[b]رؤية متشائمة لمكانة المرأة في واقع عربي متهاو
بقلم : نبيل عودة
لن نتردد في إعلان موقفنا الداعم لحقوق المرأة، ونطرح شعاراً او اثنين يعبّران عن أصالة موقفنا.. وان حقوق النساء ضمن منهجنا ورؤيتنا. أجل، نحن من أجل حرية المرأة ومساواتها. نحن من أجل الاعتراف بأنها إنسان مساوٍ لنا تماماً. ولكن عندما يقترب الموضوع من "نسائنا" فهذا هو الحد الذي لن نسمح به.
***
يؤسفني ان أقول ان ما كتبته أعلاه، ليس نزوة طارئة، بل هي حقيقة يمارسها الكثيرون من دعاة ومؤيدي حقوق المرأة العربية تحديداً، والمعبرين عن دعمهم لمساواة المرأة في حقوقها الاجتماعية والقانونية كمواطن وإنسان.
بالطبع موقف القيمين (من أوكلهم؟) على "قيمنا" و "أخلاقنا" و "عاداتنا" و "تقاليدنا" و "ديننا".. لن أورده، لأنه نوع من الطرح العبثي الممل..
ما أراه ان واقع المرأة في تراجع نسبي كبير، يمثل مجمل التراجع في تقدم المجتمع المدني العربي. اذ لا يمكن تحقيق تقدم في قضية المرأة طالما ظل مجتمعها قبلياً في مبناه وعلاقاته، ويحرمها من الحقوق السياسية المتساوية ومن فرص النمو والتعليم والتقدم في تطوير قدراتها الخاصة ووعيها، ومشاركتها في عملية التنمية الإنسانية والاقتصادية لمجتمعها.
فهل نتوقع، في إطار واقع متعثر مدنياً، ان نحرز تقدما في مجال إنجاز نهضة نسائية واجتماعية تغير واقع المرأة، ويفتح أمامها وأمام مجتمعاتنا آفاقاً جديدة، وإمكانيات أخرى تعمق دورها ومسؤوليتها؟ هل انتهت الظاهرة القبلية لقتل النساء بحجة شرف العائلة..؟ هل تقلص العنف المنزلي ضد النساء؟ هل انتهت الظاهرة من القرون الحجرية بتشوية الأعضاء التناسلية للإناث؟
هل تغير واقع المرأة في الدول العربية ال 17 من بين ال 21 دولة عربية التي وقعت على اتفاق القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ولكنها قيدته بتحفظات تشريعية "وطنية" او بنسف بعض بنوده التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية. هل واقع المرأة بظل التمييز والقمع والقتل يتمشى مع الشريعة، ومع التشريع الوطني؟؟ ألا تكتمل وطنيتنا إلا بقمع المرأة؟ ولا ندخل الجنة الا اذا كنا مميزين عن النساء؟
الواقع تغير نصاً، ولكنه نفس الواقع السائد في الدول التي لم توقع على الاتفاق.
تساهم المرأة في الدول المتقدمة بحصة تكاد تكون مساوية لحصة الرجل في جميع نواحي الحياة.. في عالمنا العربي أرى ان المرأة، حتى الأكاديمية، تخضع لقيود مستهجنة، يفرضها مجتمعها ونظامها، يقررالى مدى بعيد تحركها وحجم قيودها، حتى في المجتمع الأكثر تنوراً، على صعيد الدول العربية، نجد ان واقع المرأة لا يختلف بمجمل مضمونه، وليس سراً ان مستوى دخل المرأة من نفس العمل هو ما دون مستوى دخل الرجل. ولكن هذه الظاهرة تخفي واقعاً أشد مرارة. واقع اتساع البطالة في صفوف النساء بالمقارنة مع الرجال.
ولكن الظاهرة المقلقة حقاً تقع في مجال آخر كلياً.
دأبت تقارير الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية، على وضع اليد على واقع مذهل من التخلف في المجتمعات العربية، يطال النساء والرجال، وغني عن القول ان واقع المراة هو الواقع الأكثر سوءاً والأكثر مرارة.. خاصة في موضوعين أساسيين.
اولا البطالة التي تطال نسبة عظيمة من النساء، ومنهن جامعيات.
بالطبع وضع الرجل لا يقل سوءاً، والمعروف ان غياب تخطيط حقيقي للتنمية، وغياب أبحاث أكاديمية حول التنمية وآفاقها واحتياجات الأسواق العربية، والربط بين الاقتصاد ومعاهد الأبحاث (الغائبة) في الجامعات، يقود الى فوضى، او تنمية ارتجالية لا تتجاوب مع المتطلبات الملحة للمجتمعات العربية، ولا مع توفير أماكن عمل حسب احتياجات النمو السكاني. ان فرص خلق أعمال جديدة يسير ببطء شديد ويقود الى تعميق استغلال عمل النساء، وهذا يبرز بالأجور المتدنية جداً. وبات إيجاد مكان عمل، صدفة سعيدة تتمسك بها المراة وتصمت عن واقع إملاقها وسحقها كإنسان.
الصدفة ليست تخطيطاً. واذا وجد التخطيط نجده مشوهاً ويخدم "قططاً سمان" حسب التعبير المصري لأصحاب النعمة، المسيطرين على حصة الأسد من الإنتاج القومي لدولهم. حقاً هناك منظمات نسائية عديدة تنشط من أجل حقوق المرأة، ولكني لا أكاد ألمس نشاطها وما تثيره في طروحاتها، ويبدو ان هناك نهج تعتيم على نشاط تلك المنظمات.
تقارير البطالة في العالم العربي تتحدث عن أرقام رهيبة تصل الى 25 – 30 مليون عاطل عن العمل، ولا أعرف هل تشمل هذه الأرقام مجمل الراغبين بالعمل، ام فقط المسجلين رسمياً؟ وهل تشمل مجمل نساء الوطن العربي القادرات على العمل؟
حين نجد ان المرأة في المجتمعات الصناعية المتطورة تشكل ما يقارب نصف عدد العاملين، نجد انها في المجتمعات المتخلفة لا تشكل أكثر من 15% وربما أقل كثيرا - (وأعني بتعبير المتخلفة، التخلف الاجتماعي والصناعي والتقني والعلمي والثقافي والتعليمي وأسلوب إدارة الحكم، والتخلف بالضمانات الاجتماعية والصحية والبنى التحتية وغيرها)
ان خروج المرأة للعمل هو جزء من مساواتها وحريتها في القرار بما يتعلق بمصيرها أسوة بالرجل.
المرأة التي تفتقد للدخل لن تكون حرة ولن تصل الى المساواة حتى لو كانت تحمل عشرة شهادات دكتوراة.
ثانيا: المؤشر الأخر المرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا الواقع، هي نسبة الأمية المرتفعة جداً بين المواطنين من الجنسين، وخاصة بين النساء.
هل يتوقع أحد ان ينشأ جيل مثقف متعلم في أحضان نساء جاهلات؟
لا ليس تهجماً على المرأة، هذا الواقع ليس من مسؤوليتها. لأنها تخضع لتحكم الجاهلين حتى لو كانوا أكاديميين بتحصيلهم.
ما الذي يعطي المجتمعات العربية قوة الاستمرار، عكس التيار العالمي، من موضوع حقوق المرأة، وحقوق الإنسان بالتحديد؟
]
بقلم : نبيل عودة
لن نتردد في إعلان موقفنا الداعم لحقوق المرأة، ونطرح شعاراً او اثنين يعبّران عن أصالة موقفنا.. وان حقوق النساء ضمن منهجنا ورؤيتنا. أجل، نحن من أجل حرية المرأة ومساواتها. نحن من أجل الاعتراف بأنها إنسان مساوٍ لنا تماماً. ولكن عندما يقترب الموضوع من "نسائنا" فهذا هو الحد الذي لن نسمح به.
***
يؤسفني ان أقول ان ما كتبته أعلاه، ليس نزوة طارئة، بل هي حقيقة يمارسها الكثيرون من دعاة ومؤيدي حقوق المرأة العربية تحديداً، والمعبرين عن دعمهم لمساواة المرأة في حقوقها الاجتماعية والقانونية كمواطن وإنسان.
بالطبع موقف القيمين (من أوكلهم؟) على "قيمنا" و "أخلاقنا" و "عاداتنا" و "تقاليدنا" و "ديننا".. لن أورده، لأنه نوع من الطرح العبثي الممل..
ما أراه ان واقع المرأة في تراجع نسبي كبير، يمثل مجمل التراجع في تقدم المجتمع المدني العربي. اذ لا يمكن تحقيق تقدم في قضية المرأة طالما ظل مجتمعها قبلياً في مبناه وعلاقاته، ويحرمها من الحقوق السياسية المتساوية ومن فرص النمو والتعليم والتقدم في تطوير قدراتها الخاصة ووعيها، ومشاركتها في عملية التنمية الإنسانية والاقتصادية لمجتمعها.
فهل نتوقع، في إطار واقع متعثر مدنياً، ان نحرز تقدما في مجال إنجاز نهضة نسائية واجتماعية تغير واقع المرأة، ويفتح أمامها وأمام مجتمعاتنا آفاقاً جديدة، وإمكانيات أخرى تعمق دورها ومسؤوليتها؟ هل انتهت الظاهرة القبلية لقتل النساء بحجة شرف العائلة..؟ هل تقلص العنف المنزلي ضد النساء؟ هل انتهت الظاهرة من القرون الحجرية بتشوية الأعضاء التناسلية للإناث؟
هل تغير واقع المرأة في الدول العربية ال 17 من بين ال 21 دولة عربية التي وقعت على اتفاق القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ولكنها قيدته بتحفظات تشريعية "وطنية" او بنسف بعض بنوده التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية. هل واقع المرأة بظل التمييز والقمع والقتل يتمشى مع الشريعة، ومع التشريع الوطني؟؟ ألا تكتمل وطنيتنا إلا بقمع المرأة؟ ولا ندخل الجنة الا اذا كنا مميزين عن النساء؟
الواقع تغير نصاً، ولكنه نفس الواقع السائد في الدول التي لم توقع على الاتفاق.
تساهم المرأة في الدول المتقدمة بحصة تكاد تكون مساوية لحصة الرجل في جميع نواحي الحياة.. في عالمنا العربي أرى ان المرأة، حتى الأكاديمية، تخضع لقيود مستهجنة، يفرضها مجتمعها ونظامها، يقررالى مدى بعيد تحركها وحجم قيودها، حتى في المجتمع الأكثر تنوراً، على صعيد الدول العربية، نجد ان واقع المرأة لا يختلف بمجمل مضمونه، وليس سراً ان مستوى دخل المرأة من نفس العمل هو ما دون مستوى دخل الرجل. ولكن هذه الظاهرة تخفي واقعاً أشد مرارة. واقع اتساع البطالة في صفوف النساء بالمقارنة مع الرجال.
ولكن الظاهرة المقلقة حقاً تقع في مجال آخر كلياً.
دأبت تقارير الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية، على وضع اليد على واقع مذهل من التخلف في المجتمعات العربية، يطال النساء والرجال، وغني عن القول ان واقع المراة هو الواقع الأكثر سوءاً والأكثر مرارة.. خاصة في موضوعين أساسيين.
اولا البطالة التي تطال نسبة عظيمة من النساء، ومنهن جامعيات.
بالطبع وضع الرجل لا يقل سوءاً، والمعروف ان غياب تخطيط حقيقي للتنمية، وغياب أبحاث أكاديمية حول التنمية وآفاقها واحتياجات الأسواق العربية، والربط بين الاقتصاد ومعاهد الأبحاث (الغائبة) في الجامعات، يقود الى فوضى، او تنمية ارتجالية لا تتجاوب مع المتطلبات الملحة للمجتمعات العربية، ولا مع توفير أماكن عمل حسب احتياجات النمو السكاني. ان فرص خلق أعمال جديدة يسير ببطء شديد ويقود الى تعميق استغلال عمل النساء، وهذا يبرز بالأجور المتدنية جداً. وبات إيجاد مكان عمل، صدفة سعيدة تتمسك بها المراة وتصمت عن واقع إملاقها وسحقها كإنسان.
الصدفة ليست تخطيطاً. واذا وجد التخطيط نجده مشوهاً ويخدم "قططاً سمان" حسب التعبير المصري لأصحاب النعمة، المسيطرين على حصة الأسد من الإنتاج القومي لدولهم. حقاً هناك منظمات نسائية عديدة تنشط من أجل حقوق المرأة، ولكني لا أكاد ألمس نشاطها وما تثيره في طروحاتها، ويبدو ان هناك نهج تعتيم على نشاط تلك المنظمات.
تقارير البطالة في العالم العربي تتحدث عن أرقام رهيبة تصل الى 25 – 30 مليون عاطل عن العمل، ولا أعرف هل تشمل هذه الأرقام مجمل الراغبين بالعمل، ام فقط المسجلين رسمياً؟ وهل تشمل مجمل نساء الوطن العربي القادرات على العمل؟
حين نجد ان المرأة في المجتمعات الصناعية المتطورة تشكل ما يقارب نصف عدد العاملين، نجد انها في المجتمعات المتخلفة لا تشكل أكثر من 15% وربما أقل كثيرا - (وأعني بتعبير المتخلفة، التخلف الاجتماعي والصناعي والتقني والعلمي والثقافي والتعليمي وأسلوب إدارة الحكم، والتخلف بالضمانات الاجتماعية والصحية والبنى التحتية وغيرها)
ان خروج المرأة للعمل هو جزء من مساواتها وحريتها في القرار بما يتعلق بمصيرها أسوة بالرجل.
المرأة التي تفتقد للدخل لن تكون حرة ولن تصل الى المساواة حتى لو كانت تحمل عشرة شهادات دكتوراة.
ثانيا: المؤشر الأخر المرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا الواقع، هي نسبة الأمية المرتفعة جداً بين المواطنين من الجنسين، وخاصة بين النساء.
هل يتوقع أحد ان ينشأ جيل مثقف متعلم في أحضان نساء جاهلات؟
لا ليس تهجماً على المرأة، هذا الواقع ليس من مسؤوليتها. لأنها تخضع لتحكم الجاهلين حتى لو كانوا أكاديميين بتحصيلهم.
ما الذي يعطي المجتمعات العربية قوة الاستمرار، عكس التيار العالمي، من موضوع حقوق المرأة، وحقوق الإنسان بالتحديد؟
]
عدل سابقا من قبل عـائـــدون في الخميس 05 مارس 2009, 3:23 am عدل 1 مرات
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر