تعد المشاركة السياسية واحدة من أهم مؤشرات ودلالات التنمية في أي مجتمع، إذ لا يمكن الحديث عن التنمية بمفهومها الشامل دون التطرق لموضوعة المشاركة السياسية، في الوقت الذي لا يمكن فيه الحديث عن التنمية دون التعرض لدور المرأة في هذه التنمية، وسعيها من أجل التأثير في خطط ومشروعات التنمية من خلال قنوات المشاركة السياسية، وعليه فإن درجة مشاركة المرأة وفاعليتها تنعكس إيجاباً في السياسات التنموية، مع ضرورة التأكيد على أن أية محاولة لفهم ودراسة التغير الاجتماعي لا يمكن عزلها عن دور المرأة .. باعتبارها تمثل أكثر من نصف المجتمع.
وفي مجتمعنا الفلسطيني حيث يتسم بالمحافظة، واحتفاء أقل بإمكانات النساء في ظل هيمنة ذكورية، تستأثر بالنصيب الأكبر من فعاليات الحياة المختلفة، يتوقع من النساء أن تبذل جهوداً مضاعفة من أجل إدماجها في عملية صنع القرار، وفي هذا المجال يجب التذكير بأن التغيرات السياسية التي مرت على مجتمعنا الفلسطيني أتاحت للنساء – في ظل ظروف كثيرة – فرصة تاريخية من أجل تطوير أوضاعهن إيجاباً، من خلال الانخراط في العمل النضالي والجماهيري. ففي فترة الانتفاضة على سبيل المثال استطاعت النساء الفلسطينيات فرض أنفسهن بقوة على الوعي الجماعي الفلسطيني، الشعبي والرسمي، لتقود بعد سنوات قليلة الكثير من المنظمات الأهلية والخيرية التي ساهمت بشكل أو بآخر في تأسيس مجتمع مدني في ظل غياب الدولة.
أولا : أشكال ممارسة المرأة لحقوقها السياسية:-
1 - الانتخابات:
تعد مشاركة المرأة الفلسطينية في الانتخابات التشريعية التي جرت في 20/1/1996 أحدث أشكال مشاركتها السياسية، كما يمكن النظر إلى هذه المشاركة كمقياس للنشاط السياسي والاجتماعي للمرأة الفلسطينية خلال الفترة السابقة، وقد جاءت هذه المشاركة بشيء من الحماسة التي عبرت عن نفسها في شعارات رفعتها المؤسسات والأطر التي أيدت عملية إجراء الانتخابات، وكان أبرزها ذلك الشعار الذي رفعه – طاقم شؤون المرأة – وتمثل في ( بالمشاركة تصنعين الحدث) ليؤكد ويدلل على الحاجة المفقودة إلى مشاركة النساء في صنع القرار السياسي.
2 - مشاركة المرأة في المؤسسات السياسية ( رسمية، وغير رسمية ):-
- المؤسسات السياسية الرسمية:-
(1) - المرأة وزيرة:-
حتى عام 1997، كانت هناك وزيرتان فقط من 25 وزيراً، أي بنسبة 7%، هما السيدة انتصار الوزير (وزيرة الشؤون الاجتماعية)، والدكتورة حنان عشراوي ( وزيرة التعليم العالي سابقاً )، وهما وزارتان ارتبطتا تقليدياً بالمرأة، ثم خرجت الدكتورة عشراوي لتبقى سيدة واحدة في موقع وزير، وعلى الجانب الآخر نرى أن كل نواب الوزارات هم من الرجال .
(2) - المرأة والحكم المحلي:-
إذا كان ثمة اعتبار لأهمية انتخاب ثم تمثيل النساء في المجلس التشريعي مستمداً من مشاركتها في تشكيل السياسات العامة والتشريعات فإن هذه الأهمية تتضاعف بالنسبة للمجالس المحلية التي ستتيح الفرصة لتطبيق تلك السياسات والتشريعات وتحويلها إلى واقع ملموس.
ومن هنا تبرز أهمية وجود النساء في مثل هذه المجالس، حيث تمكنهن من الاقتراب فعلياً من الجماهير وخلق حالة تواصل يومي وطبيعي معهم، مما سيكون له أكبر الأثر من ناحيتين:
الأولى: تقبل وجود النساء في الحياة العامة وخلق حوار مجتمعي قائم على مبدأ المشاركة من كلا الطرفين، يساعد في تشكيل نسيج مجتمعي يدمج النساء على أساس كفاءتهن وقدراتهن.
الثانية: تمكين هؤلاء النساء من فرض رؤيتهن النسوية للقضايا التي يتعرضن لها، وذلك من خلال القنوات الشرعية المتاحة..
وفي ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، توجد خمس عشرة سيدة من بين 3053 عضواً في مجالس الحكم المحلي أي بنسبة 0.5% فقط، وهي نسبة لا تذكر أمام سيطرة الرجال على هذه المجالس التي تستمد أهميتها من الدور المباشر الذي تلعبه في التعليم والصحة وبرامج الخدمات الاجتماعية ، هذا وتعد السيدة سهير أحمد خان أول امرأة فلسطينية تشغل منصب رئيس مجلس قروي في خربة قيس بمحافظة سلفيت.
(3) - المرأة والعمل الدبلوماسي:-
توجد سفيرة واحدة فقط لفلسطين في الخارج وهي السيدة ليلى شهيد في فرنسا، وقد جاء تعيين السيدة شهيد في أغسطس/ آب 1993، تتويجاً لمناصب عدة مهمة شغلتها السيدة شهيد، حيث كانت أول طالبة ترأس الاتحاد العام لطلبة فلسطين – فرع فرنسا – في السبعينات، وفي عام 1989 تم تعيينها من قبل اللجنة التنفيذية ل م. ت. ف ممثلة لها في ايرلندا، ثم هولندا، ثم الدنمارك، لتنتهي أخيراً كمفوض عام فلسطين في فرنسا.
- المؤسسات السياسية غير الرسمية:
(1) - مشاركة المرأة في الفصائل والأحزاب السياسية:-
رغم مشاركة النساء المبكرة في الفصائل والأحزاب السياسية إلا أن ذلك لم يترك أثراً على تحسين مشاركتهن السياسية إذ بقيت هذه المشاركة ضعيفة بالمقارنة مع مشاركة الرجل، بالإضافة إلى استبعادها الكبير عن مراكز صنع القرار في هذه الأحزاب ومنها من كان يتبنى فكراً تنويرياً يدعم دمج النساء في الحياة السياسية والعامة، غير أن الفجوة ظلت واسعة بين التنظير والواقع الفعلي للنساء في الأحزاب التي ينتمين إليها، ونظراً لطغيان العامل السياسي على المراحل التاريخية للشعب الفلسطيني، مما أدى إلى تحديد الأهداف والاستراتيجيات وتركيزها حول قضايا التحرر، فيما تم إرجاء القضايا الأخرى لحين تحقيق الهدف السياسي، غير أن التجربة أثبتت ورغم تراجع المشروع الوطني وظهور أحزاب سياسية جديدة وربما أيضاً بديلة للأحزاب القديمة، أن موضوعة المرأة ليست مركزية بالنسبة للأحزاب وربما هذا يفسر جانباً مهماً من أسباب انحسار نشاط المرأة الفلسطينية في ظل المرحلة الحالية، خاصة في ظل غياب استراتيجية واضحة لدى تلك الأحزاب حول وضع المرأة الفلسطينية، وعدم تحديد رؤية واضحة لكل حزب على حدة وتحديد موقفه من المرأة وتحويل هذا الموقف إلى برامج وأجندات عمل على أرض الواقع.
(2) - مشاركة النساء في المنظمات غير الحكومية:-
تعد مشاركة النساء الفلسطينيات في المنظمات غير الحكومية هي الأوسع والأقدم والأكثر تنوعاً وفعالية، رغم كل ما يمكن أن يقال عن تراجع هذه المشاركة كماً وكيفاً.
لقد وجدت النساء الفلسطينيات متنفساً حقيقياً في هذه المنظمات التي نشأت في ظل غياب الدولة، وأعطتها الفرصة لإثبات وجودها كمواطن فاعل في المجتمع ومشارك حقيقي في قضاياه ومشكلاته، على الرغم من الصعوبات المتعددة التي واجهتها النساء الناشطات في هذا المجال سابقاً من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، حيث كان ينظر لها كمؤسسات ذات طابع سياسي، تحمل قضية التحرر الوطني كأولوية أولى في أجندة عملها، حتى ذلك الذي أخذ – ظاهرياً – طابعاً اجتماعياً.
ولكن تدريجياً ومع انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، وركود الأحزاب السياسية وخاصة اليسارية منها، بهت اهتمام النساء بالعمل الوطني ليحل محله شعور جديد ترافق مع الظروف السياسية وتراجعها، شعور لا يخلو من الإحباط والإحساس بالانكسار وعدم جدوى أي نشاط، وهو شعور أحدثته صدمة التغيرات السياسية المفاجئة، مما وضع المؤسسات والأفراد والشعب أمام سؤال تمثل في: ما جدوى ما نفعل؟
في مرحلة ما بعد أوسلو واجه عمل المنظمات النسوية بل والحركة النسوية بشكل عام وضعاً مربكاً، إذ كان عليها أن تعمل ضمن أولويات عمل جديدة اختلفت عما نشأت عليه سابقاً، خاصة في ظل مرحلة التحول نحو الدولة، أي إقرار تشريعات وسياسات لا تتبنى في أول ما تتبنى الأفكار السابقة نحو قضايا التحرر الوطني، ومن ثم وجدت نفسها مضطرة أن تجد لها هويتها الخاصة، وصوتها الخاص، ضمن هذه الظروف والمتغيرات التي ثبت فيما بعد وربما من المراحل الأولى تهميشها للدور التاريخي الذي لعبته هذه المنظمات، ليس هذا فحسب، بل أيضاً لم تبلور المنظمات النسوية – على تعددها واختلافها وأحياناً تناقضها - رؤية واضحة ذات بعد استراتيجي لعملها المستقبلي ضمن الشروط الجديدة التي فرضتها الاتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، افتقارها لهذه الرؤية الواحدة جعلها تتعامل بردة فعل معاكس تماماً لمرحلة ما قبل أوسلو، فانكفأت على نفسها وتبنت سياسات عمل معزولة عن الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه فلسطين، فقامت بطرح قضايا الجندر بعيداً عن السياق الاجتماعي والسياسي الذي تعمل فيه هذه المنظمات، الأمر الذي أفقدها الكثير من شعبيتها وجماهيريتها التي أحرزتها سابقاً، خاصة في فترة الانتفاضة، واكتفت بطرح قضايا فوقية لا تهم الكثير من النساء اللائى لم يعد لهن صلة ذات أهمية بعمل هذه المنظمات، وتدريجياً اكتفت المؤسسات النسوية بتحقيق مطالب وتوجهات الجهات التمويلية في تنفيذ برامج ونشاطات بعيدة عن السياسة، أي أنها عزلت بين المؤسسات النسوية وقاعدتها الجماهيرية من خلال سلخها عن تبني قضايا التحرر الوطني، التي لم تزل متجذرة في واقعنا الفلسطيني، وعليه لا نجد من المؤسسات من يتبنى قضايا النساء في المخيمات مثلاً.
لقد اكتفت الناشطات النسويات بوجودهن في مؤسسات تحمل يافطات تضمن كلمة المرأة أو النسوية، ورضيت بالهدوء الذي تنعم به في ظل تغاضي السلطة عنها، وتهميشها لأي دور كان من الممكن أن تلعبه على الساحة الشعبية، فانحصر نشاطها في التدريب والتخطيط وورشات العمل المحصورة في نطاق ضيق جداً من الأسماء التي تتكرر في كل مناسبة، فيما ظلت القاعدة الجماهيرية بعيدة تماماً عن كل هذه الأنشطة التي ظلت مفرغة من محتواها المرتبط بالقضايا الحقيقية للجماهير، وهي قضايا لا تبعد بالتأكيد عن قضايا التحرر الوطني ذات المضمون الإنساني في جوهرها الحقيقي والعميق، ورغم هذا النشاط الفوقي الذي ظلت تمارسه المؤسسات النسوية إلا إنها ظلت مستبعدة من مراكز صنع القرار في معظم قضايا المجتمع في الصحة، والتعليم، والسياسة السكانية والتنموية ومشاركتها في الرؤية السياسية في الوقت الذي خسرت فيه أيضاً القاعدة الشعبية، التي كان من الممكن أن تشكل لها دافعاً قوياً لفرض وجودها على أصحاب القرار، وعدم تهميش النظام السياسي لوجودها كقوة حقيقية وضاغطة في المجتمع.
3 – مشاركة المرأة في الوظائف العامة:-
لا توجد نساء كثيرات في المناصب القيادية المهمة، ذات التأثير المباشر في مراكز صنع القرار، أو التأثير في الرأي العام، فنحن لدينا على سبيل المثال في قطاع غزة امرأتان تعملان في سلك القضاء هما: سعادة الدجاني، وسلوى الصايغ، فيما لا توجد وكيلة نيابة واحدة، في حين يحتكر الرجال إضافة إلى هذا المنصب، منصب النائب العام.
المرأة الفلسطينية جزء من كل، لا يمكن فصلها عن المجتمع الذي تتحرك فيه، وعليه فإن أية تأثيرات – سلبية أو إيجابية – يتعرض لها هذا المجتمع، إنما تقع عليها أيضاً، بل ربما، وبصورة مضاعفة، لذلك فإن أي تحديث وتفعيل لدور المرأة الفلسطينية، يتطلب بالضرورة تحديثاً وتفعيلاً لمجتمعها، الذي يمثل بيئة عملها الحقيقية.
وفي مجتمعنا الفلسطيني حيث يتسم بالمحافظة، واحتفاء أقل بإمكانات النساء في ظل هيمنة ذكورية، تستأثر بالنصيب الأكبر من فعاليات الحياة المختلفة، يتوقع من النساء أن تبذل جهوداً مضاعفة من أجل إدماجها في عملية صنع القرار، وفي هذا المجال يجب التذكير بأن التغيرات السياسية التي مرت على مجتمعنا الفلسطيني أتاحت للنساء – في ظل ظروف كثيرة – فرصة تاريخية من أجل تطوير أوضاعهن إيجاباً، من خلال الانخراط في العمل النضالي والجماهيري. ففي فترة الانتفاضة على سبيل المثال استطاعت النساء الفلسطينيات فرض أنفسهن بقوة على الوعي الجماعي الفلسطيني، الشعبي والرسمي، لتقود بعد سنوات قليلة الكثير من المنظمات الأهلية والخيرية التي ساهمت بشكل أو بآخر في تأسيس مجتمع مدني في ظل غياب الدولة.
أولا : أشكال ممارسة المرأة لحقوقها السياسية:-
1 - الانتخابات:
تعد مشاركة المرأة الفلسطينية في الانتخابات التشريعية التي جرت في 20/1/1996 أحدث أشكال مشاركتها السياسية، كما يمكن النظر إلى هذه المشاركة كمقياس للنشاط السياسي والاجتماعي للمرأة الفلسطينية خلال الفترة السابقة، وقد جاءت هذه المشاركة بشيء من الحماسة التي عبرت عن نفسها في شعارات رفعتها المؤسسات والأطر التي أيدت عملية إجراء الانتخابات، وكان أبرزها ذلك الشعار الذي رفعه – طاقم شؤون المرأة – وتمثل في ( بالمشاركة تصنعين الحدث) ليؤكد ويدلل على الحاجة المفقودة إلى مشاركة النساء في صنع القرار السياسي.
2 - مشاركة المرأة في المؤسسات السياسية ( رسمية، وغير رسمية ):-
- المؤسسات السياسية الرسمية:-
(1) - المرأة وزيرة:-
حتى عام 1997، كانت هناك وزيرتان فقط من 25 وزيراً، أي بنسبة 7%، هما السيدة انتصار الوزير (وزيرة الشؤون الاجتماعية)، والدكتورة حنان عشراوي ( وزيرة التعليم العالي سابقاً )، وهما وزارتان ارتبطتا تقليدياً بالمرأة، ثم خرجت الدكتورة عشراوي لتبقى سيدة واحدة في موقع وزير، وعلى الجانب الآخر نرى أن كل نواب الوزارات هم من الرجال .
(2) - المرأة والحكم المحلي:-
إذا كان ثمة اعتبار لأهمية انتخاب ثم تمثيل النساء في المجلس التشريعي مستمداً من مشاركتها في تشكيل السياسات العامة والتشريعات فإن هذه الأهمية تتضاعف بالنسبة للمجالس المحلية التي ستتيح الفرصة لتطبيق تلك السياسات والتشريعات وتحويلها إلى واقع ملموس.
ومن هنا تبرز أهمية وجود النساء في مثل هذه المجالس، حيث تمكنهن من الاقتراب فعلياً من الجماهير وخلق حالة تواصل يومي وطبيعي معهم، مما سيكون له أكبر الأثر من ناحيتين:
الأولى: تقبل وجود النساء في الحياة العامة وخلق حوار مجتمعي قائم على مبدأ المشاركة من كلا الطرفين، يساعد في تشكيل نسيج مجتمعي يدمج النساء على أساس كفاءتهن وقدراتهن.
الثانية: تمكين هؤلاء النساء من فرض رؤيتهن النسوية للقضايا التي يتعرضن لها، وذلك من خلال القنوات الشرعية المتاحة..
وفي ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، توجد خمس عشرة سيدة من بين 3053 عضواً في مجالس الحكم المحلي أي بنسبة 0.5% فقط، وهي نسبة لا تذكر أمام سيطرة الرجال على هذه المجالس التي تستمد أهميتها من الدور المباشر الذي تلعبه في التعليم والصحة وبرامج الخدمات الاجتماعية ، هذا وتعد السيدة سهير أحمد خان أول امرأة فلسطينية تشغل منصب رئيس مجلس قروي في خربة قيس بمحافظة سلفيت.
(3) - المرأة والعمل الدبلوماسي:-
توجد سفيرة واحدة فقط لفلسطين في الخارج وهي السيدة ليلى شهيد في فرنسا، وقد جاء تعيين السيدة شهيد في أغسطس/ آب 1993، تتويجاً لمناصب عدة مهمة شغلتها السيدة شهيد، حيث كانت أول طالبة ترأس الاتحاد العام لطلبة فلسطين – فرع فرنسا – في السبعينات، وفي عام 1989 تم تعيينها من قبل اللجنة التنفيذية ل م. ت. ف ممثلة لها في ايرلندا، ثم هولندا، ثم الدنمارك، لتنتهي أخيراً كمفوض عام فلسطين في فرنسا.
- المؤسسات السياسية غير الرسمية:
(1) - مشاركة المرأة في الفصائل والأحزاب السياسية:-
رغم مشاركة النساء المبكرة في الفصائل والأحزاب السياسية إلا أن ذلك لم يترك أثراً على تحسين مشاركتهن السياسية إذ بقيت هذه المشاركة ضعيفة بالمقارنة مع مشاركة الرجل، بالإضافة إلى استبعادها الكبير عن مراكز صنع القرار في هذه الأحزاب ومنها من كان يتبنى فكراً تنويرياً يدعم دمج النساء في الحياة السياسية والعامة، غير أن الفجوة ظلت واسعة بين التنظير والواقع الفعلي للنساء في الأحزاب التي ينتمين إليها، ونظراً لطغيان العامل السياسي على المراحل التاريخية للشعب الفلسطيني، مما أدى إلى تحديد الأهداف والاستراتيجيات وتركيزها حول قضايا التحرر، فيما تم إرجاء القضايا الأخرى لحين تحقيق الهدف السياسي، غير أن التجربة أثبتت ورغم تراجع المشروع الوطني وظهور أحزاب سياسية جديدة وربما أيضاً بديلة للأحزاب القديمة، أن موضوعة المرأة ليست مركزية بالنسبة للأحزاب وربما هذا يفسر جانباً مهماً من أسباب انحسار نشاط المرأة الفلسطينية في ظل المرحلة الحالية، خاصة في ظل غياب استراتيجية واضحة لدى تلك الأحزاب حول وضع المرأة الفلسطينية، وعدم تحديد رؤية واضحة لكل حزب على حدة وتحديد موقفه من المرأة وتحويل هذا الموقف إلى برامج وأجندات عمل على أرض الواقع.
(2) - مشاركة النساء في المنظمات غير الحكومية:-
تعد مشاركة النساء الفلسطينيات في المنظمات غير الحكومية هي الأوسع والأقدم والأكثر تنوعاً وفعالية، رغم كل ما يمكن أن يقال عن تراجع هذه المشاركة كماً وكيفاً.
لقد وجدت النساء الفلسطينيات متنفساً حقيقياً في هذه المنظمات التي نشأت في ظل غياب الدولة، وأعطتها الفرصة لإثبات وجودها كمواطن فاعل في المجتمع ومشارك حقيقي في قضاياه ومشكلاته، على الرغم من الصعوبات المتعددة التي واجهتها النساء الناشطات في هذا المجال سابقاً من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، حيث كان ينظر لها كمؤسسات ذات طابع سياسي، تحمل قضية التحرر الوطني كأولوية أولى في أجندة عملها، حتى ذلك الذي أخذ – ظاهرياً – طابعاً اجتماعياً.
ولكن تدريجياً ومع انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، وركود الأحزاب السياسية وخاصة اليسارية منها، بهت اهتمام النساء بالعمل الوطني ليحل محله شعور جديد ترافق مع الظروف السياسية وتراجعها، شعور لا يخلو من الإحباط والإحساس بالانكسار وعدم جدوى أي نشاط، وهو شعور أحدثته صدمة التغيرات السياسية المفاجئة، مما وضع المؤسسات والأفراد والشعب أمام سؤال تمثل في: ما جدوى ما نفعل؟
في مرحلة ما بعد أوسلو واجه عمل المنظمات النسوية بل والحركة النسوية بشكل عام وضعاً مربكاً، إذ كان عليها أن تعمل ضمن أولويات عمل جديدة اختلفت عما نشأت عليه سابقاً، خاصة في ظل مرحلة التحول نحو الدولة، أي إقرار تشريعات وسياسات لا تتبنى في أول ما تتبنى الأفكار السابقة نحو قضايا التحرر الوطني، ومن ثم وجدت نفسها مضطرة أن تجد لها هويتها الخاصة، وصوتها الخاص، ضمن هذه الظروف والمتغيرات التي ثبت فيما بعد وربما من المراحل الأولى تهميشها للدور التاريخي الذي لعبته هذه المنظمات، ليس هذا فحسب، بل أيضاً لم تبلور المنظمات النسوية – على تعددها واختلافها وأحياناً تناقضها - رؤية واضحة ذات بعد استراتيجي لعملها المستقبلي ضمن الشروط الجديدة التي فرضتها الاتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، افتقارها لهذه الرؤية الواحدة جعلها تتعامل بردة فعل معاكس تماماً لمرحلة ما قبل أوسلو، فانكفأت على نفسها وتبنت سياسات عمل معزولة عن الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه فلسطين، فقامت بطرح قضايا الجندر بعيداً عن السياق الاجتماعي والسياسي الذي تعمل فيه هذه المنظمات، الأمر الذي أفقدها الكثير من شعبيتها وجماهيريتها التي أحرزتها سابقاً، خاصة في فترة الانتفاضة، واكتفت بطرح قضايا فوقية لا تهم الكثير من النساء اللائى لم يعد لهن صلة ذات أهمية بعمل هذه المنظمات، وتدريجياً اكتفت المؤسسات النسوية بتحقيق مطالب وتوجهات الجهات التمويلية في تنفيذ برامج ونشاطات بعيدة عن السياسة، أي أنها عزلت بين المؤسسات النسوية وقاعدتها الجماهيرية من خلال سلخها عن تبني قضايا التحرر الوطني، التي لم تزل متجذرة في واقعنا الفلسطيني، وعليه لا نجد من المؤسسات من يتبنى قضايا النساء في المخيمات مثلاً.
لقد اكتفت الناشطات النسويات بوجودهن في مؤسسات تحمل يافطات تضمن كلمة المرأة أو النسوية، ورضيت بالهدوء الذي تنعم به في ظل تغاضي السلطة عنها، وتهميشها لأي دور كان من الممكن أن تلعبه على الساحة الشعبية، فانحصر نشاطها في التدريب والتخطيط وورشات العمل المحصورة في نطاق ضيق جداً من الأسماء التي تتكرر في كل مناسبة، فيما ظلت القاعدة الجماهيرية بعيدة تماماً عن كل هذه الأنشطة التي ظلت مفرغة من محتواها المرتبط بالقضايا الحقيقية للجماهير، وهي قضايا لا تبعد بالتأكيد عن قضايا التحرر الوطني ذات المضمون الإنساني في جوهرها الحقيقي والعميق، ورغم هذا النشاط الفوقي الذي ظلت تمارسه المؤسسات النسوية إلا إنها ظلت مستبعدة من مراكز صنع القرار في معظم قضايا المجتمع في الصحة، والتعليم، والسياسة السكانية والتنموية ومشاركتها في الرؤية السياسية في الوقت الذي خسرت فيه أيضاً القاعدة الشعبية، التي كان من الممكن أن تشكل لها دافعاً قوياً لفرض وجودها على أصحاب القرار، وعدم تهميش النظام السياسي لوجودها كقوة حقيقية وضاغطة في المجتمع.
3 – مشاركة المرأة في الوظائف العامة:-
لا توجد نساء كثيرات في المناصب القيادية المهمة، ذات التأثير المباشر في مراكز صنع القرار، أو التأثير في الرأي العام، فنحن لدينا على سبيل المثال في قطاع غزة امرأتان تعملان في سلك القضاء هما: سعادة الدجاني، وسلوى الصايغ، فيما لا توجد وكيلة نيابة واحدة، في حين يحتكر الرجال إضافة إلى هذا المنصب، منصب النائب العام.
المرأة الفلسطينية جزء من كل، لا يمكن فصلها عن المجتمع الذي تتحرك فيه، وعليه فإن أية تأثيرات – سلبية أو إيجابية – يتعرض لها هذا المجتمع، إنما تقع عليها أيضاً، بل ربما، وبصورة مضاعفة، لذلك فإن أي تحديث وتفعيل لدور المرأة الفلسطينية، يتطلب بالضرورة تحديثاً وتفعيلاً لمجتمعها، الذي يمثل بيئة عملها الحقيقية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر