لست ادري كم مكتت من الوقت وانا اخط بقلمي على الورق .ولا ماذا كتبت؟ولم
اشعر بتلك الرغبة في معاودة قراءة صفحات مذكراتي كلما اذكره حينها اني
سمعت وقع اقدام تقترب من حجرة نومي واني اسرعت اخفي مذكرتي في ذرج خزانتي
واني جلست على حافة السرير وظللت صامتة طوال الوقت .
فتح الباب بقوة هائلة على مسرعيه.ورايته يترنح كالذبيحة ويتغنى باغنية عبد
الحليم حافظ في الحان متقطعة وربما ان السكر اعماه فلم يلحظ وجودي ولم
يلتفت حتى الى الناحية حيث كنت اجلس .القى بجسده الثقيل على السرير ليصدر
قرقعة نفذت الى اعماقي واشعرتني بقشعريرة.جعلتني افر هاربة الى الشرفة
افتحها على مسرعيها واجلس وحدي كم توعدت ان افعل دائما غير ابهة للاجواء
الباردة في الخارج.ولست ادري كم مكتت من الوقت على هذا الحال وربما الليل
بطوله فقد كنت متعودة على عدم النوم وخصوصا في ايام حزيران عندما تشتد
علية ازمة الربو وامضي ليلي بين الصحو والنوم.
دقت ساعة الحائط الخامسة صباحا.فتحت عيناي بصعوبةواحسست ان كل جزئ من جسدي
الهزيل يؤلمني بعد ليلة سعال حاد لازمني طوال الليلة الماضية .نهضت في
تثاقل وفتحت الدرج واخرجت مذكرتي ونزلت عبر السلالم الى الطابق السفلي
بصعوبة ملحوظة وبمساعدة الخادمة وامرتها بان تنقل حاجياتي الى الغرفة
السفلى .فتحت الخادم الباب وتقدمتني وبيدها شمعة والقيت بحملي على السرير
وكل مااذكره انها اغلقت الباب وظلت هذه الغرفة مغلقة لمدة طويلة.كانت
الغرفة باردة واحسست بنفس الشعور الذي احسسته يوم غاذرتها وعادت الذكريات
تعودي بي الى الماضي.وخيل الى اني ارى امي الممددة على السرير .شعرت برغبة
كبيرة في ان اسرع اليها واحضنها واخبرها كم اشتقت اليها.في هذه الغرفة حيث
فارقت امي الحياة وهاهو ذا الماضي يعيد نفسه .ها انا اشعر من جديد بنفس
الاحساس.ماكان يبعث في نفسي الطمانينة هو كوني اشعر بوجود روح امي تنتقل
في كل ركن من اركان الغرفة الباردة .كنت اطمئن لمجرد التفكير ان هناك شخص
يشاركني الغرفة حتى لو كانت مجرد اشباح اوارواح.واني لست وحيدة .واني لست
منبوذة من الجميع.احسست بخطوات تدنو من باب الغرفة.وشعرت بالخوف كون لا
احد كان يزورني خوفا من انتشار العدوى في البيت الكبير.حملت المصحف واخذت
اتمتم ببعض الايات .فتح الباب وظهرت عنده امراة متقدمة في السن وخاطبتني
بصوت رخيم تمثل لي للحظة في صوت امي:
-هل انت جائعة؟
اجبت في صوت متقطع لاتكاد تسمع مخارج حروفه:
-من انت؟
ردت علية وقد اتجهت نحو النافذة تغلقها وتسدل الستائر العريقة عنها:
-انا ممرضتك الجديدة.وخادمتكي ان شئتي يا سيدتي
تسائلت:ممرضتي ؟خادمتي؟كنت احسبك للحظة السجان الجديد.
لحظت في ملامحها التعجب وقد عقدت حاجبيها ولم تنطق بعد ذالك بكلمة.وظللت
ارقبها طوال الوقت وقد جاءت بمقعد وجلست تسرد سريدتها في صمت اطبق على
المكان.شعرت برغبة في سؤالها:
-هل هل ستشاركينني الغرفة الليلة؟
لم تجبني بكلمة ولكني فهمت انها ستبيت معي .عندما حركت راسها كدليل على الايجاب بنعم.وتابعت السؤال قائلة:
-الاتخافين العدوى؟
رفعت راسها الي ونطقت في صوت حالم:
-كلا فقد امضيت نصف عمري بين المرضى وفي خذمتهم
شعرت بالاطمئنان كون هناك شخص اخر لايخافني وسيسادني في محنتي .وكان علية ان اقطع الصمت لاطلب منها ان تفتح النافذة.
-ارجوك.افتحي النافذة اشعر بضيق في صدري
اعذرني.فاني لااستطيع لدي اوامر من السيد بعدم فتحها
ربما ما اسكتني هو لفظة اليد فلمجرد ذكر اسمه امامي كانت تسري في جسدي قشعريرة خوف ورعب في الان ذاته.
وظلت عيناي عالقات بالنافذة.وانا ارقب من وراء زجاجها الثلوج وشعرت برغبة
في الخروج الى الحديقة وان اقفز وسط الثلوج كمان كنت افعل وانا صغيرة
قطع علينا الصمت صوت ضجة في البهو واصوات تعلو تارة وتنخفض تارة اخرى
.تبينت صوته وسط جلبة ن الاصوات.وودت لو اني استطيع الخروج الى البهو ولكن
المرض الزمني الفراش ولم اقوى على النهوض وفجاة.تحول الصراخ الى ضحكات
سكارى وتبينت اصوات النساء وعلت الموسيقى واستمر الحال كما عليه حتى
الخامسة فجرا ولم استطع طوال الليل ان اغمض جفني او استريح .
وحاولت ان اتغلب على المرض والهون .نهضت بصعوبة من السرير ووثبت الى قميصي
وغادرت الغرفة .صادفني وجوده في البهو ولم استطع ان ابادره بكلمة ولا ان
اسمع ماذا يقول؟ولست ادري كم ظللت شاردة وانا على هذا الحال .ولم افكر
بشيء محدد اطلاقا غير ان صوت الخشخشة في صدري كانت توقضني بين الفينة
والاخرى .
ورايت الخادمة وقد حملت حقيبتي بين يديها واتجهت نحو الباب تتقدمني ببضع
خطوات .اما انا فقد كنت شاردة.اسبح في عالم الخيال وحدي .ربما لاني كنت
اجد الخيال المكان الوحيد الذي من حق ان اذهب اليه متى اشاء واعود منه متى
اردت .
ولا انكر البثت اني شعرت بحنين الى الايام الحلوة التي قضيتها بين جدران
هذا البيت .كما لاانكر انني لااثوق للعودة اليه بعد الشفاء ان شاءت
الاقدار .
فتح الباب الكبير وخرجنا الى الحديقة وشعرت بان كل ركن فيها ساكن على غير
عادته .الجو كئيب والسماء غائمة.والخذم واقفون عند الباب وقد انحنت رؤوسهم
كدليل على الحزن والاسى على رحيلي.وتشابهت امام عيني الاحداث .وتذكرت رحيل
امي وكم بكيتها عندما رحلت عنا.ولكني الان مسرورة وانا غاذره .لا اشعر
بالاسى على اي شيء ولست حزينة على مفارقة احد .تبا لكم .وتبا للاقدار.وتبا
للزمن الذي اوصلني لما وصلت اليه فبث مسخرة امام اعينكم .اعلم ان لا احد
منكم سيدرف دمعة عند رحيلي وان لااحد سيذكرني بالخير ولكن على ما
الاسى.وربما لن تعيشو اكثر مما عشته انا.
اقفل باب السجن امام عيناي وبقيت وراءه ذكرياتي .وانتهى معه اخر سطر من صفحات مذكراتي.وتصادف معه نفاذ الحبر.
لكاتبته :عهد باشري
اشعر بتلك الرغبة في معاودة قراءة صفحات مذكراتي كلما اذكره حينها اني
سمعت وقع اقدام تقترب من حجرة نومي واني اسرعت اخفي مذكرتي في ذرج خزانتي
واني جلست على حافة السرير وظللت صامتة طوال الوقت .
فتح الباب بقوة هائلة على مسرعيه.ورايته يترنح كالذبيحة ويتغنى باغنية عبد
الحليم حافظ في الحان متقطعة وربما ان السكر اعماه فلم يلحظ وجودي ولم
يلتفت حتى الى الناحية حيث كنت اجلس .القى بجسده الثقيل على السرير ليصدر
قرقعة نفذت الى اعماقي واشعرتني بقشعريرة.جعلتني افر هاربة الى الشرفة
افتحها على مسرعيها واجلس وحدي كم توعدت ان افعل دائما غير ابهة للاجواء
الباردة في الخارج.ولست ادري كم مكتت من الوقت على هذا الحال وربما الليل
بطوله فقد كنت متعودة على عدم النوم وخصوصا في ايام حزيران عندما تشتد
علية ازمة الربو وامضي ليلي بين الصحو والنوم.
دقت ساعة الحائط الخامسة صباحا.فتحت عيناي بصعوبةواحسست ان كل جزئ من جسدي
الهزيل يؤلمني بعد ليلة سعال حاد لازمني طوال الليلة الماضية .نهضت في
تثاقل وفتحت الدرج واخرجت مذكرتي ونزلت عبر السلالم الى الطابق السفلي
بصعوبة ملحوظة وبمساعدة الخادمة وامرتها بان تنقل حاجياتي الى الغرفة
السفلى .فتحت الخادم الباب وتقدمتني وبيدها شمعة والقيت بحملي على السرير
وكل مااذكره انها اغلقت الباب وظلت هذه الغرفة مغلقة لمدة طويلة.كانت
الغرفة باردة واحسست بنفس الشعور الذي احسسته يوم غاذرتها وعادت الذكريات
تعودي بي الى الماضي.وخيل الى اني ارى امي الممددة على السرير .شعرت برغبة
كبيرة في ان اسرع اليها واحضنها واخبرها كم اشتقت اليها.في هذه الغرفة حيث
فارقت امي الحياة وهاهو ذا الماضي يعيد نفسه .ها انا اشعر من جديد بنفس
الاحساس.ماكان يبعث في نفسي الطمانينة هو كوني اشعر بوجود روح امي تنتقل
في كل ركن من اركان الغرفة الباردة .كنت اطمئن لمجرد التفكير ان هناك شخص
يشاركني الغرفة حتى لو كانت مجرد اشباح اوارواح.واني لست وحيدة .واني لست
منبوذة من الجميع.احسست بخطوات تدنو من باب الغرفة.وشعرت بالخوف كون لا
احد كان يزورني خوفا من انتشار العدوى في البيت الكبير.حملت المصحف واخذت
اتمتم ببعض الايات .فتح الباب وظهرت عنده امراة متقدمة في السن وخاطبتني
بصوت رخيم تمثل لي للحظة في صوت امي:
-هل انت جائعة؟
اجبت في صوت متقطع لاتكاد تسمع مخارج حروفه:
-من انت؟
ردت علية وقد اتجهت نحو النافذة تغلقها وتسدل الستائر العريقة عنها:
-انا ممرضتك الجديدة.وخادمتكي ان شئتي يا سيدتي
تسائلت:ممرضتي ؟خادمتي؟كنت احسبك للحظة السجان الجديد.
لحظت في ملامحها التعجب وقد عقدت حاجبيها ولم تنطق بعد ذالك بكلمة.وظللت
ارقبها طوال الوقت وقد جاءت بمقعد وجلست تسرد سريدتها في صمت اطبق على
المكان.شعرت برغبة في سؤالها:
-هل هل ستشاركينني الغرفة الليلة؟
لم تجبني بكلمة ولكني فهمت انها ستبيت معي .عندما حركت راسها كدليل على الايجاب بنعم.وتابعت السؤال قائلة:
-الاتخافين العدوى؟
رفعت راسها الي ونطقت في صوت حالم:
-كلا فقد امضيت نصف عمري بين المرضى وفي خذمتهم
شعرت بالاطمئنان كون هناك شخص اخر لايخافني وسيسادني في محنتي .وكان علية ان اقطع الصمت لاطلب منها ان تفتح النافذة.
-ارجوك.افتحي النافذة اشعر بضيق في صدري
اعذرني.فاني لااستطيع لدي اوامر من السيد بعدم فتحها
ربما ما اسكتني هو لفظة اليد فلمجرد ذكر اسمه امامي كانت تسري في جسدي قشعريرة خوف ورعب في الان ذاته.
وظلت عيناي عالقات بالنافذة.وانا ارقب من وراء زجاجها الثلوج وشعرت برغبة
في الخروج الى الحديقة وان اقفز وسط الثلوج كمان كنت افعل وانا صغيرة
قطع علينا الصمت صوت ضجة في البهو واصوات تعلو تارة وتنخفض تارة اخرى
.تبينت صوته وسط جلبة ن الاصوات.وودت لو اني استطيع الخروج الى البهو ولكن
المرض الزمني الفراش ولم اقوى على النهوض وفجاة.تحول الصراخ الى ضحكات
سكارى وتبينت اصوات النساء وعلت الموسيقى واستمر الحال كما عليه حتى
الخامسة فجرا ولم استطع طوال الليل ان اغمض جفني او استريح .
وحاولت ان اتغلب على المرض والهون .نهضت بصعوبة من السرير ووثبت الى قميصي
وغادرت الغرفة .صادفني وجوده في البهو ولم استطع ان ابادره بكلمة ولا ان
اسمع ماذا يقول؟ولست ادري كم ظللت شاردة وانا على هذا الحال .ولم افكر
بشيء محدد اطلاقا غير ان صوت الخشخشة في صدري كانت توقضني بين الفينة
والاخرى .
ورايت الخادمة وقد حملت حقيبتي بين يديها واتجهت نحو الباب تتقدمني ببضع
خطوات .اما انا فقد كنت شاردة.اسبح في عالم الخيال وحدي .ربما لاني كنت
اجد الخيال المكان الوحيد الذي من حق ان اذهب اليه متى اشاء واعود منه متى
اردت .
ولا انكر البثت اني شعرت بحنين الى الايام الحلوة التي قضيتها بين جدران
هذا البيت .كما لاانكر انني لااثوق للعودة اليه بعد الشفاء ان شاءت
الاقدار .
فتح الباب الكبير وخرجنا الى الحديقة وشعرت بان كل ركن فيها ساكن على غير
عادته .الجو كئيب والسماء غائمة.والخذم واقفون عند الباب وقد انحنت رؤوسهم
كدليل على الحزن والاسى على رحيلي.وتشابهت امام عيني الاحداث .وتذكرت رحيل
امي وكم بكيتها عندما رحلت عنا.ولكني الان مسرورة وانا غاذره .لا اشعر
بالاسى على اي شيء ولست حزينة على مفارقة احد .تبا لكم .وتبا للاقدار.وتبا
للزمن الذي اوصلني لما وصلت اليه فبث مسخرة امام اعينكم .اعلم ان لا احد
منكم سيدرف دمعة عند رحيلي وان لااحد سيذكرني بالخير ولكن على ما
الاسى.وربما لن تعيشو اكثر مما عشته انا.
اقفل باب السجن امام عيناي وبقيت وراءه ذكرياتي .وانتهى معه اخر سطر من صفحات مذكراتي.وتصادف معه نفاذ الحبر.
لكاتبته :عهد باشري
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر