صاروخ افقده أطرافه ولم يعدمه الإرادة:
طالب توجيهي من غزة يكتب بالامتحان
"سجل انا فلسطيني"
غزة - خاص معا - "أحمد هو اسمي أطراف ليس لي، أكتب بقلبي وعقلي وعيوني، سجلت يوم أفقدني الاحتلال القدرة على الركض والمشي ولمس الأشياء ولكن عزيمتي حديد".
أحمد أسعد السوافيري (19عاما) من سكان حي الدرج بمدينة غزة، لم يكن يعلم أن قدميه اللتين قادتاه من منزله إلى أطراف الحي المجاور لتلقي درس في إحدى مواد الثانوية العامة (التوجيهي) ستجتثان فجأة لدى تعرضه لقصف صاروخ مباغت من قبل طائرة إسرائيلية.
بتر بالأطراف السفلى والطرف العلوي الأيسر واصبعيه الابهام والخامس باليد اليمنى، إذن فأحمد اسعد السوافيري "19" عاما غير قادر على الكتابة او القراءة او لمس ما يخصه وما يرغب بلمسه، غير قادر على المشي، قبل إصابته في نيسان / إبريل من العام الجاري كان يحاول الاستعداد لإنهاء مادتين في تخصص التكنولوجيا والإدارة من امتحانات الثانوية العامة رسب بها قبل عام، وحمل معهما امل إتمام الشهادة الثانوية والدخول إلى عالم التعليم الجامعي وإحراز درجتي البكالوريوس والماجستير واخيراً التأهل للزواج.
اليوم بعد إصابته وأثناء مراقبة مراقب خاص لدى تقديمه الامتحان بلجنة خصصت له، تبدلت النوايا والاحلام، كيف لا وهو في غزة حيث توأد الأحلام، بات اكثر ما يشغله كيف يختار شريكة حياة تتقبل عدم قدرته على أداء حاجاته الخاصة فتكون له ذراعاً وقدمين وساقين وحاسة اللمس.
كان يسير في العشرين من نيسان / إبريل الماضي لحضور درس خاص بمادة التكنولوجيا استعداداً لامتحانات حزيران، وهناك شرقي مدينة غزة باغته صاروخ اسرائيلي فبتر اطرافه وشل قدرته على مواصلة الطريق وأقعده في حالة غيبوبة بالعناية الفائقة لشهر كامل استيقظ بعدها ليجد بقايا من جسد كان يعلمه ويحفظ خباياه.
يقول:" صحيح أقعدوني عن الحركة ولكن إرادتي قوية فأنا احب الحياة انوي النجاح بالتوجيهي ونيل الشهادة وأن اتزوج لأنجب بنين وبنات يقاومون من سرق أطرافي".
جاء والده إلى "معا" تسبقه وتليه الاحتسابات لدى الله أن يمن عليهم بالصبر والسلوان وان يلهم والدته الباكية الحزينة صبر أيوب عليه السلام، يقول:" حينما ترى فلذة كبدها لا يستطيع الحراك إلا بمرافقين تحتسب الغصة في القلب وتدير الوجه للجانب الاخر وتكبت الدمع".
أسعد السوافيري الوالد الذي يحمل املا كبيرا بإيجاد عروس لابنه الذي اصبح معاقا يقول:" من يساعدني في ايجاد اطراف لابني؟" مناشدا الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية والعاهل السعودي الملك عبد الله بأن يساعدوا ابنه فلذة كبده في تركيب أطراف صناعية له كي يتمكن من قطع درجات المنزل القديم ليشتم نسمات الهواء قرب بحر غزة او ليصاحب أصدقائه للشارع القريب.
يقول الوالد:" بيتي متهالك ويزيد عمره عن سبعين عاما في غزة القديمة اشعر بالعجز عندما يضطر ابنائي لحمل شقيقهم درجات المنزل الـ 43 لينزلوا به الى الشارع ".
ويتابع :" روح ابني رياضية فكاهية يضحك كما الأطفال وكان يهرع لتلبية احتياجاتنا فلم لا نهرع لنلبي ما يريد، أتمنى لو كان قادراً على المشي من جديد ولكن قدّر الله وما شاء فعل".
أما شقيقه أمير فهو تغالبه الأحزان على ما أصاب شقيقه ويؤكد ان المنزل بأكمله يحاول الضحك كي لا يشعر أحمد أن تغيراً طرأ وانه بأطراف أو دونها هو إنسان بالدرجة الأولى وحبيب إلى قلوبهم".
ومن غزة - من مراسلة - ريما زنادة - عذرا ًحبيبي ورفيق دربي لسنوات تجاوزت ثمانية عشر عاماً عذرا أيها الطالب المجتهد أحمد أسعد السوافيري لن استطيع أن أكتب كلمات الإجابة على أسئلة امتحانات الثانوية العامة فقد رحلت عنك بعد أن مزقتني صواريخ الاحتلال، كما إنني لن استطيع أن أحمل كوب الماء لتروي عطشك في حرارة الصيف، ولن أستطيع أن أمسح عرق جبينك وجسدك المحترق بشظايا الصواريخ. في هذه اللحظة صمتت يد السوافيري بعد أن لفظت آخر أنفاسها ليحل صوت اعتذار آخر كان بالقرب منها ورحل معها بعيدا عنه كان صوت يمتزج بالدموع رغم أنه لا يملك عيونا تحمل الدموع فكانت من أقدام السوافيري التي اعتذرت تكرارا لأنها رحلت عنه قبل أن تحمله لقاعة الامتحان وقبل أن تنزل به من سلالم منزله وقبل أن تحمله ليدخل الحمام بدون مساعدة أحد. وكما صمت ذراعه الأيسر صمتت القدم اليمنى واليسرى وكذلك عدد من أصابع اليد اليمنى التي مزقتها صواريخ الاحتلال بعيد عن أي كلمة تحمل معنى الرحمة أو حتى شيء من حروفها.
ورغم الدماء التي سالت من جسد أحمد إلا أن حلم تقديم امتحان الثانوية العامة كان يراوده سواء قبل دخوله في المستشفى لإجراء عملية أو حتى بعده في يقظته من البنج أو في نومه الذي يحمل الألم إلا أن قلبه الذي لازال نابض كان يقول "يا رب" ليجلس اليوم في قاعة الامتحانات ليجيب عن أسئلة مادة الاقتصاد بلسانه بعد أن اعتذرت يده وأنامله عن كتابة الإجابة..
حملت أوراقها البيضاء لتسطر بها رحلة السوافيري من معاناة خروجه من المنزل وصولاً لقاعة الامتحان التي حملت له الأمل.
أمل وألم
عيون السوافيري كانت تحمل بداخلهما بريق الأمل والألم فكان الأمل حينما ينام على سرير بيته وعيونه تقلب صفحات كتبه التي عجزت أنامله عن تقليبها له، والألم حينما يعجز أن يروي عطشه أو يمسح عرقه إلا بمساعدة من حوله.
وقال بعد أن حاول جاهدا أن يرسم إرادة قوية في داخله : "إذا قتل الاحتلال الإسرائيلي أطرافي فلن يقتل حلمي بأن أكمل مسيرة تعليمي التي لن تنتهي بمرحلة الثانوية العامة".
وتابع: "كنت ادرس مادة تكنولوجيا المعلومات عند صديقي وفي طريق عودتي للمنزل اشتمت أنفاسي رائحة طيبة وبعدها بدقائق قليلة اطلق صاروخ من طائرات الاحتلال الإسرائيلي أدركت بأنني سوف استشهد فلم أفقد الوعي في ذلك الوقت".
وأكمل حديثه بعد أن مسح شقيقه الأكبر حبات العرق التي تمحترمت من جبينه: "كنت أقول لمن يحملني أريد من الجميع أن يسامحني سوف استشهد وكان نزيف حاد يخرج من جسدي ورغم ذلك فكان أصبع السبابة مرتفع بالتشهد".
كان السوافيري يرسم شيء من الابتسامة الممزوجة بالألم كلما سقط ناظريه على كتاب أو دفتر يتعلق بدراسته بالثانوية العامة.
وأوضح أنه رغم صعوبة وضعه في ذلك الوقت إلا أنه كان يتمنى أن يدرس ليقدم الامتحانات في المستشفى إلا أن اجراء العمليات الجراحية وتأثير البنج عرقل ذلك.
وأشار إلى أن العزيمة لديه لم تبتر رغم أن أطرافه الثلاثة قد بترت فرغم أنه لا يستطيع تقليب صفحة الكتاب إلا أنه أصر على أن يقدم امتحانات الثانوية العامة لكونه يدرك بأن العلم حلم حياته.
طريق الامتحان
مراسلة بدأت رحلتها صباح يوم الامتحان مع السوافيري منذ خروجه من المنزل إلى أن وصل قاعة الامتحان وبدأ في الإجابة على أسئلة مادة الاقتصاد.
ومع دقات الساعة التاسعة والثلث صباحا كان السوافيري يستعد للخروج من المنزل فكانت المشكلة تكمن بعدم قدرته النزول من منزله لوجود سلالم كثيرة فساعده أشقائه بأن يحملانه إلى أن وصل السيارة التي كانت ركوبها مشكلة بحد ذاته له وبنفس الطريقة تم حمله وإدخاله للسيارة هذه المعاناة كان يمسحها شيء من الأمل الذي كان بداخل السوافيري حينما كان ينظر إلى بطاقة الثانوية العامة وإنه يتجه نحو مدرسة عين جالوت بمدينة غزة لعقد الامتحان.
وما إن دخل المدرسة حتى ارتسم عليه الكثير من الألم حينما وجد أصدقائه يسيرون إلى قاعات الامتحان دون مساعدة من أحد بينما هو لا يستطيع أن يحرك ذبابة أزعجته كثيرا من أمام وجهه.
في ذلك الوقت خرجت كلمات منه وهو ينادي شقيقه الأكبر أمير ويطلب منه كتاب الاقتصاد لكي يراجع بعض المعلومات قبل دخول قاعة الامتحان.
وفي رده على سؤال بماذا تفكر قبل أن تستلم ورقة الامتحان: "أسئلة الامتحان تشغل تفكيري بدي أنجح علشان أسافر واركب أطراف اصطناعية وأكمل دراستي الجامعية".
وما إن وصل المراقب وقدم الأوراق ليسجل السوافيري اسمه ورقم جلوسه لم يستطع أن يمسكها فاكتفى بالنظر إليها وأخذها من حضر ليسجل الإجابات التي ينطق بها لسان السوافيري. في ذلك الوقت أوقفت حديثها معه ليكمل إجابة الامتحان وتكمل هي حمل معاناته وقلقه بأن لا يفتح المعبر او يطول اغلاقه على سطور صفحاتها.
المنزل مشكلة أخرى
والد احمد الذي رافقه من المنزل إلى المدرسة كانت جدران قلبه تنفطر كلما نظر إلى أقرانه وهم يسيرون ونجله لا يستطيع الحراك ولكن ما كان يهون عليه إيمانه بالله تعالى. بدأ كلامه بأن حمد الله تعالى والأمنيات تحفها حروف لم تخرج من لسانه بل من قلبه الذي كان يبكي ويخفي دموعه: "حبيبي أحمد كان يحب العلم فلذلك أصر أن يكمل تعليمه وإن فقد ثلاثة من أطرفه لكونه يؤمن بأن العلم هو طريق المستقبل له".
وتابع بعد أن استمسك قوة رجل تجاوز 56 من عمره: "لا أريد الكثير فقط أريد أن أرى بسمة على وجه ابني وان يركب له أطراف صناعية ويكمل دراسته".
حاول في كلامه أن يحافظ على دموعه لكي لا تظهر لأحد إلا لخالقها " كنت أتمنى أن أرى أحمد عريس وأزفه لعروسه لكن بإذن الله تعالى سوف ينجح بالثانوية العامة ويتم علاجه ويكمل دراسته ويتزوج أيضا".
واستكمل حديثه "كم يحزنني حينما أجد أحمد لا يستطيع نزول الدرج أو حتى الذهاب للحمام حيث أن المنزل غير مجهز لحالة مثل حالة أحمد خاصة أنه بيت قديم يسكنه أكثر من 21 فرد"، مبينا أن نجله يجد مشقة كبيرة في الذهاب للحمام.
رغم بتر أطراف أحمد ومعاناته التي تلازمه ليل نهار الا ان بارق امل ينير قلبه وطريقه في امكانية فتح المعابر .. ونحن بدورنا نبعث مناشدة الى كل من يستطيع أن يكسر الحصار ألا يتردد في ذلك ولا يتلذذ العالم بصمته أمام معاناته ومعاناة مليون ونصف محاصرين في غزة ..كفى صمتا.. افتحوا المعابر أمام احمد..لا تبخلوا عليه بأطراف اصطناعية بعد أن دافع بأطرافه عن كرامة الأمة ..احمد لا يريد الكثير يريد فقط أطرافاا اصطناعية وتأهيل بيته ليلائم وضعه الصحي الجديد.. [size=21]صرخة نطلقها لأصحاب القلوب الرحيمة بألا يقتلوا حلم أحمد في أطراف اصطناعية بعد ان قتل أطرافه صاروخ الاحتلال.
[/size]
طالب توجيهي من غزة يكتب بالامتحان
"سجل انا فلسطيني"
غزة - خاص معا - "أحمد هو اسمي أطراف ليس لي، أكتب بقلبي وعقلي وعيوني، سجلت يوم أفقدني الاحتلال القدرة على الركض والمشي ولمس الأشياء ولكن عزيمتي حديد".
أحمد أسعد السوافيري (19عاما) من سكان حي الدرج بمدينة غزة، لم يكن يعلم أن قدميه اللتين قادتاه من منزله إلى أطراف الحي المجاور لتلقي درس في إحدى مواد الثانوية العامة (التوجيهي) ستجتثان فجأة لدى تعرضه لقصف صاروخ مباغت من قبل طائرة إسرائيلية.
بتر بالأطراف السفلى والطرف العلوي الأيسر واصبعيه الابهام والخامس باليد اليمنى، إذن فأحمد اسعد السوافيري "19" عاما غير قادر على الكتابة او القراءة او لمس ما يخصه وما يرغب بلمسه، غير قادر على المشي، قبل إصابته في نيسان / إبريل من العام الجاري كان يحاول الاستعداد لإنهاء مادتين في تخصص التكنولوجيا والإدارة من امتحانات الثانوية العامة رسب بها قبل عام، وحمل معهما امل إتمام الشهادة الثانوية والدخول إلى عالم التعليم الجامعي وإحراز درجتي البكالوريوس والماجستير واخيراً التأهل للزواج.
اليوم بعد إصابته وأثناء مراقبة مراقب خاص لدى تقديمه الامتحان بلجنة خصصت له، تبدلت النوايا والاحلام، كيف لا وهو في غزة حيث توأد الأحلام، بات اكثر ما يشغله كيف يختار شريكة حياة تتقبل عدم قدرته على أداء حاجاته الخاصة فتكون له ذراعاً وقدمين وساقين وحاسة اللمس.
كان يسير في العشرين من نيسان / إبريل الماضي لحضور درس خاص بمادة التكنولوجيا استعداداً لامتحانات حزيران، وهناك شرقي مدينة غزة باغته صاروخ اسرائيلي فبتر اطرافه وشل قدرته على مواصلة الطريق وأقعده في حالة غيبوبة بالعناية الفائقة لشهر كامل استيقظ بعدها ليجد بقايا من جسد كان يعلمه ويحفظ خباياه.
يقول:" صحيح أقعدوني عن الحركة ولكن إرادتي قوية فأنا احب الحياة انوي النجاح بالتوجيهي ونيل الشهادة وأن اتزوج لأنجب بنين وبنات يقاومون من سرق أطرافي".
جاء والده إلى "معا" تسبقه وتليه الاحتسابات لدى الله أن يمن عليهم بالصبر والسلوان وان يلهم والدته الباكية الحزينة صبر أيوب عليه السلام، يقول:" حينما ترى فلذة كبدها لا يستطيع الحراك إلا بمرافقين تحتسب الغصة في القلب وتدير الوجه للجانب الاخر وتكبت الدمع".
أسعد السوافيري الوالد الذي يحمل املا كبيرا بإيجاد عروس لابنه الذي اصبح معاقا يقول:" من يساعدني في ايجاد اطراف لابني؟" مناشدا الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية والعاهل السعودي الملك عبد الله بأن يساعدوا ابنه فلذة كبده في تركيب أطراف صناعية له كي يتمكن من قطع درجات المنزل القديم ليشتم نسمات الهواء قرب بحر غزة او ليصاحب أصدقائه للشارع القريب.
يقول الوالد:" بيتي متهالك ويزيد عمره عن سبعين عاما في غزة القديمة اشعر بالعجز عندما يضطر ابنائي لحمل شقيقهم درجات المنزل الـ 43 لينزلوا به الى الشارع ".
ويتابع :" روح ابني رياضية فكاهية يضحك كما الأطفال وكان يهرع لتلبية احتياجاتنا فلم لا نهرع لنلبي ما يريد، أتمنى لو كان قادراً على المشي من جديد ولكن قدّر الله وما شاء فعل".
أما شقيقه أمير فهو تغالبه الأحزان على ما أصاب شقيقه ويؤكد ان المنزل بأكمله يحاول الضحك كي لا يشعر أحمد أن تغيراً طرأ وانه بأطراف أو دونها هو إنسان بالدرجة الأولى وحبيب إلى قلوبهم".
ومن غزة - من مراسلة - ريما زنادة - عذرا ًحبيبي ورفيق دربي لسنوات تجاوزت ثمانية عشر عاماً عذرا أيها الطالب المجتهد أحمد أسعد السوافيري لن استطيع أن أكتب كلمات الإجابة على أسئلة امتحانات الثانوية العامة فقد رحلت عنك بعد أن مزقتني صواريخ الاحتلال، كما إنني لن استطيع أن أحمل كوب الماء لتروي عطشك في حرارة الصيف، ولن أستطيع أن أمسح عرق جبينك وجسدك المحترق بشظايا الصواريخ. في هذه اللحظة صمتت يد السوافيري بعد أن لفظت آخر أنفاسها ليحل صوت اعتذار آخر كان بالقرب منها ورحل معها بعيدا عنه كان صوت يمتزج بالدموع رغم أنه لا يملك عيونا تحمل الدموع فكانت من أقدام السوافيري التي اعتذرت تكرارا لأنها رحلت عنه قبل أن تحمله لقاعة الامتحان وقبل أن تنزل به من سلالم منزله وقبل أن تحمله ليدخل الحمام بدون مساعدة أحد. وكما صمت ذراعه الأيسر صمتت القدم اليمنى واليسرى وكذلك عدد من أصابع اليد اليمنى التي مزقتها صواريخ الاحتلال بعيد عن أي كلمة تحمل معنى الرحمة أو حتى شيء من حروفها.
ورغم الدماء التي سالت من جسد أحمد إلا أن حلم تقديم امتحان الثانوية العامة كان يراوده سواء قبل دخوله في المستشفى لإجراء عملية أو حتى بعده في يقظته من البنج أو في نومه الذي يحمل الألم إلا أن قلبه الذي لازال نابض كان يقول "يا رب" ليجلس اليوم في قاعة الامتحانات ليجيب عن أسئلة مادة الاقتصاد بلسانه بعد أن اعتذرت يده وأنامله عن كتابة الإجابة..
حملت أوراقها البيضاء لتسطر بها رحلة السوافيري من معاناة خروجه من المنزل وصولاً لقاعة الامتحان التي حملت له الأمل.
أمل وألم
عيون السوافيري كانت تحمل بداخلهما بريق الأمل والألم فكان الأمل حينما ينام على سرير بيته وعيونه تقلب صفحات كتبه التي عجزت أنامله عن تقليبها له، والألم حينما يعجز أن يروي عطشه أو يمسح عرقه إلا بمساعدة من حوله.
وقال بعد أن حاول جاهدا أن يرسم إرادة قوية في داخله : "إذا قتل الاحتلال الإسرائيلي أطرافي فلن يقتل حلمي بأن أكمل مسيرة تعليمي التي لن تنتهي بمرحلة الثانوية العامة".
وتابع: "كنت ادرس مادة تكنولوجيا المعلومات عند صديقي وفي طريق عودتي للمنزل اشتمت أنفاسي رائحة طيبة وبعدها بدقائق قليلة اطلق صاروخ من طائرات الاحتلال الإسرائيلي أدركت بأنني سوف استشهد فلم أفقد الوعي في ذلك الوقت".
وأكمل حديثه بعد أن مسح شقيقه الأكبر حبات العرق التي تمحترمت من جبينه: "كنت أقول لمن يحملني أريد من الجميع أن يسامحني سوف استشهد وكان نزيف حاد يخرج من جسدي ورغم ذلك فكان أصبع السبابة مرتفع بالتشهد".
كان السوافيري يرسم شيء من الابتسامة الممزوجة بالألم كلما سقط ناظريه على كتاب أو دفتر يتعلق بدراسته بالثانوية العامة.
وأوضح أنه رغم صعوبة وضعه في ذلك الوقت إلا أنه كان يتمنى أن يدرس ليقدم الامتحانات في المستشفى إلا أن اجراء العمليات الجراحية وتأثير البنج عرقل ذلك.
وأشار إلى أن العزيمة لديه لم تبتر رغم أن أطرافه الثلاثة قد بترت فرغم أنه لا يستطيع تقليب صفحة الكتاب إلا أنه أصر على أن يقدم امتحانات الثانوية العامة لكونه يدرك بأن العلم حلم حياته.
طريق الامتحان
مراسلة بدأت رحلتها صباح يوم الامتحان مع السوافيري منذ خروجه من المنزل إلى أن وصل قاعة الامتحان وبدأ في الإجابة على أسئلة مادة الاقتصاد.
ومع دقات الساعة التاسعة والثلث صباحا كان السوافيري يستعد للخروج من المنزل فكانت المشكلة تكمن بعدم قدرته النزول من منزله لوجود سلالم كثيرة فساعده أشقائه بأن يحملانه إلى أن وصل السيارة التي كانت ركوبها مشكلة بحد ذاته له وبنفس الطريقة تم حمله وإدخاله للسيارة هذه المعاناة كان يمسحها شيء من الأمل الذي كان بداخل السوافيري حينما كان ينظر إلى بطاقة الثانوية العامة وإنه يتجه نحو مدرسة عين جالوت بمدينة غزة لعقد الامتحان.
وما إن دخل المدرسة حتى ارتسم عليه الكثير من الألم حينما وجد أصدقائه يسيرون إلى قاعات الامتحان دون مساعدة من أحد بينما هو لا يستطيع أن يحرك ذبابة أزعجته كثيرا من أمام وجهه.
في ذلك الوقت خرجت كلمات منه وهو ينادي شقيقه الأكبر أمير ويطلب منه كتاب الاقتصاد لكي يراجع بعض المعلومات قبل دخول قاعة الامتحان.
وفي رده على سؤال بماذا تفكر قبل أن تستلم ورقة الامتحان: "أسئلة الامتحان تشغل تفكيري بدي أنجح علشان أسافر واركب أطراف اصطناعية وأكمل دراستي الجامعية".
وما إن وصل المراقب وقدم الأوراق ليسجل السوافيري اسمه ورقم جلوسه لم يستطع أن يمسكها فاكتفى بالنظر إليها وأخذها من حضر ليسجل الإجابات التي ينطق بها لسان السوافيري. في ذلك الوقت أوقفت حديثها معه ليكمل إجابة الامتحان وتكمل هي حمل معاناته وقلقه بأن لا يفتح المعبر او يطول اغلاقه على سطور صفحاتها.
المنزل مشكلة أخرى
والد احمد الذي رافقه من المنزل إلى المدرسة كانت جدران قلبه تنفطر كلما نظر إلى أقرانه وهم يسيرون ونجله لا يستطيع الحراك ولكن ما كان يهون عليه إيمانه بالله تعالى. بدأ كلامه بأن حمد الله تعالى والأمنيات تحفها حروف لم تخرج من لسانه بل من قلبه الذي كان يبكي ويخفي دموعه: "حبيبي أحمد كان يحب العلم فلذلك أصر أن يكمل تعليمه وإن فقد ثلاثة من أطرفه لكونه يؤمن بأن العلم هو طريق المستقبل له".
وتابع بعد أن استمسك قوة رجل تجاوز 56 من عمره: "لا أريد الكثير فقط أريد أن أرى بسمة على وجه ابني وان يركب له أطراف صناعية ويكمل دراسته".
حاول في كلامه أن يحافظ على دموعه لكي لا تظهر لأحد إلا لخالقها " كنت أتمنى أن أرى أحمد عريس وأزفه لعروسه لكن بإذن الله تعالى سوف ينجح بالثانوية العامة ويتم علاجه ويكمل دراسته ويتزوج أيضا".
واستكمل حديثه "كم يحزنني حينما أجد أحمد لا يستطيع نزول الدرج أو حتى الذهاب للحمام حيث أن المنزل غير مجهز لحالة مثل حالة أحمد خاصة أنه بيت قديم يسكنه أكثر من 21 فرد"، مبينا أن نجله يجد مشقة كبيرة في الذهاب للحمام.
رغم بتر أطراف أحمد ومعاناته التي تلازمه ليل نهار الا ان بارق امل ينير قلبه وطريقه في امكانية فتح المعابر .. ونحن بدورنا نبعث مناشدة الى كل من يستطيع أن يكسر الحصار ألا يتردد في ذلك ولا يتلذذ العالم بصمته أمام معاناته ومعاناة مليون ونصف محاصرين في غزة ..كفى صمتا.. افتحوا المعابر أمام احمد..لا تبخلوا عليه بأطراف اصطناعية بعد أن دافع بأطرافه عن كرامة الأمة ..احمد لا يريد الكثير يريد فقط أطرافاا اصطناعية وتأهيل بيته ليلائم وضعه الصحي الجديد.. [size=21]صرخة نطلقها لأصحاب القلوب الرحيمة بألا يقتلوا حلم أحمد في أطراف اصطناعية بعد ان قتل أطرافه صاروخ الاحتلال.
[/size]
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر