إعتداءات رصدت داخل العائلة نفسها، وخارجها، دونت كلها تحت إطار "جرائم جنسية ضد قُصّر". وأطفال شاهدوا آباءهم في أوضاع معاشرة جنسية مع أمهاتهم، فلجأوا إلى تطبيق ما شاهدوه على أخواتهم وأحيانا إخوانهم الاصغر منهم سنا". قصص تتطور لتخرج من إطار العائلات الفقيرة داخل الغرفة الواحدة لتصل إلى قصور الأغنياء "وفللهم"، وآباء أجبروا زوجاتهم على مشاهدة عمليات اغتصاب بناتهم القاصرات. هذه روايات من الواقع سجلها الصحفي رومل السويطي من رام الله.
أطباء ومهندسون، أساتذة جامعات ومعلمو مدارس، محامون ومهندسون، متعلمون وأميون، أغنياء وفقراء، كلها شرائح مجتمعية مختلفة تورط أفراد منها في جرائم لا زال البحث فيها يشبه العمل في حقل ألغام. وثمة معلومات رُصدت تكاد تستعصي على التصديق، ونتائج أظهرها التحقيق الصحافي خلصت إلى أن "الاعتداءات الجنسية على الأطفال في الضفة الغربية" أصبحت بمثابة الظاهرة تدق ناقوس خطر لم يحسم حتى المختصون عواقبه المستقبلية.
في كل يوم هناك فلسطينيون يسمعون عبر وسائل إعلامهم اليومية جرائم قتل وعمليات توقيف تقوم بها أجهزة الأمن الفلسطينية وفي مقدمتها جهاز الشرطة الفلسطينية للعديد من المواطنين من مختلف شرائح المجتمع، دون أن يعلم عامة الناس أن بعض هذه الجرائم وما يرافقها من إجراءات أمنية تكون على خلفيات أخلاقية، ومن أخطرها "الاعتداءات الجنسية على الأطفال". ولا يختلف اثنان، أن الشعب الفلسطيني ليس من كوكب آخر، وأفراده رغم حجم التضحيات التي قدمها حتى وصفها الكتّاب والشعراء بأنها تضحيات تصل الى حد "الأسطورة"، إلا أنهم في نهاية المطاف بشرا وليسوا من جنس الملائكة.
واذا ما تحدثت مع غالبية الفلسطينيين لتقول لهم بأن هناك آباء يعتدون على أطفالهم جنسيا وأشقاء وأعمام وأخوال يقومون بذات الجريمة، فإن غالبية هؤلاء سيكون ردهم بعبارة واحدة: "هذا مستحيل.. لا يمكن أن يكون ذلك في مجتمعنا المحافظ". لذلك كله تطرق إيلاف "خزّان" هذا الملف.
طبيب ومغتصب..!
المستشارة القانونية في محافظة نابلس بالضفة الغربية لينا عبد الهادي كانت أول من تحدثت اليها "إيلاف"، وقد رحبت بفكرة اعداد تحقيق حول هذا الملف الساخن، لتبدأ معها رحلة الكشف عن هول هذه الجرائم التي يتعرض لها الاطفال، دون أن تنسى انتقاد القانون المطبق والذي يسهّل في بعض الأحيان هذه الاعتداءات. وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية الأردني للعام 1976 المعمول به في الاراضي الفلسطينية يعتبر عمر البنت القانوني هو 15 عاما، وبالتالي فإن القضاة يعتبرون الاعتداء الجنسي على من هي فوق الـ15 عام "زنا رضائي"، وتقول بأن هذا القانون يخلط تعريف "الاعتداء الجنسي على الأطفال" وبالتالي يزيد من صعوبة الحد من تفاقم هذا النوع من الجرائم.
وتبين عبد الهادي بأن حجم القضايا التي تصل اليها وتسمع بها، خاصة خلال العامين الماضيين، تشير بوضوح الى أن هذه الاعتداءات الوحشية وصلت الى حد "الظاهرة"، مما يفرض على جميع الجهات ذات العلاقة الاهتمام بالموضوع ووضعه على سلم الأولويات فورا. وتوضح بأن غالبية اعتداءات الاقارب على أطفالهم جنسيا في المناطق الفلسطينية قبل حوالي سبع سنوات كان يقتصر على الطبقات الفقيرة وخاصة العائلات التي يسكن أفرادها في غرفة واحدة، حيث يتمكن الأبناء من مشاهدة آبائهم في حالة المعاشرة الزوجية، مما يؤدي الى قيامهم بالاعتداء على شقيقاتهم أو قريباتهم، وتضيف بأن الوضع خلال العامين السابقين وحتى الآن تطور الى الأسوأ، حيث شمل جميع الطبقات.
وتعرب عبد الهادي عن أسفها وألمها لأن انتشار الظاهرة وصل الى أصحاب الشهادات العليا، مؤكدة بأن من بين المعتدين، كان أطباء ومهندسون ومحامون ومعلمو مدارس وأساتذة جامعات، وتقول: "صحيح أن النسبة قليلة لكن طبيعة المجتمع الفلسطيني وظروف الاحتلال، لا تحتمل مجرد وجود ولو حالة واحدة"، وتبين عبد الهادي أن هذا التفشي الخطير حصل خلال العامين الماضيين، موضحة بأن جميع المسؤولين شعروا بالصدمة حين علموا بأن مثل هذه الاعتداءات وصلت الى بعض أصحاب الشهادات رغم قلتهم.
زوجة تشاهد عملية اغتصاب إبنتها
نماذج الاعتداءات كثيرة، وقد اخترنا واحدا منها للتدليل على خطورة ما يحصل داخل البيوت دون أن يعلم أحد، ومن بين هذه النماذج التي ذكرتها لينا عبد الهادي، قيام أحد الآباء باغتصاب ابنته منذ أن كان عمرها 11 عاما وعلى مدار عامين كاملين، وقالت بأن ذلك الأب كان يجلس ابنته على كرسي ثم يقيد ساقيها قبل أن يغتصبها، موضحة بأن ما زاد الأمر سوء في ذلك النموذج بأنه كان يرغم زوجته على رؤية مشهد جريمته البشعة. وتوضح بأن الزوجة وبعد أن استجمعت قواها توجهت اليها وتحدثت عن مصيبتها، مؤكدة بأن مسؤولا فلسطينيا كبيرا حين سمع رواية الطفلة قام بضرب رأسه بنافذة زجاجية من شدة الغضب، وحين سألنا عن مصير ذلك الزوج، قالت عبد الهادي بأن "القانون" حكم عليه بالسجن مدة عام واحد، وبعد خروجه من السجن عاد لتكرار جريمته مع بنت أخرى من بناته، لكن في هذه المرة قامت زوجته بقتله.
أحد الجناة يعترف: مواقع النت الاباحية هي السبب..!
بعد جهد جهيد، تمكنت "إيلاف" من الحديث مع أحد الجناة الذين وقعوا في جريمة الاعتداء على شقيقته قبل حوالي ثلاث سنوات، بعد اقناعه والتعهد له بعدم كشف هويته. ويقول "م.م" 22 عاما من احدى مدن شمال الضفة الغربية، بأنه ومنذ أن واقع شقيقته التي لا يبلغ عمرها 16 عاما، لا يعرف طعما للنوم مطلقا، مؤكدا بأنه فكّر بالانتحار عدة مرات. ويشير الى أن بداية مأساته بدأت مع تصفحه لموقع منتديات عربي اباحي يقدم افلاما جنسية حقيقية، وأخطر ما فيها زاوية تحت عنوان "محارم". ويوضح بأنه شاهد عددا كبيرا من الأفلام الحقيقية لآباء وأبناء يعاشرون قريباتهم معاشرة الأزواج، معربا عن اعتقاده بأن مشاهدته لهذه الأفلام كان لها التأثير الأكبر للجريمة التي اقترفها بحق شقيقته، ويقسم "م.م" بالله العظيم أنه لم يعرف كيف وجد نفسه ينقض على شقيقته ويغتصبها في غياب افراد الاسرة عن البيت، مؤكدا بأنه اغتصبها بينما كانت تنظر بدهشة واستغراب اليه وهو يقول لها عبارة واحدة: "خلينا نتسلى"، ويضيف بأنه وبعد أنهى جريمته بدأ بالبكاء والنحيب أكثر من نصف ساعة، وبعد ذلك توجه الى المطبخ وحاول طعن نفسه، لكنه شعر بالخوق وعدل عن قراره. وكانت الكارثة بعد تسعة شهور، حين حملت شقيقته ووضعت جنينها لتقوم الشرطة بالقبض عليه ووضع شقيقته في مكان آمن، وما يزال الخطر يتهدد حياته وحياة شقيقته. ويناشد هذا الجاني الجهات المختصة بضرورة ايجاد حل جذري لمواقع النت التي تعرض الافلام الاباحية، كما يناشد الآباء والامهات أن يتنبهوا لابنائهم، ويضيف بأن "الشيطان شاطر" ويمكن لاي "أب" أو "أخ" أن يقع في هذه الجريمة، معربا عن اعتقاده بأن التمسك الحقيقي بالدين والالتزام بالصلاة خاصة في المساجد هو أهم عامل مؤثر في الابتعاد عن هذه الجريمة.
المتهمون هما الوالدان والقانون..!!
وتعود المستشارة القانونية لينا عبد الهادي لتؤكد أنه وبعد التحري والمتابعة وافادات الضحايا والجناة تبين لها أن هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي الى هذه الجريمة وأسباب أخرى تساعد على تفشيها أو عدم الحد منها.
وبحسب عبد الهادي فإن الأب والأم هما المقصران الرئيسيان في هذا الملف، موضحة بأن جميع التحريات أثبتت بأن عدم اكتراث بعض الاباء بابنائهم يؤدي الى وقوعهم في براثن ذئاب بشرية من العائلة سواء من الاشقاء أو الأعمام أو الأخوال، وأضافت بأن 80% من الأمهات اللواتي يتعرض أطفالها لاعتداءات جنسية من الآباء او الأشقاء يعلمن بذلك، لكنهن يفضلن الصمت خشية من الطلاق والفضيحة وتشتت العائلة.
وتعرب عبد الهادي عن اعتقادها بأنه وبموازاة تقصير الأسرة تماما، هناك تقصير من جانب قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات "الأردنيان" المعمول بهما في المناطق الفلسطينية، موضحة بأنهما باتا دون المستوى المطلوب الذي يحمي الأطفال والزوجات من الاعتداءات الجنسية والآثار المترتبة عليها، وقالت بأن الجمعيات ذات العلاقة لا تملك حق رفع شكوى على الأب المعتدي لان القانون لا يعطيها هذا الحق، كما أن هذه الجمعيات والاخصائيين الاجتماعيين التابعين لها غير محميين قانونيا، الى جانب أن الامهات اللواتي يرغبن برفع شكوى ضد أزواجهن المعتدين غير محميات من "الطلاق"، وأوضحت بأنها لا تستطيع في كثير من الأحيان استدعاء الأزواج المعتدين لان الزوجات يخشين من "الطلاق"، وقالت: "يجب أن يكون الطلاق حق جماعي للزوج والزوجة في آن واحد"، حتى يتم حماية الزوجة من الطلاق التعسفي.
إرتفاع كبير..
بحسب ما تبين لـ"إيلاف" من خلال المختصين ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في قضايا الطفولة، فإن ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الاطفال في ارتفاع واضح وفق الاحصاءات التي ترد الى مؤسسات المجتمع المدني العاملة في قضايا الطفولة، كما تبين بأن الخدمة التي تقدمها مراكز الدفاع الاجتماعي القانوني في محافظات الضفة وخاصة نابلس، الخليل، ومحافظة بيت لحم تصلها شهريا 40% من الحالات اساءات جنسية بمستويات مختلفة معظمها داخل اطار العائلة، الى جانب أن الابحاث والدراسات الاجتماعية والنفسية والتي تشير وتؤكد الى الاثار المستقبلية للاعتداءات الجنسية على الاطفال وقد تكون اشد انواع الاساءات.
إعتداءات مع سبق الإصرار
وبحسب الأخصائية الاجتماعية والنفسية في برنامج حماية الأطفال في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال رنا كلبونة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، فإن الاعتداء الجنسي على الطفل هو عمل مقصود مع سبق الترصد باستخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق. ويشمل الاعتداء تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي والتلصص على طفل، وإزالة الملابس والثياب عن الطفل وكشف الأعضاء التناسلية، وتعريضه لصور فاضحة، أو أفلام، وأعمال مشينة غير أخلاقية كإجباره على التلفظ بألفاظ فاضحة، والتحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو ملاطفة جسدية خاصة او حمله على ملامسة المتحرش جنسيا. وتعرض الطفل للاعتداء الجنسي المباشر رغما عن ارادته من قبل راشد، أو سفاح الأقارب وهو قيام أحد الأبوين أو أحد الأقارب بعمل علاقة جنسية مع الطفل، وكذلك محترمء الأطفال وهو الاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية.
المجلس التشريعي في قفص الاتهام..!!
وأوضحت المحامية سوسن صلاحات من برنامج حماية الأطفال في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بالضفة الغربية، أوضحت بأن المجلس التشريعي الفلسطيني "لم يجرؤ" على سنّ قانون عقوبات رادع يتناسب مع حجم ونوعية الاعتداءات من هذا النوع. وأعربت عن اعتقادها بأن السبب في ذلك هو أن قانون العقوبات مرتبطا بحياة الافراد بشكل مباشر، وبالتالي فان كافة النصوص المرتبطة به خضعت لتجاذبات "الدين والعلمانية" رغم مجموعات الضغط التي شكلتها مؤسسات المجتمع المدني والأطر النسوية. وشددت على أهمية وجود رزمة قوانين متكاملة توفر الحماية للاطفال وخاصة قانون عقوبات فلسطيني وآخر للأحوال الشخصية يعدّل الجوانب المرتبطة بموضوع "الطّلاق" حتى يكون حقّا جماعيا للزوج والزوجة، الى جانب قانون ضمان اجتماعي للأسرة التي تفقد معيلها الذي اعتدى على أحد أطفاله جنسيا، وضربت على ذلك مثلا: أحد المواطنين من احدى المناطق بالضفة الغربية اعتدى على ابنته وتم توقيفه حوالي عام ونصف، ولاعتبارات معينة، اضطرت الزوجة لاسقاط الشكوى عنه فأطلق سراحه، وكانت النتيجة أن الزوج هجر أسرته وتركها دون نفقة، لتعيش الزوجة وأطفالها دون معيل ولتبدأ الزوجة في البحث عن العمل داخل البيوت، فيما بدأت السلوكيات "المشينة" تظهر على بعض بناتها رغم صغر أعمارهن، وبضمنهن البنت التي اعتدى والدها عليها.
في اقسام الشرطة تكتمل معاناة الأطفال المعتدى عليهم..!!
الأخصائية الاجتماعية والنفسية رنا كلبونة أعربت عن اعتقادها في سياق حديثها مع "إيلاف" بأن بداية المأساة مع الأطفال المعتدى عليهم تكون من بيئتهم الفقيرة أو أسرهم المتفككة اجتماعيا أو كلاهما، الى جانب "الجهل"، وأوضحت بأن غالبية الأطفال المعتدى عليهم تبين بأن عائلاتهم تعاني من اشكاليات تتراوح ما بين تفكك اسري وعنف داخلي وعلاقات والديه غير مترابطة.
وتقول بأن الطفل المعتدى عليه يتعرض للأذى النفسي حتى في ردهات اقسام الشرطة حين يكون مع أحد والديه أو كلاهما لرفع شكوى على من اعتدى عليه سواء من أحد أقاربه أو جيرانه أو اي شخص، موضحة بان دخول الطفل الى ردهات الشرطة يشكل صدمة توازي في بعض الأحيان صدمة الاعتداء.
أطباء ومهندسون، أساتذة جامعات ومعلمو مدارس، محامون ومهندسون، متعلمون وأميون، أغنياء وفقراء، كلها شرائح مجتمعية مختلفة تورط أفراد منها في جرائم لا زال البحث فيها يشبه العمل في حقل ألغام. وثمة معلومات رُصدت تكاد تستعصي على التصديق، ونتائج أظهرها التحقيق الصحافي خلصت إلى أن "الاعتداءات الجنسية على الأطفال في الضفة الغربية" أصبحت بمثابة الظاهرة تدق ناقوس خطر لم يحسم حتى المختصون عواقبه المستقبلية.
في كل يوم هناك فلسطينيون يسمعون عبر وسائل إعلامهم اليومية جرائم قتل وعمليات توقيف تقوم بها أجهزة الأمن الفلسطينية وفي مقدمتها جهاز الشرطة الفلسطينية للعديد من المواطنين من مختلف شرائح المجتمع، دون أن يعلم عامة الناس أن بعض هذه الجرائم وما يرافقها من إجراءات أمنية تكون على خلفيات أخلاقية، ومن أخطرها "الاعتداءات الجنسية على الأطفال". ولا يختلف اثنان، أن الشعب الفلسطيني ليس من كوكب آخر، وأفراده رغم حجم التضحيات التي قدمها حتى وصفها الكتّاب والشعراء بأنها تضحيات تصل الى حد "الأسطورة"، إلا أنهم في نهاية المطاف بشرا وليسوا من جنس الملائكة.
واذا ما تحدثت مع غالبية الفلسطينيين لتقول لهم بأن هناك آباء يعتدون على أطفالهم جنسيا وأشقاء وأعمام وأخوال يقومون بذات الجريمة، فإن غالبية هؤلاء سيكون ردهم بعبارة واحدة: "هذا مستحيل.. لا يمكن أن يكون ذلك في مجتمعنا المحافظ". لذلك كله تطرق إيلاف "خزّان" هذا الملف.
طبيب ومغتصب..!
المستشارة القانونية في محافظة نابلس بالضفة الغربية لينا عبد الهادي كانت أول من تحدثت اليها "إيلاف"، وقد رحبت بفكرة اعداد تحقيق حول هذا الملف الساخن، لتبدأ معها رحلة الكشف عن هول هذه الجرائم التي يتعرض لها الاطفال، دون أن تنسى انتقاد القانون المطبق والذي يسهّل في بعض الأحيان هذه الاعتداءات. وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية الأردني للعام 1976 المعمول به في الاراضي الفلسطينية يعتبر عمر البنت القانوني هو 15 عاما، وبالتالي فإن القضاة يعتبرون الاعتداء الجنسي على من هي فوق الـ15 عام "زنا رضائي"، وتقول بأن هذا القانون يخلط تعريف "الاعتداء الجنسي على الأطفال" وبالتالي يزيد من صعوبة الحد من تفاقم هذا النوع من الجرائم.
وتبين عبد الهادي بأن حجم القضايا التي تصل اليها وتسمع بها، خاصة خلال العامين الماضيين، تشير بوضوح الى أن هذه الاعتداءات الوحشية وصلت الى حد "الظاهرة"، مما يفرض على جميع الجهات ذات العلاقة الاهتمام بالموضوع ووضعه على سلم الأولويات فورا. وتوضح بأن غالبية اعتداءات الاقارب على أطفالهم جنسيا في المناطق الفلسطينية قبل حوالي سبع سنوات كان يقتصر على الطبقات الفقيرة وخاصة العائلات التي يسكن أفرادها في غرفة واحدة، حيث يتمكن الأبناء من مشاهدة آبائهم في حالة المعاشرة الزوجية، مما يؤدي الى قيامهم بالاعتداء على شقيقاتهم أو قريباتهم، وتضيف بأن الوضع خلال العامين السابقين وحتى الآن تطور الى الأسوأ، حيث شمل جميع الطبقات.
وتعرب عبد الهادي عن أسفها وألمها لأن انتشار الظاهرة وصل الى أصحاب الشهادات العليا، مؤكدة بأن من بين المعتدين، كان أطباء ومهندسون ومحامون ومعلمو مدارس وأساتذة جامعات، وتقول: "صحيح أن النسبة قليلة لكن طبيعة المجتمع الفلسطيني وظروف الاحتلال، لا تحتمل مجرد وجود ولو حالة واحدة"، وتبين عبد الهادي أن هذا التفشي الخطير حصل خلال العامين الماضيين، موضحة بأن جميع المسؤولين شعروا بالصدمة حين علموا بأن مثل هذه الاعتداءات وصلت الى بعض أصحاب الشهادات رغم قلتهم.
زوجة تشاهد عملية اغتصاب إبنتها
نماذج الاعتداءات كثيرة، وقد اخترنا واحدا منها للتدليل على خطورة ما يحصل داخل البيوت دون أن يعلم أحد، ومن بين هذه النماذج التي ذكرتها لينا عبد الهادي، قيام أحد الآباء باغتصاب ابنته منذ أن كان عمرها 11 عاما وعلى مدار عامين كاملين، وقالت بأن ذلك الأب كان يجلس ابنته على كرسي ثم يقيد ساقيها قبل أن يغتصبها، موضحة بأن ما زاد الأمر سوء في ذلك النموذج بأنه كان يرغم زوجته على رؤية مشهد جريمته البشعة. وتوضح بأن الزوجة وبعد أن استجمعت قواها توجهت اليها وتحدثت عن مصيبتها، مؤكدة بأن مسؤولا فلسطينيا كبيرا حين سمع رواية الطفلة قام بضرب رأسه بنافذة زجاجية من شدة الغضب، وحين سألنا عن مصير ذلك الزوج، قالت عبد الهادي بأن "القانون" حكم عليه بالسجن مدة عام واحد، وبعد خروجه من السجن عاد لتكرار جريمته مع بنت أخرى من بناته، لكن في هذه المرة قامت زوجته بقتله.
أحد الجناة يعترف: مواقع النت الاباحية هي السبب..!
بعد جهد جهيد، تمكنت "إيلاف" من الحديث مع أحد الجناة الذين وقعوا في جريمة الاعتداء على شقيقته قبل حوالي ثلاث سنوات، بعد اقناعه والتعهد له بعدم كشف هويته. ويقول "م.م" 22 عاما من احدى مدن شمال الضفة الغربية، بأنه ومنذ أن واقع شقيقته التي لا يبلغ عمرها 16 عاما، لا يعرف طعما للنوم مطلقا، مؤكدا بأنه فكّر بالانتحار عدة مرات. ويشير الى أن بداية مأساته بدأت مع تصفحه لموقع منتديات عربي اباحي يقدم افلاما جنسية حقيقية، وأخطر ما فيها زاوية تحت عنوان "محارم". ويوضح بأنه شاهد عددا كبيرا من الأفلام الحقيقية لآباء وأبناء يعاشرون قريباتهم معاشرة الأزواج، معربا عن اعتقاده بأن مشاهدته لهذه الأفلام كان لها التأثير الأكبر للجريمة التي اقترفها بحق شقيقته، ويقسم "م.م" بالله العظيم أنه لم يعرف كيف وجد نفسه ينقض على شقيقته ويغتصبها في غياب افراد الاسرة عن البيت، مؤكدا بأنه اغتصبها بينما كانت تنظر بدهشة واستغراب اليه وهو يقول لها عبارة واحدة: "خلينا نتسلى"، ويضيف بأنه وبعد أنهى جريمته بدأ بالبكاء والنحيب أكثر من نصف ساعة، وبعد ذلك توجه الى المطبخ وحاول طعن نفسه، لكنه شعر بالخوق وعدل عن قراره. وكانت الكارثة بعد تسعة شهور، حين حملت شقيقته ووضعت جنينها لتقوم الشرطة بالقبض عليه ووضع شقيقته في مكان آمن، وما يزال الخطر يتهدد حياته وحياة شقيقته. ويناشد هذا الجاني الجهات المختصة بضرورة ايجاد حل جذري لمواقع النت التي تعرض الافلام الاباحية، كما يناشد الآباء والامهات أن يتنبهوا لابنائهم، ويضيف بأن "الشيطان شاطر" ويمكن لاي "أب" أو "أخ" أن يقع في هذه الجريمة، معربا عن اعتقاده بأن التمسك الحقيقي بالدين والالتزام بالصلاة خاصة في المساجد هو أهم عامل مؤثر في الابتعاد عن هذه الجريمة.
المتهمون هما الوالدان والقانون..!!
وتعود المستشارة القانونية لينا عبد الهادي لتؤكد أنه وبعد التحري والمتابعة وافادات الضحايا والجناة تبين لها أن هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي الى هذه الجريمة وأسباب أخرى تساعد على تفشيها أو عدم الحد منها.
وبحسب عبد الهادي فإن الأب والأم هما المقصران الرئيسيان في هذا الملف، موضحة بأن جميع التحريات أثبتت بأن عدم اكتراث بعض الاباء بابنائهم يؤدي الى وقوعهم في براثن ذئاب بشرية من العائلة سواء من الاشقاء أو الأعمام أو الأخوال، وأضافت بأن 80% من الأمهات اللواتي يتعرض أطفالها لاعتداءات جنسية من الآباء او الأشقاء يعلمن بذلك، لكنهن يفضلن الصمت خشية من الطلاق والفضيحة وتشتت العائلة.
وتعرب عبد الهادي عن اعتقادها بأنه وبموازاة تقصير الأسرة تماما، هناك تقصير من جانب قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات "الأردنيان" المعمول بهما في المناطق الفلسطينية، موضحة بأنهما باتا دون المستوى المطلوب الذي يحمي الأطفال والزوجات من الاعتداءات الجنسية والآثار المترتبة عليها، وقالت بأن الجمعيات ذات العلاقة لا تملك حق رفع شكوى على الأب المعتدي لان القانون لا يعطيها هذا الحق، كما أن هذه الجمعيات والاخصائيين الاجتماعيين التابعين لها غير محميين قانونيا، الى جانب أن الامهات اللواتي يرغبن برفع شكوى ضد أزواجهن المعتدين غير محميات من "الطلاق"، وأوضحت بأنها لا تستطيع في كثير من الأحيان استدعاء الأزواج المعتدين لان الزوجات يخشين من "الطلاق"، وقالت: "يجب أن يكون الطلاق حق جماعي للزوج والزوجة في آن واحد"، حتى يتم حماية الزوجة من الطلاق التعسفي.
إرتفاع كبير..
بحسب ما تبين لـ"إيلاف" من خلال المختصين ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في قضايا الطفولة، فإن ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الاطفال في ارتفاع واضح وفق الاحصاءات التي ترد الى مؤسسات المجتمع المدني العاملة في قضايا الطفولة، كما تبين بأن الخدمة التي تقدمها مراكز الدفاع الاجتماعي القانوني في محافظات الضفة وخاصة نابلس، الخليل، ومحافظة بيت لحم تصلها شهريا 40% من الحالات اساءات جنسية بمستويات مختلفة معظمها داخل اطار العائلة، الى جانب أن الابحاث والدراسات الاجتماعية والنفسية والتي تشير وتؤكد الى الاثار المستقبلية للاعتداءات الجنسية على الاطفال وقد تكون اشد انواع الاساءات.
إعتداءات مع سبق الإصرار
وبحسب الأخصائية الاجتماعية والنفسية في برنامج حماية الأطفال في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال رنا كلبونة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، فإن الاعتداء الجنسي على الطفل هو عمل مقصود مع سبق الترصد باستخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق. ويشمل الاعتداء تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي والتلصص على طفل، وإزالة الملابس والثياب عن الطفل وكشف الأعضاء التناسلية، وتعريضه لصور فاضحة، أو أفلام، وأعمال مشينة غير أخلاقية كإجباره على التلفظ بألفاظ فاضحة، والتحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو ملاطفة جسدية خاصة او حمله على ملامسة المتحرش جنسيا. وتعرض الطفل للاعتداء الجنسي المباشر رغما عن ارادته من قبل راشد، أو سفاح الأقارب وهو قيام أحد الأبوين أو أحد الأقارب بعمل علاقة جنسية مع الطفل، وكذلك محترمء الأطفال وهو الاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية.
المجلس التشريعي في قفص الاتهام..!!
وأوضحت المحامية سوسن صلاحات من برنامج حماية الأطفال في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بالضفة الغربية، أوضحت بأن المجلس التشريعي الفلسطيني "لم يجرؤ" على سنّ قانون عقوبات رادع يتناسب مع حجم ونوعية الاعتداءات من هذا النوع. وأعربت عن اعتقادها بأن السبب في ذلك هو أن قانون العقوبات مرتبطا بحياة الافراد بشكل مباشر، وبالتالي فان كافة النصوص المرتبطة به خضعت لتجاذبات "الدين والعلمانية" رغم مجموعات الضغط التي شكلتها مؤسسات المجتمع المدني والأطر النسوية. وشددت على أهمية وجود رزمة قوانين متكاملة توفر الحماية للاطفال وخاصة قانون عقوبات فلسطيني وآخر للأحوال الشخصية يعدّل الجوانب المرتبطة بموضوع "الطّلاق" حتى يكون حقّا جماعيا للزوج والزوجة، الى جانب قانون ضمان اجتماعي للأسرة التي تفقد معيلها الذي اعتدى على أحد أطفاله جنسيا، وضربت على ذلك مثلا: أحد المواطنين من احدى المناطق بالضفة الغربية اعتدى على ابنته وتم توقيفه حوالي عام ونصف، ولاعتبارات معينة، اضطرت الزوجة لاسقاط الشكوى عنه فأطلق سراحه، وكانت النتيجة أن الزوج هجر أسرته وتركها دون نفقة، لتعيش الزوجة وأطفالها دون معيل ولتبدأ الزوجة في البحث عن العمل داخل البيوت، فيما بدأت السلوكيات "المشينة" تظهر على بعض بناتها رغم صغر أعمارهن، وبضمنهن البنت التي اعتدى والدها عليها.
في اقسام الشرطة تكتمل معاناة الأطفال المعتدى عليهم..!!
الأخصائية الاجتماعية والنفسية رنا كلبونة أعربت عن اعتقادها في سياق حديثها مع "إيلاف" بأن بداية المأساة مع الأطفال المعتدى عليهم تكون من بيئتهم الفقيرة أو أسرهم المتفككة اجتماعيا أو كلاهما، الى جانب "الجهل"، وأوضحت بأن غالبية الأطفال المعتدى عليهم تبين بأن عائلاتهم تعاني من اشكاليات تتراوح ما بين تفكك اسري وعنف داخلي وعلاقات والديه غير مترابطة.
وتقول بأن الطفل المعتدى عليه يتعرض للأذى النفسي حتى في ردهات اقسام الشرطة حين يكون مع أحد والديه أو كلاهما لرفع شكوى على من اعتدى عليه سواء من أحد أقاربه أو جيرانه أو اي شخص، موضحة بان دخول الطفل الى ردهات الشرطة يشكل صدمة توازي في بعض الأحيان صدمة الاعتداء.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر