الجنسية المزدوجة.. الصحافيون.. التعاون الغربي وأمور أخرى
من خلال الإطلاع على التركيبة السكانية لإسرائيل يظهر أن أكثر من ثلث الإسرائيليين يحملون جنسية ثانية، بالإضافة إلى الجنسية الإسرائيلية، وهذا حسب التقارير التي نشرتها الصحف العبرية، فكما ذكر في هذه الصحف، فإن معظم الذين هاجروا من دول أوروبا الشرقية، ودول أوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا إلى فلسطين لا يزالون يحتفظون بجنسيتهم من البلد المنشأ الذي هاجروا منه.
وهناك أسباب كثيرة تجعل الإسرائيلي يحرص على احتفاظه بجنسية ثانية، وسأقتبس من ما ذكره الصحافي الإسرائيلي عوفر شيلح من تقرير له في الملحق الأسبوعي لجريدة 'معاريف' بتاريخ 9-10-2009 'تحت عنوان' تداعيات امتلاك إيران لسلاح نووي' وأنا هنا لست بصدد الحديث عن المشروع النووي الإيراني وإنما عن الأسباب التي تدعو غالبية الإسرائيليين للإحتفاظ بجنسية ثانية، او التي تدفعهم إلى الحصول عليها من دول الغرب بشكل عام، يقول عوفر شيلح ' تزداد نسبة الذين يحصلون على جواز سفر من دول الإتحاد الأوروبي كل عام بوتيرة بيانية متصاعدة، فكل من كان يقيم في بولونيا أو النمسا أو أي دولة من دول الإتحاد الأوروبي، يذهب إلى قنصلية ذلك البلد لتجديد جواز سفره، أو للحصول على جواز سفر جديد وكالعادة فإن لديه الأسباب القابلة للتنفيذ ومنها: يستطيع الولد أن يتعلم مجانا ويستطيع العمل في أية وظيفة في أوروبا، ولا يتوجب عليه الإنتظار طويلاً في الطابور ومعابر الحدود، ويستطيع العودة إلى بلده المنشأ متى شاء، ويستطيع أن يحصل على نفس الإمتيازات من الخدمات والتأمين. وفي استطلاع لرأي الجمهور فإنهم يؤكدون على هذا الإحساس كل يوم'.
هذا عدد من الأسباب المعلنة، وأما الأسباب غير المعلنة فهي كثيرة أيضا وهي من ضمن مهمات مؤسسات الدولة، وهي مهمات استخباراتية واقتصادية، اذ ان جميع رجال الإعمال الإسرائيليين يحملون جنسية ثانية ويتجولون في البلدان العربية ويعقدون الصفقات التجارية في دول الخليج العربي، التي أصبحت ملجأ الكثير من رجال الإعمال الإسرائيليين فمن السهل جداً على أي إسرائيلي السفر لأي قطر عربي وبدون تأشيرة مسبقة والتجول بحرية تامة كسائح أجنبي.
وكذلك فإن 90' من المستوطنين في الضفة الغربية يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية وهنا يبرز تساؤل عن جدية الولايات المتحدة في دعم السلام ووقف الإستيطان، فإن لديها وسيلة للضغط على إسرائيل بسحب جنسيات الذين يستوطنون في الضفة الغربية من حملة الجنسية الأمريكية، وأن يحذو حذوها بقية أعضاء الرباعية، لو كانوا جادين في نجاح مسيرة السلام وإقامة دولة فلسطينية على أراضي الرابع من حزيران (يونيو) 67 ويمكن إثارة هذا الموضوع في مؤتمر القمة العربي في طرابلس.
الجنسية المزدوجة هي التي تسهل المهمة لطيار إسرائيلي في الدخول إلى قطر عربي وأن يستطلع منطقة ما ويعود إلى إسرائيل ويقلع بطائرته ويقصف المكان ثم يعود بنفس الطريقة ليستطلع أثار القصف.
في الوقت الراهن يستطيع الإسرائيليون دخول بعض الاقطار العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بجوازات سفر إسرائيلية، رضوخاً لطلب الحلفاء الأمريكيين، تشجعياً للتطبيع مع إسرائيل ولكن بدون إعلان رسمي. لقد كانت العلاقات الأوروبية العربية دائما في خدمة المصالح الإسرائيلية وإسرائيل كانت دائماً قادرة على تجيير هذه العلاقات لخدمه أهدافها ومخططاتها العدوانية وبدعم دول الإتحاد الاوروبي والولايات عبر تقديم التسهيلات الاقتصادية والاستخباراتية، فقد كان تدخل الإتحاد الأوروبي والغرب بشكل عام دائما لما يضمن أمن إسرائيل.
ولم تكن العلاقات الأوروبية الإسرائيلية يوماً من الأيام تخدم المصالح العربية لأن الإتحاد الأوروبي والأمريكان معنيين فقط بحماية إسرائيل أمنيا، وغير معنيين بتحذير أي نظام عربي ولو كان حليفاً من أي عدوان إسرائيلي مهما كان شكله. ولا يمكن التأثير على التحالف الإسرائيلي- الغربي إلا بتوازن القوى، حينما يشعر الغرب أن مصالحه مهددة وأنه غير قادر على شن عدوان وأن الثمن الذي سيدفعه مقابل عدوانه أو مقابل استمراره في الإنحياز لصالح الكيان الصهيوني سيكون أضعاف الربح في حسابات الربح والخسارة.
نشرت صحيفة 'يديعوت أحرنوت' في الملحق الأسبوعي قبل خمسة أسابيع من تاريخ هذه المقالة تقريرا عن نشاطات وعمليات الموساد التي أعلن عنها، والتي لم يعلن عنها ولكنها نسبتها إليه لمطابقة أسلوب تنفيذها لأساليب الموساد، وقد خصص جزء كبير من التقرير عن رئيس الموساد مئير دغان، ودوره في إعادة بناء الموساد بعد الضربات التي تلقاها وعن التحسينات التي ادخلها وعن تطوير القدرات الإستخبارية العسكرية والتنفيذية، وتضمن التقرير أن من الإضافات الجديدة للموساد الإعتماد على مصادر أجنبية وإدخالها وإشراكها في عمليات الموساد وخاصة أجهزة مكافحة التجسس في دول الإتحاد الأوروبي. ولم يفصل عن أساليب هذا التعاون ولكن التقرير اشار اليه بشكل عام، وخاصة التعاون في مجال مكافحة الارهاب وتبادل المعلومات فيما يتعلق بنشاط تنظيم القاعدة وكذلك استخدام جوازات سفر دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتسهيل مرور عملائهم وكان هذا منذ زمن بعيد وقد كشف عنه عندما قبض جهاز الأمن الأردني على العميلين اللذين كانا يحملان جوازي سفر كنديين وحاولا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فاستخدام جوازات السفر الغربية والأوروبية من قبل الإسرائيلين مستمر ولم يتوقف ولن يتوقف.
ولقد شاهدنا الصحافيين الإسرائيلين وهم يبثون تقاريرهم الإخبارية من لبنان، وقرأنا في الصحف الإسرائيلية تقارير صحافية قام بها هذين الصحافيين اثناء تواجدهم في ذلك البلد. وفي عام 2003 أثناء غزو العراق كانت الصحافية الإسرائيلية المعروفة كارولين بي جليك، ضمن الطاقم الصحافي الأمريكي الذي دخل الكويت وقد دخلت ببطاقة هوية حينها كمراسلة لصحيفة 'شيكاغو تريبيون' مع أن أجهزة الأمن الكويتية كشفتها حسب لسان الصحافية نفسها، وهي تعمل في صحيفة 'جروزاليم بوست' وبعد، فقد تسلل كثير من الصحافيين الإسرائيلين الى العراق وكتبوا تقارير كثيرة في معظم الصحف الإسرائيلية وأصبح العراق ساحة لنشاط الموساد بغطاء القوات الأمريكية والأوروبية، بل وإن كثير من علماء الذرة العراقيين تمت تصفيتهم من قبل الموساد خلال السنوات الخمس الماضية. ودخل الصحافي الإسرائيلي الشهير رون بن يشاي الى سورية عام 2008 بجواز سفر لاحدى دول الإتحاد الاوروبي، ونشر تقريراً كاملا في صحيفة 'يديعوت احرنوت' عن المواقع التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية في دير الزور. وجاب الصحافي الإسرائيلي تسفي يحزكيلي المتخصص في الشؤون العربية على القناة العاشرة، جاب مصر والاردن والمغرب وتونس على دراجته النارية طولاً وعرضاً. والصحافي الإسرائيلي الذي يدخل البلاد العربية التي لا تعترف باسرائيل يدخلها بجواز سفر اوروبي ويدخل متحديا وهو يجمع بين مهمته كصحافي ومهمته الإستخبارية كواجب تمليه عليه عقيدته الصهيونية، وهناك صحفيون يقيمون في البلاد العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، ومنهم الصحفية المتخصصة في الشؤون العربية سميدار بيري وقليل من الصحافيين الإسرائيليين هم الذين يلتزمون بمهمتهم الاعلامية الصحافية.
كما وتقوم إسرائيل باستغلال أراضي الدول العربية التي تقيم علاقات معها لتجعل منها كممر لبضائعها واستخباراتها الى العالم العربي في المشرق وفي المغرب وما نشرته صحيفة 'الاندبندنت' البريطانية على لسان الصحافي غوردان توماس يشير الى استغلال الطرف الإسرائيلي لهذه الإتفاقات في استخدام أراضي هذه الدول كمحطات آمنة وللإنطلاق ولتنفيذ جرائمها ضد أبناء هذه الأمة.
فعلاقة أجهزة الأمن العربية مع أجهزة مكافحة التجسس لدول الإتحاد الأوروبي تتجسد في التنسيق وتبادل المعلومات لمواجهة تنظيم القاعدة فالمصلحة مشتركة بين هذه الدول في التصدي لهذا التنظيم الذي جعل من الساحة الأوروبية ميداناً لنشاطاته واستهدافه للنظام العربي بدون استثناء مما جعل التعاون وثيقاً ويمتد ليشمل جميع الفصائل التي وضعتها كل من أوروبا والولايات المتحدة على قائمة الإرهاب ولا يساورنا شك في أن أجهزة مكافحة التجسس الأوروبية تستهدف هذه التنظيمات ومن بينها التنظيمات الفلسطينية.
وهذا التعاون الوثيق والمفتوح على مصراعيه والتنسيق الواسع يفتح للأوروبيين باباً واسعاً لجمع كم هائل من المعلومات سواء بتزويدها لهم عبر التنسيق أو عبر الإختراقات التي تلجأ إليها كل أجهزة استخبارات العالم 'ما عدا الإستخبارات العربية' التي لم يسمع أي مواطن عربي ومنذ استقلال الدول العربية من أن بلداً أوروبياً او غير أوروبي قد كشف شبكة تجسس تعمل لصالح دولة عربية ما، للأسف هذا لم يحدث حتى الآن بتاتاً فالإختراق يإخذ أشكالاً مختلفة ووسائل مختلفة ومن مصادر متنوعة وكثيرة.
هذا هو الباب الذي يستفيد منه جهاز الموساد فليس بالضرورة أن يتم اختراق كيان ما أو تنظيم ما من جهاز الموساد فقط، ولكن قد يكون من جهاز آخر لدولة أخرى بينه وبين جهاز الموساد تعاون وثيق وتنسيق كامل في مجال تبادل المعلومات، كما كان في التنسيق والتعاون الإستخباراتي بين إسرائيل وبشير الجميل المسؤول العسكري للكتائب في مواجهة المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية وأقتبس ما ورد على لسان الصحافي الإسرائيلي رونن بيرجمان في كتابه 'ستعمل إسرائيل كل شيء' والذي صدر حديثا،ً 'قام رجال من الموساد بتدريب عدد من رجال الوحدة الخاصة 104 للكتائب اللبنانية وكان حينها إيلي حبيقه ضابط الإتصال مع إسرائيل ممثلا للكتائب في اللقاءات وكان روبرت حاتم الملقب بالكوبرا أحد الذين تلقوا التدريبات على يد الموساد في الوحدة 104 وفي عام 1980 عينه إيلي حبيقه الحارس الشخصي له' ويتابع رونن بيرغمان عن التعاون بين المعارضة الإيرانية والموساد 'حيث كان عوزي أراد مسؤولأ عن الإتصالات مع المعارضة الإيرانية في فرنسا'. 'واحمد الشلبي كان احد المصادر الأساسية للتراسنة المعلوماتية للأمريكان ودخل الموساد عبر الأمريكان على خط أحمد الشلبي وتلقى منهم مبلغ من المال مقابل إحضار معلومات عن رون أراد' ويتابع رونن بيرغمان 'وكان رئيس الوزاراء إسحق رابين أول من صادق على افتتاح العلاقة بين الإستخبارات الألمانية التي كان يمثلها في ذلك الوقت بيرنارد شميدباور وعن الجانب الإسرائيلي يوسي جينوسار. وكان سبب إندفاع الإسرائيليين لهذا التعاون والتنسيق العلاقة الإقتصادية القوية بين إيران وألمانيا'.
وفي مجال التعاون بين 'السي. ايه. آي' والإستخبارات الإسرائيلية وجمع المعلومات وتجنيد العملاء في المنطقة العربية فقد نشر الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان في جريدة 'هآرتس' بتاريخ 6-12-2007 عن الإمرأة الأمريكية التي كانت تعمل ضابطة حالة في الســـفارة الأمريكية في اليونان وتدعى فاليري بليم ويلسون مقتبساً عن كتابها الذي اصدرته عام 2007 'اللعبة العادلة' قالت: 'كجزء من عملي عملت في التنسيق مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، لأن إسرائيل شريكنا في الحرب على الإرهاب. وانا لا أستطيع ان أتحدث المزيد عن ذلك'.
وقبل أسبوعين اعترف صحافي دانماركي بأنه عمل لمدة 28 يوماً لحساب الموساد الإسرائيلي ولم يتعرض لأية مساءلة او استجواب من الأجهزة الأمنية لدولته، فلو أن هذا الصحافي اعترف بانه كان يعمل لصالح بلد عربي، أي بلد عربي! حينها لن تتوانى أجهزة الأمن في دولته عن اعتقاله فوراً واستجوابه وتقديمه للقضاء. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى التعاون الوثيق بين بلده وجهاز الموساد الإسرائيلي.
فالدماء العربية والارض العربية والسماء العربية والمياه العربية جميعها مستباحة، انه خداع للنفس وللشعب وللأمة القول بأن لدينا أمن قومي عربي في الوقت الذي لا تزال فيه قوات الغزو الأمريكي على أرض العراق والطائرات الإسرائيلية تستبيح السماء العربية متى تشاء وتقصف وتعربد دون أن يتصدى لها أحد. أي أمن قومي تتحدثون عنه؟ والإسرائيلي، أي اسرائيلي، يستطيع أن يدخل أي مكان يشاء وبجواز السفر الذي يراه مناسباً لرحلته. الأمن القومي العربي لا يمكن تجزئته فأي اختراق أمني لأي قطر عربي أو حزب أو فصيل عربي هو اختراق للأمن القومي العربي جميعه، والغليان داخل هذه الأمة المجيدة يؤكدان أنها لن تبقى في حالة سبات وتخدير، ستنهض ولن تبقى تنتظر على قارعة الجمعية العامة ومجلس الامن وقطار الشرعية الدولية ستين عاما أخرى، الشركاء في صنع القرار في مجلس الامن هم الذين يسيرون قطار الشرعية الدولية أما الدول التابعة فلا تمتلك إلا أن تسير في الذيل.
من خلال الإطلاع على التركيبة السكانية لإسرائيل يظهر أن أكثر من ثلث الإسرائيليين يحملون جنسية ثانية، بالإضافة إلى الجنسية الإسرائيلية، وهذا حسب التقارير التي نشرتها الصحف العبرية، فكما ذكر في هذه الصحف، فإن معظم الذين هاجروا من دول أوروبا الشرقية، ودول أوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا إلى فلسطين لا يزالون يحتفظون بجنسيتهم من البلد المنشأ الذي هاجروا منه.
وهناك أسباب كثيرة تجعل الإسرائيلي يحرص على احتفاظه بجنسية ثانية، وسأقتبس من ما ذكره الصحافي الإسرائيلي عوفر شيلح من تقرير له في الملحق الأسبوعي لجريدة 'معاريف' بتاريخ 9-10-2009 'تحت عنوان' تداعيات امتلاك إيران لسلاح نووي' وأنا هنا لست بصدد الحديث عن المشروع النووي الإيراني وإنما عن الأسباب التي تدعو غالبية الإسرائيليين للإحتفاظ بجنسية ثانية، او التي تدفعهم إلى الحصول عليها من دول الغرب بشكل عام، يقول عوفر شيلح ' تزداد نسبة الذين يحصلون على جواز سفر من دول الإتحاد الأوروبي كل عام بوتيرة بيانية متصاعدة، فكل من كان يقيم في بولونيا أو النمسا أو أي دولة من دول الإتحاد الأوروبي، يذهب إلى قنصلية ذلك البلد لتجديد جواز سفره، أو للحصول على جواز سفر جديد وكالعادة فإن لديه الأسباب القابلة للتنفيذ ومنها: يستطيع الولد أن يتعلم مجانا ويستطيع العمل في أية وظيفة في أوروبا، ولا يتوجب عليه الإنتظار طويلاً في الطابور ومعابر الحدود، ويستطيع العودة إلى بلده المنشأ متى شاء، ويستطيع أن يحصل على نفس الإمتيازات من الخدمات والتأمين. وفي استطلاع لرأي الجمهور فإنهم يؤكدون على هذا الإحساس كل يوم'.
هذا عدد من الأسباب المعلنة، وأما الأسباب غير المعلنة فهي كثيرة أيضا وهي من ضمن مهمات مؤسسات الدولة، وهي مهمات استخباراتية واقتصادية، اذ ان جميع رجال الإعمال الإسرائيليين يحملون جنسية ثانية ويتجولون في البلدان العربية ويعقدون الصفقات التجارية في دول الخليج العربي، التي أصبحت ملجأ الكثير من رجال الإعمال الإسرائيليين فمن السهل جداً على أي إسرائيلي السفر لأي قطر عربي وبدون تأشيرة مسبقة والتجول بحرية تامة كسائح أجنبي.
وكذلك فإن 90' من المستوطنين في الضفة الغربية يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية وهنا يبرز تساؤل عن جدية الولايات المتحدة في دعم السلام ووقف الإستيطان، فإن لديها وسيلة للضغط على إسرائيل بسحب جنسيات الذين يستوطنون في الضفة الغربية من حملة الجنسية الأمريكية، وأن يحذو حذوها بقية أعضاء الرباعية، لو كانوا جادين في نجاح مسيرة السلام وإقامة دولة فلسطينية على أراضي الرابع من حزيران (يونيو) 67 ويمكن إثارة هذا الموضوع في مؤتمر القمة العربي في طرابلس.
الجنسية المزدوجة هي التي تسهل المهمة لطيار إسرائيلي في الدخول إلى قطر عربي وأن يستطلع منطقة ما ويعود إلى إسرائيل ويقلع بطائرته ويقصف المكان ثم يعود بنفس الطريقة ليستطلع أثار القصف.
في الوقت الراهن يستطيع الإسرائيليون دخول بعض الاقطار العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بجوازات سفر إسرائيلية، رضوخاً لطلب الحلفاء الأمريكيين، تشجعياً للتطبيع مع إسرائيل ولكن بدون إعلان رسمي. لقد كانت العلاقات الأوروبية العربية دائما في خدمة المصالح الإسرائيلية وإسرائيل كانت دائماً قادرة على تجيير هذه العلاقات لخدمه أهدافها ومخططاتها العدوانية وبدعم دول الإتحاد الاوروبي والولايات عبر تقديم التسهيلات الاقتصادية والاستخباراتية، فقد كان تدخل الإتحاد الأوروبي والغرب بشكل عام دائما لما يضمن أمن إسرائيل.
ولم تكن العلاقات الأوروبية الإسرائيلية يوماً من الأيام تخدم المصالح العربية لأن الإتحاد الأوروبي والأمريكان معنيين فقط بحماية إسرائيل أمنيا، وغير معنيين بتحذير أي نظام عربي ولو كان حليفاً من أي عدوان إسرائيلي مهما كان شكله. ولا يمكن التأثير على التحالف الإسرائيلي- الغربي إلا بتوازن القوى، حينما يشعر الغرب أن مصالحه مهددة وأنه غير قادر على شن عدوان وأن الثمن الذي سيدفعه مقابل عدوانه أو مقابل استمراره في الإنحياز لصالح الكيان الصهيوني سيكون أضعاف الربح في حسابات الربح والخسارة.
نشرت صحيفة 'يديعوت أحرنوت' في الملحق الأسبوعي قبل خمسة أسابيع من تاريخ هذه المقالة تقريرا عن نشاطات وعمليات الموساد التي أعلن عنها، والتي لم يعلن عنها ولكنها نسبتها إليه لمطابقة أسلوب تنفيذها لأساليب الموساد، وقد خصص جزء كبير من التقرير عن رئيس الموساد مئير دغان، ودوره في إعادة بناء الموساد بعد الضربات التي تلقاها وعن التحسينات التي ادخلها وعن تطوير القدرات الإستخبارية العسكرية والتنفيذية، وتضمن التقرير أن من الإضافات الجديدة للموساد الإعتماد على مصادر أجنبية وإدخالها وإشراكها في عمليات الموساد وخاصة أجهزة مكافحة التجسس في دول الإتحاد الأوروبي. ولم يفصل عن أساليب هذا التعاون ولكن التقرير اشار اليه بشكل عام، وخاصة التعاون في مجال مكافحة الارهاب وتبادل المعلومات فيما يتعلق بنشاط تنظيم القاعدة وكذلك استخدام جوازات سفر دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتسهيل مرور عملائهم وكان هذا منذ زمن بعيد وقد كشف عنه عندما قبض جهاز الأمن الأردني على العميلين اللذين كانا يحملان جوازي سفر كنديين وحاولا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فاستخدام جوازات السفر الغربية والأوروبية من قبل الإسرائيلين مستمر ولم يتوقف ولن يتوقف.
ولقد شاهدنا الصحافيين الإسرائيلين وهم يبثون تقاريرهم الإخبارية من لبنان، وقرأنا في الصحف الإسرائيلية تقارير صحافية قام بها هذين الصحافيين اثناء تواجدهم في ذلك البلد. وفي عام 2003 أثناء غزو العراق كانت الصحافية الإسرائيلية المعروفة كارولين بي جليك، ضمن الطاقم الصحافي الأمريكي الذي دخل الكويت وقد دخلت ببطاقة هوية حينها كمراسلة لصحيفة 'شيكاغو تريبيون' مع أن أجهزة الأمن الكويتية كشفتها حسب لسان الصحافية نفسها، وهي تعمل في صحيفة 'جروزاليم بوست' وبعد، فقد تسلل كثير من الصحافيين الإسرائيلين الى العراق وكتبوا تقارير كثيرة في معظم الصحف الإسرائيلية وأصبح العراق ساحة لنشاط الموساد بغطاء القوات الأمريكية والأوروبية، بل وإن كثير من علماء الذرة العراقيين تمت تصفيتهم من قبل الموساد خلال السنوات الخمس الماضية. ودخل الصحافي الإسرائيلي الشهير رون بن يشاي الى سورية عام 2008 بجواز سفر لاحدى دول الإتحاد الاوروبي، ونشر تقريراً كاملا في صحيفة 'يديعوت احرنوت' عن المواقع التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية في دير الزور. وجاب الصحافي الإسرائيلي تسفي يحزكيلي المتخصص في الشؤون العربية على القناة العاشرة، جاب مصر والاردن والمغرب وتونس على دراجته النارية طولاً وعرضاً. والصحافي الإسرائيلي الذي يدخل البلاد العربية التي لا تعترف باسرائيل يدخلها بجواز سفر اوروبي ويدخل متحديا وهو يجمع بين مهمته كصحافي ومهمته الإستخبارية كواجب تمليه عليه عقيدته الصهيونية، وهناك صحفيون يقيمون في البلاد العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، ومنهم الصحفية المتخصصة في الشؤون العربية سميدار بيري وقليل من الصحافيين الإسرائيليين هم الذين يلتزمون بمهمتهم الاعلامية الصحافية.
كما وتقوم إسرائيل باستغلال أراضي الدول العربية التي تقيم علاقات معها لتجعل منها كممر لبضائعها واستخباراتها الى العالم العربي في المشرق وفي المغرب وما نشرته صحيفة 'الاندبندنت' البريطانية على لسان الصحافي غوردان توماس يشير الى استغلال الطرف الإسرائيلي لهذه الإتفاقات في استخدام أراضي هذه الدول كمحطات آمنة وللإنطلاق ولتنفيذ جرائمها ضد أبناء هذه الأمة.
فعلاقة أجهزة الأمن العربية مع أجهزة مكافحة التجسس لدول الإتحاد الأوروبي تتجسد في التنسيق وتبادل المعلومات لمواجهة تنظيم القاعدة فالمصلحة مشتركة بين هذه الدول في التصدي لهذا التنظيم الذي جعل من الساحة الأوروبية ميداناً لنشاطاته واستهدافه للنظام العربي بدون استثناء مما جعل التعاون وثيقاً ويمتد ليشمل جميع الفصائل التي وضعتها كل من أوروبا والولايات المتحدة على قائمة الإرهاب ولا يساورنا شك في أن أجهزة مكافحة التجسس الأوروبية تستهدف هذه التنظيمات ومن بينها التنظيمات الفلسطينية.
وهذا التعاون الوثيق والمفتوح على مصراعيه والتنسيق الواسع يفتح للأوروبيين باباً واسعاً لجمع كم هائل من المعلومات سواء بتزويدها لهم عبر التنسيق أو عبر الإختراقات التي تلجأ إليها كل أجهزة استخبارات العالم 'ما عدا الإستخبارات العربية' التي لم يسمع أي مواطن عربي ومنذ استقلال الدول العربية من أن بلداً أوروبياً او غير أوروبي قد كشف شبكة تجسس تعمل لصالح دولة عربية ما، للأسف هذا لم يحدث حتى الآن بتاتاً فالإختراق يإخذ أشكالاً مختلفة ووسائل مختلفة ومن مصادر متنوعة وكثيرة.
هذا هو الباب الذي يستفيد منه جهاز الموساد فليس بالضرورة أن يتم اختراق كيان ما أو تنظيم ما من جهاز الموساد فقط، ولكن قد يكون من جهاز آخر لدولة أخرى بينه وبين جهاز الموساد تعاون وثيق وتنسيق كامل في مجال تبادل المعلومات، كما كان في التنسيق والتعاون الإستخباراتي بين إسرائيل وبشير الجميل المسؤول العسكري للكتائب في مواجهة المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية وأقتبس ما ورد على لسان الصحافي الإسرائيلي رونن بيرجمان في كتابه 'ستعمل إسرائيل كل شيء' والذي صدر حديثا،ً 'قام رجال من الموساد بتدريب عدد من رجال الوحدة الخاصة 104 للكتائب اللبنانية وكان حينها إيلي حبيقه ضابط الإتصال مع إسرائيل ممثلا للكتائب في اللقاءات وكان روبرت حاتم الملقب بالكوبرا أحد الذين تلقوا التدريبات على يد الموساد في الوحدة 104 وفي عام 1980 عينه إيلي حبيقه الحارس الشخصي له' ويتابع رونن بيرغمان عن التعاون بين المعارضة الإيرانية والموساد 'حيث كان عوزي أراد مسؤولأ عن الإتصالات مع المعارضة الإيرانية في فرنسا'. 'واحمد الشلبي كان احد المصادر الأساسية للتراسنة المعلوماتية للأمريكان ودخل الموساد عبر الأمريكان على خط أحمد الشلبي وتلقى منهم مبلغ من المال مقابل إحضار معلومات عن رون أراد' ويتابع رونن بيرغمان 'وكان رئيس الوزاراء إسحق رابين أول من صادق على افتتاح العلاقة بين الإستخبارات الألمانية التي كان يمثلها في ذلك الوقت بيرنارد شميدباور وعن الجانب الإسرائيلي يوسي جينوسار. وكان سبب إندفاع الإسرائيليين لهذا التعاون والتنسيق العلاقة الإقتصادية القوية بين إيران وألمانيا'.
وفي مجال التعاون بين 'السي. ايه. آي' والإستخبارات الإسرائيلية وجمع المعلومات وتجنيد العملاء في المنطقة العربية فقد نشر الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان في جريدة 'هآرتس' بتاريخ 6-12-2007 عن الإمرأة الأمريكية التي كانت تعمل ضابطة حالة في الســـفارة الأمريكية في اليونان وتدعى فاليري بليم ويلسون مقتبساً عن كتابها الذي اصدرته عام 2007 'اللعبة العادلة' قالت: 'كجزء من عملي عملت في التنسيق مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، لأن إسرائيل شريكنا في الحرب على الإرهاب. وانا لا أستطيع ان أتحدث المزيد عن ذلك'.
وقبل أسبوعين اعترف صحافي دانماركي بأنه عمل لمدة 28 يوماً لحساب الموساد الإسرائيلي ولم يتعرض لأية مساءلة او استجواب من الأجهزة الأمنية لدولته، فلو أن هذا الصحافي اعترف بانه كان يعمل لصالح بلد عربي، أي بلد عربي! حينها لن تتوانى أجهزة الأمن في دولته عن اعتقاله فوراً واستجوابه وتقديمه للقضاء. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى التعاون الوثيق بين بلده وجهاز الموساد الإسرائيلي.
فالدماء العربية والارض العربية والسماء العربية والمياه العربية جميعها مستباحة، انه خداع للنفس وللشعب وللأمة القول بأن لدينا أمن قومي عربي في الوقت الذي لا تزال فيه قوات الغزو الأمريكي على أرض العراق والطائرات الإسرائيلية تستبيح السماء العربية متى تشاء وتقصف وتعربد دون أن يتصدى لها أحد. أي أمن قومي تتحدثون عنه؟ والإسرائيلي، أي اسرائيلي، يستطيع أن يدخل أي مكان يشاء وبجواز السفر الذي يراه مناسباً لرحلته. الأمن القومي العربي لا يمكن تجزئته فأي اختراق أمني لأي قطر عربي أو حزب أو فصيل عربي هو اختراق للأمن القومي العربي جميعه، والغليان داخل هذه الأمة المجيدة يؤكدان أنها لن تبقى في حالة سبات وتخدير، ستنهض ولن تبقى تنتظر على قارعة الجمعية العامة ومجلس الامن وقطار الشرعية الدولية ستين عاما أخرى، الشركاء في صنع القرار في مجلس الامن هم الذين يسيرون قطار الشرعية الدولية أما الدول التابعة فلا تمتلك إلا أن تسير في الذيل.
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
» مبارزة شعرية .......
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
» أتثائب... عبلة درويش
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918