ماجد الزير- هم المنزرعون في الأرض، فجذرهم يمتدّ ضارباً في التاريخ إلى أن يصل إلى جدِّهم كنعان. هم من أصرّوا على البقاء رغم التهجير الجماعي. هم من رأوا الأرض غير الأرض، والبشر غير البشر، خلال أيام بل ساعات محدودة، كمن عاشوا كابوساً. هم من عانوا ألم الغربة وشقاءها وهم في ديارهم، ودفعوا ثمن بقائهم غالياً في تجربة عزّ نظيرها في حيثياتها ونتائجها. وليس من شكّ أنّ الباحثين عن الملاحم والتراجيديا من صانعي السينما العالمية سيجدون في تجربتهم فيضاً مما يلهب الخيال بقصص واقعية تهتزّ لها الأبدان.
إنهم فلسطينيو 48، بحكايتهم مع الصهاينة الغاصبين، التي بدأت مع اليوم الأول للتهجير الجماعي لمعظم الشعب الفلسطيني، والتمكين للمشروع الاستيطاني الإحلالي بكيانه الذي ينتحل لنفسه الحق في التاريخ ويهيمن على الحاضر ويصادر المستقبل.
هي قصة تشابه في بعض جوانبها نشأة نبي الله موسى عليه السلام في كنف فرعون، مع فارقَيْن فاق فيهما شرُّ الغزاة الصهاينة طاغيةَ الزمن الغابر. ففرعون لم يحكم مصر غاصباً، كما أنه لم يلحق الأذى المنهجي بموسى وهو يعيش تحت رعايته. بينما يُراد للفلسطيني وراء الخط الأخضر أن يرزح تحت نير الغاصبين، الذين لا يمتّون إلى الأرض بصلة. وقد جرى في جوهر الأمر التعامل مع هؤلاء الفلسطينيين كأغيار، ما دامت اللافتة هي «دولة اليهود» حصراً، وكأنّ الفلسطينيين لا يملكون هذه الأرض أباً عن جدّ.
ولكنّ شمس الحقيقة لا يحجبها غربال الوهم؛ ففي المثالَيْن انقلب السحر على الساحر. فلا موسى تفرعن، ولا فلسطينيو 48 تأسرلوا! فهم ببقائهم أفسدوا على السارق هناءة سرقته، وفوّتوا على المجرم الإفلات بجريمته. كانوا الشاهد الدائم على شعب كان هنا، وله الحق في هذه الأرض. لقد أسهم فلسطينيو 48 في إظهار الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني الإحلالي الانعزالي في المنطقة. عبثاً حاول الصهاينة تسويق صورة محسّنة عن الواقع، فكانت الأسطورة تزعم طويلاً أنّ «واحة الديموقراطية» هذه تشملهم برعايتها، على قدم المساواة مع اليهود، لمجرد إفساح المجال أمام حزمة أصوات في «الكنيست» مثلاً لم تحرِّك ساكناً ولم تسكِّن متحركاً في معادلة محبوكة بعناية.
لم تعد الرواية مقنعة لأحد منذ زمن، فهذا الوجود الفلسطيني المنزرع في أرضه التاريخية برهن كم أنّ المشروع مصمّم بمواصفات عنصرية، وها هو الكيان يضيق ذرعاً بالمؤشرات السكانية المجرّدة لفلسطينيي 48، بل يتعقّب جمعياتهم الأهلية الناشطة، ويشنّ حملاته على قياداتهم الفاعلة.
كان الهالك مائير كاهانا، قد عبّر صراحة وبدون مساحيق تجميل، عمّا يُخالج الطبقة الممسكة بالزمام الإسرائيلي. فقد دعا كاهانا، في سبعينيات القرن الماضي، إلى التخلّص القسري من الوجود الفلسطيني ضمن الأرض المحتلة سنة 1948، فطالب في كتابه «شوكة في عيونكم»، بمحوهم قبل أن يستفحل «داؤهم». هي أفكار لم تتبخّر باغتياله، لأنها لم تبدأ به ولن تقف عنده، بل تعتمل في أوساط صانعي القرار الإسرائيلي الذين يطيب لبعضهم الحديث عن الترحيل الجماعي القسري «الترانسفير» بصوت مرتفع، ودون أن يرفّ لهم جفن.
ثمة خيط يربط الأحداث الغائرة في وعي فلسطينيي 48 بعد النكبة، من مجزرة كفر قاسم (1956)، إلى أحداث يوم الأرض (1976)، فهبّة انتفاضة الأقصى (2000)، وصولاً إلى أحداث عكا الأخيرة. فهذا النسق المتواصل هو نتاج مشروع مكرّس للمستوطنين اليهود، ولذا فإنه بحاجة إلى تبريرات بذرائع فاضحة للنهج العنصري من قبيل التلويح المتواصل بعبارة «يهودية الدولة»، بكل استحقاقاتها وتبعاتها وتطبيقاتها العملية
إنهم فلسطينيو 48، بحكايتهم مع الصهاينة الغاصبين، التي بدأت مع اليوم الأول للتهجير الجماعي لمعظم الشعب الفلسطيني، والتمكين للمشروع الاستيطاني الإحلالي بكيانه الذي ينتحل لنفسه الحق في التاريخ ويهيمن على الحاضر ويصادر المستقبل.
هي قصة تشابه في بعض جوانبها نشأة نبي الله موسى عليه السلام في كنف فرعون، مع فارقَيْن فاق فيهما شرُّ الغزاة الصهاينة طاغيةَ الزمن الغابر. ففرعون لم يحكم مصر غاصباً، كما أنه لم يلحق الأذى المنهجي بموسى وهو يعيش تحت رعايته. بينما يُراد للفلسطيني وراء الخط الأخضر أن يرزح تحت نير الغاصبين، الذين لا يمتّون إلى الأرض بصلة. وقد جرى في جوهر الأمر التعامل مع هؤلاء الفلسطينيين كأغيار، ما دامت اللافتة هي «دولة اليهود» حصراً، وكأنّ الفلسطينيين لا يملكون هذه الأرض أباً عن جدّ.
ولكنّ شمس الحقيقة لا يحجبها غربال الوهم؛ ففي المثالَيْن انقلب السحر على الساحر. فلا موسى تفرعن، ولا فلسطينيو 48 تأسرلوا! فهم ببقائهم أفسدوا على السارق هناءة سرقته، وفوّتوا على المجرم الإفلات بجريمته. كانوا الشاهد الدائم على شعب كان هنا، وله الحق في هذه الأرض. لقد أسهم فلسطينيو 48 في إظهار الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني الإحلالي الانعزالي في المنطقة. عبثاً حاول الصهاينة تسويق صورة محسّنة عن الواقع، فكانت الأسطورة تزعم طويلاً أنّ «واحة الديموقراطية» هذه تشملهم برعايتها، على قدم المساواة مع اليهود، لمجرد إفساح المجال أمام حزمة أصوات في «الكنيست» مثلاً لم تحرِّك ساكناً ولم تسكِّن متحركاً في معادلة محبوكة بعناية.
لم تعد الرواية مقنعة لأحد منذ زمن، فهذا الوجود الفلسطيني المنزرع في أرضه التاريخية برهن كم أنّ المشروع مصمّم بمواصفات عنصرية، وها هو الكيان يضيق ذرعاً بالمؤشرات السكانية المجرّدة لفلسطينيي 48، بل يتعقّب جمعياتهم الأهلية الناشطة، ويشنّ حملاته على قياداتهم الفاعلة.
كان الهالك مائير كاهانا، قد عبّر صراحة وبدون مساحيق تجميل، عمّا يُخالج الطبقة الممسكة بالزمام الإسرائيلي. فقد دعا كاهانا، في سبعينيات القرن الماضي، إلى التخلّص القسري من الوجود الفلسطيني ضمن الأرض المحتلة سنة 1948، فطالب في كتابه «شوكة في عيونكم»، بمحوهم قبل أن يستفحل «داؤهم». هي أفكار لم تتبخّر باغتياله، لأنها لم تبدأ به ولن تقف عنده، بل تعتمل في أوساط صانعي القرار الإسرائيلي الذين يطيب لبعضهم الحديث عن الترحيل الجماعي القسري «الترانسفير» بصوت مرتفع، ودون أن يرفّ لهم جفن.
ثمة خيط يربط الأحداث الغائرة في وعي فلسطينيي 48 بعد النكبة، من مجزرة كفر قاسم (1956)، إلى أحداث يوم الأرض (1976)، فهبّة انتفاضة الأقصى (2000)، وصولاً إلى أحداث عكا الأخيرة. فهذا النسق المتواصل هو نتاج مشروع مكرّس للمستوطنين اليهود، ولذا فإنه بحاجة إلى تبريرات بذرائع فاضحة للنهج العنصري من قبيل التلويح المتواصل بعبارة «يهودية الدولة»، بكل استحقاقاتها وتبعاتها وتطبيقاتها العملية
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر