أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947
وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني
دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين بهدف انقاذ أهلها وحمايتهم من العدوان والمذابح اليهودية, وكان دخول تلك الجيوش بناءً على قرار جامعة الدول العربية في جلستها التي عقدت في لبنان في الفترة بين 7-15 أكتوبر/1947م. وجاء نبأ القرار الذي أصدره مجلس الجامعة في 12/إبريل/1948 والذي جاء فيه أن دخول الجيوش العربية فلسطين لإنقاذها يجب أن ينظر إليه كتدبير موقت خال من كل صفة من صفات الاحتلال أو التجزئة لفلسطين وأنه بعد إتمام تحريرها تسلم إلى أصحابها ليحكموا كما يريدون( ) وعلى أن تحشد الدول العربية قطعاً من جيوشها على حدود فلسطين وأن تقدم السلاح إلى عرب فلسطين الذين يقطنون في المناطق المتاخمة لليهود وأن تخصص من أجل ذلك عشرة آلاف بندقية مع ذخائرها وتدريب الشباب في المناطق غير المتاخمة لليهود وتعبئتهم للمعركة المقبلة وإن تكون قيادة عربية تتولى هذه الأمور وأن ترصد مبلغاً من المال يوضع تحت تصرفها لا يقل عن مليون جنيه وقد تشكلت لجنة عسكرية لتحقيق هذه الأهداف وتكونت من مندوبين عن العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين ولكن مندوب الأردن تغيب ولم يشترك في نشاط اللجنة وقد اتخذت اللجنة مدينة دمشق مركزاً لها.
واختارت العميد طه الهاشمي مسئولاً عن شئون التدريب والتعبئة وقد أنشأ معسكراً لتدريب المتطوعين ومدرسة في قطنا لتخريج الضباط الفلسطينيين وكان مركز التدريب يعد الأفواج ويرسلها إلى فلسطين وقد بدأت الأفواج بدخول فلسطين منذ الأشهر الأولى لعام 1948م واحتملت سوريا القسط الأوفر من مسئولية التدريب والإعداد والتجهيز كانت الهيئة العربية العليا موافقة على قرارات مجلس الجامعة الأخير خاصة وأنها تمثل وجهة نظرها ولأنها تزودها بالمعونة المادية والمعنوية دون أن تفقدها السيطرة على توجيه المعركة في فلسطين وعلى هذا الأساس أخذت تعمل على تهيئة المنظمات وشراء الأسلحة وإدخالها إلى فلسطين ولم تلبث أن عينت عبد القادر الحسيني أحد قادة ثورة عام 1936م ورئيس أحد الأفواج التي جهزتها اللجنة العسكرية في دمشق قائداً عاماً لقوات الجهاد المقدس التي أنشأتها ثم عادت الدول العربية فغيرت موقفها وقررت في 12/إبريل/1948م أي قبل نهاية الانتداب بشهر وثلاثة أيام إدخال جيوشها النظامية إلى فلسطين( ).
كانت في فلسطين قيادتان أولاهما: قيادة الجهاد المقدس وهي تابعة للهيئة العربية العليا والثانية هي قيادة جيش الإنقاذ المؤلف من متطوعين عرب والذي كان قائده العام إسماعيل صفوت ومن أبرز قادته في فلسطين فوزي القاوقجي.
مثلت القيادة الثانية وجهة النظر العربية الرسمية ومن هنا بدأ التنافس بينها وبين القيادة الأولى ولقد حسم دخول الجيوش العربية في 15/مايو/1948 الموقف لمصلحة الحكومات العربية عندما أعلن قرار التقسيم واندلعت الثورة في فلسطين في حين لم يكن عرب فلسطين قد استعدوا مع أنهم كانوا يعلمون مدى استعداد اليهود وتآمر الدول الاستعمارية على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة معه.
انفجرت الثورة دون تنظيم ودون إعداد ونشأت لجان قومية في البلاد أخذت تجمع الأموال وتشتري الأسلحة بمقادير قليلة ولكن الوضع كان سيئاً ولا نستطيع أن نقول إنه كان هنالك نوع من الاستعداد حتى أنه لم تكن في مدينة حيفا عند إعلان قرار التقسيم وبدء الانفجار الشعبي بندقية واحدة وكان السلاح الموجود عبارة عن عدد من المسدسات والقنابل اليدوية( ) وأنشأت الهيئة العربية العليا قيادة عامة للعمليات وقسمت فلسطين إلى سبع قيادات عسكرية يتولى أمر كل منها قائد عسكري وهذه القيادات هي:
1- قيادة القدس.
2- قيادة بيت لحم.
3- قيادة رام الله.
4- قيادة المنطقة الغربية الوسطى (يافا والرملة واللد ووادي الصرار والمجدل).
5- قيادة الجنوب.
6- قيادة طولكرم–جنين.
7- قيادة المنطقة الشمالية( ).
كانت قوات المناضلين ثلاثة أصناف:
الأول: القوى المنظمة وعددها حوالي عشرة ألاف رجل تقدم لهم الهيئة العربية العليا كل عتادهم وأسلحتهم وتدفع لهم رواتب شهرية ضئيلة.
الثاني: قوى ترابط في مناطقها وتسهم الهيئة العربية العليا في تسليحها وتقدم لها بعض المعونات المالية وبلغ عدد أفراد هذه القوة خمسة وعشرين ألف رجل.
الثالث: وكان هنالك حوالي أربعين ألفاً وستمائة بندقية فقط أما الهيئة العربية العليا فقد قدمت خمسة آلاف وثلاثمائة وسبعاً وتسعين بندقية وأربعمائة وسبعة وسبعين مدفع رشاش وثلاثمائة وأربعة وستين بندقية توميو وثلاثمائة وتسعة مسدسات ومائة وأربعة وعشرين مدفعاً مضاداً للمصفحات وستة وستين مدفعاً مضاداً للدبابات وثلاثة وعشرين مدفع هاون وألفاً وستمائة وتسعة من الصناديق المتفجرة وستاً وأربعين ألف وسبعمائة وأربعون قنبلة وثلاثة آلاف وثمانمائة وسبعة وستين لغماً جاهزاً وكميات لا بأس بها من الذخيرة والتجهيزات( ).
قامت قوات الجهاد المقدس بدور في الدفاع عن فلسطين ولكنها لم تستطع حماية فلسطين من الغزو الصهيوني ويرجع ذلك إلى ما يلي:
أولاً: لم تكن القيادة السياسية في مستوى الأحداث ذلك أنها لم تستطع أن تعبئ الشعب تعبئة مناسبة وكافية لمجابهة الأخطار وكان العدو معداً ومهيأً وكانت مجابهته توجب وضع كل طاقات الشعب المادية والمعنوية في خدمة المعركة ولقد داهمهم الخطر فلم تفعل القيادة شيئاً مهماً بل اكتفت بأعمال جزئية في جميع الميادين ولقد كانت أمور القيادة السياسية منوطة بالحاج أمين الحسيني الذي كان في القاهرة ولم يستطع دخول أرض فلسطين خلال وجود الانتداب أو بعد خروجه في 15/أكتوبر/1948 ولهذا فقد انبثقت في المدن لجان وطنية كتلك التي نشأت عام 1936م وتولت أمور المقاومة كل واحدة في منطقتها وقد ساعد عدم وجود تنظيم شعبي على العفوية والارتجال والفوضى وأوجد حالة من التفكك وتبديد القوى.
ثانياً: لم تكن في فلسطين منظمات عسكرية تعمل على تدريب الشباب وتسليحهم فلقد كانت منظمة الشباب العربي حديثة العهد ولم تكن قادرة على القيام بعملية تدريب واسعة وكانت الحلقات الدفاعية التي أنشأتها الهيئة العربية العليا محدودة وحديثة وغير قادرة على تعبئة الجماهير.
بدأت اللجنة العسكرية ترسل أفواجها في أوائل عام 1948م كان الوقت متأخراً جداً كما أن الهيئة العربية العليا لم تستطع أن تنظم قوات عسكرية قبل أواخر عام 1947م كما أن امدادها لم يتناسب مع حجم المعركة ضد القوى الصهيونية العسكرية المنظمة ثم إن القيادة العسكرية لهذه القوات لم تستفد من الحماسة الشعبية المتزايدة بل اكتفت بإنشاء سراياها المنظمة ولم تعطِ القوى الشعبية الأخرى الاهتمام الذي يستحق ولم تعمل على تنظيمها وقد كان في فلسطين أكثر من ستين ألف مسلح يرابطون في قراهم ويعمل قسم منهم دون نظام وكان بالإمكان خلق قوى منظمة من هؤلاء.
فإن مدناً وقرى كانت تسقط بيد الصهيونيين وعشرات الألوف من المسلحين قابعون في قراهم لا يعرفون ماذا يفعلون وكانت المواقع الأمامية ترهق خلال صراعها من أجل دفع خطر الغزو وهنالك قوى كبيرة تطلق النار في الهواء تضامناً مع المواقع الأمامية الباسلة لقد اكتفت القيادة العسكرية بقواتها المحدودة مع أنها كانت تستطيع أن تحشد قوى هائلة تمنع سقوط أي موقع على الأقل إن لم تكن قادرة على التقدم واحتلال مواقع العدو كما أن القيادة العسكرية اكتفت بإمكانياتها المادية المحدودة لأنها رضيت بالتبرع والإحسان بدلاً من أن تسخر موارد البلاد كلها لخدمة المعركة.
ثالثاً: كانت فلسطين محاصرة حصاراً بدءً الحصار الذي فرضه الاستعمار البريطاني منذ عام 1917م ولم تستطع الهيئة العربية العليا في السنوات السابقة للنكبة أن تخترق هذا الحصار اختراقاً يسمح لها بإدخال ما تشاء من العتاد والرجال فلقد كانت تواجه بالمقاومة دائماً وكان الحصار العربي ذلك أن دول الجامعة العربية فرضت على نفسها وعلى فلسطين أن تكون وصية عليها فقررت في البدء تشكيل لجنة عسكرية ثم قررت دخول جيوشها وكانت الأردن تطمع بالحصول على جزء من فلسطين وكانت تعمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل ولقد أسهمت اللجنة العسكرية كما أسهمت جيوش الدول العربية فيما بعد في تقييد طاقات الشعب الفلسطيني وحرمانهم من الدفاع عن بلادهم.
مع وجود قيادة اللجنة العسكرية في دمشق ومع تدريبها للمقاتلين الفلسطينيين إلا أن أميل خوري يقول أنها منعت السلاح من التدفق إلى فلسطين وكدسته في مخازنها في دمشق( ) حين يكون المناضلون الفلسطينيون في أشد الحاجة إليها إن التدخل الرسمي العربي كان ضاراً بمقدار ما استقبل بترحيب في فلسطين والبلاد العربية الأخرى ذلك أنه استهدف أول ما استهدف محاصرة الشعب الفلسطيني وتعطيل قواه.
كان للحكومة الأردنية دوراً سلبياً فلم تتوان الحكومة الأردنية عن احتلال مقر قيادة الجهاد المقدس في بيرزيت وحل تنظيماتها في القسم المتبقي من فلسطين.
رابعاً: ولم يقم الفلسطينيون عامة بما كان يتوجب عليهم أن يقوموا به فلقد تحمسوا واشترى الكثير منهم الأسلحة بأسعار باهظة وكذلك لم يشترك القسم الأكبر من المقاتلين في المعارك وظلوا في أماكن إقامتهم ولم يعبئوا كل قواهم المعنوية والمادية ولم يحسنوا الدفاع عن مواقعهم في أكثر الأحيان وفقد دب الذعر فيهم وتركوا بيوتهم بدون تنظيم مع أن المعركة كانت تقتضي ألا يبرح إنسان مكانه وكان عدم وجود تنظيم جماهيري يضبط الأمور وانتظار الجماهير دخول الجيوش العربية في وقت قريب جعلهم لا يعولون على الثبات في مواقعهم ما يستحق من عناية.
وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني
دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين بهدف انقاذ أهلها وحمايتهم من العدوان والمذابح اليهودية, وكان دخول تلك الجيوش بناءً على قرار جامعة الدول العربية في جلستها التي عقدت في لبنان في الفترة بين 7-15 أكتوبر/1947م. وجاء نبأ القرار الذي أصدره مجلس الجامعة في 12/إبريل/1948 والذي جاء فيه أن دخول الجيوش العربية فلسطين لإنقاذها يجب أن ينظر إليه كتدبير موقت خال من كل صفة من صفات الاحتلال أو التجزئة لفلسطين وأنه بعد إتمام تحريرها تسلم إلى أصحابها ليحكموا كما يريدون( ) وعلى أن تحشد الدول العربية قطعاً من جيوشها على حدود فلسطين وأن تقدم السلاح إلى عرب فلسطين الذين يقطنون في المناطق المتاخمة لليهود وأن تخصص من أجل ذلك عشرة آلاف بندقية مع ذخائرها وتدريب الشباب في المناطق غير المتاخمة لليهود وتعبئتهم للمعركة المقبلة وإن تكون قيادة عربية تتولى هذه الأمور وأن ترصد مبلغاً من المال يوضع تحت تصرفها لا يقل عن مليون جنيه وقد تشكلت لجنة عسكرية لتحقيق هذه الأهداف وتكونت من مندوبين عن العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين ولكن مندوب الأردن تغيب ولم يشترك في نشاط اللجنة وقد اتخذت اللجنة مدينة دمشق مركزاً لها.
واختارت العميد طه الهاشمي مسئولاً عن شئون التدريب والتعبئة وقد أنشأ معسكراً لتدريب المتطوعين ومدرسة في قطنا لتخريج الضباط الفلسطينيين وكان مركز التدريب يعد الأفواج ويرسلها إلى فلسطين وقد بدأت الأفواج بدخول فلسطين منذ الأشهر الأولى لعام 1948م واحتملت سوريا القسط الأوفر من مسئولية التدريب والإعداد والتجهيز كانت الهيئة العربية العليا موافقة على قرارات مجلس الجامعة الأخير خاصة وأنها تمثل وجهة نظرها ولأنها تزودها بالمعونة المادية والمعنوية دون أن تفقدها السيطرة على توجيه المعركة في فلسطين وعلى هذا الأساس أخذت تعمل على تهيئة المنظمات وشراء الأسلحة وإدخالها إلى فلسطين ولم تلبث أن عينت عبد القادر الحسيني أحد قادة ثورة عام 1936م ورئيس أحد الأفواج التي جهزتها اللجنة العسكرية في دمشق قائداً عاماً لقوات الجهاد المقدس التي أنشأتها ثم عادت الدول العربية فغيرت موقفها وقررت في 12/إبريل/1948م أي قبل نهاية الانتداب بشهر وثلاثة أيام إدخال جيوشها النظامية إلى فلسطين( ).
كانت في فلسطين قيادتان أولاهما: قيادة الجهاد المقدس وهي تابعة للهيئة العربية العليا والثانية هي قيادة جيش الإنقاذ المؤلف من متطوعين عرب والذي كان قائده العام إسماعيل صفوت ومن أبرز قادته في فلسطين فوزي القاوقجي.
مثلت القيادة الثانية وجهة النظر العربية الرسمية ومن هنا بدأ التنافس بينها وبين القيادة الأولى ولقد حسم دخول الجيوش العربية في 15/مايو/1948 الموقف لمصلحة الحكومات العربية عندما أعلن قرار التقسيم واندلعت الثورة في فلسطين في حين لم يكن عرب فلسطين قد استعدوا مع أنهم كانوا يعلمون مدى استعداد اليهود وتآمر الدول الاستعمارية على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة معه.
انفجرت الثورة دون تنظيم ودون إعداد ونشأت لجان قومية في البلاد أخذت تجمع الأموال وتشتري الأسلحة بمقادير قليلة ولكن الوضع كان سيئاً ولا نستطيع أن نقول إنه كان هنالك نوع من الاستعداد حتى أنه لم تكن في مدينة حيفا عند إعلان قرار التقسيم وبدء الانفجار الشعبي بندقية واحدة وكان السلاح الموجود عبارة عن عدد من المسدسات والقنابل اليدوية( ) وأنشأت الهيئة العربية العليا قيادة عامة للعمليات وقسمت فلسطين إلى سبع قيادات عسكرية يتولى أمر كل منها قائد عسكري وهذه القيادات هي:
1- قيادة القدس.
2- قيادة بيت لحم.
3- قيادة رام الله.
4- قيادة المنطقة الغربية الوسطى (يافا والرملة واللد ووادي الصرار والمجدل).
5- قيادة الجنوب.
6- قيادة طولكرم–جنين.
7- قيادة المنطقة الشمالية( ).
كانت قوات المناضلين ثلاثة أصناف:
الأول: القوى المنظمة وعددها حوالي عشرة ألاف رجل تقدم لهم الهيئة العربية العليا كل عتادهم وأسلحتهم وتدفع لهم رواتب شهرية ضئيلة.
الثاني: قوى ترابط في مناطقها وتسهم الهيئة العربية العليا في تسليحها وتقدم لها بعض المعونات المالية وبلغ عدد أفراد هذه القوة خمسة وعشرين ألف رجل.
الثالث: وكان هنالك حوالي أربعين ألفاً وستمائة بندقية فقط أما الهيئة العربية العليا فقد قدمت خمسة آلاف وثلاثمائة وسبعاً وتسعين بندقية وأربعمائة وسبعة وسبعين مدفع رشاش وثلاثمائة وأربعة وستين بندقية توميو وثلاثمائة وتسعة مسدسات ومائة وأربعة وعشرين مدفعاً مضاداً للمصفحات وستة وستين مدفعاً مضاداً للدبابات وثلاثة وعشرين مدفع هاون وألفاً وستمائة وتسعة من الصناديق المتفجرة وستاً وأربعين ألف وسبعمائة وأربعون قنبلة وثلاثة آلاف وثمانمائة وسبعة وستين لغماً جاهزاً وكميات لا بأس بها من الذخيرة والتجهيزات( ).
قامت قوات الجهاد المقدس بدور في الدفاع عن فلسطين ولكنها لم تستطع حماية فلسطين من الغزو الصهيوني ويرجع ذلك إلى ما يلي:
أولاً: لم تكن القيادة السياسية في مستوى الأحداث ذلك أنها لم تستطع أن تعبئ الشعب تعبئة مناسبة وكافية لمجابهة الأخطار وكان العدو معداً ومهيأً وكانت مجابهته توجب وضع كل طاقات الشعب المادية والمعنوية في خدمة المعركة ولقد داهمهم الخطر فلم تفعل القيادة شيئاً مهماً بل اكتفت بأعمال جزئية في جميع الميادين ولقد كانت أمور القيادة السياسية منوطة بالحاج أمين الحسيني الذي كان في القاهرة ولم يستطع دخول أرض فلسطين خلال وجود الانتداب أو بعد خروجه في 15/أكتوبر/1948 ولهذا فقد انبثقت في المدن لجان وطنية كتلك التي نشأت عام 1936م وتولت أمور المقاومة كل واحدة في منطقتها وقد ساعد عدم وجود تنظيم شعبي على العفوية والارتجال والفوضى وأوجد حالة من التفكك وتبديد القوى.
ثانياً: لم تكن في فلسطين منظمات عسكرية تعمل على تدريب الشباب وتسليحهم فلقد كانت منظمة الشباب العربي حديثة العهد ولم تكن قادرة على القيام بعملية تدريب واسعة وكانت الحلقات الدفاعية التي أنشأتها الهيئة العربية العليا محدودة وحديثة وغير قادرة على تعبئة الجماهير.
بدأت اللجنة العسكرية ترسل أفواجها في أوائل عام 1948م كان الوقت متأخراً جداً كما أن الهيئة العربية العليا لم تستطع أن تنظم قوات عسكرية قبل أواخر عام 1947م كما أن امدادها لم يتناسب مع حجم المعركة ضد القوى الصهيونية العسكرية المنظمة ثم إن القيادة العسكرية لهذه القوات لم تستفد من الحماسة الشعبية المتزايدة بل اكتفت بإنشاء سراياها المنظمة ولم تعطِ القوى الشعبية الأخرى الاهتمام الذي يستحق ولم تعمل على تنظيمها وقد كان في فلسطين أكثر من ستين ألف مسلح يرابطون في قراهم ويعمل قسم منهم دون نظام وكان بالإمكان خلق قوى منظمة من هؤلاء.
فإن مدناً وقرى كانت تسقط بيد الصهيونيين وعشرات الألوف من المسلحين قابعون في قراهم لا يعرفون ماذا يفعلون وكانت المواقع الأمامية ترهق خلال صراعها من أجل دفع خطر الغزو وهنالك قوى كبيرة تطلق النار في الهواء تضامناً مع المواقع الأمامية الباسلة لقد اكتفت القيادة العسكرية بقواتها المحدودة مع أنها كانت تستطيع أن تحشد قوى هائلة تمنع سقوط أي موقع على الأقل إن لم تكن قادرة على التقدم واحتلال مواقع العدو كما أن القيادة العسكرية اكتفت بإمكانياتها المادية المحدودة لأنها رضيت بالتبرع والإحسان بدلاً من أن تسخر موارد البلاد كلها لخدمة المعركة.
ثالثاً: كانت فلسطين محاصرة حصاراً بدءً الحصار الذي فرضه الاستعمار البريطاني منذ عام 1917م ولم تستطع الهيئة العربية العليا في السنوات السابقة للنكبة أن تخترق هذا الحصار اختراقاً يسمح لها بإدخال ما تشاء من العتاد والرجال فلقد كانت تواجه بالمقاومة دائماً وكان الحصار العربي ذلك أن دول الجامعة العربية فرضت على نفسها وعلى فلسطين أن تكون وصية عليها فقررت في البدء تشكيل لجنة عسكرية ثم قررت دخول جيوشها وكانت الأردن تطمع بالحصول على جزء من فلسطين وكانت تعمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل ولقد أسهمت اللجنة العسكرية كما أسهمت جيوش الدول العربية فيما بعد في تقييد طاقات الشعب الفلسطيني وحرمانهم من الدفاع عن بلادهم.
مع وجود قيادة اللجنة العسكرية في دمشق ومع تدريبها للمقاتلين الفلسطينيين إلا أن أميل خوري يقول أنها منعت السلاح من التدفق إلى فلسطين وكدسته في مخازنها في دمشق( ) حين يكون المناضلون الفلسطينيون في أشد الحاجة إليها إن التدخل الرسمي العربي كان ضاراً بمقدار ما استقبل بترحيب في فلسطين والبلاد العربية الأخرى ذلك أنه استهدف أول ما استهدف محاصرة الشعب الفلسطيني وتعطيل قواه.
كان للحكومة الأردنية دوراً سلبياً فلم تتوان الحكومة الأردنية عن احتلال مقر قيادة الجهاد المقدس في بيرزيت وحل تنظيماتها في القسم المتبقي من فلسطين.
رابعاً: ولم يقم الفلسطينيون عامة بما كان يتوجب عليهم أن يقوموا به فلقد تحمسوا واشترى الكثير منهم الأسلحة بأسعار باهظة وكذلك لم يشترك القسم الأكبر من المقاتلين في المعارك وظلوا في أماكن إقامتهم ولم يعبئوا كل قواهم المعنوية والمادية ولم يحسنوا الدفاع عن مواقعهم في أكثر الأحيان وفقد دب الذعر فيهم وتركوا بيوتهم بدون تنظيم مع أن المعركة كانت تقتضي ألا يبرح إنسان مكانه وكان عدم وجود تنظيم جماهيري يضبط الأمور وانتظار الجماهير دخول الجيوش العربية في وقت قريب جعلهم لا يعولون على الثبات في مواقعهم ما يستحق من عناية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر