الخاروف وهو من الظلفيات، حيوان ثديي مسالم، يأكل العشب، منضبط بالقوانين
التي يضعها الرعاة، ملتزم بالحظيرة (من المرعى الى الحظيرة ومن الحظيرة
الى المرعى)، له سمعة طيبة بين الانعام، ودود ولود، لا هو سريع مثل
الغزال، ولا هو عنيد مثل الحمار، "بهيمةٌ مسكينُ، يشكو فلا يبينُ".
ان
وضعت له شعيراً يأكله ، وان شاء صاحبه تركه في البراري فيرعى من نعم الله.
لم يجلب لنا الانفلونزا مثل الخنازير ولا الجنون مثل البقر، ليس لديه
منقار ولا مخلب ولا ناب، حتى ان طفلاً صغيراً يستطيع ركوبه فلا تسمع منه
الا الثغاء، ولن تستطيع تمييز ثغاء الفرح من ثغاء البكاء. ورغم اتهامه
بالحمّى القلاعية في السنوات الماضية الا ان حسن سيره وسلوكه كان السبب
وراء الرضى الشعبي عنه.
هرب من الاسود والنمور والضباع والفهود
والذئاب واحتمى ببني آدم، فوفر له الحماية والحظيرة والمأكل والمشرب وجزّ
صوفه وشرب حليبه، واستفاد من تكاثره وصار يدعو صغيره "طلي" وكبيره "كبش"
وانثاه "نعجه".
يعتقد داروين ان اصل الخاروف ينحدر من ديناصور
نباتي، ويعتقد مختار عائلتنا ان اصله من بئر السبع، وبين داروين ومختار
عائلتنا تدخل امام المسجد وأكّد بحضور الشهود ان الله ارسله ليمنع ذبح
سيدنا اسماعيل على يد والده سيدنا ابراهيم بعد تلك الرؤيا المقدسة، الا ان
شيوعياً في الحي همس في آذاننا "أن الخاروف هو الحيوان الوحيد الذي كان من
السهل الامساك به وجعله اضحية فلو امسكوا بالغزال لنال نفس العقوبة".
مثقف
رأسمالي جاء حديثاً من اوروبا، لم يسكت على تحريض الشيوعي فقال: يا اخوان
المسألة تتعلق بعدة عوامل ولا يمكن انكار الجانب الاقتصادي، ففي امريكا
والدول المتحضّرة يقدمون الديك التركي كرمز للتضحية في عيد الشكر والذي
صادف يوم الخميس الماضي .
وبينما كنا صغاراً كان الجزّار يتعمّد ان يضع
في يده حجراً صغيراً ويكبس بها على أُذن الخاروف بشدّة فيصرخ الخاروف من
الالم فيعرف كل الحي ان هناك لحم طازج في الطريق. ولاحقاً صار البعض يتعمد
ايذاء الخاروف بواسطة الحجر الصغير المخفي في كف اليد ليعرف اصحاب الفرح
من خلال هذا الصراخ ان هذه العائلة احضرته كهدية وهو يصرخ مئات الامتار من
الالم قبل ذبحه.
ولكن وحتى لا ننسى، فنحن الذين قدمنا الحماية للخاروف
ولولانا نحن البشر لتعرض لغزوات دموية من الضواري ووحوش البر، ولا يستطيع
احد ان ينكر ذلك!!!
ومهما يكن الامر، يمكن وصف العلاقة بين الانسان
والخاروف بأنها علاقة صداقة مستديمة، هو ينام عندنا ونحن نذبحه... ومن باب
الوفاء للصداقة وخوفاً من الحلال والحرام، نسمّي بإسم الله قبل ذبحه
ونسقيه الماء، فهذا حق له ولا ننكره عليه.
انا شخصياً علاقتي بالخاروف
مضطربة جداً، رغم انني من برج الحمل، فقد ولدت نعجة جدتي وولدت امي في نفس
اليوم وجاء ابي واطلق على احدنا اسم ناصر والاخر منصور، وبعد ايام ذبح جدي
الخاروف ولكن عائلتي كانت قد نسيت حينها من هو ناصر ومن هو منصور !!!
وسألت امي من الذي جرى ذبحه، ناصر ام منصور؟ سكت ابي طويلاً ودخن سيجارة
وفي آخر لحظة تذكر والحمدلله... وهتف فرحاً ذبحنا منصور وبقي ناصر...
والحمدلله بقيت انا فيما ذهب منصور في مشوار صغير مع جدّي خلف المنزل ولم
يعد الى يومنا هذا.
بعد سنوات، اشترى ابي خاروفاً صغيراً، وقد امضينا
معه اجمل اللحظات، وتبيّن لي أنه حيوان ذكي وودود وجميل وناعم، وفي يوم من
الايام سألت امي: اين منصور؟ فقالت بكل صلابة: "هناك" . ونظرت وكانوا
يسلخون جلده ورأسه ملقى في جهة اخرى على الارض، بكيت بحرقة ورفضت ان
اتناول لحمه، ولكن أبي تولّى إقناعي بكل سهولة، وضربني بشدّة، فأكلت
بشراهة... والحمدلله، الحمدلله منذ ذلك اليوم وانا أحب لحم الخاروف،
والبورغر، والستيك والشاورما بل انني أبالغ قليلاً لدرجة انني احب
المرتديلا...
وذات يوم سألت أبي: لماذا يسقون الخاروف الماء قبل ذبحه؟
فزجرني بنظرة تعجب واستنكار وقال: "حرام يا بني ان نذبحه وهو عطشان"،
فسألته: "ولماذا يشرب؟" فقال وهو يقهقه من الضحك : "لانه حمار"، وضحك
كثيراً ولكني لم اضحك بل....... درست البيولوجيا
ناصر اللحام.
التي يضعها الرعاة، ملتزم بالحظيرة (من المرعى الى الحظيرة ومن الحظيرة
الى المرعى)، له سمعة طيبة بين الانعام، ودود ولود، لا هو سريع مثل
الغزال، ولا هو عنيد مثل الحمار، "بهيمةٌ مسكينُ، يشكو فلا يبينُ".
ان
وضعت له شعيراً يأكله ، وان شاء صاحبه تركه في البراري فيرعى من نعم الله.
لم يجلب لنا الانفلونزا مثل الخنازير ولا الجنون مثل البقر، ليس لديه
منقار ولا مخلب ولا ناب، حتى ان طفلاً صغيراً يستطيع ركوبه فلا تسمع منه
الا الثغاء، ولن تستطيع تمييز ثغاء الفرح من ثغاء البكاء. ورغم اتهامه
بالحمّى القلاعية في السنوات الماضية الا ان حسن سيره وسلوكه كان السبب
وراء الرضى الشعبي عنه.
هرب من الاسود والنمور والضباع والفهود
والذئاب واحتمى ببني آدم، فوفر له الحماية والحظيرة والمأكل والمشرب وجزّ
صوفه وشرب حليبه، واستفاد من تكاثره وصار يدعو صغيره "طلي" وكبيره "كبش"
وانثاه "نعجه".
يعتقد داروين ان اصل الخاروف ينحدر من ديناصور
نباتي، ويعتقد مختار عائلتنا ان اصله من بئر السبع، وبين داروين ومختار
عائلتنا تدخل امام المسجد وأكّد بحضور الشهود ان الله ارسله ليمنع ذبح
سيدنا اسماعيل على يد والده سيدنا ابراهيم بعد تلك الرؤيا المقدسة، الا ان
شيوعياً في الحي همس في آذاننا "أن الخاروف هو الحيوان الوحيد الذي كان من
السهل الامساك به وجعله اضحية فلو امسكوا بالغزال لنال نفس العقوبة".
مثقف
رأسمالي جاء حديثاً من اوروبا، لم يسكت على تحريض الشيوعي فقال: يا اخوان
المسألة تتعلق بعدة عوامل ولا يمكن انكار الجانب الاقتصادي، ففي امريكا
والدول المتحضّرة يقدمون الديك التركي كرمز للتضحية في عيد الشكر والذي
صادف يوم الخميس الماضي .
وبينما كنا صغاراً كان الجزّار يتعمّد ان يضع
في يده حجراً صغيراً ويكبس بها على أُذن الخاروف بشدّة فيصرخ الخاروف من
الالم فيعرف كل الحي ان هناك لحم طازج في الطريق. ولاحقاً صار البعض يتعمد
ايذاء الخاروف بواسطة الحجر الصغير المخفي في كف اليد ليعرف اصحاب الفرح
من خلال هذا الصراخ ان هذه العائلة احضرته كهدية وهو يصرخ مئات الامتار من
الالم قبل ذبحه.
ولكن وحتى لا ننسى، فنحن الذين قدمنا الحماية للخاروف
ولولانا نحن البشر لتعرض لغزوات دموية من الضواري ووحوش البر، ولا يستطيع
احد ان ينكر ذلك!!!
ومهما يكن الامر، يمكن وصف العلاقة بين الانسان
والخاروف بأنها علاقة صداقة مستديمة، هو ينام عندنا ونحن نذبحه... ومن باب
الوفاء للصداقة وخوفاً من الحلال والحرام، نسمّي بإسم الله قبل ذبحه
ونسقيه الماء، فهذا حق له ولا ننكره عليه.
انا شخصياً علاقتي بالخاروف
مضطربة جداً، رغم انني من برج الحمل، فقد ولدت نعجة جدتي وولدت امي في نفس
اليوم وجاء ابي واطلق على احدنا اسم ناصر والاخر منصور، وبعد ايام ذبح جدي
الخاروف ولكن عائلتي كانت قد نسيت حينها من هو ناصر ومن هو منصور !!!
وسألت امي من الذي جرى ذبحه، ناصر ام منصور؟ سكت ابي طويلاً ودخن سيجارة
وفي آخر لحظة تذكر والحمدلله... وهتف فرحاً ذبحنا منصور وبقي ناصر...
والحمدلله بقيت انا فيما ذهب منصور في مشوار صغير مع جدّي خلف المنزل ولم
يعد الى يومنا هذا.
بعد سنوات، اشترى ابي خاروفاً صغيراً، وقد امضينا
معه اجمل اللحظات، وتبيّن لي أنه حيوان ذكي وودود وجميل وناعم، وفي يوم من
الايام سألت امي: اين منصور؟ فقالت بكل صلابة: "هناك" . ونظرت وكانوا
يسلخون جلده ورأسه ملقى في جهة اخرى على الارض، بكيت بحرقة ورفضت ان
اتناول لحمه، ولكن أبي تولّى إقناعي بكل سهولة، وضربني بشدّة، فأكلت
بشراهة... والحمدلله، الحمدلله منذ ذلك اليوم وانا أحب لحم الخاروف،
والبورغر، والستيك والشاورما بل انني أبالغ قليلاً لدرجة انني احب
المرتديلا...
وذات يوم سألت أبي: لماذا يسقون الخاروف الماء قبل ذبحه؟
فزجرني بنظرة تعجب واستنكار وقال: "حرام يا بني ان نذبحه وهو عطشان"،
فسألته: "ولماذا يشرب؟" فقال وهو يقهقه من الضحك : "لانه حمار"، وضحك
كثيراً ولكني لم اضحك بل....... درست البيولوجيا
ناصر اللحام.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر