الفنان شحدة أحمد درغام

الفنان التشكيلي الفلسطيني "شحدة أحمد درغام" من مواليد مخيم البريج عام 1967، حاصل على دبلوم دراسات عليا في مجالات الفنون التشكيلية، له مساهمات فنية متنوعة، ومشارك في العديد من المعارض الجماعية داخل فلسطين وخارجها، وفائز بمجموعة من الجوائز التقديرية، وعضو في رابطة الفنانين التشكيلين الفلسطينيين بقطاع غزة.

أعماله الفنية مشغولة بذاكرة مكانه ومحيطه الاجتماعي وتكوينه الشخصي داخل أروقة المخيم، ومنحازة إلى قضايا الذات الفلسطينية الباحثة عن وجودها ومكانها الطبيعي في أحضان المعاناة الفلسطينية متعددة الدروب والأوجه. معنية بتفاصيل الأمل وما تبقى من مساحة الوعي الوطني والقيم الأخلاقية المتخندقة بتجليات الرمز والفكرة المستعارة من التراث حيناً، والمواجهة المكشوفة مع الذات وصراعها الثقافي والحضاري مع عدو استيطاني عنصري يحمل في طياته جميع مقومات القهر والظلم الإنساني بجميع أطياف العدوان والنهب للأرض والإنسان.

لوحاته ومدوناته البصرية متعددة التقنيات والصنائع، موزعة ما بين اللوحات التصويرية، والملصقات الإعلانية لأغراض سياسية كفاحية تحريضية، تستنهض حس المقاومة ما بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني. مفندة أشكال العدوان الصهيوني وآليات دماره في لحظات وصف بصري، مفتوحة على خصوصية الأسلوب والمعالجة التقنية، تجد طريقها السردي الآمن في توليفات الاتجاهات التعبيرية التجريدية، ورمزية التعبير والإحالة الدلالية الناتجة عن توليفات النصوص.

مفرداته ومكوناته غير متكلفة، ولا تعرف النمطية، متحررة من قيود العزف التقني التقليدي، وخارجة أيضاً عن معايير المشابهة والمحاكاة الواقعية للماكن والشخوص. تجوب جميع الاحتمالات السردية، ينتقل فيها من ناصية بصرية إلى أخرى، تعزف نشيدها الشكلي في صور وتقاسيم متنوعة السمات والمواضيع. القاسم المشترك فيها حساسية الفنان وخصوصيته أسلوبه السردي، وطريقته في إعداد عجائنه اللونية.

مواضيعه شاملة لجميع مكونات الحياة الاجتماعية الفلسطينية داخل أسوار المخيم، فيها شيء من التاريخ، وبعضاً من التراث، وكثيراً من الرمزية والتأمل الفكري. مكشوفة على أقانيم الصراع العربي الصهيوني، وأشكال المقاومة الشعبية والمسلحة، المتخفية في بندقية هنا، وحصان جامح هناك، رموز تحمل من المعاني والخلفيات الفكرية، وتجليات الوجود والتجذر بالأرض وروح النضال الفلسطيني المشروع بجميع ميادينه الثقافية والحضارية والعسكرية.

لوحاته وملصقاته منحازة في ملوناته وصنائعها التقنية إلى دائرة الألوان الأساسية، مؤلفة مجموعة لونية متناسقة في ماهيتها وتدريجاتها التي تميل إلى الزرقة على الدوام، تُداعب جماليات الأحمر والأصفر، وما بينها من خصائص تقنية ومشتقات. تعارك الفكرة والصورة البصرية المشتهاة، وتبحث عن قصصها ومسرودها الوصفي المنثورة فوق سطوح خاماته.

عناوين المقاومة الشعبية والمسلحة، والمحاربة على جبهة الثقافة ومعركة الوجود، من أكثر سمات لوحاته، قوامها بشر وأمكنة وحجارة في اليد، وفي القلب والعقل وهج ثورة، ومفاعيل أمل في حق العودة المصحوبة مع أصوات ديك الصباح، ومفاتيح الرجوع للبيوت التي غادروها أهلها مُكرهين في لحظة ضياع عربية ومؤامرة أوربية غربية وصهيونية.كانت وما زالت مستمرة ومطوقة بأسلحة الدمار المتمحترمة فوق رؤوس أهل غزة وشعبها النضالية.

القدس عروس عروبتنا، حاضرة بقوة في لوحاته، تفصح عن جماليات الوطن الفلسطيني، وأماكنه المقدسة، مأخوذة برمزية الوصف، مبتعدة عن المحاكاة والمشابهة الشكلية لأوابد بيت المقدس التسجيلية، تستعير قبة مسجد الصخرة، وبيوت البلدة القديمة، في حلة بصرية تجريدية المساحة معنية بإظهار بعدي الطول والعرض، غير مكثرة بالبعد الثالث المنظور، تسوق العبارة الخطيّة المكتوبة والمتحررة من قيود الخطوط العربية التقليدية، معشبة بزخارف التراث الشعبي الفلسطيني ومطرزات أثوابه، تعيد صياغة الوطن والقضية في تبسيط الموز والمعاني المنتشرة في حديقة السطوح المشرعة على شمس الحرية.