بقلم: عبـد النـاصر النجار
لستُ مُفتِياً، ولكن بعض الظواهر الغريبة التي تغزو مجتمعنا، تحت فِكرٍ
متطرّف، تثير في النفس الحَزَن والأسى، وتُعزِّز ثقافةً، إنْ تجذّرت،
فسيكون لها تأثير أكثر من سلبي على مجتمعنا الفلسطيني.
في هذا الصيف، قُدِّر لي أن أشارك في حفلات تخريج ثلاثٍ من مؤسّسات
التعليم العالي، في رام الله وجنين.. ولكن، ما يؤلم النّفس، هو مظاهر
الخرّيجات والخرّيجين وهم يعتذرون عن مصافحة مَن قدّم لهم العِلْم على
طبقٍ من ذهب.. فنرى نسبة كبيرة من هذه الفئة، المتعلّمة، ترفض المصافحة،
وتكتفي، فقط، باستلام الشهادة الجامعية.. وربما هي شهادة عِلْم، وليست
شهادة ثقافة، لأن هناك فرقاً شاسعاً بين المفهومين..!!
أعود بالذاكرة إلى الخلف، وأنا على عهد مع أفراد جيلي، بأنّ أمهاتنا
وجدّاتنا وأخواتنا، كُـنّ يصافحنَ كلّ الأقارب والمعارف، مَن قَرُب منهم
ومَن بَعُد.. وكانت الأخلاق عالية.. والمصافحة تدلّ على الاحترام
والتقدير، ليس إلاّ.. ولم تكن هناك فتاوى تحرّم ذلك، أو حتى تثير هذا
الموضوع!!
في العام 1980، وبينما كنتُ في عملٍ تطوعيٍّ مع طلبة جامعة بيرزيت، في
قرية دير استيا، شمال الضفة الغربية، كنّا نساعد عائلة على قطف ثمار
الزيتون.. وعندما وصلنا إلى بيت العائلة، مَدَدْتُ يدي، ولكن صاحبة المنزل
رفَضَتْ المصافحة.. وأنا لا أفهم ما يجري.. لتقول بعد ذلك، إنّها لا تصافح
الرجال..!! لقد كانت مفاجأة وإحراجاً شديداً..وبعدها غادرتُ المنزل وأنا
لا أفهم هذا الأمر الدّخيل على مجتمعنا الفلسطيني..!
مـرّت العقود، وبدأت التغيرات الاجتماعية ملحوظة في المجتمع الفلسطيني،
ابتداءً من إقناع النساء الفلسطينيات بأنّ الزي التراثي غير شرعي، لأسباب
متعددة، أهمها إبراز المفاتن.. فأدّت الفتاوى القادمة من الخارج إلى
التخلّي عن تراثنا لصالح أزياء، ربما فيها من الإثارة، حسب مفاهيم الإفتاء
الخارجية، أكثر بكثير من الأزياء التراثية!!
عودة إلى حفلات التخريج، والمفاجئ فيها هو أن نسبة عالية من الخرّيجات
كُنّ يرفضنَ مصافحة عمداء كلياتهن، الذين هم ربما أكبر بكثير من آبائهن،
وأيضاً هناك طلبة كانوا يرفضون مصافحة مَن تواجد من النساء في حفل تسليم
الشهادات أو الجوائز.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان في تخريج طلبة كلية
العلوم التربوية التابعة لوكالة الغوث، في رام الله، مدير عام عمليات
الوكالة، وهي أجنبية، والتي ربما لم تفهم ماذا يدور حولها، أو ربما حاول
البعض تقديم تفسير لها حول هذا التصرّف.. وفي الجامعة العربية الأميركية،
كانت هناك وزيرة التربية والتعليم، أيضاً، وهي بِعُمر جدّات بعض
الخرّيجين، الذين كانوا يمرّون دون مصافحتها..!!
السؤال: لماذا هذه التغيرات في مجتمعنا، ومن أين جاءت؟! وكما قلتُ؛ لستُ
مفتياً، ولكن حاولتُ الوصول إلى منبع هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا تحت
شعار ديني.. فوجدتُ في موقع "إسلام أون لاين"، على سبيل المثال، حول
مصافحة المرأة للرجل، "أنّها محلّ خلاف في الفقه الإسلامي، وهناك رأي يجيز
ذلك، مستدلّين على ذلك بأنّ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قد صافح النساء،
وأنّ أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، قد صافح عجوزاً في خلافته، واستدلّوا
بأحاديث عامّة أخرى، منها أنّ أبا موسى الأشعري جَعَل امرأة من الأشعريين
تفلّي رأسه، وهو محرم في الحج".
وفي موقع "فلسطين اليوم"، جاء فيه؛ "أثارت فتوى رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، بجواز مصافحة الرجل للمرأة، ردود
فعلٍ كثيرة من علماء السعودية، حيث يرى عضو هيئة التدريس في الجامعة
الإسلامية في المدينة المنورة، الدكتور عبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي،
حرمة ذلك".
وعلّق الشيخ القرضاوي على قول البعض، إنّ العالِم المعسِّر المتشدِّد أكثر
ردعاً وأعظم تقوى لله من الميسِّر، قائلاً: هذا خطأ كبير، لأن العالِم
الذي يفتي بالتيسير يتّبع المنهج القرآني والهَدْيَ النبوي، ويتّبع نهج
الخلفاء الراشدين خاصة، والصحابة عامة، مثل حَبْر الأمّة وترجمان القرآن،
عبد الله بن عباس، الذي اشتهر برُخَصِه.
بمعنى آخر؛ إنّ القضايا الدخيلة، هي من تأثير الفِكر المتشدد، الذي ينتشر
في جسد الأمّة بشكل متسارع، والقائم في كثير من القضايا، على مفهوم
التشدّد والسلفية المفرطة، التي لا تنظر إلى تقدّم المجتمع وإلى تطوّره،
والى حداثته، وتأخذ كثيراً من النصوص على ظاهرها، ليس إلاّ..!!
إحدى الفتاوى تقول: إنّ في يدِ الإنسان 5 ملايين خليّة، وأنّ المصافحة
تؤدّي إلى أن تقوم هذه الخلايا بإفراز مواد كيماوية لا تُحمَد عقباها..!!
ربّما صافحتُ في حياتي آلاف النساء، ولم أشعر، قـط، بهذه الخلايا تلعب
دورها.. إلاّ في خيالات أولئك المهووسين بالجنس بطريقة متخلّفة..!!
حان
الوقت لأن نكون وسطيّين في فِكرنا، وفي علاقاتنا الإنسانية.. خرّيجونا هم
مربّو الأجيال القادمة، فكيف أثّرت عليهم الرياح الوهابية والدخيلة، بهذه
الدرجة.. ولماذا لم يقرأوا ويتثقّفوا ويطّلعوا على الآراء المختلفة في هذا
المجال.. ولماذا لم يأخذوا بالأيْسَر، وتمسّكوا بالتشدّد؟!!
إنّ الخطر في أن يفقد مجتمعنا كلّ ما هو جميل، في صالح الدخيل، سواء كان
غربيّاً فاضحاً، أو فتاوى دينية تثير كثيراً من الشك، قبل الغثيان؟!!.
لستُ مُفتِياً، ولكن بعض الظواهر الغريبة التي تغزو مجتمعنا، تحت فِكرٍ
متطرّف، تثير في النفس الحَزَن والأسى، وتُعزِّز ثقافةً، إنْ تجذّرت،
فسيكون لها تأثير أكثر من سلبي على مجتمعنا الفلسطيني.
في هذا الصيف، قُدِّر لي أن أشارك في حفلات تخريج ثلاثٍ من مؤسّسات
التعليم العالي، في رام الله وجنين.. ولكن، ما يؤلم النّفس، هو مظاهر
الخرّيجات والخرّيجين وهم يعتذرون عن مصافحة مَن قدّم لهم العِلْم على
طبقٍ من ذهب.. فنرى نسبة كبيرة من هذه الفئة، المتعلّمة، ترفض المصافحة،
وتكتفي، فقط، باستلام الشهادة الجامعية.. وربما هي شهادة عِلْم، وليست
شهادة ثقافة، لأن هناك فرقاً شاسعاً بين المفهومين..!!
أعود بالذاكرة إلى الخلف، وأنا على عهد مع أفراد جيلي، بأنّ أمهاتنا
وجدّاتنا وأخواتنا، كُـنّ يصافحنَ كلّ الأقارب والمعارف، مَن قَرُب منهم
ومَن بَعُد.. وكانت الأخلاق عالية.. والمصافحة تدلّ على الاحترام
والتقدير، ليس إلاّ.. ولم تكن هناك فتاوى تحرّم ذلك، أو حتى تثير هذا
الموضوع!!
في العام 1980، وبينما كنتُ في عملٍ تطوعيٍّ مع طلبة جامعة بيرزيت، في
قرية دير استيا، شمال الضفة الغربية، كنّا نساعد عائلة على قطف ثمار
الزيتون.. وعندما وصلنا إلى بيت العائلة، مَدَدْتُ يدي، ولكن صاحبة المنزل
رفَضَتْ المصافحة.. وأنا لا أفهم ما يجري.. لتقول بعد ذلك، إنّها لا تصافح
الرجال..!! لقد كانت مفاجأة وإحراجاً شديداً..وبعدها غادرتُ المنزل وأنا
لا أفهم هذا الأمر الدّخيل على مجتمعنا الفلسطيني..!
مـرّت العقود، وبدأت التغيرات الاجتماعية ملحوظة في المجتمع الفلسطيني،
ابتداءً من إقناع النساء الفلسطينيات بأنّ الزي التراثي غير شرعي، لأسباب
متعددة، أهمها إبراز المفاتن.. فأدّت الفتاوى القادمة من الخارج إلى
التخلّي عن تراثنا لصالح أزياء، ربما فيها من الإثارة، حسب مفاهيم الإفتاء
الخارجية، أكثر بكثير من الأزياء التراثية!!
عودة إلى حفلات التخريج، والمفاجئ فيها هو أن نسبة عالية من الخرّيجات
كُنّ يرفضنَ مصافحة عمداء كلياتهن، الذين هم ربما أكبر بكثير من آبائهن،
وأيضاً هناك طلبة كانوا يرفضون مصافحة مَن تواجد من النساء في حفل تسليم
الشهادات أو الجوائز.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان في تخريج طلبة كلية
العلوم التربوية التابعة لوكالة الغوث، في رام الله، مدير عام عمليات
الوكالة، وهي أجنبية، والتي ربما لم تفهم ماذا يدور حولها، أو ربما حاول
البعض تقديم تفسير لها حول هذا التصرّف.. وفي الجامعة العربية الأميركية،
كانت هناك وزيرة التربية والتعليم، أيضاً، وهي بِعُمر جدّات بعض
الخرّيجين، الذين كانوا يمرّون دون مصافحتها..!!
السؤال: لماذا هذه التغيرات في مجتمعنا، ومن أين جاءت؟! وكما قلتُ؛ لستُ
مفتياً، ولكن حاولتُ الوصول إلى منبع هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا تحت
شعار ديني.. فوجدتُ في موقع "إسلام أون لاين"، على سبيل المثال، حول
مصافحة المرأة للرجل، "أنّها محلّ خلاف في الفقه الإسلامي، وهناك رأي يجيز
ذلك، مستدلّين على ذلك بأنّ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قد صافح النساء،
وأنّ أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، قد صافح عجوزاً في خلافته، واستدلّوا
بأحاديث عامّة أخرى، منها أنّ أبا موسى الأشعري جَعَل امرأة من الأشعريين
تفلّي رأسه، وهو محرم في الحج".
وفي موقع "فلسطين اليوم"، جاء فيه؛ "أثارت فتوى رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، بجواز مصافحة الرجل للمرأة، ردود
فعلٍ كثيرة من علماء السعودية، حيث يرى عضو هيئة التدريس في الجامعة
الإسلامية في المدينة المنورة، الدكتور عبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي،
حرمة ذلك".
وعلّق الشيخ القرضاوي على قول البعض، إنّ العالِم المعسِّر المتشدِّد أكثر
ردعاً وأعظم تقوى لله من الميسِّر، قائلاً: هذا خطأ كبير، لأن العالِم
الذي يفتي بالتيسير يتّبع المنهج القرآني والهَدْيَ النبوي، ويتّبع نهج
الخلفاء الراشدين خاصة، والصحابة عامة، مثل حَبْر الأمّة وترجمان القرآن،
عبد الله بن عباس، الذي اشتهر برُخَصِه.
بمعنى آخر؛ إنّ القضايا الدخيلة، هي من تأثير الفِكر المتشدد، الذي ينتشر
في جسد الأمّة بشكل متسارع، والقائم في كثير من القضايا، على مفهوم
التشدّد والسلفية المفرطة، التي لا تنظر إلى تقدّم المجتمع وإلى تطوّره،
والى حداثته، وتأخذ كثيراً من النصوص على ظاهرها، ليس إلاّ..!!
إحدى الفتاوى تقول: إنّ في يدِ الإنسان 5 ملايين خليّة، وأنّ المصافحة
تؤدّي إلى أن تقوم هذه الخلايا بإفراز مواد كيماوية لا تُحمَد عقباها..!!
ربّما صافحتُ في حياتي آلاف النساء، ولم أشعر، قـط، بهذه الخلايا تلعب
دورها.. إلاّ في خيالات أولئك المهووسين بالجنس بطريقة متخلّفة..!!
حان
الوقت لأن نكون وسطيّين في فِكرنا، وفي علاقاتنا الإنسانية.. خرّيجونا هم
مربّو الأجيال القادمة، فكيف أثّرت عليهم الرياح الوهابية والدخيلة، بهذه
الدرجة.. ولماذا لم يقرأوا ويتثقّفوا ويطّلعوا على الآراء المختلفة في هذا
المجال.. ولماذا لم يأخذوا بالأيْسَر، وتمسّكوا بالتشدّد؟!!
إنّ الخطر في أن يفقد مجتمعنا كلّ ما هو جميل، في صالح الدخيل، سواء كان
غربيّاً فاضحاً، أو فتاوى دينية تثير كثيراً من الشك، قبل الغثيان؟!!.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر