هو شاعر من شعراء الاتجاه الواقعي في الشعر الفلسطيني الذين ظهروا في العقد الرابع من القرن الماضي أمثال أبو سلمى الكرمي وبرهان الدين العبوشي وعبد الرحيم محمود، الذين لعبوا دورا تحريضيا ضد سلطات الانتداب البريطاني، ونبهوا إلى مخاطر الحركة الصهيونية، وتحملوا بسبب ذلك المشاق والمعاناة والتشريد.
وهو قاص وباحث ودارس وناقد مميز، وعالم لغوي مرموق .. هذا هو (العلامة محمد العدناني).
ولد عام 1903 في مدينة (جنين) بفلسطين لأسرة أصلها من لبنان، فوالده هو القائم مقام (فريد عبد الله خورشيد) كان حاكما لجنين (في العهد العثماني)، ثم لطولكرم وغزة والقدس ومن بعد دمشق وصيدا.
درس (محمد العدناني) الابتدائية والإعدادية في مدارس: جنين وطولكرم غزة ودمشق –بسبب كثرة تنقل رب الأسرة بين هذه المدن بحكم وظيفته- واستكمل دراسته الثانوية في مدرسة الفنون بمدينة صيدا اللبنانية عام 1920.
وعملا بوصية والده، التحق بالجامعة الأميركية لدراسة الطب، ودرس الطب فعلا مدة أربع سنوات، ثم تصادف أن زار أمير الشعراء (أحمد شوقي) لبنان لقضاء الصيف فيه، وزاره العديد من الأدباء المخضرمين والشبان للسلام عليه، وكان محمد العدناني بينهم.
وبناء على طلب بعض أقرانه وبتشجيع منهم، قرأ محمد العدناني –الذي كان قد بدأ بقرض الشعر قبل المرحلة الثانوية- فقرأ أمام (أحمد شوقي) قصيدته التي يعارض فيها (الحسن بن زريق) والتي مطلعها:
لا تعذليه فإن العذل يولعه | قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه.. |
وعندما وصل العدناني في قصيدته إلى قوله:
رأيته عندها والد مع مضطرب فخلت نفسك تدري ما ألم به وفي المآقي دموع لست تنظرها | والجفن يحبسه والوجد يدفعه يوم الفراق وما تبديه أد معه وفي الضلوع أنين لست تسمعه.. |
عند ذلك قام أحمد شوقي من مكانه طربا وإعجابا، وقبل العدناني من جبينه وأثنى عليه، واستحلفه أن يتحول من دراسة الطب إلى دراسة الأدب، ووعده أن يكون أبا روحيا له.
ونزل محمد العدناني عند طلب أمير الشعراء أحمد شوقي، وقطع دراسة الطب وقد أوشك أن يتخرج طبيبا، وتحول إلى دراسة الأدب العربي بالجامعة الأميركية.
وغير اسمه من (محمد فريد عبد الله خورشيد) إلى (محمد العدناني)، ذلك لأنه رأى أن اسم (خورشيد) ليس عربيا، كما أنه تكنى بلقب (أبو نزار).
وبعد تخرجه عام 1927 عمل مدرسا للغة العربية في الثانوية المركزية ودار المعلمين العليا في (بغداد)، لكنه ما لبث أن غادرها بعد سنوات قليلة عائدا إلى فلسطين عام 1931 بسبب قيام سلطات الاحتلال البريطاني باعتقاله مرتين، ومضايقته بشكل دائم بحجة أنه يقوم بتحريض الطلاب العراقيين على سلطات الانتداب.
وحط بالعدناني الرحال في مدينة نابلس، حيث عمل مدرسا للأدب العربي في (كلية النجاح) فيها 1931- 1933، خلفا للشاعر الفلسطيني الكبير (إبراهيم طوقان).
ومن نابلس انتقل إلى القدس للتدريس في الكلية الرشيدية التي مكث فيها تسع سنوات 1933- 1942.
واعتقلته سلطات الاحتلال البريطاني أثناء إقامته في القدس ثلاث مرات، واتهمته في إحداها بقتل (إيليف) –مدير المتحف الفلسطيني في القدس-، وزجت به في السجون والمعتقلات مع الآلاف من المجاهدين الفلسطينيين الذي أصبحت المعتقلات بيتهم الثاني.
وفي سنة 1942 نفته سلطات الاحتلال البريطاني إلى (يافا)، وفرضت عليه الإقامة الجبرية فيها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945، تولى التدريس خلالها في المدرسة العامرية فيها.
وفي أيار/مايو 1948 –أيار النكبة- كان محمد العدناني نزيل المستشفى في مدينة القدس، وقد وقع هذا المستشفى في قبضة العصابات الصهيونية، فكان عليه أن يغادر بلده وهو مقيد بأربطته إلى حيث قدر له الرحيل إلى أرض العروبة. فقصد أولا مدينة (الزرقاء) بالأردن، وبعد إقامة قصيرة لم تزد على ستة أشهر، رحل إلى سوريا، وأقام في دمشق فترة مارس خلالها التدريس في جامعتها وفي دار المعلمين قبل أن يشد الرحال مجددا إلى حلب الشهباء بشمال سوريا.
وفي حلب تولى محمد العدناني تدريس اللغة العربية في جامعتها، كما امتد نشاطه إلى سائر أوساط المجتمع حيث برز وتألق في غمار الحركة الثقافية والحياة الأدبية، وأصبح أديبا مرموقا وشاعرا مبدعا، ألفته المنابر والمحافل في المناسبات القومية والاجتماعية، وما كان أكثرها –يقول الدكتور عمر الدقاق- عهدئذ في حلب الشهباء، ومن ذلك ذكرى مولد الرسول الأعظم، وشهداء أيار/مايو، وذكرى سلخ لواء الاسكندرون، ووعد بلفور، وذكرى النكبة، وثورة تشرين الثاني/نوفمبر الجزائرية.
وتقول المهندسة هزار آغا القلعة عن فترة العدناني الحلبية: "عرفتك في حلب بعد النكبة أستاذا للغة العربية، ولكنك لم تكن لي مجرد أستاذ، بل كنت أبا عطوفا، ومرشدا في كل معاني الوطنية والقومية العربية، ومؤكدا دور المرأة في بناء المجتمع العربي.. كنا نحضر الندوات التي تلقي فيها قصائدك في المناسبات الوطنية، وخاصة تلك التي كانت في ذكرى النزوح في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام في المكتبة الوطنية، فقد كانت موعدا هاما لنا، نتسابق في كتابة بعض الأبيات منها لنتناقش فيها، فقد كانت مفعمة بالروح الوطنية والمرارة معا".
ومن نشاطاته في حلب رئاسة اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد القومي الفلسطيني في محافظتي حلب وإدلب إبان الوحدة بين سوريا ومصر. الذي أسسه الرئيس جمال عبد الناصر.
واصل العدناني العيش في حلب حتى تقاعده عام 1964 رحل بعدها إلى لبنان، واستقر به المقام أولا في صيدا حيث عمل مديرا لكلية المقاصد، ثم مديرا إداريا لشركة مقاولات وتجارة.
وفي مطلع عام 1968 تفرغ للإنتاج الأدبي بعد أن انتقل إلى بيروت، وظل فيها إلى وافته المنية في الخامس من آب/أغسطس 1981.
ومن المناصب التي شغلها قبل وفاته: رئاسة جمعية العروة الوثقى في بيروت، وعضو شرف في مجمع اللغة العربية الأردني.
العدناني شاعرا:
بدأ محمد العدناني بقرض الشعر في وقت مبكر، جمع بعضه في خمسة دوواين مطبوعة هي: (اللهيب) ، (فجر العروبة)، (الوثوب)، (الروض)، (ملحمة الأموية).
بالإضافة إلى ديوانه الكبير "العدنانيات" الذي صدر منه ثلاثة أجزاء وبقيت لدى ابنه المهندس (باهر محمد العدناني) العديد من القصائد والكتب التي لم تطبع. ومن جميل شعره:
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر