عمر أحمد
في مشهد من المشاهد المُلهمة والتي تجسد معاناة الشعب الفلسطيني وحسرته، تشرذمه ولوعته، يمتزج الوطن بأبنائه وينصهر معهم ليكوّن لوحة إبداعية الأفكار، ليلكية الألوان، عميقة المضمون.
في مخيمات اللجوء وتجمعات الشتات، ينام الكبار والصغار وهم ينتظرون العودة، يحلمون بها ويرسمون في أذهانهم مشهدها المرتقب، يحدوهم لها صبرهم الطويل لنيل هذا الحق المقدس وإيمانهم بأنه لايضيع حق وراءه مطالب، وفي مقابر اللجوء والشتات أيضا يأبى اللاجئون تنازلا عن حقوقهم حتى عندما يفارقون هذه الدنيا، تراهم في مقبرة سحاب في الأردن مثالا في منظرٍ يستوقف حواسك ويأخذ تفكيرك إلى أفق بعيد من التأمل وقد كتب على قبر الواحد منهم إضافة إلى معلوماته التي تُعرِّفه بأنه من القرية هذه أو القرية تلك من قرى فلسطين بشرقها وغربها، فهذا من طيرة حيفا وهذا من الخيرية وذاك من صرفند العمار، وأنت ترمق هذا المنظر تمتزج لديك مشاعر العزة مع الحسرة حين تتأمل حب هذا الإنسان الفلسطيني لوطنه وإيمانه العميق بحقه بالعودة إليه حتى وإن كان جسداً مسجى، وكأني به يأبى إلا أن يكون في قوافل العائدين، وكأنه يقول لمن بقي من الأحياء أن يأخذوه إلى بلدته تلك التي طالما تمنى أن يطأ ترابها حياً، ليس أقل اليوم من أن يكون فيها مثواه الأخير.
وكأنه يقول لمن حوله حين يعودون إلى ديارهم أن يأخذوه إلى حيث كان ومن حيث أتى، فثرى الوطن ليس كأي ثرى وترابه ليس ككل التراب.
وكأني به أيضاً يثبّت بموقفه هذا أمام كل العالم وأمام كل من يفرط في المقدسات والحقوق من ساسة أتقنوا كل أساليب التنازل والخيانة، وامتهنوا كل أدوار الذل والمهانة أن لاعودة عن العودة وأن أحداً لايملك حق التفريط فيها وأنه حق فردي كما هو للأحياء فهو أيضا للأموات.
هذا المشهد وعلى الرغم من بساطته ورمزيته إلا أن به الكثير من الرسائل:
أولاً: أن الحق في العودة إلى الديار هو حق فردي وجماعي، وأن هؤلاء الأفراد لم يتنازلوا عن حقوقهم ورفضوا المساومة عليها وهم أحياءٌ ولم يتنازلوا عنها أمواتاً، وتوصياتهم هذه إنما هي دلالة على رفضهم كل مؤامرات التوطين وتضييع الحقوق وهم يريدون العودة ويرغبونها وهذه عناوينهم هناك، وبما أنه حق حق فردي وجماعي فإن على المتآمرين على الحقوق أن يستنطقوا كل هؤلاء الأموات حتى يعطوهم الحق في التفاوض على حقوقهم.
ثانياً: أن هذا الإنسان الفلسطيني قد عانى في حياته صعاباً كثيرةً وقدم كل أشكال الصمود والتحدي في مواجهة الاحتلال وليس أقل من أن ينال دعماً ومساندة من كل أبناء العالم الحر فضلاً عن أن ينالها من أبناء جلدته حتى يكونوا له عونا على استرداد حقوقه المسلوبة والمنتهكة من عشرات السنين.
ثالثاً: أن في هذا رسالة لكل من يفرط ويتآمر من هؤلاء الذين يطالعوننا كل يوم وهم يتطاولون ويساومون على الحقوق والثوابت وفي مقدمتها حق العودة من بوش إلى نتيناهو إلى بعضٍ من أبناء جلدتنا الذين يسوقون مبادرات باليةً ومحترمة.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر