المصدر: عبد الباقي أحمد خلف
كانت زيارة الشرق أمنية لكثير من الشخصيات الغربية و خاصة في بدايات القرن الماضي بعد أن قطعت أوربا شوطاً في الحضارة و التكنولوجيا المادية و كان هناك نزوع نحو الشرق و رغبة جامحة في ولوج عالمه الروحي فاتجه الجل منهم نحوه و سبروا أغواره ووقفوا على أسراره سواء بقصد استكشاف تاريخه و حضارته أو بهدف الاطلاع على علومه و أديانه أو على أمل خدمة الدوائر الاستعمارية .
و لعل من أشهر تلك الشخصيات الرحال و المفكر النمساوي ليو بولد فايس الذي أمضى في الشرق زهرة شبابه و بقية سني عمره فقضى في البلاد العربية و الإسلامية ستة و أربعين عاماً قضى أكثرها في الجزيرة العربية فعاصر الملك عبد العزيز و التقى بالبطل المجاهد عمر المختار و زار القدس ووقف على وضع فلسطين من بدايات ترحيل الصهاينة إليها ووقف بنفسه على الطريقة البشعة التي شاركت فيها كثير من الدول لوضع أسس حرب إبادة و تهجير لشعب بكامله ووضع غيره بدلاً منه .
و إن ما تركه من مذكرات و شهادات ليمثل وثيقة تاريخية مهمة و شهادة غربية لمرحلة محددة في قضية تعتبر منعطفاً تاريخياً خطيراً في حياة العرب و المسلمين بل تصنف من قضايا العالم أجمع فقد مضت على هذه المسألة سنوات طويلة دون حل كما لا يلوح في الأفق أي أمل حقيقي
بداية الرحلة إلى القدس :
بداية الرحلة إلى القدس :
اتخذ ليو قراره بالرحيل فجأة حينما أرسل له خاله الطبيب المقيم في القدس رسالة يدعوه لزيارة القدس ،لم يكن الفتى الأوربي ذو الملامح الواضحة قد تخطا العقد الثالث من عمره فقد ألفى الشرق حلما له يشدّه الشوق العارم إليه فترك دراسته في الجامعة و لم يستطع إيقاف طموحه الجارف فأزمع على الانطلاق .
و بالسرعة الفائقة كعادته - كما يقول - يستعد ليستقل الباخرة نحو الجنوب باتجاه ميناء (الإسكندرية ) التاريخي الذي كانت تتجه نحوه الرحلات الأوربية منذ أن ركب الإنسان البحر.
و من الإسكندرية يعتلي القطار إلى حيث ( يافا ) مارّاً ( بغزة ) و هو يعزم زيارة ( القدس) مدينة الأديان المقدسة درّة الشرق و مجمع المقدسات السماوية ، القدس... تلك المدينة التي طالما حلُم بزيارتها بالإضافة إلى حبه الشديد لرؤية بلاد الشمس اللافحة و الصحارى المتباعدة و كثبان الرمال الرخوة و سفن الصحراء العربية ... الجِمال التي تسبح في بحار الرمال بصبر و ثبات .
(1) ضيافة لكن في القطار :
يرصد ليو حركة الناس بدقة متناهية فها هو يصف الصور الحية و يسجلها في ملاحظاته اليومية ..... فحينما يقف القطار في محطة صغيرة كان الأولاد السمر يظهرون للعيان و على أجسادهم خرق بالية ، يحملون السلال و فيها التين و البيض المسلوق و أرغفة الخبز العربي الطازج يعرضونها على المسافرين .
وينهض البدوي الذي يجلس قبالته ببطء و يحل كوفيته ثم يفتح الشباك فإذا به دقيق الوجه أسمر اللون واحد من تلك الوجوه الصحراوية التي تذكرك بالصقور حيث تتطلع دائماً إلى الأمام بتصميم وعزم .
لقد ابتاع البدوي قطعة من الكعك ( رغيف الخبز ) ثم استدار و كان على وشك الجلوس حينما وقعت عيناه على هذا الأوربي الغريب الذي يشاركه السفر فما كان منه إلا أن قسّم الكعكة ( الرغيف ) قسمين ثم قدّم إحداهما إليه قائلا : تفضل فأخذ من يده و شكره بإيماءة من رأسه ثم قال له البدوي : كلانا مسافران و طريقنا واحد .
وينهض البدوي الذي يجلس قبالته ببطء و يحل كوفيته ثم يفتح الشباك فإذا به دقيق الوجه أسمر اللون واحد من تلك الوجوه الصحراوية التي تذكرك بالصقور حيث تتطلع دائماً إلى الأمام بتصميم وعزم .
لقد ابتاع البدوي قطعة من الكعك ( رغيف الخبز ) ثم استدار و كان على وشك الجلوس حينما وقعت عيناه على هذا الأوربي الغريب الذي يشاركه السفر فما كان منه إلا أن قسّم الكعكة ( الرغيف ) قسمين ثم قدّم إحداهما إليه قائلا : تفضل فأخذ من يده و شكره بإيماءة من رأسه ثم قال له البدوي : كلانا مسافران و طريقنا واحد .
كانت هذه الصور في أول يوم من وصوله إلى بلاد العرب فحينما كان يرى البدو كان يغمره شعور داخلي بعالم لا حدود له و كان هذا الموقف البسيط مع هذا البدوي كفيلاً بأن يثير فيه حب الخلق العربي و أن يتأثر به غاية التأثر و ذلك في تصرف هذا البدوي الذي شعر على الرغم من جميع حواجز الغربة بصداقة رفيق عابر له في السفر فقاسمه الخبز حيث بدت في ذلك نفحة من الإنسانية أحس بها .
و بعد هنيهة يصل القطار غزة فتبدو غزة كقلعة قديمة تعيش حياتها آمنة مطمئنة على رابية رملية ينتشر من حولها نبات الصبار ......
و في هذه الأثناء يقوم رفيقه البدوي ليودعه بابتسامة لطيفة ثم يغادر العربة ساحباً ذيل عباءته الطويل و كان أول لقاءه بشخصين من البدو رحّبا به و طبعا قبلة على خديه ... و من ورائهما وقفت مجموعة من البدو احتراماً له مما يدل على أن له مكانة خاصة بينهم .
و في هذه الأثناء يقوم رفيقه البدوي ليودعه بابتسامة لطيفة ثم يغادر العربة ساحباً ذيل عباءته الطويل و كان أول لقاءه بشخصين من البدو رحّبا به و طبعا قبلة على خديه ... و من ورائهما وقفت مجموعة من البدو احتراماً له مما يدل على أن له مكانة خاصة بينهم .
عراقة القدس :
ويصل إلى القدس فيقيم في بيت في طرف المدينة القديمة قرب " بوابة يافا " كانت غرفة رحبة ذات سقوف عالية تستقبل الهواء بشكل كامل أما شوارع المدينة فكانت ملتوية و أزقتها منحوتة من صخر وكان جدار الأقصى يبدو جلياً في ضخامته و اتساعه و كان الأقصى على حافته و قبة الصخرة في الوسط.
أما القلعة القديمة فكانت مرتفعة جداً حيث كانت جزءاً من الاستحكامات المدينة القديمة بنيت هكذا على الطراز العربي ربما على أسس هيرودية ذات برج عريض منخفض يمتد خلاله المدخل وجسد حجري يصل الخندق القديم بالبوابة و كان الجسر المقنطر ميداناً للبدو يجلسون عليه كلما قدموا للمدينة القديمة .
أما القلعة القديمة فكانت مرتفعة جداً حيث كانت جزءاً من الاستحكامات المدينة القديمة بنيت هكذا على الطراز العربي ربما على أسس هيرودية ذات برج عريض منخفض يمتد خلاله المدخل وجسد حجري يصل الخندق القديم بالبوابة و كان الجسر المقنطر ميداناً للبدو يجلسون عليه كلما قدموا للمدينة القديمة .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر