فلسطين: قضية العرب أم مشكـــلة الفلسطينيّين؟ (1/2)../ د.عزمي بشارة |
[[نظّمت الجامعة الأميركية في بيروت، في 14 أيار / مايو الجاري، ندوة بمناسبة مرور 61 عاماً على نكبة فلسطين. ولمّا كان هذا الموضوع وما يتفرّع عنه، من أكثر ما استحوذ على اهتمام المفكر والسياسي د.عزمي بشارة وعلى نشاطاته، ألقى محاضرة تنشر "الأخبار" نصها الكامل بالتنسيق مع المحاضر]] |
27/05/2009 10:44 |
صحيح أن آباءنا (أجدادكم أنتم الشباب) الذين عاشوا النكبة حينذاك، لم يتوقعوا يوماً أن نحيي الذكرى الواحدة والستين للنكبة لأنهم كانوا موقنين حينها بأنها دولة مزعومة لن يكتب لها الحياة طويلاً في تاريخ المنطقة العربية وضمن جغرافيتها، إلا أنّ الصهاينة أيضاً، وفي أسوأ كوابيسهم، لم يظنوا أبداً أنه بعد مرور واحد وستين عاماً على النكبة، سيكون هناك شباب ما زالوا مصرّين على إحياء تلك الذكرى. ويكتسب وجود هذا الحشد هنا اليوم معنى خاصاً، إذ إنه يمثّل ردّاً حاسماً على من سوّلت له نفسه من الرؤساء العرب أن يهنّئ إسرائيل من دون خجل بيوم «استقلالها» الذي هو يوم نكبة للفلسطينيين. هذا الحشد الكبير في هذا الصرح الوطني والأكاديمي الكبير هو دليل قاطع على أن القضية ما زالت حية، ما يدحض مزاعم الدولة الصهيونية وبعض الدول العربية الرسمية التي فقدت ذاكرتها ولم تعد تعرف التاريخ الذي سبق عام 1967. إن مجرد وجودنا اليوم سوية لإحياء ذكرى النكبة، يثبت عمق الهوة التي تفصل بين النظام العربي الرسمي والرأي العام العربي. | ||
■ تشويه الهويات: فلسطين قضية العرب | ||
أما الركيزة الثانية فهي افتراض قضية فلسطين مشكلة الفلسطينيين، ومشكلة كيانية فلسطينية في النهاية. وحتى ذلك الحين، اعتبرت إسرائيل أي تحرك عربي حتى على مستوى تحديث الدولة تهديداً لها، لأن فلسطين لم تكن بمفهوم العرب قضية الفلسطينيين وحدهم، بل كانت قضية العرب أجمعين؛ فقضية فلسطين ارتبطت في الواقع وفي الأذهان ارتباطاً وثيقاً برؤية هذه الأمة لنفسها ولمستقبلها. صحيح أن الفلسطينيين كانوا الضحية المباشرة، إلا أن الأمة العربية برمتها كانت هي المستهدفة بالتجزئة والهيمنة من الاستعمار. أما سعي بعض الدول العربية إلى عقد صفقة منفردة في سياق ما يعرف باتفاقيات سلام منفرد مع إسرائيل، على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، فقد انطلق من ضرورة وضع حد للصراع من منطلق أمن الأنظمة لا مصالح شعوبها ودولها، وقد تطلب وضع حد لصراع الدول العربية مع إسرائيل الافتراض أن قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين وحدهم؛ فالصهيونية في الأساس هي مشروع سياسي للحركة الصهيونية التي رأت نفسها حركةً قومية حديثة متحالفة مع الاستعمار وجاهزة للتحول إلى استعمار استيطاني كتذكرة دخول إلى الحضارة الغربية وإلى عالم الأمم الغربية. وقد تبنّاها الاستعمار البريطاني لأسباب ثقافية واستراتيجية واقتصادية، واستهدف الأمة العربية في إطار فكرة تجزئتها وتقسيمها. لذا، من أجل السير في ركب عملية سلام، تمسي الإصابة بالنسيان الجماعي ضرورة حتمية، بهدف التخلص من الذاكرة الجماعية. صحيح أنّ الصهيونية سعت إلى تكريس نفسها حركة قومية تبني أمة على غرار قومية أوروبا الوسطى في القرن التاسع عشر بهدف تحرير الإنسان اليهودي من حالة المنفى من خلال بناء الدولة ونفي المنفى، وليمسي اليهود شعباً كبقية الشعوب، وصحيح أنه كان هنالك جانب ثقافي ديني متعلق بنظرة الأنغليكانية الرسمية لمهتمها التاريخية، إلا أن تبني الاستعمار للصهيونية، (وتبني الأخيرة له ولأهدافه) يتسم بأبعاد أخرى مختلفة تماماً تتعلّق برؤيته الاستراتيجية للمنطقة لا فلسطين وحدها. و«صُودف» أنّ الشعب الفلسطيني هو من كان موجوداً على الأرض، فـ«تعثّر» المشروع الصهيوني بهذا المشروع الوطني القائم على أرضه. ولذلك فإن اعتبار قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين وحدهم، يعني حكماً تزوير التاريخ؛ ولا عجب في ذلك، إذ إن هناك صناعات أكاديمية كاملة تعتاش على تزوير التاريخ. ولا بد أن يقوم تزوير التاريخ في مثل هذه الحالة المتعلقة بمعنويات الأمة وفهمها لذاتها ولتواصلها على تشويه النفوس قبل تشويه عملية التأريخ. فهو يحتاج إلى إنشاء عربي من نوع جديد، تطغى عليه القطرية، وهذا يعني حتى القبلية والطائفية وغيرها في الدولة القطرية، فمن لا يعتبر قضية فلسطين قضيته لا يكتفي بذلك بل يبدأ وينتهي إلى التعريفات الأضيق. حيث لا يعود جنوب لبنان قضية كل اللبنانيين والعرب، ولا الجولان قضية كل السوريين والعرب، بل تضيق الانتماءات تدريجياً ليتفوّق الانتماء القبلي والعائلي والعشائري على ما عداه من انتماءات... جنوب لبنان محتل هذه قضية الجنبويين... وإذا انتشر هذا النمط فقد يؤدي إلى أن كون الجولان محتلاً ربما يفترض أن يعني ذلك الجولانيين، كما تعني غزة الغزاويين والقدس المقدسيين. لا حدود لما قد يصل إليه التدهور الذي يبدأ بالتخلي عن قومية المعركة ضد الاحتلال والاستيطان. قضية فلسطين هي إما قضية العرب، أو ليست قضية بل صراع حدود بين كيان فلسطيني وآخر إسرائيلي، تماماً مثلما هي مسألة عالقة في عملية صناعة السلام بين إسرائيل والدول العربية المنفردة. |
عدل سابقا من قبل ابو وطن في الأربعاء 03 يونيو 2009, 7:20 am عدل 1 مرات
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر