معالم القطب الواحد . ( القطب الأعظم )
1- أن القطب الأعظم يسيطر علي معظم المصالح الحيوية فى العالم و وبما أن هذه المناطق تكون حيوية لأنها تحوي مواد خام إستراتيجية مثل ( النفط) لازمة لاستمرار الحضارة والقوة العسكرية وإما لأنها تمثل أهمية عسكرية إستراتيجية من حيث كونها تسهل له السيطرة علي العالم , أما لكونها تتحكم بطرق مواصلاته وإمداده , فإن تعاظم قوته يكون بقدر ما يسيطر علي تلك المناطق الحيوية ويسعي إلي الانفراد بها .
2- أن يكون الأقوى عسكريا بين دول العالم وان يكون لديه من الأسلحة والقوات والمهمات و العتاد ما يمكنه من التحرك عالميا وتغطية مناطق شاسعة من العالم دون منافسة تذكر.
3- ودائما ما ستخدم القطب الواحد قوته العسكرية لتحقيق تفوقه الاقتصادي والحضاري .( )
4- أن يكون أيضاً مالكا لأدوات السيطرة الثقافية والحضارية وأدوات نشر أفكاره ومعتقداته وآرائه عالميا .
5- وغالبا ما يستخدم القطب الواحد القوة العارية , اذ لا يشعر بالحاجة الي اللجوء الي تبرير أعمالة أو خلق ذرائع لعدوانه إذ تصبح حماية مصالحه منطقيا بذاته . ثم يلي ذلك هيبته ومكانته العالمية , وبمعني آخر فالقطب الأوحد ليس بحاجة لتبرير سيطرته أو ما يتخذه من إجراءات لتدعيم وحماية هذه السيطرة . إذ أن من شأن تفوقه أن يجعل منطقه هو السائد عالميا وهو يشعر أن مصلحته أن يكون هذا المنطق سائدا ومعروفا بلا لبس , فكلما تصرف القطب كقطب أوحد أو أعظم كلما كان لهذا مردودة الاقتصادي والسياسي , وكلما كانت حاجته لاستخدام القوة أقل .
6- يفهم القطب الأوحد النظام الدولي بإعتبارة النظام الذي يتفق مع دوره ونفوذه وسطوته ويحقق له مصالحه دون قيود أو كوابح , وبمعني آخر باعتباره النظام الذي يعكس ميزان القوي فى العالم ولا يكون قيداً علي تلك القوة.
7- ويعالج القطب الأوحد أزماته أو حاجته للمال لدعم قوته , أحيانا بالنهب المباشر لثروات الغير ودونما أي اعتبار أخر .
8- إن تحديد القطب الواحد اذ يقتضي منا مراعاة : قوته العسكرية , وقوته الاقتصادية الحقيقية أو التي يمكن أن توفرها له القوة العسكرية , ونفوذه .( )
هذا هو النظام العامي الجديد الأوحد أحادي القطبية كما يدعي الرئيس الأمريكي بوش .
o التفاعل بين النظامين العربي والعالمي
رغم أن أزمة الخليج كانت المناسبة لبدء بروز نظام عالمي جديد وكان العرب موضوعه وميدانه, ومثلت المنطقة العربية بكل امتداداتها "معمل تجارب" فيه معادلات النظام الدولي الجديد اذ شكلت أزمة الخليج الثانية أول اختيار حقيقي لأركان النظام الدولي, إلا انه من التناقض البادي أن القضية رغم أنها بدأت عربية فإنها سلمت يداً بيد لشرط النظام الدولي ومشكلته وقائد العمل الدولي فأصبح الطرف الأساسي فى الأزمة , بينما اختفت الدول صاحبة المشكلة الخلفية ,تستحسن أن تلعب دورا هامشيا ,وصار العرب ومنطقتهم الميدان لاختيار مدي صلاحية النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة "القطب الأعظم" ( ) , وما أن هدأت أصوات المدافع وانجلي غبار العاصفة عن منطقة الخليج, ووقف العرب ذاهلين أم يستوعبوا بعد آثارها , حتى كان النظام العالمي الجديد الذي أعلن عن نفسه من خلالها يخطو أولي خطواته نحو دولة عربية أخري يطالبها بالامتثال والخضوع لأحكامه , ويفرض علي النظام العربي المشاركة فى عقابها . وذلك من خلال الاتهام الغربي لليبيا بتفجير طائرة الركاب كما أسلفنا سابقاً , إن عدم التزام ليبيا يستوجب فرض العقوبات الشاملة ضدها ( ), وقد بدأ النظام العالمي الجديد يتحرك ضد العرب انتصاراً لبعض شعاراته, مثل عقاب العدوان ونبذ الإرهاب الدولي والالتزام بالشرعية الدولية( ), وان الأخيرة علي وجه الخصوص قد اكتسبت أهمية خاصة فى إطار تلك الشعارات نتيجة للنداءات المتكررة من قبل الفاعلين الدوليين فى إطار هذا النظام للانتصار لها علي الأرض العربية وفى مواجهة العرب , ونتيجة لتلكم القرارات العديدة الصادرة عن مجلس الأمن لإنزال العقاب بالعراق ثم ليبيا باسم الشرعية الدولية
( ), لقد بدأ جلياً أن الأزمة الليبية الغريبة هي احدي التداعيات الطبيعية المترتبة علي أزمة الخليج الثانية, وما أحدثته من تصدع فى هيكل النظام العربي وتفاعلاته .
ولقد كثر الحديث من قبل السياسيين فى الوطن العربي عن النظام الدولي "الجديد" أثناء أزمة الخليج وبعدها , ذلك أن هذه الأزمة قد مثلت تحديا واختبارا لقيم وأسس وعلاقات هذا النظام الذي لا يزال قيد التشكيل خلال تلك المرحلة , حيث وضعت الأزمة النظام الإقليمي العربي فى مواجهه النظام الدولي بشكل حاد أثار قضية موقع النظام العربي من النظام العالمي الجديد لا سيما فى ضوء التحولات التي طرأت علي هيكل الأخير وتفاعلاته منذ منتصف الثمانينات, وقد بدأ أن وجهات النظر التي تناولت هذه القضية قد تباينت من حيث توصيفها لطبيعة تلك العلاقة تبعا للمعيار التي تتبناه لتوصيف التحولات فى النظام الدولي , ومن ثم عوامل الجدة وعوامل التغير فيه وانعكاس ذلك علي موقع النظام الإقليمي العربي من النظام الدولي وجدلية العلاقة بينهما من حيث تأثير كل منهما علي الأخر , وإذا كان منظرو فكرة النظم الإقليمية يقولون أنها خاضعة للنظام الدولي اذ أنها تحدد به وتتواكب معه بالضرورة , فإن أهمية النظم الإقليمية تنشأ مما تملكه من قوة حقيقية مستقلة نسبياً عن النظام الدولي , وإلا لما كانت هناك حاجة لها أو إمكانية لبقائها, والواقع أن النظم الإقليمية تختلف من حيث درجة خضوعها للنظام الدولي ونمط هذا الخضوع , فالنظم الإقليمية الواقعة فى الدوائر الجيوبوليتيكية الحيوية للقوي السائدة فى النظام الدولي تميل إلي الخضوع لاحدي هذه القوي أو تعمل بتناسق معها, أما تلك الواقعة فى الأطراف البعيدة عن المجال الحيوي المباشر للقوي العظمي فإنها غالبا ما تتمتع بقدر من الاستقلال الذاتي عنها, ومع ذلك فإن هذا الاستقلال خاضع لاعتبارات القوي الذاتية للنظام, فضلاً عن طبيعة التوازن الاستراتيجي السائد فى النظام الدولي ( ) , ومن ثم فإن تحليل طبيعة علاقة النظام الإقليمي بالنظام الدولي تستوجب قبلاً وبالضرورة التعرف علي محددات تلك العلاقة ,وبناءً علي ما تقدم فإن علاقة النظام العربي بالنظام الدولي لتجديد موقع الأول من الأخير تقتضي التعرف علي كل من محددات هذه العلاقة وطبيعتها .
o محددات العلاقة بين النظام العربي والنظام العالمي
تتأثر علاقة النظام العربي بالنظام العالمي بمحددات رئيسية ثلاثة هي:-
1- الأهمية النسبية التي يوليها النظام الدولي للنظام العربي .
2- طبيعة التوازن الاستراتيجي السائد فى النظام .
3- القوة الذاتية للنظام الإقليمي العربي إزاء النظام العالمي .
وسوف نتناول كلا منهما تفصيلاً .
الأول :- الأهمية النسبية التي يوليها النظام الدولي للنظام العربي:
تنبع الأهمية النسبية التي يوليها النظام العالمي للنظام الإقليمي العربي من عدة اعتبارات نوجزها فيما يلي:-
1- الأهمية الإستراتيجية للمجال الجغرافي لعمل النظام الإقليمي العربي ( ) , تلك التي تعود الي الامتداد الكبير للوطن العربي وموقع هذا الامتداد , فهو يحتل المساحة من الخليج العربي الي المحيط الأطلسي, ومن جبال طوروس شمالاً الي الصحراء الكبرى والمحيط الهندي جنوبا , ويشرف علي الساحل الجنوبي للبحر المتوسط , وكذالك الساحل الشرقي له , عدا ساحل فلسطين ويسيطر علي شاطئ البحر الأحمر, ويشرف علي جزء هام من المحيط الهندي , الأمر الذي يكسب التزام قوة تابعة من موقعه تتمثل فى :-
أ- القدرة علي التحكم فى الممرات المائية التي تصل الغرب بالشرق من خلال تحكمه فى مضيق باب المندب وجبل طارق وهرمز وقناة السويس .
ب- القدرة علي التأثير فى جميع العلاقات الاتصالية بين أوروبا وإفريقيا واسيا , وهي تمثل المنطقة المتوسطة بين القارات الثلاث والباب الشمالي لأفريقيا والغرب لآسيا والجنوب لأوروبا ومن ثم تمثل إطار التفاعل بين تلك المناطق الجغرافية الثلاث .
ت- القدرة علي تهديد أو حماية أطراف دولية كبري, فكلما أنها تمثل العمق الاستراتيجي لأوروبا جنوبا فى ظل العلاقات الطبيعية بين أوروبا والعرب , تمثل البطن الرخو لها فى حالة السيطرة عليها من قبل قوي معادية .
ث- أهمية الموارد التي يتحكم فيها النظام العربي حيث يمتلك العالم العربي إمكانات هائلة من الموارد الطبيعية من الإنتاج النفطي أو الاحتياط وغيره من موارد.
الثاني : طبيعة التوازن الاستراتيجي السائد فى النظام .
ألا حرب , ذلك القدر الذي يتجه له النظام العالمي من هامش للمناورة وحرية الحركة للنظم الفرعية, ذلك أن انقسام القوة الفاعلة فى النظام مشكلة نظاماً ثنائي القطبية يتصور أن يتيح قدرا أكبر من الحرية للنظم الفرعية , استنادا الي تباين المصالح والأهداف , وذلك بالمقارنة بنظام أحادي القطبية , حيث طرف دولي واحد له القدرة علي الفعل وفرض أحكامه وإرادته علي النظام بأكمله , بما فيه من نظم فرعية تضيق قدرتها علي المناورة كثيراً , ويبدوا ذلك جلياً فى النظر الي حرية الحركة التي اكتسبتها الدول النامية والنظم الفرعية فى النظام الدولي إبان الاستقطاب الدولي والحرب الباردة فى الخمسينيات والستينيات , بل لقد بدت الفرصة مواتية لتشكيل وإنشاء نظم فرعية قانونية سياسية, كحركة عدم الانحياز ,ولتحدث أثارها علي طبيعة التفاعلات فى النظام الدولي , نتيجة إسهام تلك المنظمات الجديدة فى إكساب حركة الدول النامية قدرا من الفاعلية فى الأمم المتحدة ( ) علاوة علي ذلك ,إن الاستقطاب الثنائي يكسب النظم الفرعية قوة من استنادها الي أحد القطبين إزاء الأخر فى الحدود المسموحة للمناورة, الأمر الذي تحقق للنظام العربي فى الخمسينيات والستينيات , ومن ثم إتباع سياسة تجربة تقوم علي رفض الأحلاف ومساعدة حركات التحرر وممارسة دور نشط ضد الاستعمار وفى إطار حركة عدم الانحياز ( ) وعلي العكس ذلك , فإن تراجع دور أحد القطبين يفتح المجال لسيطرة الأخر علي النظام , وفرض قدر اكبر من الضبط علي أعضائه , كما حدث بتراجع القوة السوفيتية لصالح الولايات المتحدة , مما أدي لا طلاق يدها فى المنطقة منذ منتصف الثمانينات تقريباً وبدت حرب الخليج الثانية كقمة لذلك ( ) .
ثالثا : القوة الذاتية للنظام الإقليمي العربي إزاء النظام العالمي
إن مدي ودرجة وحجم تأثير النظام العربي فى النظام الدولي رهن بقوة النظام العربي وصلابته وتماسكه,فحينما يكون النظام العربي فى حالة تماسك داخلي وقوة وفاعلية مع وضوح المشروع الحضاري والرؤية السياسية, فإنه يصبح فاعلا ومؤثرا فى النظام الدولي , والعكس صحيح, فعندما تكون المكونات والوحدات السياسية فى النظام العربي فى حالة تشرذم , عندما يفقد النظام العربي رؤيته ومشروعه الحضاري,فإنه يصبح ساحة مستباحة للتدخلات والاختراقات الخارجية من الدول الفاعلة فى قلب النظام الدولي , وآية ذلك أن النظام العربي فى عقد الخمسينيات والستينيات قد مثل دور بارزا كمتغير فى النظام الدولي عندما كسر الاحتكار الغربي للسلاح من خلال صفقة الأسلحة التشيكية , وقام سياسة الانخراط فى الأحلاف العسكرية الغربية ابتداء من الإعلان الثلاثي سنة 1950م ومرورا بحلف بغداد سنة1955, ومبدأ أيزنهاور سنة 1957 , وانتهاء بمبدأ نيكسون سنة 1969م كما لم يستسلم بسهولة للضغوط الغربية الحادة إبان ذروة مرحلة الاستقطاب الثنائي والحرب الباردة, فقد ساهم النظام العربي مساهمة كبيرة , مع بعض دول العالم الثالث, فى وضع اللبنات الأساسية لحركة عدم الانحياز م خلال المشاركة في مؤتمر باندونج سنة 1955م وفى انتهاج الحياد الايجابي طريقاً فى العلاقات الدولية ( ), كذلك فقد تجلت فاعلية التزام العربي وتأثيراته فى بداية السبعينيات , من خلال حرب أكتوبر 1973م, وتوظيف النفط كسلاح خلال , الأمر الذي أدي الي تصحيح أسعاره ,مما أعطي العرب قوة اقتصادية وسياسية عالمية, أحدثت تحولات علي مستوي توزيع الثروة بين الشمال والجنوب , وعززت مطالب الجنوب بإصلاح النظام الاقتصادي العالمي, وليس من قبيل المصادفة أن يبدأ الحوار بين الشمال والجنوب خلال تلك الفترة , وان تقوم أوروبا بدورها فى تدشين الحوار العربي – الأوروبي , الأمر الذي نجم عنه حدوث توترات ضمن حلف شمال الأطلس , حيث صعدت الولايات المتحدة من ضغوطها ومحاولاتها لاحتواء أي دور سياسي نشط لأوروبا إزاء المنطقة العربي .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر