د.عزمي بشارة في الجامعة الأميركية في بيروت: "فلسطين: قضية العرب أم مشكلة الفلسطينيين"..
"الفلسطينيون غير قادرين بمقاومتهم وحدها على تحرير فلسطين لكنهم يفشلون العدوان ويقدمون نموذج أن الانتصار ممكن، كما قدم اللبنانيون نموذجا كهذا"..
ينتظر الناس في لبنان عزمي بشارة كلما جاء إلى بيروت، لعلهم يقبسون منه فكرة أو موقفاً أو رأياً. وهم ما برحوا، في كل مرة، يتقاطرون على محاضراته جماعات جماعات، ليثيروا معه مجادلات أو يعرضوا عليه أسئلتهم أو هواجسهم السياسية المؤرقة. وعزمي بشارة ليس مجرد خطيب سياسي أو محاضر أكاديمي ممن اعتدنا الاستماع إليهم في كثير من المناسبات. وهو ليس مجرد مناضل قادم إلينا من فلسطين، ليعرض علينا مجريات الأحوال ويفسر لنا وقائع الأحداث. إن عزمي بشارة هو الحدث، وكل محاضرة له احتفال.
ثمة سر في هذا الرجل الآتي من الجليل. كأن فيه بعض جمار المسيح، معلمنا وابن بلدته «الناصرة». تتحلق الصبايا حوله مثل قديس أو ولي، وحينما يتكلم فهو كمن يتكلم بسلطان. تصمت القاعة تماما ولا يخرقها إلا التصفيق الحار والمتلاحق. ولا أعتقد أن في لبنان اليوم محاضرا واحدا يستطيع أن يحظى بهذا الألق. ليته إذاً يترشح في الانتخابات النيابية، وليكن شعاره مكنسة عملاقة يكنس بها «المرض اللبناني» المتفاقم، أي الزعبرة والبهورة والابتذال والطائفية معاً.
لم أشهد، منذ سبعينيات الثورة الفلسطينية، منذ زمن قاعة جمال عبد الناصر في "جامعة بيروت العربية"، مكانا تلتهب الأكف فيه بمثل هذه الحرارة، ويُستقبل الضيف فيه بمثل هذه اللهفة. لكن عزمي بشارة، مرة ثانية، ليس مجرد خطيب أو سياسي أو أستاذ جامعي اعتيادي، مع أنه خطيب ساحر، ومحاضر باهر، وحضوره آسر، ولسانه ساخر... إنه المثال الأرقى للشبان الفلسطينيين والعرب الباحثين عن معنى لوجودهم في هذا العماء العربي المتواصل، وفي هذا السديم السياسي المتطاول. وقد كانت لي متعة الجلوس إلى جانبه في غير محاضرة: في معرض بيروت للكتاب في سنة 2005، وفي مسرح المدينة سنة 2008، وفي البرج الشمالي سنة 2008 أيضا، وفي هذه المناسبات وغيرها اكتشفت، من خلال حدقات العيون، أن عزمي بشارة يجسد، لدى الجيل الفلسطيني الحائر، الأمل. ويكفيه هذا، بعدما راح الأمل نفسه يتضاءل إلى ما يساوي رقعة جواز سفر جديد.
بالأمس، في ذكرى النكبة، وفي قاعة عصام فارس في "الجامعة الأميركية" التي فاضت عن سعتها من الطلاب، لكنها اتسعت لجميع الذين جاؤوا للإنصات إلى عزمي بشارة، وبحضور ثلاثة وزراء سابقين هم بشارة مرهج وعدنان مروة وكرم كرم، فضلاً عن أكاديميين وسياسيين وطلاب وناشطين ومناضلين ونساء، وبدعوة من "النادي الثقافي الفلسطيني" في الجامعة، وبعد تقديم من سيرين سعد الدين، وإدارة بهاء كيالي، تحدث عزمي بشارة فقال: شهدت أروقة هذه الجامعة، قبل نحو ستين عاماً، الكلمات الأولى لكتاب قسطنطين زريق «معنى النكبة»، ثم كتابه الثاني «معنى النكبة مجددا». لكن جميع الذين عاشوا النكبة حينذاك لم يفكروا قط في أننا سنبقى واحدا وستين عاما خارج فلسطين، وأن النكبة ستستمر طوال هذه المدة. لكن الإسرائيليين أيضا لم يفكروا، البتة، في أننا سنكون موجودين بعد واحدا وستين عاما أخرى. ومن سخريات الأيام أن بعض الرؤساء العرب لا يخجلون من تهنئة إسرائيل بذكرى «استقلالها» الذي هو يوم نكبة للفلسطينيين. لهذا، لا بد من التشديد على أهمية إحياء هذه الذكرى في مواجهة المحاولات الدائمة لتهميشها وإغفالها وحتى نسيانها.
كتبت "السفير" في صفحتها الأولى:
بشارة والنكبة: المستعمَر لا يعرض الحلول على المستعمِر
في كل مرة نستمع فيها إلى عزمي بشارة نوقن أن فلسطين، على الرغم من آلامها ومصاعبها، ما زالت قادرة على إنجاب مفكرين من طراز رفيع، ومناضلين حفروا في أديم هذه البلاد علامات من النبل والكرامة والعناد في مواجهة الظلم التاريخي. لقد دشّن عزمي بشارة سيرته في فلسطين بمقارعة الاحتلال والعنصرية، وتمكّن من صوغ مشروع للحرية غايته الوحيدة مقاومة النفي والإلغاء ومسح الحقائق من التاريخ. وها هو، المنفي خارج وطنه وداخل وطنه العربي معاً، ما برح يحاول أن يشق طريقاً إلى العودة المؤجلة من واحد وستين عاماً. لكن «حق العودة قضية لا تصلح للتفاوض (...) ونحن لم ننتصر على إسرائيل بل انتصرنا على عدوانها، (ومع ذلك) فليست وظيفة المستعمَر أن يعرض الحلول على المستعمِر، بل أن يقاومه». هذا بعض مما قاله عزمي بشارة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو غيض قليل من فيض كثير.
د..عزمي بشارة: "أن تكون عربياً في أيامنا" في ذكرى النكبة..
هذا العام، اختار النادي الثقافي الفلسطيني في الجامعة الأميركية، أن يحيي الذكرى الواحد والستين للنكبة بدعوة المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة ليلقي محاضرة عنوانها "فلسطين: قضية العرب أم "مشكلة الفلسطينيين"، أسئلة النكبة والتاريخ.
وتجدر الإشارة إلى أن المرة الأولى التي التقت فيها الجماهير اللبنانية بالدكتور عزمي بشارة كانت عام 2005 وفي الصرح العلمي العريق إياه... أما يوم أمس الأول، الخميس، فلم يكن يوماً عادياً في الحياة الجامعية. ففي الوقت الذي كان شباب النادي وصباياه مازالوا منهمكين في الترتيبات التي تسبق المحاضرة، منكبين على تنظيم حفل توقيع كتابه الجديد الصادر عن مؤسسة الدراسات العربية "ماذا يعني أن تكون عربياً في أيامنا" مباشرة بعد المحاضرة، تقاطرت الحشود قبل ساعة من موعد اللقاء، لتحجز لنفسها مقعداً قبل أن تغصّ قاعة عصام فارس بالمئات، فلم تتسع للجميع.. وفي حين افترش عشرات الشباب الأرض، بقي العشرات منهم واقفين في الأروقة العليا يترقبون قدوم بشارة من خلف الزجاج. وما إن أطل حتى علا التصفيق، تصفيق استمر دقائق طويلة مؤثرة..ولاسيما أنه ا اللقاء الأول في الجامعة الأميركية منذ نفيه القسري..
ابتدأ عزمي بشارة محاضرته قائلاً: "إن أجدادنا لم يتخيلوا يوماً أننا سنحيي الذكرى الواحد والستين للنكبة، كونهم كانوا واثقين من العودة القريبة، إلا أن المحتل لم يتوقع يوماً أيضاً أن يواصل الجيل الشاب (مربّتاً على كتف رئيس النادي الثقافي الفلسطيني بهاء كيالي) بإحياء الذكرى الواحد والستين للنكبة، وهذا بحد ذاته يبعث على الأمل."، ثم واصل التأكيد أن الاحتلال بدأ عام 1948 لا عام 1967 حين تم احتلال الضفة والقطاع والجولان، فعملية التسوية بدأت لتستمر إلى ما لانهاية، حيث لا تسوية في الأفق، في غياب حق العودة ما حولّها إلى مجّرد عملية من دون تسوية.
فكانت ندوة مؤثرة في مناسبة خاصة ومكان مميّز امتدّت لما يزيد عن الساعتين، حيث قوطع المحاضر مرات عدة بالتصفيق، ولاسيما فيما يتعلّق بكون المقاومة واجباً لا حقاً، فأكّد أن الخسائر بالأرواح والممتلكات أمر طبيعي في معارك تحرير الأرض، كون المقاومة مكوّنة من أفراد ومجموعات ينتمون إلى شرائح اجتماعية متنوعة داحضاً كل الاتهامات التي طالت المقاومة اللبنانية عام 2006 والفلسطينية في غزة أوائل هذا العام، وإن عبّر على ضرورة تمايز الخطاب الأكاديمي عن الخطاب التعبوي في مسألة النصر والهزيمة، من دون أن يعني ذلك إلغاء أحدهما للآخر . وأضاف أنه في الوقت الذي تؤكد فيه الأنظمة العربية على حق المقاومة إلا أنها تريد هذا الحق ولكن من دون مقاومة (مثل القهوة من دون كافيين)، إلى أن تكللت جهودها بإفراغ منظمة التحرير من مضمونها، تستعملها ساعة تشاء لتدعم مواقفها، وتتجاهلها عندما لا تحتاجها.. فبات الاعتراف بمنظمة التحرير هو الهم الأوحد بدلاً من التحرير بحد ذاته، ومعه ابتدأت المسارات الثنائية في عقد الاتفاقيات بدءاً من كمب ديفيد، في محاولة لنزع الطابع العربي عن القضية الفلسطينية سعياً وراء حصرها بالفلسطينيين.
وأشار بشارة أن جل ما تتمناه إسرائيل هو انتزاع الاعتراف من الدول العربية، وهو ما تحقق لها في ظل أوضاع عربية متردّية متدهورة حيث تعتبر الأنظمة العربية القضية الفلسطينية عبئاً عليها وتحمّلها وزر أخطائها وخطاياها، في وقت تفتقر إلى الضمانة التي توفّرها الطبقات الوسطى. وبعد أن كان شرط بدء المفاوضات الأول هو "محو آثار العدوان"، أي الانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967، بات هدف التفاوض مقتصراً على تلك الأراضي، وكأن النكبة عام 1948 لم تحدث أصلاً.
وكأن بشارة كان في سباق مع الوقت، يسعى إلى طرح كل ما عنده على جمهور مصغ ومتفاعل، ضمن مدة زمنية محددة استمرّ في الإعلان عن عدد من الأفكار والمواقف المكثّفة، في ما يلي بعض منها:
ابتدأت النكبة عندما شرد الفلسطينيون، وهجروا وشردوا إلى مدن عربية لم تستوعبهم لأنها لم تستوعب ذاتها بعد، فشكلوا أحزمة من المخيمات تحولت إلى أحزمة من أحياء الفقر.
القضية الفلسطينية هي بالأساس قضية لاجئين، حيث أن منظمة التحرير تشكلت أساساَ من فلسطيني الشتات، لا فلسطينيي الضفة والقطاع ما يحتم التمسك بحق العودة.
"الفلسطينيون غير قادرين بمقاومتهم وحدها على تحرير فلسطين لكنهم يفشلون العدوان ويقدمون نموذج أن الانتصار ممكن، كما قدم اللبنانيون نموذجا كهذا"..
ينتظر الناس في لبنان عزمي بشارة كلما جاء إلى بيروت، لعلهم يقبسون منه فكرة أو موقفاً أو رأياً. وهم ما برحوا، في كل مرة، يتقاطرون على محاضراته جماعات جماعات، ليثيروا معه مجادلات أو يعرضوا عليه أسئلتهم أو هواجسهم السياسية المؤرقة. وعزمي بشارة ليس مجرد خطيب سياسي أو محاضر أكاديمي ممن اعتدنا الاستماع إليهم في كثير من المناسبات. وهو ليس مجرد مناضل قادم إلينا من فلسطين، ليعرض علينا مجريات الأحوال ويفسر لنا وقائع الأحداث. إن عزمي بشارة هو الحدث، وكل محاضرة له احتفال.
ثمة سر في هذا الرجل الآتي من الجليل. كأن فيه بعض جمار المسيح، معلمنا وابن بلدته «الناصرة». تتحلق الصبايا حوله مثل قديس أو ولي، وحينما يتكلم فهو كمن يتكلم بسلطان. تصمت القاعة تماما ولا يخرقها إلا التصفيق الحار والمتلاحق. ولا أعتقد أن في لبنان اليوم محاضرا واحدا يستطيع أن يحظى بهذا الألق. ليته إذاً يترشح في الانتخابات النيابية، وليكن شعاره مكنسة عملاقة يكنس بها «المرض اللبناني» المتفاقم، أي الزعبرة والبهورة والابتذال والطائفية معاً.
لم أشهد، منذ سبعينيات الثورة الفلسطينية، منذ زمن قاعة جمال عبد الناصر في "جامعة بيروت العربية"، مكانا تلتهب الأكف فيه بمثل هذه الحرارة، ويُستقبل الضيف فيه بمثل هذه اللهفة. لكن عزمي بشارة، مرة ثانية، ليس مجرد خطيب أو سياسي أو أستاذ جامعي اعتيادي، مع أنه خطيب ساحر، ومحاضر باهر، وحضوره آسر، ولسانه ساخر... إنه المثال الأرقى للشبان الفلسطينيين والعرب الباحثين عن معنى لوجودهم في هذا العماء العربي المتواصل، وفي هذا السديم السياسي المتطاول. وقد كانت لي متعة الجلوس إلى جانبه في غير محاضرة: في معرض بيروت للكتاب في سنة 2005، وفي مسرح المدينة سنة 2008، وفي البرج الشمالي سنة 2008 أيضا، وفي هذه المناسبات وغيرها اكتشفت، من خلال حدقات العيون، أن عزمي بشارة يجسد، لدى الجيل الفلسطيني الحائر، الأمل. ويكفيه هذا، بعدما راح الأمل نفسه يتضاءل إلى ما يساوي رقعة جواز سفر جديد.
بالأمس، في ذكرى النكبة، وفي قاعة عصام فارس في "الجامعة الأميركية" التي فاضت عن سعتها من الطلاب، لكنها اتسعت لجميع الذين جاؤوا للإنصات إلى عزمي بشارة، وبحضور ثلاثة وزراء سابقين هم بشارة مرهج وعدنان مروة وكرم كرم، فضلاً عن أكاديميين وسياسيين وطلاب وناشطين ومناضلين ونساء، وبدعوة من "النادي الثقافي الفلسطيني" في الجامعة، وبعد تقديم من سيرين سعد الدين، وإدارة بهاء كيالي، تحدث عزمي بشارة فقال: شهدت أروقة هذه الجامعة، قبل نحو ستين عاماً، الكلمات الأولى لكتاب قسطنطين زريق «معنى النكبة»، ثم كتابه الثاني «معنى النكبة مجددا». لكن جميع الذين عاشوا النكبة حينذاك لم يفكروا قط في أننا سنبقى واحدا وستين عاما خارج فلسطين، وأن النكبة ستستمر طوال هذه المدة. لكن الإسرائيليين أيضا لم يفكروا، البتة، في أننا سنكون موجودين بعد واحدا وستين عاما أخرى. ومن سخريات الأيام أن بعض الرؤساء العرب لا يخجلون من تهنئة إسرائيل بذكرى «استقلالها» الذي هو يوم نكبة للفلسطينيين. لهذا، لا بد من التشديد على أهمية إحياء هذه الذكرى في مواجهة المحاولات الدائمة لتهميشها وإغفالها وحتى نسيانها.
كتبت "السفير" في صفحتها الأولى:
بشارة والنكبة: المستعمَر لا يعرض الحلول على المستعمِر
في كل مرة نستمع فيها إلى عزمي بشارة نوقن أن فلسطين، على الرغم من آلامها ومصاعبها، ما زالت قادرة على إنجاب مفكرين من طراز رفيع، ومناضلين حفروا في أديم هذه البلاد علامات من النبل والكرامة والعناد في مواجهة الظلم التاريخي. لقد دشّن عزمي بشارة سيرته في فلسطين بمقارعة الاحتلال والعنصرية، وتمكّن من صوغ مشروع للحرية غايته الوحيدة مقاومة النفي والإلغاء ومسح الحقائق من التاريخ. وها هو، المنفي خارج وطنه وداخل وطنه العربي معاً، ما برح يحاول أن يشق طريقاً إلى العودة المؤجلة من واحد وستين عاماً. لكن «حق العودة قضية لا تصلح للتفاوض (...) ونحن لم ننتصر على إسرائيل بل انتصرنا على عدوانها، (ومع ذلك) فليست وظيفة المستعمَر أن يعرض الحلول على المستعمِر، بل أن يقاومه». هذا بعض مما قاله عزمي بشارة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو غيض قليل من فيض كثير.
د..عزمي بشارة: "أن تكون عربياً في أيامنا" في ذكرى النكبة..
هذا العام، اختار النادي الثقافي الفلسطيني في الجامعة الأميركية، أن يحيي الذكرى الواحد والستين للنكبة بدعوة المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة ليلقي محاضرة عنوانها "فلسطين: قضية العرب أم "مشكلة الفلسطينيين"، أسئلة النكبة والتاريخ.
وتجدر الإشارة إلى أن المرة الأولى التي التقت فيها الجماهير اللبنانية بالدكتور عزمي بشارة كانت عام 2005 وفي الصرح العلمي العريق إياه... أما يوم أمس الأول، الخميس، فلم يكن يوماً عادياً في الحياة الجامعية. ففي الوقت الذي كان شباب النادي وصباياه مازالوا منهمكين في الترتيبات التي تسبق المحاضرة، منكبين على تنظيم حفل توقيع كتابه الجديد الصادر عن مؤسسة الدراسات العربية "ماذا يعني أن تكون عربياً في أيامنا" مباشرة بعد المحاضرة، تقاطرت الحشود قبل ساعة من موعد اللقاء، لتحجز لنفسها مقعداً قبل أن تغصّ قاعة عصام فارس بالمئات، فلم تتسع للجميع.. وفي حين افترش عشرات الشباب الأرض، بقي العشرات منهم واقفين في الأروقة العليا يترقبون قدوم بشارة من خلف الزجاج. وما إن أطل حتى علا التصفيق، تصفيق استمر دقائق طويلة مؤثرة..ولاسيما أنه ا اللقاء الأول في الجامعة الأميركية منذ نفيه القسري..
ابتدأ عزمي بشارة محاضرته قائلاً: "إن أجدادنا لم يتخيلوا يوماً أننا سنحيي الذكرى الواحد والستين للنكبة، كونهم كانوا واثقين من العودة القريبة، إلا أن المحتل لم يتوقع يوماً أيضاً أن يواصل الجيل الشاب (مربّتاً على كتف رئيس النادي الثقافي الفلسطيني بهاء كيالي) بإحياء الذكرى الواحد والستين للنكبة، وهذا بحد ذاته يبعث على الأمل."، ثم واصل التأكيد أن الاحتلال بدأ عام 1948 لا عام 1967 حين تم احتلال الضفة والقطاع والجولان، فعملية التسوية بدأت لتستمر إلى ما لانهاية، حيث لا تسوية في الأفق، في غياب حق العودة ما حولّها إلى مجّرد عملية من دون تسوية.
فكانت ندوة مؤثرة في مناسبة خاصة ومكان مميّز امتدّت لما يزيد عن الساعتين، حيث قوطع المحاضر مرات عدة بالتصفيق، ولاسيما فيما يتعلّق بكون المقاومة واجباً لا حقاً، فأكّد أن الخسائر بالأرواح والممتلكات أمر طبيعي في معارك تحرير الأرض، كون المقاومة مكوّنة من أفراد ومجموعات ينتمون إلى شرائح اجتماعية متنوعة داحضاً كل الاتهامات التي طالت المقاومة اللبنانية عام 2006 والفلسطينية في غزة أوائل هذا العام، وإن عبّر على ضرورة تمايز الخطاب الأكاديمي عن الخطاب التعبوي في مسألة النصر والهزيمة، من دون أن يعني ذلك إلغاء أحدهما للآخر . وأضاف أنه في الوقت الذي تؤكد فيه الأنظمة العربية على حق المقاومة إلا أنها تريد هذا الحق ولكن من دون مقاومة (مثل القهوة من دون كافيين)، إلى أن تكللت جهودها بإفراغ منظمة التحرير من مضمونها، تستعملها ساعة تشاء لتدعم مواقفها، وتتجاهلها عندما لا تحتاجها.. فبات الاعتراف بمنظمة التحرير هو الهم الأوحد بدلاً من التحرير بحد ذاته، ومعه ابتدأت المسارات الثنائية في عقد الاتفاقيات بدءاً من كمب ديفيد، في محاولة لنزع الطابع العربي عن القضية الفلسطينية سعياً وراء حصرها بالفلسطينيين.
وأشار بشارة أن جل ما تتمناه إسرائيل هو انتزاع الاعتراف من الدول العربية، وهو ما تحقق لها في ظل أوضاع عربية متردّية متدهورة حيث تعتبر الأنظمة العربية القضية الفلسطينية عبئاً عليها وتحمّلها وزر أخطائها وخطاياها، في وقت تفتقر إلى الضمانة التي توفّرها الطبقات الوسطى. وبعد أن كان شرط بدء المفاوضات الأول هو "محو آثار العدوان"، أي الانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967، بات هدف التفاوض مقتصراً على تلك الأراضي، وكأن النكبة عام 1948 لم تحدث أصلاً.
وكأن بشارة كان في سباق مع الوقت، يسعى إلى طرح كل ما عنده على جمهور مصغ ومتفاعل، ضمن مدة زمنية محددة استمرّ في الإعلان عن عدد من الأفكار والمواقف المكثّفة، في ما يلي بعض منها:
ابتدأت النكبة عندما شرد الفلسطينيون، وهجروا وشردوا إلى مدن عربية لم تستوعبهم لأنها لم تستوعب ذاتها بعد، فشكلوا أحزمة من المخيمات تحولت إلى أحزمة من أحياء الفقر.
القضية الفلسطينية هي بالأساس قضية لاجئين، حيث أن منظمة التحرير تشكلت أساساَ من فلسطيني الشتات، لا فلسطينيي الضفة والقطاع ما يحتم التمسك بحق العودة.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر