الفنانة أميّة جحا

رسامة الكاريكاتير الفلسطينية (أميّة جحا)، غنية عن التعريف، هي فنانة ومقاومة على جبهة الفن والوجود، قضى زوجها (رامي سعد) شهيد على طريق تحرير فلسطين كل فلسطين. متفردة ما بين بنات جنسها وأقرانها، والأكثر تميزاً في ميدانها الفني القتالي (فن الكاريكاتير)، داخل فلسطين المحتلة أو على مستوى الوطن العربي، مُحققة حضوراً لافتاً في مساحة التعبير والتأثير، سواء عبر الصحافة الفلسطينية والعربية اليومية أو عِبر موقعها على شبكة الإنترنت، الذي يتعرض ما بين فترة وأخرى لقرصنة عدوانية من مؤسسات تنتمي إلى العالم (المتحضر!!).

رسومها قتالية مؤتلفة الصياغة الفنية وجامعة لجميع مكونات التحريض، وتتسع لجميع الطبقات الاجتماعية في المجتمع لفلسطيني والعربي، وتسبر واحة المجتمع الدولي من بوابة الحق المشروع في الحياة الحرة الكريمة والمقاومة، وتعرية جميع مظاهر الاحتلال والعدوان والاستغلال، تقف على الدوام في خندق الشعوب المكافحة المقهورة، منحازة إلى مكانها الطبيعي في المواجهة، وحيز النضال الإنساني متعدد الوجه والأسماء. رسوم مؤثرة في عين المتلقي وعقله بمكوناتها الشكلية والرمزية التعبيرية.

هي من مواليد مدينة غزة عام 1972، تخرجت من قسم الرياضيات في جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1995 بدرجة امتياز شرف. نالت جائزة الصحافة العربية عام 2001 عن مجموع ابتكاراتها، هي عضو في جمعية "ناجي العلي" للفنون التشكيلية بفلسطين، تُنشر رسومها في أكثر من صحيفة ومجلة فلسطينية وعربية، تُعد أول رسامة كاريكاتير عربية لها موقع خاص على شبكة الإنترنت الذي يحمل (www.omayya.com)، تخوض من خلال فنها معترك الأمة العربية في حرب الوجود والبقاء مع العدو الصهيوني، مدافعة بأدواتها القتالية المتواضعة عن حقوق وكرامة أمتها العربية وشعبها الفلسطيني.

وجدت في فن الكاريكاتير طريقاً مناسباً لتفريغ مساحة عريضة في نبض وجدانها، ومداد انفعالاتها وشحناتها الإنسانية المتراكمة في دواخل نفسها ومنابع مواهبها الفطرية الدفينة، والمتوارية في العروق ونبض المخيلة. تجود بما لديها من خبرة تقنية مشهودة، ومقدرة فنية على الاستخدام الوظيفي لتقنيات الحاسوب، وبرامجه الفنية المحتشدة داخل برمجيات حاسوبها الشخصي، تستنهض رؤاها الذاتية وغنى الأفكار المدرجة فوق مساحة التأليف البصري، والمرسومة بالخط واللون والعبارات التوضيحية المرافقة.

كمساحات متآلفة ومتناسلة من واقع المعايشة الميدانية، والمواجهة اليومية للعدوان الصهيوني المُقيم على فلسطين عموماً وقطاع غزة خصوصاً منذ النكبة الفلسطينية الأولى وحتى اللحظة الآنية. مواضيعها لا تخلو من العبر والفكر المستفادة، والمستعارة من مناهل التراث والتاريخ وصور الصمود الأسطوري، المتناسلة من رحم المقاومة الباسلة على الأرض، ورسمها معالم الكر والفر في توصيف المعادلة القتالية غير المتكافئة، ما بين مدافع وقذائف دبابات وطائرات العدو الصهيوني البغيض.

وجماهير الشعب العربي الفلسطيني، وصواريخ المقاومة الفلسطينية وثبات المقاتلين الفلسطينيين في مواقعهم المتقدمة في المقاومة وصد العدوان، كما تبوح في بعض توليفاتها الخطيّة الملونة بما تُشاهد وتحس عمّا يجري حولها من سلسلة المؤامرات، متعددة الدول والحكومات الأعجمية والعربية التي ساهمت في صناعة ودعم العدوان على قطاع غزة منذ فترة زمنية ليست بالقليلة، كاشفة عن مكونات الصمت والتواطؤ بما أتيت من موهبة وخبرة تقنية ومفاعيل رؤى فكرية.

الفلسطيني في تعبيراته الوجودية المتدثرة بقوميته العربية، ووجه الإسلامي وإنسانيته المفتوحة على المواجع، ومواجهة الظلم الاجتماعي والقهر الاقتصادي، ورفض جميع مظالم الاحتلال العسكري المباشر للمنطقة العربية أمريكياً أو صهيونياً وسواه، هي عناوين رئيسة في مدارات جعبتها السردية، تقف فيها بمحطات وصف فاصلة وتذكرة حدسية لديمومة المقاومة في حياة الأمم والشعوب، تستقوي بكرامة الإنسان وقدرته على الصمود، وفطرته الطبيعية على رفض ومواجهة جميع أشكال القهر والعدوان.

خطوتها وملوناتها التي تغزو المساحات السردية المكشوفة على الأفكار، تؤلف في مجموعها سياقاً طبيعياً لوحدة مسارها الفني التقني والتعبيري، ولازمة بصرية متجانسة الوقع والإيقاعات الشكلية، تعتمد البساطة والتبسيط الخطي واللوني في آلية احتواء الفكرة والإحاطة بمدلول المعنى والإحالة الرمزية، والخلفيات الفكرية المتوارية في رسومها ونصوصها المسرودة، تنتمي جميعها إلى إنسانية الإنسان، وحقه الإلهي المشروع في الحياة الحرة الكريمة فوق هذه الأرض التي تتسع للجميع.