على ماذا نتفاوض
الكاتب: عباس الجمعة
بدأت المفاوضات المباشرة بعد قمة واشنطن في شرم الشيخ والقدس ، ولكن يبقى السؤال على ماذا نتفاوض ، التوصل الى سلام حقيقي في المنطقة غاية يصعب إدراكها، وأملاً بعيد المنال ولا يمكن تحقيقه في ظل القوانين والقواعد التي يحتكم إليها العالم ودعاة السلام المنحازين لحكومة الإحتلال التي ترفض من جانبها فكرة السلام القائم على إعادة حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الإحتلال بل تسعى الى كسب المزيد من الوقت والتمتع بالأمن وهذا كل ما تريد، لهذا ترى ان حكومة نتنياهو تذهب للتفاوض وكأنها جادة في إنجاح المفاوضات بينما هي تخفي حقيقة أنها ترفض السلام لأنه يتعارض مع مشروعها الإستيطاني التوسعي والذي هو بالأساس أحد أهم المنطلقات التي قامت عليها دولة الإحتلال والذي لا يزال حتى يومنا دستور حياة لهم.
في ظل مؤشرات انسداد أفق المفاوضات لجهة تحقيق حل سياسي متوازن وشامل للصراع، حيث يساوي البعض ما بين نجاح هذه المفاوضات وفشلها وفق منطق تبسيطي وسطحي يقول بأنه في حال ثبتت صحة موقف معارضي انطلاقة المفاوضات وخطأ موقف المفاوض الفلسطيني فإنه يجري التسليم بصحة الموقف المعارض ويتم الخروج من المفاوضات بلا خسائر، وأنه في حال جرى التقدم في المفاوضات فإن الأمر سينتهي أيضا بلا خسائر، وسيتوقف الموضوع عند هذا الحد. ولا داعي لأن يسجل أصحاب المواقف المتقابلة نقاطا على بعضهم البعض.
ومن هنا نرى انه بعد تسعة عشر عاما من المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، يجب ان يكون هناك اصرارا على عدم نقل ملف المفاوضات الى الامم المتحدة ، وبذلك فأن المستفيد الوحيد من فرصة المفاوضات الثنائية بالرعاية الامريكية هي حكومة الاحتلال الإسرائيلي كي يواصل تحت غطائها في توسيع الاستيطان وتسعير حملات التهويد. وهذا ما أثبتته التجربة المريرة والمديدة الماضية، وخاصة بأن الجانب الإسرائيلي يعمل في غرفة عمليات مشتركة مع «الراعي» الأميركي على إنتاج حلول تسمى بالوسط لتمرير عمليات البناء الاستيطاني تحت مسميات مختلفة وهو يستثمر إلى أقصى حد الضغط الأميركي المتواصل كي لا تنقطع هذه المفاوضات في أي مرحلة من مراحلها لما يشكله ذلك من إحراج للإدارة الأميركية وقد وجدت في إطلاق المفاوضات إنجازا كبيرا يحسب لها ويعينها في ملفات داخلية وخارجية في آن معا.
ان لاءات رئيس حكومة العدو هي وضع عقبات جديدة في وجه المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية من خلال تنكره لحقوق الشعب الفلسطيني وأن مطالبته مسبقاً بيهودية "إسرائيل" هي دعوة للفلسطينيين للاستسلام للشروط الإسرائيلية و احتيالاً على التاريخ ومحاولة لإعادة تنظيم الاحتلال مع سيطرة على دويلة فلسطينية تكون خاضعة للاحتلال كما يعكس ايديولوجية الصهاينة العنصرية، وهي تعبير صادق عما يفكر به قادة الاحتلال ويخططون له عبر طرد الشعب العربي الفلسطيني من اراضي عام 1948 وتهجيرهم.
أن المفاوضات المباشرة لا تستند إلى أسس الشرعية الدولية وإنما يتم وضع أجندتها من حكومة الاحتلال، لذلك فالأساس الذي تجري عليه هذه المفاوضات يشكل خطراً حقيقياً على القضية الفلسطينية، وخاصة في المواضيع التي ترتبط جوهرياً بالقضية الفلسطينية، وأهمها حق العودة والقدس والاسرى والمياه والدولة الفلسطينية الخالية من المستوطنات والمتماسكة ديموغرافياً وجغرافياً ذات السيادة الكاملة ، وهذا يتطلب من المفاوض الفلسطيني تحديد مرجعية للمفاوضات من خلال الالتزام بالشرعية الدولية لأن الطرف الإسرائيلي هو الأقوى بالدعم الامريكي ويسعى إلى فرض أجندته وحلوله على الطرف الفلسطيني، مشيراً إلى ضرورة اعتماد عملية سياسية مغايرة أساسها قرارات الشرعية الدولية ومرجعيتها الأمم المتحدة، مستندة الى مبادرة السلام العربية والاستناد ، وإلى مرجعية الارض مقابل السلام ،والتمسك بحق العودة وفق القرار الاممي 194، وعدم التفريط بتضحيات الشهداء والأسرى، هي المدخل لتبرير أي فعل تفاوضي ومقاوم.
أن الدخول في المفاوضات المباشرة بالطريقة التي اتبعت والغموض الذي اكتنف عملية التشاور والموافقة السريعة لن يكون في مصلحة الشعب الفلسطيني، فكان يجب ان يبقى الموقف الفلسطيني متمسك بقرارات الاجماع الوطني ، وفي ورقة المقاومة الشعبية وورقة المساندة العربية والإقليمية، وورقة التضامن الواسع عالمياً مع حق الفلسطينيين في الأمن وفك الحصار والعيش في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
ونرى أن العودة إلى مؤسسات منظمة التحرير وبرنامجها الوطني، والتمسك بالحقوق الفلسطينية، وانهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الفلسطينية وتعزيز الوحدة الوطنية ، والاستفادة من التضامن العربي و العالمي، والتمسك بالمقاومة بكافة اشكالها تشكل عوامل رئيسية في مواجهة المشاريع الامريكية والصهيونية .
من هنا يجب علينا ان نعي كيف نحافظ على علاقاتنا مع جميع الدول التي تساند قضية شعبنا وحقوقه الوطنية، ونبدي استعداد لتقديم كل ما يلزم لتطوير وتعميق التحالفات، على ارضية الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية ككيان سياسي ومعنوي وممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني واستقلالية التوجه السياسي، فالمرجعية بالنسبة لنا هي مصالح الشعب الفلسطيني، والعلاقة مع قوى التحرر والديمقراطية والتقدم والسلام في الشرق الأوسط والعالم.
ان تصاعد الانتهاكات الصهيونية بحق الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال بهدف كسر ارادتهم وطمس هويتهم واذلالهم ، يتطلب التحرك على كافة المستويات لوقف تجاوزات حكومة الاحتلال لاتفاقيات جنيف مما يستدعي الزامها بوقف استهتارها بالقانون الدولي بحق هؤلاء المناضلين الذين يقوفون اليوم في الخنادق المتقدمة للنضال ضد الاحتلال انما يعلنون مقاومتهم لكافة اشكال الذبح السياسي والعسكري لشعبنا ، وهذا الامر يستدعي من القيادة الفلسطينية التحرك على المستويين العربي والدولي لتجنيد الرأي العام الشعبي والرسمي المساند لمطالبهم والعمل من اجل اطلاق سراحهم .
عضو قيادي في جبهة التحرير الفلسطينية
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر