بقلم د.أسعد عبد الرحمن
منذ نكبة 1948 وتأسيس «دولة إسرائيل»، اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مجرد وجود «الأقلية العربية» خطراً عليها. وعليه، انتهجت إسرائيل، حيال هذه الأخيرة، وما زالت، إستراتيجية الاستمرار في الترهيب والتمييز العنصري لإجبار الفلسطينيين على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها الشرعيين. كما اتبعت سياسات قطع اتصال «الأقلية العربية« مع محيطها العربي، وحاولت دمجها في المجتمع الإسرائيلي ولكن على هامشه، وجهدت لطمس الهوية العربية، فجعلت الدروز والشركس قوميات منفصلة وفرضت عليهم الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي منذ 1958، وسعت للتفريق بين العرب المسلمين والمسيحيين، بل إنها أبرزت تقسيمات المسيحيين إلى طوائف شرقية وغربية، والمسلمين إلى مذاهب متعددة.
الآن، يواجه فلسطينيو 48 تحديات هامة، منها دعوة بعض الإسرائيليين (وعلى رأسهم وزير الخارجية العنصري أفيغدور ليبرمان) إلى طرد أكبر عدد من فلسطينيي «الداخل» إلى الضفة الغربية أو إلى خارج حدود فلسطين التاريخية. كما دعا رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) إلى طرد الأقلية العربية من إسرائيل عبر توصيات عديدة في مؤتمرات إسرائيلية وفي المقدمة منها مؤتمرات هرتزليا التي تعقد بشكل دوري منذ 2000، خاصة مساعيه لخفض نسبة الولادات في أوساط فلسطينيي 48، على اعتبار أن تلك خطوة يتطلبها «النضال من أجل الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة»، مشدداً على أن سياسته «تمثل أحد الردود بالغة الأهمية على الخطر الديموغرافي، الذي يتجسد في إمكانية فقدان اليهود أغلبيتهم الديموغرافية في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن وحوض البحر الأبيض المتوسط».
وفي ظل استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في هدم المنازل العربية في أراضي الـ 48 (خاصة في مدينة اللد ووادي عاره) متذرعة بالحجة الممجوجة «البناء غير المرخص»، قررت «لجنة المتابعة العليا» لفلسطينيي الـ48 وضع برنامج عمل للتصدي لسياسة هدم البيوت العربية بالقيام بسلسلة النشاطات الاحتجاجية، إلى جانب مواصلة العمل في الجانبين القضائي والنقابي، محذرة من إن استمرار السياسة الإسرائيلية ستؤدي إلى انفجار جديد بين فلسطينيي الـ48 والمؤسسة الإسرائيلية. ولربما يكون نجاح ذلك البرنامج عائدا لنجاح «العمل الوحدوي العربي في الـ 48» في مواجهة سياسة «الترانسفير» الإسرائيلية القديمة/ الجديدة التي تستهدف الفلسطينيين كقضية وجود وبقاء ومستقبل جماعي، وبالذات كون تلك السياسة الإسرائيلية تتزامن مع تصعيد ملاحقة قيادات فلسطينيي الـ48. بل إن الدولة الصهيوينة باشرت تسريع عملية تهويد الأراضي العربية داخل «الخط الأخضر«، حيث وضعت مخططات لتهويد الجليل وكسر التركز العربي فيها، وذلك عبر مسميات مختلفة مثل ما يسمى «مشروع تطوير منطقة الجليل»، و«مشروع نجمة داود لعام 2020». وتهدف هذه المشاريع إلى إخلال التوازن السكاني لصالح اليهود في المنطقة الشمالية التي تضم مدن وبلدات وقرى الجليل.
وفي المقابل، ترفض إسرائيل الرسمية حتى الآن إقامة قرية عربية واحدة منذ نكبة 1948. بل هي تقوم بمحاصرة التجمعات العربية وتحويلها إلى غيتوهات و«معسكرات تركيز»، وتواصل سياستها الهمجية لانجاز تهجير طوعي غير معلن لفلسطينيي الـ48. وقد تواكب كل هذا مع بناء آلاف المستعمرات «المستوطنات» والقرى اليهودية على حساب القرى الفلسطينية المهجرة، الأمر الذي تسبب بحالات اكتظاظ سكاني شديد داخل المدن والقرى العربية. وحسب الإحصاءات الرسمية، هناك (30) ألف بيت عربي مهدد بالهدم.
وبحسب رئيس «كتلة الجبهة البرلمانية» في الكنيست الإسرائيلي النائب (حنا سويد) فإن 20 ألف منزل عربي يتهددها خطر الهدم الفوري، إلى جانب 50 ألف مبنى من بيوت وحظائر ومنشآت عمل غير مرخص لها في منطقة النقب وحدها. ومن المعلوم أن ما يسمى «البناء غير المرخص« هو تحصيل حاصل للسياسات الإسرائيلية التي تعمل على فرض الحصار على المدن والقرى العربية، إضافة إلى رفض «مؤسسات التنظيم والبناء» الإسرائيلية توسيع مسطحات نفوذ السلطات العربية بحيث حولت هذه السياسية القرى والمدن العربية إلى «إحياء تركيز» (غيتوهات).
كذلك، أوضحت معطيات حديثة أصدرها مركز (ركاز) «بنك المعلومات عن الأقلية الفلسطينية في إسرائيل» مدى التمييز الذي لحق بالمجتمع العربي، وذلك من خلال إجراء بحث ميداني بين عائلات فلسطينية من الشمال والجنوب في فلسطين المحتلة، مؤكدا أن من بين 1.4 مليون فلسطيني في 2009 هناك 58.4% من الأسر الفلسطينية في إسرائيل تحتاج لوحدة سكنية على الأقل خلال العشر سنوات القادمة، فيما لن تتمكن 43% من مجمل الأسر الفلسطينية من بناء أي وحدة سكنية إضافية!!
فلسطينيو 48 يشاركون في العمل الوطني الفلسطيني، وفق صيغ نضالية مختلفة وممكنة، كان أهمها التعبير عن الوحدة الوطنية في بداية انتفاضة الأقصى في أيلول 2000 حين سقط في الناصرة 13 شهيداً برصاص الجيش الإسرائيلي. كما ترفع كافة الأحزاب العربية شعارات ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشريف، في الوقت التي تسعى فيه إلى تحقيق شعارات مطلبية خاصة بها وبالذات المساواة في العمل والدخل والموازنات المخصصة للمدن والقرى اليهودية والعربية. غير أن أهم في هذه المقاومات يتجسد في تعزيز الوجود العربي المادي الكثيف داخل «إسرائيل» بغية تفويت الفرصة لتحقيق الأهداف الإسرائيلية لعمليات الطرد التي دعا لتنفيذها أكثر من مسؤول إسرائيلي. وموضوعيا، لم يكن أمام فلسطينيي 48 سوى مواصلة النضال الشعبي لمواجهة السياسات التي تستهدفهم خاصة في المناطق الساخنة التي تكثر فيها عمليات الهدم.
إن سياسة التدمير المتواصلة للمنازل في البلدات العربية بذريعة «عدم الترخيص« تأتي في نطاق السياسة المنهجية العامة التي تقوم على «الترانسفير»، أو أقلها كخطوة أولى لمحاصرة وجود فلسطينيي 48، ناهيك عن سياسة التهويد والاقتلاع التي تتجلى في اللد والمدن المختلطة. وهنا، تشكل قضية الأرض والمسكن واحدة من أخطر الأدوات لتضييق الخناق عليهم بحيث باتت هذه القضية على صفيح ساخن نتيجة تصعيد السلطات الإسرائيلية لعمليات هدم المنازل بحجة عدم الترخيص. ويكفي ما قالته سيدة من أصحاب البيوت المهددة في اللد: «لن نستسلم حتى لوتم الهدم على رؤوسنا. ما الفرق بيننا وبين أبناء شعبنا في قطاع غزة؟.. إنها نفس السياسة والعقلية التي تستهدفنا كعرب وتهدف إلى الاقتلاع والتهجير، لكننا نحن هنا قبل قيام الدولة ولن نرحل».
[/b]
منذ نكبة 1948 وتأسيس «دولة إسرائيل»، اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مجرد وجود «الأقلية العربية» خطراً عليها. وعليه، انتهجت إسرائيل، حيال هذه الأخيرة، وما زالت، إستراتيجية الاستمرار في الترهيب والتمييز العنصري لإجبار الفلسطينيين على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها الشرعيين. كما اتبعت سياسات قطع اتصال «الأقلية العربية« مع محيطها العربي، وحاولت دمجها في المجتمع الإسرائيلي ولكن على هامشه، وجهدت لطمس الهوية العربية، فجعلت الدروز والشركس قوميات منفصلة وفرضت عليهم الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي منذ 1958، وسعت للتفريق بين العرب المسلمين والمسيحيين، بل إنها أبرزت تقسيمات المسيحيين إلى طوائف شرقية وغربية، والمسلمين إلى مذاهب متعددة.
الآن، يواجه فلسطينيو 48 تحديات هامة، منها دعوة بعض الإسرائيليين (وعلى رأسهم وزير الخارجية العنصري أفيغدور ليبرمان) إلى طرد أكبر عدد من فلسطينيي «الداخل» إلى الضفة الغربية أو إلى خارج حدود فلسطين التاريخية. كما دعا رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) إلى طرد الأقلية العربية من إسرائيل عبر توصيات عديدة في مؤتمرات إسرائيلية وفي المقدمة منها مؤتمرات هرتزليا التي تعقد بشكل دوري منذ 2000، خاصة مساعيه لخفض نسبة الولادات في أوساط فلسطينيي 48، على اعتبار أن تلك خطوة يتطلبها «النضال من أجل الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة»، مشدداً على أن سياسته «تمثل أحد الردود بالغة الأهمية على الخطر الديموغرافي، الذي يتجسد في إمكانية فقدان اليهود أغلبيتهم الديموغرافية في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن وحوض البحر الأبيض المتوسط».
وفي ظل استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في هدم المنازل العربية في أراضي الـ 48 (خاصة في مدينة اللد ووادي عاره) متذرعة بالحجة الممجوجة «البناء غير المرخص»، قررت «لجنة المتابعة العليا» لفلسطينيي الـ48 وضع برنامج عمل للتصدي لسياسة هدم البيوت العربية بالقيام بسلسلة النشاطات الاحتجاجية، إلى جانب مواصلة العمل في الجانبين القضائي والنقابي، محذرة من إن استمرار السياسة الإسرائيلية ستؤدي إلى انفجار جديد بين فلسطينيي الـ48 والمؤسسة الإسرائيلية. ولربما يكون نجاح ذلك البرنامج عائدا لنجاح «العمل الوحدوي العربي في الـ 48» في مواجهة سياسة «الترانسفير» الإسرائيلية القديمة/ الجديدة التي تستهدف الفلسطينيين كقضية وجود وبقاء ومستقبل جماعي، وبالذات كون تلك السياسة الإسرائيلية تتزامن مع تصعيد ملاحقة قيادات فلسطينيي الـ48. بل إن الدولة الصهيوينة باشرت تسريع عملية تهويد الأراضي العربية داخل «الخط الأخضر«، حيث وضعت مخططات لتهويد الجليل وكسر التركز العربي فيها، وذلك عبر مسميات مختلفة مثل ما يسمى «مشروع تطوير منطقة الجليل»، و«مشروع نجمة داود لعام 2020». وتهدف هذه المشاريع إلى إخلال التوازن السكاني لصالح اليهود في المنطقة الشمالية التي تضم مدن وبلدات وقرى الجليل.
وفي المقابل، ترفض إسرائيل الرسمية حتى الآن إقامة قرية عربية واحدة منذ نكبة 1948. بل هي تقوم بمحاصرة التجمعات العربية وتحويلها إلى غيتوهات و«معسكرات تركيز»، وتواصل سياستها الهمجية لانجاز تهجير طوعي غير معلن لفلسطينيي الـ48. وقد تواكب كل هذا مع بناء آلاف المستعمرات «المستوطنات» والقرى اليهودية على حساب القرى الفلسطينية المهجرة، الأمر الذي تسبب بحالات اكتظاظ سكاني شديد داخل المدن والقرى العربية. وحسب الإحصاءات الرسمية، هناك (30) ألف بيت عربي مهدد بالهدم.
وبحسب رئيس «كتلة الجبهة البرلمانية» في الكنيست الإسرائيلي النائب (حنا سويد) فإن 20 ألف منزل عربي يتهددها خطر الهدم الفوري، إلى جانب 50 ألف مبنى من بيوت وحظائر ومنشآت عمل غير مرخص لها في منطقة النقب وحدها. ومن المعلوم أن ما يسمى «البناء غير المرخص« هو تحصيل حاصل للسياسات الإسرائيلية التي تعمل على فرض الحصار على المدن والقرى العربية، إضافة إلى رفض «مؤسسات التنظيم والبناء» الإسرائيلية توسيع مسطحات نفوذ السلطات العربية بحيث حولت هذه السياسية القرى والمدن العربية إلى «إحياء تركيز» (غيتوهات).
كذلك، أوضحت معطيات حديثة أصدرها مركز (ركاز) «بنك المعلومات عن الأقلية الفلسطينية في إسرائيل» مدى التمييز الذي لحق بالمجتمع العربي، وذلك من خلال إجراء بحث ميداني بين عائلات فلسطينية من الشمال والجنوب في فلسطين المحتلة، مؤكدا أن من بين 1.4 مليون فلسطيني في 2009 هناك 58.4% من الأسر الفلسطينية في إسرائيل تحتاج لوحدة سكنية على الأقل خلال العشر سنوات القادمة، فيما لن تتمكن 43% من مجمل الأسر الفلسطينية من بناء أي وحدة سكنية إضافية!!
فلسطينيو 48 يشاركون في العمل الوطني الفلسطيني، وفق صيغ نضالية مختلفة وممكنة، كان أهمها التعبير عن الوحدة الوطنية في بداية انتفاضة الأقصى في أيلول 2000 حين سقط في الناصرة 13 شهيداً برصاص الجيش الإسرائيلي. كما ترفع كافة الأحزاب العربية شعارات ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشريف، في الوقت التي تسعى فيه إلى تحقيق شعارات مطلبية خاصة بها وبالذات المساواة في العمل والدخل والموازنات المخصصة للمدن والقرى اليهودية والعربية. غير أن أهم في هذه المقاومات يتجسد في تعزيز الوجود العربي المادي الكثيف داخل «إسرائيل» بغية تفويت الفرصة لتحقيق الأهداف الإسرائيلية لعمليات الطرد التي دعا لتنفيذها أكثر من مسؤول إسرائيلي. وموضوعيا، لم يكن أمام فلسطينيي 48 سوى مواصلة النضال الشعبي لمواجهة السياسات التي تستهدفهم خاصة في المناطق الساخنة التي تكثر فيها عمليات الهدم.
إن سياسة التدمير المتواصلة للمنازل في البلدات العربية بذريعة «عدم الترخيص« تأتي في نطاق السياسة المنهجية العامة التي تقوم على «الترانسفير»، أو أقلها كخطوة أولى لمحاصرة وجود فلسطينيي 48، ناهيك عن سياسة التهويد والاقتلاع التي تتجلى في اللد والمدن المختلطة. وهنا، تشكل قضية الأرض والمسكن واحدة من أخطر الأدوات لتضييق الخناق عليهم بحيث باتت هذه القضية على صفيح ساخن نتيجة تصعيد السلطات الإسرائيلية لعمليات هدم المنازل بحجة عدم الترخيص. ويكفي ما قالته سيدة من أصحاب البيوت المهددة في اللد: «لن نستسلم حتى لوتم الهدم على رؤوسنا. ما الفرق بيننا وبين أبناء شعبنا في قطاع غزة؟.. إنها نفس السياسة والعقلية التي تستهدفنا كعرب وتهدف إلى الاقتلاع والتهجير، لكننا نحن هنا قبل قيام الدولة ولن نرحل».
[/b]
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر