الإسلام السياسي
) يقع في خطأ كبير من يعتقد أن ظهور حركات
سياسية مرتبطة بالإسلام، تعبئ جماهير واسعة، هي ظاهرة مرتبطة بشعوب متخلفة ثقافياً
وسياسياً على المسرح العالمي، وهي شعوب لا تستطيع أن تفهم سوى اللغة الظلامية التي
تكاد ترتد لعصورها القديمة وحدها. وهو الخطأ الذي تنشره، على نطاق واسع، أدوات
الإتصال المسيطرة، التبسيطية، والخطاب شبه العلمي للمركزية الأوربية. وهو خطاب مبني
على أن الغرب وحده هو القادر على إختراع الحداثة، بينما تنغلق الشعوب الإسلامية في
إطار ((تقاليد)) جامدة لا تسمح لها بفهم وتقدير حجم التغييرات الضرورية.
ولكن الإسلام والشعوب الإسلامية لها تاريخها، مثل بقية الشعوب، والذي يمتلئ
بالتفسيرات المختلفة للعلاقات بين العقل والإيمان، وبالتحولات والتغيرات المتبادلة
للمجتمع وديانته. ولكن حقيقة هذا التاريخ تتعرض للإنكار لا على يد الخطاب الأوربي
المركزي وحسب، بل أيضاً على يد حركات الإسلام السياسي المعاصرة. فكلا الطرفين
يشتركان في الواقع، في الفكرة الثقافية القائلة بأن المسارات المختلفة للشعوب لها
((خصوصيتها)) المتميزة غير القابلة للتقييم والقياس والعابرة للتاريخ. ففي مقابل
المركزية الأوربية، لا يقدم الإسلام السياسي المعاصر سوى مركزية أوربية معكوسة.
وظهور الحركات التي تنتسب للإسلام هو في واقع الأمر التعبير عن التمرد العنيف ضد
النتائج السلبية للرأسمالية القائمة فعلاً، وضد الحداثة غير المكتملة والمشوهة
والمضللة التي تصاحبها. إنه تمرد مشروع تماماً ضد نظام لا يقدم للشعوب المعنية أية
مصلحة على الإطلاق.
2) إن الخطاب الإسلامي الذي يقدم كبديل للحداثة الرأسمالية -والتي تُضم إليها تجارب
الحداثة الإشتراكية التاريخية أيضاً-، ذو طابع سياسي وليس ديني. أما وصفه بالأصولية
كما يحدث غالباً، فلا ينطبق عليه بأي شكل، وهو، على أية حال، لا يستخدمه إلا على
لسان بعض المثقفين الإسلاميين المعاصرين الذين يوجهون خطابهم الى الغرب بأكثر مما
يوجهونه الى قومهم.
والإسلام المقترح هنا معادٍ لجميع أشكال لاهوت التحرير، فالإسلام السياسي يدعو الى
الخضوع لا التحرر. والمحاولة الوحيدة لقراءة الإسلام في إتجاه التحرر كانت تلك
الخاصة بالمفكر الإسلامي السوداني، محمود طه. ولم تحاول أية حركة إسلامية، لا ((راديكالية))
ولا ((معتدلة))، أن تتبنى أفكار محمود طه الذي أعدمه نظام نميري في السودان بتهمة
الردة. كذلك لم يدافع عنه أي من المثقفين الذين ينادون ((بالنهضة الإسلامية)) أو
الذين يعبرون عن الرغبة في التحاور مع هذه الحركات.
والمبشرون ((بالنهضة الإسلامية)) لا يهتمون بإمور اللاهوت، وكل ما يبدون إهتمامهم
به من الإسلام هو الشكل الإجتماعي والتقليدي للدين، الذي لا يخرج عن الممارسات
الدقيقة والشكلية للشعائر. والإسلام كما يتحدثون عنه يعبر عن ((جماعة)) ينتمي إليها
الإنسان بالإرث كما لو كانت جماعة ((عرقية))، وليس إعتقاداً شخصياً يختاره المرء أو
لا يختاره، يؤمن به أو لا يؤمن. فالأمر لا يتجاوز تأكيد ((هوية جماعية))، ولهذا
السبب ينطبق تعبير الإسلام السياسي على هذه الحركات تماماً.
3) لقد جرى إختراع الإسلام السياسي الحديث في الهند على يد المستشرقين لخدمة السلطة
البريطانية، ثم تبناه وبشر به المودودي الباكستاني بكامله. وكان الهدف هو ((إثبات))
أن المسلم المؤمن بالإسلام لا يستطيع العيش في دولة غير إسلامية - وبذلك كانوا
يمهدون لتقسيم البلاد- لأن الإسلام لا يعترف بالفصل بين الدين والدولة حسب زعمهم.
وهكذا تبنى أبو العلاء المودودي فكرة الحاكمية لله (ولاية الفقيه؟!)، رافضاً فكرة
المواطن الذي يسن التشريعات لنفسه، وأن الدولة عليها أن تطبق القانون الساري للأبد
(الشريعة).
والإسلام السياسي يرفض فكرة الحداثة المحرّرة، ويرفض مبدأ الديمقراطية ذاته -أي حق
المجتمع في بناء مستقبله عن طريق حريته في سن التشريعات. أما مبدأ الشورى الذي يدعي
الإسلام السياسي أنه الشكل الإسلامي للديمقراطية، فهو ليس كذلك، لأنه مقيد بتحريم
الإبداع، حيث لا يقبل إلا بتفسير التقاليد (الاجتهاد)، فالشورى لا تتجاوز أياً من
أشكال الاستشارة التي وجدت في مجتمعات ما قبل الحداثة، أي ما قبل الديمقراطية. ولا
شك أن التفسير قد حقق في بعض الحالات تغييراً حقيقياً عندما كانت هناك ضرورات
جديدة، ولكنه حسب تعريفه ذاته -رفض الانفصال عن الماضي- يضع الصراع الحديث من أجل
التغيير الاجتماعي والديمقراطية في مأزق. ولذلك فالتشابه المزعوم بين الأحزاب
الإسلامية -راديكالية كانت أم معتدلة حيث إنها جميعاً تلتزم بمعاداة الحداثة بحجة
خصوصية الإسلام- والأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا ليس صحيحاً بالمرة، رغماً
عن أن وسائل الاتصال والديبلوماسية الأمريكية تشير إليه كثيراً لإضفاء الشرعية على
تأييدها المرتقب للأنظمة ((الإسلامية)) في المستقبل. فالديمقراطية المسيحية قائمة
في نطاق الحداثة، وهي تقبل الفكرة الأساسية للديمقراطية الخلاقة، وكذا جوهر فكرة
العلمانية. أما الإسلام السياسي فيرفض فكرة الحداثة، وهو يعلن ذلك حتى وإن كان لا
يستطيع فهم مغزاها.
وعلى ذلك فالإسلام المقترح لا يمكن وصفه بالحداثة، والحجج التي يقدمها المنادون ((بالحوار))
لإثبات ذلك مبتذلة لأقصى درجة، وتبدأ من إستخدام دعاة الإسلام لأشرطة الكاسيت
لترويج الدعوة، وحتى لقيام الدعاة بتجنيد الأتباع من بين الفئات ((المتعلمة))
كالمهندسين والأطباء مثلاً! وعلى أية حال، فخطاب هذه الحركات لا يعرف إلا الإسلام
الوهابي الذي يرفض كل ما أنتجه التفاعل بين الإسلام التاريخي وبين الفلسفة
الإغريقية في زمانه، كما يكتفي بتكرار الكتابات التي لا طعم لها لإبن تيمية، الذي
هو أكثر الفقهاء رجعية في العصر الوسيط. وعلى الرغم من إدعاء بعض الدعاة بأن هذه
التفسيرات هي ((عودة الى الإسلام في عهد الرسول))، فإنها في الحقيقة عودة الى
الأفكار السائدة منذ 600 عام، أي الى الأفكار السائدة في مجتمع تجمد تطوره لعدة
قرون.
4) والإسلام السياسي المعاصر ليس نتيجة لرد الفعل لإساءات العلمانية كما يدعي البعض
كثيراً مع الأسف. ذلك أن أياً من المجتمعات الإسلامية العصرية -بإستثناء الإتحاد
السوفياتي السابق- لم يكن في وقت من الأوقات علمانياً بشكل حقيقي، ودع عنك التعرض
لهجمات سلطة ((ملحدة)) عدوانية بأي شكل من الأشكال. فقد اكتفت الدول شبه الحديثة في
تركيا الكمالية، ومصر الناصرية، وسوريا والعراق البعثيين، بتدجين رجال الدين ( كما
حدث كثيراً من قبل )، وذلك بأن تفرض عليهم خطاباً هدفه الوحيد إضفاء الشرعية على
اختياراتها السياسية. أما نشر فكرة العلمانية فلم توجد إلا لدى بعض الأوساط المثقفة
المعارضة، ولم يكن لها تأثير يذكر على الدولة، بل إن الدولة قد تراجعت في بعض
الأحيان في هذا المجال، خدمة لمشروعها الوطني، كما حدث من تطور مزعج حتى في عهد
جمال عبدالناصر نفسه بالنسبة لموقف الوفد بعد ثورة عام 1919. ولعل التفسير الواضح
لهذا التراجع هو أن الأنظمةالمعنية، إذ رفضت الديمقراطية، فضلت عليها ((تجانس
المجتمع))، الأمر الذي تظهر خطورته حتى بالنسبة لتراجع الديمقراطية في الغرب
المعاصر ذاته.
ويهدف الإسلام السياسي الى إقامة أنظمة دينية رجعية صريحة، مرتبطة بسلطات من طراز
((المماليك))، أي سلطة تلك الطبقة العسكرية الحاكمة قبل قرنين من الزمان. ومن يراقب
عن كثب الأنظمة المتدهورة التالية لمرحلة الفورة الوطنية، والتي تضع نفسها فوق أي
قانون ( بإدعاء أنها لا تعترف إلا بالشريعة ). وتستولي على كل مكاسب الحياة
الاقتصادية، وتقبل، باسم ((الواقعية))، أن تندمج في وضع متدنٍ، في العولمة
الرأسمالية لعالم اليوم، لا يمكن إلا أن يربط بينها وبين تلك الأنظمة المملوكية.
وينطبق نفس التقييم على نظيرتها من الأنظمة المدّعى بإسلاميتها والتي ظهرت مؤخراً.
) يقع في خطأ كبير من يعتقد أن ظهور حركات
سياسية مرتبطة بالإسلام، تعبئ جماهير واسعة، هي ظاهرة مرتبطة بشعوب متخلفة ثقافياً
وسياسياً على المسرح العالمي، وهي شعوب لا تستطيع أن تفهم سوى اللغة الظلامية التي
تكاد ترتد لعصورها القديمة وحدها. وهو الخطأ الذي تنشره، على نطاق واسع، أدوات
الإتصال المسيطرة، التبسيطية، والخطاب شبه العلمي للمركزية الأوربية. وهو خطاب مبني
على أن الغرب وحده هو القادر على إختراع الحداثة، بينما تنغلق الشعوب الإسلامية في
إطار ((تقاليد)) جامدة لا تسمح لها بفهم وتقدير حجم التغييرات الضرورية.
ولكن الإسلام والشعوب الإسلامية لها تاريخها، مثل بقية الشعوب، والذي يمتلئ
بالتفسيرات المختلفة للعلاقات بين العقل والإيمان، وبالتحولات والتغيرات المتبادلة
للمجتمع وديانته. ولكن حقيقة هذا التاريخ تتعرض للإنكار لا على يد الخطاب الأوربي
المركزي وحسب، بل أيضاً على يد حركات الإسلام السياسي المعاصرة. فكلا الطرفين
يشتركان في الواقع، في الفكرة الثقافية القائلة بأن المسارات المختلفة للشعوب لها
((خصوصيتها)) المتميزة غير القابلة للتقييم والقياس والعابرة للتاريخ. ففي مقابل
المركزية الأوربية، لا يقدم الإسلام السياسي المعاصر سوى مركزية أوربية معكوسة.
وظهور الحركات التي تنتسب للإسلام هو في واقع الأمر التعبير عن التمرد العنيف ضد
النتائج السلبية للرأسمالية القائمة فعلاً، وضد الحداثة غير المكتملة والمشوهة
والمضللة التي تصاحبها. إنه تمرد مشروع تماماً ضد نظام لا يقدم للشعوب المعنية أية
مصلحة على الإطلاق.
2) إن الخطاب الإسلامي الذي يقدم كبديل للحداثة الرأسمالية -والتي تُضم إليها تجارب
الحداثة الإشتراكية التاريخية أيضاً-، ذو طابع سياسي وليس ديني. أما وصفه بالأصولية
كما يحدث غالباً، فلا ينطبق عليه بأي شكل، وهو، على أية حال، لا يستخدمه إلا على
لسان بعض المثقفين الإسلاميين المعاصرين الذين يوجهون خطابهم الى الغرب بأكثر مما
يوجهونه الى قومهم.
والإسلام المقترح هنا معادٍ لجميع أشكال لاهوت التحرير، فالإسلام السياسي يدعو الى
الخضوع لا التحرر. والمحاولة الوحيدة لقراءة الإسلام في إتجاه التحرر كانت تلك
الخاصة بالمفكر الإسلامي السوداني، محمود طه. ولم تحاول أية حركة إسلامية، لا ((راديكالية))
ولا ((معتدلة))، أن تتبنى أفكار محمود طه الذي أعدمه نظام نميري في السودان بتهمة
الردة. كذلك لم يدافع عنه أي من المثقفين الذين ينادون ((بالنهضة الإسلامية)) أو
الذين يعبرون عن الرغبة في التحاور مع هذه الحركات.
والمبشرون ((بالنهضة الإسلامية)) لا يهتمون بإمور اللاهوت، وكل ما يبدون إهتمامهم
به من الإسلام هو الشكل الإجتماعي والتقليدي للدين، الذي لا يخرج عن الممارسات
الدقيقة والشكلية للشعائر. والإسلام كما يتحدثون عنه يعبر عن ((جماعة)) ينتمي إليها
الإنسان بالإرث كما لو كانت جماعة ((عرقية))، وليس إعتقاداً شخصياً يختاره المرء أو
لا يختاره، يؤمن به أو لا يؤمن. فالأمر لا يتجاوز تأكيد ((هوية جماعية))، ولهذا
السبب ينطبق تعبير الإسلام السياسي على هذه الحركات تماماً.
3) لقد جرى إختراع الإسلام السياسي الحديث في الهند على يد المستشرقين لخدمة السلطة
البريطانية، ثم تبناه وبشر به المودودي الباكستاني بكامله. وكان الهدف هو ((إثبات))
أن المسلم المؤمن بالإسلام لا يستطيع العيش في دولة غير إسلامية - وبذلك كانوا
يمهدون لتقسيم البلاد- لأن الإسلام لا يعترف بالفصل بين الدين والدولة حسب زعمهم.
وهكذا تبنى أبو العلاء المودودي فكرة الحاكمية لله (ولاية الفقيه؟!)، رافضاً فكرة
المواطن الذي يسن التشريعات لنفسه، وأن الدولة عليها أن تطبق القانون الساري للأبد
(الشريعة).
والإسلام السياسي يرفض فكرة الحداثة المحرّرة، ويرفض مبدأ الديمقراطية ذاته -أي حق
المجتمع في بناء مستقبله عن طريق حريته في سن التشريعات. أما مبدأ الشورى الذي يدعي
الإسلام السياسي أنه الشكل الإسلامي للديمقراطية، فهو ليس كذلك، لأنه مقيد بتحريم
الإبداع، حيث لا يقبل إلا بتفسير التقاليد (الاجتهاد)، فالشورى لا تتجاوز أياً من
أشكال الاستشارة التي وجدت في مجتمعات ما قبل الحداثة، أي ما قبل الديمقراطية. ولا
شك أن التفسير قد حقق في بعض الحالات تغييراً حقيقياً عندما كانت هناك ضرورات
جديدة، ولكنه حسب تعريفه ذاته -رفض الانفصال عن الماضي- يضع الصراع الحديث من أجل
التغيير الاجتماعي والديمقراطية في مأزق. ولذلك فالتشابه المزعوم بين الأحزاب
الإسلامية -راديكالية كانت أم معتدلة حيث إنها جميعاً تلتزم بمعاداة الحداثة بحجة
خصوصية الإسلام- والأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا ليس صحيحاً بالمرة، رغماً
عن أن وسائل الاتصال والديبلوماسية الأمريكية تشير إليه كثيراً لإضفاء الشرعية على
تأييدها المرتقب للأنظمة ((الإسلامية)) في المستقبل. فالديمقراطية المسيحية قائمة
في نطاق الحداثة، وهي تقبل الفكرة الأساسية للديمقراطية الخلاقة، وكذا جوهر فكرة
العلمانية. أما الإسلام السياسي فيرفض فكرة الحداثة، وهو يعلن ذلك حتى وإن كان لا
يستطيع فهم مغزاها.
وعلى ذلك فالإسلام المقترح لا يمكن وصفه بالحداثة، والحجج التي يقدمها المنادون ((بالحوار))
لإثبات ذلك مبتذلة لأقصى درجة، وتبدأ من إستخدام دعاة الإسلام لأشرطة الكاسيت
لترويج الدعوة، وحتى لقيام الدعاة بتجنيد الأتباع من بين الفئات ((المتعلمة))
كالمهندسين والأطباء مثلاً! وعلى أية حال، فخطاب هذه الحركات لا يعرف إلا الإسلام
الوهابي الذي يرفض كل ما أنتجه التفاعل بين الإسلام التاريخي وبين الفلسفة
الإغريقية في زمانه، كما يكتفي بتكرار الكتابات التي لا طعم لها لإبن تيمية، الذي
هو أكثر الفقهاء رجعية في العصر الوسيط. وعلى الرغم من إدعاء بعض الدعاة بأن هذه
التفسيرات هي ((عودة الى الإسلام في عهد الرسول))، فإنها في الحقيقة عودة الى
الأفكار السائدة منذ 600 عام، أي الى الأفكار السائدة في مجتمع تجمد تطوره لعدة
قرون.
4) والإسلام السياسي المعاصر ليس نتيجة لرد الفعل لإساءات العلمانية كما يدعي البعض
كثيراً مع الأسف. ذلك أن أياً من المجتمعات الإسلامية العصرية -بإستثناء الإتحاد
السوفياتي السابق- لم يكن في وقت من الأوقات علمانياً بشكل حقيقي، ودع عنك التعرض
لهجمات سلطة ((ملحدة)) عدوانية بأي شكل من الأشكال. فقد اكتفت الدول شبه الحديثة في
تركيا الكمالية، ومصر الناصرية، وسوريا والعراق البعثيين، بتدجين رجال الدين ( كما
حدث كثيراً من قبل )، وذلك بأن تفرض عليهم خطاباً هدفه الوحيد إضفاء الشرعية على
اختياراتها السياسية. أما نشر فكرة العلمانية فلم توجد إلا لدى بعض الأوساط المثقفة
المعارضة، ولم يكن لها تأثير يذكر على الدولة، بل إن الدولة قد تراجعت في بعض
الأحيان في هذا المجال، خدمة لمشروعها الوطني، كما حدث من تطور مزعج حتى في عهد
جمال عبدالناصر نفسه بالنسبة لموقف الوفد بعد ثورة عام 1919. ولعل التفسير الواضح
لهذا التراجع هو أن الأنظمةالمعنية، إذ رفضت الديمقراطية، فضلت عليها ((تجانس
المجتمع))، الأمر الذي تظهر خطورته حتى بالنسبة لتراجع الديمقراطية في الغرب
المعاصر ذاته.
ويهدف الإسلام السياسي الى إقامة أنظمة دينية رجعية صريحة، مرتبطة بسلطات من طراز
((المماليك))، أي سلطة تلك الطبقة العسكرية الحاكمة قبل قرنين من الزمان. ومن يراقب
عن كثب الأنظمة المتدهورة التالية لمرحلة الفورة الوطنية، والتي تضع نفسها فوق أي
قانون ( بإدعاء أنها لا تعترف إلا بالشريعة ). وتستولي على كل مكاسب الحياة
الاقتصادية، وتقبل، باسم ((الواقعية))، أن تندمج في وضع متدنٍ، في العولمة
الرأسمالية لعالم اليوم، لا يمكن إلا أن يربط بينها وبين تلك الأنظمة المملوكية.
وينطبق نفس التقييم على نظيرتها من الأنظمة المدّعى بإسلاميتها والتي ظهرت مؤخراً.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر