أ.عبدالعزيز أمين موسى عرار*
الإطار الجغرافي لقرية خريش:
موقع خريش: تقع قرية خريش جنوب مدينة قلقيلية وتبعد عنها خمسة كيلومترات .
ترتفع قرية خريش 75 متراً عن سطح البحر.وهي قرية من "قرى العرقيات" الفلسطينية ، التي تقع في نهايات السهل الساحلي الفلسطيني ،وعند بدايات المرتفعات الجبلية، مثل :قلقيلية، وبيت جبرين، وطيبة المثلث، ومجدل الصادق وغيره.
مساحة أراضيها: بلغت مساحة أراضيها 3655 دونم حسب سجلات المساحة، ولكنها تزيد عن ذلك حسب رأي السكان، ومعاينة الباحث، بسبب أن سكانها جاءوا من كفر ثلث، ومن الصعوبة بمكان الفصل بين ملكية أراضي كفر ثلث وخريش .
عدد السكان: كانت تدرج خريش ضمن تعداد النفوس مع كفر ثلث،وفي 1/1/1945 بلغ عدد سكانها 70 نسمة لكن هذه الإحصائية غير صحيحة إذ بلغوا قرابة 350 شخصا عام 1948م حسب البحث .
مصادر مياه الشرب:
تعددت مصادر الشرب التي استخدمها السكان ؛ لكنها تميزت ببعد المسافة، ومشقتها خاصة في العهدين العثماني والبريطاني.وهذه أهمها:
مياه آبار الجمع: ظل الاعتماد على آبار الجمع، هو الطابع الأعم في الحصول على ماء الشرب، حيث يتم جمع مياه الأمطار في فصل الشتاء. وسادت الملكية الجماعية بين الأقارب أو الأباعد بمصطلح " الشبر " ،ونظراً لأهمية مصادر المياه لأصحابها.قام أبناء كفر ثلث ومنها خريش، بضم مساحة أرض مع البئر سموها " الحرجة " ،وقد أحصى الباحث 22بئرا أكبرها بئر هيتو. وهناك بركة محفورة في الصخر منذ عهد الرومان وكبيرة المساحة تبلغ مساحتها 100 م2 ويصل عمقها إلى 5 أمتار، وهي مقصورة، وتقع في الجهة الغربية من خريش.
الآبار الارتوازية: يعد بئر أبو العون أقدم بئر ماء نبع قديم، الذي حفره شيخ تقي كتب عنه الشيخ مجير الدين الحنبلي: ـ " وفي عصرنا ولي النظر عليه … شمس الدين أبو العون محمد الغزي القاري الشافعي... عمر المشهد وأقام نظامه وشعاره، وفعل آثارا حسنة ... والضريح الكريم عمله في سنة 886 هـ … وحفر البئر الذي بصحن المسجد، حتى وصل إلى الماء المعين، ثم عمر برجا على ظهر الإيوان من جهة الغرب ".
بقي بئر أبو العون مصدراً أساسيا للشرب، ولسقي الدواب عند سكان قرى جلجوليه، وكفرثلث، وخريش، وحبله، وكفر برا وغيرها وكانوا يتعاركون على الدور، حتى قام الألمان بحفر بئر ارتوازي في وادي الزاكور شرق خريش.وصار بإمكان أهالي كفر ثلث وخريش، وغيرهم استخدام هذه الآبار في أغراض مختلفة .
وبعد دخول الانتداب إلى فلسطين جرى حفر بئر ارتوازي في أراضي خريش في بيارتين للحاج حسين صبري ( قلقيلية ) وأمكن أهالي القرية الاستفادة منها في الاستعمال المنزلي، وسقي الدواب.
الحفاير: حفرت في الأرض على أيدي الرعاة غربي جلجولية قرب أراضي البساتين، تسقى منها الدواب وهي قريبة من السطح.
استخدام مياه نهر العوجا:
كانت كفر ثلث وخريش من القرى التي توجه رعاتها لرعي دوابهم قرب جلجولية، والمويلح، وعند الظهيرة كانوا يخلدون للراحة ،وناموا تحت الشجر المحيط بنهر العوجا دون خوف أو وجل من محتل، أو من مدعي ملكية.
حدثتني جدتي نعمة داود: "كان موسى العرار،وادريس الأشقر يأخذون الدواب من بقر وغنم إلى نهر العوجة، وبعد أن ترعى عند قرية المر(المويلح) يقيلن عند الظهر، وينام الشباب في عز الصيف تحت نبات السعد هانئين مطمئنين وما فش يهود يضايقوهم " .
موجزتاريخ خريش:
توجد مؤشرات على أن خريش كانت قائمة في عهد الرومان، بدليل وجود بركة أثرية استخدمها السكان في الشرب ، ثم عثر السكان على قطع نقدية أنتيكا وذهب تعود لهذا العصر.
حددثتني والدتي في 21/3/2007" كنا نغربل التراب علشان الطوابين ونلاقي خرز ذهب وأهلي باعوه ،وكان مغربي ييجي على البلد منشان يفك الرصد ويطلع كنز ذهب من بعض المغاير"
خريش زمن العثمانيين:
نسب إلى خريش العالم الفقيه محمد بن أحمد الخريشي الحنبلي، الذي كان والده بناءً ودرس في الأزهر، وأقام في القاهرة ، ودرس وأفتى فيها، ثم قدم إلى القدس واشتغل بالتدريس.
كان عاملا خاشعا، كثير التهجد والقراءة، ونابلس توفي عام 1100 هـم1593.
التوطن البشري في خريش:
اتخذ أبناء كفر ثلث موقع " الهدفه " جنوب خريش للرعي والتعزيب، وكان ذلك في النصف الأول من القرن الثامن عشر.
وشمل التعزيب أشخاصا كان منهم : مرعب، وخالد، وعرار، والقصاص وبشير، وكان هدفهم الاقامة المؤقتة، حتى يستغلوها صيفا في زراعة الذرة البيضاء، ورعي الدواب، ويرجعوا قبيل الشتاء إلى كفر ثلث للإقامة في مساكنهم، ورعي مواشيهم في الجبال، ولكن مشقة السفر والترحال، جعلتهم يستوطنوا فيها.
يقول أحد الرواة:
" يعد موسى العرار أول من توطن في خريش بصورة دائمة في المنتصف الأول من القرن الثامن عشر ، وانتقل من "العزبة القبلية" إلى موقع خربة خريش القديم. واستخدم مغارتها لمبيت الأبقار والأغنام. بعد استقراره تبعه أخوته صالح، وصلاح، وعبد الحافظ، وبسبب خصوبة الأرض في السهل الساحلي، وحاجتهم لزراعتها بمحصول الذرة البيضاء وغيره من المحاصيل، ووفرة الإنتاج تدفع باتجاه الاستقرار فيها.
دور ضامن الويركو في تهجير سكان كفر ثلث إلى خريش والزاكور:
بعد انتهاء الحكم المصري بقيادة إبراهيم باشا في فلسطين عام1840. نشطت من جديد الصراعات القبلية، والعشائرية، والحمائلية، والعائلية، وانقسمت البلاد بين القيس،واليمن، وطال الانقسام فلسطين قاعدياً ورأسياً،وأثر سلبا على علاقاتهم .
وفي هذه المنطقة من جبال نابلس، حدث صراع بين آل ريان، ومقرهم في مجدل يابا، وآل القاسم في حبله، ومحوره الخلاف على زعامة الجماعينيات،وتأثرت حمائل كفرثلث بهذا الحال.
كتم عبد الهادي القاسم أنفاس الحمائل المعارضة، وتصرف كحاكم محلي،وبنى قصرًا يضم طابقين في قرية حبله، وقد صنع قصراً من الشيد والزيت، وقد أحضروا حجارته البيضاء والوردية من أماكن بعيدة.وبنى عبد الهادي القاسم في الطابق الأرضي سجنا لمن يعصيه في دفع الضريبة.
دفع التسلط والعنف الفلاحين للهجرة إلى قرى وخرب قريبة وبعيدة أو محاولة الانتحار، وهربوا إلى المغارات والكهوف للمبيت فيها، وأضطر البعض لرهن الأرض لهذا السيد مقابل تخليصه من الضريبة، وهكذا رحل المختارسعيد موسى عودة إلى خريش .
أثر التجنيد الإجباري وحرب اليمن على السكان:
عانت الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر من جملة حروب وفتن داخلية، ومنها ثورة أهل اليمن على الأتراك ، وكان لفلسطين نصيب من التجنيد الإجباري، الذي شمل القرى والمدن، وقد سبب آثاراً سلبيةً في المجتمع الفلسطيني؛ في ظل هذه الأحوال لم يكن أمامهم غير الفرار من المعارك، أو دفع بخشيش للطبيب العسكري .
ووصفت سلطة الأتراك التي حملت الشباب وحشرتهم في السفن كتجار الغنم الذين يسيرون بها من مكان إلى آخر، وتشهد النساء على الحدث بترانيم حزينة فتقول: ـ
جلبوا الشباب كجلب الغنم
جلبوهم ونزلوهم على اليمن
جلبوهم ونزلوهم على اليمن
وقد انعكست هذه الأوضاع السلبية على شباب كفر ثلث وخريش، وعن المآسي التي رافقت هذه الحالة يذكر أحد الرواة: ـ " لقد جند أولاد موسى العرار من خربة خريش، وهم: محمود، ومحمد، وبقي عيسى يربي أولاد اخوته احمد وموسى، و كسرت رجل محمد في الحرب، وقعد إحداشر سنة، وأصيب بالعمى يوسف مصطفى، وفقد بصره حيث لا طب ولا دواء، ،ولم يكن غير زبل الدجاج دواء للعيون ورجع الأخوين عن طريق البحر، ونزلا على شاطئ يافا، وبلغ الخبر مسامع أهالي العائدين ، وفرح الناس لعودة الطابور، والتقت النسوة بأزواجهن وبحلق الأولاد في ابوتهم غير مكترثين بهم."
دور خريش في الثورة والنضال:
أسهم بعض أبناء خريش في الثورة الفلسطينية 1936مساهمة محدودة، وتمثلث في تقديم بعض الخدمات، وعلى أرضها حدثت بعض الأحداث البسيطة.وانخرط بعضهم في فصيل "الموت" بقياده فارس محمد الحواري من قرية عزون والذي وصل عدده خمس وسبعون ثائرا،ومنهم حسن أبو عمر الذي تخصص في صنع الكبسولات .
. قام فارس ورفاقه بعملية عسكرية .راح فيها 8ـ 12 جندي بعضهم من اليهود،التي جرت في ربيع عام 1939،وجرح فارس ونقل إلى خريش ،وأحضر السكان الطبيب رفعت عودة لأسعافه،ثم رحل إلى سوريا، بعد مرور عام على رحيله لسوريا ولبنان قبض عليه الفرنسيون وسلموه لبريطانيا ،وأعدم في سجن عكا ،وحزن الناس لشنقه، وقالت نسوة كفرثلث وخريش فيه:
قلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب ذهب
يا خسارة يا أبو معروف يا قايد كل العرب .
يا خسارة يا أبو معروف يا قايد كل العرب .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر