ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    التنقيب عن الحصمة مهنة جديدة لمواجهة الحصار بغزة

    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : التنقيب عن الحصمة مهنة جديدة لمواجهة الحصار بغزة Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    التنقيب عن الحصمة مهنة جديدة لمواجهة الحصار بغزة Empty التنقيب عن الحصمة مهنة جديدة لمواجهة الحصار بغزة

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الإثنين 01 فبراير 2010, 11:21 am

    رفع رأسه، وبالرغم من التعب الواضح عليه، نفض ملابسه البسيطة المتهالكة، ومسح عرقه، وبالكاد بدأ يفتح عينيه تارة ويقفلها تارة أخرى، من كثرة التراب الموجود على وجهه، وأخذ يحدق في الشخص الذي ناده متسائلا، ماذا تعمل هنا؟

    ذلك هو حال الفتى احمد شاهين (15عاما) الذي بدأ يستجمع قواه شيئا فشيئا، وبابتسامه خفيفة علت وجهه ذو البشرة السوداء، وهو ينظر ليديه المتشققتين وأصابعه المتورمة، حيث أجاب ' بدور على لقمة العيش'.

    واستطرد شاهين الذي يقطن المخيم الغربي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، 'آتي منذ ساعات الصباح الأولى، إلى الكثبان الرملية للعمل في استخراج الحصمة من بطن الأرض وبيعها لتجار مواد البناء من خلال حفر عدة أمتار بمنطقة المحررات غرب المدينة.'

    وأضاف وهو يطأطئ رأسه ناحية الأرض، ما أجمعه من الحصمة في نهاية اليوم، قد يعود علي ببعض المال لإعالة أشقائه الصغار وأب عاجز أقعده المرض.

    وأصبحت ظاهرة جمع الحصمة مهنة جديدة لاقت إقبالا ملحوظا من قبل الفئات المحتاجة والفقيرة في القطاع، وخاصة الأطفال منهم والذين ساءت أوضاع أسرهم بعد الحرب.

    ورغم مشقتها وما تحمله من مخاطر جراء شدة الغبار إلا أن منطقة غرب خان يونس، تمتلئ بالعربات المحملة بالحصمة وعشرات الصغار والكبار، لتتحول عملية جمع الحصمة إلى مصدر رزق للعديد من معدومي الدخل.

    وأدى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عدة سنوات إلى شل جميع مناحي الحياة وتسبب في تردي الوضع الاقتصادي جراء إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع ومواد البناء.وخلفت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع دمارا هائلا في ممتلكات المواطنين والمباني العامة، وجعلت بعض المواطنين يلجئون إلى مهن جديدة لم تكن معروفة من قبل ومن بينها جمع الحصمة وبيعها لأصحاب المصانع لإعادة صناعة الحجارة من جديد وبيعها للمواطنين.

    وازدهرت هذه المهنة بعد الحصول على كميات من الأسمنت التي سربت عبر الأنفاق بين قطاع غزة والأراضي المصرية لاستخدامها في تصنيع الطوب اللازم للبناء.

    خالد شاب يبلغ من العمر (25 عامًا) مهمته شراء الحصمة من الذين يجمعونها، ويقوم بتكديسها على شكل كومة يقوم بحراستها طوال النهار حتى تأتي شاحنات المصنع لنقلها.

    وقال 'أمكث في هذا المكان يوميا، ونصبت خيمةً للإقامة فيها في ظل البرد القارص، وأقوم بحراسة ما أشتريه على مدار اليوم، حتى يأتي سائق تابع للمصنع ويأخذه'.

    ولفت إلى أنه يأخذ مقابل ذلك العمل 30 شيقلاً يوميًّا، ويبقى مجبرا على البقاء في الموقع ليل نهار، ولا يستطيع المغادرة لرؤية أهله إلا كل عدة أيام بعدما يأتي شخص آخر ويأخذ عنه المهمة، التي يأمل أن يوفر منها بعض المال عله يتمكن من الزواج.

    وتتسم عملية جمع الحصمة بالمشقة الكبيرة، وتتلخص تلك المهمة من خلال إحداث حفر مجاورة لبعضها البعض، وقد يصل عمقها إلى خمسة أمتار بالأرض، وتتم عملية الحفر بطريقة يدوية أحيانا، أو من خلال الفؤوس والجاروف، وبعد ذلك يتم العثور على الحصمة بأحجامها المختلفة، ومن ثم تستخرج مع بعض الرمال إلى سطح الأرض، ويتم تنخيلها بواسطة المنخل، وبعدها تجمع بمكان ويتم تقسيمها إلى ثلاثة مجموعات تشمل 'الحصى الصغيرة الحجم والمتوسطة، والكبيرة' يتم بعدها معالجة الحصى كبيرة الحجم عن طريق تفتيته لأجزاء صغيرة من قبل أصحاب الكسارات حتى يصبح صالحا لعملية البناء.

    الشاب فادي (20 عاما) يمتلك عربة 'كارو' يحمل عليها ما يتم جمعه من حصمة، بعد ندرة المهن المدرة للدخل في القطاع قال إنه عمل بائعا للخضار في شهر، ثم عمل في الأنفاق التي تركها بعد تزايد حالات الوفاة سواء بالاختناق أو الصعقة الكهربائية، مشيرا إلى أن الحصمة التي ينقلها على عربته وفرت له بعض المال.

    وينتشر الغبار في المكان الذي لا يتجاوز كيلومترا واحدا، ويتجمع في هذا المكان المحدود مئات العائلات من جنوب قطاع غزة، والذين يعملون بكل ما أوتوا من قوة لإنهاء الكمية المطلوبة منهم يوميا، الكل يحفر ويتسابق لجمع أكبر كمية من الحصى حتى يحصل على مبلغ يوازي تعب هذا اليوم.

    وما يثير القلق هو استنشاق هؤلاء العاملين من مختلف الأعمار، في جمع الحصمة، كميات كبيرة من الأتربة والغبار، ربما تسبب لهم يومًا ما أمراضًا في الصدر.

    وهذا ما أشارت إليه أم علي، حيث وضعت طفلها الصغير بجانبها وهي تقوم بعملية التنخيل، بينما تتصاعد الأتربة والغبار في كل مكان حولهما، لافته أنها مضطرة إلى اصطحاب أطفالها، لعدم وجود احد في البيت بعد وفاة زوجها، كونها تمكث طوال النهار خارج المنزل، حيث تأخذ طعامها وصغارها معها.

    وأضافت، أنها تلاحظ سعالا متكررا لطفلها الصغير، مبدية خشيتها أن تكون بداية لالتهاب في صدره جراء استنشاق الغبار لفترة طويلة طوال النهار، مؤكدة أن لقمة العيش تحتاج إلى تعب ومعاناة.

    وتتعدد حكايات العاملين بجمع الحصمة..عبد الكريم ماضي شاب في مقتبل العمر من سكان مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يأتي هو وعدد من أقربائه لمدينة خان يونس كل يوم وأحياناً يضطر للمبيت بمكان جمع الحصمة، حيث تتوفر خيمة بالإيجار يقوم بالمبيت فيها حتى الصباح بسب عمله كتاجر من خلال جمع الحصمة من الباعة الذين يقومون بجمعها، وبعد ذلك يعرضها للبيع، مقابل 3 شواقل للجردل الواحد، ليستطيع نهاية كل يوم 50 شيقل، متمنياً أن يعاد فتح المعابر ويرفع الحصار.

    وعلى الرغم من صغر سنها تأتي الطفلة يارة والبالغة من العمر (7 أعوام) برفقة أربعة من أشقائها كل صباح لتعمل بجمع الحصمة، مبررة سبب قدومها لحرمانها من العديد من حاجياتها الغير متوفرة لها كباقي أطفال العالم، بسب تعطل والدها عن العمل منذ سنوات، لتتمكن من تحصيل قوتها من خلال بيع أكبر عدد من جرادل الحصمة، التي تقوم بجمعها طوال اليوم، وتصر على مواصلة العمل حتى تنتهي إجازتها المدرسية، لتحصيل مبلغ من المال لتغطية احتياجاتها المدرسية.

    ورغم قتامة المشهد فإن هؤلاء المواطنين بكافة أعمارهم يعملون ويصلون الليل بالنهار والابتسامة تعلو شفاههم، فهم يرون في ذلك الشقاء الذي فرضه الحصار الإسرائيلي على سكان قطاع غزة، طريقا لتأمين قوت يومهم بعد أن ضاقت بهم السبل في ظل انتشار البطالة والفقر الشديد، وفرصةً للعيش بكرامة.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر 2024, 7:26 am