سوق الحميدية تحدى المحن وبقي عبر الزمن
أنس تللو
تم بناء سوق الحميدية على مرحلتين الأولى في عهد السلطان عبد الحميد الأول، وكان والي دمشق آنذاك محمد باشا العظم، حيث تم بناء السوق من أوله، أي من باب النصر حتى سوق العصرونية، وذلك عام 1780م، وقد سُمّي آنذاك بـ(السوق الجديدة)، أما المرحلة الثانية فقد تمت عام 1884م، أيام الوالي راشد ناشد باشا، في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وقد كان سقف السوق آنذاك خشبياً، ثم في الفترة بين عامي 1895 و1907 استبدل الوالي المصلح ناظم باشا بالسقف الخشبي القديم سقفاً مصنوعاً من الحديد والتوتياء.
كان موقع سوق الحميدية معروفاً سابقاً باسم سوق الأروام، ثم سمي كما أسلفت بـ(السوق الجديدة)، ثم سمي سوق الحميدية نسبة إلى السلطانين عبد الحميد الأول، وعبد الحميد الثاني.
وهو يقع فوق الخندق الجنوبي لقلعة دمشق بين باب النصر وباب البريد، يبلغ طوله 600 متر، وعرضه 15 متراً.
وقد مرّ هذا السوق بمحن كثيرة أبرزها الحريق الكبير الذي أصابه عام 1911م فأتى على الكثير من المحال التجارية، ثم في عام 1914 أراد جمال باشا السفاح أن يصل بين الشارع المسمى باسمه وهو اليوم شارع النصر، وبين باب البريد فقام بهدم بعض الأبنية في السوق بغية كشف جدار قلعة دمشق وما حول الجامع الأموي، ولم يتمكن من الاستمرار في الهدم بسبب الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918م، ثم بعد انسحاب الجيش العثماني من البلاد قام أصحاب المحلات المهدومة بإعادة بنائها، ثم في 27 تموز 1920 شب في أحد المحلات التي كانت في وسط السوق حريق كبير، (وهي محلات سنجر لماكينات الخياطة)، امتد هذا الحريق إلى العصرونية وخان الجمرك، وكادت النار تصل إلى الجامع الأموي، والشيء العجيب أن النار قد استمرت ثلاثة أيام متواصلة، واضطرت الحكومة آنذاك إلى هدم العديد من البيوت بنسفها بالديناميت لكي تمنع انتشار النار.
وتم وصل الكهرباء إلى سوق الحميدية في عام 1907.
تباع في سوق الحميدية الأقمشة الحريرية كافة، والأجواخ والمطرزات وأدوات الزينة والملبوسات النسائية الجاهزة، كذلك تباع فيه التحف الشرقية الخشبية والنحاسية، وفيه بعض المتاجر لبيع البوظة وعدد قليل من المطاعم.
ما أجمل هذا السوق عندما تسير فيه صباحاً قبيل الضحى فتسمع صوت المحال قد بدأت ترفع أغلاقها مصدرة أصواتاً تشير ببدء يوم جديد، فيشبه صوتها صوت بكاء الطفل الذي وُلد الآن ليرى الحياة الدنيا، وكأنه رغم صغر سنه وقلة خبرته يكتشف فور ولادته ورؤيته الحياة الدنيا أنه ما سُمّيت الدنيا دنيا إلا لأنها في المرتبة الدنيا لذلك يبكي حسرة وألماً وكأنه يتمنى العودة إلى العالم الذي جاء منه... وما أحلاه في الظهيرة حيث يحمي رؤوس مرتاديه من أشعة الشمس الملتهبة، فتحس لذلك كأن ذلك الطفل المولود الذي ولد صباحاً قد شبّ عن الطوق وأخذ يتلهف على معانقة الحياة غير عالم بأن شمسها حارقة، وغير آبه لتلك الحزم الشمسية التي تنفذ إلى عالمه من خلال الثقوب المتوضعة في سقف سوق الحميدية، تراه يسير في زحمة الحياة منشغلاً... وما أغربه ليلاً بعد إغلاق المحال حيث نراه قد غدا صفصفاً يباباً فتدرك أن ذاك الطفل الذي ولد صباحاً باكياً وانشغل ظهراً بالحياة الدنيا لاهياً، فغرّته بنعيمها الزائف ورونقها الزائل قد شاخ وهرم مساء وغدا شاكياً، فأصبح على هامش الحياة أو عاد من حيث أتى.
حقاً، إن كل شيء في هذه الدنيا يولد ويحيا ثم يموت...
يخرج الرجل من سوق الحميدية حاملاً معه الملابس الفاخرة والمطرزات البهية، ليصل منه إلى سوق المسكية، ليكمل مسيرة شرائه... وحياته.
وهو يقع فوق الخندق الجنوبي لقلعة دمشق بين باب النصر وباب البريد، يبلغ طوله 600 متر، وعرضه 15 متراً.
وقد مرّ هذا السوق بمحن كثيرة أبرزها الحريق الكبير الذي أصابه عام 1911م فأتى على الكثير من المحال التجارية، ثم في عام 1914 أراد جمال باشا السفاح أن يصل بين الشارع المسمى باسمه وهو اليوم شارع النصر، وبين باب البريد فقام بهدم بعض الأبنية في السوق بغية كشف جدار قلعة دمشق وما حول الجامع الأموي، ولم يتمكن من الاستمرار في الهدم بسبب الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918م، ثم بعد انسحاب الجيش العثماني من البلاد قام أصحاب المحلات المهدومة بإعادة بنائها، ثم في 27 تموز 1920 شب في أحد المحلات التي كانت في وسط السوق حريق كبير، (وهي محلات سنجر لماكينات الخياطة)، امتد هذا الحريق إلى العصرونية وخان الجمرك، وكادت النار تصل إلى الجامع الأموي، والشيء العجيب أن النار قد استمرت ثلاثة أيام متواصلة، واضطرت الحكومة آنذاك إلى هدم العديد من البيوت بنسفها بالديناميت لكي تمنع انتشار النار.
وتم وصل الكهرباء إلى سوق الحميدية في عام 1907.
تباع في سوق الحميدية الأقمشة الحريرية كافة، والأجواخ والمطرزات وأدوات الزينة والملبوسات النسائية الجاهزة، كذلك تباع فيه التحف الشرقية الخشبية والنحاسية، وفيه بعض المتاجر لبيع البوظة وعدد قليل من المطاعم.
ما أجمل هذا السوق عندما تسير فيه صباحاً قبيل الضحى فتسمع صوت المحال قد بدأت ترفع أغلاقها مصدرة أصواتاً تشير ببدء يوم جديد، فيشبه صوتها صوت بكاء الطفل الذي وُلد الآن ليرى الحياة الدنيا، وكأنه رغم صغر سنه وقلة خبرته يكتشف فور ولادته ورؤيته الحياة الدنيا أنه ما سُمّيت الدنيا دنيا إلا لأنها في المرتبة الدنيا لذلك يبكي حسرة وألماً وكأنه يتمنى العودة إلى العالم الذي جاء منه... وما أحلاه في الظهيرة حيث يحمي رؤوس مرتاديه من أشعة الشمس الملتهبة، فتحس لذلك كأن ذلك الطفل المولود الذي ولد صباحاً قد شبّ عن الطوق وأخذ يتلهف على معانقة الحياة غير عالم بأن شمسها حارقة، وغير آبه لتلك الحزم الشمسية التي تنفذ إلى عالمه من خلال الثقوب المتوضعة في سقف سوق الحميدية، تراه يسير في زحمة الحياة منشغلاً... وما أغربه ليلاً بعد إغلاق المحال حيث نراه قد غدا صفصفاً يباباً فتدرك أن ذاك الطفل الذي ولد صباحاً باكياً وانشغل ظهراً بالحياة الدنيا لاهياً، فغرّته بنعيمها الزائف ورونقها الزائل قد شاخ وهرم مساء وغدا شاكياً، فأصبح على هامش الحياة أو عاد من حيث أتى.
حقاً، إن كل شيء في هذه الدنيا يولد ويحيا ثم يموت...
يخرج الرجل من سوق الحميدية حاملاً معه الملابس الفاخرة والمطرزات البهية، ليصل منه إلى سوق المسكية، ليكمل مسيرة شرائه... وحياته.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر