بقلم: صلاح صلاح
بإنتخاب رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، وتكليف زعيم الأكثرية الشيخ سعد الحريري بتشكيل الحكومة يكون قد إكتمل عقد روؤساء الجمهورية الثالثة. سيكون ملف الفلسطينيين في لبنان أحد الملفات العديدة على طاولة كل من الرؤساء الثلاثة لكنّه ربما الأكثر إستخداماً في المزايدات السياسية المحلية والإقليمية، والأقل إهتماماً في مواقع القرار الجدية. وقد يكون الملف الوحيد "اليتيم، مقطوع من شجرة، ليس له واسطة" في مؤسسات الدولة. كل الرؤساء في الجمهوريات الثلاث وكل الكتل النيابية، وكل القوى السياسية تؤيد القضية الفلسطينية، وتتعاطف مع الفلسطينيين، وتتفهم حقوقهم الإنسانية، لكن ليس المقيمين في لبنان.
لبنان هو البلد العربي الأكثر عرضة للنقد في المحافل الدولية المهتمة بحقوق الإنسان (دول ومؤسسات)، والبعض يتهمها بالعنصرية بسبب السياسة والقوانين التي تتبعها تجاه الفلسطينيين، ولا تحترم حقوق الإنسان، منها على سبيل المثال المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على "حق كل شخص في العمل وحرية إختياره بشروط عادلة ومرضية، إضافة إلى الحق في الحماية من البطالة. وعلى الحق لكل فرد دون أي تمييز في أجر متساوِ للعمل "وفي المادة 25" لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الإجتماعية اللازمة وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والعجز والمرض والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته".
هذا بالإضافة إلى الكثير من الإتفاقيات والمعاهدات العربية والدولية التي لها علاقة بأوضاع الفلسطينيين في لبنان وترفض الدولة تطبيقها أو التصديق عليها. تحت تأثير حملات الإحتجاج على هذه السياسة والمطالبة بتصححها، والإدانات التي تعرضت لها الدولة في مناسبات دولية والإستنكار من وفود أجنبية، شكلت الحكومة اللبنانية لجنة للحوار مع الفلسطينيين حول ما يشكون منه، وكلفت وفداً وزارياً للقيام بجولة على المخيمات للإطلاع على أوضاعها ميدانياً وقد إكتشف أعضاء الوفد بعد مضي 60 سنة كم هي مزرية، وظهرت الدمعة تسقط من عيون بعضهم متأثراً من المناظر المأساوية، وخطّأ بعضهم في وسائل الإعلام إستمرار معاملة الفلسطينيين كحالة أمنية. بعد ذلك دُمِّر مخيم نهر البارد وشُرِّد سكانه، ويمنع الدخول إليه (حتى سكانه) إلا بتصريح، وتعززت الإجراءات الأمنية في محيط المخيمات وداخلها، تحديداً في الجنوب.
لماذا هذا الإصرار من الدولة اللبنانية على الإستمرار في إذلال وإهانة الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه المدنية والإجتماعية والإنسانية عوضاً عن السياسية؟
بإعتباري من الفلسطينيين الذين إضطروا اللجوء إلى لبنان منذ النكبة 1948، وواكبت بل أستطيع القول إشتركت في كل الحوارات والتطورات التي حكمت العلاقات الفلسطينية اللبنانية، أرى أنّ السبب الأساسي هو "الحكم المسبق الخاطئ على الفلسطيني، التخويف منه وكأنّه شر مطلق". ويتم إستخدام ذلك في الصراعات الداخلية، والحسابات السياسية الإقليمية والدولية. كالإشاعة التي تتحول إلى حقيقة بالتوارث والكذبة التي يصدقها مطلقوها بالتكرار. خاصة في زمن المواقع على الكمبيوتر، والساتلايت، وتطور وسائل الإعلام. قطعاً سيرى البعض أنّي أُبسِّط الأمور، وأنّ هناك أسباباً هامة وأساسية تستوجب هذه السياسة والقوانين والإجراءات الظالمة والقاسية وغير الإنسانية. ما هي؟ تعالوا نناقشها:
التوطين : برز الحديث حول التوطين في الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية في السنوات الأخيرة فقط، وتتصاعد حدته كلما ظهرت بوادر حملة، أو مطالبة بإنصاف الفلسطينيين وتمكينهم من ممارسة حقوقهم الإنسانية، المدنية، الإجتماعية التي كفلتها المواثيق والقوانين العربية والدولية أو كلّما لاح في الأفق أو تسربت معلومات عن مشروع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين. وهنا، من قبيل فتح باب النقاش، أُسجل ما يلي:
1- منذ ما بعد النكبة مباشرة إقتصر البحث في القضية الفلسطينية بإعتبارها قضية "لاجئين". وتولت الولايات المتحدة الأميركية مهمة معالجة هذه المشكلة ليس بتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي يستوجب عودتهم إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي أُجبروا على مغادرتها بسبب فشل جيوش الأنظمة العربية التي دخلت فلسطين لحماية سكانها والتصدي للقوات الصهيونية. فكلف الرئيس الأميركي أيزنهاور السيد جونستون مبعوثاً خاصاً لإقناع الدول العربية بالشراكة مع إسرائيل لتقاسم مياه نهر الأردن وإقامة مشاريع مشتركة على ضفتيه. نتج عن ذلك ما سمي "مشروع جونستون" الذي كان من أبرز إستهدافاته:
توطين اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة صلح مع الدول المجاورة/ المعنية (لبنان، سوريا، الأردن). وبعد فشل جهود جونستون لتمرير مشروعه، منذ عام 1953 حتى عام 1955. قام وزير الخارجية الأميركي فوستر دالاس بجولة إلى المنطقة في إطار حملة التبشير للأحلاف العسكرية التي حاولت حكومته إقامتها عام 1955. فأعلن، بتخويل من الرئيس الأميركي، ما سُمي "مشروع دالاس" الذي تضمن حلاً لمشكلة اللاجئين "يقضي بأنّ يتمكن هؤلاء المنتزعون من جذورهم من إستئناف حياة جديدة عن طريق إعادة إستقرارهم... وبتوطينهم في المناطق العربية التي هم فيها".
وحين إنفضح الدور الأميركي وفشلت مشاريعها وأحلافها دفعت الأمين العام للأمم المتحدة السيد همرشولد لمتابعة طرح المشاريع المشبوهة فبدأ عام 1956 بطرح فكرة "عودة قسم ضئيل من اللاجئين على أن ينال الآخرون جنسيات الدول التي يُقيمون فيها". لكنّه في عام 1959، مستغلاً منصبه كأمين عام، قدم وثيقة تُخرج وكالة الغوث ( UNRWA ) عن مهمتها الإنسانية وتكلفها العمل على "توطين اللاجئين في الأماكن التي يوجدون فيها".
إستعنتُ بهذه الأمثلة من الماضي لأضع أمام المعنيين والداعين والرافضين للتوطين الحقائق التالية:
1- أنّ مشاريع التوطين قديمة وتتجدد سنوياً تقريباً، وأنّ طرحها بين فترة وأخرى لا يعني أنّها أصبحت قابلة للتنفيذ حتى لو كانت من قبل الإمبراطورية الأميركية وتحظى بدعم الأمين العام لأهم منظمة دولية.
القلق، الخوف، الذعر الذي يجب أن ينتاب الجميع ليس مِن طرح مشاريع التوطين وإنّما مَن يواجهها وكيفية التصدي لها. لا أريد أن أتورط في الحديث عمن كان مؤيداً لتلك المشاريع ومن كان معارضاً، لكنّي أستطيع الجزم، مستشهداً بمستشارين أو مقربين من قيادات سياسية نافذة، وكبار الصحفيين القدامى، وملفات الأجهزة الأمنية، أنّ الفلسطينيين كانوا الرواد، في طليعة المتصدين لهذه المشاريع ولهم الفضل الأكبر في إفشالها يحدوهم أمل العودة يتوارثون مفتاحه جيلاً بعد جيل. التصدي لهذه المشاريع بكل أشكال النضال السياسي والجماهيري الممكنة في تلك المرحلة هو الذي أسس فيما بعد للكفاح المسلح لشق طريق العودة. وهنا لا أدخل في تقييم هذه التجربة وإنّما أستدل بها كمؤشر على تمسك الفلسطينيين بحقهم العودة إلى وطنهم وإستعدادهم لتقديم كل التضحيات للدفاع عن هذا الحق.
2- قد يرى البعض في التغييرات التي حصلت بعد إتفاقات كامب ديفيد وأوسلو والتسريبات والمبادرات التي طرحت بعد ذلك ما يرفع من وتيرة المخاوف من التوطين. هذا صحيح، لكن:
a. بالعودة إلى تجربة الماضي التي نلحظ فيها قبول عربي رسمي، ودعم دولي، وميزانيات مغرية لم تنجح بتنفيذ مشاريع التوطين، فكيف يمكن أن تنفذ اليوم في ظل إجماع لبناني/ فلسطيني موثق على رفض التوطين.
b. موضوع اللاجئين الفلسطينيين ليس موضوعاً لبنانياً هو موضوع عربي. لا يمكن حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بمعزل عن مشكلة اللاجئين ككل؛ لقد فشلت محاولات سابقة لتوطين قسم منهم في لبنان وآخر في الجبل الأخضر/ليبيا، ومره أخرى لنقلهم إلى الأزرق في الأردن، ومرة ثالثة إلى جنوبي العراق، ورابعه توزيعهم على بعض الدول العربية (النفطية) والأجنبية، وخامسة عودتهم على مناطق السلطة.
c. لا يمكن حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بمن فيهم المقيمين في لبنان خارج إطار الحل السياسي الشامل. وكما أصبح واضحاً بعد مرور 16 سنة على إتفاق أوسلو وما رافقه وما تلاه من مبادرات وإجتماعات مكوكية وحلزونية لم ولن تصل إلى تسوية ضمن الأفق المنظور.
الحقوق المدنية والإجتماعية والإنسانية : يحرم الفلسطيني منها بالمطلق تحت حجة أنّها تؤدي إلى التوطين. تمكين الفلسطينيين اللاجئين إلى لبنان من ممارسة حقوقهم سيؤدي –بحسب رافضيها- إلى أن يتخلو عن وطنهم، ويتوقفون عن المطالبة بالعودة ويفضلون البقاء في لبنان، وهذا يخل بالتركيبة الطائفية الدقيقة في البلد، وينافس اللبناني على مورد رزقه. تحت هذه الذريعة يُمنع الفلسطيني من حق العمل وممارسة المهن الحرة (كالطب والمحاماة والهندسة) وحق الإستفادة من أي ضمانات إجتماعية أو صحية وغيرها. إنّها حجج وذرائع أوهن من بيت العنكبوت، لا تصمد أمام أي تحليل واقعي، منطقي، ومسؤول، فهي:
بإنتخاب رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، وتكليف زعيم الأكثرية الشيخ سعد الحريري بتشكيل الحكومة يكون قد إكتمل عقد روؤساء الجمهورية الثالثة. سيكون ملف الفلسطينيين في لبنان أحد الملفات العديدة على طاولة كل من الرؤساء الثلاثة لكنّه ربما الأكثر إستخداماً في المزايدات السياسية المحلية والإقليمية، والأقل إهتماماً في مواقع القرار الجدية. وقد يكون الملف الوحيد "اليتيم، مقطوع من شجرة، ليس له واسطة" في مؤسسات الدولة. كل الرؤساء في الجمهوريات الثلاث وكل الكتل النيابية، وكل القوى السياسية تؤيد القضية الفلسطينية، وتتعاطف مع الفلسطينيين، وتتفهم حقوقهم الإنسانية، لكن ليس المقيمين في لبنان.
لبنان هو البلد العربي الأكثر عرضة للنقد في المحافل الدولية المهتمة بحقوق الإنسان (دول ومؤسسات)، والبعض يتهمها بالعنصرية بسبب السياسة والقوانين التي تتبعها تجاه الفلسطينيين، ولا تحترم حقوق الإنسان، منها على سبيل المثال المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على "حق كل شخص في العمل وحرية إختياره بشروط عادلة ومرضية، إضافة إلى الحق في الحماية من البطالة. وعلى الحق لكل فرد دون أي تمييز في أجر متساوِ للعمل "وفي المادة 25" لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الإجتماعية اللازمة وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والعجز والمرض والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته".
هذا بالإضافة إلى الكثير من الإتفاقيات والمعاهدات العربية والدولية التي لها علاقة بأوضاع الفلسطينيين في لبنان وترفض الدولة تطبيقها أو التصديق عليها. تحت تأثير حملات الإحتجاج على هذه السياسة والمطالبة بتصححها، والإدانات التي تعرضت لها الدولة في مناسبات دولية والإستنكار من وفود أجنبية، شكلت الحكومة اللبنانية لجنة للحوار مع الفلسطينيين حول ما يشكون منه، وكلفت وفداً وزارياً للقيام بجولة على المخيمات للإطلاع على أوضاعها ميدانياً وقد إكتشف أعضاء الوفد بعد مضي 60 سنة كم هي مزرية، وظهرت الدمعة تسقط من عيون بعضهم متأثراً من المناظر المأساوية، وخطّأ بعضهم في وسائل الإعلام إستمرار معاملة الفلسطينيين كحالة أمنية. بعد ذلك دُمِّر مخيم نهر البارد وشُرِّد سكانه، ويمنع الدخول إليه (حتى سكانه) إلا بتصريح، وتعززت الإجراءات الأمنية في محيط المخيمات وداخلها، تحديداً في الجنوب.
لماذا هذا الإصرار من الدولة اللبنانية على الإستمرار في إذلال وإهانة الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه المدنية والإجتماعية والإنسانية عوضاً عن السياسية؟
بإعتباري من الفلسطينيين الذين إضطروا اللجوء إلى لبنان منذ النكبة 1948، وواكبت بل أستطيع القول إشتركت في كل الحوارات والتطورات التي حكمت العلاقات الفلسطينية اللبنانية، أرى أنّ السبب الأساسي هو "الحكم المسبق الخاطئ على الفلسطيني، التخويف منه وكأنّه شر مطلق". ويتم إستخدام ذلك في الصراعات الداخلية، والحسابات السياسية الإقليمية والدولية. كالإشاعة التي تتحول إلى حقيقة بالتوارث والكذبة التي يصدقها مطلقوها بالتكرار. خاصة في زمن المواقع على الكمبيوتر، والساتلايت، وتطور وسائل الإعلام. قطعاً سيرى البعض أنّي أُبسِّط الأمور، وأنّ هناك أسباباً هامة وأساسية تستوجب هذه السياسة والقوانين والإجراءات الظالمة والقاسية وغير الإنسانية. ما هي؟ تعالوا نناقشها:
التوطين : برز الحديث حول التوطين في الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية في السنوات الأخيرة فقط، وتتصاعد حدته كلما ظهرت بوادر حملة، أو مطالبة بإنصاف الفلسطينيين وتمكينهم من ممارسة حقوقهم الإنسانية، المدنية، الإجتماعية التي كفلتها المواثيق والقوانين العربية والدولية أو كلّما لاح في الأفق أو تسربت معلومات عن مشروع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين. وهنا، من قبيل فتح باب النقاش، أُسجل ما يلي:
1- منذ ما بعد النكبة مباشرة إقتصر البحث في القضية الفلسطينية بإعتبارها قضية "لاجئين". وتولت الولايات المتحدة الأميركية مهمة معالجة هذه المشكلة ليس بتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي يستوجب عودتهم إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي أُجبروا على مغادرتها بسبب فشل جيوش الأنظمة العربية التي دخلت فلسطين لحماية سكانها والتصدي للقوات الصهيونية. فكلف الرئيس الأميركي أيزنهاور السيد جونستون مبعوثاً خاصاً لإقناع الدول العربية بالشراكة مع إسرائيل لتقاسم مياه نهر الأردن وإقامة مشاريع مشتركة على ضفتيه. نتج عن ذلك ما سمي "مشروع جونستون" الذي كان من أبرز إستهدافاته:
توطين اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة صلح مع الدول المجاورة/ المعنية (لبنان، سوريا، الأردن). وبعد فشل جهود جونستون لتمرير مشروعه، منذ عام 1953 حتى عام 1955. قام وزير الخارجية الأميركي فوستر دالاس بجولة إلى المنطقة في إطار حملة التبشير للأحلاف العسكرية التي حاولت حكومته إقامتها عام 1955. فأعلن، بتخويل من الرئيس الأميركي، ما سُمي "مشروع دالاس" الذي تضمن حلاً لمشكلة اللاجئين "يقضي بأنّ يتمكن هؤلاء المنتزعون من جذورهم من إستئناف حياة جديدة عن طريق إعادة إستقرارهم... وبتوطينهم في المناطق العربية التي هم فيها".
وحين إنفضح الدور الأميركي وفشلت مشاريعها وأحلافها دفعت الأمين العام للأمم المتحدة السيد همرشولد لمتابعة طرح المشاريع المشبوهة فبدأ عام 1956 بطرح فكرة "عودة قسم ضئيل من اللاجئين على أن ينال الآخرون جنسيات الدول التي يُقيمون فيها". لكنّه في عام 1959، مستغلاً منصبه كأمين عام، قدم وثيقة تُخرج وكالة الغوث ( UNRWA ) عن مهمتها الإنسانية وتكلفها العمل على "توطين اللاجئين في الأماكن التي يوجدون فيها".
إستعنتُ بهذه الأمثلة من الماضي لأضع أمام المعنيين والداعين والرافضين للتوطين الحقائق التالية:
1- أنّ مشاريع التوطين قديمة وتتجدد سنوياً تقريباً، وأنّ طرحها بين فترة وأخرى لا يعني أنّها أصبحت قابلة للتنفيذ حتى لو كانت من قبل الإمبراطورية الأميركية وتحظى بدعم الأمين العام لأهم منظمة دولية.
القلق، الخوف، الذعر الذي يجب أن ينتاب الجميع ليس مِن طرح مشاريع التوطين وإنّما مَن يواجهها وكيفية التصدي لها. لا أريد أن أتورط في الحديث عمن كان مؤيداً لتلك المشاريع ومن كان معارضاً، لكنّي أستطيع الجزم، مستشهداً بمستشارين أو مقربين من قيادات سياسية نافذة، وكبار الصحفيين القدامى، وملفات الأجهزة الأمنية، أنّ الفلسطينيين كانوا الرواد، في طليعة المتصدين لهذه المشاريع ولهم الفضل الأكبر في إفشالها يحدوهم أمل العودة يتوارثون مفتاحه جيلاً بعد جيل. التصدي لهذه المشاريع بكل أشكال النضال السياسي والجماهيري الممكنة في تلك المرحلة هو الذي أسس فيما بعد للكفاح المسلح لشق طريق العودة. وهنا لا أدخل في تقييم هذه التجربة وإنّما أستدل بها كمؤشر على تمسك الفلسطينيين بحقهم العودة إلى وطنهم وإستعدادهم لتقديم كل التضحيات للدفاع عن هذا الحق.
2- قد يرى البعض في التغييرات التي حصلت بعد إتفاقات كامب ديفيد وأوسلو والتسريبات والمبادرات التي طرحت بعد ذلك ما يرفع من وتيرة المخاوف من التوطين. هذا صحيح، لكن:
a. بالعودة إلى تجربة الماضي التي نلحظ فيها قبول عربي رسمي، ودعم دولي، وميزانيات مغرية لم تنجح بتنفيذ مشاريع التوطين، فكيف يمكن أن تنفذ اليوم في ظل إجماع لبناني/ فلسطيني موثق على رفض التوطين.
b. موضوع اللاجئين الفلسطينيين ليس موضوعاً لبنانياً هو موضوع عربي. لا يمكن حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بمعزل عن مشكلة اللاجئين ككل؛ لقد فشلت محاولات سابقة لتوطين قسم منهم في لبنان وآخر في الجبل الأخضر/ليبيا، ومره أخرى لنقلهم إلى الأزرق في الأردن، ومرة ثالثة إلى جنوبي العراق، ورابعه توزيعهم على بعض الدول العربية (النفطية) والأجنبية، وخامسة عودتهم على مناطق السلطة.
c. لا يمكن حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بمن فيهم المقيمين في لبنان خارج إطار الحل السياسي الشامل. وكما أصبح واضحاً بعد مرور 16 سنة على إتفاق أوسلو وما رافقه وما تلاه من مبادرات وإجتماعات مكوكية وحلزونية لم ولن تصل إلى تسوية ضمن الأفق المنظور.
الحقوق المدنية والإجتماعية والإنسانية : يحرم الفلسطيني منها بالمطلق تحت حجة أنّها تؤدي إلى التوطين. تمكين الفلسطينيين اللاجئين إلى لبنان من ممارسة حقوقهم سيؤدي –بحسب رافضيها- إلى أن يتخلو عن وطنهم، ويتوقفون عن المطالبة بالعودة ويفضلون البقاء في لبنان، وهذا يخل بالتركيبة الطائفية الدقيقة في البلد، وينافس اللبناني على مورد رزقه. تحت هذه الذريعة يُمنع الفلسطيني من حق العمل وممارسة المهن الحرة (كالطب والمحاماة والهندسة) وحق الإستفادة من أي ضمانات إجتماعية أو صحية وغيرها. إنّها حجج وذرائع أوهن من بيت العنكبوت، لا تصمد أمام أي تحليل واقعي، منطقي، ومسؤول، فهي:
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر