ماذا يجري في بلدة سلوان، الواقعة جنوب الحرم القدسي الشريف؟ وما هو حجم الهجمة الاستيطانية عليها؟ وما هي مخاطر ذلك على الآثار والتاريخ الفلسطينيين؟
بلدة سلوان
هذه الأسئلة وغيرها من الصعب الإجابة عليها، ففي أكثر من مكان من هذه البلدة التي اكتسبت أهميتها التاريخية من موقعها، ولكونها جزءا من القدس اليبوسية، أو القلعة اليبوسية، يحفر الصهاينة، التي يعتبرونها مدينة داود، وتقود هذه الحفريات الدكتورة ايلات مزار، الأستاذة في الجامعة العبرية، والتي تحاول بكل ما أوتيت من جهد صناعة تاريخ توراتي للمكان وربطه بالحرم القدسي الشريف الذي يطلق عليه الصهاينة (جبل الهيكل).
تقع سلوان جنوبي الحرم القدسي، والبلدة القديمة ومساحتها 5670 دونم، عدد سكانها يزيد عن 43 ألف نسمة، يحدها من الشمال المسجد الأقصى وسور بلدة القدس القديمة وحارة المغاربة، ومن الغرب حي الثوري، ومن الجنوب بيت صفافا وجبل المكبر، ومن الشرق أبو ديس والعزيرية والطور ورأس العامود.
بركة سلوان
ربطها ببلدة القدس القديمة، ممر رئيسي، أغلقته سلطات الاحتلال عام 2005، لإجراء حفريات وتنقيبات.
وتمكن المستوطنون من التسلل إلى القرية واحتلال عدد من المنازل، التي وضعوا عليها الأعلام الصهيونية وهم دائما في حالة استنفار وأيديهم على الزناد، بينما يهدد مشروع حفر نفق الآن، وهو واحد من أنفاق لا يعرف عددها، عشرات منازل القرية، وسيربط هذا النفق بين عين سلوان التاريخية، وساحة حائط البراق، حيث تستمر أعمال الحفريات الصهيونية، ويتوقع أن يستمر الحفر مدة ثلاث سنوات.
وتتركز الحفريات الصهيونية، المستمرة منذ سنوات، بالقرب من عين سلوان، التي يطل عليها سور الحرم القدسي الشريف الجنوبي، ويعتقد أنها إحدى العيون التي ورد ذكرها في سورة الرحمن "فيهما عينان تجريان" وذكر مجير الدين الحنبلي، اعتمادا على أحاديث شريفة، أنها وماء زمزم من عيون الجنة.
مسجد عين سلوان
وتسمى العين، عين أم الدرج أو عين (جيحون)، وتبعد نحو 300 متر عن الزاوية الشرقية لسور الحرم، تقع في وادي قدرون أو وادي جهنم، وتتدفق المياه من هذه العين عبر نفق محفور في الصخور طوله 533 مترا إلى بركة سلوان، وكانت هذه العين، المصدر الرئيس للمياه التي تزود مدينة القدس اليبوسية، وحتى قبل ألفي عام، عندما بنى هيرودوس، حاكم فلسطين الروماني، بركاً لتجميع المياه، فتضاءلت أهميتها.
واعتنى المسلمون بهذه العين، خصوصا في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان الذي رممها ووسعها، واوقفها مع الأراضي المحيطة بها، على فقراء المسلمين في بيت المقدس.
وعندما انتصر صلاح الدين الأيوبي، على الصليبيين وهزمهم، أوقف سلوان مع عينها، على المدرسة الصلاحية.
ومنذ الاحتلال لما تبقى من فلسطين في حزيران (يونيو) 1967 تشهد المنطقة حفريات صهيونية لا تتوقف باعتبارها "مدينة الملك داود"، وتتعرض لهجمة استيطانية عنيفة.
منازل سيطر عليها المستوطنون في سلوان
ويسكن بجانب بركة سلوان في مكان متواضع آدم عوض (أبو موسى) وهو خادم المسجد المجاور للعين، التي باعتبارها وقفا، تشرف عليها دائرة الأوقاف الإسلامية، ويظهر ذلك من لافتة على مدخل البركة تحدد أوقات الزيارة، يقف تحتها حارس صهيوني مسلح، ولكن مع الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال، فإن إشراف دائرة الأوقاف على المكان أصبح رمزيا إلى حد بعيد.
أبو موسى يقف خلف الحفريات الجديدة قرب البركة
ووضعت سلطات الاحتلال قبضتها على المكان، ويوجد حراس صهاينة على مدخلي العين والنفق، وأغلقته أمام الفلسطينيين وأهل سلوان، وسوت ساحة أمام النفق أسمتها ساحة موسى كول الذي تعرفه لوحة وضعت في المكان بأنه "من موقعي وثيقة الاستقلال ووزير السياحة" وفي الجانب الأخر عند البركة يوجد حارس آخر، وجميعهم مزودين بأسلحة جاهزة للإطلاق في أية لحظة.
ويقول أبو موسى "سلطات الاحتلال فتحت نفقا جديدا بجانب سور الحرم يؤدي إلى العين والنفق التي يربطها بالبركة، وتتحكم في إدخال المجموعات اليهودية والسياحية إليه، بينما أصبحت بركتنا وعيننا محرمة علينا".
وتنظم السلطات الصهيونية رحلات منظمة لمجموعات من الشبيبة، في حين تنشط شركات السياحة الصهيونية في جلب المجموعات السياحية إلى المكان، مع تقديم تاريخ له يوافق الأيديولوجيا التي تقوم عليها الدولة العبرية.
وافتتحت جمعية العاد الاستيطانية والتي يعني اسمها "نحو مدينة داود"، ما أسمته (مركز الزوار لمدينة داود) الذي يقدم برامج تتضمن مسارات في نفق عين سلوان ينتهي ببركة عين سلوان بالقرب من المسجد عين سلوان.
حفريات صهيونية قرب بركة سلوان
ويرافق المجموعات السياحية مرشدين من قبل (العاد) يقدموا أسطورتهم حول المكان وسعيهم لإقامة ما يسمونه الهيكل الثالث.
وحسب أبو موسى، فإن المستوطنين الذين احتلوا منازل في المنطقة، يأتون كل صباح للاغتسال في البركة، ويخشى أبو موسى بوجوده وحيدا وفي منزل متآكل، أن يصبح نوعا من الفلكلور في محيط يهودي، أمام الاستيطان غير الشرعي والمتسارع، والذي يلاقي تنديدا دوليا، ولكن هذا التنديد غير قادر على إيقافه.
ويقول "زارتنا وتزورنا وفود من جميع أنحاء العالم متضامنة، ولكن بعد ذهابهم نبقى لوحدنا، في مواجهة خطر كبير ومتعاظم، ولكن هذا قدرنا التصدي لتهويد المكان، ولن يفرقنا عنه إلا الموت".
ويستأجر أبو موسى بستانا بجوار البركة يسمى بستان (الحمراء) من البطريركية الأرثوذكسية، ولكنه فقد هذا البستان، عندما أجريت حفريات صهيونية أبانت عن أدراج في المكان.
صهاينة يجولون في المكان
ويقول أبو موسى "كشفت الحفريات في البستان عن آثار رومانية وبيزنطية، ولكن الصهاينة يريدون أن ينسبوها للملك داود، معتبرين الاكتشافات هذه تشير إلى مكان بركة سلوان الحقيقي، وكأن مكانها الآن غير حقيقي".
ويضيف "المسألة لا تتعلق بالآثار أو الكشوف العلمية، ولكنها أساسا تتعلق بأطماع استيطانية، وها نحن نفقد أراضينا جراء هذه السياسة".
مصادر آثارية فلسطينية تقول بأن الإعلان عن الكشف الصهيوني عن بركة الحمراء، أمر غريب، لأنها معروفة منذ زمن باسم (البركة التحتانية) ولكن الصهاينة يقدمونها الان للزوار على أساس أنها بحيرة سليمان ابن الملك داود.
ويعلو البركة مسجد إسلامي، يخدمه أبو موسى، بني في نهاية القرن التاسع عشر، وحفر نفق تحت المسجد، ولا تتوفر معلومات كافية حول ما يجري في الداخل، ولكن يمكن لمس فداحة الأمر، من الانهيارات التي أحدثها تحت ساحة المسجد، والتشققات في جداره.
صهاينة يستخدمون البركة
وحسب مصادر صهيونية، فإن هذا النفق هو بداية الطريق الهيرودي (نسبة لهيرودس)، ومقابل عين سلوان، يجري حفر نفق آخر، وتوجد حفريات أخرى من الصعب رصدها، وكلها تدمر المكان لإعادة تكوينه من جديد وفقا للنظرة الصهيونية.
وبجوار العين والمسجد يقع بحي البستان، والذي قررت سلطات الاحتلال هدم نحو 90 منزلا منه قبل فترة، وكانت سلطات الاحتلال أقدمت خلال السنوات الماضية على هدم منازل في الحي، ولكنها الآن تهدد الحي بأكمله، باعتباره مرتبطا بقصص توراتية تتعلق بالملك داود.
وبالإضافة إلى الحكومة الإسرائيلية، تنشط جمعيات ومنظمات يهودية للسيطرة على منازل سلوان، اشهرها جمعية (ألعاد) الاستيطانية التي تسعى لبناء حي استيطاني يضم 600 وحدة سكنية.
وحسب اللجنة الأهلية للحفاظ على أراضي سلوان، فان سلطات الاحتلال ومؤسسة (ألعاد) استولت على مساحات من أراضي سلوان بالتحايل، واستغلال ظروف الملكية المعقدة، وما يسمى قانون أملاك الغائبين، وعقود الإيجار المحمية إضافة إلى الأغراء المادي.
ويعتقد أبو موسى أنه لا يوجد اهتمام كاف من قبل المسؤولين الفلسطينيين في سلوان، وأكثر من هذا يشير إلى عدم وجود الوعي الكافي لديهم حول مخاطر ما يجري، من حفريات واستيطان ومما يشكله ذلك من خطورة على هوية المكان والحرم القدسي الشريف. ا.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر