محمد المحمدي- العودة- بغداد
لم يعد يخفى على أحد أن هناك برنامجاً يُنفّذ في المنطقة، يعاكس حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم المغتصبة، بعد ما حصل في العراق خلال السنوات الست الماضية وما آلت إليه أوضاعهم وتشتيتهم إلى عدة دول.
يعلم المراقبون أن هناك مشروعاً ستطرحه الإدارة الأميركية قريباً لدفع عجلة التسوية، ويعلمون أيضاً أن قضية اللاجئين الفلسطينيين وعودتهم هي من أكبر العقبات أمام تحقيق التسوية حسب الرؤية الأمريكية، وبالتالي فإن أي مبادرة أميركية تتطلب طرح حل لهذه المشكلة، والحل الذي يلوّحون به دائماً هو توطين اللاجئين في أماكن وجودهم، لذلك تحاول بعض الدول التخفيف من الوجود الفلسطيني على أراضيها، وقد شهدنا عمليات طرد ومحاولات تهجير في الأعوام المنصرمة في عدد من الدول العربية.
من هنا، يتضح أن إرادة الإدارة الأميركية هي بعكس توجّه حكومات المنطقة ونظرتهم إلى حلّ قضية اللاجئين، فهم يحاولون التملّص من الاستحقاق الأمريكي. لذلك ستلجأ الإدارة الأميركية إلى طرح الحل في المناطق التي لها فيها نفوذ مطلق، وبهذا العنوان سيكون العراق بوصفه دولة كبيرة وغنية هو المكان الذي يتسع لأعداد كبيرة من اللاجئين، وخاصة أن مشروع توطين اللاجئين فيه قديم. ويعزز هذه الفرضية زيارة رئيس السلطة محمود عباس لشمال العراق، التي وضع كثيرون علامات استفهام كبيرة عليها، قد تجيب عنها مجريات الأحداث التي تلتها، ابتداءً ممّا طُرح من نقلٍ للاجئين الفلسطينيين في العراق إلى شماله كمكان آمن، وإقامة مباراة لكرة القدم في أربيل، وزيارة مرتقبة لوفد فلسطيني إلى شمال العراق للتباحث مع الإدارة الكردية للمنطقة من دون أن يعرف أحد الأسباب.
لماذا شمال العراق؟
من المعروف أن هذه المناطق تعيش حالة من الاستقرار الأمني ولها قرارها الخاص منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ومنذ فترة بسيطة حصلت على مصادر التمويل المستقلة عن بغداد بحفر آبار النفط والمباشرة ببيعه، وهذا سيوفّر فرص عمل كثيرة، إضافة إلى إمكانية التطوير والبناء، فضلاً عن مشاعر الشعب الكردي لكونه صاحب قضية (حسب وجهة نظرهم) كما الحالة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني. والأهم من هذا كله استعجال الإدارة الاميركية في طرح مبادرتها وحاجتها إلى مكان مستقر أمنياً وفيه استثمارات ليكون بيئة جاذبة للاجئين الفلسطينيين المراد نقلهم.
في الآونة الأخيرة، كان هناك تصريحات من الحكومة العراقية بإمكانية منح اللاجئين الفلسطينيين في العراق الجنسية العراقية، وقد وُضع الأمر في إطار قانوني تمثّل بتطبيق قانون اللجوء السياسي الرقم 51 لعام 1971 على الفلسطينيين، الذي يمنح الجنسية العراقية للاجئ السياسي المقيم في العراق لمدة عشر سنوات. وتطبيق هذا القانون هو المخرج من موضوع منح الجنسية للاجئين الفلسطينيين من دون «ضوضاء وشوشرة»، لكون قانون الجنسية العراقي لعام 2006 يستثني الفلسطيني حفاظاً على حق العودة كما هو نص القانون.
في هذه الحالة نرى أن عوامل إنجاح المشروع متوافرة، وهي البيئة الجاذبة والوضع القانوني، البيئة الجاذبة متمثلة في الاستقرار الأمني وفرص العمل ومجتمع غير كاره للوجود الفلسطيني. أما الوضع القانوني فهو متمثل في قانون اللجوء السياسي الذي سيمكّن الفلسطيني مستقبلاً من الحصول على جنسية، وهذا يعطيه أملاً في بناء حياته واستقراره.
فلسطينيو لبنان
في هذا السياق يمكن أن نحدد الفئة المستهدفة من هذا المشروع وتتجه أعيننا إلى لاجئي لبنان، العقبة الأكبر في مشروع الإدارة الأمريكية في المنطقة.
أما آليات تنفيذ المشروع فستتم بطريقتين:
الأولى، هي استقطاب الأيدي العاملة الفلسطينية للعمل في المناطق الكردية في شمال العراق، هذه خطوة (مثل طفرة العمل الفلسطيني في الكويت في الخمسينيات)، ويليها عَدّهم لاجئين سياسيين لتطبيق قانون اللجوء السياسي عليهم ومنحهم الجنسية العراقية.
أما الثانية، فهو فتح أبواب السفارة العراقية في لبنان ودول أخرى لقبول طلبات اللجوء السياسي إلى العراق، ويُحُصَر الموضوع بالفلسطينيين.
من هنا يبدأ المشروع لتجد بعد فترة قصيرة أن العقبة الكبيرة قد تفتتت، طبعاً هذه المغريات لن تغري لاجئي سورية أو الأردن، وهما مركز ثقل اللاجئين الفلسطينيين، فهم يعيشون في ظروف أفضل ووضع قانوني مستقر، ولكنه سيجذب كل لاجئ فلسطيني في المنطقة غير مستقر سواء في الخليج أو مصر أو في المغرب العربي إن لم يجرِ توطينه في مكان وجوده.
وقد يكون نقل اللاجئين الفلسطينيين إلى الدول الغربية، بعد تجميعهم في شمال العراق، أسهل بكثير من تطبيق هذا المشروع عليهم وهم في تجمعاتهم في لبنان أو غيره، كما حصل مع لاجئي العراق عندما تمّ تجميعهم في مخيمات حدودية، ومن ثم نقلهم إلى الدول الغربية، فالتجمعات الفلسطينية الضخمة لا تسمح بتطبيق مشاريع التشتيت، لما تختزنه من وعي وروابط أسرية وانتماء للمكان الذي تربى الفلسطيني فيه.
هذا ما يخططون له، أما نحن فنقول إن عودتنا إلى ديارنا هي أقرب مما كانت عليه في أي وقت مضى، وما تهالُك الإدارة الأمريكية وحلفائها إلى إيجاد حل سريع إلا عنوان لترنّح الكيان الغاصب وبداية لنهاية علوّهم وإفسادهم في الأرض.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر