أكد السفير. نبيل الرملاوي مستشار مفوضية العلاقات الدولية بحركة 'فتح'، والباحث في القانون الدولي، أن المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 عن طريق الحرب هي غير شرعية وباطلة.
وشدد الرملاوي في رسالة مفتوحة (دراسة) وجهها الى الكاتب والصحفي الإسرائيلي موشيه دان، ردا على مقال له في جريدة هآرتس بتاريخ 14/6/2010 بعنوان 'هل المستوطنات غير شرعية' ؟؟ شدد على أن ما ينطبق عليها 'أي المستوطنات' من قواعد وأحكام القانون الدولي، ينطبق أيضا على جدار التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، كما ينطبق على أي وجود إسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، عسكريا كان أو استيطانيا أو مدنيا أو أمنيا أو أي شكل من أشكال التواجد الإسرائيلي تحت أي مسمى كان، وذلك لسبب واحد وهو أن هذه الأرض الفلسطينية قد وقعت في قبضة الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب عام 1967 وتنطبق عليها أحكام وقواعد القانون الدولي العام والقانون الإنساني الدولي بشأن الاحتلال، وبشكل خاص أحكام اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين في زمن الحرب.
وفيما يلي نص الرسالة/ الدراسة:
رسالة مفتوحة الى الكاتب والصحفي الإسرائيلي موشيه دان
سفير. نبيل الرملاوي
مستشار مفوضية العلاقات الدولية
باحث في القانون الدولي
السيد موشيه دان:
اطلعت على مقالك في جريدة هآرتس بتاريخ 14/6/2010 بعنوان ' هل المستوطنات غير شرعية' ؟؟ وأنا أعترف بان إطلاعي عليه جاء متأخرا بعض الوقت، ولكن لا بأس في أن تطلع أنت الآن على إجابتي على سؤالك الهام، وقد يكون مفيدا بل انه مفيد بالتأكيد أن تقرأ إجابتي هذه الدوائر الإسرائيلية لديكم أيضا.
قبل أن أدخل في صلب الموضوع لفت انتباهي ما جاء في المقال بخصوص اتفاقية جنيف الرابعة، والأسباب والدوافع التي ارتبطت بها هذه الاتفاقية، وذكرت بأنها جاءت بعد الحرب العالمية الثانية لمنع تكرار الهولوكوست من جديد ضد اليهود، وهذا كلام غير دقيق ويتطلب توضيحا إنصافا للحقيقة التاريخية، وفي هذا الشأن أضع في علمك ما يلي:
من المعروف أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والمعنية بحماية المدنيين في زمن الحرب هي واحدة من اتفاقيات أربعة اعتمدت جميعها من المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في جنيف بتاريخ 12 أغسطس سنة 1949، فالاتفاقية الأولى هي المعنية بتحسين حال الجرحى والمرضى في الميدان، والاتفاقية الثانية هي المعنية بحماية الجرحى والمرضى والغرقى من القوات المسلحة، والاتفاقية الثالثة هي الخاصة بشأن معاملة أسرى الحرب.
والاتفاقيات الأربعة المذكورة هي ما يطلق عليه اليوم القانون الدولي الإنساني والمعنى بالتخفيف من معاناة الإنسان وآثار الحروب على أفراد القوات المسلحة والمدنيين الذين يتعرضون لحالات الحروب أو النزاعات المسلحة.
وقد استندت هذه الاتفاقيات الى المبادئ العامة التي أرستها اتفاقية لاهاي لعام 1907 بشأن قواعد الحرب البرية، ثم تطورت وأغنيت عبر مؤتمرات عديدة عقدت في الفترة ما بين 1907 و1949 حتى تبلورت في اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 المعروفة، ولم يكن للهولوكوست (خلال الحرب العالمية الثانية) كما ورد في مقالك أية علاقة بهذه الاتفاقيات لا من قريب أو بعيد، خصوصا عندما ننظر من الناحية الزمنية الى بدايات فكرة ضرورة وضع نوع من القواعد والقوانين التي من شأنها التخفيف من آثار الحروب على الإنسان بعد ما تعرضت أوروبا الى مآسي حروب بشعة ذهب ضحيتها الملايين من الأبرياء، مما دفع جون هنري دونانت السويسري الجنسية 1828/ 1910 ليبدأ بوضع أولى أفكاره نحو القواعد والقوانين المذكورة لتأخذ طريقها في النهاية نحو القانون الدولي الإنساني مجسدا في اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وتأسيس الهيئة الدولية للصليب الأحمر لتكون الراعية لهذه الاتفاقيات في العالم والمشرفة على تطبيق أحكامها ميدانيا في كل مكان. إذن هذه هي نبذة تاريخية عن اتفاقيات جنيف الأربعة وبالتالي القانون الدولي الإنساني الذي بدأ الإعداد له من الناحية الزمنية قبل مرحلة الهولوكوست بعقود طويلة.
لنعد الآن الى الموضوع الأساس.
في البداية أود أن أجيب على سؤالك الأول وأقول لك، نعم المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 عن طريق الحرب هي غير شرعية وباطلة، وما ينطبق عليها من قواعد وأحكام القانون الدولي ينطبق أيضا على جدار التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، كما ينطبق على أي وجود إسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، عسكريا كان أو استيطانيا أو مدنيا أو أمنيا أو أي شكل من أشكال التواجد الإسرائيلي تحت أي مسمى كان، وذلك لسبب واحد وهو أن هذه الأرض الفلسطينية قد وقعت في قبضة الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب عام 1967 وتنطبق عليها أحكام وقواعد القانون الدولي العام والقانون الإنساني الدولي بشأن الاحتلال، وبشكل خاص أحكام اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين في زمن الحرب.
جاء في بداية مقالك ما يلي ' بالرغم من أن هناك طروحات يهودية إسرائيلية قانونية ذات وزن تدعم حق اليهود في البناء في (يهودا والسامرة) الضفة الغربية والقدس الشرقية، فان هناك ممن يزعمون بأن الجماعات اليهودية التي تعيش في تلك المناطق، هي موجودة هناك بشكل غير قانوني وغير شرعي، ثم تتساءل وتقول، ولكن ما هو القانون؟ ومن هو الذي يقرر بان إسرائيل مذنبة'؟؟ وتحاول تعزيز وجهة نظرك للمسألة من الزاوية القانونية باحثا عن مستندات قانونية في الماضي البعيد والقريب، ويبدو لي انك لم تجد إلا مصدرا استعماريا وحيدا هو مؤتمر سان ريمو الذي ضم دول الحلفاء الاستعمارية عام 1920 والذي صادق على وعد بلفور وانتدب بريطانيا على فلسطين لتنفيذ الوعد المذكور، واعتبرت أن ما جاء في وعد بلفور كان كافيا لجعل فلسطين كلها وطنا قوميا لليهود، واعتبرت ذلك قانونا فحرفت بذلك حقيقة ما جاء من نص في الوعد المذكور لتبرر إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية باعتبارها تبنى على أرض إسرائيل استنادا لتفسيرك أنت لوعد بلفور واعتمادا على مصادقة مؤتمر لدول الحلفاء الاستعمارية عام 1920المنعقد في سان ريمو بايطاليا على ذلك. على أن هذين العنصرين هما وحدهما اللذان يمثلان في نظرك الشرعية الدولية، أو القانون الذي منح فلسطين لليهود!!
ولكن بالرغم مما انطوى عليه وعد بلفور من ظلم تاريخي رهيب أوقعه على الشعب الفلسطيني عندما أعطت حكومة بريطانيا صاحبة الوعد نفسها الحق في منح اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين عام 1917، دون أن تكون هي صاحبة الأرض، أو مخولة من أصحابها الفلسطينيين للقيام بذلك، وبعيدا عن رغبة وإرادة الشعب الفلسطيني وهو الشعب الوحيد المعني، إلا أنه من المفيد التوقف عند نص الوعد للتعرف على مضمونه بدقة لدحض أي مزاعم تتعلق بتفسير النص وفقا لدوافع وأهداف سياسية معينة، فعندما تحدث الوعد عن وطن قومي لليهود في فلسطين كان يتحدث عن جزء من فلسطين لليهود، ولم يتحدث عن فلسطين كوطن قومي لليهود كما حاولت أنت أن تبرزه وتروج له، وقد جاء الجزء الأخير من نص الوعد المذكور معززا لذلك، عندما أكد حرصه على عدم المساس بحقوق شعب فلسطين من مسلمين ومسيحيين بقوله، ( على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى). وهذا يعني أنه عند تنفيذ الوعد المذكور فأن الحقوق السياسية والمدنية والدينية التي يتمتع بها اليهود في بلدانهم الأصلية، والحقوق المدنية والدينية والسياسية للشعب الفلسطيني الذي سماه الوعد آنذاك بالطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين لا ينتقص منها بسبب تطبيق وعد بلفور على الأرض الفلسطينية، ويجدر بك أن تلاحظ هنا أن الوعد لم يذكر نصا الحقوق السياسية لأهل البلاد من مسلمين ومسيحيين وذلك لأنهم يملكون هذه الحقوق من الأصل بحكم كونهم أصحاب الأرض، وهم موجودون عليها منذ الآف السنين، ولهم الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم عليها بكل حرية، ثم تحدث عن وطن قومي لليهود في فلسطين لأن اليهود غير موجودين كطائفة في فلسطين إلا بنسبة ضئيلة جدا، وإنما سوف يصار الى إحضارهم من دول العالم المختلفة إليها تنفيذا لأحكام الوعد المذكور، على أن لاينتقص من حقوقهم في بلدانهم الأصلية بعد أن يتركوها الى فلسطين، وذلك من قبيل الحيطة واحتمال اضطرارهم الى ترك فلسطين والعودة الى بلدانهم الأصلية لسبب أو لآخر في المستقبل. ويجدر بك هنا يا سيد دان أن تلاحظ أيضا مسألتين، الأولى هي أن الوعد لم يتحدث عن إسرائيل وإنما تحدث عن فلسطين، وهذا يعني أن فلسطين هي الحقيقة التاريخية وليست إسرائيل، والثانية هي انه لم يتحدث عن فلسطين كوطن قومي لليهود، بل قال وطن قومي لليهود في فلسطين، وكلمة (في) هنا تعني في داخلها، أو على جزء منها، أي فيها وليس عليها، والفرق كبير هنا بين كلمتي فيها وعليها، غير أنه لم يحدد حجم ومكان هذا الجزء، وحتى عصبة الأمم لم تفعل ذلك عند وضع صك الانتداب، وهي التي انهارت بعد ذلك لفقدانها المصداقية في تمثيل المجتمع الدولي، إلى أن قامت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1947أي بعد إنشاء الأمم المتحدة بسنتين ونيف تقريبا بقرارها رقم 181 الذي تضمن خطة تقسيم فلسطين الى دولتين الأولى يهودية والأخرى عربية فلسطينية ضمن حدود واضحة بين الدولتين، مع نظام دولي خاص لمدينة القدس. فكان هذا القرار هو المجسد لإرادة المجتمع الدولي في تعيين حدود الدولتين اليهودية والفلسطينية العربية، وما زالت هذه الحدود هي الحدود القانونية والسياسية الرسمية الوحيدة للدولتين إسرائيل وفلسطين على أرض فلسطين التاريخية حتى يومنا هذا، وما عدا ذلك لا يعتد به على الإطلاق. كما أن هذا يعني أن أي وجود يهودي في فلسطين خارج نطاق حدود قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، هو وجود باطل وغير شرعي. والجدير بالذكر هنا أن قرار التقسيم هذا قد استمد قوته وديمومة فاعليته من فوزه بأصوات ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي النسبة المطلوبة للمسائل الهامة بما فيها صوتي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي آنذاك.
لذلك فإن الحديث عن حدود هنا وحدود هناك، أو جدار هنا وعلامات هناك، أو أثر تاريخي مزعوم هنا وآخر هناك، أو متطلبات أمنية هنا ومتطلبات هناك، وخطوط هدنة هنا أو خط أخضر هناك، إنما كلها لا معنى ولا قيمة لها من الناحية القانونية، إذ أن هذه التسميات كلها لا تنشئ حدودا سياسية أو قانونية لأية دولة. حتى خط الهدنة بين الدول العربية وإسرائيل لعام 1949 التي يطلق عليه اليوم حدود عام 1967، إنما هي خطوط وقف إطلاق النار وليست حدودا سياسية أو قانونية لأية دولة.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر