جمال عبد الناصر فى المرحلة الابتدائية:
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
في ذكرى رحيل عبد الناصر..وقفة من نوع اخر..! | |
بقلم: د. صلاح عودة الله صادفت يوم الاثنين الفائت الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيل القائد الخالد جمال عبد الناصر, ففي الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970 توقف قلب قائد الأمة من المحيط الى الخليج عن الخفقان..توقف قلبه حزنا على ما جرى بين الأشقاء الأردنيين والفلسطينيين فيما يعرف بأحداث"أيلول الأسود"..توقف هذا القلب بعد أن تمكن حامله من وضع حد للصراع بينهم..رحل عنا بعد أن أمتناه بالسكتة السياسية قبل أن نميته بالسكتة القلبية. ومن أقواله الخالدة بعد النكسة: "أنا عارف مدى الغضب، ومدى المفاجأة اللى أصابتنا جميعا بعد النكسة، وبعد اللى حصل، وعارف ان الشعب العربى فى مصرغاضب، وحزين لأن جيشه نال هزيمة غير مستحقة، ولأن سيناء تم إحتلالها، بس أنا بدى أقول لكم حاجة الرئيس تيتو، بعت لى رسالة جت له من ليفى أشكول رئيس وزراء إسرائيل، بيطلب فيها أنه يقابلنى فى أى مكان فى العالم، لنتحدث، ولكى نصل لحل، وبيقول انه مش هيتعامل معى معاملة منتصر مع مهزوم ، وان إسرائيل مستعدة ترد لنا سيناء من غير شروط مذلة، إلا شرط واحد بس، إن مصر تبقى دولة محايدة يعنى لا قومية عربية، ولا عروبة، ولا وحدة عربية نبقى فى حالنا، ومالناش دعوة بإسرائيل ولا نحاربها، إسرائيل قتلت الفلسطينيين ، واحنا مالنا ، إسرائيل ضربت سوريا ، احنا محايدين ، ضربت الأردن ، ولبنان ، مصر مالهاش دعوة ، ما تفتحش بقها ، ولا تتكلم..يعنى خدوا سيناء ، وطلقوا العروبة والقومية والوحدة، ونبيع نفسنا للشيطان. أنا طبعا قولت للرئيس تيتو الكلام ده مرفوض، القدس، والضفة، والجولان، وسيناء، يرجعوا مع بعض..إحنا مسئولين عن إستعادة كل الأراضى العربية، احنا مسئولين عن حل مأساة شعبنا العربى فى فلسطين مش هنقبل شروط ، ومش هنخرج من عروبتنا، ومش هنساوم على دم، وأرض العرب..لن تقبل الجمهورية العربية أبدا حل جزئى, معركتنا واحدة، وعدونا واحد، وهدفنا واحد، تحرير أرضنا كلها بالقوة، حبيت أنقل لكم الموضوع ده علشان تعرفوا ان المشكلة مش سيناء بس..الأمريكان واليهود ضربونا فى 67 عشان يساومونا بسيناء على عروبتنا ، وعلى شرفنا ، وعلى قوميتنا". نعم انها أقوال خالدة قالها عبد الناصر وكأنه كان على علم بما سيحدث في مصر خاصة والعالم العربي برمته عامة, كيف لا وهو القائد الذي قالوا له يا ناصر ان كل العالم ضدك, فأجابهم وأنا ضد العالم..لقد تمكن من خلفوه وبنجاح باهر بهدم كل ما بناه..نجحوا في تحطيم ما جاء في أقواله الخالدة, والناظر لما يجري اليوم في مصر سيجد أن هذا البلد العربي قد فقد دوره الريادي النضالي, بل انه أصبح كأصغر قطر عربي لا حول له ولا قوة..فمن توقيع اتفاقية العار"كامب ديفيد" مع الصهاينة غاب دور مصر وتم تهميشها وهذا ما أراده الصهاينة, والرابح الوحيد من توقيع هذه الاتفاقية وما لحق بها من اتفاقيات سلام كاذب مع الأردن والفلسطينيين هو الكيان الصهيوني. الوحدة العربية يا ناصر اليوم هي أمر في عداد المستحيلات, كلما فكرنا فيها لحظة ابتعدنا عنها سنوات عديدة..مصر فقدت هيبتها, أبناء مصر..أبناؤك يا قائدنا"غلابة" يموتون جوعا, تفتك بهم الأمراض, ويفتك بهم ما هو أمر..يفتك بهم القهر والعذاب..النظام يا ناصر غارق في الهرولة وراء التطبيع مقابل حفنة من الدولارات هو المنتفع الوحيد منها. القدس يا ناصر تهود وأقصاها يغتصب وقيامتها تناجي المسيح..القدس تخلى عنها أقرب الناس اليها أو من يظنون أنهم كذلك, فلم تعد تعنيهم..انها تصرخ بأعلى صوتها"أولاد القحبة..ان حظيرة خنزير أطهر من أطهركم"..فهل نلومها على استعمالها لهذه الكلمات التي لا يحب سماعها من تصرخ في وجوههم؟..القدس يا معلمنا أصبحت في نظر البعض"يروشاليم", الذين أصبحوا يعلموننا قول"شالوم" التي تعني سلام, انه السلام المصطنع الذي وقع عليه من خلفك ومن جاء بعده..انه سلام الشجعان..هذا السلام الذي غمر رؤوسنا بالأرض وأذلنا..فما أحقرنا يا ناصر. لقد كنا نقول:نعم لفلسطين التاريخية من بحرها الى نهرها..ومن بعد ذلك أصبحنا نطالب بدولة في حدود حزيران وعاصمتها القدس الشريف..وبعد أن خجلنا من ميثاقنا الوطني, قمنا بشطب كل بنوده التي تدعو الى القضاء على "اسرائيل", كيف لا وقد أصبحت جارتنا المدللة, ومنحناها أكثر من ثلاثة أرباع مساحة أرضنا التاريخية..ومرت الأعوام وقلنا يكفينا محمية في الضفة وأخرى في غزة, وأما القدس فعليها السلام, فهي عاصمة جارتنا"الأبدية"..ونعدك يا ناصر بأن لا نغضب نتنياهو وسنقبل بمحمية فلسطينية منزوعة السلاح والاقتصاد والهواء كذلك..فما الفرق بيننا وبين اخواننا اليهود, انهم عاشوا في نفس الظروف"الغيتوهات" ولسنا بأحسن منهم.. ولا مانع لدينا أن نتقبل فكرة الوطن البديل لكي لا يغضب ليبرمان والداد, فالضفة الشرقية لنهر الأردن لنا وهناك سنقيم دولتنا. قلنا ونصحنا المفاوضين الفلسطينيين بأن المفاوضات عبثية مع الصهاينة ولكنهم لم يكترثوا لأقوالنا ونصيحتنا, بل استمروا وخذلونا, والأنكى أن يقوم كبيرهم بكتابة كتاب يدعي فيه بأن الحياة مفاوضات..ففاوضوا وعين الله ترعاكم, ولكن على ماذا تفاوضوا وقد بعتم الأرض والعرض وقلتم وداعا يا لاجئين ووداعا يا حق العودة..هذه هي فلسطين يا ناصر, فلسطين التي دافعت عنها بالروح والجسد..فلسطين اليوم تم تقسيمها, فهي"فلس" و"طين", جزء يباع بفلس وجزء اخر يدفن في الطين. الضفة الغربية تسيطر عليها حركة فتح يا ناصر..انها محمية"دايتونية" محتلة بأكملها, وغزة تسيطر عليها حماس بعد تحريرها..انها امارة اسلامية محاصرة برا وبحرا وجوا..أبا خالد:لقد كنا نحلم في وطن ولكننا نجحنا في الوصول الى اثنين, مع علمين ونشيدين ووزيرين لكل وزارة..ولكن وطنيتنا أجبرتنا على أن يكون لنا منتخب وطني واحد لكرة القدم, ومع ذلك نجاهد من أجل الوصول الى منتخبين. غزة يا أبا خالد هوجمت من قبل الصهاينة مستخدمين كافة أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا..وزير خارجية مصر يا ناصر والذي يحرس حدود"اسرائيل" هدد بتكسير عظام الفلسطينيين الذين يقتحمون المعابر..انهم أرادوا اقتحامها هربا من الة البطش الصهيونية..أرادوا الوصول الى مصر لتلقي العلاج, ولم يكن هدفهم القدوم للهو في ملاهي وبارات القاهرة..وفي نفس الوقت فان الصهاينة يشعرون وكأنهم في "موطنهم" عند وصولهم الى مصر, فهم شعب الله المختار ومرحب بهم حتى وان هددوا بقصف السد العالي. أكثر من أربعة عقود مرت ولا يزال الجولان محتلا يا ناصر..سوريا تخترق وتضرب من قبل الكيان العبري, والجواب هو الجواب:نعرف متى سنرد..سنرد في الزمان والمكان المناسبين, لكن لا الزمان حان ولا المكان سمح..فمتى الرد ومتى يتم تحرير الجولان؟..والنهاية ستكون كما مع سيناء..لكم الجولان ولنا أن تقوموا بحمايتنا والدفاع عن حدودنا كما فعلت شقيقتكم الكبرى مصر..ولا نستغرب ذلك أبدا. لقد قامت المقاومة اللبنانية بتحرير الجزء الأكبر من الجنوب اللبناني..انها مقاومة شرسة مؤمنة أجبرت العدو على الهروب قبل أن يلاقي حتفه..فقمنا باتهامها وكعادتنا بأنها مقاومة عميلة هدفها تمزيق الصف اللبناني ووحدة لبنان..ومتى كان لبنان موحدا متماسكا, فالسني ضد السني وكلاهما ضد الشيعي والمسيحي..والمسيحيون ضد بعضهم البعض وهم جميعا ضد الاخرين وووو..لبنان عبارة عن طوائف وكل طائفة دولة ذات كيان ولا كيان للبنان. الأردن أجرى حساباته ووقع اتفاقية وادي عربة للسلام مع الصهاينة, وذريعته أن مصر الدولة الأكبر فعلت ذلك قبله, ومنظمة التحرير كانت تجري محادثات سرية ومن ثم علنية مع العدو الصهيوني, ومن هنا جاءت مخاوفه بأن يتفق الفلسطينيون والصهاينة على حسابه, لذلك أسرع هو أيضا بتوقيع اتفاقية سلام بعد مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية..تسابق وهرولة وتطبيع ودول عربية أخرى تسير في نفس الفلك والمخفي أعظم..وسلام على العرب والعروبة. بلاد الرافدين..مهد الحضارة والعلوم أصبحت يا ناصر تعيش في العصور الحجرية, فقد تامر واتحد الجميع لانهاء وجود العراق, والسبب أنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل ويهدد أمن المنطقة بل العالم بأسره..انها أعذار لا أول لها ولا اخر..لا وجود لأسلحة الدمار, والمهم أن العراق اختفى واختفت معه الحضارة..ولكن الأحرار نهضوا بمقاومتهم للاحتلال وها هو منتظر الزيدي الصحفي العراقي الشاب يلطخ وجه عدو الشعوب بوش بحذائه قائلا له:"هذه قبلة الوداع يا كلب"..هذا هو مصير كل احتلال, فهو زائل بارادة الشعوب. لقد فقدنا المروءة يا عبد الناصر, فبكت ولما سألوها ما خطبها؟, أجابت:كيف لا أبكي وأهلي جميعا دون خلق الله ماتوا..انهم ماتوا ولكنها بقيت على قيد الحياة بانتظار من يعيد لها كرامتها, وها هم أشبال قلسطين وقدسها ينتفضون من جديد..وها هو شبل القدس الذي لم يتجاوز عمره العاشرة يصرخ في وجه الجندي الصهيوني ويدفعه أمام باب المغاربة..نعم, لقد حدث ذلك بالأمس, وهذه علامة ودليل لا يقبل الشك بأن من يحمي القدس هم أشبالها وأطفالها ونسائها وشيوخها, وليس أصحاب الملابس والأحذية الايطالية الفاخرة, ولا أصحاب العمائم الذين رقصوا مع بوش في وقت كانت فيه غزة تودع الشهيد تلو الشهيد. قائدنا ومعلمنا, في مثل هذه الأيام ولكن قبل تسع سنوات انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية..انطلقت نتيجة لقيام الصهيوني شارون"بطل" مجازر صبرا وشاتيلا باقتحام ساحات المسجد الأقصى, فهبت الجماهير الفلسطينية المقدسية ومعها اخواننا الأبطال من فلسطينيي الاحتلال الأول..هبوا جميعا ليقولوا"كلنا فداك يا أقصى", ومن هنا نقول للاخوة الفلسطينيين المتناحرين ولجميع الشعوب العربية والاسلامية ان الأقصى والقدس في خطر, ولا توجد قوة على وجه الأرض بامكانها أن توحدكم, فهل القدس ومقدساتها المغتصبة بامكانها أن تكون عنوان وحدتكم؟, هذا ما ستجيب عليه المرحلة المقبلة, املا ألا تكون طويلة, والا سنندم جميعا وحينها لا ينفع الندم. معارك قاصمة خاضها هذا العملاق الأسمر"عبد الناصر" المنحوت من طمي النيل حتي وجد نفسه حزينا.. فمات بالسكتة السياسية قبل أن يموت بالسكتة القلبية..ولم يهدأ الأعداء بموته..فقد راحوا يمثلون بسمعته.. وبدأت عملية الاغتيال الثاني له..الاغتيال المعنوي لإزالة كل ما آمن به..وما سعي جاهدا لتحقيقه..ومنذ أن توفي وحتي الآن ومحاولات تحطيم شخصيته مستمرة..فالزهور التي تنبت في الصخور يجب أن تسحق كاملة. في ذكرى رحيلك يا ناصر نقول, لن ننثني يا سنوات الجمر, واننا حتما لمنتصرون. |
بقلم:رشيد قويدر |
في يوم 28 أيلول/ سبتمبر من عام 1961؛ وقع الانفصال بعد وحدة دامت أربع سنوات. وفي 28 أيلول/ سبتمبر من عام 1970 غادر عبد الناصر عالم الدنيا، في شهر عربي يقطر دماً، دماء الأخوة؛ ذات العام والشهر الذي لوَّن بالأسود، وكأن القدر كان على موعدٍ مع عبد الناصر، كي لا يرى ويعش إلام أفضى به الحال العربي بعد هذه العقود الموغلة في الضياع والتلاشي، والمتنكررة لكل ما هو قومي وعروبي صادق، فأبى أن يعيشها. في مجاز "الإباء" العربي الراهن، فهو ما زال يأبى الإقرار بأن أول الطريق إلى العلاج السليم؛ لمرض معين أو لمعضلة إشكالية، هو الاعتراف بوجود الداء وتوصيفه بدقة من جميع جوانبه، وبصراحة متناهية وصدق مع الذات، وبكل تجرد وموضوعية، وعليه يتعين العلاج والإصلاح بعد هذا الإقرار. قرابة نصف قرن والتجربة العربية المديدة والمريرة هي ذاتها من قادت الأمة إلى ما هي عليه؛ من وضع مزرٍ ومتوالية انحطاط وهزائم وانكسارات، بما هي عليه من تقهقر وحالة مأساوية. مفارقات كبرى تتمة لشعارات "اللاءات" الشهيرة في ظاهرتها الصوتية، نحو "النَعَمْ" أو الصمت المريب "دليل الرضى"، حال المنطق العربي الرسمي سواء بسواء في "التهويل" و"التهوين"، وكأنه لا فكاك من التأويل واللعب على الخطابة الشُعبوية على وجه العموم. وبعد الرحيل مباشرة في مصر ذاتها؛ انقلب الرئيس "المؤمن" السادات على أهداف الثورة في قاهرة المعز ذاتها، حلقةً سوداء في سلسلة طويلة بدأت بالاستعانة بقوى الإسلام السياسي، وأراجوزات الفساد في سيناريوهات "القيامات" العربية، الأرضية التي أوصلته بعد سنوات قليلة إلى زيارة القدس المحتلة واتفاقية "كامب ديفيد": فالدم على الأبواب في الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، والنار تجري صوب الشرق العربي، حتى عبرت أبواب كل بيتٍ في العراق، منتشيةً بغربانها فوق ولائم الأجساد المشوية والدخان الذي لم يفزع منه الصمت العربي الكئيب، قيامات أرضية عربية تزلزل كل إيقاعات الحياة لصالح الفوضى الاعتباطية بمدارات دموية ملتوية تبتلع كل شيء. في عراق اليوم؛ العراق المدمى، على ذات منوال بديهيات تشخيص الداء العربي، يتصارع الساسة على مساحة السلطات والامتيازات الممنوحة لهم من الاحتلال في المنطقة الخضراء، فيسود المنطق الرمادي لفصول المأساة، في الخطابات والتصريحات والجمل والمفردات: بتكرار "المآثر، السيادة والعزّة والانتصار للحرية، والإنجازات الوطنية"، فالانتصار لدى ملوك الطوائف ليس على الإرهاب الأعمى فمنبته معروف، وليس على الفساد والطائفية ولا علاقة له باستعادة الأمن والاستقرار، وكل من يستمع لهذه الظاهرة الصوتية، يصفح بها "الإنجازات الوطنية" المدعاة وبعرض الحائط، كنايةً عن جدران التقسيم الطائفي. فالإنجازات الوطنية تتطلب بالأساس مصالحة وطنية، تنهي الوقائع الصلّدة للفرق المسلحة التابعة للساسة، الفرق المحلية المناطقية المكتسية المجببة بهية طائفة ما، التي تقوم على الفرز السكاني والتعدي والتهجير، بدلاً من تعميق الاصطفاف الوطني للأغلبية الصامتة، للمواطنين الجيدين، وهم من كل الطوائف والملل والنمل، وهم وحدهم مَنْ يستطيعون إعادة الأمن وعزل الإرهاب والإجرام وتصفيته من كل مناطقهم، بل والتخلص من كل سلاح مشبوه المرامي والأهداف، لا سلاح المقاومة الوطنية الفعلية، الخطوة الضرورية لحماية المدنيين، والأسمى في إعادة الاعتبار للمواطنة. كي لا تكون "الإنجازات الوطنية" وباسم "فرض القانون"، هي مهمة تسهيل بناء "كانتونات طائفية ـ مذهبية" تجرد المناطق والأحياء من طابعها الوطني بتكريس المذهبي والطائفي، وتفرض قوانينها وأجندتها؛ التي جرت أمام بصر وتحت سمع قوات الاحتلال الأمريكي، حيث جرت التصنيفات والتهجير، عبر صفقات معها بعدم استهدافها جنودها، وصولاً إلى الجدران العازلة، فرموز السلطة لا يجدي لها أن تُهِربْ معضلاتها إلى خارج حدودها، وهي ذاتها مذهبية طائفية منخورة حتى النخاع. وكي لا يحال الداء إلى مقولات، فإن أولى مهمات الاستنهاض العربي تبدأ بالعراق وفلسطين، حيث يبرز في العراق الراهن إشكالية الهوية السياسية للدولة، فهي تشكل أزمة لدى السلطة الراهنة ذاتها على مستوى الخطاب والممارسة والانتماء، أما الفشل فمرده الإخلال بشروط الدولة الوطنية، طالما أن نجاح مشروع الدولة مشروط بسلامة معاييرها ولوائحها الناظمة وسلامة معاييرها، فلا يمكنها أن تُنتج أمة طالما أنها تفشل بالاعتراف المتساوي بجميع مواطنيها وحمايتها وخدماتها لهم، وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم. وهو ما يضعف أيضاً الهوية الوطنية بوصفها الجماعة السياسية المكونة للدولة، عندما يسحق الاستبداد مواطنيها، أو عندما تُبتلع حقوق فئة اجتماعية مكونة للأمة ذاتها، وحين تؤسس على الولاءات التحتية الضيقة والمنغلقة، فتفشل فكرة الانتماء والولاء والتضامن الوطني بين أعضاء الجماعة السياسية المكونة للدولة، فلا يجد المواطن المسحوق أمامه إلا الارتماء في أحضان الحاضن التحتي ليستوعبه ويوفر له الاعتراف والحماية، بكل الأسى والأسف. في فلسطين لمواجهة الانقسام، ينبغي التشديد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المحدد 25/1/2010، كونها استحقاق دستوري، لا يمكن تجاوزها، لأن أي تأجيل سيشكل تعدياً على الحقوق للأغلبية الصامتة، فضلاً عن كونه موضع تشكيك في موقف قانوني ـ سياسي أخلاقي. أن تجري الانتخابات وفق المبدأ المقر بالحوارات الشاملة، مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وبعتبة حسم 1 ـ 1.5% لضمان مشاركة الجميع في صنع القرار الفلسطيني، بعيداً عن استحواذ وسيطرة فريق على السلطة دون الآخر، فالسلطة ذاتها في وجهيها تحت الاحتلال الصهيوني. والحال الراهن يؤكد على ضرورة إنهاء الانقسام المدمر. نستخلص من الذكرى الأليمة الأولى الانفصال، والثانية رحيل عبد الناصر وقد غيبه الموت مبكراً، بأن رؤية ثاقبة صابرة مراكمة، مقرونة بتخطيطٍ واعٍ لا يكلُّ ولا يملُّ، يمكنها وحدهما استعادة حلم ضائع نحو زمنٍ عربي جميل، رغم التعقيدات والمراكمات، عندما يتعزز النقد في الجذور المتورمة خلف ستائر التحريم الكثيفة، التي تحاول أن تجعل من الأرض العربية أرضاً مختنقة بالمحظورات و "المحرمات". لقد بات من الضروري والملح مواجهة زمن العواصف العربية؛ بأن نستخلص من تجارب التاريخ، والاستلهام من تجارب الشعوب، كي يدرج العرب إلى جانب الشعوب التي انتصرت لحقوقها، وفق اللوائح والقوانين والتشريع الدولي ولإعلان حقوق الإنسان، فالحرية تؤخذ ولا تعطى، ولم تكن يوماً منةً أو سخاءً ومكرمةً من أحد أو قوة ما. |
أعضاؤنا قدموا 55466 مساهمة في هذا المنتدى في 24071 موضوع
هذا المنتدى يتوفر على 1233 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ماية فمرحباً به.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر