ما تزال تداعيات تمديد جلسة مجلس النواب الى اسبوعين آخرين تثير اهتمام صحف بغداد ففي الوقت الذي تساءلت فيه احدى الصحف، كيف تجري مطالبة المواطن باحترام القانون والتقيد به، فيما تسمح قواه السياسية لنفسها بخرق مصدر القانون الذي هو الدستور.
وقالت صحيفة اخرى إن العملية السياسية دخلت في مفترق، اما اعادة الاعتبار للدستور والتقيد بالتوقيتات وحسم الامور، واما ترك الامور تجري على ما هي عليه من نهائيات مفتوحة. فيما قالت احدى الصحف، يبدو ان قدر المواطن العراقي ان يعيش في الامل فقط حيث لا يوجد في الافق ما يشير الى اية حلول على الساحة بين الفرقاء، خصوصا وان الفقر وانعدام ضمير المسؤولين ضيعا البلاد وأوصلاها الى نهايات مأساوية، وهناك أزمة ذمّة وضمير وتكاره سياسي لدى السياسيين أوصلت البلاد إلى الهاوية وهم أحد الأسباب المباشرة في إرباك الشارع وليس الشعب كما اشارت صحيفة اخرى الى انه في الصراع الديمقراطي الدائر على السلطة، بات الزهد بدور المعارض هو القاسم المشترك بين جميع المختلفين السياسيين.
الهبوط السياسي
ففي صحيفة 'البينة' ابرزت الافتتاحية مقالا لاذعا حمل عنوان 'الوحي البايدني!!' بينت فيه عجز السياسيين على تشكيل الحكومة، وقالت الصحيفة: قبل الانتخابات كانت الوعود تطلق بلا حساب وكانت القوى السياسية تقول بتقديم مصلحة المواطن على الاهداف والمصالح الاخرى، غير أنه أتضح بأن التصرف بعد اعلان النتائج هو المعيار الاصدق في الكشف عن التزام الساسة بوعودهم التي قطعوها للمواطن وجعلوها مادة التسابق للتنافس الانتخابي. وقد أوفى الساسة بوعودهم بالتمام والكمال، ولكن لأنفسهم فقط وجاء تأجيل جلسة مجلس النواب مصداقا لهذا الوفاء وعلى حساب الدستور، وهو أمر يضاف إلى مجموع مخالفات الكتل السياسية النيابية للدستور العراقي.
ويدل هذا الخرق على الهبوط السياسي الذي تعانيه الكتل السياسية، كما أن التأجيل مؤشر على فشل كبير للساسة العراقيين وفشلا للعملية السياسية العراقية برمتها، وهو يشكل صدمة مؤلمة للمواطن العراقي.
إن المادة 76 من الدستور حددت فترة 15 يوما من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات لانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب ليتم فيها انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، مع منع تمديد هذه المدة مرة أخرى، ان إبقاء الجلسة مفتوحة هو تحايل على الدستور. وليس من المؤمل بأن مدة التأجيل توصل الكتل السياسية إلى اتفاق بشأن المناصب السيادية الثلاثة فيها ولا نظن توصل الكتل لقرار بمحض الإرادة لأنهم يبدون حتى الآن قاصرين سياسيا مع الأسف، ومن المرجح انتظار الساسة لوحي بايدني لحل الأزمة لأنهم اعتادوا على ذلك في حل الكثير من الأزمات.
ان تجاوز المهلة الدستورية سيدخل البلد في نقطة الخطر، وعدم وجود مؤسسات للدولة وقانون ينظم عمل الأحزاب سيجعل الدستور، الذي هو الضامن الوحيد في البلد، مخترقا من كل الكتل، وبالتالي فلن يكون هناك أي ضمان في العراق. وغياب التوحد على هدف مشترك من قبل الكتل السياسية وتباين طموحاتها شكل سبباً رئيساً لاستمرار ازمة تشكيل الحكومة، وما لم تتوحد رؤى وغايات الشركاء السياسيين حول المصلحة الوطنية العليا وتتوفر الارادة الصادقة لذلك فان افاق الحل تبدو بعيدة.
ان تفاقم تبعات الفراغ الدستوري وانعكاساتها السلبية على المواطن العراقي، يحتم على الكتل السياسية تقديم التنازلات المتبادلة وتخفيض سقوف مطالبها ومصالحها الفئوية لغرض التعجيل بايجاد حلول ناجعة لمعاناة المواطن.
ما الذي ينقصنا
وفي مقال حمل عنوان (ما الذي ينقصنا؟)، قالت صحيفة 'الصباح' (يومية شبه رسمية) بقلم سالم مشكو 'ليس واضحا ما إذا كان الفرقاء السياسيون جادين فعلا في أحاديثهم عن الالتزام بالدستور واحترام ارادة الناخبين وغير الناخبين من العراقيين'.
واضاف الكاتب 'نسير في شوارع العاصمة الاردنية عمان، النظيفة والمضاءة، وعلى الجانبين عمارات شاهقة مكتملة وأخرى قيد الانشاء في حركة عمرانية نشيطة. يسألني رفيق سفري السؤال الجاري على لسان كل عراقي يخرج الى دولة اخرى: ما الذي ينقصنا؟ لماذا لا نملك هكذا شوارع وهكذا بنايات؟ عندما وصلنا الى مقصدنا حيث تقام ندوة نقاشية حول موضوع عراقي، استلم صاحبي الميكرفون وراح يصدح بصوته الرنّان متبجحا بتاريخ عراقنا الممتد في عمق التاريخ وعن 'حيوية' الانسان العراقي و'خلاّقيته'. بعد ان فرغنا سألته: اذا كنا بهذه الحيوية وهذه الخلاقية فلماذا نعيش حالة البؤس التي كنت تتذمر منها قبل الندوة؟
وتابع الكاتب 'الاردن كما لبنان، من الدول التي لا تملك موارد تذكر لكنها عامرة، والعراق الذي يملك كل شيء، يصاب مواطنه بالذهول عندما يرى في هذه الدول شارعا نظيفا وأنوارا تضيئه، فما الذي ينقصنا؟ ومن السبب في كل هذا؟.طرحنا هذا السؤال ونحن نرتاح في أحد المقاهي المكتظة في عمان ففتحنا به باب النقاش بين مجموعة من العراقيين المقيمين وآخرين قادمين للتو. تعددت الاجابات، ومعها تعددت الجهات التي ألقى المتحدثون المسؤولية عليها. قال أحدهم: 'النظام السابق هو المسؤول فقد دمّر كل شيء خلال عشرات السنين، فرّط بثروات البلاد وبدّدها في حروب عبثية، فلم يعمّر سوى القصور الرئاسية، فيما الخراب كان يعم كل مكان'. أجابه آخر منزعجا: 'وهل نظل نحمل المسؤولية للنظام السابق؟ تفضلوا: فقد ذهب ذلك النظام منذ سبع سنين، فلماذا لم نر إعمارا حتى الآن؟ لماذا لا نحصل على ابسط الخدمات؟ انظروا هل انقطعت الكهرباء هنا في عمان خلال وجودنا منذ أيام؟ عمان التي لا تملك النفط ولا المياه ولا المال. دعونا نبحث عن السبب الحقيقي لتردي أوضاعنا'. تدخل شخص ثالث في النقاش قائلا: أنا أعيش في عمان منذ سنوات طويلة. نفذّت مشاريع عديدة هنا، لم أواجه صعوبة بل لقيت كل التسهيلات التي شجعتني على إقامة المزيد من المشاريع الاستثمارية. ذهبت الى بغداد رغبة مني في الاستثمار في بلدي، بقيت شهورا عدة أهرول وراء الموافقات والتراخيص حتى اصطدمت بالجدار الكبير: 'ادفع تربح'، المصيبة ان الدفع لا يعني بالضرورة تذليل الصعاب بل بعضها، فيما الاخر وراءه تحجر عقلي من قبل بعض المسؤولين، أو تشابك قوانين قديمة وجديدة. النتيجة التي خلصت اليها هي ان لا احد يريد ان يبني في العراق، وفي المقابل هناك الكثير من المنشغلين بالتخريب المتعمد. لقد واجهت في دول اخرى مسؤولين مرتشين لكنهم يعملون، رأيت مسؤولين يسرقون جزءاً من المال العام لكنهم يبنون بالجزء الاكبر، اما في العراق فقد رايت الكثير ممن يسرقون الجزء الاكبر من المال المخصص، فيما يوزعون الباقي على الادنى منهم درجات. النتيجة ان الاموال تنفق لكن لا شيء يبنى'. هنا التفت نحونا رجل كان يستمع لنقاشنا مكتفيا بالنفخ في نرجيلته فقال: 'عمّي خلاصة الكلام أحنا عدنا أزمة ذمّة وضمير وإذا منصلّح حالنا راح نظلّ نباوع على الدول الاخرى ونتحسّر'. أما أنا فقد اكتفيت، خلال النقاش، بالاستماع، واكتفي هنا بنقل تفاصيله دون تعليق.
التكاره السياسي
اما صحيفة 'المؤتمر' فقد نشرت مقالا للكاتب فاضل الشويلي حمل عنوان 'المجتمع العراقي ما بين التسامح الديني والتكاره السياسي!' قال فية 'تعيش المكونات في هذا المجتمع منذ القدم على الرغم من الاختلاف في الانتماءات من حيث المعتقد والآيديولوجيا والقومية أوالاثنية وما الى ذلك من خصوصيات، حيث شكلت هذه المكونات تركيبة ديموغرافية متجانسة تعكس الصورة الحقيقية لهذا المجتمع، فحدثت بعض ممارسات العنف ما بين هذه المكونات في فترات متفاوته من الزمن، إلا أن أبناء المجتمع ادركوا بضرورة التعايش، بالتالي عاشوا وتصهاروا ولا يوجد خيار آخر لهم على هذه المعمورة. وبعد تأسيس الدولة على أثر الثورة العراقية 1920 والتي كان من ابرز مفجري هذه الثورة هم رجال الدين وشيوخ العشائر واغلبهم من مكون معين، إلا أن هؤلاء لم يدخلوا في العملية السياسية انذاك، ما جعل السلطة تتركز لدى مكون آخر واستمرت على ما يقرب من ثمانية عقود من الزمن، حيث تم تغييب كل المكونات الاخرى، وتم تمثيلها بشكل رمزي من باب ذر الرماد في العيون، وتم مسك السلطة بيد من حديد من قبل البعث وقاموا ببث روح التفرقة ما بين مكونات المجتمع، على غرار فرق تسد، إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك، الامر الذي جعل كل الطوائف بأن تقدم شهداء على اثر مقارعتها الى ذلك النظام الاوتوقراطي الفاشستي، ولم يذكر لأي ممارسات عنف ما بين مكونات المجتمع إبان تلك الفترة.
لكن بعد المتغيرات التي حدثت في العراق ما بعد مارس 2003 أصبح العراق أرضاً خصبة ومناخا ملائما لنمو وممارسة العنف، ومسرحاً للعمليات العسكرية، فضلا عن وجود المحتل، الامر الذي أدى الى ظهور الحركات الراديكَالية وما تحمله من أجندات أقليمية ودولية، وغياب السلطة ماجعل هذه المكونات تبحث عن ضمانات لها في الدولة الحديثة والدستور، الامر الذي أدخل العراق على شفى آتون الحرب الاهلية، لولا حكمة أبنائه.
فعلى هامش مؤتمر التسامح الديني العراقي الذي اقيم في بيروت في 26 و27 مارس 2010 من قبل معهد الدراسات العراقية الاستراتيجية وبحضور شخصيات أكاديمية وسياسية واعلامية ودينية عراقية من كل الطوائف، فضلا عن شخصيات لبنانية ومصرية اكاديمية ودينية واعلامية، خرج المؤتمرون بمجموعة رؤى وافكار وتوصيات، لكن المهم في الامر هو أن العنف الذي حدث في العراق له مجموعة من المشارب التي تغذيه، ومنها الافكار الثيوقراطية المتطرفة والتي تأخذ الشعارات الدينية كشماعة لشرعنة اعمالها وهذا ما حدث بعد 2003، والتجاذبات السياسية بين الفرقاء السياسيين والتسابق نحو قبة البرلمان غير مكترثين لما يحدث من توتر في الشارع العراقي، ومما لا شك فيه فإن علماء الاجتماع السياسي يرون بأن المستوى الاقتصادي والثقافي للفرد يحدد سلوكه السياسي، وهذا ما نلاحظه من خلال ذوي الدخل الاقتصادي شبه المعدم وأنصاف المثقفين ادى بهم الانخراط الى الحركات التي تمارس العنف وذلك من اجل الانتقام لذاتهم ولتعويض النقص الحاصل في تركيبتهم السايكولوجية.
بالتالي فإن العنف ليس دينياً فحسب وإنما إقتصادي وسياسي وإجتماعي وثقافي، فالتسامح هو إحترام الآخر بما يعتقد وبالتالي التعايش، فالتسامح الذي يجب أن يدعى له هو ما بين السياسيين وليس بين مكونات المجتمع لأن هذه المكونات هي متجانسة ومتعايشة لكن الذي حدث بعد التغيير هو من صنع الوجود الاجنبي والتدخل الاقليمي لإنهاء حالة التعايش في العراق، فلم يستطيعوا دق أسفين التفرقة في المجتمع، فدخلوا من نافذه اخرى وهي نافذة السياسيين، فاليوم ولاءات أغلب السياسيين في العراق أضحت ولاءات اقليمية ودولية ولا يوجد أي ولاء للوطن في أدبياتهم، ولا يأبهون للدماء التي تسيل يومياً وتصاعد اعداد الارامل واليتامى والثكالى، بالتالي فالخلافات فيما بينهم تنعكس على الشارع العراقي!!! أ يعلمون أصحاب الجلالة بأن عدد الايتام في العراق تجاوز المليون يتيم والارامل اربعة ملايين؟!! أيعلمون بأن 30 بالمئة في العراق يعيشون تحت مستوى خط الفقر؟!! وبفعل الفساد الاداري الذي ارتكبوه يعد العراق اليوم في مقدمة الدول في مستوى الفساد الاداري؟! إذن فالسياسيون هم أحد الاسباب المباشرة في إرباك الشارع وليس الشعب، وعندما نستعرض صور التسامح فإن أروع مثال للتعايش السلمي في العراق هو عندما قام الاخوة المسيحيون بتأجيل أعياد رأس السنة الميلادية لمصادفتها أيام محرم الحرام وهذا هو ديدن العراق..!! فالشعب اليوم فجَر الثورة البنفسجية وأدى ما عليه والكرة الآن في ملعبكم ايها السياسيون.
بالتالي فعلينا أن لا نستحي من تشخيص الخطأ، فعندما نشخص الخطأ نصل الى الصواب، ومن بين اسباب العنف الاخرى فهو إلًه التطرف الذي يصوره الاخرون وهو الاله البشع، وليس الالًه الذي نعرفه ونتعاطى معه بروحية وتسام عال، فرسول الله (ص) كان متسامحاً مع الكل وهو من موقع القوه، ففي ساحة القتال عندما قام احد المسلمين بقتل احد المشركين في المعركة، بعد أن تشهَد المشرك الشهادتين، بالتالي لم يقبل الرسول ذلك العمل لأن دم المشرك قد حقن، فنحاول أن ننهض بمجتمعنا الى هذه الثقافة، وعدم مأسسة الطائفية في المجتمع، والدعوة الى قيام الدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات يتعامل فيها المواطنون على اساس المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات، ونشر ثقافة التسامح من خلال وسائل الاعلام والانترنت وتدريس كل الاديان الموجودة في العراق في المدارس والجامعات حتى نتمكن من تكوين ثقافة التعايش السلمي بين أبناء المجتمع، والحؤول دون شخصنة الاديان من قبل الساسة واستخدامها استخداماً آيديولوجياً براغماتياً لتمويه المواطن والرأي العام، والتأكيد على معاقبة الافراد وفق القانون الذين يمسون حرمة الجوامع والحسينيات والكنائس وغيرها من المعابد ووضع فقره في الدستور لهذا الامر لنحافظ على معتقدات الجميع وبالتالي التعايش السلمي، وفق القانون لان القانون لا يكون مناطقياً ولا ينتمي الى جهة أو يمثل طائفة أو مذهب، بالتالي فنحن تواقون الى فرض قوة القانون لا قانون القوة، وندعو الى تلك الدولة المدنية وذلك الوطن الذي يعيد احلامنا التي سرقت ومازالت تسرق، والابتسامة التي اغتيلت من على شفاه اطفالنا، ويدمل جراحات الثكالى اللواتي فقدن الاخ والابن والحبيب!!!
ونعيد العراق الى سابق عهده كعضو فعال في الجامعة العربية والامم المتحدة والمجتمع الدولي والى ساحة الفكر والثقافة والابداع على كل المستويات لان العراق يعد رقماً مهماً على الساحة الاقليمية والدولية والاستراتيجية ولأنه مهد الحضارات قبل 6 آلاف سنة.
'الكيا'
وفي زاوية منابر في صحيفة 'المشرق' (يومية ـ مستقلة) كتب عبد الكريم ابراهيم مقالا حمل عنوان 'معايشة في الكيا ليوم واحد لكل مسؤول' هناكَ مؤهلات وشروط يجب ان تتوفر في المتقدمين لتولي مناصب معينة، خصوصا الحكومية، منها الشهادة الدراسية والاختصاص والخبرة والكفاءة والنزاهة... الخ من قائمة طويلة، لو طبقت منها 50' لكان العراق بخير وراحة بال، المهم علينا الاستفادة من الماضي القريب في التأكيد على هذه الشروط، في اختيار القيادات التي ستتولى المسؤولية في الحكومة المقبلة، وهناك ضرورة ملحة اقتضت اضافة شرط جديد، يضاف لما سبق هو ان يكون المسؤول قد ركب (الكيا) (سيارة باص 9 اشخاص من نوع كيا موتورز) ولو ليوم واحد فقط كنوع من المعايشة الحقيقية، لان هذا الامر اهم شيء في كل المؤهلات، حيث يستطيع من خلاله التعرف على ما يجري بصورة مباشرة وبعيداً عن تقارير واراء وعاظ السلاطين، الذين يقربون البعيد ويبعدون القريب وحسب اهوائهم، وحتى الذي لم يركب (الكيا) وطبعاً اغلب المسؤولين لم يحظوا بهذا الشرف، عليهم ان يخصصوا يوماً واحداً فقط كنوع من المعايشة الوظيفية يرون ويسمعون بام اعينهم الحقيقية وبدون سواتر بشرية!!، وهذا الموضوع حيوي لدرجة كبيرة وعلى البرلمان الجديد تعميمه في شروط القبول، خصوصاً في الوزارات الخدمية، التي تشهد تراجعاً يوماً بعد يوم وبدون حلول تذكر سوى الوعود المخدرة التي تطلق عبر الوسائل الاعلامية المختلفة، والنتيجة عراق بلا ابسط وسائل الراحة التي تنعم بها المسؤولون، من كهرباء 24 ساعة وسيارات مكيفة ورواتب فلكية وامتيازات لا يمكن ان تحصى، ولعل شرط ركوب (الكيا) مطلب جماهيري يجعل هؤلاء المسؤولين ينزلون من ابراجهم العاجية الى حيث معاناة المواطن البسيط، ويعرفون ان وعد الله حق، وربما يكتون بنار الصيف اللاهب، فيتحرك فيهم شعور المسؤولية الذي اصيب بداء الخدر من جراء البرودة الصيفية تحت اجهزة التكييف!! والله كان في عون العراقيين على مصائب الدنيا والبشر معاً!!
وفي نفس الصحيفة وتحت عنوان 'شهداء في جهنم قال محمد شفيق'الشهيد لقب يطلق على الذي فقد حياته وهو يؤدي واجبه في الذود عن وطنه او ايصال رسالته.
ويحظى الشهيد في الشريعة الاسلامية بمكانة كبيرة حتى انه يعد من الاحياء عند الله تعالى كما يعبر القرآن الكريم عن ذلك في اكثر من سورة واية. وهناك نوع اخر يطلق عليه لقب (الشهيد الحي) ويعني به الشخص الذي نجا من القتل بأعجوبة فلذلك يسمى بالشهيد الحي وهذا النوع موجود في العراق بكثرة لان اكثر من عشرة ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر وباختصار ادق (جوعانين) ويفتقدون لابسط مقومات الحياة . واخص بالذكر منهم عائلة في احدى مناطق العاصمة بغداد مازال افرادها على قيد الحياة (بقدرة قادر). تتكون هذه العائلة من ام وبنت لم تتجاوز العاشرة وأبن لم يبلغ الحلم اما الاب قد اعدمته السلطة السابقة كونه شتم عقيدة حزب البعث .
تصوروا عائلة تسكن في منزل لا يصلح لسكن (....) وتكفل الابن الذي يبلغ الثانية عشرة من عمره بمعيشة امه وشقيقته حيث يعمل في امانة بغداد (بواسطة) من قبل البعض. يذهب الساعة 7 صباحا ليرجع في الثانية عشرة ظهرا ويذهب الى المدرسة بعد انتهاء عقده مع الامانة اخترع عملا آخر. حيث يقوم بتسليم مادة النفط الابيض للناس لقاء ثمن زهيد لا يسد رمقهم.
في القديم سمعنا مثلا يتدواله بعض الناس (ماكو واحد يموت من الجوع) ولكن هذه العائلة وصلت بها الحال الى أنها لا تملك طعام الفطور او العشاء . بل ولا تتمكن من دفع اجرة العيادة الشعبية اذا اصيب احدهم بمرض. والمصيبة العظمى ان ما يسمى بمؤسسة السجناء السياسيين لم تعتبر الاب شهيدا وهذا ما حز في صدر الام وابنها الوحيد والذي تغرق عينيه الدموع كلما ذكر هذا الموقف. بعد هذا الموقف استذكرت حديث رسول الله: (ان عرش الله ليهتز اذا دمعت عين اليتيم). اذن كم مرة يهتز عرش الله على مدار الساعة. ولماذا لا يخسف الله الارض من تحت اقدامنا؟
وهنا اتساءل هل يوجد في العراق مصطلح اسمه الانسانية؟ بل لا اعتقد اننا ننتمي الى مفهوم الانسانية ولا اعرف لماذا يطلق علينا كلمة (انسان) ونحن بعيدون عن هذا المفهوم كبعد المشرق عن المغرب.
واضاف 'لقد صدقت الملائكة عندما قالوا لله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) لكنها رسالة وغاية لا بد ان تصل الى عقولنا ومسامعنا . فرد عليهم الله قائلا (اني اعلم ما لا تعلمون). لقد تبرأنا من عالم الانسان وربما الحيوان اشفق منا. ذات يوم شاهدت مقطع فيديو لحيوان (الفهد) وهو يصطاد فريسة فتولد في الطريق فيحن عليها الفهد ويعتني بها وبصغيرها.
وهناك اطباء الذين لا اعرف اي سفيه اطلق عليهم اسم (ملائكة الرحمة) لا يقومون بانجاب المرأة لانها لا تملك المال. والملايين من هذه الحالات نشاهدها يوميا. فهؤلاء هم الشهداء الذين لم يسجلوا في سجلات الموتى والمؤسسات المعنية. فالشهيد في جنات النعيم والخلد كما وعده الله سبحانه. ولكن شهداء العراق الاحياء يعانون مر (الممات) لا استطيع ان اقول مر الحياة لانه لا يوجد لديهم اي معنى او مفهوم للحياة فلقد حكم عليهم في عراق الخير المنهوب بجهنم الدنيا. نار الله اهون من نار العراق لانه سجرها الله الذي اطلق على نفسه الرحمة والشفقة. لكن نار العراق سجرها اشخاص اطلقوا على انفسهم الظلم والوحشية واعلنوا براءتهم التامة من عالم الانسان. رحم الله شهداءنا الاحياء وخلصهم من جحيم العراق. آمين
وقالت صحيفة اخرى إن العملية السياسية دخلت في مفترق، اما اعادة الاعتبار للدستور والتقيد بالتوقيتات وحسم الامور، واما ترك الامور تجري على ما هي عليه من نهائيات مفتوحة. فيما قالت احدى الصحف، يبدو ان قدر المواطن العراقي ان يعيش في الامل فقط حيث لا يوجد في الافق ما يشير الى اية حلول على الساحة بين الفرقاء، خصوصا وان الفقر وانعدام ضمير المسؤولين ضيعا البلاد وأوصلاها الى نهايات مأساوية، وهناك أزمة ذمّة وضمير وتكاره سياسي لدى السياسيين أوصلت البلاد إلى الهاوية وهم أحد الأسباب المباشرة في إرباك الشارع وليس الشعب كما اشارت صحيفة اخرى الى انه في الصراع الديمقراطي الدائر على السلطة، بات الزهد بدور المعارض هو القاسم المشترك بين جميع المختلفين السياسيين.
الهبوط السياسي
ففي صحيفة 'البينة' ابرزت الافتتاحية مقالا لاذعا حمل عنوان 'الوحي البايدني!!' بينت فيه عجز السياسيين على تشكيل الحكومة، وقالت الصحيفة: قبل الانتخابات كانت الوعود تطلق بلا حساب وكانت القوى السياسية تقول بتقديم مصلحة المواطن على الاهداف والمصالح الاخرى، غير أنه أتضح بأن التصرف بعد اعلان النتائج هو المعيار الاصدق في الكشف عن التزام الساسة بوعودهم التي قطعوها للمواطن وجعلوها مادة التسابق للتنافس الانتخابي. وقد أوفى الساسة بوعودهم بالتمام والكمال، ولكن لأنفسهم فقط وجاء تأجيل جلسة مجلس النواب مصداقا لهذا الوفاء وعلى حساب الدستور، وهو أمر يضاف إلى مجموع مخالفات الكتل السياسية النيابية للدستور العراقي.
ويدل هذا الخرق على الهبوط السياسي الذي تعانيه الكتل السياسية، كما أن التأجيل مؤشر على فشل كبير للساسة العراقيين وفشلا للعملية السياسية العراقية برمتها، وهو يشكل صدمة مؤلمة للمواطن العراقي.
إن المادة 76 من الدستور حددت فترة 15 يوما من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات لانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب ليتم فيها انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، مع منع تمديد هذه المدة مرة أخرى، ان إبقاء الجلسة مفتوحة هو تحايل على الدستور. وليس من المؤمل بأن مدة التأجيل توصل الكتل السياسية إلى اتفاق بشأن المناصب السيادية الثلاثة فيها ولا نظن توصل الكتل لقرار بمحض الإرادة لأنهم يبدون حتى الآن قاصرين سياسيا مع الأسف، ومن المرجح انتظار الساسة لوحي بايدني لحل الأزمة لأنهم اعتادوا على ذلك في حل الكثير من الأزمات.
ان تجاوز المهلة الدستورية سيدخل البلد في نقطة الخطر، وعدم وجود مؤسسات للدولة وقانون ينظم عمل الأحزاب سيجعل الدستور، الذي هو الضامن الوحيد في البلد، مخترقا من كل الكتل، وبالتالي فلن يكون هناك أي ضمان في العراق. وغياب التوحد على هدف مشترك من قبل الكتل السياسية وتباين طموحاتها شكل سبباً رئيساً لاستمرار ازمة تشكيل الحكومة، وما لم تتوحد رؤى وغايات الشركاء السياسيين حول المصلحة الوطنية العليا وتتوفر الارادة الصادقة لذلك فان افاق الحل تبدو بعيدة.
ان تفاقم تبعات الفراغ الدستوري وانعكاساتها السلبية على المواطن العراقي، يحتم على الكتل السياسية تقديم التنازلات المتبادلة وتخفيض سقوف مطالبها ومصالحها الفئوية لغرض التعجيل بايجاد حلول ناجعة لمعاناة المواطن.
ما الذي ينقصنا
وفي مقال حمل عنوان (ما الذي ينقصنا؟)، قالت صحيفة 'الصباح' (يومية شبه رسمية) بقلم سالم مشكو 'ليس واضحا ما إذا كان الفرقاء السياسيون جادين فعلا في أحاديثهم عن الالتزام بالدستور واحترام ارادة الناخبين وغير الناخبين من العراقيين'.
واضاف الكاتب 'نسير في شوارع العاصمة الاردنية عمان، النظيفة والمضاءة، وعلى الجانبين عمارات شاهقة مكتملة وأخرى قيد الانشاء في حركة عمرانية نشيطة. يسألني رفيق سفري السؤال الجاري على لسان كل عراقي يخرج الى دولة اخرى: ما الذي ينقصنا؟ لماذا لا نملك هكذا شوارع وهكذا بنايات؟ عندما وصلنا الى مقصدنا حيث تقام ندوة نقاشية حول موضوع عراقي، استلم صاحبي الميكرفون وراح يصدح بصوته الرنّان متبجحا بتاريخ عراقنا الممتد في عمق التاريخ وعن 'حيوية' الانسان العراقي و'خلاّقيته'. بعد ان فرغنا سألته: اذا كنا بهذه الحيوية وهذه الخلاقية فلماذا نعيش حالة البؤس التي كنت تتذمر منها قبل الندوة؟
وتابع الكاتب 'الاردن كما لبنان، من الدول التي لا تملك موارد تذكر لكنها عامرة، والعراق الذي يملك كل شيء، يصاب مواطنه بالذهول عندما يرى في هذه الدول شارعا نظيفا وأنوارا تضيئه، فما الذي ينقصنا؟ ومن السبب في كل هذا؟.طرحنا هذا السؤال ونحن نرتاح في أحد المقاهي المكتظة في عمان ففتحنا به باب النقاش بين مجموعة من العراقيين المقيمين وآخرين قادمين للتو. تعددت الاجابات، ومعها تعددت الجهات التي ألقى المتحدثون المسؤولية عليها. قال أحدهم: 'النظام السابق هو المسؤول فقد دمّر كل شيء خلال عشرات السنين، فرّط بثروات البلاد وبدّدها في حروب عبثية، فلم يعمّر سوى القصور الرئاسية، فيما الخراب كان يعم كل مكان'. أجابه آخر منزعجا: 'وهل نظل نحمل المسؤولية للنظام السابق؟ تفضلوا: فقد ذهب ذلك النظام منذ سبع سنين، فلماذا لم نر إعمارا حتى الآن؟ لماذا لا نحصل على ابسط الخدمات؟ انظروا هل انقطعت الكهرباء هنا في عمان خلال وجودنا منذ أيام؟ عمان التي لا تملك النفط ولا المياه ولا المال. دعونا نبحث عن السبب الحقيقي لتردي أوضاعنا'. تدخل شخص ثالث في النقاش قائلا: أنا أعيش في عمان منذ سنوات طويلة. نفذّت مشاريع عديدة هنا، لم أواجه صعوبة بل لقيت كل التسهيلات التي شجعتني على إقامة المزيد من المشاريع الاستثمارية. ذهبت الى بغداد رغبة مني في الاستثمار في بلدي، بقيت شهورا عدة أهرول وراء الموافقات والتراخيص حتى اصطدمت بالجدار الكبير: 'ادفع تربح'، المصيبة ان الدفع لا يعني بالضرورة تذليل الصعاب بل بعضها، فيما الاخر وراءه تحجر عقلي من قبل بعض المسؤولين، أو تشابك قوانين قديمة وجديدة. النتيجة التي خلصت اليها هي ان لا احد يريد ان يبني في العراق، وفي المقابل هناك الكثير من المنشغلين بالتخريب المتعمد. لقد واجهت في دول اخرى مسؤولين مرتشين لكنهم يعملون، رأيت مسؤولين يسرقون جزءاً من المال العام لكنهم يبنون بالجزء الاكبر، اما في العراق فقد رايت الكثير ممن يسرقون الجزء الاكبر من المال المخصص، فيما يوزعون الباقي على الادنى منهم درجات. النتيجة ان الاموال تنفق لكن لا شيء يبنى'. هنا التفت نحونا رجل كان يستمع لنقاشنا مكتفيا بالنفخ في نرجيلته فقال: 'عمّي خلاصة الكلام أحنا عدنا أزمة ذمّة وضمير وإذا منصلّح حالنا راح نظلّ نباوع على الدول الاخرى ونتحسّر'. أما أنا فقد اكتفيت، خلال النقاش، بالاستماع، واكتفي هنا بنقل تفاصيله دون تعليق.
التكاره السياسي
اما صحيفة 'المؤتمر' فقد نشرت مقالا للكاتب فاضل الشويلي حمل عنوان 'المجتمع العراقي ما بين التسامح الديني والتكاره السياسي!' قال فية 'تعيش المكونات في هذا المجتمع منذ القدم على الرغم من الاختلاف في الانتماءات من حيث المعتقد والآيديولوجيا والقومية أوالاثنية وما الى ذلك من خصوصيات، حيث شكلت هذه المكونات تركيبة ديموغرافية متجانسة تعكس الصورة الحقيقية لهذا المجتمع، فحدثت بعض ممارسات العنف ما بين هذه المكونات في فترات متفاوته من الزمن، إلا أن أبناء المجتمع ادركوا بضرورة التعايش، بالتالي عاشوا وتصهاروا ولا يوجد خيار آخر لهم على هذه المعمورة. وبعد تأسيس الدولة على أثر الثورة العراقية 1920 والتي كان من ابرز مفجري هذه الثورة هم رجال الدين وشيوخ العشائر واغلبهم من مكون معين، إلا أن هؤلاء لم يدخلوا في العملية السياسية انذاك، ما جعل السلطة تتركز لدى مكون آخر واستمرت على ما يقرب من ثمانية عقود من الزمن، حيث تم تغييب كل المكونات الاخرى، وتم تمثيلها بشكل رمزي من باب ذر الرماد في العيون، وتم مسك السلطة بيد من حديد من قبل البعث وقاموا ببث روح التفرقة ما بين مكونات المجتمع، على غرار فرق تسد، إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك، الامر الذي جعل كل الطوائف بأن تقدم شهداء على اثر مقارعتها الى ذلك النظام الاوتوقراطي الفاشستي، ولم يذكر لأي ممارسات عنف ما بين مكونات المجتمع إبان تلك الفترة.
لكن بعد المتغيرات التي حدثت في العراق ما بعد مارس 2003 أصبح العراق أرضاً خصبة ومناخا ملائما لنمو وممارسة العنف، ومسرحاً للعمليات العسكرية، فضلا عن وجود المحتل، الامر الذي أدى الى ظهور الحركات الراديكَالية وما تحمله من أجندات أقليمية ودولية، وغياب السلطة ماجعل هذه المكونات تبحث عن ضمانات لها في الدولة الحديثة والدستور، الامر الذي أدخل العراق على شفى آتون الحرب الاهلية، لولا حكمة أبنائه.
فعلى هامش مؤتمر التسامح الديني العراقي الذي اقيم في بيروت في 26 و27 مارس 2010 من قبل معهد الدراسات العراقية الاستراتيجية وبحضور شخصيات أكاديمية وسياسية واعلامية ودينية عراقية من كل الطوائف، فضلا عن شخصيات لبنانية ومصرية اكاديمية ودينية واعلامية، خرج المؤتمرون بمجموعة رؤى وافكار وتوصيات، لكن المهم في الامر هو أن العنف الذي حدث في العراق له مجموعة من المشارب التي تغذيه، ومنها الافكار الثيوقراطية المتطرفة والتي تأخذ الشعارات الدينية كشماعة لشرعنة اعمالها وهذا ما حدث بعد 2003، والتجاذبات السياسية بين الفرقاء السياسيين والتسابق نحو قبة البرلمان غير مكترثين لما يحدث من توتر في الشارع العراقي، ومما لا شك فيه فإن علماء الاجتماع السياسي يرون بأن المستوى الاقتصادي والثقافي للفرد يحدد سلوكه السياسي، وهذا ما نلاحظه من خلال ذوي الدخل الاقتصادي شبه المعدم وأنصاف المثقفين ادى بهم الانخراط الى الحركات التي تمارس العنف وذلك من اجل الانتقام لذاتهم ولتعويض النقص الحاصل في تركيبتهم السايكولوجية.
بالتالي فإن العنف ليس دينياً فحسب وإنما إقتصادي وسياسي وإجتماعي وثقافي، فالتسامح هو إحترام الآخر بما يعتقد وبالتالي التعايش، فالتسامح الذي يجب أن يدعى له هو ما بين السياسيين وليس بين مكونات المجتمع لأن هذه المكونات هي متجانسة ومتعايشة لكن الذي حدث بعد التغيير هو من صنع الوجود الاجنبي والتدخل الاقليمي لإنهاء حالة التعايش في العراق، فلم يستطيعوا دق أسفين التفرقة في المجتمع، فدخلوا من نافذه اخرى وهي نافذة السياسيين، فاليوم ولاءات أغلب السياسيين في العراق أضحت ولاءات اقليمية ودولية ولا يوجد أي ولاء للوطن في أدبياتهم، ولا يأبهون للدماء التي تسيل يومياً وتصاعد اعداد الارامل واليتامى والثكالى، بالتالي فالخلافات فيما بينهم تنعكس على الشارع العراقي!!! أ يعلمون أصحاب الجلالة بأن عدد الايتام في العراق تجاوز المليون يتيم والارامل اربعة ملايين؟!! أيعلمون بأن 30 بالمئة في العراق يعيشون تحت مستوى خط الفقر؟!! وبفعل الفساد الاداري الذي ارتكبوه يعد العراق اليوم في مقدمة الدول في مستوى الفساد الاداري؟! إذن فالسياسيون هم أحد الاسباب المباشرة في إرباك الشارع وليس الشعب، وعندما نستعرض صور التسامح فإن أروع مثال للتعايش السلمي في العراق هو عندما قام الاخوة المسيحيون بتأجيل أعياد رأس السنة الميلادية لمصادفتها أيام محرم الحرام وهذا هو ديدن العراق..!! فالشعب اليوم فجَر الثورة البنفسجية وأدى ما عليه والكرة الآن في ملعبكم ايها السياسيون.
بالتالي فعلينا أن لا نستحي من تشخيص الخطأ، فعندما نشخص الخطأ نصل الى الصواب، ومن بين اسباب العنف الاخرى فهو إلًه التطرف الذي يصوره الاخرون وهو الاله البشع، وليس الالًه الذي نعرفه ونتعاطى معه بروحية وتسام عال، فرسول الله (ص) كان متسامحاً مع الكل وهو من موقع القوه، ففي ساحة القتال عندما قام احد المسلمين بقتل احد المشركين في المعركة، بعد أن تشهَد المشرك الشهادتين، بالتالي لم يقبل الرسول ذلك العمل لأن دم المشرك قد حقن، فنحاول أن ننهض بمجتمعنا الى هذه الثقافة، وعدم مأسسة الطائفية في المجتمع، والدعوة الى قيام الدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات يتعامل فيها المواطنون على اساس المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات، ونشر ثقافة التسامح من خلال وسائل الاعلام والانترنت وتدريس كل الاديان الموجودة في العراق في المدارس والجامعات حتى نتمكن من تكوين ثقافة التعايش السلمي بين أبناء المجتمع، والحؤول دون شخصنة الاديان من قبل الساسة واستخدامها استخداماً آيديولوجياً براغماتياً لتمويه المواطن والرأي العام، والتأكيد على معاقبة الافراد وفق القانون الذين يمسون حرمة الجوامع والحسينيات والكنائس وغيرها من المعابد ووضع فقره في الدستور لهذا الامر لنحافظ على معتقدات الجميع وبالتالي التعايش السلمي، وفق القانون لان القانون لا يكون مناطقياً ولا ينتمي الى جهة أو يمثل طائفة أو مذهب، بالتالي فنحن تواقون الى فرض قوة القانون لا قانون القوة، وندعو الى تلك الدولة المدنية وذلك الوطن الذي يعيد احلامنا التي سرقت ومازالت تسرق، والابتسامة التي اغتيلت من على شفاه اطفالنا، ويدمل جراحات الثكالى اللواتي فقدن الاخ والابن والحبيب!!!
ونعيد العراق الى سابق عهده كعضو فعال في الجامعة العربية والامم المتحدة والمجتمع الدولي والى ساحة الفكر والثقافة والابداع على كل المستويات لان العراق يعد رقماً مهماً على الساحة الاقليمية والدولية والاستراتيجية ولأنه مهد الحضارات قبل 6 آلاف سنة.
'الكيا'
وفي زاوية منابر في صحيفة 'المشرق' (يومية ـ مستقلة) كتب عبد الكريم ابراهيم مقالا حمل عنوان 'معايشة في الكيا ليوم واحد لكل مسؤول' هناكَ مؤهلات وشروط يجب ان تتوفر في المتقدمين لتولي مناصب معينة، خصوصا الحكومية، منها الشهادة الدراسية والاختصاص والخبرة والكفاءة والنزاهة... الخ من قائمة طويلة، لو طبقت منها 50' لكان العراق بخير وراحة بال، المهم علينا الاستفادة من الماضي القريب في التأكيد على هذه الشروط، في اختيار القيادات التي ستتولى المسؤولية في الحكومة المقبلة، وهناك ضرورة ملحة اقتضت اضافة شرط جديد، يضاف لما سبق هو ان يكون المسؤول قد ركب (الكيا) (سيارة باص 9 اشخاص من نوع كيا موتورز) ولو ليوم واحد فقط كنوع من المعايشة الحقيقية، لان هذا الامر اهم شيء في كل المؤهلات، حيث يستطيع من خلاله التعرف على ما يجري بصورة مباشرة وبعيداً عن تقارير واراء وعاظ السلاطين، الذين يقربون البعيد ويبعدون القريب وحسب اهوائهم، وحتى الذي لم يركب (الكيا) وطبعاً اغلب المسؤولين لم يحظوا بهذا الشرف، عليهم ان يخصصوا يوماً واحداً فقط كنوع من المعايشة الوظيفية يرون ويسمعون بام اعينهم الحقيقية وبدون سواتر بشرية!!، وهذا الموضوع حيوي لدرجة كبيرة وعلى البرلمان الجديد تعميمه في شروط القبول، خصوصاً في الوزارات الخدمية، التي تشهد تراجعاً يوماً بعد يوم وبدون حلول تذكر سوى الوعود المخدرة التي تطلق عبر الوسائل الاعلامية المختلفة، والنتيجة عراق بلا ابسط وسائل الراحة التي تنعم بها المسؤولون، من كهرباء 24 ساعة وسيارات مكيفة ورواتب فلكية وامتيازات لا يمكن ان تحصى، ولعل شرط ركوب (الكيا) مطلب جماهيري يجعل هؤلاء المسؤولين ينزلون من ابراجهم العاجية الى حيث معاناة المواطن البسيط، ويعرفون ان وعد الله حق، وربما يكتون بنار الصيف اللاهب، فيتحرك فيهم شعور المسؤولية الذي اصيب بداء الخدر من جراء البرودة الصيفية تحت اجهزة التكييف!! والله كان في عون العراقيين على مصائب الدنيا والبشر معاً!!
وفي نفس الصحيفة وتحت عنوان 'شهداء في جهنم قال محمد شفيق'الشهيد لقب يطلق على الذي فقد حياته وهو يؤدي واجبه في الذود عن وطنه او ايصال رسالته.
ويحظى الشهيد في الشريعة الاسلامية بمكانة كبيرة حتى انه يعد من الاحياء عند الله تعالى كما يعبر القرآن الكريم عن ذلك في اكثر من سورة واية. وهناك نوع اخر يطلق عليه لقب (الشهيد الحي) ويعني به الشخص الذي نجا من القتل بأعجوبة فلذلك يسمى بالشهيد الحي وهذا النوع موجود في العراق بكثرة لان اكثر من عشرة ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر وباختصار ادق (جوعانين) ويفتقدون لابسط مقومات الحياة . واخص بالذكر منهم عائلة في احدى مناطق العاصمة بغداد مازال افرادها على قيد الحياة (بقدرة قادر). تتكون هذه العائلة من ام وبنت لم تتجاوز العاشرة وأبن لم يبلغ الحلم اما الاب قد اعدمته السلطة السابقة كونه شتم عقيدة حزب البعث .
تصوروا عائلة تسكن في منزل لا يصلح لسكن (....) وتكفل الابن الذي يبلغ الثانية عشرة من عمره بمعيشة امه وشقيقته حيث يعمل في امانة بغداد (بواسطة) من قبل البعض. يذهب الساعة 7 صباحا ليرجع في الثانية عشرة ظهرا ويذهب الى المدرسة بعد انتهاء عقده مع الامانة اخترع عملا آخر. حيث يقوم بتسليم مادة النفط الابيض للناس لقاء ثمن زهيد لا يسد رمقهم.
في القديم سمعنا مثلا يتدواله بعض الناس (ماكو واحد يموت من الجوع) ولكن هذه العائلة وصلت بها الحال الى أنها لا تملك طعام الفطور او العشاء . بل ولا تتمكن من دفع اجرة العيادة الشعبية اذا اصيب احدهم بمرض. والمصيبة العظمى ان ما يسمى بمؤسسة السجناء السياسيين لم تعتبر الاب شهيدا وهذا ما حز في صدر الام وابنها الوحيد والذي تغرق عينيه الدموع كلما ذكر هذا الموقف. بعد هذا الموقف استذكرت حديث رسول الله: (ان عرش الله ليهتز اذا دمعت عين اليتيم). اذن كم مرة يهتز عرش الله على مدار الساعة. ولماذا لا يخسف الله الارض من تحت اقدامنا؟
وهنا اتساءل هل يوجد في العراق مصطلح اسمه الانسانية؟ بل لا اعتقد اننا ننتمي الى مفهوم الانسانية ولا اعرف لماذا يطلق علينا كلمة (انسان) ونحن بعيدون عن هذا المفهوم كبعد المشرق عن المغرب.
واضاف 'لقد صدقت الملائكة عندما قالوا لله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) لكنها رسالة وغاية لا بد ان تصل الى عقولنا ومسامعنا . فرد عليهم الله قائلا (اني اعلم ما لا تعلمون). لقد تبرأنا من عالم الانسان وربما الحيوان اشفق منا. ذات يوم شاهدت مقطع فيديو لحيوان (الفهد) وهو يصطاد فريسة فتولد في الطريق فيحن عليها الفهد ويعتني بها وبصغيرها.
وهناك اطباء الذين لا اعرف اي سفيه اطلق عليهم اسم (ملائكة الرحمة) لا يقومون بانجاب المرأة لانها لا تملك المال. والملايين من هذه الحالات نشاهدها يوميا. فهؤلاء هم الشهداء الذين لم يسجلوا في سجلات الموتى والمؤسسات المعنية. فالشهيد في جنات النعيم والخلد كما وعده الله سبحانه. ولكن شهداء العراق الاحياء يعانون مر (الممات) لا استطيع ان اقول مر الحياة لانه لا يوجد لديهم اي معنى او مفهوم للحياة فلقد حكم عليهم في عراق الخير المنهوب بجهنم الدنيا. نار الله اهون من نار العراق لانه سجرها الله الذي اطلق على نفسه الرحمة والشفقة. لكن نار العراق سجرها اشخاص اطلقوا على انفسهم الظلم والوحشية واعلنوا براءتهم التامة من عالم الانسان. رحم الله شهداءنا الاحياء وخلصهم من جحيم العراق. آمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر