ها هي مسألة حل السلطة تعود الى التداول السياسي من جديد.
وجديد الأمر هنا هو ان مصدر الحديث عن حل السلطة هذه المرة هو كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات وقد جاء في سياق نوع من التهديد او التحذير اذا اردنا استخدام الاوصاف الناعمة دون ان يصل الى درجة الإنذار.
معروف ان مسألة حل السلطة الوطنية قد طُرحت في الساحة الفلسطينية من على نفس قاعدة التهديد هذه او ما يشابهها اكثر من مرة وبوتائر مختلفة. مرة بالدعوة الصريحة ومرات اخرى كثيرة تلميحاً او مواربة.
الامر الأهم هو ان طروحات حل السلطة قد حملت نفس المعارضة غالباً، وكان الهدف منها في معظم الاحيان البحث عن "قنبلة" مدوية تقذفها في وجه اسرائيل لإحراجها وإجبارها على اعادة النظر في ادارة ظهرها للعالم وللعملية السلمية، ولوقف سلوكياتها المنافية لروح ونصوص الاتفاقيات الموقعة وتنكرها الكامل لمتطلبات واستحقاقات هذه العملية.
اي ان العملية برمتها كانت اقرب الى التهديد منه الى الايمان بالخطوة وجدواها ويمكن القول هنا ان المنشأ الحقيقي لهذه الاطروحات كان الاحباط واليأس الى درجة الكفر بالعملية السلمية وما أفضت اليه من نتائج وما انطوت عليه من تكريس للاحتلال وتعزيز للاستيطان وما ترتب على ذلك من "وقائع" مفروضة على الارض.
لا يختلف منهاج طرح مسألة حل السلطة في تلك الحالة عن منهاج اليوم لأن المنشأ هو نفسه والهدف هو نفسه والاعتقاد هو نفسه ايضاً.
وقضية "التهديد" الفلسطيني بحل السلطة كانت آنذاك وما زالت اليوم ترى في هذا التهديد حافزاً قوياً للتأثير في الموقف الاميركي والموقف الغربي وفي دفعه نحو اتخاذ خطوات جادة في الضغط على اسرائيل وإجبارها على الالتزام بمواقف المجتمع الدولي الداعي الى عملية سلمية جادة وذات اهداف ملموسة قادرة على وضع حد نهائي لهذا الصراع الذي يؤرق العالم ويقلق مراكزه الرئيسية.
كما ان هذا "التهديد" كان يعني من بين ما يعنيه "حتمية" الانزلاق الى حل الدولة الواحدة وهو الحل الذي يهدد برأي اصحاب نظرية حل السلطة ليس فقط نقاء الدولة اليهودية وإنما يهدد وجودها الفعلي على المدى الطويل.
أما اصحاب نهج حل السلطة من الشرائح الاخرى للمعارضة في بلادنا فإن دعوتهم لهذا الحل كانت آنذاك وما زالت حتى اليوم تنطلق من كون السلطة نوعاً من العبء على مشروع المقاومة وكان اصحاب هذا النهج يعتقدون - وأغلب الظن انهم يعتقدون اليوم ايضاً - ان وجود السلطة يغيّب صورة الاحتلال من جهة ويقيد حركة الشعب وقواه الوطنية في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل من جهة اخرى. وعلى العموم كان اصحاب هذا النهج وما زالوا غير مهتمين ولا حتى مكترثين بالمسألة الكيانية للشعب الفلسطيني وأغلبهم لا يؤمن بالعملية السلمية من حيث المبدأ وليس فقط من حيث المسار والنتائج.
وبما ان حل السلطة لن يؤدي الى حل الدولة الواحدة، ولن يؤدي الى اطلاق العنان لمشروع جاد للمقاومة فإن التهديد بحل السلطة، قديمه وجديده هو تهديد بلا عنوان، ودون هدف حقيقي ودون فائدة ترجى عملياً.
هناك تهديد حقيقي لحل الدولتين، وهذا التهديد مصدره الوحيد اسرائيل ووسيلة هذا التهديد هي الاستيطان والتهويد، ولا يوجد على وجه هذه البسيطة اليوم من يؤيد هذه السياسة سوى أنصار الائتلاف الحاكم في اسرائيل والقوى المهووسة والمسكونة بأبشع اشكال الشوفينية والتعصب والعنصرية في اسرائيل اضافة الى أقطاب هذا الائتلاف ومراكز النفوذ التي يمثلها هؤلاء الأقطاب والرموز الرئيسية لقيادات الحركة الاستيطانية المسلحة في الضفة المحتلة.
وحل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يلقي إجماعاً كاملاً على كل المستويات ومن مختلف عناصر القوة والتأثير في هذا العالم. وقد تحول هذا الحل الى عنوان المرحلة ومفتاحها والى هدف للإجماع الوطني والاقليمي والدولي ولم يعد من يعارض هذا الحل إلا بعض الاوساط الموغلة في مرجعيتها وتزمتها سواء في اسرائيل او الولايات المتحدة وفي بعض الاوساط اليهودية اليمينية في العالم.
فكيف بالله عليكم يمكن لأحد ان يدير ظهره لكل هذا الدعم ولكل هذا الاجماع ولكل هذا الزخم والتأييد ليبحث عن حل لم يعد خافياً انه قفزة في الهواء، دون هدف ودون طريق ودون تأييد ودون تدقيق وتمحيص بالخطوة ونتائجها؟
التهديد لحل الدولتين ليس سبباً للتراجع عن هذا الهدف والقفز نحو المجهول وانما يجب ان يكون السبب المباشر والدافع المباشر لاستغلال هذا الاجماع وهذا الدعم بالشكل الذي يحول التهديد الاسرائيلي لهذا الحل الى مأزق سياسي وعزلة كاملة وحصار دولي من نوع جديد.
النهج المناسب لمواجهة اسرائيل وتهديدها لحل الدولتين يتمثل في تحويل السلطة الوطنية الى مؤسسة فاعلة للصمود الوطني والى اداة بناء وأداة تصد حقيقية وفي تمكين المجتمع من القدرة على المجابهة ومن القدرة على مواصلة الكفاح الوطني بالأساليب التي تحظى بالاجماع الوطني والدعم والمساندة القومية والمؤازرة والتعاطف الدولي في اطار ادارة حكيمة للصراع وفي ملاحقة اسرائيل ومطاردتها عند كل منعطف وزاوية وفي كل المحافل والمنابر وتحويل المفاوضات معها من غطاء الى وسيلة صراع على كل الجهات والأهم في تحويل هذا الصراع الى عمل شعبي وطني عام متصل ومتواصل.
ان اسرائيل هي مصدر اليأس والاحباط لأن كل اطروحاتها السياسية وكل سنوات الاستيطان والتهويد وكل الوقائع التي حاولت فرضها على الارض هي في مهب الريح وهي موضع مساءلة دولية غير مسبوقة وهي موضع استنكار وشجب وإدانة دولية وهي موضع استفزاز للمجتمع الدولي ولكل قوى الحرية والسلام والعدل في هذا العالم.
اسرائيل تتدهور يومياً بسبب سياسة التهديد التي تمارسها ضد حل الدولتين واسرائيل تدفع يومياً من لحمها الحي جراء هذه السياسة.
لا يغرنكم هذا "التماسك" الذي تحاول اسرائيل الظهور به اليوم، ولا تنخدعوا بهذا "الاجماع" الاسرائيلي الذي يبقي نتنياهو "مرتاحاً" لائتلافه فهذا كله ليس سوى نهاية الأحلام الاسرائيلية والفصول الاخيرة في هذه الرواية السمجة.
ليس فقط الاستيطان ما يهدد حل الدولتين، وليس فقط التهويد ما يهدد حل الدولتين، ان كل شيء في السياسة الاسرائيلية هو تهديد مباشر لحل الدولتين لأن حل الدولتين هو الاعلان الرسمي عن وصول الحل الصهيوني الى نهايته المأساوية.
لإسرائيل أن تقلق وأن تيأس وأن تنتف شعرها ندماً اذا شاءت، أما نحن فليس لدينا ما نخسره غير القيود التي تحاول اسرائيل ان تأسرنا بها. الحل قادم وسنستقل في دولتنا الوطنية رغم أنف الاحتلال ورغم قوته وجبروته والوقائع التي فرضها على أرضنا ورغم كل هذا التهديد للحل القادم. المطلوب اليوم الصمود السياسي والبناء الوطني وليس اطلاق الشعارات الوهمية.
الكاتب: د. عبد المجيد سويلم
وجديد الأمر هنا هو ان مصدر الحديث عن حل السلطة هذه المرة هو كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات وقد جاء في سياق نوع من التهديد او التحذير اذا اردنا استخدام الاوصاف الناعمة دون ان يصل الى درجة الإنذار.
معروف ان مسألة حل السلطة الوطنية قد طُرحت في الساحة الفلسطينية من على نفس قاعدة التهديد هذه او ما يشابهها اكثر من مرة وبوتائر مختلفة. مرة بالدعوة الصريحة ومرات اخرى كثيرة تلميحاً او مواربة.
الامر الأهم هو ان طروحات حل السلطة قد حملت نفس المعارضة غالباً، وكان الهدف منها في معظم الاحيان البحث عن "قنبلة" مدوية تقذفها في وجه اسرائيل لإحراجها وإجبارها على اعادة النظر في ادارة ظهرها للعالم وللعملية السلمية، ولوقف سلوكياتها المنافية لروح ونصوص الاتفاقيات الموقعة وتنكرها الكامل لمتطلبات واستحقاقات هذه العملية.
اي ان العملية برمتها كانت اقرب الى التهديد منه الى الايمان بالخطوة وجدواها ويمكن القول هنا ان المنشأ الحقيقي لهذه الاطروحات كان الاحباط واليأس الى درجة الكفر بالعملية السلمية وما أفضت اليه من نتائج وما انطوت عليه من تكريس للاحتلال وتعزيز للاستيطان وما ترتب على ذلك من "وقائع" مفروضة على الارض.
لا يختلف منهاج طرح مسألة حل السلطة في تلك الحالة عن منهاج اليوم لأن المنشأ هو نفسه والهدف هو نفسه والاعتقاد هو نفسه ايضاً.
وقضية "التهديد" الفلسطيني بحل السلطة كانت آنذاك وما زالت اليوم ترى في هذا التهديد حافزاً قوياً للتأثير في الموقف الاميركي والموقف الغربي وفي دفعه نحو اتخاذ خطوات جادة في الضغط على اسرائيل وإجبارها على الالتزام بمواقف المجتمع الدولي الداعي الى عملية سلمية جادة وذات اهداف ملموسة قادرة على وضع حد نهائي لهذا الصراع الذي يؤرق العالم ويقلق مراكزه الرئيسية.
كما ان هذا "التهديد" كان يعني من بين ما يعنيه "حتمية" الانزلاق الى حل الدولة الواحدة وهو الحل الذي يهدد برأي اصحاب نظرية حل السلطة ليس فقط نقاء الدولة اليهودية وإنما يهدد وجودها الفعلي على المدى الطويل.
أما اصحاب نهج حل السلطة من الشرائح الاخرى للمعارضة في بلادنا فإن دعوتهم لهذا الحل كانت آنذاك وما زالت حتى اليوم تنطلق من كون السلطة نوعاً من العبء على مشروع المقاومة وكان اصحاب هذا النهج يعتقدون - وأغلب الظن انهم يعتقدون اليوم ايضاً - ان وجود السلطة يغيّب صورة الاحتلال من جهة ويقيد حركة الشعب وقواه الوطنية في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل من جهة اخرى. وعلى العموم كان اصحاب هذا النهج وما زالوا غير مهتمين ولا حتى مكترثين بالمسألة الكيانية للشعب الفلسطيني وأغلبهم لا يؤمن بالعملية السلمية من حيث المبدأ وليس فقط من حيث المسار والنتائج.
وبما ان حل السلطة لن يؤدي الى حل الدولة الواحدة، ولن يؤدي الى اطلاق العنان لمشروع جاد للمقاومة فإن التهديد بحل السلطة، قديمه وجديده هو تهديد بلا عنوان، ودون هدف حقيقي ودون فائدة ترجى عملياً.
هناك تهديد حقيقي لحل الدولتين، وهذا التهديد مصدره الوحيد اسرائيل ووسيلة هذا التهديد هي الاستيطان والتهويد، ولا يوجد على وجه هذه البسيطة اليوم من يؤيد هذه السياسة سوى أنصار الائتلاف الحاكم في اسرائيل والقوى المهووسة والمسكونة بأبشع اشكال الشوفينية والتعصب والعنصرية في اسرائيل اضافة الى أقطاب هذا الائتلاف ومراكز النفوذ التي يمثلها هؤلاء الأقطاب والرموز الرئيسية لقيادات الحركة الاستيطانية المسلحة في الضفة المحتلة.
وحل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يلقي إجماعاً كاملاً على كل المستويات ومن مختلف عناصر القوة والتأثير في هذا العالم. وقد تحول هذا الحل الى عنوان المرحلة ومفتاحها والى هدف للإجماع الوطني والاقليمي والدولي ولم يعد من يعارض هذا الحل إلا بعض الاوساط الموغلة في مرجعيتها وتزمتها سواء في اسرائيل او الولايات المتحدة وفي بعض الاوساط اليهودية اليمينية في العالم.
فكيف بالله عليكم يمكن لأحد ان يدير ظهره لكل هذا الدعم ولكل هذا الاجماع ولكل هذا الزخم والتأييد ليبحث عن حل لم يعد خافياً انه قفزة في الهواء، دون هدف ودون طريق ودون تأييد ودون تدقيق وتمحيص بالخطوة ونتائجها؟
التهديد لحل الدولتين ليس سبباً للتراجع عن هذا الهدف والقفز نحو المجهول وانما يجب ان يكون السبب المباشر والدافع المباشر لاستغلال هذا الاجماع وهذا الدعم بالشكل الذي يحول التهديد الاسرائيلي لهذا الحل الى مأزق سياسي وعزلة كاملة وحصار دولي من نوع جديد.
النهج المناسب لمواجهة اسرائيل وتهديدها لحل الدولتين يتمثل في تحويل السلطة الوطنية الى مؤسسة فاعلة للصمود الوطني والى اداة بناء وأداة تصد حقيقية وفي تمكين المجتمع من القدرة على المجابهة ومن القدرة على مواصلة الكفاح الوطني بالأساليب التي تحظى بالاجماع الوطني والدعم والمساندة القومية والمؤازرة والتعاطف الدولي في اطار ادارة حكيمة للصراع وفي ملاحقة اسرائيل ومطاردتها عند كل منعطف وزاوية وفي كل المحافل والمنابر وتحويل المفاوضات معها من غطاء الى وسيلة صراع على كل الجهات والأهم في تحويل هذا الصراع الى عمل شعبي وطني عام متصل ومتواصل.
ان اسرائيل هي مصدر اليأس والاحباط لأن كل اطروحاتها السياسية وكل سنوات الاستيطان والتهويد وكل الوقائع التي حاولت فرضها على الارض هي في مهب الريح وهي موضع مساءلة دولية غير مسبوقة وهي موضع استنكار وشجب وإدانة دولية وهي موضع استفزاز للمجتمع الدولي ولكل قوى الحرية والسلام والعدل في هذا العالم.
اسرائيل تتدهور يومياً بسبب سياسة التهديد التي تمارسها ضد حل الدولتين واسرائيل تدفع يومياً من لحمها الحي جراء هذه السياسة.
لا يغرنكم هذا "التماسك" الذي تحاول اسرائيل الظهور به اليوم، ولا تنخدعوا بهذا "الاجماع" الاسرائيلي الذي يبقي نتنياهو "مرتاحاً" لائتلافه فهذا كله ليس سوى نهاية الأحلام الاسرائيلية والفصول الاخيرة في هذه الرواية السمجة.
ليس فقط الاستيطان ما يهدد حل الدولتين، وليس فقط التهويد ما يهدد حل الدولتين، ان كل شيء في السياسة الاسرائيلية هو تهديد مباشر لحل الدولتين لأن حل الدولتين هو الاعلان الرسمي عن وصول الحل الصهيوني الى نهايته المأساوية.
لإسرائيل أن تقلق وأن تيأس وأن تنتف شعرها ندماً اذا شاءت، أما نحن فليس لدينا ما نخسره غير القيود التي تحاول اسرائيل ان تأسرنا بها. الحل قادم وسنستقل في دولتنا الوطنية رغم أنف الاحتلال ورغم قوته وجبروته والوقائع التي فرضها على أرضنا ورغم كل هذا التهديد للحل القادم. المطلوب اليوم الصمود السياسي والبناء الوطني وليس اطلاق الشعارات الوهمية.
الكاتب: د. عبد المجيد سويلم
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر