نهاية رجل وحيد!/ د. عدنان جابر* |
(في رثاء الأسير السابق خلف نصار "أبو الوفا") |
16/06/2009 13:45 |
نحن الأسرى السابقين: ها نحنُ ننقصُ واحداً واحداً. نعرف من رحل، من بقي، ولا نعرف من سيأتي عليه الدور غداً. نحن الأسرى السابقين، لم نتهيأ لمسابقة الموت.. لم نفرغ بعد من إطعام أولادنا، لم نرَ تفتح براعمهم ولم نفرح بعد بتعويض معاناتنا في سعادتهم. لم نُعطِ زوجاتنا كل الحب، ولم نجمع شظايا أرواحنا. قاتلنا.. وصارعنا.. وركضنا.. ولم نلتقط أنفاسنا. لم نرتوِ بعد من شراب الحياة.. في السجن الصغير، انشغلنا بمقارعة الجلاد، وغزلنا خلال نهاراتنا وليالينا الطويلة أحلاماً نَطيرُ بها من خلال القضبان.. وفي السجن الكبير الذي يسمونه "دنيا"، انشغلنا بمقارعة الحياة! اعتمدنا على العيش بالمعنويات، فخذلتنا أجسادنا. لم نتهيأ لمسابقة الموت. ليس لنا عمر يكفي لأحلامنا! .. ها نحن ننقص واحداً واحداً! *** بعد رحلة طويلة من المعاناة والتشرد والنضال والأسر والوحدة، من بيتونيا في فلسطين التي ولد فيها عام 1938، إلى لاجىء في العراق، إلى فدائي والعبور إلى فلسطين لمقاومة الاحتلال، إلى 17 عاماً في الأسر الصهيوني (1968 حتى 1985)، ثم العيش سنوات في المنفى وتكوين أسرة دافئة من زوجة وابنتين، انتهى أبو الوفا إلى العيش، رغماً عنه، وحيداً في عمان. سبقته زوجته وابنتاه إلى فلسطين، على أن يلتحق بهم. ولكن ماذا يفعل أبو الوفا وغير أبو الوفا إذا كان العيش في الوطن يحتاج إلى وساطات، وجهود، وانتظار وموافقة أو عدم موافقة من سارقي الوطن؟! *** انتظر أبو الوفا، انتظر سنوات، وعاش في البيت وحيداً، تأتي زوجته وابنتاه من فلسطين لزيارته من وقت لآخر. لكن، كان هناك ضيوف دائمون معه: السكري والضغط والقرحة، عزّت عليها أن يكون أبو الوفا وحيدا، فآثرت أن ترافقه في وحدته! مرة، أصيب أبو الوفا بالإغماء، وكان وحيداً في البيت. بقي يوماً كاملاً في حالة إغماء، إلى أن افتقده الجيران والأصدقاء، وأنقذوه. غير أن الموت آثر أن يريحه، ويضع حداً لوحدته يوم الجمعة 5 حزيران 2009 . *** ثمة قول للشاعرة البلغارية بلاغا ديمتروفا: " ليس هناك رجلٌ وحيد، مثل امرأة وحيدة". الوحدة صعبة على الجميع، لكنها على المرأة أصعب. لكن ماذا نقول عن رجل لاجىء، مقاوم، فدائي، أسير ينتهي إلى هذا المآل: مجموعة أمراض تنغل في الجسد، وحدة طوال النهار، وفي الليل النوم وحيداً على وسادة من الأسى والأحزان! إنه الإنسان، ونصيبه من السعادة والألم.. ولقد قالها بابلو نيرودا في "سيف اللهب": يا لألَمِ الذي يكون الأخير في الأرض! * كاتب فلسطيني، أسير سابق ومبعد، مقيم في دمشق |
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر