يعيش عالمنا العربي في دوامة جديدة بسبب ظهور (الديمقراطية) ـ مع التحفظ على معناها ـ كمطلب عالمي أثارته قوى الهيمنة العسكرية والاقتصادية في العالم ممثلة ببلد العم سام، الذي أطيح بسببها ببعض الأنظمة العربية بصورة مباشرة كما حصل في احتلال العراق او بصورة غير مباشرة من خلال إعلان شروط الطاعة والانصياع لمفاهيمها الغربية ومحاولة التشبه بها، لكون من لم يكن ديمقراطيا أكثر من ديمقراطية العم سام، فهو في محل شك وخطر على الأمن العالمي، لذلك شهد عالمنا صيحة جديدة في هذا الإطار على غرار ما يحصل في عالم الأزياء عندما تظهر موضة جديدة او تقليعة ما.
ان الديمقراطية هي ثقافة وأسلوب حياة وليست مجرد شعارات واليات عمل شكلية، وهذه الثقافة تعنى بمجمل تفاصيل الحياة من المفردات اليومية البسيطة وحتى أكثرها تعقيدا كالعملية السياسية وتداول السلطات وتطبيق القوانين، وعندما نقول بأن الديمقراطية ثقافة فبذلك تعني لغة حوار وتعامل تؤمن بالحوار كحق ومبدأ وبآداب هذا الحوار وضرورة الالتزام والتشبه بهذه الآداب، وتقوم أيضا على مبدأ عرض الأفكار والآراء بدلا من فرضها، كما تتضمن جملة قوانين تؤكد على تطبيق العدالة وتحقيق المساواة في إخضاع الجميع لهذه القوانين، كما تضم هذه الثقافة مجموعة من القيم والمعايير المتعلقة بحقوق وحريات الإنسان لتحدد المفاهيم العليا والأهداف التي ينبغي الوصول إليها او تحقيقها والتمسك بها، والتي تحدد بذات الوقت آليات العمل المطلوبة لذلك أي التي تتوافق مع هذه المبادئ الأخلاقية، لان الديمقراطية هي منظومة أخلاقية قبل كل شيء.
وبهذا المعنى فان تحقيق الديمقراطية ونشرها لا يكون من خلال إصدار القوانين والتشريعات ـ حتى وان كانت عادلة ـ بل من خلال إشاعة روح الديمقراطية وتنمية أفكارها وغرسها في نفوس الأفراد، وهذا يعني ان الثقافة الديمقراطية تنقل إلى أفراد المجتمع عن طريق التنشئة والتربية مثلما تنقل اللغة او العادات والتقاليد في مفهوم الثقافة المعتاد، لان إصدار القوانين او بناء المؤسسات او توزيع المناصب لا يكفي لتحقيق الديمقراطية من دون اعتناق واعتقاد وإيمان الأفراد بهذه الثقافة وممارستها بشكل فعلي على ارض الواقع. وعندما نقول بان الديمقراطية هي أسلوب حياة فهذا يعني ممارستها في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة والمستويات ابتدءا من الأسرة والشارع والمدرسة وصولا إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها العليا القضائية والتشريعية والتنفيذية. لان من لا يؤمن ويعي معنى الديمقراطية في حياته اليومية البسيطة، داخل أسرته في تعامله مع زوجته وأبنائه، ومع جاره وزميل دراسته وعمله، ومن لم ينل حظاً من هذه الثقافة وترعرع على قيمها، من الصعب عليه تطبيقها فعليا في أي مجال من مجالات الحياة. لان (فاقد الشيء لا يعطيه).
ولا نعني بذلك التشبه بديمقراطية الغرب وإنما التمتع بعقل مرن متفتح للحياة يؤمن بمفاهيم الحريات والعدالة والمساواة والحقوق بما يتلاءم وثقافتنا العربية الأصيلة.
هذا التقديم يلفت أذهاننا إلى أنفسنا وطريقة حياتنا ويجعلنا نتساءل، هل دعاة الديمقراطية اليوم في عالمنا العربي من 'سياسيين' و'إعلاميين' ـ مع التحفظ على أدوارهم وانتمائهم الحقيقي لهذه المجالات ـ وخاصة من جاء او ظهر مع النماذج المستوردة ـ كرهاً ـ من الخارج وبشكل مفاجئ وسريع على طريقة الفاست فود fast Food الأمريكية !!! هم ديمقراطيون حقيقةً، فكرا وقولا وفعلا؟ ام مجرد واجهات وهم رافعو شعارات انساقوا وراء الديمقراطية خوفا او لمصلحةً شخصية او فئوية ضيقة او حتى خارجية.
لان الديمقراطية كمفهوم من المفترض ان يقترن بأوضاع تدلل او تعبر عن هذه الديمقراطية كتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية على حد سواء، وما يرتبط بهذه العدالة من حريات ـ على مختلف أشكالها ومسمياتها ـ ومن انخفاض نسبة التهميش والإقصاء السياسي والاجتماعي وانخفاض نسبة الفقر والبطالة وتناقص أعمال العنف والإرهاب وتدني مستويات الفساد وقلة أعداد السجون والمسجونين وغيرها من القضايا التي تحقق حياة طبيعية على المستوى الإنساني والاجتماعي للفرد.
ان العدالة السياسية والاجتماعية في عوالم دعاة وممثلي الديمقراطية الجدد، واضح واقعها بتمثل غلبة الانحياز والتعصب القبلي والطائفي والعرقي والحزبي وتداعياته على الحياة اليومية للمواطن البسيط وما يعانيه من جراء ذلك.
وبصورة بسيطة نتساءل: أين هؤلاء وما هي أدوارهم من ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي؟ من اغتصاب لحقوق أهلنا في فلسطين، وفي العراق الجريح المسلوب الإرادة والحرية والأمان باعتباره النموذج الأول لمشروع الديمقراطية الأمريكية، وتقسيم السودان وشبه ضياع الصومال... ومن التدخلات الإقليمية وسياسة فرض الهيمنة وتحقيق المصالح... والقائمة تطول، وهل هم يلعبون دورا ديمقراطيا حقيقيا ام هم دعاة وممثلي ديمقراطيات لا تمت بصلة لواقعنا العربي يعملون وبشكل فعال على تسويغ مشاريع الانتهاك والإذلال والتبعية والخضوع باعتبارهم جزءا من هذه المشاريع او واجهات لها؟
وفي خلاصة القول نرى إننا بحاجة إلى بناء فكر وثقافة ديمقراطية محلية وليس إلى استيراد مشاريع ديمقراطية من الخارج، فكراً يؤمن بالمفاهيم الإنسانية ويعمل ويتعامل بها ومن خلالها، بما يحقق العدالة الإنسانية، نحن بحاجة إلى بناة لهذا الفكر من أبناء عروبتنا وأهلنا، لان مشكلتنا ليست بأفكار الديمقراطية وإنما في الفكرغير الديمقراطي الذي لا يؤمن بمفاهيم وقيم الحياة والثقافة الديمقراطية وجاء ليمثل هذه الثقافة بشكل ظاهري ودخيل على مستوى وسائل الإعلام والخطاب السياسي ليس أكثر من متخذ من الواجهة الغربية منطلقا وملاذا له.
ان الديمقراطية هي ثقافة وأسلوب حياة وليست مجرد شعارات واليات عمل شكلية، وهذه الثقافة تعنى بمجمل تفاصيل الحياة من المفردات اليومية البسيطة وحتى أكثرها تعقيدا كالعملية السياسية وتداول السلطات وتطبيق القوانين، وعندما نقول بأن الديمقراطية ثقافة فبذلك تعني لغة حوار وتعامل تؤمن بالحوار كحق ومبدأ وبآداب هذا الحوار وضرورة الالتزام والتشبه بهذه الآداب، وتقوم أيضا على مبدأ عرض الأفكار والآراء بدلا من فرضها، كما تتضمن جملة قوانين تؤكد على تطبيق العدالة وتحقيق المساواة في إخضاع الجميع لهذه القوانين، كما تضم هذه الثقافة مجموعة من القيم والمعايير المتعلقة بحقوق وحريات الإنسان لتحدد المفاهيم العليا والأهداف التي ينبغي الوصول إليها او تحقيقها والتمسك بها، والتي تحدد بذات الوقت آليات العمل المطلوبة لذلك أي التي تتوافق مع هذه المبادئ الأخلاقية، لان الديمقراطية هي منظومة أخلاقية قبل كل شيء.
وبهذا المعنى فان تحقيق الديمقراطية ونشرها لا يكون من خلال إصدار القوانين والتشريعات ـ حتى وان كانت عادلة ـ بل من خلال إشاعة روح الديمقراطية وتنمية أفكارها وغرسها في نفوس الأفراد، وهذا يعني ان الثقافة الديمقراطية تنقل إلى أفراد المجتمع عن طريق التنشئة والتربية مثلما تنقل اللغة او العادات والتقاليد في مفهوم الثقافة المعتاد، لان إصدار القوانين او بناء المؤسسات او توزيع المناصب لا يكفي لتحقيق الديمقراطية من دون اعتناق واعتقاد وإيمان الأفراد بهذه الثقافة وممارستها بشكل فعلي على ارض الواقع. وعندما نقول بان الديمقراطية هي أسلوب حياة فهذا يعني ممارستها في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة والمستويات ابتدءا من الأسرة والشارع والمدرسة وصولا إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها العليا القضائية والتشريعية والتنفيذية. لان من لا يؤمن ويعي معنى الديمقراطية في حياته اليومية البسيطة، داخل أسرته في تعامله مع زوجته وأبنائه، ومع جاره وزميل دراسته وعمله، ومن لم ينل حظاً من هذه الثقافة وترعرع على قيمها، من الصعب عليه تطبيقها فعليا في أي مجال من مجالات الحياة. لان (فاقد الشيء لا يعطيه).
ولا نعني بذلك التشبه بديمقراطية الغرب وإنما التمتع بعقل مرن متفتح للحياة يؤمن بمفاهيم الحريات والعدالة والمساواة والحقوق بما يتلاءم وثقافتنا العربية الأصيلة.
هذا التقديم يلفت أذهاننا إلى أنفسنا وطريقة حياتنا ويجعلنا نتساءل، هل دعاة الديمقراطية اليوم في عالمنا العربي من 'سياسيين' و'إعلاميين' ـ مع التحفظ على أدوارهم وانتمائهم الحقيقي لهذه المجالات ـ وخاصة من جاء او ظهر مع النماذج المستوردة ـ كرهاً ـ من الخارج وبشكل مفاجئ وسريع على طريقة الفاست فود fast Food الأمريكية !!! هم ديمقراطيون حقيقةً، فكرا وقولا وفعلا؟ ام مجرد واجهات وهم رافعو شعارات انساقوا وراء الديمقراطية خوفا او لمصلحةً شخصية او فئوية ضيقة او حتى خارجية.
لان الديمقراطية كمفهوم من المفترض ان يقترن بأوضاع تدلل او تعبر عن هذه الديمقراطية كتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية على حد سواء، وما يرتبط بهذه العدالة من حريات ـ على مختلف أشكالها ومسمياتها ـ ومن انخفاض نسبة التهميش والإقصاء السياسي والاجتماعي وانخفاض نسبة الفقر والبطالة وتناقص أعمال العنف والإرهاب وتدني مستويات الفساد وقلة أعداد السجون والمسجونين وغيرها من القضايا التي تحقق حياة طبيعية على المستوى الإنساني والاجتماعي للفرد.
ان العدالة السياسية والاجتماعية في عوالم دعاة وممثلي الديمقراطية الجدد، واضح واقعها بتمثل غلبة الانحياز والتعصب القبلي والطائفي والعرقي والحزبي وتداعياته على الحياة اليومية للمواطن البسيط وما يعانيه من جراء ذلك.
وبصورة بسيطة نتساءل: أين هؤلاء وما هي أدوارهم من ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي؟ من اغتصاب لحقوق أهلنا في فلسطين، وفي العراق الجريح المسلوب الإرادة والحرية والأمان باعتباره النموذج الأول لمشروع الديمقراطية الأمريكية، وتقسيم السودان وشبه ضياع الصومال... ومن التدخلات الإقليمية وسياسة فرض الهيمنة وتحقيق المصالح... والقائمة تطول، وهل هم يلعبون دورا ديمقراطيا حقيقيا ام هم دعاة وممثلي ديمقراطيات لا تمت بصلة لواقعنا العربي يعملون وبشكل فعال على تسويغ مشاريع الانتهاك والإذلال والتبعية والخضوع باعتبارهم جزءا من هذه المشاريع او واجهات لها؟
وفي خلاصة القول نرى إننا بحاجة إلى بناء فكر وثقافة ديمقراطية محلية وليس إلى استيراد مشاريع ديمقراطية من الخارج، فكراً يؤمن بالمفاهيم الإنسانية ويعمل ويتعامل بها ومن خلالها، بما يحقق العدالة الإنسانية، نحن بحاجة إلى بناة لهذا الفكر من أبناء عروبتنا وأهلنا، لان مشكلتنا ليست بأفكار الديمقراطية وإنما في الفكرغير الديمقراطي الذي لا يؤمن بمفاهيم وقيم الحياة والثقافة الديمقراطية وجاء ليمثل هذه الثقافة بشكل ظاهري ودخيل على مستوى وسائل الإعلام والخطاب السياسي ليس أكثر من متخذ من الواجهة الغربية منطلقا وملاذا له.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر