على الرغم من قلة التصريحات والمعلومات بشأن مجريات الحوار الفلسطيني، والتي كان آخر حلقاتها، الزيارة التي قام بها وفد أمني مصري إلى دمشق ورام الله، وعلى الرغم من انه لا يمكن الحديث عن اتفاق ناجز، الاّ ان ما يتسرب يشير إلى ان هذا الحوار يقترب كثيراً من نهاياته، وان ثمة احتمالاً مرجحاً لأن يتم اعلان اتفاق في اطار حضور عربي وربما اوروبي. انتهاء الحوار على النحو الذي تشير اليه المعلومات، وبعد عام كامل من بدئه في آب العام الماضي، وأكثر من عامين على الانقسام الذي وقع في حزيران قبل عامين، انتهاء هذا الحوار لا يعني انتهاء حالة الانقسام، وربما حتى لا يشكل بداية عملية لا بأس ان احتاجت الى المزيد من الوقت على طريق انهاء الانقسام واستعادة الوحدة. الحوار بدأ بمقدمات وتطلعات واهداف وشروط، وانتهى بأخرى لا صلة لها بالبدايات ولا تبشر بخير على القضية الفلسطينية والشعب. ويبدو بالاضافة إلى ما تتحمله الاطراف المتخاصمة والمتحاورة، من مسؤولية ازاء النتائج المخيبة للآمال، فان مصر تتحمل هي الأخرى مسؤولية رئيسية اذ ان الوساطة المصرية بدأت برؤية، ومواقف وآليات، وانتهت الى أخرى ولتحقيق هدف واحد على ما يبدو وهو انهاء الانقسام سياسياً، مع ابقاء الحال على حاله. المقصود بانهاء الانقسام السياسي، هو ضمان توافق الطرفين الرئيسيين في الحالة الفلسطينية، على ضرورة الاستجابة للجهد الدولي، من اجل البدء بمفاوضات على أساس ولتحقيق رؤية الدولتين. واذا صح ما قيل على لسان وزير الخارجية الفرنسي، كوشنير من ان الادارة الاميركية منحت اسرائيل ستة اشهر كفرصة لتجميد الاستيطان، فان ذلك يعني ان ثمة المزيد من الوقت لدى القاهرة من اجل تأهيل الفلسطينيين طالما تم منح الاسرائيليين مثل هذه الفرصة. ولكن ما الذي يدور في الكواليس ويشكل عناوين لاتفاق محتمل؟ أهم القضايا المطروحة، يتصل بتشكيل لجنة من ستة عشر عضواً، بديلاً عن حكومة التوافق الوطني، او حكومة الوحدة الوطنية، وتشكل اللجنة بتسمية ثمانية من كل طرف، أما مهمة هذه اللجنة التي ستكون بمرجعية الرئيس محمود عباس، فانها لا تشكل بديلاً عن الحكومات القائمة وعليها ان تحضر للانتخابات وتدير اعمار غزة، بالاضافة الى تنسيق الوضع. هذا يعني ان ثمة طربوشاً، مهمته التغطية على الوضع القائم واضفاء الشرعية عليه، وربما يرتب هذا الطربوش، آلية التفويض السياسي، الذي يتصل بموضوع المفاوضات السياسية، وهو ما يفترض ان يكون موضوع اتفاق مسبق، قد لا يخضع للاثارة نظراً لحساسيته بالنسبة لبعض الاطراف. ويعني ذلك ان الحوار سيحدث حالة من التحول السياسي في مواقف اطرافه ولكن بثمن، يتصل بابقاء الانقسام، والحصول على الشرعية، حيث ستبقى الضفة وغزة، موزعة احتكارياً على الطرفين المتخاصمين. الموضوع الآخر الذي يجري تداوله بالاقتراحات يتصل بموضوع الأمن، والحديث يدور عن قوة أمنية مشتركة ذات طبيعة رمزية، تتشكل من مئات، وفي الحد الاقصى من آلاف قليلة لا تغير من واقع الاجهزة الامنية القائمة والسيطرة على القرار كل في مكانه، وهذا البند يسمح ايضاً بايجاد صيغة لفتح معبر رفح تقوم على تفاهمات 2005، مع شراكة في الصلاحيات. موضوع ثالث يتصل بالانتخابات الرئاسية والتشريعية، وباتجاه التوصل إلى مساومة تغير قانون الانتخابات المختلط السابق، ولا تستجيب لرغبة ومواقف معظم الفصائل، التي تطالب بتطبيق نظام التمثيل النسبي بالكامل. وعلى سبيل المساومة يطرح موضوع نسبة الحسم، وعدد الدوائر الانتخابية، طبعاً لنا ان نتصور في هذه الحالة ما معنى اجراء الانتخابات في موعدها، وهو ما سبق ان تم الاتفاق عليه منذ البداية، لكنه يخضع مرة أخرى لاحتمالات التأجيل كجزء من الاتفاق. يراهن البعض على ان اتفاقاً كهذا يشكل بداية عملية لمعالجة وانهاء الانقسام الفلسطيني، ويفترض هؤلاء ان الاهم في كل ما يمكن ان يتم الاتفاق عليه يكمن في نقطتين: الاولى، مطلوبة كاستحقاق دولي واقليمي وعربي وحتى فلسطيني، وهي تتصل باندماج حركة حماس في العملية السياسية بشكل او بآخر، ولتحقيق ذلك لا بأس من ابداء التساهل مع متطلباتها وشروطها لمعالجة الوضع الفلسطيني، بما في ذلك تخفيف الشروط الدولية التي تطالبها بالاعتراف باسرائيل، ونبذ ما يسمى العنف والابقاء على شرط الالتزام بالاتفاقيات والتعهدات السابقة. فحماس مطلوبة بقوة لاكمال الجاهزية الفلسطينية المطلوبة كاستحقاق لمفاوضات سياسية جادة، تسعى اليها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عموماً، بحيث لا تلقى العملية السياسية معارضة قوية تعطيلية في الجانب الفلسطيني، الاميركيون والمجتمع الدولي وحتى العرب لا يهمهم كثيراً شكل الوضع الفلسطيني الداخلي، على الأقل في هذه الفترة ريثما تصبح حركة حماس قد اندمجت في العملية السياسية، ومقابل ذلك ستحصل حماس على الكثير بما تطلب وتصر عليه خلال جولات الحوار. أما القضية الثانية المهمة، وهي ان الانتخابات في حال اجرائها ستشكل الآلية الأفضل والاساسية، لمعالجة موضوع الانقسام، بمعنى اعادة بناء النظام من خلال المشاركة الشعبية عبر صناديق الاقتراح التي ستكون الفيصل في الحكم وفي منح الشرعية او حجبها. غير ان هذه الانتخابات لو وقعت في وقتها المحدد، ولو كان الوقت كافياً لاجرائها فان نتائجها لن تعدل او تبدل في طبيعة الوضع الانقسامي القائم. كيف يمكن اجراء الانتخابات في ظل مؤسسة ونظام منقسم على النحو الذي هو عليه الحال الفلسطيني؟ ولو افترضنا ان الانتخابات افرزت موازين قوى جديدة لصالح فتح فكيف ستعالج موضوع سيطرة حماس على غزة، والامر نفسه لو كانت النتائج لصالح حركة حماس، وحتى مهما كانت النتائج. ثم من يضمن نزاهة الانتخابات هنا في غزة وهناك في الضفة وكيف ستدار الحملات الانتخابية وفق الاصول في ظل الانقسام وازمة الثقة؟ بصراحة سيتفاجأ الفلسطينيون ان الحوار لن يؤدي الى انهاء انقسامهم وعذاباتهم، وسيجعلهم كل الوقت تحت رحمة المحتل الاسرائيلي. | |
لا لحوار يُشرعن الانقسام
عـائـــدون- Admin
- جنسيتك : فلسطينية
اعلام الدول :
رقم العضوية : 1
نقاط : 10504
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 23/01/2009
- مساهمة رقم 1
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر