زواج الشباب بين المشروع والممنوع
\
الكاتب: الشيخ أحمد خالد شوباش
يهدف الزواج المشروع لدى كافة الأمم، وعند كل عاقل إلى تكوين أسرة من رجل وامرأة ، يعيشان معاً درجة من السكينة والاطمئنان والأمن العائلي، وينجبان عدداً من الأطفال يقومان برعايتهم ومتابعة حاجاتهم. وهذا المعنى الموجود في الزواج الشرعي وبحسب قانون الأحوال الشخصية المأخوذ من الفقه الإسلامي فإن الزواج : عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً لتكوين أسرة وايجاد نسل بينهما.
وبعد أن صرح التعريف بالهدف الأسمى من الزواج في الإسلام وهو حفظ النوع الإنساني والتناسل ، وأن يجد كل واحد من الزوجين في الآخر الأنس والملاطفة والمودة،فمن نافلة القول أن نشير إلى أن الزواج يكفل التواصل بين الزوجين بكل المعايير والمعاني الروحية والمعنوية والجسدية، حتى يشمل إشباع الرغبات والشهوة المودعة في الإنسان بشكل مشروع.
والزواج في الإسلام إنما شرع لكي يهذِّب غرائز البشر، ويرتقي بهم من دونية الحيوان ونزوات الهوى والشيطان ، ذلك أن الاتصال الجنسي لو ترك بين البشر كما هو حال الحيوانات لهبط الإنسان من إنسانيته ومكانته إلى مستوى الحيوان الذي لا يهمه سوى شهواته ،ولتدافع العدد من الذكور على امرأة واحدة كل يريدها لنفسه، ولهدمت الأسر وتقوضت أركانها وعمّت الأمراض الجنسية المعدية ولنشأ جيل ضعيف العقل والفكر والإنتاج ولأدى ذلك في النهاية إلى تدمير البشر على وجه الأرض قال الحق سبحانه {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21 .
ولحكمة يريدها المولى خلق الإنسان ، وأودع فيه من الصفات التي تعينه على مهامه من حمل رسالة الحياة و إعمار الكون، وشاءت إرادة المولى سبحانه أن تكون الغريزة الجنسية المودعة في الجنسين وسيلة استمرار النوع حتى يأذن الله بقيام الساعة.
وكان لابد أن يحوط المولى جل شأنه الزواج بضوابط وأنظمة حتى يحقق هدفه ،ويبقى في دائرته، ذلك أن الشرع الحنيف يعترف بغرائز الإنسان المودعة فيه، ويرشد إلى ممارستها في دائرتها المشروعة، ويرفض أن تصبح غاية وهدفاً يصل إليها الإنسان بكل وسيلة لتحقيقها.
والزواج المشروع في الإسلام بحسب كتاب الله وسنة رسوله، ومذاهب العلماء والفقهاء ، وتنظيم المحاكم الشرعية وإدارتها لهذا الأمر يستدعي أركاناً وشروطاً ، وله مقدمات وآثار ، وفي الوقت الذي أباح الدين الخطبة كمقدمة للزواج وما يتعلق بها من النظر المشروع، قرر أن لا نكاح إلا بعاقدين يحصل بينهما إيجاب وقبول على أن تتوافر شرائط الصحة والانعقاد .
ولا بد في صيغة الإيجاب والقبول أن يكون بلفظ الفعل الماضي الدال على إنشاء العقد، وأن لا تكون معلقة ولا مضافة إلى المستقبل وألا تدل على التأقيت، كما أن جمهور الفقهاء يشترطون لصحة العقد الولي فإن زوجت امرأة نفسها من غير ولي فعقدها باطل، وحتى يكون العقد صحيحاً لا بد أن يتزوج الرجل من امرأة غير محرمة عليه نسباً أو مصاهرة أو رضاعاً وحرمة دائمة أو مؤقتة ولا بد من حضور شهود العقد ، وحتى ينعقد صحيحا لابد من توافق الإيجاب والقبول مع حصولهما في مجلس واحد وسماع العاقدين كل منهما لكلام الآخر وحصول القبول قبل رجوع الموجب عن ايجابه، عدا عن شروط شرعية متممة لإجراء العقد من شرائط اللزوم والنفاذ. مع شروط إدارية بتوثيق العقد لدى المأذون الشرعي .
وفي حال مخالفة أي من الأركان والشرائط المذكورة فإن الزواج ينتقل من المشروع إلى الممنوع وهو ما يعبر عنه شرعاً بالباطل أو الفاسد ، وقد يمارس الرجل نوعاً من الزواج في ظاهره واسمه زواج وفي حقيقته وجوهره زنا.
فقد حرمت الشريعة الإسلامية نكاح المتعة وهو قول جماهير أهل العلم من أهل السنة والجماعة، و أباحته الشيعة ولا عبرة بإباحتهم، فنكاح المتعة استئجار امرأة لمدة محددة بدافع الشهوة والمتعة، فأين هو من شرط التأبيد وأين هو من استقرار الأسرة وسكن الزوجين، ومثله النكاح المؤقت المحدد بمدة معينة، وقد نص قانون الأحوال الشخصية على فساد هذين العقدين ، فجمهور العلماء على تحريمهما وبطلانهما ، حتى إن من نوى التأقيت ولم يعلن به فإنه آثم مرتكب للحرام.
وقد تظهر في الساحة أحياناً زيجات تجمع الشروط والأركان ، ولكنها لا توثق في المحاكم الشرعية ، وهذا نوع من الزواج العرفي كما سماه قرار مجلس الإفتاء الأعلى الفلسطيني ، وكيف تصدق امرأة منعت بعض حقوقها أو حملت من زواج من غير توثيق العقد ؟ وكيف نسمع دعواها في حقوقها أمام القاضي من غير وثيقة العقد ؟ وكيف يسجل ولدها ويحصل على شهادة ميلاده من غير الوثيقة ؟ هذا إن سمحت ببقائه ولم تجن عليه بالقتل والإجهاض في أيامه الأولى.
وشرٌ منه نوع من "الزواج العرفي" يتصل من خلاله الرجل بامرأة يكتب لها ورقة أنها زوجته ويشهد الله على ذلك متذرعين بقول الحق "وكفى بالله شهيداً" فهل يطلبان شهادة المولى سبحانه عند من يتهمهما ؟ أم أنهما لا يباليان بمن حولهما.
وختاماً أعود وأكرر : إن الغريزة الجنسية أمر أودعه الله في الإنسان وهي وسيلة لبقاء النوع الإنساني ، وإشباعها وتلذذ الإنسان بها أمر إباحة الله ولا يمكن لدين الحق وشرعة الإسلام أن تمنعه ، لكني أتمنى على الرجال والنساء ألا يجنحوا بشهواتهم بعيداً عن ضوابط الشرع ونظامه العادل الذي يحمي الجميع ويكفل الأمن.
مفتي نابلس
\
الكاتب: الشيخ أحمد خالد شوباش
يهدف الزواج المشروع لدى كافة الأمم، وعند كل عاقل إلى تكوين أسرة من رجل وامرأة ، يعيشان معاً درجة من السكينة والاطمئنان والأمن العائلي، وينجبان عدداً من الأطفال يقومان برعايتهم ومتابعة حاجاتهم. وهذا المعنى الموجود في الزواج الشرعي وبحسب قانون الأحوال الشخصية المأخوذ من الفقه الإسلامي فإن الزواج : عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً لتكوين أسرة وايجاد نسل بينهما.
وبعد أن صرح التعريف بالهدف الأسمى من الزواج في الإسلام وهو حفظ النوع الإنساني والتناسل ، وأن يجد كل واحد من الزوجين في الآخر الأنس والملاطفة والمودة،فمن نافلة القول أن نشير إلى أن الزواج يكفل التواصل بين الزوجين بكل المعايير والمعاني الروحية والمعنوية والجسدية، حتى يشمل إشباع الرغبات والشهوة المودعة في الإنسان بشكل مشروع.
والزواج في الإسلام إنما شرع لكي يهذِّب غرائز البشر، ويرتقي بهم من دونية الحيوان ونزوات الهوى والشيطان ، ذلك أن الاتصال الجنسي لو ترك بين البشر كما هو حال الحيوانات لهبط الإنسان من إنسانيته ومكانته إلى مستوى الحيوان الذي لا يهمه سوى شهواته ،ولتدافع العدد من الذكور على امرأة واحدة كل يريدها لنفسه، ولهدمت الأسر وتقوضت أركانها وعمّت الأمراض الجنسية المعدية ولنشأ جيل ضعيف العقل والفكر والإنتاج ولأدى ذلك في النهاية إلى تدمير البشر على وجه الأرض قال الحق سبحانه {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21 .
ولحكمة يريدها المولى خلق الإنسان ، وأودع فيه من الصفات التي تعينه على مهامه من حمل رسالة الحياة و إعمار الكون، وشاءت إرادة المولى سبحانه أن تكون الغريزة الجنسية المودعة في الجنسين وسيلة استمرار النوع حتى يأذن الله بقيام الساعة.
وكان لابد أن يحوط المولى جل شأنه الزواج بضوابط وأنظمة حتى يحقق هدفه ،ويبقى في دائرته، ذلك أن الشرع الحنيف يعترف بغرائز الإنسان المودعة فيه، ويرشد إلى ممارستها في دائرتها المشروعة، ويرفض أن تصبح غاية وهدفاً يصل إليها الإنسان بكل وسيلة لتحقيقها.
والزواج المشروع في الإسلام بحسب كتاب الله وسنة رسوله، ومذاهب العلماء والفقهاء ، وتنظيم المحاكم الشرعية وإدارتها لهذا الأمر يستدعي أركاناً وشروطاً ، وله مقدمات وآثار ، وفي الوقت الذي أباح الدين الخطبة كمقدمة للزواج وما يتعلق بها من النظر المشروع، قرر أن لا نكاح إلا بعاقدين يحصل بينهما إيجاب وقبول على أن تتوافر شرائط الصحة والانعقاد .
ولا بد في صيغة الإيجاب والقبول أن يكون بلفظ الفعل الماضي الدال على إنشاء العقد، وأن لا تكون معلقة ولا مضافة إلى المستقبل وألا تدل على التأقيت، كما أن جمهور الفقهاء يشترطون لصحة العقد الولي فإن زوجت امرأة نفسها من غير ولي فعقدها باطل، وحتى يكون العقد صحيحاً لا بد أن يتزوج الرجل من امرأة غير محرمة عليه نسباً أو مصاهرة أو رضاعاً وحرمة دائمة أو مؤقتة ولا بد من حضور شهود العقد ، وحتى ينعقد صحيحا لابد من توافق الإيجاب والقبول مع حصولهما في مجلس واحد وسماع العاقدين كل منهما لكلام الآخر وحصول القبول قبل رجوع الموجب عن ايجابه، عدا عن شروط شرعية متممة لإجراء العقد من شرائط اللزوم والنفاذ. مع شروط إدارية بتوثيق العقد لدى المأذون الشرعي .
وفي حال مخالفة أي من الأركان والشرائط المذكورة فإن الزواج ينتقل من المشروع إلى الممنوع وهو ما يعبر عنه شرعاً بالباطل أو الفاسد ، وقد يمارس الرجل نوعاً من الزواج في ظاهره واسمه زواج وفي حقيقته وجوهره زنا.
فقد حرمت الشريعة الإسلامية نكاح المتعة وهو قول جماهير أهل العلم من أهل السنة والجماعة، و أباحته الشيعة ولا عبرة بإباحتهم، فنكاح المتعة استئجار امرأة لمدة محددة بدافع الشهوة والمتعة، فأين هو من شرط التأبيد وأين هو من استقرار الأسرة وسكن الزوجين، ومثله النكاح المؤقت المحدد بمدة معينة، وقد نص قانون الأحوال الشخصية على فساد هذين العقدين ، فجمهور العلماء على تحريمهما وبطلانهما ، حتى إن من نوى التأقيت ولم يعلن به فإنه آثم مرتكب للحرام.
وقد تظهر في الساحة أحياناً زيجات تجمع الشروط والأركان ، ولكنها لا توثق في المحاكم الشرعية ، وهذا نوع من الزواج العرفي كما سماه قرار مجلس الإفتاء الأعلى الفلسطيني ، وكيف تصدق امرأة منعت بعض حقوقها أو حملت من زواج من غير توثيق العقد ؟ وكيف نسمع دعواها في حقوقها أمام القاضي من غير وثيقة العقد ؟ وكيف يسجل ولدها ويحصل على شهادة ميلاده من غير الوثيقة ؟ هذا إن سمحت ببقائه ولم تجن عليه بالقتل والإجهاض في أيامه الأولى.
وشرٌ منه نوع من "الزواج العرفي" يتصل من خلاله الرجل بامرأة يكتب لها ورقة أنها زوجته ويشهد الله على ذلك متذرعين بقول الحق "وكفى بالله شهيداً" فهل يطلبان شهادة المولى سبحانه عند من يتهمهما ؟ أم أنهما لا يباليان بمن حولهما.
وختاماً أعود وأكرر : إن الغريزة الجنسية أمر أودعه الله في الإنسان وهي وسيلة لبقاء النوع الإنساني ، وإشباعها وتلذذ الإنسان بها أمر إباحة الله ولا يمكن لدين الحق وشرعة الإسلام أن تمنعه ، لكني أتمنى على الرجال والنساء ألا يجنحوا بشهواتهم بعيداً عن ضوابط الشرع ونظامه العادل الذي يحمي الجميع ويكفل الأمن.
مفتي نابلس
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر