مهدت للاستعمار لكنها وثقت للوجود العربي الراسخ: معرض 'فلسطين في الصور القديمة' كما وثّقتها عيون المستشرقين بيروت ـ 'القدس العربي': |
'صور فوتوغرافيّة قديمة عن فلسطين في نصف قرن، لمستشرقين زاروا منطقة الشرق الأوسط'، هو مضمون معرض تنظّمه وزارة الثّقافة اللّبنانيّة بمقر منظّمة اليونسكو ببيروت، وذلك في إطار الإحتفال بالقدس عاصمة الثقافة العربيّة لسنة 2009 ، يضم المعرض 100 صورة مقاييسها 100/70 سم تتحدّث عن فلسطين، 'ذاكرة الوطن والشّعب' قبل الإغتصاب الصهيوني وتكوين اسرائيل 'الكيان الشاذ في المنطقة'. تم تجميع هذه الصور في الفترة الممتدّة بين 1875 و1925 وهي تعود بالتاريخ إلى ما قبل سنة 1825 تقريبا، فهي عبارة عن سرد فنّي للتّاريخ المعاش ونمط الحياة اليوميّة لهذه المنطقة من الشرق وفق رؤية الزوّار القادمين من العالم الغربي إلى الشرق الذي طالما كان سحرا للغرب وأسرارا لم يتوان أبدا عن التفكير في فك طلاسمه، والصور هي منفذ جميل وتفكير في الماضي واستشراف للمستقبل وتأمل في الحاضر، تخلق في كل من يمعن النظر فيها حنينا عجيبا لواقع يومي مضى، لتثبت أن ذلك الشّعب لم يكن أبدا 'عابرا في الدّرب' وأن 'عالم الآثار' مهما انشغل بتحليل حجارته كي يثبت 'أنه ليس من هناك.. فإنه لن يفلح أبدا في اقتلاع فكرة الوطن 'فلسطين'، الوطن الكامل النّابع من تاريخ مليء بالمتناقضات ورؤى مضمّخة بالألم و الأمل بحثا عن الحريّة المنشودة. هذه الصور التي ستؤثّث المعرض هي عبارة عن بطاقات بريديّة وصور لزوّار أجانب' مرّوا من هذه المنطقة وسلبتهم' فكرة الاستشراق.. هم زوّار الأماكن المقدّسة الذين يحجّون إلى القدس ويزورون مهد السيّد المسيح حاملين أفكارهم وعيونهم و(الكاميرا)، آلة التّصوير التي كانت في تلك الفترة بالنسبة لسكّان الشرق آلة عجيبة وشيئا غريبا ونادرا..و كان هؤلاء الزوّار يصوّرون الأماكن والحياة اليوميّة فكان ذلك يؤثّث لمحاكاة من نوع خاص تمس العادات والتقاليد في الحياة والملبس والمعاش إضافة إلى تصوير المباني وكل ما له علاقة بالعمران والمعمار من بيوت وأسواق وساحات وآثار ممزوجة بإرث حضاري وديني رهيب، فالصور تخبر وتقدّم المعالم الدينيّة المسيحيّة للغرب المسيحي، فآلاف الصور أخذت لتجسّد تنوّع الحضور الديني في المنطقة وذلك بتصوير متديّنين مسيحيّين ومسلمين سواء تصويرهم في الكنائس أو في المساجد فكانت هذه الصور بمثابة العين أو النافذة التي يعود بها الزوّار إلى بلدانهم ليقدّموها إلى كل من يتملّكه الفضول لرؤية الشّرق.. وللغوص في الجدليّة اللامتناهية بين الشرق والغرب.. وقد كان هؤلاء المصوّرون أثناء اختيار البعد العام للصورة متأثرين بالفكرة التي كان ينقلها الرسامون المستشرقون عن الشرق فكانت زواياها وأبعادها تعكس جانبا نفسيا وفضولا عاما ورؤية مسبقة عن سكّان تلك المنطقة فقد استطاع الزوار المصوّرون أن يقدّموا الصور بالأفكار التي أرادوا هم أنفسهم نقلها فكانوا ولو بطريقة غير مباشرة يسرّبون أفكارا تخدم'الإمبرياليّة والإحتلال ولعل هذا ما أشار إليه المفكّر الفلسطيني الرّاحل 'ادوارد سعيد' في مؤلّفه 'الإستشراق' عندما بيّن أن الإستشراق بكل مظاهره إنما كان جزءا من التوسّع الإمبريالي في الشرق الأوسط.. فهو شبكة مقبولة تسمح منافذها بتسريب صورة الشرق إلى وعي الغربيين.. كيف لا وقد أظهر المصوّرون العرب في مظهر رجعي متخلف أعطى نظرة دونيّة للمرأة وأظهرها إما جارية أو مملوكة توفّر اللذّة للرجل أو خادمة أميّة، كما صوّر الرجل محدود الفكر ولا يرى أبعد مما يراه جواده ولا يفكر إلا في حياة الترف والنساء.. و رغم هذه الرؤية التي قد تكون مهّدت للإمبرياليّة وسرّبت للحركة الصهيونيّة ودفعت بها إلى الصعود والبروز إلا أن هذه الصور وفي جانب منها استطاعت أن تؤرّخ بل توثّق للوجود العربي الرّاسخ في المنطقة. فهي إن تعبّر عن شيء فهي تعبّر بالأساس عن أن الشرق ومنه فلسطين غارق في التاريخ المثير والمتنوع.. وتعبّر أيضا عن فكرة أساسيّة في حد ذاتها، تتمثّل في ضرورة تخط الهوة بين الشرق والغرب من خلال إثارة التعددية الثقافيّة وثنائيّة التبادل الثقافي وإثبات دائم وبكل الوسائل 'أنّا' ورغم كل الأفكار المسرّبة من تلك المنطقة و'لنا فيها ما نعمل' كما عبّر الراحل 'محمود درويش'. ' كل صورة من هذه الصور تحكي فكرة وواقعا وأسلوبا معيشيا وتفاصيل حياتيّة قد تبدو بسيطة لكنها للناظر الباحث عميقة، استطاع المصوّرون أن ينقلوا من خلالها مشاهدات يوميــّة وانطبـــاعات لتصبح الصورة الفوتوغرافيـــّة في حد ذاتها قادرة على الوصول إلى مرتبة فنية راقية تتمثّل في تحريك سواكن من يلمحها لتصبح وكما قال نعيم فرحات جامع هذه الصور: 'عملا فنيا متكاملا وليست مجرّد نتاج حرفي'. و نعيم فرحات' هو الذي جمع هذه الصور وغيرها من الأعمال الفنية الإنسانيّة الرّاقية، أبرزها مجموعة 'معتقل الخيام' ومجموعة 'صنع في فلسطين'، تمكّن بحسّه الفني والإنساني والوطني العام أن يحوّل فكرة التّجارة الماديّة في اللّوحات، ليخلق من خلالها بعدا إنسانيا ساميا وليصبح بذلك مهووسا بلوحات من صنف آخر لوحات تعبّر عن الألم الإنساني والقضايا العادلة. ويحتكم نعيم فرحات إضافة إلى اللّوحات الفنيّة الى العديد من الصور الفوتوغرافيّة النّادرة التي تصل إلى حوالي 5000 صورة تجسّد تقريبا كل الشرق الأوسط مصر وبلاد الشام وبلاد المغرب العربي، اشتراها وجمعها وأثّثها لتكوّن إرثا هائلا من التاريخ العربي المصوّر وعينا ترصد الماضي وتشهد على عمق التاريخ وتواتر الزوّار الذين استهواهم الشّرق. |
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر