الفنانة التشكيلية الفلسطينية "نازك علي عمّار"، نحاتة مميزة ما بين أقرانها في ميادين الاختصاص الأكاديمي من فنانات وفنانين نحاتين فلسطينيين مقيمين في العاصمة السورية دمشق، وأكثر النسوة اندماجاً بالحدث الفلسطيني المعاش على طريقتها التعبيرية الخاصة. مزاولة وإنتاج فن النحت لديها مرهون بسبل الهواية بالرغم من دراستها الأكاديمية التخصصية في ميادينه المتعددة. أعمالها معنية بالدرجة الأولى بوصف تقني وشكلي لفصول المعاناة الفلسطينية بصور تعبيرية مُستلهمة من يوميات الخزن الفلسطيني، وظلاله الممتدة بامتداد مساحات اللجوء داخل فلسطين وخارجها.
شموخ
هي من مواليد مدينة دمشق عام 1958، من أصول فلسطينية تعود لقرية "بيت أمر" في منطقة الخليل. انتسبت إلى كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1976، وتخرجت من قسم النحت عام 1981، بعد حصولها على الإجازة الجامعية بالتخصص. عملت في حقل تدريس مواد التربية الفنية بمدارس الأونروا الإعدادية في سورية حقبة من الزمن، وهي عضو في اتحادي الفنون الجميلة السورية والفلسطينية، ومشاركة في العديد من المعارض الفلسطينية والسورية والعربية.
باجس أبو عطوان
أعمالها الفنية مُنحازة تماماً لمجال اشتغالها التقني ذات الصلة بفنون النحت التشكيلي ثلاثي وتنائي الأبعاد، والموزعة ما بين الأعمال النصبية الكاملة والجداري النافر " الرويليف"، والمشغولة بمواد وأدوات عمل أكاديمية مدرسية الرؤى والطابع الشكلي، ومحمولة بخصوصية معالجة تقنية تحتضن مجموعة من الأفكار المرسومة على الورق في سياق رسوم سريعة (كروكيات)، ونقلها إلى حيز الخامات المتنوعة والمعمول فيها في بناء الكتل النحتية واختيار الهيكلية الأساسية "الكركاس" لتوزيع قواعد الاستناد الضرورية لتتابع الخطوات، وعادة ما تكون مؤتلفة من قطع متجاورة ومتداخلة من الصفائح والأسلاك المعدنية والخشب، كخطوة انطلاق جوهرية وبمثابة حجر الزاوية في توزيع العناصر والمفردات والكتل الرئيسة التي تُشكل في نهاية المطاف الصورة النحتية النهائية لمضامين العمل الفني، كما هو الحال في الأعمال الطينية خصوصاً، كمقدمة نحتية ضرورية لقولبتها وصناعة نماذج بواسطة مواد مثل البرونز، أو الحجر الصناعي، أو التدخين الحراري المتبع في صناعة الفخار والخزف، وسواها من لدائن صناعية متعددة.
انتفاضة
أعمالها موزعة في اتجاهين رئيسين: الأول منحوتات ثلاثية الأبعاد تحضن في ثناياها التفصيلية ولحمتها البنائية، مواضيع مستلهمة من واقع الحياة اليومية للشعب العربي الفلسطيني، بصور رمزية محملة بأنفاس الواقعية التعبيرية، كسمة فنية وتقنية عامة ومميزة في أسلوبية الفنانة، تلوذ بالكتلة الأساسية الممتشقة سطوحها وتجاويفها وسط إيقاع الفراغ المحيط، متناسلة في هيئتها الشكلية من شخوص المخيم ورحيق المقاومة، ودروب الشهداء، تستحضر الرجل والمرأة على قدم المساواة والمشاركة، كصور واقعية معبرة عن حياة الأسرة الفلسطينية المتوالدة من رحم المأساة.
انتفاضة
أما الثاني: عبارة عن منحوتات مؤتلفة من بعدي الطول والعرض في سياق جداريات مجسمة مسكونة بتفاصيل تعبيرية لأجساد ووجوه، محملة برموز وشخوص وإحالات رصف متعددة المواصفات الشكلية، محمولة أيضاً بمقامات سرد وصفي حسي وبصري، مستلهمة من حدائق الاتجاهات الواقعية التعبيرية، تعكس في خلفياتها ومساحاتها المتممة والتكميلية ملامح تعبيرية تجريدية في كثير من الأحوال، تداعب حيز الكتلة والفراغ والتناظر والمجاورة الحافلة بتجليات المشهد البصري المرصود، أعمال نحتية قريبة في بنيتها التقنية وهندستها المعمارية من فنون الميدالية النحتية.
بقايا وطن
تقنياً أعمالها مأخوذة كما - سبق وأشرنا- بالتقنيات المدرسية الأكاديمية من مرحلة التخطيط الأولية على الورق، مروراً بصناعة نموذج مُصغر من خامة نحتية افتراضية، انتقالاً للخامة التقنية المستعملة في الكتل وحيز الفراغ واختيار لقطات الكادر الوصفي للمواضيع المطروحة، وصولاً لمرحلة القولبة وانجاز العمل النهائي والتي غالباً ما تكون مُنفذة بخامات الطين العادي والمدخن أو الجبص المباشر أو المقولب والمعتق، والحجر الصناعي، المصبوغة على الدوام في ملونات برونزية متعاقبة الخطوات. موضوعياً أعمالها تأخذ طابعاً حسيّاً درامياً إنسانياً في مدلولها، ومحتواها البصري كأفكار تعبيرية، نجد للتشخيص مكانة واسعة الطيف في جميع أعمالها، تشخيص فردي لرموز وأفراد عاديين تارة، وأُخرى في سياق مجموعات مكرسة لبيان بطولات لمقاومين وشهداء، حاشدة بحركية الأجساد في فضاء التشكيل والتآلف البصري ما بنين الكتلة النحتية وحيز الفراغ المحيط.
معاً
المرأة، أي الأنثى كصورة تشخيصية، هي المجال الحيوي في مقاماتها السردية، وهي انحياز طبيعي لبنات جنسها، ودلالة رمزية على أهمية ومكانة المرأة الفلسطينية في خوض غمار الصراع اليومي الاجتماعي والسياسي والجهادي، من كونها الحلقة الأساسية في بناء المجتمع الفلسطيني المتطلع نحو وطن مُعافى من الاحتلال الصهيوني البغيض، ورمزية مقصودة بذاتها الجمالية والمعرفية، باعتبارها أداة تحريض ومقاومة مُتاحة للفنانة، عِبر مقولة وظيفية الفن التشكيلي ودوره في معركة المواجهة مع عدونا الأبدي الصهيونية العالمية والكيان الصهيوني ومن لف في فلكها، لأن منحوتاتها تعبير صادق عن وطن، في إحالات رمزية متصلة بالأم والزوجة والابنة والمناضلة.
شرخ في وطني
منحوتة " نموت واقفين ولا نركع"، هي جدارية نحتية مُعبرة عن مقولة مُستعارة من أقوال قائد فلسطيني شهيد. مدوية في واحة الصمود الفلسطيني، ورمزية مشهدية تبوح بيوميات الجرح الفلسطيني في مواقع المقاومة والجهاد الممتدة داخل فلسطين وخارجها، لتصل الجغرافية العربية والدولية في مفاعيلها الكفاحية. منحوتة مؤتلفة من يوميات المقاومة الفلسطينية، تستحضر نماذج للفدائيين الفلسطينيين في ملامحهم القتالية الكاملة يفصل بينهما شجرة. شجرة ترمز لاستمرار دورة الحياة والمواجهة، تأخذ صيغة النحت الجداري البارز، حلولاً تشكيلية مناسبة لا تعقيد شكلي، تصل لعين المتلقي وبصيرته مباشرة دون أية حواجز مفاهيمية.
نموت واقفين ولن نركع
وتستكمل الفنانة (نازك) حكايتها النحتية عبر تقنيات النحت الجداري البارز، من خلال منحوتة تحمل عنوان (المسير الطويل)، التي تُشكل في مضمونها وتوليفاتها الشكلية قصة درامية مستوحاة من فصول المقاومة الفلسطينية، تربط فيها ما بين مفهوم الثورة المرموز لها بالحصان في أعلى يسار المنحوتة وأُخرى خلف الحركة التعبيرية لشخوص المقاومين المرصوفين في متن اللوحة، ومُحاطين ببقايا أسلحة ومدافع. نلاحظ فيها بساطة التكوين وسلاسة التعامل التقني مع الكتل والفراغ من خلال مجموعة من الخطوط الحركية والتوليفات الانسيابية لتفاصيل المشهد المرصود. استطاعت الفنانة ببراعة حرفية أن توظف خامة الجبص المعتق بملونات البرونز من أجل توصيل مقولتها الفنية والنضالية بأن معاً. وترسم من خلالها دروب المقاومة بأشكال تعبيرية متنوعة.
المسير الطويل
أما منحوتة ( انتفاضة 1) هي تعبير مجازي عن حركة المقاومة الشعبية الفلسطينية المتكررة التي شكلت انتفاضة 1987 شرارتها الأولى، لتستمر في انتفاضة الأقصى 2000، وحتى اللحظة الكفاحية المعاشة. هي توصيف فعّال لذاكرة حافظة وموثقة ليوميات مهمة في حياة الفلسطينيين كافة، ودلالة رمزية وتسجيلية بوسائط تعبير بتقنيات النحت التشكيلي ثلاثي الأبعاد، والتي تأخذ من رمزية الحصان (الثورة) والمقاومين المُجسدة بشخوص أدمية تعبيرية بلا ملامح محددة كتعبير على جموع الشعب الفلسطيني المقاوم. يتجلي فيها الملامح الحركية النحيفة والمرنة والمقابلة المتوازنة ما بين كتلة الحصان والشخوص. كبنية هندسية هرمية في إيقاعاتها الشكلية ودلالاتها الموحية في مسرحة أحزاننا وكفاحنا.
انتفاضة 1
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر