لم يعترف الطرف الأمريكي-الصهيوني رسمياً بقرار "فك
الارتباط" إدارياً وقانونياً بين الضفة الغربية والأردن إلا بعد صدوره
بسنوات. ولهذا شاركت منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر مدريد التفاوضي
مع "إسرائيل" عام 1991 عبر وفد أردني، وهي نقطة لا بد من تسجيلها بجلاء.
ولم يعترف الطرف الأمريكي-الصهيوني عملياً بقرار فك الارتباط بين الضفة
والأردن الصادر عام 1988 إلا عبر قناة أوسلو السرية، خلف كواليس مدريد،
التي قادت إلى اتفاقية أوسلو في 13/9/1993. وهذا له دلالاته، حيث أن
الاعتراف ب"فك الارتباط" رسمياً كان يعني في ذلك السياق فك ارتباط
المسارات التفاوضية العربية-الصهيونية، وتكريس نهج كامب ديفيد الانفرادي
في العملية التسووية. وربما كان يعني أيضاً التفكيك، مع خيار إعادة
التركيب، ضمن مشروع الكونفدرالية الثلاثية بين "إسرائيل" والمملكة
والدويلة الفلسطينية، وهو المشروع الذي سبق أن طرحه شمعون بيريز عام 1982،
وكان قد طرح قبل ذلك عام 1972. والفكرة تقوم في جوهرها على مد الظل
"الإسرائيلي" فوق محميتين: واحدة أردنية وأخرى فلسطينية.
مفهوم
"فك الارتباط" إذن قد يحمل معانٍ مختلفة حسب السياق والمرحلة. فقد جاء
أولاً كتتمة لمفهوم "الممثل الشرعي الوحيد" و"القرار المستقل" لتكريس فك
ارتباط النظام الرسمي العربي بالقضية الفلسطينية، ولإعفائه من مسؤوليته في
استرجاع الأرض التي خسرها للعدو الصهيوني، بعد اندفاع قيادة منظمة
التحرير، التي كانت قد تخلت عن المقاومة والعمق العربي، في معادلة تفاوضية
غير متكافئة بالمرة مع العدو الصهيوني.
ولا يعني ذلك
مطلقاً أننا ندعو ل"الارتباط" على قاعدة دور أمني أردني في الضفة الغربية
مثلاً، كما يزعم البعض، أو لوصاية أي نظام عربي على حركة المقاومة
العربية. أبداً! فذلك مرفوض بالمطلق... إنما نهاجم "فك الارتباط" الذي
بات يؤول اليوم، في مرحلة ما بعد المعاهدات، كدعوة لفك الارتباط العربي
والإسلامي والوجداني بين الأمة وفلسطين، ففلسطين تبقى مسؤولية كل الأمة
العربية.
لكن في بداية عام 2010، بدأت تفوح من جديد رائحة
مشاريع الكونفدرالية الثلاثية، أو البنولوكس، أو "كونفدرالية الأراضي
المقدسة"، كما أشار أكثر من كاتب وتقرير صحفي، خاصة بعد استطلاع الرأي
الذي قامت به الإدارة الأمريكية، عبر السفارة الأمريكية في بيروت وشخصيات
متصلة بها، لبعض النخب الفلسطينية والأردنية و"الإسرائيلية"، ولبعض
الشخصيات اللبنانية والمصرية، حول مدى تقبلها لمشروع الكونفدرالية
الثلاثية. وقد ترافق ذلك طبعاً مع تعثر حل "الدولتين"، وتنفيس كل الزخم
الذي انطلق به أوباما في "العملية السلمية". وكانت إدارة الرئيس الأسبق
كلينتون قد أجرت دراسة عام 1999 حول نفس مشروع الكونفدرالية بعد تنصل
"إسرائيل" من تنفيذ بنود اتفاقية أوسلو...
المهم، وهنا
بيت القصيد: إذا كان مشروع الكونفدرالية الثلاثية مطروحاً بالفعل كخيار،
فإن دسترة "فك ارتباط" الضفة بالمملكة تصبح استحقاقاً دستورياً لتمرير ذلك
المشروع لكي تنشأ أولاً "دويلة فلسطين" الوهمية التي أعلن سلام فياض عن
العمل على تأسيس "بنيتها التحتية" في مؤتمر هرتزيليا الأمني الصهيوني
(بشجاعة؟)... وبتمويل أوروبي وأمريكي.
كما أن دسترة "فك
الارتباط" تمثل تهديداً فعلياً لملايين الأردنيين من أصل فلسطيني بسحب
الجنسيات، وليس فقط تهديداً لفلسطينيي الضفة الغربية من حملة الجنسية
الأردنية، ما دامت الضفة لا علاقة لها بالأردن دستورياً، مما يتركهم
قانونياً ومعيشياً في مهب الريح. وهذه ليست مشكلة بالمناسبة لو كنا قاب
قوسين أو أدنى من التحرير والعودة. ولكن في ظل الحصار الرسمي العربي لأي
مشروع مقاوم، وفي ظل التمادي الصهيوني في التهام الضفة الغربية والقدس...
الخ، فإن الكونفدرالية الثلاثية قد تصور "وعاءً إنسانياً" و"خشبة خلاص"
لملايين الأردنيين المهددين بالضياع والمجهول، أي أنها تصبح أداة ابتزاز
سياسي من الدرجة الأولى، لا تقل خطورة عن حصار غزة، من أجل تمرير
الكونفدرالية الثلاثية وتسويق وهم "حل سلمي" جديد. ومن هذه الزاوية نسأل:
من يقف خلف الداعين لدسترة "فك الارتباط" في الأردن؟
د.ابراهيم علوش
!
الارتباط" إدارياً وقانونياً بين الضفة الغربية والأردن إلا بعد صدوره
بسنوات. ولهذا شاركت منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر مدريد التفاوضي
مع "إسرائيل" عام 1991 عبر وفد أردني، وهي نقطة لا بد من تسجيلها بجلاء.
ولم يعترف الطرف الأمريكي-الصهيوني عملياً بقرار فك الارتباط بين الضفة
والأردن الصادر عام 1988 إلا عبر قناة أوسلو السرية، خلف كواليس مدريد،
التي قادت إلى اتفاقية أوسلو في 13/9/1993. وهذا له دلالاته، حيث أن
الاعتراف ب"فك الارتباط" رسمياً كان يعني في ذلك السياق فك ارتباط
المسارات التفاوضية العربية-الصهيونية، وتكريس نهج كامب ديفيد الانفرادي
في العملية التسووية. وربما كان يعني أيضاً التفكيك، مع خيار إعادة
التركيب، ضمن مشروع الكونفدرالية الثلاثية بين "إسرائيل" والمملكة
والدويلة الفلسطينية، وهو المشروع الذي سبق أن طرحه شمعون بيريز عام 1982،
وكان قد طرح قبل ذلك عام 1972. والفكرة تقوم في جوهرها على مد الظل
"الإسرائيلي" فوق محميتين: واحدة أردنية وأخرى فلسطينية.
مفهوم
"فك الارتباط" إذن قد يحمل معانٍ مختلفة حسب السياق والمرحلة. فقد جاء
أولاً كتتمة لمفهوم "الممثل الشرعي الوحيد" و"القرار المستقل" لتكريس فك
ارتباط النظام الرسمي العربي بالقضية الفلسطينية، ولإعفائه من مسؤوليته في
استرجاع الأرض التي خسرها للعدو الصهيوني، بعد اندفاع قيادة منظمة
التحرير، التي كانت قد تخلت عن المقاومة والعمق العربي، في معادلة تفاوضية
غير متكافئة بالمرة مع العدو الصهيوني.
ولا يعني ذلك
مطلقاً أننا ندعو ل"الارتباط" على قاعدة دور أمني أردني في الضفة الغربية
مثلاً، كما يزعم البعض، أو لوصاية أي نظام عربي على حركة المقاومة
العربية. أبداً! فذلك مرفوض بالمطلق... إنما نهاجم "فك الارتباط" الذي
بات يؤول اليوم، في مرحلة ما بعد المعاهدات، كدعوة لفك الارتباط العربي
والإسلامي والوجداني بين الأمة وفلسطين، ففلسطين تبقى مسؤولية كل الأمة
العربية.
لكن في بداية عام 2010، بدأت تفوح من جديد رائحة
مشاريع الكونفدرالية الثلاثية، أو البنولوكس، أو "كونفدرالية الأراضي
المقدسة"، كما أشار أكثر من كاتب وتقرير صحفي، خاصة بعد استطلاع الرأي
الذي قامت به الإدارة الأمريكية، عبر السفارة الأمريكية في بيروت وشخصيات
متصلة بها، لبعض النخب الفلسطينية والأردنية و"الإسرائيلية"، ولبعض
الشخصيات اللبنانية والمصرية، حول مدى تقبلها لمشروع الكونفدرالية
الثلاثية. وقد ترافق ذلك طبعاً مع تعثر حل "الدولتين"، وتنفيس كل الزخم
الذي انطلق به أوباما في "العملية السلمية". وكانت إدارة الرئيس الأسبق
كلينتون قد أجرت دراسة عام 1999 حول نفس مشروع الكونفدرالية بعد تنصل
"إسرائيل" من تنفيذ بنود اتفاقية أوسلو...
المهم، وهنا
بيت القصيد: إذا كان مشروع الكونفدرالية الثلاثية مطروحاً بالفعل كخيار،
فإن دسترة "فك ارتباط" الضفة بالمملكة تصبح استحقاقاً دستورياً لتمرير ذلك
المشروع لكي تنشأ أولاً "دويلة فلسطين" الوهمية التي أعلن سلام فياض عن
العمل على تأسيس "بنيتها التحتية" في مؤتمر هرتزيليا الأمني الصهيوني
(بشجاعة؟)... وبتمويل أوروبي وأمريكي.
كما أن دسترة "فك
الارتباط" تمثل تهديداً فعلياً لملايين الأردنيين من أصل فلسطيني بسحب
الجنسيات، وليس فقط تهديداً لفلسطينيي الضفة الغربية من حملة الجنسية
الأردنية، ما دامت الضفة لا علاقة لها بالأردن دستورياً، مما يتركهم
قانونياً ومعيشياً في مهب الريح. وهذه ليست مشكلة بالمناسبة لو كنا قاب
قوسين أو أدنى من التحرير والعودة. ولكن في ظل الحصار الرسمي العربي لأي
مشروع مقاوم، وفي ظل التمادي الصهيوني في التهام الضفة الغربية والقدس...
الخ، فإن الكونفدرالية الثلاثية قد تصور "وعاءً إنسانياً" و"خشبة خلاص"
لملايين الأردنيين المهددين بالضياع والمجهول، أي أنها تصبح أداة ابتزاز
سياسي من الدرجة الأولى، لا تقل خطورة عن حصار غزة، من أجل تمرير
الكونفدرالية الثلاثية وتسويق وهم "حل سلمي" جديد. ومن هذه الزاوية نسأل:
من يقف خلف الداعين لدسترة "فك الارتباط" في الأردن؟
د.ابراهيم علوش
!
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر