كان بعضهم ما زال يحدث نفسه قائلاً: "القانون ما هو إلاَّ قانون"، وإن حكومات أخرى قد أصدرت قوانين سواها، حسنة للشعب نظرياً، غير أن إنفاذها كان شأناً آخر. وأخذوا في البدء ينظرون إلى هذا الطفل الصاخب المعقد، الذي لم يكن وجوده ليعرف إلاَّ من شارته "اينرا"[71]، نظرة أبوية ممجوجة ومُشْفِقة، من أعالي أسوار علم المذاهب الاجتماعية المفاض[72] والنظريات الجليلة في المالية العامة، التي لا تدانيها عقول المغاوير غير المثقفة. ولكن الاينرا أخذت تتقدم مثل الجرارة، أو كالدبابة، لأنها دبابة وجرارة في آن، محطمة بطريقها حواجز الملكيات الكبرى، وخالقة علاقات اجتماعية جديدة لملكية الأرض. لقد أجمل هذا الإصلاح الزراعي الكوبي عدداً من المميزات الهامة بالنسبة لأمريكا. كان معادياً للإقطاع إذ أنه، بالإضافة إلى إزالة الملكيات الكبرى (هذا في ظروف كوبا)، قد ألغى كافة العقود التي تجبر على دفع الريع العقاري نقداً، وصفّى علاقات القنانة التي ما برحت قائمة في منتجاتنا الزراعية الرئيسية، ولا سيما في مزارع البن والتبغ عندنا. غير أنه كان أيضاً إصلاحاً زراعياً يتم في النظام الرأسمالي ليحطم ضغط الاحتكارات التي تمنع الفلاحين، المنعزلين أو المتألبين، من أن يشتغلوا في أرضهم بإخلاص وينتجوا دون خوف من المرابي أو المالك. فقد أخذ الإصلاح الزراعي منذ البدء يؤمن للفلاحين والعمال الزراعيين ملكية الأرض، والدعم المِهاني الضروري، بتوفير العاملين الأكفَّاء، والعتاد، والدعم المالي، بفضل تسليفات الاينرا ومصارف الدولة و"رابطة متاجر الشعب". لقد انتشرت هذه الأخيرة انتشاراً قوياً في مقاطعة أوريينته وأخذت تنتشر في مقاطعات أخرى، حيث تحل متاجر الدولة، محل المرابي القديم، فتدفع قيمة المحاصيل بسعر عادل، معطية بذلك تعويضاً عادلاً عن الاستثمار.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:42 pm

    وأهم الموائز التي تميزه عن الإصلاحات الزراعية الأخرى الثلاثة في أمريكا (مكسيك، غواتيمالا، بوليفيا)، هي الإرادة في السير به حتى النهاية، دون مساومة من أي نوع. لا يحترم هذا الإصلاح الزراعي الكامل إلاَّ حق الشعب، ولا يقف لا ضد طبقة ولا ضد قومية خاصة: يقع القانون بنحو واحد على "يونايتد فروت كومباني"[73] و"كينغ رننش" مثلما يقع على كبار الملاك المولَّدين[74].
    أخذت منتجات البلد مثل الأرز والبذور الزيتية والقطن، تزداد بشدة في هذه الظروف، فتصبح هي مركز نهوج التخطيط. غير أن الأمة لما ترض بعد. إنها مُزْمِعَة أن تستعيد ثرواتها كافة. وقد تم عملياً، بقانون النفط، إسترداد باطن أرضها التريف، ميدان الصراع بين الاحتكارات وموضوع نهمها. يستجيب هذا القانون، شأن كافة القوانين التي أملتها الثورة، إلى ضرورات لا يمكن مراوغتها، إلى عواجل لم يعد في مُكْنَة الشعب أن يُرجِئها وقد عزم أن يكون حراً، سيداً على اقتصاده، وأن يزدهر ويبلغ تطوراً اجتماعياً متصاعداً في الرقي. إن قانون النفط هو، من هذا القبيل، مثال للقارة بأسرها تحذره الاحتكارات النفطية. إن كوبا لا تعيق الاحتكارات النفطية مباشرة وبشكل جوهري، إذ ليس ثمة ما يدعو لاعتبارها مركزاً هاماً جداً للوقود الثمين، وإن كان هناك أمل في إمكان الوصول إلى كفاية الحاجات الداخلية. غير أنها تضرب المثل، بقانونها، إلى الشعوب الشقيقة في أمريكا، بأنه يمكن إجراء ذلك في أمريكا، في حين وقع كثير من هذه الشعوب فريسة تلك الاحتكارات، ودُفع نفر آخر منها دفعاً إلى الحروب مع بعضه بعضاً، مرضاة لحاجات أو نهماً لاحتكارات متنازعة. إنه يبين في الوقت ذاته في أية لحظة ينبغي إجراء ذلك. لقد أخذت الاحتكارات الكبرى هي الأخرى تميل بأبصارها القلقة إلى كوبا: لم يجرؤ القوم في جزيرة الكاريبي[75] الصغيرة أن يصفُّوا التركة الجَبَّارة التي خلفها السيد فوستر دالز إلى ورثته، وهي "يونايتد فروت كومباني"، بل إن الثورة الشعبية في كوبا قد ضربت أيضاً سلطان "روكفلر" ومجموعة "رويال دتش"[76].
    هذا القانون، مثله مثل قانون المناجم، هو جواب الشعب على أولئك الذين يدَّعون إذلاله، بتظاهرات القوة، والغزوات الجوية، والعقوبات المختلفة. يؤكد بعضهم أن قانون المناجم لا يقل أهمية عن قانون الإصلاح الزراعي. إننا لا نعتقد، بعامة، أنه يبلغ هذه الأهمية في اقتصاد البلد. غير أن ثمة ظاهرة جديدة: فالضرائب بنسبة 25% على إجمال المنتجات المصدرة، التي أجبرت الشركات التي تصدر معادننا إلى الخارج على دفعها (فأخذت تخلِّف الآن شيئاً غير الخواء في أراضينا)، لا تسهم في رفاه كوبا وحسب، بل أعطت الاحتكارات الكَنَدية منفعة في صراعها مع مستثمري النيكل الحاليين عندنا. وبذلك أخذت الثورة الكوبية، التي تصفَِّي الملكيات الكبرى، تحدد أيضاً أرباح الاحتكارات والوسطاء الأجانب، وتطلق في أمريكا سياسة جديدة إذ جرؤت على شق النظام الاحتكاري الذي أقامته حاكرات[77] المناجم. في هذا لفت جديد لانتباه جيراننا في بلد هو من أكبر أوطان الاحتكارات، ولكن للأمر رجعاً عميقاً أيضاً في أمريكا كلها. لقد أخذت الثورة الكوبية تحطم حواجز منشآت الإعلام كافة، وتذيع حقيقتها مثل نثار البارود بين الجماهير الأمريكية اللاتينية المتعطشة إلى حياة أفضل. كوبا هي رمز القومية الجديدة، وفيدل كاسترو رمز التحرر.
    تضطلع الجزيرة الصغيرة التي مساحتها 114000 كم² وسكانها 6.5 مليوناً، بقيادة النضال المعادي للاستعمار في أمريكا، حيث تركت لها الثغرات البليغة في هذا النضال أن تقوم بدور الطليعة، الذي ملؤه البطولة والمجد والخطر. وراحت الأمم الأضعف اقتصادياً في أمريكا المستعمرة، الآخذة بتطوير رأسماليتها الوطنية متلمسة الطريق وسط صراع دائب وأحياناً عنيف ضد الاحتكارات الأجنبية، راحت تخلي الساحة شيئاً فشيئاً أمام بطل الحرية الجديد، لأن حكوماتها تعوزها القوة اللازمة للمضي بنضالها إلى غايته. فليس هذا النضال بسيطاً أو خالياً من المصاعب والمخاطر، ويلزمه تأييد الشعب قاطبة، كما يلزمه كثير من المثالية وروح الفداء للظفر به في ظروف العزلة التي نعانيها في أمريكا. لقد حاولت بلدان صغيرة أن تخوض هذا النضال في ما مضى: غواتيمالا، غواتيمالا الكويتزال[78]، ذلك الطائر الذي يموت إذا أُدخل القفص، ومثلها بوليفيا، بوليفيا موريلُّو، أول شهداء الاستقلال الأمريكي، الذي تداعى من وطأة القتال الهائلة، بعد أن ضرب ثلاثة من الأمثلة التي قدمت للثورة الكوبية إرشادات ثمينة وهي: ضرورة إزالة الجيش، وضرورة الإصلاح الزراعي، وتأميم المناجم، منبع أعظم الثروات وأعظم المآسي.
    تعرف كوبا أمثلة الماضي، تعرف المصاعب والهزائم، ولكنها تعرف أيضاً أنها عند فجر عصر جديد. لقد عصفت نهضة النضالات القومية والشعبية في آسيا وأفريقيا بمعاقل الاستعمار. ولم تعد وحدة هذه الشعوب من شأن الدين والتقاليد والأطماع والأُلفة أو التمايز العرقيين، فلحمتها تشابه الظروف الاقتصادية والاجتماعية، والرغبة الواحدة في التقدم. لقد تصافحت آسيا وأفريقيا في باندونغ، وهنا في لاهايانا، من خلال كوبا، هاهما آسيا وأفريقيا تصافحان أمريكا اللاتينية والهندية[79].
    ومن جهة أخرى، فقد تراجعت الدول الاستعمارية الكبرى أمام الشعوب المناضلة. لم تعد بلجيكا وهولندا إمبراطوريتين إلاَ سخرية. وفقدت ألمانيا وإيطاليا مستعمراتهما. وتتخبط فرنسا في مرارة حرب تحققت خسارتها منذ الآن[80]. وأخذت إنكلترا ماكرة، تصفِّي السلطة السياسية للإبقاء على العلاقات الاقتصادية.
    تحل الرأسمالية الأمريكية الشمالية محل بعض الرأسماليات الاستعمارية القديمة في البلدان التي بدأت فيها الحياة المستقلة، ولكنها لا تجهل أن هذا أمر موقوت وأنه لن يكون ثمة توسع حقيقي لمضارباتها المالية في هذا الميدان. سوف تقدر الولايات المتحدة أن تمتص مصّ الأخطبوط، لكن دون أن تستطيع إطباق محاجمها بالثبات ذاته. لقد كلّت مخالب النسر الامبراطوري. مات الاستعمار في أنحاء العالم كافة، أو هو على وشك أن يموت ميتته الطبيعية.
    أما أمريكا، فلها شأن آخر. لقد سحب الأسد الإنكليزي خطمه الشره من أمريكتنا منذ زمن بعيد، وأنشأ الرأسماليون الشبَّان المحبَّّبون، اليانكي، صيغتهم "الديمقراطية" من النوادي الإنكليزية، وفرضوا سلطانهم على كل واحدة من الجمهوريات العشرين[81].
    هذه الجمهوريات هي الإقطاع الاستعماري لاحتكار أمريكا الشمالية، إنها "الباحة الخلفية لبيته الخاص"، إنها سبب بقائه وسبيل عيشه. فلو كانت الشعوب الأمريكية اللاتينية كافة، تعزز مثل كوبا كرامتها، لارتعدت فرائص الاحتكارات واضطرت إلى التكيف بوضع سياسي واقتصادي جديد وبتقلُّص أرباحها. غير أن الاحتكارات لا يعجبها قط أن ترى أرباحها في نكوص، هذا بينما أخذ مَثَل كوبا - هذا "المثل السيء" في الكرامة الوطنية والدولية – يستشري بين بلدان أمريكا اللاتينية. فكلما أطلق شعب صيحة تحرّره، يَشْكون كوبا، وكوبا هي مسؤولة حقاً، على نحو معين، إذ أنها أهدت إلى السبيل، سبيل النضال الشعبي المسلح ضد جيوش زعموا أنها لا تقهر، سبيل حرب الغوار، وبكلمة، سبيل الكرامة.
    إن المثل الكوبي سيء، وما أسوأه! لا يسع الاحتكارات أن يغمض لها جفن ما دام هذا المثل قائماً، يكافح الأخطار ويسير نحو المستقبل. لقد أعلن الناطقون باسم الاحتكارات: يجب تدمير هذا المثل. وقال سَدَنة الاحتكارات المتنكرون كممثلين في المجلس النيابي: ينبغي التدخل في هذا المعقل "الشيوعي". وغمغم أمكر المدافعين عن الحاكرات: إن الوضع الكوبي يقلقنا كثيراً، وكلنا يفهم أنهم يعنون: "ينبغي تدمير كوبا".
    لنتساءل بعد هذا العرض، ما هي إمكانات العدوان، لتدمير هذا المثل السيء؟ ثمة إمكان اقتصادي بحت: تضييق الاعتمادات المصرفية واعتمادات المصدَّرين في أمريكا الشمالية لكل ما هو كوبي، بما في ذلك مصرف كوبا الوطني. ويمكن أن يمتد هذا التضييق، بفضل الشركاء، إلى بلدان أوروبا الغربية كافة. أما الانفراد بالتضييق، فليس كافياً.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:46 pm

    [size=16]من شأن رفض منح الاعتمادات أن يسدد ضربة أولى شديدة القسوة إلى اقتصاد البلد، ولكن هذا الاقتصاد لا يلبث أن يعيد إحكام ذاته ويعود الميزان التجاري إلى الاعتدال عندما يعتاد البلد أن يعيش يوماً بيوم. يجب إبقاء الضغط. يدخل حلبة الرقص ههنا نظام التحصيص المفروض على السكر: نعم، لا، لا، نعم. تشير الآلات الحاسبة لدى وكالات الاحتكار، على عجل، أن تخفيض حصة كوبا أمر جد خطير، وأن إلغاء هذه الحصة أمر محال. لماذا خطير جداً؟ لأنه بالإضافة إلى الخطأ السياسي الذي يشكله، فهو سوف يشحذ نَهَمَ عشرة أو خمسة عشرة بلداً منتجاً، يحدث بينها انزعاجاً عميقاً، إذ يعتبر كل منها نفسه هو صاحب الحق في المزيد. كما يستحيل التخلي عن الحصة الكوبية لأن كوبا هي أجود وأرخص مورِّدي السكر إلى الولايات المتحدة، ولأن 60% من المصالح المرتبطة مباشرة بإنتاج السكر والاتجار به تخصُّ الولايات المتحدة. ثم إن الميزان يميل لصالح الولايات المتحدة. وإن من لا يبيع لا يمكنه الشراء، وإنه لمثل سيء حقاً أن يتخلى المرء عن معاهدة. ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد: إن الهدية الأمريكية الشمالية المزعومة، التي قوامها أنهم يدفعون سعراً أعلى بثلاث سنتافوات[82] من سعر السوق ليست إلاَّ نتيجة عجزهم عن إنتاج السكر بسعر منخفض. فمستوى الأجور المرتفع وإنتاجية الأرض الضعيفة في الدولة الكبرى يمنعانها من إنتاج السكر بالسعر الكوبي. إنهم يتسترون وراء السعر المرتفع الذي يدفعون لهذا المنتوج، لكي يفرضوا اتفاقات باهظة ليس على كوبا فقط، بل على جميع المستفيدين. محال عليهم أن يلغوا الحصة الكوبية.
    لن نتوقف جدياً عند إمكان لجوء الاحتكارات إلى ما يدَّعون من قصف حقول القصب بالقنابل وإحراقها لخلق قحط في المحصول. تبدو هذه الدعوى في الغالب وسيلة لبث المخاوف في صفوف الحكومة الثورية (غير أن جثة المرتزق الأمريكي الشمالي الممزقة تلطخ بالدم أكثر من دار كوبية[83]، إنها تلطخ سياسة برمتها. فما بالك بالانفجار الهائل الحادث في الأسلحة المرسلة إلى الجيش الثائر)[84].
    ثمة نقاط حساسة أخرى يمكن ضرب الاقتصاد الكوبي منها، مثلاً مشترياته من المواد الأولية، كالقطن. ولكنه لا يخفى أن في العالم إنتاجاً مفرطاً من القطن، فلن تكون صعوبة من هذا القبيل إلاَّ موقوتة. وماذا عن الوقود؟ إن نفاده قمين بإنزال الشلل في البلد، وكوبا لا تنتج من النفط إلاَّ القليل. ثمة بعض صنوف القطران يمكن أن تغذي مراجلها، وبعض الغول يمكن في النهاية، أن يسيِّر عرباتها. ثم إن في العالم نفطاً كثيراً. فمصر، والاتحاد السوفياتي يمكنهما أن يبيعا منه، وربما العراق قريباً. لذلك يمكن الاكتفاء بتطبيق ريادة اقتصادية بسيطة.
    وإلى جانب سلوكهم الفارقة الاقتصادية الآنفة، إذا ما أضفنا إلى مسالك العدوان الممكنة، تدخلات "دولة" من دول الجيب، مثل سانتو دومينكو، فسوف يغدو الأمر أكثر إزعاجاً بقليل، ولكن الأمم المتحدة سوف تضطر للتدخل في النهاية، ولن يؤدي الأمر إلى شيء ملموس.
    إن السبل الجديدة التي أخذت منظمة الدول الأمريكية تتبعها، تخلق سابقة خطيرة في موضوع التدخل، وكأن في الأمر صدفة. إنتحلت الاحتكارات حجة تروخيلُّو[85]، لكي تهيىء اعتداءات أخرى. لقد أحرجتنا ديمقراطية فنزويلا في هذه القضية آسفين لأن نقاوم مبدأ التدخل ضد تروخيلُّو. يا لها من خدمة أسدوها إلى قراصنة هذه القارة!
    ومن بين الإمكانات الجديدة، ثمة إزالة وجود ذلك الذي كانوا يدعونه "الشاب المجنون" فيدل كاسترو، والذي أضحى هدف غضبات الاحتكارات. ينبغي طبعاً اتخاذ الإجراءات كذلك ضد "العميلين الدوليين" الخطيرين الآخرين: راؤول كاسترو وكاتب هذه الأسطر، اللذين ينبغي إزالتهما من الوجود أيضاً. إنه حل مرغوب فيه ومُجْزٍ للرجعية، لو كان يعطي نتائج مرضية في عمل مثلث الوجهات في آن، أو لو كان يصيب الرأس القائد على الأقل. (ولكن أيها السادة الاحتكاريون، وأيها السادة الأجراء في الداخل، لا تنسوا الشعب، الشعب القادر على كل شيء، الذي لو واجه مثل هذه الجريمة، لسحق كل ضالع على نحو مباشر أو غير مباشر في الاعتداء على قادة الثورة، دون أن يستطيع أي شيء أو أي أحد أن يوقفه).
    وأمامهم شكل جديد من الفارقة التي سلكوها في غواتيمالا[86]، وهو القيام بالضغط على مورِّدي الأسلحة إلى كوبا، لإجبار بلدنا على شراء الأسلحة من البلدان الشيوعية، فتغدو الاتهامات الموجهة إثر ذلك أكثر صرامة. لكن أحد أعضاء حكومتنا قد قال "يحتمل أن يهاجمونا بحجة أننا شيوعيون، ولكنهم لن يزيلونا من الوجود نتيجة كوننا بُلَهَاء".
    سوف ترتسم عندها للاحتكارات ضرورة عدوان مباشر (وسوف يتناجزون عدة إمكانات ويتدارسونها بكل التفاصيل على آلات أي. بي. أم. الحاسبة). ولكنه يتبادر إلى ذهننا أنهم يستطيعون استخدام الفارقة الاسبانية[87]: يتخذون المبعدين حجة للابتداء، ويدعمونهم بمتطوعين ليسوا طبعاً إلاّ مرتزقة، أو جنود دولة أجنبية تدعمهم البحرية والطيران دعماً قوياً. ويمكن أن يكون الأمر أيضاً عدواناً مباشراً من دول مثل سانتو دومينكو، ترسل بعض رجالها، إخوتنا، مع مرتزقة كثيرين، للموت على شواطئنا، بغية خلق حالة واقعة ترغم أوطان الاحتكار المباركة على التصريح بأنها لا تريد التدخل في هذا الصراع "الكارث" بين الإخوة، وأنها سوف تكتفي بإيقافه عند حد، فتجعل بوارجها وطرّاداتها ونسَّافاتها وغوّاصاتها وحاملات طائراتها وطيرانها تسهر على بحار وسماء ذلك الجزء من أمريكا. ولا يستحيل أن يمنع هؤلاء الحراس الغيورون على السلم في القارة، مرور أية سفينة تفيد كوبا، في حين تنخدع يقظتهم "الحديدية" إزاء جميع أو أكثر الذين يناصرون وطن تروخيلو المنكود. ويمكنهم التدخل كذلك بوساطة إحدى المنظمات "المجيدة" القائمة بين الدول الأمريكية، لإنهاء "الحرب الجنوبية" التي أطلقتها "الشيوعية" من عقالها في جزيرتنا، أو حتى أن يتدخلوا مباشرة باسم هذه المنظمة لإعادة السلم وحماية مصالح رعاياهم، فينهجون بذلك فارقة من سلوكهم في كوريا.
    قد لا توجه الضربة الأولى إلينا، بل إلى حكومة فينزويلا الدستورية، لتصفية آخر مستند لنا في القارة[88]. وإذا ما حدث ذلك، فيمكن أن لا تعود كوبا هي مركز النضال ضد الاستعمار، بل يغدو وطن بوليفار[89] الكبير هو ذلك المركز. وسوف يهبّ شعب فنزويلا ذائداً عن حرياته. يحفزه حماس الذين يعلمون أنهم يخوضون معركة حاسمة، فمع الهزيمة يرين عليهم أظلم ألوان الطغيان، ومع الظفر يشرق عليهم أخيراً مستقبل أمريكتنا، حيث تستطيع هبَّة من النضالات الشعبية أن تشق صمت المقابر الاستعمارية التي استحالت إليها الجمهوريات الشقيقة المستعبدة.
    يمكن إتيان أسباب كثيرة ضد احتمال تغلُّب العدو، ولكن ثمة سببين رئيسيين: أحدهما خارجي، وهو أننا عام 1960، عام الشعوب المتخلفة النمو، الشعوب الحرة، العام الذي سوف تفرض فيه احترامها أخيراً وإلى الأبد، أصوات ملايين الكائنات التي لم يعد مصيرها أن يحكمها أصحاب وسائل القمع والثراء. ولكنه أيضاً – وهذا سبب داخلي أعظم قوة من الأول – العام الذي سوف يتنكَّب فيه السلاح جيش قوامه ستة ملايين كوبي، يقفون كالرجل الواحد، ذوداً عن أراضيهم وثورتهم. لن يكون الجيش الثائر في أرض الوغى إلاَّ جزءاً من شعب شاكي السلاح، يقاتل في كل أرجاء البلد. سوف يستميت العمال أمام مصانعهم في المدن. وفي الريف، سوف يبذر الفلاحون الموت في صفوف الغزاة، خلف كل شجرة، وفي كل قرح شَقَّته المحاريث الجديدة التي زودتهم بها الثورة.
    وفي أرجاء العالم، سوف يخلق التضامن الأُممي حاجزاً قوامه مئات ملايين الصدور التي تستنكر العدوان. وسوف ترى الاحتكارات كيف تصطك دعائمها النخرة، وكيف تعصف نفخة ريح واحدة بنسيج العنكبوت الذي حاكته وكالات الأنباء من أكاذيبها. ولنفترض مع ذلك أنهم لن يقيموا حساباً للإستنكار الشعبي الأممي: فماذا يحدث ههنا في الداخل؟
    إن أول عنصر يبرز للعيان، تبعاً لوضعنا كجزيرة صغيرة سهلة الإصابة، تعوزها الأسلحة الثقيلة، وذات طيران وبحرية ضعيفين جداً، هو تطبيق مفهوم الغوار على نضال الدفاع الوطني.
    سوف تقاتل وحداتنا البرية بالعزيمة والحماس والحميَّة التي يستطيعها أولاد الثورة الكوبية في هذه السنوات المجيدة من تاريخها. ولكننا في أسوأ الأحوال، وبعد تحطيم بنية جيشنا في جبهة القتال، سوف نبقى مستعدين لمتابعة النضال في وحدات مقاتلة. وبعبارة أخرى، إذا ما نجح التركيز الكبير لقوى العدو في تحطيم قوتنا، سوف ينقلب جيشنا فوراً إلى جيش غوار، عظيم الجؤول، وتغدو سلطة قادته غير محدودة في مستوى الرتل، في حين تعطي القيادة العامة الأوامر المناسبة من نقطة ما في البلد وتحدد الريادة العامة. وتغدو الجبال آخر معاقل الجيش الثائر، وهو طليعة الشعب المنظمة، في حين يتابع جيش المؤخرة العظيم وهو الشعب بأسره، النضال في كل بيت قروي وكل درب وكل فَلْذَة من أرض الوطن.
    ولما كانت وحدات مشاتنا تعوزها الأسلحة الثقيلة، فسوف يتركز عملها على الدفاع ضد المدرعات وضد الطيران. وسوف تغدو الأسلحة الوحيدة ذات القدرة المرموقة هي الألغام بكثرة، والبازوكة أو الرمَّانات ضد الدرع، والمدافع المضادة للطيران، الجوّالة جداً، دون إغفال بعض مدافع الهاون. وسوف يعرف قُدامى المشاة المزودون بالأسلحة الذاتية الحركة، قيمة الذخيرة، ويعنون بها عناية كبيرة. وترافق كل وحدة من جيشنا منشأة خاصة لإعادة حشو الفشك، فتحافظ على احتياط الذخيرة في أشد الظروف حراجة.

    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:48 pm

    سوف يصاب طيراننا، على الأرجح، بعطب بالغ منذ اللحظات الأولى في غزو من هذا القبيل، تشنه دولة أجنبية كبرى، أو يشنه مرتزقة أية دولة صغرى تدعمها الدولة الكبرى سراً أو علانية. سوف يغدو الطيران الوطني إذاً محطماً أو يكاد، وربما استطاعت طائرات الاستكشاف أن تتابع العمل، ومثلها طائرات الارتباط، ولا سيما الطائرات العمودية.
    سوف يعاد بناء البحرية أيضاً تبعاً لهذه الريادة الجائلة: الزوارق الصغيرة هي التي تبدي للعدو أصغر سطح وأعظم اجتيال. وسوف يكون أشد مداعي اليأس لدى العدو في هذه الحالة، كما في الحالات السابقة كلها، أنه لا يلاقي شيئاً صلباً يقاتله. لن يكون هناك غير كتلة رخوة، جائلة، لا نفاذ فيها، تتراجع ولا تكافح بجبهة صلبة، في حين هي تسدد الضربات من كل صوب.
    فحتى لو هزم جيش الشعب في معركة جبهية، لن يكون من السهل أن تراه يولي الإدبار. يقف عنصران هامان من السكان إلى جانبه: الفلاحون والعمال. لقد دلّل الفلاحون على فعاليتهم عندما ألقوا القبض على العصابة التي كانت تحوم حول بينار دل ريو. سوف يتم تدريبهم محلياً، غير أن آمري الفصائل والرتب الأعلى سوف يُدَرَّبون كما يجري الآن، في قواعدنا العسكرية. ومن هنا سوف يوزعون على مناطق الإنماء الزراعي الثلاثين التي قُسِّمَ البلد إليها، لكي يشكلوا عدداً مماثلاً من مراكز النضال الريفي. سوف يذود الفلاحون عن أراضيهم ومكاسبهم الاجتماعية ودورهم الجديدة وأقنيتهم وسدودهم ومحاصيلهم الزاهرة، أي عن استقلالهم، وبكلمة، عن حقهم في الحياة.
    سوف يكافحون تقدم العدو بمقاومة حازمة فورية. أما إذا كان تقدمه فائق القوة، فسوف يتبعثرون ويغدو كل فلاح مزارعاً مسالماً في النهار، ومغاوراً فعالاً، تخشى قوى الأعداء بأسه ليلاً. ويكرر العمال هذا النهوج ذاته. سوف يتم تدريب خيرتهم لكي يتسنَّموا[90] من بعد قيادة رفاقهم فيتولوا تلقينهم معلومات الدفاع التي تلقوها. سوف تتولى كل فئة اجتماعية ولا ريب مهمات مختلفة: يقوم الفلاح بنضال المغاور النهجي، وينبغي أن يتعلم إتقان الرماية والإفادة من وعورة الأرض والاختفاء دون قتال جبهي أبداً. أما العامل، فله حظ الوجود داخل القلعة الهائلة التي تشكلها مدينة حديثة، ولكنه عديم الجؤول: فسوف يتعلم تتريس الشوارع على نحو رشيد، واستخدام كل حِواء[91] قلعة، متواصلة من الداخل بثغرات تفتح في الجدران، واستخدام سلاح "كوكتيل مولوتوف" الدفاعي الرهيب، وتنسيق الرمي الصادر عن النوافد التي لا حصر لها والتي توفرها أبنية مدينة حديثة.
    سوف تشكل جماهير العمال، تدعمهم الشرطة الوطنية والقوى المسلحة المكلفة بالدفاع عن المدن، جيشاً جبَّاراً ولكنه سوف يصاب بأذى بالغ. لا يعدل النضال في المدن نضال الريف سهولة ومرونة. سوف يسقطون – أو سوف نُسْقِط – كثيرين في هذا النضال الشعبي. سوف يستخدم العدو دبابات سرعان ما تُدَمَّر عندما يتعلم الشعب ألاَّ يخشاها ويتعرف إلى مقاتلها. ولكن الشعب سوف يخلِّف قبل ذلك قسطه من الضحايا.
    تنضم منظمات أخرى أيضاً إلى منظمات العمال والفلاحين. وفي الصف الأول، جواند[92] الطلاب، التي ينسقها ويقودها الجيش الثائر، والتي تضم خيرة الشباب الطلابي، ثم منظمات الشباب عامة، التي تشارك في القتال، ومنظمات النساء التي تقدم حافزاً هاماً هو وجود المرأة. سوف تُعنى منظمات النساء بأعمال عظيمة الشأن في مؤازرة رفاق القتال، مثل الطهي، والعناية بالجرحى، ومؤاساة المحتضرين. وغسل الثياب. سوف يثبتن لرفاقهن في السلاح أن حضورهن لا يخيب أبداً في الساعات العصيبة من الثورة. هذا كله نتيجة عمل تنظيمي واسع للجماهير، ونتيجة تربيتهم المتأنية الكاملة. تستند هذه التربية إلى المعلومات الابتدائية. لكن ينبغي تركيزها على شرح وقائع الثورة شرحاً عاقلاً صحيحاً.
    ينبغي دراسة القوانين الثورية وشرحها والتعليق عليها في كل اجتماع، وكل مجلس وكل مكان يلتقي فيه المسؤولون عن الثورة. وينبغي، لتوجيه الجماهير، قراءة خطابات القادة باستمرار والتعليق عليها ومناقشتها، وبالنسبة إلينا بصورة أخص، خطابات القائد الذي لا منازع له. ينبغي الاجتماع في الريف، للاستماع من الإذاعة أو للنظر في التلفزيون، إلى هذه الدروس الشعبية التي اعتاد رئيس وزارئنا أن يلقيها.
    ينبغي أن يكون تماس الشعب بالسياسة مستمراً، فإنه يعني تماس الشعب بأعز رغباته، بعد أن تم التعبير عنها، فاستحالت قوانين ومراسيم ومقررات. ينبغي أن تكون اليقظة الثورية دائبة إزاء كل تظاهرة معادية للثورة. ويجب أن تكون يقظة المرء إزاء موقفه الخاص، وسط الجماهير الثوريين، أشد صرامة بعد من اليقظة المطبقة إزاء اللاثوري أو اللامبالي. فأياً كانت مكانة الثوري وأياً كانت مفاهيمه، لا يمكن السماح، لمجرد كونه ثورياً، بالصفح عن أخطاء بالغة قد ارتكبها ضد الشرف أو الأخلاق، وذلك بطائلة انحدار الثورة في طريق الانتهاز الخطرة. قد يؤدي واقع الرجل إلى السماح بتخفيف العقوبة، وسوف تؤخذ مناقبه الماضية بالحسبان، غير أنه لا بد من معاقبة الارتكاب بحد ذاته دائماً.
    ينبغي دائماً تنمية احترام العمل، ولا سيما العمل الجماعي ذي المقاصد الجماعية. ينبغي إسداء تنشيط عظيم لكتائب المتطوعين الذين يبنون الطرق والجسور والأرصفة والسدود والمجمَّعات المدرسية، ويوطدون روحهم الألبي باستمرار، مبرهنين بالأعمال عن حبهم للثورة.
    إن جيشاً على مثل هذا الوفاق مع الشعب، يتحسس فيه المرء مثل هذا الوثوق بالفلاحين والعمال الذي هو فيض منهم، ويعرف فضلاً عن ذلك المِهانة الخاصة بحربه معرفة كلية، وقد تهيأ نفسياً لأسوأ الاحتمالات، إن هذا الجيش لا يقهر. وسوف يزداد منعة كلما تبلورت قولة خالدنا كاميلو سيانفويغوس: "الجيش هو الشعب في البزَّة العسكرية"، فازدادت تجسيداً في الجيش واستوطنت فيه. وبفضل كل ذلك، ورغم حاجة الاحتكارات إلى إزالة "المثل السيء" الكوبي، فإن مستقبلنا هو أكثر إشراقاً منه في أي وقت مضى.




    -1-
    ما هو المغاور؟
    من المؤكد أنه ليس في العالم بلد واحد لا تشكل فيه كلمة "المغاور" عند الشعب رمزاً للرغبة في الحرية. وكانت كوبا البلد الوحيد الذي تملك فيه هذه الكلمة معنى منفراً. وان ثورتنا، التي تملك فعلاً محرراً في جميع امتداداتها، قد ردت الاعتبار إلى هذه الكلمة. ونحن نعرف جميعاً أن أولئك الذين تعاطفوا مع النظام العبودي الاسباني وحملوا السلاح كي يدافعوا عن التاج الاسباني قد كانوا مغاوير؛ ومنذ ذلك الحين، هذه الكلمة تشكل في كوبا رمزاً لجميع الأشياء الرديئة والمتخلفة والمتعفنة في البلاد. ومع ذلك، فليس ذلك هو المغاور، بل الأمر على النقيض من ذلك، إذ أن المغاور هو المقاتل الأفضل من أجل الحرية، هو المختار من قبل الشعب، هو الطليعة المقاتلة لهذا الشعب في نضاله التحرري. وليست حرب الغوار، على النقيض مما يعتقد الكثيرون، حرباً هزيلة، حرب جماعة قليلة ضد جيش قوي، لا، أن حرب الغوار هي حرب الشعب بأسره ضد السيطرة الاستعبادية وإن المغاور هو طليعتها المسلحة؛ وأما الجيش، فإنه يتألف من جميع أهالي منطقة معينة أو بلد بأكمله، وهذا هو السبب في قوتها، وفي ظفرها بعد أمد طويل أو قصير على جميع القوى التي تحاول اضطهاد الشعب؛ وبكلام آخر، فإن أساس حرب الغوار وقاعدتها موجودان في الشعب.
    وأنه من غير المعقول أن تتمكن جماعات مسلحة صغيرة، مهما تكن قدرتها على الحركة ومعرفتها بالأرض، من الاستمرار بدون هذا الدعم القوي في البقاء في وجه القمع المنظم الذي يمارسه جيش حسن التنظيم. وإن البرهان على ذلك هو أن جميع الأشقياء، جميع عصابات المجرمين تغلب على أمرها أخيراً من قبل السلطة المركزية. ولا تنسوا أن هؤلاء المجرمين يمثلون شيئاً آخر بالنسبة إلى أهالي المنطقة. انهم يمثلون نضالاً من أجل الحرية، حتى لو كان في شكل كاريكاتوري.

    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:49 pm

    ويجب على جيش الغوار، هذا الجيش الشعبي على أفضل صورة، أن يملك على الصعيد الفردي أفضل الفضائل لأفضل جندي في العالم. ويجب أن يقوم على أساس الانضباط الصارم. وإذا كانت شكليات الحياة العسكرية لا تتكيف مع حرب الغوار، فليس هناك وقوف بوضعية الاستعداد ولا تحية متصلبة، ولا تقديم الإيضاحات إلى الرئيس، فهذا لا يعني انعدام الانضباط. أن انضباط المغاور انضباط باطن وهو يأتي عن قناعة الفرد العميقة بضرورة طاعة الرئيس من أجل تأمين فعالية هذه العضوية المسلحة التي يشكل جزءاً منها، وفي الوقت نفسه من أجل الدفاع عن عضويته الخاصة. وفي الجيش النظامي يكون أدنى إهمال من قبل أي جندي خاضعاً لرقابة رفيقه الأقرب إليه. أما في حرب الغوار، حيث يشكل كل جندي على حدة وحدة وجماعة، فأن كل خطيئة تكون قاضية، فلا يمكن لأي إنسان أن يتهاون بأي إهمال، كما لا يمكن لأي أمرىء أن يخطو خطوة فاسدة، لأن ذلك قد يؤدي بحياته وحياة رفاقه.
    وغالباً ما لا يلاحظ الناس هذا الانضباط المجرد عن الشكليات. ذلك أن المراقبين قليلي الاطلاع قد يتوهمون أن الجندي النظامي، الذي يتمسك بكل مظاهر الرتب المتدرجة، هو أكثر انضباطاً من المغاور الذي يطيع تعليمات رئيسه باحترام بسيط وعاطفي. ومع ذلك فقد كان جيش التحرير جيشاً خالصاً من أكثر الاغراءات البشرية ابتذالاً، وذلك من دون أن يكون هنالك جهاز للقمع، ومن دون مكتب للمخابرات يفرض رقابته على الفرد أمام الاغراء. ان هذا الفرد يراقب نفسه بنفسه، ووعيه الشديد بالواجب والانضباط هو الرقيب عليه.
    وأن الجندي المغاور، بوصفه جندياً انضباطياً، هو في الوقت نفسه جندي عظيم الرشاقة، حكمياً وذهنياً على حد سواء. أن حرباً غوارية جامدة هي شيء لا يمكن تصوره. أن الأشياء جميعاً تجري في الليل. فالمغاوير، بفضل معرفتهم الجيدة بالأرض، يسيرون في الليل ويتخذون مواقعهم، ويهاجمون العدو وينسحبون. وليس من الضروري أن ينسحبوا بعيداً عن مسرح العمليات، بل كل ما يلزم هو أن ينسحبوا بسرعة كبيرة.
    وسوف يركز العدو في الحال جميع وحداته الزجرية على النقطة التي تعرضت للهجوم، ويذهب الطيران ليقصفها، وتتقدم الوحدات الآلية لتطويقها، ويمضي الجنود وهم عاقدو العزم جيداً على احتلال موقع وهمي.
    ويكتفي المغاور بأن يوجه جبهة واحدة إلى العدو. وحين ينسحب قليلاً، وحين ينتظر العدو، وحين يخوض غمار معركة جديدة، وحين ينسحب من جديد، فأنه ينفذ مهمته المخصوصة. وهكذا يمكن للجيش أن ينهك قواه خلال ساعات أو أيام كاملة. أن المغاور الشعبي ينتظر في مواقعه التي يراقب منها ويهاجم العدو في اللحظة المناسبة.
    ويشتمل تكتيك حرب الغوار على مبادىء أساسية أخرى، معرفة الأرض يجب أن تكون تامة وكاملة. فليس في مقدور المغاور أن يجهل المكان الذي سيهاجمه، كما يجب عليه أن يعرف سائر دروب التراجع وجميع مداخل الطرقات في الجوار، والمنازل الصديقة والعدوة، والأماكن حيث يمكن إقامة معسكر مؤقت، وباختصار يجب عليه أن يعرف مسرح العمليات معرفته بجيبه. وأنه ليتوصل إلى هذه المعرفة لأن الشعب، الذي هو قلب جيش الغوار، يقف من وراء كل عملية.
    إن أهالي المحلة يسهمون في أعمال النقل ويحملون الأخبار ويبذلون العناية، وأنهم ليزودون الجيش بالمقاتلين: أنهم يشكلون العناصر المكملة البالغة الأهمية لطليعتهم المسلحة.
    أمام هذه التفاصيل جميعاً، أمام هذا التراكم للضرورات التكتيكية عند المغاور، لا بد أن نتساءل "لماذا يناضل"؟ وإليكم الجواب العظيم: "أن المغاور مصلح اجتماعي. أن المغاور يمسك بالسلاح كي يمثل الاحتجاجات العنيفة للشعب ضد مضطهديه، وهو يناضل كي يغير النظام الاجتماعي الذي يفرض على جميع أخوته المجردين من السلاح أن يبقوا في حالة الذل والبؤس. أنه يقاتل ضد الشروط المخصوصة للمؤسسات القائمة في لحظة معينة، ويكرس نفسه كي يحطم قوالب هذه المؤسسات بكل القوة التي تسمح له الظروف بها".
    أننا نلمس هنا نقطة هامة؛ فقد قلنا أنه يجب على المغاور، على الصعيد التكتيكي، أن يعرف الأرض بمداخلها ومخارجها، وأن يناور بسرعة وأن يحصل على تأييد الشعب، وأن يعرف أين يختبىء. وهذا يعني أن المغاور سيمارس عمله في مناطق متوحشة وقليلة السكان. وفي هذه المناطق يتركز النضال الشعبي بصورة مفضلة، بل بصورة قاطعة تقريباً، على التحول الذي يجب أن يحدث في التركيب الاجتماعي لملكية الأرض. وبكلام آخر، فأن المغاور قبل كل شيء ثوري زراعي.
    أنه الناطق بمطامح الجماهير الفلاحية الغفيرة التي تريد أن تكون سيدة على الأرض، سيدة على وسائل الإنتاج، وحيواناتها، وكل الأشياء التي ناضلت من أجلها طوال سنوات، كل ما يصنع حياتها وما سوف يكون قبرها أيضاً.
    وهذا هو السبب في أن أفراد الجيش الجديد الذي يمشي حالياً في كوبا إلى النصر من جبال المقاطعة الشرقية وايسكامبري، وسهول المقاطعة الشرقية وكاماغوي، نحو جميع أرجاء البلاد، يحمل معه الإصلاح الزراعي بوصفه رايته الخفاقة.
    وذلك نضال من المرجح أن يطول بقدر إنشاء الملكية الفردية، نضال خاضه الفلاحون بشيء من النجاح يزيد أو ينقص في سياق التاريخ، لكنه استنهض على الدوام الحمية الشعبية. وليس هو بملكية موقوفة على الثورة. أن الثورة قد تناولت هذه الراية من بين الجماهير الشعبية وجعلت منها رايتها الخاصة. لكننا إذا عدنا إلى ما قبل ذلك بزمن طويل، فمنذ انتفاضة المزارعين في هافانا، ومنذ حاول السود الحصول على الحق في الأرض في حرب التحرير الكبرى التي استمرت ثلاثين عاماً، ومنذ استولى الفلاحون ثورياً على ما يسمى ريالنغو18 [93]، كانت الأرض مركز الصراع من أجل حياة أفضل.
    وأن هذا الإصلاح الزراعي ليتحقق شيئاً فشيئاً؛ لقد بدأ بصورة حية في سييرا ماسترا، وانتقل إلى الجبهة الشرقية الثانية إلى سلسلة ايكامبري. ومن بعد طواه النسيان بعض الوقت في الأدراج الوزارية وعاد فانبثق بصورة حازمة مع قرار فيدل كاسترو النهائي. وأن هذا الإصلاح الزراعي – وهذا ما يجب أن نكرره – هو الذي سيمنح حركة السادس والعشرين من تموز تعريفها التاريخي.
    ان هذه الحركة لم تخترع الإصلاح الزراعي، لكنها ستحققه: ولسوف تحققه بصورة كاملة، حتى لا يبقى فلاح واحد بدون أرض ولا تبقى قطعة أرض واحدة بائرة. ولعل الحركة في ذلك الحين تفقد كل مبرر لوجودها، لكنها تكون قد قامت برسالتها التاريخية. وأن واجبنا هو أنْ نصل إلى هذه النتيجة، ومن ثم يقول المستقبل ما إذا كان ثمة أعمال أخرى ينبغي القيام بها.

    الثورة،
    19 شباط 1959

    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:50 pm

    -2-
    حرب الغوار: وسيلة[94]
    لقد استخدمت حرب الغوار عدداً لا يحصى من المرات، في ظروف تاريخية مختلفة، لنيل أهداف شتى. وقد استخدمت في حروب التحرر الشعبية في السنوات الأخيرة، إذ سلكت الطلائع الشعبية في حروبها التحررية طريق استخدام النضال المسلح غير النظامي لمقارعة عدو متفوق عليها عسكرياً. كانت آسيا وأفريقيا وأمريكا دائماً مسرح حروب الغوار، حيثما يسعى الشعب لتولي سلطة الدولة في نضاله ضد استغلال الاقطاع والاستعمار القديم والحديث. وفي أوروبا، تعتبر الجيوش الوطنية النظامية وجيوش حلفائها حرب الغوار وسيلة متممة.
    لقد شُنّت حرب الغوار في أمريكا في ظروف مختلفة. كان سيزار أوغستو ساندينو[95] مثالاً أخيراً، غير مباشر عنها، عندما قاتل حملة جيش الولايات المتحدة في سيكوفيا من نيكاراغوا. وكانت حرب كوبا الثورية آخر الأمثلة، فأصبحت حرب الغوار منذ ذلك الحين موضوعاً للنقاش النظري في صفوف الأحزاب السياسية التقدمية في هذه القارة. وقد أصبحت معرفة ما إذا كان استخدام حرب الغوار ممكناً ومؤاتياً موضوعاً يحتدم له النقاش.
    وسوف أحاول في هذا المقال أن أعرض أراءنا عن حرب الغوار وأن أشرح كيف يستخدم هذا التكتيك استخداماً صحيحاً.

    ثلاث مجلوبات أساسية:
    يجب أن نوضح في المقام الأول أن هذا الشكل من النضال هو وسيلة، وسيلة تستخدم لبلوغ هدف هو تولي سلطة الدولة. أنه هدف ضروري ولا مناص منه للثوريين كافة. لذا يجب علينا، عندما نحلل الظروف الملموسة في بلدان مختلفة من أمريكا، أن نقتصر على المعنى الضيق لعبارة "حرب الغوار"، أعني على اعتبارها وسيلة للفوز بسلطة الدولة.
    قد يثار هذا السؤال فوراً: هل حرب الغوار هي الشكل الوحيد لتولي سلطة الدولة في أمريكا؟ هل هي الشكل الرئيسي، أم هل هي مجرد شكل من أشكال النضال؟ وسوف يسأل بعضهم أخيراً: هل يمكن تطبيق المثال الذي ضربته كوبا، على الحقائق القائمة في جهات أخرى من هذه القارة؟ كثيراً ما يكال بعض النقد، إبَّان النقاش، إلى الذين يؤيدون حرب الغوار، فيؤخذ عليهم أنهم نسوا النضال الجماهيري، وكأن نضال الجماهير وحرب الغوار شكلان متضادان. أننا نرفض ما في هذا التأكيد من دس. أن حرب الغوار هي نوع من الحرب الشعبية، نوع من النضال الجماهيري. ولا تعني محاولة المضي في هذا الشكل من الحرب دون تأييد السكان المحليين إلاَّ الهزيمة المؤكدة. المغاورون هم طلائع الشعب المسلحة، المقاتلة، العاملة في منطقة معينة من بلد معين. أنهم يستهدفون شن سلسلة من الأعمال القتالية، في سبيل – الهدف الاستراتيجي الوحيد الممكن – الاستيلاء على سلطة الدولة. أنهم يحظون بتأييد جماهير العمال والفلاحين في المنطقة التي يعملون فيها، أو حتى في البلد قاطبة ولا يمكن شن أية حرب غوار بدون توفر هذه الشروط المسبقة.
    "أننا نرى، في الوضع الراهن في أمريكا، أن الثورة الكوبية قد رفدت الحركة الثورية فيها بثلاثة اسهامات أساسية، وهي:
    أولاً: ان القوى الشعبية تستطيع أن تنتصر على الجيش الرجعي.
    ثانياً: أنه لا ينبغي لنا الانتظار حتى تنضج الظروف الثورية كافة، إذ يمكن للبؤرة الثورية أن تفجر هذه الظروف الثورية.
    ثالثاً: "إن ميدان النضال المسلح، في الأنحاء المتخلفة من أمريكا، ينبغي له على العموم، أن يكون في الريف". (من كتاب "حرب الغوار" لغيفارا).
    تلك هي اسهامات الثورة الكوبية في تطوير النضال الثوري في أمريكا، وهي يمكن أن يبلغها أي بلد في القارة إذا ما أمكن خوض حرب الغوار فيه.

    قيادة الطبقة العاملة عامل ضروري:
    لقد أشار بيان هافانا الثاني إلى ما يلي: "يتضافر في بلداننا ظرفان هما الصناعة المتخلفة والنظام الزراعي ذو الطابع الاقطاعي. لذا فمهما كانت ظروف العمال المعايشة في المدن قاسية، فإن سكان الأرياف يعانون ظروفاً أشد هولاً واضطهاداً واستغلالاً منها. غير أنهم، ما عدا استثناءات قليلة، يشكلون الأكثرية المطلقة، وأحياناً أكثر من 70% من السكان في أمريكا اللاتينية.
    "وإذا ما استُثني مُلاَّك الأرض الذين كثيراً ما يقطنون المدن، فأن سائر هذه الكتلة الكبيرة تكسب عيشها بالعمل كأجراء[96] في المزارع لقاء أضأل الأجور، أو أنها تزرع الأرض بشروط استغلال لا تتميز عن شروط القرون الوسطى.
    "تلك هي الظروف التي حتمت أن يؤلف سكان الريف الفقراء قوة ثورية كامنة هائلة.
    "إن الجيوش قد انشئت وجهزت لتقوم بالحرب النظامية. وهي القوة التي تعتمدها الطبقات المستغلة لتثبيت سلطتها. فإذا ما واجهت هذه الجيوش حرباً غير نظامية يخوضها الفلاحون مستندين إلى الأرض التي يقطنونها، أضحت عاجزة عجزاً مطلقاً، وفقدان 10 رجال لقاء كل مجاهد ثوري يصرع. ويستفحل في صفوفها انهيار الروح المعنوية عندما يقض مضاجعها جيش غير مرئي لا يغلب، ولا يترك لها فرصة استخدام خططها التكتيكية العسكرية الأكاديمية وجعجعتها الحربية، هذه الأمور التي طالما فاخرت بها في قمع العمال والطلاب في المدن.
    "تأتي قوى جديدة باستمرار لترفد النضال الأصلي الذي شنته وحدات مقاتلة صغيرة، وتطفق الحركة الجماهيرية تزداد جرأة، وينهار النظام القديم شيئاً فشيئاً شر انهيار. وتلك هي الساعة التي تحسم فيها الطبقة العاملة والجماهير المدنية المعركة.
    "ما الذي يجعل هذه الوحدات لا تغلب، منذ لحظة القتال الأولى، ومهما أوتي أعداؤها من تعداد وقوة وموارد؟ أنه تأييد الشعب، فبوسعها أن تعول على تأييد جماهيري متزايد أبداً.
    "غير أن الفلاحين يشكلون طبقة تحتاج إلى القيادة الثورية السياسية من جانب الطبقة العاملة والمثقفين الثوريين، نظراً للجهل الذي أبقيت فيه والعزلة التي تعيش فيها. ولا تستطيع هذه الطبقة أن تشن النضال وتظفر بدون ذلك.
    "لا تستطيع البرجوازية الوطنية، في الظروف التاريخية الراهنة في أمريكا اللاتينية، أن تقود النضال ضد الإقطاع وضد البروليتاريا. وقد أثبتت التجربة أن هذه الطبقة في بلداننا -حتى عندما اصطدمت مصالحها بمصالح البروليتاريا اليانكي- لم تستطع مكافحة الاستعمار، وقد انتابها الشلل خوفاً من الثورة الاجتماعية، وأرعبها صخب الجماهير المستثمَرة". (من بيان هافانا الثاني).

    الثورة في أمريكا لا مفر منها:
    تمثل هذه الموضوعات جوهر هذا البيان الثوري الخاص بأمريكا. وثمة ما يكملها في فقرات أخرى من البيان: "بوسع الظروف الذاتية في كل بلد، أي عوامل الوعي، والتنظيم، والقيادة، أن تسارع أو تؤجل الثورة، تبعاً لحالة نمو هذه العوامل. ومع نضوج الظروف الموضوعية عاجلاً أو آجلاً، في كل حقبة تاريخية، يتم اكتساب الوعي، وبلوغ التنظيم، وبزوغ القيادة، وانبلاج الثورة.
    "لا يتوقف على الثوريين أن يحدث ذلك سليماً أو أن يولد بعد مخاض أليم. انه أمر يتعلق بالقوى الرجعية في المجتمع القديم. أنه يتعلق بمقاومتها مولد المجتمع الجديد الذي تنتجه تناقضات المجتمع القديم. دور الثورة في التاريخ كدور الطبيب الذي يساعد في مولد الحياة الجديدة. لا تستخدم الثورة العنف إلاَّ عند الضرورة، ولكنها تستخدمه بلا تردد كما اقتضاها المخاض ذلك. أنه المخاض الذي يحمل، إلى الجماهير المستعبدة والمستثمَرة الأمل في حياة أفضل.
    "لا مناص من الثورة في بلدان عديدة من أمريكا اللاتينية. لم تحتم ارادة أحد هذا الواقع. لقد حتمته ظروف الاستغلال المرعبة التي يعانيها الإنسان في أمريكا، ويحتمه نمو الوعي الثوري لدى الجماهير، وأزمة البروليتاريا العالمية، وحركة النضال الشاملة للشعوب المستعبدة في العالم". (من بيان هافانا الثاني).
    سوف نحلل مسألة حرب الغوار في أمريكا من هذه الزاوية.
    أننا نرى أن حرب الغوار هي شكل من أشكال النضال لبلوغ هدف معين. المسألة الأولى في هذا الصدد هي تحليل وايجاد ما إذا كان الاستيلاء على سلطة الدولة ممكناً في قارتنا الأمريكية بوسائل غير النضال المسلح.

    التاريخ لا يقبل الأخطاء:
    يمكن خوض النضالات السلمية عن طريق الحركات الجماهيرية. وفي الظروف الخاصة حيث تكون هناك أزمة، تستطيع هذه النضالات أن ترغم حكومة ما على المساومة. انها تتيح لقوى الشعب أن تستولي على سلطة الدولة وتقيم دكتاتورية البروليتاريا. كل هذا صحيح إذا تكلمنا من الناحية النظرية. ولكننا إذا رحنا نحلل هذه المسألة على ضوء الوضع القائم في أمريكا، كانت النتيجة الحتمية أن ثمة في كل مكان من هذه القارة ظروفاً موضوعية ترغم الجماهير على مقاومة حكومات البرجوازية وملاك الأرض بأعمال عنيفة، وأن بلداناً عديدة أخرى تعاني أزمة في الحكم، فتكون الظروف الذاتية هي الأخرى حاضرة هناك. انها جريمة ولا ريب أن لا يقدموا على استلام سلطة الدولة في البلدان التي تتحقق فيها هذه الشروط كافة. وفي البلدان التي لا تتوفر فيها الشروط الآنفة يمكن طبعاً اختيار مسالك مختلفة، وينبغي الوصول إلى قرارات مناسبة في كل بلد على أساس التحليل النظري. الشيء الوحيد الذي لا يسمح به التاريخ لمحللي ومنفذي السياسات البروليتارية هو ارتكابهم أخطاء في أحكامهم. ليست المؤهلات لدور الحزب السياسي الطليعي كالمؤهلات لنيل شهادة جامعية. ينبغي لمثل هذا الحزب أن يقود الطبقة العاملة في النضال من أجل سلطة الدولة، وأن يعرف كيف يهديها إلى تسلم السلطة، فيقود النضال إلى الظفر بأسرع ما يمكن. هذه مهمة أحزابنا الثورية كافة. ولاجتناب الأخطاء، ينبغي أن يكون التحليل عميقاً وشاملاً.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:52 pm

    تحالف البرجوازية والإقطاعيين:
    ان الشروط هي في أمريكا اليوم بحيث أن النفارات الحاكمة والجماهير الضاغطة قد اشتبكت في صراع للقبض على مقاليد الأمور، ولما تزال الفئتان في حالة توازن غير مستقر. نعني بكلمة "النفارات" ذلك التحالف الرجعي الذي شكلته البرجوازية وطبقة ملاك الأرض في كل بلد، مع تمتع البناء الإقطاعي فيه بالهيمنة إلى حد متفاوت. تتعاقب هذه الأنظمة الدكتاتورية ضمن إطار معين من الشرعية رسموه هم أنفسهم لمصلحة نشاطهم ابان مدة حكمهم الطبقي غير المحدود. غير أننا نجتاز مرحلة ضغط قوي من لدن الشعب الذي طفق يتقحّم باب شرعية البرجوازية. سوف ينسف المشرعون شرعيتهم بأنفسهم للحؤول دون اقتحام الجماهير لها. غير أن تدمير كل تشريع قائم تدميراً وقحاً، وإبرام القوانين لتثبيت الأمر الواقع، كلاهما لن يكون من شأنه إلا إهاجة القوى الشعبية. لذا سوف تحاول النفارة الدكتاتورية أن تستخدم القوانين القديمة لتغيير النظام الدستوري وأن تخنق البروليتاريا مع اجتناب الصدام جبهياً. الا أن هذا السلوك يستثير التناقضات. لا يعود بوسع الشعب أن يطيق مختلف التدابير الزجرية القديمة والجديدة التي تتخذها الأنظمة الدكتاتورية وهو يحاول إحباطها. ينبغي ألا ننسى لحظة واحدة الطبيعة الطبقية لدولة البروليتاريا، وصفتها الزجرية، وأفقها المحدود، قال لينين وهو يناقش في الدولة: "الدولة هي النتاج والتعبير عن التصارعات الطبقية التي لا مصالحة فيها. تنشأ الدولة عندما وحيثما وبقدر ما لا يمكن موضوعياً أن تتصالح التصارعات الطبقية. وبالعكس، فإن وجود الدولة يثبت أن التصارعات الطبقية لا يمكن أن تتصالح". ( من كتاب: الدولة والثورة).
    بتعبير آخر لا يجوز لنا أبداً أن نسمح باستعمال كلمة "ديمقراطية" لتبييض وجه دكتاتورية الطبقات المستثمِرة، عندما تكون الديمقراطية فاقدة معناها العميق ولا تعني إلا منح المواطنين بعض الحريات. إن مجرد السعي لاسترداد شيء من الشرعية البرجوازية، دون إثارة مسألة سلطة الدولة الثورية، إنما يعدل السعي لإعادة نظام الدكتاتورية الذي تفرضه الطبقات الاجتماعية الحاكمة. وبكلمة واحدة، فأنه لا يعدو محاولة تزويد السجناء الذين يؤدون عقوبة ما بأغلال أخف.

    دور العنف:
    ورغم أن الطبقات الحاكمة تلجأ دائماً وأبداً إلى وسائل بنيتها العليا التي أنشأتها لغاية القمع، فأنها في ظروف النزاع هذه، سوف تمزق ما اتفقت عليه إرباً إرباً، وتنزع قناع "ديمقراطيتها"، وتهاجم الشعب. وينبغي في مثل هذه اللحظة طرح السؤال مرة أخرى: ما العمل؟ جوابنا هو أن العنف ليس حقاً ارثياً للمستثمِرين، وأن المستثمَرين يستطيعون ويجب عليهم أن يستخدموا العنف في اللحظة الملائمة. قال مارتي[97]: "إذا كان مثيرو حرب يمكن اجتنابها في بلد مجرمين، فإن الذين يرفضون خوض حرب لا مناص منها هم أيضاً مجرمون".
    وفي الفترة ذاتها أوضح لينين ذلك بقوله: "لم تنظر الاشتراكية الديمقراطية إلى الحرب قط ولا تنظر إليها من وجهة نظر عاطفية. ففي حين لا تنبري الاشتراكية الديمقراطية تفضح الحرب كوسيلة وحشية لحسم خلافات بني الإنسان، فهي تعِلم أيضاً أن الحرب لا مناص منها ما دام المجتمع منقسماً إلى طبقات، ما دام استثمار الإنسان للإنسان موجوداً. ولن نستطيع، إبان إزالة هذا الاستثمار، أن نتجنب الحروب التي تبدأها الطبقات المستثمِرة المسيطرة المضطهِدة هي ذاتها دائماً وفي كل مكان". قال لينين هذا عام 1905، وقد حلل مراكز الصراع الطبقي فيما بعد تحليلاً ثاقباً عندما كتب في مقاله "البرنامج العسكري لثورة البروليتاريا": "كل من يعترف بصراع الطبقات لا بد له أن يعترف بالحروب الأهلية، فهي في كل مجتمع طبقي استمرار وتثُّور واشتداد طبيعي، ولا مناص منه في بعض الظروف للصراع الطبقي. وتثبت الثورات الكبرى كلها ذلك. أنَّ نبذ الحرب الأهلية أو نسيانها يعنيان السقوط في منتهى الانتهاز والتخلي عن الثورة الاشتراكية". يعني هذا أنه لا ينبغي أن نخشى العنف، وهو قابلية المجتمع الجديد. وما يجب مراعاته هو أنه لا ينبغي استخدام العنف إلا عندما يقرر قادة الشعب أن الوضع أشد ما يكون مؤاتاة.

    يجب أن نفهم تحولات نسبة القوى:
    ما هو الوضع الأشد مؤاتاة؟ أنه يتعلق من الناحية الذاتية بعاملين متفاعلين معاً، يزدادان نضوجاً أثناء النضال، وهما: وعي ضرورة التغيير الثوري، والإمكان الحقيقي لمثل هذا التغيير. وإذا ما أضفنا إلى هذين العاملين الظروف الموضوعية، وهي أشد ما تكون مؤاتاة لنشر النضال في أمريكا كلها تقريباً، والتصميم الثابت على الظفر في الصراع، وميزان القوى العالمية الجديد، تتحقق عندها شروط العمل.
    ورغم أن البلدان الاشتراكية بعيدة، فأن تأثيرها المؤاتي محسوس باستمرار بين الناس المناضلين في كل البلدان، ومثالها مثال تربوي متزايد الإلهام دون ريب للشعوب في كل مكان. قال فيدل كاسترو في 26 تموز من هذا العام، "ينبغي على الثوريين كافة، سيما في الوقت الحاضر، أن يتعرفوا إلى التغيير الذي تَمَّ حتى الآن في ميزان القوى العالمي، وأن يفهموه جيداً، ويدركوا أن مثل هذا التغيير هو في صالح نضال الشعب في مختلف البلدان. بدلاً من انتظار ثورة اجتماعية تحدث كالمعجزة في أمريكا اللاتينية من جراء هذا التغيير في ميزان القوى، فأن مهمة الثوريين كافة، وثوريي أمريكا اللاتينية على الأخص، هي أن يفيدوا ملياً من كل العوامل المؤاتية للحركة الثورية في ميزان القوى هذا، وأن يصنعوا الثورة!".
    ثمة من قد يقول: "نقبل أن الحرب الثورية هي، في ظروف نوعية معينة، وسيلة مناسبة لتولي السلطة. لكن أين نستطيع إيجاد أولئك القادة الكبار، أمثال فيدل كاسترو، الذين سوف يقودوننا إلى الظفر؟" إن فيدل كاسترو، مثل الآخرين جميعاً، هو نتاج التاريخ. والقادة الحربيون والسياسيون الذين يقودون نضال الثورات في أمريكا، لو أمكن إدغامهم ليصبحوا رجلاً واحداً، سوف يتعلمون فن الحرب في ممارسة الحرب ذاتها. ليس هناك مهنة أو حرفة يمكن اتقانها بالكتب الدراسية وحدها. النضال، والحالة هذه، هو المعلم الكبير.
    ليست هذه، طبعاً، مهمة بسيطة. ولابد من مواجهة بعض المخاطر الجدية على طول هذا النهج.
    ثمة لحظتان في نمو النضال المسلح قد تكونان في غاية الحراجة بالنسبة للمستقبل الثوري. تحدث الأولى في المرحلة التمهيدية؛ وكيفية السلوك فيها سوف تدل على مدى تصميم القوى الشعبية على القتال، وهل أن هدفها محدد جيداً. عندما تهاجم الدولة البرجوازية مواقع الشعب، لابد من اللجوء إلى الدفاع الذاتي لأنَّ العدو يشن الهجوم في لحظة مؤاتية له، فإذا توفر الحد الأدنى والموضوعية، كان لابُدَّ لقوى الشعب أن تنتقل إلى الدفاع الذاتي، لكن لا يجوز لها أن تسمح بزجها في موقف تلقي الضربات سلبياً. كان لا يجوز لها اعتبار الدفاع الذاتي مجرد علاج يائس للمضطهَدين عندما يُحصرون في زاوية. حرب الغوار هي حركة دفاع ذاتي للشعب في وقت معين. أنَّ لها قابلية لمهاجمة العدو وينبغي بذل جهود كبرى لأنماء هذه القابلية، سوف تحدد هذه القابلية، مع مر الزمن، طابع حرب الغوار الخاص في تعبئة قوى الشعب. هذا يعني أن حرب الغوار ليست دفاعاً ذاتياً سلبياً، بل دفاعاً هجومياً، ومنذ اللحظة التي تُرى فيها الأمور على هذا النحو، تؤدي حرب الغوار في النهاية إلى تولي السلطة السياسية.
    يجب أن نجبر الدكتاتورية على كشف قناعها:
    أنها لحظة هامة. لا يمكن في مجرى التقدم الاجتماعي قياس الفرق بين العنف واللاعنف بعدد الطلقات المتبادلة. إنه يتعلق كلياً بالوضع الملموس والمختلج. ولكي يجتنب المرء استفحال وضع مناوئ، ينبغي له أن يحسن القبض على الفرصة الصحيحة ويعرف متى يستخدم قوى الشعب، أن يعرف ضعفها النسبي، وفي الوقت ذاته قوتها، لكي يرغم العدو على اتخاذ الخطوات اللازمة. ينبغي للمرء على هذا النحو أن يزيح التوازن القائم بين دكتاتورية الأوليغارشية الحاكمة والضغط الشعبي. يحاول النظام الدكتاتوري دائماً أن يبقي سلطانه في ظروف لا يضطر فيها لاستخدام العنف على نطاق واسع. ينبغي إرغامه على الظهور بلا قناع، أي إرغامه على الظهور على حقيقته: دكتاتورية عنيفة للطبقة الرجعية. يساعد ذلك على نزع قناعه ويشدد النضال إلى نقطة لا رجعة بعدها. ان مهمة القوى الشعبية هي إرغام النظام الدكتاتوري على تقرير أمره. وأن الطريقة التي تنجز بها القوى الشعبية مهمتها في كشف قناع الدكتاتورية - أما التراجع وأما خوض النضال - هي التي تقرر البداية الحازمة لعمل مسلح وطويل الأمد.
    يتوقف على نمو القوى الشعبية اليومي ما إذا كان بالإمكان اجتناب اللحظة الحرجة الأخرى. أكدَّ ماركس باستمرار أنه متى بدأت العملية الثورية، وجب على البروليتاريا أن تهاجم وتهاجم بلا هوادة، إذا لم تشتد الثورة باستمرار، يمكن أن تعود أدراجها. أما إذا اعترى الأعياء المقاتلين، فسوف يأخذون بفقد الثقة، ويحتمل أن تنجح المؤامرات التي كثيراً ما تحيكها البرجوازية ضدنا. ربما كان من هذه المؤامرات إجراء انتخابات لتسليم السلطة إلى سادة مرائين آخرين أقدر من الدكتاتور الأسبق على استعمال الكلام المعسول، أو قيام بعض الرجعيين بانقلاب، يرأسهم على العموم العسكريون، وتدعمهم قوى تقدمية، على نحو مباشر أو غير مباشر. ثمة مؤامرات أخرى أيضاً، غير أن تحليل خططها التكتيكية ليس موضوعنا ههنا.
    ان اهتمامنا الرئيسي هنا هو لفت نظر الجمهور إلى مخططات الأنقلابات العسكرية المشار إليها. كيف يستطيع أصحاب النزعة العسكرية أن يُسهموا في الديمقراطية الحقة؟ ما داموا مجرد أدوات تبقي بها الطبقات الرجعية والاحتكار الامبريالي سلطانها، ومادامت، كفئة اجتماعية، لا تعرف شيئاً إلاَّ حمل السلاح، ولا همَّ لها إلاَّ الحفاظ على امتيازاتها، فكيف يمكن توقع إخلاصها لبلادها؟
    أحياناً، لما يكون الطغاة في موقف صعب، يصمم العسكريون انقلاباً ويسقطون الدكتاتور الذي أصبح في الحقيقة شديد الافتضاح. ينبغي إدراك أنهم يفعلون ذلك لأن الدكتاتور المباد أضحى عاجزاً عن صون الامتيازات الطبقية دون استخدام منتهى العنف، في حين أن ذلك، ليس في الوقت الحاضر وعلى العموم، بصالح الأوليغارشية الحاكمة.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:53 pm

    يجب ألاَّ ننسى الهدف الأخير:
    غير أن هذا القول لا يعني مطلقاً رفض استخدام رجال عسكريين، في حالات فردية، إذا كانوا قد قطعوا الصلة بطبقتهم الخاصة وخانوها في الواقع. لكن استخدامهم جائز فقط عندما يكونون قد نقلوا ولاءهم إلى القيادة الثورية، وبصفة مقاتلين، لا ممثلين عن فئة اجتماعية.
    لاحظ إنجلس منذ زمن بعيد، في مقدمته للطبعة الثالثة من "الحرب الأهلية في فرنسا"، ان العمال خرجوا من كل ثورة شاكّي السلاح. فقال: لذا كان نزع سلاح العمال أولى فرائض البرجوازيين الذين كان زمام الدولة في أيديهم. من هنا كان ينشأ بعد كل ثورة يظفر بها العمال، صراع جديد ينتهي بهزيمة العمال". (نقلاً عن لينين في "الدولة والثورة").
    تكرر هذا النوع من المد والجزر في العالم الرأسمالي طوال عشرات السنين، وقد تمت به من حين لآخر بعض الإصلاحات الشكلية وثمة أيضاً تراجعات استراتيجية. تنخدع البروليتاريا على هذه الصورة باستمرار بالخدع ذاتها التي ظهرت مرة بعد مرة في القرن الماضي.
    ومن الخطر البالغ أيضاً أن يكون قادة حزب تقدمي مفرطي الغيرة على استخدام بعض وجوه شرعية البرجوازية، أملاً في الحفاظ على أكثر الظروف مؤاتاة للعمل الثوري في وقت ما، فيضيع عليهم بذلك الحد الفاصل (كما يُرى كثيراً في مجرى العمل)، وينسون أن هدفهم الاستراتيجي النهائي هو تولي سلطة الدولة.
    يمكن اجتناب هاتين اللحظتين الصعبتين في الثورة، اللتين حللناهما بإيجاز، ما دام الحزب الماركسي اللينيني القائد يعرف الخطر معرفة تامة في حقبة معينة، وما دام قادراً على تعبئة الجماهير إلى أقصى حد ممكن وعلى قيادتها في الطريق الصحيحة لحل التناقضات الأساسية.
    دور المناطق الريفية:
    افترضنا عند صياغة موضوعاتنا أنه يمكن أن يقبل الشعب احتمال فكرة النضال المسلح وأن يقبل اقتراح حرب الغوار وسيلة للقتال. لماذا نعتقد أن حرب الغوار هي الطريق الصحيحة في الظروف المتحققة في أمريكا اليوم؟ لماذا ينبغي أن تكون حركة الغوار هي وسيلة النضال الرئيسية في أمريكا؟ الأسباب الأساسية، في رأينا، هي الآتية:
    أولاً: ما دام معلوماً أن العدو سوف يقاتل لصون سلطته السياسية، وجب النظر في إزالة جيش القمع. لكن إزالة هذا الجيش تقتضي وجود جيش شعبي يناهضه. لا يأتي هذا الجيش الشعبي إلى الوجود من تلقاء ذاته، أنما ينبغي تسليحه بالسلاح الذي يقدمه العدو. هذا ما يحدد للصراع طابعه الطاحن والمديد، ذلك الصراع الذي يتعرض فيه جيش الشعب وقادته إلى هجمات مستمرة من قوة عدوة متفوقة، إذ تعوزهم وسائل الدفاع والجؤول المناسبة.
    من جهة أخرى، فأن النواة الغوارية العاملة في مناطق مؤاتية للنضال سوف تضمن سلامة واستمرار القيادة الثورية. ويمكن للمفارز المدنية التي تقودها قيادة الجيش الشعبي العامة أن تؤدي أعمالاً في غاية الأهمية. حتى لو حدث أن دمرت هذه الوحدات الصغيرة، فلن يتم سحق مركز الثورة العصبي (القيادة الثورية)، وسوف تمضي قيادة الثورة تبعث روح الجماهير الثورية انطلاقاً من المآزر الريفية، وتنظم قوى جديدة للمعركة القادمة.
    ثم أن جهاز الدولة المقبل سوف يبدأ يتشكل في هذه المنطقة. وسوف يكون مسؤولاً عن ممارسة الدكتاتورية الطبقية الفعلية في المرحلة الانتقالية كلها. وكلما طال أمد الصراع، عظمت وتعقدت مسألة الشؤون الادارية. ينبغي لحل هذه المسألة تدريب جماعة من الملاكات لمعالجة هذه المهمة الصعبة وهي توطيد سلطة الدولة، وفي مرحلة لاحقة، تنمية الاقتصاد.
    ثانياً: ينبغي النظر في الظرف العام لفلاحي أمريكا اللاتينية، وفي طابع نضالهم الذي يزداد انفجاراً ضد البنيات الاقطاعية، في وضع اجتماعي يتعاون فيه المستثمرون المحليون مع المستثمرين الأجانب.

    سوف يكون النضال نضال حياة أو موت:
    لنعد إلى بيان هافانا الثاني: "تحررت شعوب أمريكا في مطلع القرن الماضي من الاستثمار الاسباني، ولكنها لم تتحرر من الاستثمار. اضطلع الملاكون الإقطاعيون بسلطة الحكام الاسبان، وبقي الهنود يعانون عبوديتهم الشاقة، وبقي إنسان أمريكا اللاتينية عبداً بشكل أو بآخر، وماتت أدنى آمال الشعوب من وطأة الفئات الأوليغارشية الحاكمة وطغيان الرأسمال الأجنبي. هذه هي حقيقة أمريكا بدرجات متباينة من الاختلاف. تقع أمريكا اللاتينية اليوم تحت وطأة امبريالية أكثر وحشية وعتّواً وشراسة من الامبريالية الإسبانية.
    "ما هو موقف الامبريالية اليانكية من الثورة الأمريكية اللاتينية ذات الحقيقة الموضوعية والمحتومة تاريخياً؟ انه التأهب لخوض حرب استعمارية ضد شعوب أمريكا اللاتينية. انه إنشاء جهاز من القوة، وإقامة الذرائع السياسية والأدوات شبه القانونية التي يوقع عليها ممثلو الفئات الأوليغارشية الرجعية، لاذلال نضال شعوب أمريكا اللاتينية بالحديد والنار".
    لقد كشف لنا هذا الموقف الموضوعي أن لدى فلاحينا ينابيع قوة كامنة لم يستنبطها أحد، وأنه ينبغي استخدام هذه القوة لتحرير أمريكا.
    ثالثاً: ينبغي النظر في الطابع القاري للنضال.
    هل يمكن اعتبار هذه المرحلة الجديدة من تحرر أمريكا على أنها نزاع على سلطة الدولة بين قوتين محليتين في بعض الأرجاء؟ هيهات. سوف يكون هذا النضال معركة حياة أو موت بين قوى الشعب كافة وقوى القمع كافة. وتتوقع المقاطع المستشهد بها آنفاً هي الأخرى ذلك.

    طابع النضال القاري:
    سوف يتدخل اليانكيون لتدعيم مصالحهم، إذ أنهم يعتبرون الصراع في أمريكا حاسماً. انهم في الواقع قد ساهموا منذ الآن في تنشئة قوى القمع، وأقاموا منظمة للمكافحة على نطاق القارة. وسوف يفعلون ذلك من الآن فصاعداً بكل ما أُوتوا من قوة ويحاولون قمع قوى الشعب بكل ما لديهم من أسلحة الفتك. لن يسمحوا بتوطيد أي نظام ثوري، وإذا ما اشتد ساعد أي نظام ثوري في أحد البلدان، فسوف يهاجمونه، ويرفضون الاعتراف به، ويسعون جهدهم لشق القوى الثورية، ويرسلون كل صنوف المخربين إلى داخله، ويخلقون اضطرابات على الحدود، ويعبئون بعض البلدان الرجعية الأخرى في صف واحد لمناهضته، ويحاولون خنق البلد الوليد اقتصادياً. وقصارى القول أنهم سوف يسعون جهدهم لتدمير هذا البلد الوليد. وبالنظر لهذا الوضع في أمريكا، يصعب جداً لبلد واحد أن يحرز الظفر ويعززه. ينبغي مقاومة تحالف القوى القمعية بتحالف القوى الشعبية. وفي كل البلدان التي بلغ فيها القمع حداً لا يطاق، ينبغي رفع راية الانتفاض، وسوف تتخذ هذه الراية، نظراً للضرورة التاريخية، صفة شمول نطاق القارة. فمثلما قال فيدل إن جبال الآندس سوف تتحول إلى سييرا ماسترا جديدة، كذلك سوف تتحول أرض هذه القارة الواسعة إلى حلبة صراع حياة أو موت مع الحكم الامبريالي.

    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:55 pm

    لا نستطيع التأكيد متى سوف يأخذ هذا الصراع صفة قارية، وكم سوف يدوم، ولكننا نستطيع التنبؤ أن هذا الصراع قادم ومظفر حتماً، لأنه النتيجة المحتومة للظروف التاريخية والاقتصادية والسياسية وليس ثمة وسيلة لتغيير مجراه. إن مهمة القوى الثورية في مختلف البلدان هي المضي قدماً في النضال حالما تنضج الظروف في بلدانها، وبصرف النظر عن الوضع في البلدان الأخرى. ونشر النضال هو الذي سوف يحدد الاستراتيجية العامة بالتدرج. أما التنبؤ بأن النضال سوف يتخذ صفة قارية، فهو نتيجة تحليل مختلف القوى المتصارعة. انه لا ينفي أبداً وقوع انفجارات للصراع بعضها مستقل عن بعض. وكما أن الصراع الذي ينبثق في مكان من بلد لابد أن ينتشر إلى البلد كله، كذلك سوف يؤدي شن حرب ثورية إلى نشر ظروف جديدة في البلدان المجاورة.

    أوائل حرب الغوار:
    يشتمل تطور الثورة المنتظم على تعاقب المد والجزر. المد في الثورة يعني الجزر لتضاد الثورة، وبالمقابل، لما تكون الثورة في نكوص يكون تضاد الثورة في نهوض. يكون موقف القوى الشعبية في مثل هذه اللحظة صعباً وعليها أن تبذل كل جهد لاتخاذ تدابير دفاعية بحيث تعاني الحد الأدنى من الخسائر. ولما كان الأعداء في غاية القوة وحائزين الصفة القارية، ينبغي أن نقتصر على تحليل نواحي ضعف البرجوازية النسبي في منطقة محلية وعلى صياغة قرارات تخص نطاقاً محدوداً. ولنبتعد عن التفكير بأن الفئات الأوليغارشية الحاكمة قد تشكل يوماً تحالفاً مع الشعب المسلح. لقد قرعت الثورة الكوبية جرس الخطر. ثمة استقطاب كامل لمختلف القوى، حيث يقف المستثمِرون في أحد الطرفين، والمستثمَرون في الطرف الآخر. وسوف يميل سواد البرجوازية الصغيرة إلى أي من هذين الطرفين تبعاً لمصلحة الخاصة ولكفاءة أي منهما في اكتسابه سياسياً إليه. وسوف يغدو الحياد حالة استثنائية. تلك هي الحرب الثورية.
    لننظر كيف يمكن إحداث مركز لنشاط الغوار.
    تنتقي وحدات صغيرة ضئيلة القوام بعض الأمكنة المؤاتية لنشاط الغوار، تستطيع التقدم منها للهجوم، والانسحاب إليها ملاذاً، وتبدأ أعمالها في هذه الأمكنة. لكن ثمة نقطة لابد من إيضاحها تماماً: لما تكون الغوارات لما تزل أميَل إلى الضعف، في المرحلة البدئية، عليها أن تركز عملها فقط على تثبيت أقدامها، والتآلف بالبيئة، وإقامة الصلة بالسكان، وتوطيد الأماكن التي يمكن تحويلها إلى مآرز.
    وإذا ما أرادت وحدات الغوار أن تبقى حية في النضال بمثل هذه الظروف، لابد لها أن تحرز صفات ثلاثاً: الجؤول الدائم، واليقظة الدائمة، والاحتراز الدائم، ويؤدي سوء تطبيق هذه العناصر من التكتيك الحربي إلى صعوبة بقاء الغوارات حية. ينبغي التذكر أن بطولات المغاوير في مثل هذه الساعة تقوم على توسيع الهدف الذي سبق تحديده، وعلى اتيان تضحيات عظيمة في سبيل بلوغ الهدف.
    لا تعني هذه التضحيات قتالاً يومياً أو نضال العدو كشافاً. انها أمرّ وأصعب احتمالاً على المغاوير، جسمياً وذهنياً.
    قد يتعرضون لضربات قاصمة من قوى العدو، ويمكن أحياناً أن يهزموهم أو يقتلوهم بعد الأسر. وقد يتم اصطيادهم مثل طرائد الوحش في المناطق التي اختاروها لعملياتهم، وابقاؤهم في حالة استنفار مستمرة، خشية أن يكون العدو في أعقابهم. ينبغي أن يحترزوا من السذاجة في تصديق أي شيء، لأن الفلاحين المروعين، إذا ما أعوزتهم الذريعة أحياناً ورغبوا في التنصل بأنفسهم، قد يسلمونهم إلى جيش القمع. أما الظفر أو الموت. ليس ثمة احتمال آخر. الموت في هذه اللحظات حقيقة داهمة، في حين أن الظفر تُرهة لا يستطيع غير الثوري رؤياها.
    تلك هي بطولة المغاوير. يتبع ذلك أن جؤولهم هو أيضاً شكل من القتال، وأن اجتناب القتال، في لحظة معينة، هو أيضاً شكل للقتال.

    اتساع حرب الغوار:
    مذهبنا في وضع المسألة هو، إزاء تفوق العدو العام، استخدام شكل من التكتيك يساعد على إحراز تفوق نسبي في نقطة مختارة، أما بتركيز قوة أكثر عدداً من العدو، أو باحتلال أرض مؤاتية، بحيث يتغير ميزان القوى. ويمكن ضمان إحراز الأظفار التكتيكية في مثل هذه الظروف، ويفضل الامتناع عن العمل عندما لا يكون التفوق النسبي كثير الوضوح. وما دام ثمة مجال لاختيار "كيف نقاتل" و"متى نقاتل"، ينبغي عدم خوض المعركة عندما لا يكون الظفر أكيداً.
    سوف تمضي الغوارات تنمو وتتوطد في حركة سياسية عسكرية هائلة، ويتم التأريز بالتدريج، فيؤلف العامل الأساسي لاستمرار نمو الغوارات. وسوف تغدو المآزر معاقل لا يستطيع العدو ولوجها دون أن يدفع ثمناً غالياً من الاصابات. انها حصون الثورة وملاذ الغوارات التي تزداد إقداماً في شن الهجمات باتجاه المناطق البعيدة.
    ويأتي يوم يتغلب فيه المغاوير على المصاعب التكتيكية السياسية في أن ينبغي ألا ينسوا لحظة أنهم طلائع الشعب، ولا ينسوا المهمة الملقاة على عواتقهم. لذا وجب عليهم أن يخلقوا المقدمات التي تسبق إقامة نظام ثوري تؤيده الجماهير تأييداً تاماً. ينبغي إجابة مطالب الفلاحين الهامة حسب الظروف، بحيث يصبح السكان برمتهم متحدين كالبنيان المرصوص.
    وإذا كان الوضع الحربي صعباً في المرحلة الابتدائية، فالوضع السياسي لا يقل عنه دقة.
    فإذا كانت خطيئة حربية واحدة قد تؤدي إلى تدمير الغوارات، فأن خطيئة سياسية قد توقف نمو الغوارات لمدة طويلة جداً.
    النضال حربي وسياسي معاً، ولذا يجب نشره وفهمه على هذا النحو.
    ولما كانت الغوارة تنمو بانتظام، فسوف يأتي وقت تحوز فيه عدداً زائداً من الرجال، وتركيزاً مفرطاً للقوى في المنطقة التي لا تستطيع قدرتها على العمل أن تغطيها. يبدأ التأثير عندئذ على نمط تثويل النحل، حيث يقفز أحد قادة الغوار، ويكون مغاوراً بارزاً، على رأس رجاله، إلى منطقة أخرى، ويعيد نشر سلسلة حرب الغوار، تحت القيادة المركزية طبعاً.

    يجب أن نبني جيشاً شعبياً:
    والخلاصة، أنه ينبغي الإشارة إلى عدم إمكان الظفر بدون بناء جيش شعبي. يمكن توسيع الغوارات عددياً إلى حد ما ويمكن أن تنزل قوى الشعب الأذى بالعدو في بعض المدن والمناطق التي يحتلها، إلاَّ أن قوة الرجعيين العسكرية قد تبقى سالمة. ينبغي التذكر دائماً أن النتيجة النهائية يجب أن تكون إزالة العدو. لذلك ينبغي أن تبقى مناطق الغوار المفتتحة حديثاً، والمناطق العميقة في مؤخرة العدو. والقوى العاملة في المدن الرئيسية، كلها تحت امرة القيادة. ليس هذا نظام مرؤوسية ضيق من رتبة إلى أخرى كما في الجيش النظامي، بل علاقة مرؤوسية في الاستراتيجية. يترك للغوارة الواحدة بعض التصرف في العمل، لكن عليها أن تنفذ كافة الاستراتيجية الصادرة عن القيادة العامة الموجودة في أوثق وأمنع منطقة بغية تهيئة الظروف لاستخدام القوى بشكل مركزي في مرحلة معينة.
    تجتاز حرب الغوار أو حرب التحرر، على العموم، مراحل ثلاثاً. تبدأ بمرحلة الدفاع الاستراتيجي، عندما تقوم الوحدات الصغيرة، سريعة الجؤول والاختفاء، بطعن العدو من وقت لآخر، لكنها لا تنسحب إلى منطقة صغيرة بغية الدفاع السلبي. ان دفاعها يعني شن كل الهجمات الصغيرة الممكنة. يتلو ذلك مرحلة التوازن الاستراتيجي، عندما يكون ثمة نشاط من العدو والمغاوير معاً. ثم تبلغ المرحلة النهائية، مرحلة انهيار جيش القمع. يحتل المغاوير عندها المدن الكبرى ويخوضون معارك كبيرة حاسمة ويسحقون العدو سحقاً تاماً ناجزاً.
    بعد أن تبلغ حرب الغوار مرحلة التوازن لدى جيوش الطرفين، تتخذ صفات جديدة إبَّان تطورها اللاحق. يأخذ مفهوم المناورة بالتكوّن، وتظهر الوحدات الكبيرة القادرة على مهاجمة المعاقل المحصنة جيداً، وتبدأ ممارسة حرب الحركة التي تستلزم تحريك عدد كبير من الجنود وشهر أسلحة هجومية، غير أن العدو ما زال قادراً على المقاومة والهجوم المعاكس، ولذا لا يمكن أن تحل حرب الحركة كلياً محل حرب الغوار. انها لا تعدو شكلاً من العمليات في تطور حرب الغوار، وهي أعظم تركيز لقوى الغوار، ذلك إلى أن يتم تشكيل عدة جيوش من القوى الشعبية. وحتى بعد ذلك، سوف تتابع الغوارات استخدام طريقة قتال الغوار "البحتة"، في عمل منسَّق مع عمليات القوى الرئيسية، لنسف وسائل النقل والمواصلات، وتخريب آلة دفاع العدو برمتها.

    سوف يكون النضال طويلاً ودامياً:
    تنبأنا أن الحرب سوف تكون ذات صفة قارية. يعني هذا أنها سوف تكون مديدة أيضاً. سوف تكون هناك جبهات قتال كثيرة وسوف تكلف دماء كثيرة ونفوساً لا تحصى لمدة طويلة. وفق ذلك، فأن ظاهرة استقطاب القوى التي أخذت تتبادر في أمريكا، والانفصام الواضح بين المستثمِرين والمستثمَرين في الحروب الثورية المقبلة، يشيران إلى أن طليعة الشعب المسلحة، متى هبت لتولي سلطة الدولة، فأن البلد أو البلدان التي تم فيها تولي سلطة الدولة، سوف تزيل في الوقت ذاته للمضطهِدين، من امبرياليين ومستثمِرين محليين، فيتم تحقيق المرحلة الأولى من الثورة الاشتراكية، ويبادر الشعب إلى تضميد الجراح، ويشرع في البناء الاشتراكي.
    هل ثمة إمكان أقل شراسة؟
    لقد تم تمزيق العالم منذ زمن بعيد، وأخذت الولايات المتحدة حصة الأسد في قارتنا. وراح امبرياليو العالم القديم يهيئون عودة لهم. وأخذت قوة السوق الأوروبية المشتركة العاتية تهدد حتى الولايات المتحدة. يحدو كل ذلك ببعض الناس إلى الاعتقاد بأنه قد يكون ثمة إمكان لتشكيل تحالف مع الدكتاتورية الوطنية، وهي الأكثر قوة منا، لترقُّب الصراع بين الامبرياليين بذراعين مكتوفتين، بحثاً عن فرصة لإحراز بعض التقدم. يجب أن نفهم أن سياسة سلبية في الصراع الطبقي لا تؤتي أبداً نتائج حسنة. لأن الدكتاتورية، مهما بدت ثورية في وقت من الأوقات، لا يمكن أن يكون التحالف معها إلاَّ موقوتاً. فإذا ما تجاوز المرء عن هاتين النقطتين، سلك طريقاً أخرى، إذا ما أدخل العامل الزمني في الحساب. لقد أخذت التناقضات الأساسية في أمريكا اليوم تحتدم بسرعة كبيرة إلى حد أنها طفقت تتداخل في تطور التناقضات "الطبيعي" بين المعسكرين الدكتاتوريين المتناحرين على الأسواق.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:57 pm

    اليقين بالنصر:
    إن غالبية البرجوازية الوطنية مترابطة مع امبريالية الولايات المتحدة، وتريد ربط مصيرها بها في كل بلد. وحتى لو حصلت مساومة واتفاق في التناقض القائم بين البرجوازية الوطنية وسائر الامبريالية من جهة، وبين امبريالية الولايات المتحدة من جهة أخرى، فلا يتعدى ذلك بعد فلك الصراع الرئيسي الذي لابد أن يشمل المستثمِرين والمستثمَرين كافة إبان تطوره. ان استقطاب القوى الطبقية المتصارعة أسرع كثيراً من استفحال التناقضات بين المستثمِرين على تقاسم الأسلاب. المعسكران متمايزان، والاختيار واضح لكل فرد وكل فئة.
    يسعى "التحالف من أجل التقدم"[98] إلى تقييد ما لا يمكن تقييده.
    غير أنه، بحال إحراز السوق الأوروبية المشتركة، أو كتل امبريالية أخرى، تقدماً في الأسواق الأمريكية يتجاوز تطور التناقض الأساسي، يكون على القوى الشعبية عندئذ أن تشق طريقها خلال الثغرة الحادثة، وتخوض النضال كله وتفيد من المتدخلين الجدد، متذكرة هدفها الخاص النهائي.
    ينبغي عدم تسليم أي موضع أو سلاح أو سر إلى العدو الطبقي، والا خسرنا كل شيء.
    الواقع أن النضال قائم منذ الآن في أمريكا. ألن تهبّ أعاصير النضال في فينزويلا وغواتيمالا وكولومبيا وبيرو واكوادور.؟ هل صحيح أن القتال الحالي فيها لا يعدو كونه تعبيراً عن اندفاع جامح لا طائل فيه؟ أن ثمرة نضال هذا اليوم ليست شيئاً ملموساً. قد تنقطع الحركة إلى حين، ولكن ذلك طفيف الأثر على النتيجة النهائية. المهم هو نضوج التصميم على النضال يوماً بعد يوم، ووعي ضرورة التغيير الثوري، والاقتناع الراسخ بإمكان ذلك.
    هذا تنبؤ. قناعتنا راسخة بأن التاريخ سوف يظهر أننا على حق. وقد أوضح لنا تحليل العوامل الذاتية والموضوعية في أمريكا وفي عالم البروليتاريا، أن التأكيدات التي قدمناها على أساس بيان هافانا الثاني هي صحيحة.



    الدور الاجتماعي للجيش المتمرد[99]
    هذه الأُمسية هي أُمسية الذكرى، ولذا أود ان أُلخِّص ما كانت عليه حركة 26 تموز، وما هي عليه الآن، قبل أن أدخل في صلب الموضوع أي في مغزاه التاريخي.
    لا أستطيع العودة إلى الوراء حتى الهجوم على ثكنة مونكادا، وفي 26 تموز 1953. وإنما أريد أن أتحدث عما يختص بمشاركتي في الأحداث المختلفة التي أدت إلى انتصار الثورة في أول كانون الثاني الأخير.
    فلنبدأ إذاً هذا التاريخ كما بدأ بالنسبة لي، في المكسيك.
    إنه لأمر مهم جداً بالنسبة لنا جميعاً أن نعرف فكر أولئك الذين يؤلفون جيشنا المتمرد؛ وفكر تلك الجماعة التي اندفعت في مغامرة غرانما، وتطور هذا الفكر الذي تولّد داخل حركة 26 تموز وتحوّلاته المتتالية تبعاً لمراحل الثورة، كي نصل إلى درس هذا الفصل الآخر الذي يختتم به الشطر التمردي.
    قلت لكم إني تعرفت إلى الأعضاء الأوائل في حركة 26 تموز في المكسيك. كان المسقط الاجتماعي للجماعة مختلفاً كل الاختلاف قبل حادثة غرانما، وقبل أن يقع الانقسام الأول داخل حركة 26 تموز، زمن الهجوم على ثكنة المونكادا، وأذكر أني عرضت أثناء اجتماع سري عُقد في منزل من منازل مكسيكو ضرورة تقديم برنامج ثوري لشعب كوبا، وقد أجابني أحد محاربي المونكادا، الذي هجر لحسن الحظ حركة 26 تموز، جواباً ما أزال أذكره فقال: "هذا أمر بسيط جداً، يجب أن نقوم بانقلاب، باتيستا قام بانقلاب واستلم الحكم في يوم واحد؛ ومن الضروري وقوع انقلاب ثانٍ لطرده... إرتضى باتيستا بمائة تنازل للأمريكيين، وسنقدم لهم نحن مائة تنازل آخر". كانت المسألة بالنسبة إليه مسألة الاستيلاء على الحكم. وكنت أرى من جانبي أن نقوم بهذا الانقلاب على أساس بعض المبادئ، وأن المهم في الأمر هو أيضاً معرفة ماذا سنفعل عندما نصير في الحكم لقد رأيتم ما الذي كان يفكر به عضو من أعضاء الفترة الأولى لحركة 26 تموز؛ بيد أنه، لحسن حظنا، كما قلت لكم، هجر حركتنا الثورية وسلك طريقاً أخرى كجميع أولئك الذين كانوا يفكرون مثله.
    إنطلاقاً من تلك اللحظة بدأت ترتسم ملامح الجماعة التي ستنطلق فما بعد إلى الغرانما؛ تكونت بصعوبة كبيرة لأننا كنا ملاحقين باستمرار من السلطات المكسيكية التي توصلت إلى تعريض نجاح حملتنا لخطر شديد. لقد عملت بعض الأسباب الداخلية على التقليل من عدد أعضاء حملتنا؛ منها مثلاً موقف بعض الأفراد الذين كان يبدو أنهم يريدون في البداية الاشتراك في المغامرة ثم هجرها بحجة من الحجج. وفي نهاية المطاف، بقي 82 رجلاً للنزول في غرانما. أما تتمة القصة فمعروفة تماماً لدى الشعب الكوبي.
    إن ما يهمني، وما أجده هاماً، هو الفكر الاجتماعي للذين ظلوا على قيد الحياة بعد أليغريا ده بيو Alegria de pio وهي النكبة الأولى والوحيدة التي حلت بالجيش المتمرد طوال فترة التمرد. كنا حوالي خمسة عشر رجلاً مضعضعين جسمياً بل ومعنوياً، ولم نستطع مواصلة الكفاح إلاَّ بفضل الثقة الكبرى لدى فيدل كاسترو في تلك اللحظات الحاسمة، وبفضل شخصيته القوية كزعيم ثوري وإيمانه بالشعب إيماناً لا يتزعزع. كنا من رجال المدينة نطوف بالسييرا ماسترا دون أن نكون ملتصقين بها. كنا ننتقل من كوخ إلى كوخ، ولم نكن، بطبيعة الحال، نمس شيئاً مما لا نملك؛ حتى أنا لم نكن نأكل شيئاً لا نقدر على دفع ثمنه (وغالباً ما كان هذا المبدأ يسلمنا للجوع). كنا جماعة تلقى التسامح من الناس لكنها لم تكن مندمجة بهم؛ ودام هذا الحال زمناً طويلاً... لقد قضينا عدة أشهر تائهين في أعالي القمم من جبال سييرا ماسترا حيث كنا نعود إلى الصعود بعد القيام بعمليات متفرقة وكنا ننتقل من قمة إلى أخرى، في منطقة خالية من الماء، والحياة فيها شاقة غاية المشقة.
    تبدل شيئاً فشيئاً موقف الفلاح منا بسبب القمع الذي تقوم به قوات باتيستا؛ فقد كانت تقتل وتدمر المنازل وتظهر عداءً شاملاً لأولئك الذين كانوا يتصلون بجيشنا المتمرد أقل اتصال، حتى لو كان عرضياً. ووجد هذا التبدل تعبيره بظهور قُبعة القش لدى مغاويرنا وتحوَّل تدريجياً جيشنا المؤلف من مدنيين إلى جيش فلاحي. وعندما أنضم الفلاحون (الغواخييروس) إلى النضال المسلح للمطالبة بالحرية وبالعدالة الاجتماعية، ظهرت الكلمة السحرية التي ستعبئ الجماهير المضطهدة الكوبية في النضال من أجل امتلاك الأرض: الإصلاح الزراعي. وهكذا تحدد المشروع الاجتماعي الكبير الأول الذي سيصير لواء حركتنا، رغم فترة القلق الشديد التي وجب أن نمر بها بسبب سياسة جارتنا الشمالية الكبرى. في تلك الفترة، كان حضور صحفي أجنبي، والأفضل أن يكون أمريكياً أهم بالنسبة إلينا من تحقيق نصر عسكري. وكنا نهتم بالمناضلين الأمريكيين، الذين يمكن أن ينفعونا في تصدير دعايتنا الثورية، أكثر من اهتمامنا بانضمام الفلاحين الذين كانوا يجلبون للثورة إيمانهم ومثلهم الأعلى.
    وفي هذا الوقت بالذات وقع في سانتياغو حادث مؤسف: مصرع رفيقنا فرانك بايس F.Pais، فكان انعطافاً لبنية الحركة الثورية كلها. لقد تأثر شعب سانتياغو كوبا تأثراً عميقاً لموت فرانك بايس فنزل عفوياً إلى الشارع: وقد شَلّتْ هذه المحاولة الأولى للإضراب السياسي العام شللاً تاماً مقاطعة أوريانته رغم غياب القيادة، وترددت أصداؤه في مقاطعتي كاماغواي ولاس فيلاس. وصفّت الديكتاتورية هذه الحركة التي انبثقت دون تحضير ودون إشراف ثوري. هذه الظاهرة الشعبية قد أتاحت لنا أن نلتفت إلى وجوب إدخال الشغيلة في الكفاح لتحرير كوبا؛ وفي الحال بدأت النشاطات السرية في المراكز العمالية للقيام بإضراب عام يساعد الجيش المتمرد على الاستيلاء على السلطة.
    وهكذا بدأت حملة تنظيمات سرية بروح تمردية؛ بيد أن الذين شجعوا هذه الحركات لم يكونوا يعرفون حقاً مغزى النضال الجماهيري وتاكتيكه، فقادوه في طرق مضللة إطلاقاً، لأنهم لم يؤمنوا بالروح الثورية وبوحدة المقاتلين، ولأنهم حاولوا توجيه الإضراب من القمة، دون أن تكون لهم أية صلات بقاعدة المضربين.
    إن انتصارات الجيش المتمرد والنشاطات السرية الضارية قد هزت البلاد وخلقت غلياناً كبيراً إلى حد إعلان الإضراب العام في 9 نيسان، وقد فشل الإضراب لأسباب تنظيمية على وجه الضبط، وخاصة بسبب انعدام الاحتكاك بين الجماهير العمالية والقيادة. بيد أن التجربة كانت مفيدة وحدث في حركة 26 تموز صراع إيديولوجي أثار تبديلاً جذرياً في نظرتها إلى واقع البلاد وفي تنظيم قطاعات نشاطها.
    خرجت حركة 26 تموز من الإضراب الفاشل عزيزة الجانب وقد علّمت التجربة قادتها حقيقة ثمينة: هي أن الثورة ليست ملكاً لهذه الجماعة أو تلك، بل يجب أن تكون من عمل الشعب الكوبي بأسره، فتوجّهت طاقات مناضلي حركتنا كلها هذه الوجهة، في السهل وفي الجبل على السواء.

    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:58 pm

    وفي هذه الفترة وقعت محاولات الجيش المتمرد الأولى لإعطاء الثورة نظرية وعقيدة بتقديم البراهين الملموسة عن التنمية والنضج السياسي للحركة التمردية. فقد انتقلنا من المرحلة التجريبية إلى المرحلة البنّاءة، ومن المحاولات إلى الأفعال النهائية. وفي الحال أخذت "الصناعات الصغيرة" في السييرا ماسترا في الظهور. لقد حصل تحوُّل مماثل لذلك الذي كان أجدادنا قد عرفوه قبلنا بكثير: إذ انتقلنا من الحياة البدوية إلى الحياة الحضرية، فنشأ مركزان للإنتاج تبعاً لحاجاتنا الملحة. وهكذا أوجدنا مصنعاً للأحذية، ومصنعاً للأسلحة وورشة كنا نعيد فيها تركيب القنابل التي كان الطغيان يرمينا بها، لنردها إلى جنود باتيستا بشكل ألغام.
    إن رجال جيشنا المتمرد ونساءه لم ينسوا قط، لا في السييرا ماسترا ولا في مكان آخر، أن رسالتهم الرئيسية هي تحسين شروط الفلاح، والاندماج في الكفاح من أجل الأرض ومساعدته بفضل المدارس التي أنشأها المعلمون المرتجلون في الأماكن الأكثر وعورة من منطقة أوريانته. ففي هذه الأماكن جرت المحاولة الأولى لتوزيع الأراضي وفق نظام زراعي حرّره بصورة رئيسية الدكتور هومبرتو سوري ماران وفيدل كاسترو، وكان لي شرف المعاونة في هذا العمل، ووُزعت الأراضي توزيعاً ثورياً على الفلاحين، فاحتُلّتْ ملكيات كبيرة تخص خدم الدكتاتورية ووزعت، وصارت شيئاً فشيئاً جميع أراضي الدولة ملكاً لفلاحي المنطقة. لقد حان الوقت لأن نحدد هويتنا تحديداً تاماً كحركة فلاحية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأرض تحت راية الإصلاح الزراعي.
    عرفنا فيما بعد نتائج إضراب 9 نيسان الفاشل، فقد بدأنا نشعر في نهاية أيار بالقمع الوحشي الذي لجأ إليه باتيستا إذ أحدث بين كوادرنا المناضلة تراخياً خطيراً جداً كان من شأنه أن يؤدي إلى نتائج مفجعة لقضيتنا. لقد هيأت الديكتاتورية هجومها الأكثر وحشية. فهاجم عشرة آلاف جندي مدججين بالسلاح مواقعنا حوالي 25 أيار من السنة الأخيرة، وركزوا هجومهم على الرتل رقم 1 الذي كان يقوده شخصياً قائدنا الأعلى فيدل كاسترو. كان الجيش المتمرد يحتل رقعة ضيقة جداً ولم يكن أحد يصدق أن نستطيع الصمود لهذه الجمهرة المؤلفة من عشرة ألاف جندي بثلاثمائة بندقية من بنادق الحرية، البنادق الوحيدة التي كانت موجودة ذلك الوقت في السييرا ماسترا. وبفضل قيادة تكتيكية جيدة، انتهى هجوم باتيستا في 30 تموز، وانتقل المتمردون من الدفاع إلى الهجوم: فاستولينا على أكثر من ستمائة قطعة سلاح جديدة (أي أكثر من ضعف عدد البنادق التي بدأنا بها المعركة) وبلغت خسائر العدو أكثر من ألف رجل بين قتيل، وجريح، وهارب وأسير.
    في نهاية هذه المعركة كان الجيش المتمرد مستعداً لأن يبدأ هجوماً في السهل، هجوماً تكتيكياً وسيكولوجياً، لأن سلاحنا لم يكن قادراً على منافسة سلاح الدكتاتورية في الكيفية وأقل قدرة على منافسته في الكمية. إنها حرب اعتمدنا فيها دوماً على الشعب، ذلك الحليف الذي لا يُقدَّر بوزنٍ ولا ثمن. كانت أرتالنا تستطيع على الدوام أن تخدع العدو وتحتل أفضل المواقع، وبفضل الميزات التكتيكية والمعنويات العالية لجنودنا، وكذلك بفضل مساعدة الفلاحين مساعدة هامة جداً. فقد كان الفلاح المتعاون غير المرئي الذي يتكفل بكل مالم يكن يستطيع المتمرد فعله، ينقل إلينا المعلومات، ويراقب العدو، ويترصد نقاطه الضعيفة، وينقل بسرعة الرسائل العاجلة، ويتجسس حتى في صفوف جيش باتيستا. لم يكن ذلك أعجوبة بل نتيجة لسياسة المطالب الزراعية التي شرعنا بها بقوة. وأمام عنف الهجوم وحصار الجوع اللذين طوّقا السييرا ماسترا صعد إلى الجبل عشرة آلاف رأس من البقر جُمِعت من الملكيات المجاورة بأكملها، وقد استُخْدِمتْ في تغذية الجيش المتمرد، لكنها وزِّعت كذلك على الفلاحين الفقراء الذين عرفوا الرخاء لأول مرة في هذه المنطقة القاحلة بشكل خاص، ولأول مرة أُتيح للفلاحين الصغار أن يشربوا الحليب وأن يأكلوا لحم البقر. ولأول مرة عرفوا محاسن الثقافة، لأن الثورة جلبت معها المدارس. وهكذا تكوّن لدى الفلاحين جميعاً رأى محبذ لنظامنا.
    ومن جهة أخرى كانت الديكتاتورية تقدم لهم بانتظام حرق منازلهم، وطردهم من أرضهم وقتلهم، كان الموت يأتيهم من الأرض كما كان يأتيهم من السماء، وكان جيراننا الديمقراطيون في الشمال قد قدَّموا بطيبة خاطر لباتيستا قنابل نابالم تزن 500 كيلو غرام ليرهب بها السكان. كان سقوط هذه القنابل يزرع الخراب في دائرة قطرها يزيد عن مائة متر. إن سقوط قنبلة نابالم على مزرعة للبُن يعني خراب هذه الثروة في قطر يبلغ مائة متر وضياع سنوات العمل التي تمثلها، وإن التعويض عما خُرِّبَ في دقيقة يقتضي جهد خمس أو ست سنوات.
    في هذه الفترة بدأ السير على لاس فيلاس. وأتحدث عنها لا لأني شاركت فيها، بل لأننا رأينا لدى وصولنا إلى لاس فيلاس منظراً سياسياً واجتماعياً جديداً للثورة.
    وصلنا إلى لاس فيلاس مع عَلَم 26 تموز، وكانت الادارة الثورية، وجماعات جبهة الايسكامبري الثانية، وجماعات الحزب الاشتراكي الشعبي والجماعات الصغيرة من المنظمة الأصلية تناضل هناك ضد الديكتاتورية. كان يجب أن نُنجِز مهمة سياسية خطيرة وقد بدا أكثر من أي وقت مضى أن الوحدة كانت عنصراً أولوياً من عناصر النضال الثوري. كانت على حركة 26 تموز وعلى رأسها الجيش المتمرد، أن توحِّد مختلف العناصر المستاءة التي وجدت في عمل السييرا ماسترا الحافز الوحيد إلى الوحدة. كان يجب قبل كل شيء وضع خطة لهذه الوحدة التي كان عليها أن تجمع شمل منظمات السهل ومجموعات المحاربين على حد سواء. لقد وَجَبَ علينا أن ننصرف إلى عمل غاية في الأهمية هو تصنيف جميع الأقسام العمالية في المقاطعة. فاصطدمنا بخصوم عديدين. منهم خصوم في صفوف حركتنا نحن كانوا ما يزالون يعانون مرض التشيُّع.
    فور وصولنا إلى لاس فيلاس، كان أول عمل حكومي قمنا به - قبل إنشاء المدرسة الأولى- نشر تصريح بتطبيق الإصلاح الزراعي، وقد نصّ هذا التصريح على بنود كثيرة منها أنّ على مالكي قطع الأرض الصغيرة أن يمتنعوا عن دفع أجورهم حتى تفصل الثورة في كل حالة على حدة. لقد صار الإصلاح الزراعي رأس الحربة للجيش المتمرد. ولم يكن ذلك مناورة ديماغوجية، فبعد عشرين شهر فقط من الثورة، صارت الصلات بين القادة والجماهير الفلاحية وثيقة إلى حد إنها كانت تدفع الثورة في بعض الأحيان إلى العمل بصورة غير متوقعة. لم نكن نحن الذين ابتكرنا الإصلاح الزراعي، بل إن الفلاحين هم الذين دفعونا إليه فقد أقنعناهم أن النصر مؤكد إذا تسلحوا، وتنظموا، وكفوا عن خشية العدو. وفرض الفلاحون، من جانبهم، على الثورة، وقد كانت لديهم أسباب وجيهة لذلك، الإصلاح الزراعي، ومُصَادرة قطعان البقر، وجميع التدابير ذات الصفة الاجتماعية التي اتخذت في السييرا ماسترا.
    في زمن المهزلة الانتخابية في 3 تشرين الثاني، نشر القانون رقم 3 في السييرا ماسترا، كان ينص على إجراء إصلاح زراعي حقيقي وحتى لو لم يكن تاماً فقد كان يتضمن نقاطاً إيجابية جداً: توزيع أراضي الدولة، وأراضي خدم الديكتاتورية وأولئك الذين يمتلكون سندات ملكية حصلوا عليها بواسطة مناورات دنيئة مثل ملتهمي الأراضي الذين احتكروا آلاف الكاباليرياس، وإعطاء صغار المزارعين الذين كانوا يدفعون أُجوراً تقل عن 2 كاباليرياس ملكية الأرض التي كانوا يشغلونها. كان كل ذلك بالمجان. فالمبدأ كان ثورياً جداً. وقد استفاد من الإصلاح الزراعي أكثر من مائتي ألف عائلة بيد أن الثورة الزراعية لم تنته بالقانون رقم 3. فما يزال على الثورة أن تسن القوانين للحد من الملكية الكبيرة كما ينص على ذلك الدستور. ويجب عليها أن تحدّد بالضبط ما هي الملكية الكبيرة التي تميز بنيتنا الزراعية. إن الملكية الزراعية الكبيرة، العلة الأكيدة لفقر بلادنا ولجميع الشرور التي تعاني منها الجماهير الفلاحية، لم تمس بعد.
    وسيكون على الجماهير الفلاحية المنظمة أن تفرض قانوناً، يحظّر الملكية الكبرى، تماماً كما أرغمت الجيش المتمرد على فرض مبدأ الإصلاح الزراعي المتضمن في القانون رقم 3. علينا كذلك أن نأخذ بعين الاعتبار وجهاً آخر للمسألة: فالدستور ينص على أنَّ كل نزع لملكية الأرض يجب أن يسبقه دفع تعويض نقدي فإذا نفذ الإصلاح الزراعي حسب هذا المبدأ، كان بطيئاً وباهظ التكاليف. إن العمل الجماعي للفلاحين الذين كسبوا الحق في الحرية منذ انتصار الثورة أمر ضروري كذلك للمطالبة ديمقراطياً بالشذوذ عن هذا المبدأ وليكون بمقدور الثورة أن تحقق دون منازعة إصلاحاً زراعياً حقيقياً وعميقاً[100].
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 12:59 pm

    وهكذا نصل إلى الدور الاجتماعي للجيش المتمرد، فقد حققنا الديمقراطية المسلحة وعندما وضعنا خطة الإصلاح الزراعي واحترمنا متطلبات القوانين الثورية الجديدة التي تكملها وتجعلها قابلة للحياة وفورية، كنا نفكر بالعدالة الاجتماعية المتمثلة في إعادة توزيع الأرض كما كنا نفكر بخلق سوق داخلية واسعة وبتنويع الزراعات، هذان الهدفان الجوهريان واللذان لاينفصلان عن الحكم الثوري لايمكن تأجيلهما، باعتبارهما يمثلان مصلحة الشعب.
    إن جميع الفاعليات الاقتصادية مرتبطة فيما بينها. فعلينا أن نمضي في تصنيع البلاد، دون أن نهمل المشكلات العديدة التي تؤدي إليها. بيد أن سياسة التصنيع تقتضي اتخاذ بعض التدابير الجمركية الخاصة بحماية الصناعة الناشئة وإيجاد سوق داخلية قادرة على امتصاص البضائع الجديدة. ونحن لا نستطيع توسيع هذه السوق إلاَّ إذا أدخلنا إليها الجماهير الفلاحية الواسعة، أولئك الفواخيروس الذين لا يملكون القدرة الشرائية والذين لا يستطيعون حالياً شراء مايسدون به حاجاتهم.
    نحن نعي أن هذه الأهداف ليست الأهداف الوحيدة وأنها تلقي على عاتقنا مسؤولية كبيرة جداً. ويجب أن نتوقع عداء أولئك الذين يشرفون على أكثر من 75 % من مبادلاتنا التجارية ومن سوقنا. ويجب توقُعاً لهذا الخطر، أن نستعد لتطبيق تدابير مضادة، خاصة التعريفة الجمركية والإكثار من الأسواق الداخلية. فنحن بحاجة إلى خلق أسطول تجاري كوبي لنقل السكر، والتبغ، والبضائع الأخرى، وسيؤثر امتلاك هذا الأسطول تأثيراً مشجعاً جداً على كيفية النقل البحري الذي يرتبط به إلى حد كبير تقدم البلدان النامية مثل كوبا.
    وإذا كان علينا أن نضع موضع العمل برنامجاً تصنيعياً، فالأهم أن نستثمر المواد الأولية التي كان الدستور يدافع عنها بحكمة وكانت ديكتاتورية باتيستا تسلمها للإحتكارات الأجنبية. علينا أن نشتري باطن أرضنا، ثرواتنا المنجمية. وهنالك عنصر آخر مهم من عناصر التصنيع هو الكهرباء. سنتأكد من أنَّ الكهرباء قد أوكلت إلى كوبيين. كما يجب أن تؤمم شركة الهاتف التي تُسَيِّر العمل بشكل سيء وباهظ التكاليف.
    فعلى أية موارد يجب أن نعتمد لننفذ على خير وجه مثل هذا البرنامج؟ لدينا الجيش المتمرد، وهو الذي يجب أن يكون أداتنا الأولى في الكفاح، وسلاحنا الأكثر إيجابية والأشد مضاء؛ يجب أن نحطم كل ما تبقى من الجيش الباتيستي. ويجب أن ندرك جيداً أنَّ هذه التصفية لا تمت بصلة إلى روح الانتقام ولا حتى للعدالة وحدها، بل علينا أن نحيط أنفسنا بجميع الضمانات لتحقيق مكتسبات الشعب في أقصر المهل.
    لقد قهرنا جيشاً أكثر عدداً من جيشنا بكثير بفضل مساهمة الشعب، وتكتيك محكم، وخلق ثوري. والآن يجب علينا أن نسلم بأن جيشنا ما زال غير مهيأ لمسؤولياته الجديدة، مثل الدفاع دفاعاًً فعالاً عن الأرض الكوبية كلها. ويجب أن نقوم سريعاً بإعادة النظر في بنية الجيش المتمرد لأننا شكلنا أثناء الكفاح جيشاً مسلحاً من الفلاحين والعمال، معظمهم أُميّون، وغير مثقفين ومحرومون من كل تكوين تقني. علينا إعداد هذا الجيش للمهام العظيمة التي يجب على أفراده مواجهتها وتزويدهم بتكوين تقني وثقافي.
    إن الجيش المتمرد هو طليعة الشعب الكوبي، وإذا كنا نتحدث عن التقدم التقني والثقافي فيجب علينا أن نعرف المعنى العصري لهذه الكلمات. لقد بدأنا تربيته تربية رمزية في اجتماع تسوده بصورة تكاد تكون حصرية روح مارتي وتعاليمه. إن إعادة البناء القومي يجب أن تحطم كثيراً من الامتيازات؛ فعلينا إذاً أن نكون مستعدين للدفاع عن الأمة ضد أعدائها الصريحين أو المتسترين. ويجب أن يتآلف الجيش الجديد مع الشروط الجديدة المتولدة من هذه الحرب التحريرية: نحن نعلم أننا إذا هوجمنا من قبل جزيرة صغيرة فإنما يعود الفضل لمساندة دولة تكاد تشكل قارة؟ وعلينا أن نتحمل على أرضنا عدواناً عاتياً.
    يجب إذاً أن نحترز وأن نعد تقدمنا بروح الغوار واستراتيجيته، بحيث لا يتفكك دفاعنا لدى أول هجوم، ويحتفظ بوحدته المركزية. يجب أن يتحول الشعب الكوبي بأسره إلى جيش من الغوار فالجيش المتمرد جسم في أوج نموه لا يحدُّه في تنميته سوى رقم واحد هو الملايين الستة من الكوبيين ويجب أن يتعلم كل كوبي استخدام الأسلحة وأن يعرف متى يجب أن يستخدمها للدفاع عن نفسه.
    عرضتُ عليكم الخطوط الكبرى لدور الجيش المتمرد بعد النصر ودوره في دفع الحكومة إلى الاستجابة للمطامح الثورية.
    بقي أن أحدثكم في نهاية هذه الكلمة عن أمر هام، عن المثل الذي جسدته ثورتنا بالنسبة لأمريكا اللاتينية، وعن تعاليمها التي حطمت جميع نظريات الصالونات: فقد أثبتنا أن فئة صغيرة من الرجال المصممين، الذين يساندهم الشعب والذين لا يخافون من الموت، يمكن أن تتوصل إلى فرض إرادتها حيال جيش نظامي انضباطي وإلى قهره. ذلك هو الدرس الأساسي. ينتج عنه درس آخر يجب أن يفيد إخواننا في أمريكا الذين يصنفون على الصعيد الاقتصادي في زمرتنا الزراعية ذاتها: هو أنه يجب عليهم أن يقوموا بثورات زراعية، وأن يناضلوا في الأرياف، وفي الجبال، وأن يحملوا الثورة من هناك إلى المدن وألاّ يطمحوا إلى القيام بالثورة دون محتوى اجتماعي راسخ.
    والآن، تطرح، بعد تجاربنا، مسألة مستقبلنا، المرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل جميع البلدان النامية في أمريكا اللاتينية. فالثورة ليست مقصورة على الأمة الكوبية، بل لامست وعي أمريكا كلها واستنفرت جدياً أعداء شعوبنا. ولذا أعلنّا أن كل محاولة للعدوان ستصدُّ بقوة السلاح. لقد أحدث مثال كوبا فَوَرَاناً كبيراً في أمريكا اللاتينية كلها وفي البلدان المضطهدة. إن الثورة أمهلت الطغاة في أمريكا اللاتينية، أعداء الأنظمة الشعبية كما أمهلت الاحتكارات الأجنبية. وبما أننا بلد صغير، فنحن بحاجة لمساندة جميع الشعوب الديمقراطية، وبخاصة في أمريكا اللاتينية.
    يجب أن نعلن بكل وضوح، على العالم أجمع، الأهداف النبيلة للثورة الكوبية وأن نستعين بالشعوب الصديقة في هذه القارة، شمالها وجنوبها. ويجب أن نخلق اتحاداً روحياً لبلداننا كلها، اتحاداً يتجاوز الثرثرة والتعايش البيروقراطي ليترجم إلى مساعدة فعلية لإخوتنا الذين نعرض عليهم تجربتنا.
    وأخيراً يجب أن نفتتح طرقاً جديدة نحو تعريف المصالح المشتركة لبلداننا النامية وأن نصون أنفسنا من جميع المحاولات الهادفة لتفريقنا، والنضال ضد أولئك الذين يطمعون في بذر الشقاق بيننا، ضد أولئك الذين نعرف مناوراتهم، والذين يأملون في الاستفادة من خلافاتنا السياسية وإثارة أفكار قبلية غير مفهومة في بلادنا.
    إن الشعب الكوبي بأسره، مستعد، اليوم، للنضال ويجب أن يظل موحداً لكي لا يكون النصر على الديكتاتورية مؤقتاً، بل المرحلة الأولى لانتصار القارة الأمريكية.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 1:00 pm

    [1] - كان كاميلو سيانفويغوس Camilo Cienfuegos أحد قادة الجيش الثائر الكوبي. ومن أكثر مجاهدين شعبية في حرب التحرر الكوبية. هو أحد أفراد الرعيل الأول الذي أبجر من المكسيك مع فيدل كاستررو على متن السفينة "غرانما". ونزل إلى البر في 2 / 12 / 56 في منطقة سييرا مايسترا الجبلية شرقي كوبا لبدء الثورة المسلحة. وقد توفي سيانفويغوس عام 1959 في حادث طائرة.
    [2] - الجيش الثائر: هو الاسم لجيش الثورة الكوبية.
    [3] - المغاور: المقاتل في حرب الغوار.
    [4] - حرب الغوار: نمط من الحرب الشعبية يؤلف الثوار فيها فرقاً صغيرة نسبياً. يكون شكل عملها الرئيسي هو شن الغارات المتكررة على قوات العدو لإبادته شيئاً فشيئاً. وهي الشكل= =الرئيسي للحرب في المرحلة الأولى من الحرب الشعبية الثورية. ويوليها المؤلف أهمية خاصة وله فيها آراء يعرضها في الكتاب.
    (تسمى ايضاً حرب العصابات. وحرب الانتصار. تجاوزاً).
    [5] لا هابانا: عاصمة كوبا باللفظ الإسباني، وهي التي تسمى بالإنكليزية "هافانا".
    [6] الفكران: ميدان الفكر، وما يمت إليه من نظريات علمية. (الأيديولوجية).
    [7] كان باتيستا Fulgencio Batista رقيباً في الجيش الكوبي، تزعم حركة رجعية عام 1952، فاستولى على السلطة وفرض طغياناً عسكرياً دامياً على كوبا دام 7 سنوات، حتى اضطر إلى الفرار يوم 1 / 1 / 1959، أمام زحف الجيش الثائر ومد الثورة الشعبية.
    [8] النطفة: الشكل الأولي للكائن الحي، قبل ظهور معالم خلقه.
    [9] إنتشت البذرة: خرج منها الجذر الذي ينغرس في الأرض.
    [10] الريادة: الخطة التوجيهية العامة المؤدية إلى الظفر بالأهداف الحيوية في مرحلة معينة من التاريخ. وتستعمل الكلمة في مختلف ميادين الحياة العامة كالاقتصاد والسياسة والحرب. (الإستراتيجية).
    [11] العقيدة: نسبة إلى العقيدة. والعقيدة هي ما يؤمن به المرء دون النظر في البرهان عليه. (الجمود العقائدي، الدوغمائية).
    [12] النهجي: ما يسير عليه اللاحقون على نهج السابقين. (الاتباعي، الكلاسيكي).
    [13] الضباطة: التقيد الطوعي بالأنظمة والقرارات، وذلك بصورة متبادلة بين الجماهير والهيئات المسؤولة. (الأنضباط، الديسيبلين).
    [14] الغوّارة: الوحدة الأساسية في جيش الغوار.
    [15] الصيالة: كيفية الوثوب على العدو والألتحام به، في الحرب والسياسة، وجملة الأساليب والفنون المتعلقة بذلك. (التاكتيك).
    [16] المأرز: مكان الأعتصام، المنطقة التي تتخذها الثورة قاعدة تقيم فيها الحكم قبل غيرها وتستند إليها وتنطلق منها لمقاومة تضاد الثورة. (المنطقة القاعدية، القاعدة).
    [17] استكداح الإنسان: تحويله إلى حال الطبقة الكادحة.
    [18] اليانكي: كناية عن سكان الولايات المتحدة الأمريكية، بمظهرهم الاستعماري تجاه الشعوب الأخرى.
    [19] خاض الشعب الكوبي حروباً طوال القرن التاسع عشر للتحرر من الاستعمار الأسباني، كانت تغرق كل مرة بالدماء. وأهمها هي حرب التحرر الكبرى التي دامت ثلاثين عاماً، بين 1868 و 1898، وأنتهت بزوال السيطرة الأسبانية عن كوبا.
    [20] حرب التحاصُن: شكل حرب النهجية بين الجيوش النظامية، حيث يسعى كل من الفريقين إلى تحصين نفسه والاستيلاء على حصن عدوه. ويظهر هذا الشكل من الحرب بالنسبة للجيش الثوري في المرحلة الثالثة من الحرب الشعبية الثورية. (حرب المواضع، حرب الخنادق).
    [21] نسبة إلى الرهبنة اليسوعية (الجزويت أو "جمعية يسوع")، التي يعزى إليها مثل ذلك.
    [22] المهانة: جملة الوسائل والفنون الخاصة بمهنة أو صناعة. (التكنيك، التكنولوجيا).
    [23] الجؤول: قابلية الحركة والمجاولة.
    [24] التأليب: جعل الناس إلباً واحداً.
    الإلب: الجماعة المجتمعة على غاية واحدة ولا سيما في الخصومة لفريق آخر.
    [25] النهوج: التقدم على نهج. والمقصود به سير حادثة إبان تطورها.
    [26] المائزة: الخاصة المميزة.
    [27] الوهازة: شكل الخطو، المشية. (الوتيرة).
    [28] صناعة المرطبات صناعة تصديرية هامة جداً في كوبا.
    [29] الناقلة: كل عربة تفيد في نقل الأشخاص والأشياء.
    [30] المرزغة: الأرض التي يكثر فيها الماء والوحل.
    [31] أكثب: أشد قرباً إلى الهدف.
    [32] الفشك المحشو بالخردق الغليظ: ترجمة Chevrotine.
    [33] الكِلََّة (ج كلل): غشاء رقيق يُتوقّى به من البعوض. وتعرف في بلاد الشام بـ"الناموسية".
    [34] كان بايو Bayo ضابطاً محترفاً في الجيش الأسباني، انضم إلى القوات الشعبية في الحرب الأهلية الأسبانية عام 1936، وقد اقترح على الحكومة الجمهورية مخططاً لتقوية ومساعدة جبهات الغوار التي نشأت خلال هذه الحرب في مؤخرات الجيوش الفاشية، إلاَّ أن هيئة أركان الجيش الجمهوري رفضت مخططه، وكان رفض هذا المخطط من معالم الجمود وضعف التطلع الثوري الذي أدى إلى انهيار الجمهورية الأسبانية وانتصار القوى الفاشية عليها بمساعدة التحالف الفاشي العالمي آنذاك.
    جبهاوي
    جبهاوي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Jordan_a-01
    نقاط : 214
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا - صفحة 2 Empty رد: كتاب حرب العصابات- تشي جيفارا

    مُساهمة من طرف جبهاوي الإثنين 01 يونيو 2009, 1:01 pm

    بعد هزيمة 1939 في أسبانيا ذهب بايو إلى المكسيك ليقيم فيها منفياً. وهناك أصبح فيما بعد مدرب كاسترو ورفاقه أفراد الرعيل الأول الذي أبحر على السفينة "غرانما" إلى كوبا لبدء الثورة المسلحة فيها.
    [35] القَراح: الحقل الذي يُحرث ويزرع.
    [36] التجاذر: الميل إلى الرأي والعمل الذي يعالج الأمر من جذوره أي عميقاً. (الراديكالية).
    [37] سييرا Sierra: كلمة إسبانية تعني الجبل، ويكنَّى بها عن أرض الغوار.
    [38] مالانغا Malanga : نبات يُغتذى به في بلدان أمريكا الوسطى.
    [39] الحُقَّّة: العلبة الصغيرة التي تحوي إبراة مغناطيسية وتفيد في التوجيه. (البوصلة).
    [40] السَنُون: المادة التي تستعمل لتنظيف الأسنان. (معجون الأسنان).
    [41] الجراية: كمية الطعام المخصصة لكل فرد. الرَزِن: القيام بتقدير كمية الشيء. والرَزِن هنا تقدير يتم بمجرد النظر.
    [42] التعفية: إزالة معالم الأثر.
    [43] الغَوْل: المُسْكِر. ("الكحول").
    [44] نقطة الازدلاف: النقطة المحددة للاقتراب منها والالتقاء فيها بعد العمل.
    [45] الفلِِزّ: ما يصهر من المعدن كالحديد وغيره.
    [46] النمط: الشكل النموذجي الذي يُتمثل به.
    [47] ذَرّ الشيء: ظهر منه أصغر جزء ممكن.
    [48] حُزونة الأرض: وُعورتها، ضد السهولة.
    [49] نَتَل: تقدَم مستعداً.
    [50] المُنَجَّم: الذي يكون وروده قليلاً، متقطعاً، تتخلله فواصل زمنية.
    [51] الأرض السائبة: أرض لا يسيطر أحد الفريقين عليها.
    [52] الجبْت: المعتقد الخُرافي الذي لا صحة له.
    [53] اللِزْن، ج لَزْنة: الشدة والضيق من جوع أو برد أو خوف.. إلخ.
    [54] المِيرة: جلب الطعام.
    [55] المجَفَّة: المكان الذي يجفف فيه ماء البحر لإستخراج الملح منه.
    [56] الزامِلة: الدابة التي تجعل عليها الأحمال.
    [57] الإملاق: الافتقار الناشىء عن الإنفاق.
    [58] الحِذاوة: صناعة الأحذية.
    [59] السِلاحة: صناعة السلاح.
    [60] المُداونة: أسلوب لمعالجة الأمور من جانب المسؤولين في المكاتب والدواوين، يتميز بالتعالي على الشعب واستغلاله واعتباره مسخراً دون الحكام لتنفيذ الأوامر الصادرة إليه. (البيروقراطية، المكتبية).
    [61] دليص: مكسو بالخيوط والقطع البراقة.
    [62] البُرُد، ج بريد: المسافر المكلف بحمل الرسائل.
    [63] الركس والارتكاس: رد الفعل.
    [64] الوجيز: الكتاب الوجيز المستخدم مرجعاً في التعليم.
    [65] المُسْتَفْرِد: المفرد بأمره، المتنحي عن أصحابه.
    [66] الاجتيال: القدرة على الحركة والمجاولة.
    [67] لقد وقعت محاولة غزو فيما بعد، في 16 /4 / 1961، في موضع بلايا خيرون Playa Giron، وتم سحقها وأسِر معظم الغزاة بما لا يزيد عن 72 ساعة من القتال العنيف.
    [68] الطاغية باتيستا حاكم كوبا الأسبق الذي فر من وجه الثورة يوم 1/1/1959.
    [69] قارِّية: على نطاق القارة الأمريكية.
    [70] النسيئة: تأخير الأجل. البيع لنسيئة: البيع الذي يتم فيه سداد القيمة في آجال متأخرة. كالتقسيط، وينطوي هنا على الربا.
    [71] "اينرا" INRA هي الحروف الأولى من اسم "المؤسسة الوطنية للإصلاح الزراعي" في كوبا Instituto Nacional Reforma Agraria.
    [72] العلم المُفاض، في المفهوم الغيبي: هو العلم المقيم في النفس منذ الخليقة أي غير المكتسب بالبحث.
    [73] هي "شركة الفواكه المتحدة" الأمريكية United Fruit Company المتنفذة في كل البلدان المحيطة بالبحر الكاريبي، والتي كان جون فوستر دالز يملك حصة كبيرة فيها.
    [74] قصدنا بكلمة "المولََّد" ما يسمى بالاسبانية "كريولو" Criollo; Créole، وهم أحفاد المهاجرين الأوروبيين البيض الخالصين، المولودين في المستعمرات الأوروبية ولم يختلطوا بالعروق الأخرى من أهالي المستعمرات. وهم في كوبا من أصل اسباني.
    [75] الكاريبي: البحر الواقع في أمريكا الوسطى، وكوبا هي إحدى الجزر فيه.
    [76] روكفلر Rockefeller هي أكبر مجموعة من شركات النفط في الولايات المتحدة، وما يرتبط بها من مصارف ومؤسسات كثيرة أخرى، ولا سيما شركة "ستاندارد أويل كومباني" ومصرف "تشيز منهتان بنك". ورويال دتش Royal Dutch هي مجموعة شركات النفط البريطانية الهولندية المشهورة باسم "شل" وما يرتبط بها من مصالح وتملك حوالي 500 شركة مختلفة في أرجاء العالم.
    [77] الحاكرة: الجماعة التي تنتظم أو تندمج لاحتكار ميدان اقتصادي معيَّن. (التروست، الكونسورسيوم).
    [78] الكويتزال Quetzal: طائر تقليدي جميل يغلب فيه اللون الأخضر، يعيش في أمريكا الوسطى، وله علاقة رمزية بديانات السكان الأصليين فيها.
    [79] أمريكا الهندية: يقصد بها شعوب الهنود الحمر الذين يشكلون أساس السكان في أمريكا كلها قبل هجرة الأوروبيين إليها، وقد بقي بعضها على سماته الأصلية، في حين امتزج غيرها بالأوروبيين والزنوج. أو اقتبس لغات الأوروبيين، أو ذاب فيهم. أو أبادوه إبادة.
    [80] إشارة إلى حرب الجزائر التي كانت مُحْتَدِمَة وقت تأليف الكتاب.
    [81] الجمهوريات العشرون: هي جمهوريات أمريكا اللاتينية.
    [82] السنتافو Centavo جزء من مئة من وحدة العملة الكوبية، وهي البيزو Peso.
    [83] إشارة إلى إحدى الغارات الكثيرة التي شنتها طائرات تنطلق من أرض الولايات المتحدة على المنشآت والمزارع الكوبية.
    [84] إشارة إلى باخرة الشحن الفرنسية "لاكوبر" La Coubre التي انفجرت في 4/3/60 في مرفأ لاهابانا، بينما كانت تفرغ متفجرات بلجيكية المنشأ حملتها إلى الجيش الكوبي. وقتل في الانفجار قرابة 100 شخص.
    [85] الطاغية تروخيلو Rafael Trujillo: طاغية جمهورية سانتو دومينكو في البحر الكاريبي، الشهيرة بالدومينيكان. وقد حكمها منذ أيام الحرب العالمية الأولى عندما كانت تحتلها قوات بحرية الولايات المتحدة، وحتى مقتله عام 1961.
    [86] إشارة إلى المسلك الذي سلكته الولايات المتحدة للإطاحة بحكومة غواتيمالا القومية المعتدلة عام 1954.
    [87] إشار إلى مسلك الدول الاستعمارية إزاء اسبانيا عام 1936: الدول الفاشية – ألمانيا وإيطاليا – تساعد فرانكو عسكرياً بصورة سافرة. والدول "الديمقراطية" – إنكلترا وفرنسا – تحاصر اسبانيا لمنع النجدات عن شعبها تحت شعار عدم التدخل في اسبانيا.
    [88] كانت حكومة فنزويلا الدستورية عند كتابة هذا البحث لما تزل تقف إلى جانب حق الشعب الكوبي في تقرير مصيره، وتقاوم ضغط الاحتكارات عليها. غير أنها انقلبت في ما بعد. بزعامة الرئيس السابق رومولو بيتانكور، إلى صفوف ألد أعداء الثورة الكوبية وقطعت علاقاتها بكوبا.
    [89] سيمون بوليفار Simon Bolivar (1783 – 1830)، أشهر أبطال حروب الاستقلال عن الاستعمار الاسباني في كولومبيا وفينزويلا وغيرهما من بلدان أمريكا اللاتينية. وفنزويلا هي مسقط رأسه.
    [90] تسنّم: جلس في المكان المرتفع، ترأس.
    [91] الحِواء من الأبنية: طائفة منها في المدينة، تحف بها الشوارع من كل صوب، كالجزيرة.
    [92] الجاندة: الرابطة التنظيمية التي يتطوع فيها أبناء الشعب، فيتدربون على السلاح ويؤدون بعض المهام العسكرية المحلية على مقربة من أماكن اقامتهم، فتكون الجاندة رديفاً محلياً لقوات الغوار والجيش النظامي في الحرب الشعبية. (الجيش الشعبي، الميليشيا).
    [93] تعبير يطلق على الأراضي التي كانت تخص التاج الاسباني، وهي أراضي بائرة على العموم أو سيئة الاستثمار، وكانت تثير حفيظة الفلاحين الذين لا أرض لهم. وفي 1959، كانت عبارة ريالنغو باقية في اللغة الفلاحية لتميز الأراضي التي تخص الدولة، وكانت تؤجر للشركات الكبرى ويحظر ايجارها للفلاحين.

    [94] نشر هذا المقال في عدد أيلول 1963 من مجلة Cuba Socialista الكوبية.
    [95] حدثت انتفاضة تحررية عام 1926 في نيكاراغوا إحدى جمهوريات أمريكا الوسطى ضد حكومة شامورو الرجعية. وتدخلت الولايات المتحدة بجنود بحريتها لإسناد الحكومة الرجعية، مما أدى إلى نشوب القتال بين الجنود الأمريكيين والجماهير الثورية. وقد برز في هذا الصراع اللواء سيزار أوغستو ساندينو Cesar Augusto Sandino قائداً عسكرياً شعبياً، خاض حرب غوار بطولية في الأدغال لمدة خمس سنوات ضد جنود بحرية الولايات المتحدة المتفوقين تدريباً وتجهيزاً. ولم يهزم، غير أنه وافق على مشاورات الصلح التي استدرجوه إليها. وبعد ذلك بفترة قصيرة، قتلوه غيلة في مكيدة نفذها العميل سوموزا الذي أصبح فيما بعد دكتاتوراً على نيكاراغوا.
    [96] الأجير هنا: تعريب Peon، وهو أجير مرتبط بمزرعة ويتفاوت وضعه تبعاً للزمان والمكان، من وضع يشبه الرق إلى وضع العامل الزراعي الحديث.
    [97] خوزه مارتي Jose Marti (1853-1895)، شاعر ومفكر وسياسي كوبي، رائد الثورة الاستقلالية في كوبا ضد الاستعمار الأسباني في أواخر القرن التاسع عشر.
    [98] "التحالف من أجل التقدم": منهج المساعدة من الولايات المتحدة لبلدان أمريكا اللاتينية، الذي أعلن عنه في مؤتمر بونتا دل إيسته عام 1961.
    [99] خطاب أُُلقي في جمعية "نوتستر يتيمبو" بتاريخ 22 كانون الثاني 1959.
    [100] أقر مجلس الوزراء الشذوذ عن هذا المبدأ الدستوري. (ملاحظة تشي غيفارا).

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 22 سبتمبر 2024, 1:14 am