بقلم: وليد سيف
حقٌّ يأبى النسيان.. هذا ما نعرفُه نحن كما نعرفُ أنفسَنا وآباءَنا وأبناءَنا.. ولكنَّ العجَبَ ألا يُدركَه العدوُ الإسرائيليُ بعدَ كلِّ هذه العقودِ من الاغتصابِ والاحتلالِ والصراعِ والمقاوَمة!
ألم يأْنِِ له أنْ يعلمَ أننا لن نكُفَّ مهما يَزِدْ من وتيرة بَطشِه واستكبارِه، ومهما يَطُلِ الزمنُ وتَتَوالَ الأجيالُ! ألا يرى أنه على الرغم من جُدُرِهِ المُشيَّدةِ بالدباباتِ، قد بلعَ منجلاً علقَ في حلقِه، فلا هو يستطيعُ أن يستكمِلَ بلعَه، ولا هو يستطيعُ أن يسحبَه! ألا يرى أن جُلَّ ما يجري في الساحة العالميّةِ من مظاهرِ العنفِ والتوتُّرِ والصراعاتِ التي تهدّدُ الأمنَ الدوليَّ والإقليمي، تقعُ في المنطقة العربيةِ والعالمِ الإسلامي، وأن لها صلةً ما بالقضية الفلسطينيّة والمواقفِ الدوليةِ منها؟
وإلامَ يبقى قادراً على تضليل الرأي العامِ العالمي إذ يصرِفُ المسؤولية عن نفْسِهِ في خَلْقِ هذه الظروفِ، لِيَنْسبَها إلى الطرف الآخرِ الذي يأبى الخضوعَ والنسيان؟ ألا يرى أن استمرارَ هذه الأوضاعِ وتفاقمَها لا بد أن يُقنِعَ شعوب العالم -ولا سيّما الشعوب الغربية- أخيراً بأن المشروعَ الصهيونيَّ والدولةَ العبريّةَ هما أخطرُ ما يُهدّدُ الأمنَ الدوليَّ، وأن كلفَتَهما ترجحُ جدوى الوظائفِ الإستراتيجيةِ التي يتوخاها الغربُ الإمبرياليُّ منها؟! فإذا أدركَ العدوُّ الإسرائيلي هذا أخيراً، فما عساهُ يفعل؟
"
إذا كانت "إسرائيلُ" تُراهِنُ على دَيمومة الضماناتِ التي توفِرُها لها القوى الدوليةُ الراهنةُ، وعجز النظامِ العربيِ الرسمي الذي أسقَطَ خياراتِ الحربِ والمواجهةِ العسكرية، فإنَّ هذا من قصرِ النظر بالمعيار التاريخيّ
"
ذلكم هو السؤالُ الوجوديُّ الذي يتهرّبُ العدوُّ الإسرائيليُّ من مواجهتِه. ولكن، حتامَ؟
إذا كانت "إسرائيل" تُراهِنُ على دَيمومة الضماناتِ التي توفِرُها لها القوى الدولية الراهنةُ، وعجز النظامِ العربيِ الرسمي الذي أسقَطَ خياراتِ الحربِ والمواجهةِ العسكرية، فإن هذا من قصرِ النظر بالمعيار التاريخي، إذ إن أحوالَ الدولِ وعلاقاتِ القوّةِ ليست حقائقَ مؤبَّدَةً. وللشعوبِ والأممِ عاداتُها، إلا إذا صدّقنا ما يحاول دعاةُ "الواقعية السياسية" الجديدة أن يُلقوه في رَوْعِنا من أن الشعوبَ مجرّدُ قطيعٍ من الغوغاء الذين يجمعُهم طبلٌ وتفرِّقُهم عصا.
فما بالُ حركاتِ العنفِ والاحتجاجِ والتمرّدِ والرفضِ التي أقامت الدنيا ولم تقعدْها؟ وما بالُ إيرانَ التي تحوّلتْ من شرطيٍّ أميركيٍّ متحالِفٍ مع إسرائيل أيامَ الشاه، إلى لاعبٍ رئيسيّ في الصراع؟ وما بالُ تركيا التي خرجت من بزتها العسكرية الفاشيّة تتحوَّلُ من قاعدةٍ مساندةٍ لإسرائيل إلى دعمِ المقاومة الفلسطينية؟ وما بالُ الإمبراطورية الأميركية -ومعها أوروبا- تُقِرُّ أخيراً أنها لا تستطيعُ القضاءَ على حركات العنف والإرهاب بالوسائل العسكرية وحدَها فَتَشِي بإمكانيةِ التفاهم مع "طالبان" في أفغانستان وباكستان، كما تفاهمت من قبلُ مع المحاكم الإسلامية في الصومال تفاهماً أفضى بها وبرئيسها إلى الحكم وسُدّةِ الرئاسة، بعد أن كانت معدودةً في الحركات الإرهابية ذاتِ الصلةِ بالقاعدة!!
وما بالُ هذه الشهاداتِ الجديدةِ التي تعرضُها أجهزةُ الاستخبارات الأميركية أمامَ الكونغرس حولَ براءة البرنامج النووي الإيراني من الأغراض العسكرية؟! وما بالُ الإدارة الأميركية قد دَعَتْ إيرانَ للمشاركة في مؤتمرٍ حولَ أفغانستان؟ وما بالُ هذه الوفودِ والشخصيات الأميركية الرسميةِ تتوالى على زيارة سوريا، بينما تثوبُ الدولُ العربيةُ المتخاصمةُ إلى المصالحة التي طالما دَعَوْنا إليها؟ وأخيراً ما بالُ بعضِ الدوائر الأوروبية قد بدأت تتحدث مع "حزب الله" باعتباره جزءاً من النسيج الوطني اللبناني، وتُبدي استعدادَها للتواصل مع "حماس"؟
أليس في هذا المشهد السياسيّ الإقليمي والدوليّ المتغيرِ دليلاً واضحاً على أن أحوالَ الدول وعلاقاتِ القوة ليست حقائقَ مؤبَّدةً لتكونَ ضماناتٍ ثابتةً لدولةِ الاغتصابِ والإحلال والاحتلالِ في مواجهة حَقٍّ يأبى النسيانَ، وشعبٍ فلسطيني لا يَكُفُّ، ومحيطٍ شعبيٍ عربيٍ إسلاميٍّ تتنامى مَراراتُه ثم تتفجّرُ في وجه نظام عالميٍّ ظالم؟ أليس في هذا المشهد المتغيّر ما يدلُّ على أن تكاليفَ التوسُّّع الإمبراطوري تصلُ في لحظة تاريخية ما إلى أن تزيدَ على مردودِه وأرباحِه؟! وهل يمكنُ تجاهلُ الأزمة الاقتصادية العالميّةِ الراهنةِ ودورِ تداعياتها السياسيةِ في المشهد السياسي الدولي والإقليمي المتغيّر؟!
لا نحسب أن رِهانَ الغاصِبِ كان على قوّة الدبابة في المقام الأول، فهذه رهينة الظرفي المتغير. وإنما كان الرهانُ الإستراتيجيُّ الأهمُّ على اقتلاع الذاكرة وإطفاءِ الحُلُم وتغييبِ الهوية وتقويض الروح واغتيالِ المعاني وتبديلِ الروايةِ التاريخيَّةِ وتزييفِ الوعي. فهذه هي الأصولُ التي ما دامت حيّةً ضاربةً في الأرض، فلا بُدَّ أن تؤتِيَ أُكُلَها وتطرَحَ ثِمارَها في آخر المطاف، وإن تأخَّرَ الموسم.
حقٌّ يأبى النسيان.. هذا ما نعرفُه نحن كما نعرفُ أنفسَنا وآباءَنا وأبناءَنا.. ولكنَّ العجَبَ ألا يُدركَه العدوُ الإسرائيليُ بعدَ كلِّ هذه العقودِ من الاغتصابِ والاحتلالِ والصراعِ والمقاوَمة!
ألم يأْنِِ له أنْ يعلمَ أننا لن نكُفَّ مهما يَزِدْ من وتيرة بَطشِه واستكبارِه، ومهما يَطُلِ الزمنُ وتَتَوالَ الأجيالُ! ألا يرى أنه على الرغم من جُدُرِهِ المُشيَّدةِ بالدباباتِ، قد بلعَ منجلاً علقَ في حلقِه، فلا هو يستطيعُ أن يستكمِلَ بلعَه، ولا هو يستطيعُ أن يسحبَه! ألا يرى أن جُلَّ ما يجري في الساحة العالميّةِ من مظاهرِ العنفِ والتوتُّرِ والصراعاتِ التي تهدّدُ الأمنَ الدوليَّ والإقليمي، تقعُ في المنطقة العربيةِ والعالمِ الإسلامي، وأن لها صلةً ما بالقضية الفلسطينيّة والمواقفِ الدوليةِ منها؟
وإلامَ يبقى قادراً على تضليل الرأي العامِ العالمي إذ يصرِفُ المسؤولية عن نفْسِهِ في خَلْقِ هذه الظروفِ، لِيَنْسبَها إلى الطرف الآخرِ الذي يأبى الخضوعَ والنسيان؟ ألا يرى أن استمرارَ هذه الأوضاعِ وتفاقمَها لا بد أن يُقنِعَ شعوب العالم -ولا سيّما الشعوب الغربية- أخيراً بأن المشروعَ الصهيونيَّ والدولةَ العبريّةَ هما أخطرُ ما يُهدّدُ الأمنَ الدوليَّ، وأن كلفَتَهما ترجحُ جدوى الوظائفِ الإستراتيجيةِ التي يتوخاها الغربُ الإمبرياليُّ منها؟! فإذا أدركَ العدوُّ الإسرائيلي هذا أخيراً، فما عساهُ يفعل؟
"
إذا كانت "إسرائيلُ" تُراهِنُ على دَيمومة الضماناتِ التي توفِرُها لها القوى الدوليةُ الراهنةُ، وعجز النظامِ العربيِ الرسمي الذي أسقَطَ خياراتِ الحربِ والمواجهةِ العسكرية، فإنَّ هذا من قصرِ النظر بالمعيار التاريخيّ
"
ذلكم هو السؤالُ الوجوديُّ الذي يتهرّبُ العدوُّ الإسرائيليُّ من مواجهتِه. ولكن، حتامَ؟
إذا كانت "إسرائيل" تُراهِنُ على دَيمومة الضماناتِ التي توفِرُها لها القوى الدولية الراهنةُ، وعجز النظامِ العربيِ الرسمي الذي أسقَطَ خياراتِ الحربِ والمواجهةِ العسكرية، فإن هذا من قصرِ النظر بالمعيار التاريخي، إذ إن أحوالَ الدولِ وعلاقاتِ القوّةِ ليست حقائقَ مؤبَّدَةً. وللشعوبِ والأممِ عاداتُها، إلا إذا صدّقنا ما يحاول دعاةُ "الواقعية السياسية" الجديدة أن يُلقوه في رَوْعِنا من أن الشعوبَ مجرّدُ قطيعٍ من الغوغاء الذين يجمعُهم طبلٌ وتفرِّقُهم عصا.
فما بالُ حركاتِ العنفِ والاحتجاجِ والتمرّدِ والرفضِ التي أقامت الدنيا ولم تقعدْها؟ وما بالُ إيرانَ التي تحوّلتْ من شرطيٍّ أميركيٍّ متحالِفٍ مع إسرائيل أيامَ الشاه، إلى لاعبٍ رئيسيّ في الصراع؟ وما بالُ تركيا التي خرجت من بزتها العسكرية الفاشيّة تتحوَّلُ من قاعدةٍ مساندةٍ لإسرائيل إلى دعمِ المقاومة الفلسطينية؟ وما بالُ الإمبراطورية الأميركية -ومعها أوروبا- تُقِرُّ أخيراً أنها لا تستطيعُ القضاءَ على حركات العنف والإرهاب بالوسائل العسكرية وحدَها فَتَشِي بإمكانيةِ التفاهم مع "طالبان" في أفغانستان وباكستان، كما تفاهمت من قبلُ مع المحاكم الإسلامية في الصومال تفاهماً أفضى بها وبرئيسها إلى الحكم وسُدّةِ الرئاسة، بعد أن كانت معدودةً في الحركات الإرهابية ذاتِ الصلةِ بالقاعدة!!
وما بالُ هذه الشهاداتِ الجديدةِ التي تعرضُها أجهزةُ الاستخبارات الأميركية أمامَ الكونغرس حولَ براءة البرنامج النووي الإيراني من الأغراض العسكرية؟! وما بالُ الإدارة الأميركية قد دَعَتْ إيرانَ للمشاركة في مؤتمرٍ حولَ أفغانستان؟ وما بالُ هذه الوفودِ والشخصيات الأميركية الرسميةِ تتوالى على زيارة سوريا، بينما تثوبُ الدولُ العربيةُ المتخاصمةُ إلى المصالحة التي طالما دَعَوْنا إليها؟ وأخيراً ما بالُ بعضِ الدوائر الأوروبية قد بدأت تتحدث مع "حزب الله" باعتباره جزءاً من النسيج الوطني اللبناني، وتُبدي استعدادَها للتواصل مع "حماس"؟
أليس في هذا المشهد السياسيّ الإقليمي والدوليّ المتغيرِ دليلاً واضحاً على أن أحوالَ الدول وعلاقاتِ القوة ليست حقائقَ مؤبَّدةً لتكونَ ضماناتٍ ثابتةً لدولةِ الاغتصابِ والإحلال والاحتلالِ في مواجهة حَقٍّ يأبى النسيانَ، وشعبٍ فلسطيني لا يَكُفُّ، ومحيطٍ شعبيٍ عربيٍ إسلاميٍّ تتنامى مَراراتُه ثم تتفجّرُ في وجه نظام عالميٍّ ظالم؟ أليس في هذا المشهد المتغيّر ما يدلُّ على أن تكاليفَ التوسُّّع الإمبراطوري تصلُ في لحظة تاريخية ما إلى أن تزيدَ على مردودِه وأرباحِه؟! وهل يمكنُ تجاهلُ الأزمة الاقتصادية العالميّةِ الراهنةِ ودورِ تداعياتها السياسيةِ في المشهد السياسي الدولي والإقليمي المتغيّر؟!
لا نحسب أن رِهانَ الغاصِبِ كان على قوّة الدبابة في المقام الأول، فهذه رهينة الظرفي المتغير. وإنما كان الرهانُ الإستراتيجيُّ الأهمُّ على اقتلاع الذاكرة وإطفاءِ الحُلُم وتغييبِ الهوية وتقويض الروح واغتيالِ المعاني وتبديلِ الروايةِ التاريخيَّةِ وتزييفِ الوعي. فهذه هي الأصولُ التي ما دامت حيّةً ضاربةً في الأرض، فلا بُدَّ أن تؤتِيَ أُكُلَها وتطرَحَ ثِمارَها في آخر المطاف، وإن تأخَّرَ الموسم.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر