د.طارق البكري
مقدمة
تسير التطورات العلمية الأخيرة الهائلة - التي شهدتها تكنولوجيا المعلومات ومجالات البحث العلمي- بالباحث إلى التفكير جدياً بطرح أفكار قد يعتقدها البعض مجانبة للواقع فيما يسير العالم اليوم نحو التخصص إلى أبعد حدود.
فلم يعد اليوم مقبولاً القول: (إن العلم يقتصر على جوانب عامة يقتضي أن يعرفها المتخصص)، فلا بد من تخصصات فرعية دقيقة، بدءاً من مجالات الطب والعلوم والهندسة والرياضيات.. امتداداًً إلى الأدب والدين والتربية والفن والتمثيل والموسيقى والرسم والايماء والإعلام... وغيرها كثير من مجالات لم تعد مجرد عموميات...
وقد كان الطبيب يقوم بمعالجة كل الأمراض، من أوجاع الأسنان إلى أمراض القلب والأورام والجراحات الدقيقة.. بينما طبيب اليوم المتخرج منذ سنة واحدة - إن لم يسعف نفسه بمتابعة الطب وما يستجد من معلومات كل يوم - يصبح طبّه من الماضي..
وحسبنا بعض العمليات التي كانت تفتح جسم المريض، وتشق سنتميترات كثيرة من لحمه، بينما اليوم هناك كثير من تلك العمليات تتم دون أن يمس مبضع الجراح اللحم ودون أن تسقط نقطة دم واحدة... وفي ذلك تطور طبي كبير، حتى أصبح طبيب العيون مثلاً له تخصص دقيق جداً ليتميز عن غيره من أطباء العيون..
لذا فإن التفكير بإنشاء جامعة كبيرة خاصة بالطفل ليس بشيء غريب، بل هو مطلوب وقد رأينا تجارب مهمة في الوطن العربي على هذا الصعيد، منها مثلاً الكلية العليا لدراسات الطفولة في جامعة عين شمس المصرية العريقة، وغيرها من الجامعات العربية الكبرى، دون أن نذكر التجارب الغربية في هذا المجال.
لماذا جامعة للطفل؟
واليوم عندما نتحدث عن جامعة عربية للأطفال قد يرى البعض أنها حلماً أو خرافة لا يمكن أن تتحقق..
لكن الإنجازات الكبرى التي نراها اليوم واقعاً ملموساً كان بعضها وربما أكثرها حتى الماضي القريب ضرباً من الجنون، وباتت اليوم مسلمة من المسلمات التي لا شك فيها، ونحن واثقون أن هذا المشروع الجدي ممكن الحدوث ولو بعد حين، ولكن يحتاج لمن يتبنى الفكرة، ويأخذ المبادرة، ويطلق الخطة الأولى ويؤمن بالفكرة لتصبح واقعاً وينال شرف السبق والريادة...
الفكرة
قد يطرح البعض هنا سؤالا مهما: هل يمكن أن تكون هناك جامعة خاصة بدراسات الطفولة وأبحاثها وكل ما يتعلق بالطفل ول بجانب بسيط؟
قد تكون الفكرة مستحيلة، وقد يقول المعتدلون أنها فكرة غير تقليدية،ولكن من الصعب تنفيذها.. ونريد هنا أن نشير إلى أن المحبط من الكلام أمر وارد ومسموع باستمرار، وليس مهما كل ما يقال حول الفكرة لأننا نطرح فكرة وعلى الآخرين قبولها أو رفضها، والزمن كفيل في المستقبل بنصرة المحق وإنصافه، لأننا نرى أن المستقبل هو لعلوم الطفولة ومهما تنازعتنا اليوم الأهواء فالغد يبشر بالكثير.
فعندما تقام مؤتمرات خاصة بالطفولة وعالمها وأدبها وإعلامها وثقافتها.. يتحدث المتحدثون جميعهم بحماس شديد بشأن الطفولة وعالمها، ونجد الكل يطالب بما يمس الطفولة بطرف.. ونقرأ أبحاثاً ودراسات ونسمع نقاشات، وفي النهاية يكون هناك اعتراف بأن عالم الطفولة العربية ينقصه الكثير وأن الطفولة في دولنا لم تنل ما تستحق من رعاية وعناية...
ولطالما يتهم بعضنا بعضاً بأن ما يقدم للطفل لا يرقى إلى مستوى رفيع منشود...
فهل تفضل أحد وسأل عن الأسباب؟؟
وعما إذا كان هناك متخصصون حقيقيون مؤهلون دراسياً ومدربون عملياً في تخصصاتهم؟
صحيح أنه لدينا تجارب ناجحة، لكنها بالفعل تجارب قليلة وأصحابها ربما بمعظمهم لم يدرسوا الطفولة وعالمها، لكنهم وجدوا أنفسهم في هذا المجال الرحب، ربما بالصدفة وربما عن سابق تصميم، وقد ينسحبون بعد حين أو يتخذونها هواية، لأن العمل في مجال الأطفال لا يسمن ولا يغني من جوع... وهذا طبعاً في عالمنا العربي..
وهناك نكتة مشهورة تقول: لماذا هذا الطبيب متخصص بطب الأطفال؟
- لأنه لم يملك مالا ليكمل دراسته...
هذا هو أسلوبنا بالتعامل مع الطفولة، ولطالما عانيت شخصياً من العمل في مجال أدب الطفل وإعلام الطفل، فلا يوجد هناك حقيقة من يقدر هذا العمل الا ندرة قليلة من الناس، كما أن عليك أن تعمل في مجالات أخرى مختلفة لكي تضمن لنفسك حدا أدنى من العيش الكريم، ولكي تتمكن من تعليم أطفالك تعليماً جيداً...
أما أن نظل نكرر المشكلة عاماً بعد عام، وهي بالتأكيد تكبر ولا تصغر، فسوف لن نبقى في مكاننا فقط بل سنتراجع لأننا لم نقدم للطفولة سوى الكلام والأحلام، بينما الأفعال في سبات عميق...
إن فكرة إنشاء جامعة عربية كبرى للطفل، ليس بالشيء الصعب، وقد رأينا تجارب على امتداد العالم العربي ولكنها تجارب مبتورة ومتفرفة، وما نحتاجة فعلا هو العمل على إنشاء جامعة كبرى متخصصة، تحوي كل الكليات التي تخدم الطفولة بجانب، عملياً ونظرياً..
ويمكن إنشاء مجلس علمي متخصص برعاية جهة حكومية عربية كبرى لإنشاء مثل هذه الجامعة ذات البعد المستقبلي المهم...
كليات وأقسام
الجامعة يجب أن تكون شبيهة بالجامعات العريقة وتقسم إلى كليات وأقسام، على سبيل المثال:
- الطفولة وآدابها.
- التربية.
- علم نفس الطفل
- الفنون:
- العلوم
- الطب.
- التجارة الحقوق الآداب.
- الطب الهندسة العلوم.
- البنات التربية الزراعة.
- طب الأسنان.
- التمريض.
- التربية النوعية.
- الحاسبات والمعلومات.
وهكذا حتى نصل إلى كلية الدراسات العليا لتحوي كل الأقسام الخاصة بالطفل...
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر