يبدو
أن جولة الحوار القادمة بعد بضعة أيام، بين فتح وحماس في القاهرة، ستكون
خاتمة المطاف الطويل لهذا الحوار الذي سعى منذ جولته الأولى إلى توفير
الأجواء المناسبة لإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الفلسطينية الشاملة.
ومع أن كل الجولات السابقة قد فشلت في الوصول إلى هذه الأجواء، حتى أن
بعضها كاد يكرس المزيد من العراقيل والعقبات في طريق هذا الوصول المنشود،
بدلا من تفكيك تراكماتها المتشابكة على عدة مستويات، إلا أنها في مجملها
العام، شكلت ما يمكن أن نعتبره اختبارا جديا للطرفين، في مدى إمكانية كل
طرف منهما للتحرك نحو الأجواء المعنية، وفي تحديد المعايير التي تحكم هذا
التحرك محليا وعربيا وإقليميا.
ومن البداهة في هذا السياق، أن مرور أكثر من سنتين على الانقسام نفسه، دون
أن يتم التوافق العملي على إنهائه، وما جرى خلال هاتين السنتين الصعبتين،
من أحداث كبيرة وخطيرة، أهمها الحرب الإسرائيلية العدوانية المدمرة على
قطاع غزة كله، إلى جانب استمرار الاستيطان اليهودي والتصعيد المنهجي في
هجماته على امتداد الضفة الغربية، وفي القلب منها القدس، بخاصة بعد تشكيل
الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، قد عزز القناعة لدى
الشعب الفلسطيني بمختلف فصائله ومكوناته، بحتمية الوحدة الوطنية التي تضمن
إنهاء الانقسام، والوقوف ببرنامج سياسي موحد في مواجهة التطرف الإسرائيلي
وخططه العدوانية.
وفي السياق ذاته، كان تراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن موقف إدارته
بشأن إلزام إسرائيل بوقف أو تجميد كل أشكال الاستيطان من أجل استئناف
المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، على أسس تفسح المجال الواضح والصريح
أمام "حل الدولتين"، قد ساهم بدوره، في تعميق تلك القناعة الفلسطينية
القائمة في جوهرها، على النجاح المحتوم في الحوار بكل ملفاته، ليس بين فتح
وحماس فحسب، وإنما بين جميع الفصائل دون استثناء، للدخول عبر هذا النجاح
إلى المصالحة التي تنهي الانقسام وترفع الحصار عن قطاع غزة، وتفتح الطريق
أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وإعادة ترتيب أوضاع منظمة
التحرير بما يكفل مشاركة حماس (وربما الجهاد الاسلامي أيضا) في عضويتها.
إسرائيل من جانبها، مدركة معنى هذه القناعة الفلسطينية وآليات تحولها
المقبل إلى حدث تاريخي مؤثر. وهي تحاول سلفاً، وفق هذا الادراك، أن تحاصر
هذه القناعة، أو أن تعرقلها وتشتت قواها على الأقل، بتصعيد عدوانها على
قطاع غزة، وفي القدس على وجه الخصوص، إضافة إلى ما تقوم به من ابتزاز
للسلطة الوطنية على الصعيد الاقتصادي، كما هو حاصل الآن، على سبيل المثال،
بما يتعلق بموضوع شركة "الوطنية موبابل"، حيث تربط موافقتها على تشغيل هذه
الشركة باطلاق الترددات اللازمة لها، مقابل أن تتوقف السلطة عن متابعة
تقرير ريتشارد غولدستون في المحاكم الدولية.
ما لا تدركه إسرائيل بالمقابل، أو أنها تدركه وتحسب أن قوتها التدميرية
قادرة على التعامل معه، أن هذا الموقف من جانبها، يضيف عناصر جديدة لتصليب
القناعة الفلسطينية. ويجوز مع ذلك، أن إسرائيل، مدركة وغير مدركة، مطمئنة
إلى الدور الأميركي الضاغط على الطرف الفلسطيني، وعلى العرب بشكل عام، في
هذا الشأن. فطالما أن إدارة الرئيس أوباما قد تراجعت عن موقفها السابق في
دعم الموقف الفلسطيني والعربي بشأن وقف الاستيطان، فإنها، إي إسرائيل، على
قناعة خاصة بها، أن السلطة الوطنية، (ومن ورائها أو أمامها العرب)، لن
تتمكن من "التمرد" على هذا التراجع، وأنها مضطرة للتوافق معه. وهو ما يعني
التوافق، أو ما يشبه التوافق القهري، مع الموقف الإسرائيلي نفسه، بهذا
الشكل أو ذاك، ضمن ذرائع الواقعية التكتيكية، بدليل ما يسمى الآن
"المحادثات المنفصلة" في واشنطن، مع المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة
السيناتور جورج ميتشل، أميركية - فلسطينية من جهة، وأميركية - إسرائيلية
من جهة ثانية. وهي في المحصلة، جهة واحدة، على الطريق المرسوم نحو
المفاوضات الثنائية المعروفة والتي لن تتأخر كما يقال، إلى أبعد من منتصف
الشهر الجاري، بين السلطة الوطنية وإسرائيل!
ولكن رهان هذا الاطمئنان الإسرائيلي، متمحور في الأساس، حول بقاء الانقسام
بين الضفة والقطاع، وفشل الوصول إلى المصالحة الفلسطينية. فهل يتمكن لقاء
القاهرة القادم من كسر هذا الرهان، ومن أن تكون المصالحة (الوحدة الوطنية)
هي القوة الجدية التي نعود بها إلى تلك المفاوضات؟.
أن جولة الحوار القادمة بعد بضعة أيام، بين فتح وحماس في القاهرة، ستكون
خاتمة المطاف الطويل لهذا الحوار الذي سعى منذ جولته الأولى إلى توفير
الأجواء المناسبة لإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الفلسطينية الشاملة.
ومع أن كل الجولات السابقة قد فشلت في الوصول إلى هذه الأجواء، حتى أن
بعضها كاد يكرس المزيد من العراقيل والعقبات في طريق هذا الوصول المنشود،
بدلا من تفكيك تراكماتها المتشابكة على عدة مستويات، إلا أنها في مجملها
العام، شكلت ما يمكن أن نعتبره اختبارا جديا للطرفين، في مدى إمكانية كل
طرف منهما للتحرك نحو الأجواء المعنية، وفي تحديد المعايير التي تحكم هذا
التحرك محليا وعربيا وإقليميا.
ومن البداهة في هذا السياق، أن مرور أكثر من سنتين على الانقسام نفسه، دون
أن يتم التوافق العملي على إنهائه، وما جرى خلال هاتين السنتين الصعبتين،
من أحداث كبيرة وخطيرة، أهمها الحرب الإسرائيلية العدوانية المدمرة على
قطاع غزة كله، إلى جانب استمرار الاستيطان اليهودي والتصعيد المنهجي في
هجماته على امتداد الضفة الغربية، وفي القلب منها القدس، بخاصة بعد تشكيل
الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، قد عزز القناعة لدى
الشعب الفلسطيني بمختلف فصائله ومكوناته، بحتمية الوحدة الوطنية التي تضمن
إنهاء الانقسام، والوقوف ببرنامج سياسي موحد في مواجهة التطرف الإسرائيلي
وخططه العدوانية.
وفي السياق ذاته، كان تراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن موقف إدارته
بشأن إلزام إسرائيل بوقف أو تجميد كل أشكال الاستيطان من أجل استئناف
المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، على أسس تفسح المجال الواضح والصريح
أمام "حل الدولتين"، قد ساهم بدوره، في تعميق تلك القناعة الفلسطينية
القائمة في جوهرها، على النجاح المحتوم في الحوار بكل ملفاته، ليس بين فتح
وحماس فحسب، وإنما بين جميع الفصائل دون استثناء، للدخول عبر هذا النجاح
إلى المصالحة التي تنهي الانقسام وترفع الحصار عن قطاع غزة، وتفتح الطريق
أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وإعادة ترتيب أوضاع منظمة
التحرير بما يكفل مشاركة حماس (وربما الجهاد الاسلامي أيضا) في عضويتها.
إسرائيل من جانبها، مدركة معنى هذه القناعة الفلسطينية وآليات تحولها
المقبل إلى حدث تاريخي مؤثر. وهي تحاول سلفاً، وفق هذا الادراك، أن تحاصر
هذه القناعة، أو أن تعرقلها وتشتت قواها على الأقل، بتصعيد عدوانها على
قطاع غزة، وفي القدس على وجه الخصوص، إضافة إلى ما تقوم به من ابتزاز
للسلطة الوطنية على الصعيد الاقتصادي، كما هو حاصل الآن، على سبيل المثال،
بما يتعلق بموضوع شركة "الوطنية موبابل"، حيث تربط موافقتها على تشغيل هذه
الشركة باطلاق الترددات اللازمة لها، مقابل أن تتوقف السلطة عن متابعة
تقرير ريتشارد غولدستون في المحاكم الدولية.
ما لا تدركه إسرائيل بالمقابل، أو أنها تدركه وتحسب أن قوتها التدميرية
قادرة على التعامل معه، أن هذا الموقف من جانبها، يضيف عناصر جديدة لتصليب
القناعة الفلسطينية. ويجوز مع ذلك، أن إسرائيل، مدركة وغير مدركة، مطمئنة
إلى الدور الأميركي الضاغط على الطرف الفلسطيني، وعلى العرب بشكل عام، في
هذا الشأن. فطالما أن إدارة الرئيس أوباما قد تراجعت عن موقفها السابق في
دعم الموقف الفلسطيني والعربي بشأن وقف الاستيطان، فإنها، إي إسرائيل، على
قناعة خاصة بها، أن السلطة الوطنية، (ومن ورائها أو أمامها العرب)، لن
تتمكن من "التمرد" على هذا التراجع، وأنها مضطرة للتوافق معه. وهو ما يعني
التوافق، أو ما يشبه التوافق القهري، مع الموقف الإسرائيلي نفسه، بهذا
الشكل أو ذاك، ضمن ذرائع الواقعية التكتيكية، بدليل ما يسمى الآن
"المحادثات المنفصلة" في واشنطن، مع المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة
السيناتور جورج ميتشل، أميركية - فلسطينية من جهة، وأميركية - إسرائيلية
من جهة ثانية. وهي في المحصلة، جهة واحدة، على الطريق المرسوم نحو
المفاوضات الثنائية المعروفة والتي لن تتأخر كما يقال، إلى أبعد من منتصف
الشهر الجاري، بين السلطة الوطنية وإسرائيل!
ولكن رهان هذا الاطمئنان الإسرائيلي، متمحور في الأساس، حول بقاء الانقسام
بين الضفة والقطاع، وفشل الوصول إلى المصالحة الفلسطينية. فهل يتمكن لقاء
القاهرة القادم من كسر هذا الرهان، ومن أن تكون المصالحة (الوحدة الوطنية)
هي القوة الجدية التي نعود بها إلى تلك المفاوضات؟.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر