علي هويدي- بيروت
وفقاً لإحصاءات الأونروا في عام 1950، استقبل لبنان 127.600 لاجئ فلسطيني من أصل أكثر من 800 ألف فلسطيني هُجّروا قسراً من ديارهم في فلسطين عام 1948، حيث شكلوا حينها 13.8% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين، وفقاً لإحصاءات لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين والمعروفة باسم «لجنة كلاب» التي قدرت عدد المهجّرين من الفلسطينيين بنحو760 ألف لاجئ، وذلك في تقرير اللجنة المقدم للجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1949.
ووصل عدد اللاجئين في لبنان حتى 31/12/2008، أيضاً وفق إحصاءات الأونروا 422,188 لاجئاً مسجلاً، أي بزيادة أكثر من 314% عن عددهم عام 1948، يقيمون على المساحة الجغرافية نفسها التي أقيمت عليها المخيمات، يمثلون نحو 11% من عدد السكان الإجمالي في لبنان. يسكن المخيمات الرسمية (12 مخيماً) وفقاً للأونروا 222,776 لاجئاً بنسبة 52.7%، أما النسبة الباقية فتسكن في المناطق والمدن والضواحي والتجمعات (أكثر من 50 تجمعاً).
مأساة غير المسجلين
هذا العدد لا يشمل أكثر من 35 ألف لاجئ غير مسجل في سجلات الأونروا، لكنه مسجل لدى دائرة الأمن العام اللبناني التابع لوزارة الداخلية، جاؤوا إلى لبنان بعد أيار (مايو) 1951. إذ تعترف الأونروا باللاجئين المسجلين حتى 31/5/1951، ولا يُدرج في سجلاتها أي لاجئ خرج من فلسطين بعد ذلك التاريخ.
كذلك فإن هذا العدد لا يشمل أكثر من 3500 لاجئ من فاقدي الأوراق الثبوتية، غير مسجلين في سجلات الدولة اللبنانية ولا في سجلات الاونروا، جاؤوا بعد نكسة عام 1967 وبعد أحداث الأردن في أيلول (سبتمبر) 1970، وهؤلاء ما زالوا حتى الساعة لا يستطيعون تجديد أوراقهم الثبوتية التي فقدت صلاحيتها منذ سنوات، في السفارة المصرية أو الأردنية في قضية مركّبة بالغة التعقيد. ورغم تدخل العديد من المؤسسات والجمعيات المحلية والدولية للوصول إلى حلول تضمن حقوقهم الإنسانية، وأقلها الاعتراف بالشخصية القانونية، لم يتوصل أحد إلى نتيجة عملية فيها حلّ جذري لمعضلتهم.
هذه الفئة هي الفئة ذات الظرف الأصعب بين اللاجئين، فهم لا يحصلون على أي نوع من خدمات الأونروا أو الدولة اللبنانية، سواء في مجال الاستشفاء أو التعليم أو الإغاثة، وبالتالي يعيش اللاجئ في سجن كبير اسمه المخيم لا يحق له التنقل أو العمل ولا حتى الزواج، وفيما لو اضطر إلى الخروج من المخيم لسبب قاهر، يظل تحت احتمال الاعتقال من السلطة اللبنانية بحجة فقدانه الإقامة، وقد يسجن لفترة غير محددة من الزمن، وبعد ذلك يطلق سراحه ليعود إلى المخيم من جديد.
تهجير اللاجئين
وفقاً لنِسب توزيع اللاجئين، يشكّل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين من فئة «العسر الشديد» في لبنان (نحو 48,506 لاجئين) النسبة الأعلى بين اللاجئين الفلسطينيين الموزعين في مناطق عمليات الأونروا الخمس. وهذا سبب يُضاف إلى الأسباب الأمنية التي دفعت بالكثير من الشباب والعائلات إلى الهجرة من لبنان إلى الدول الاسكندنافية.
وقد بلغ عدد اللاجئين المهجرين حتى نهاية عام 1987 وضمن إحصاء أجرته وكالة الأونروا مع «تجمع المؤسسات الأهلية العاملة في الوسط الفلسطيني في لبنان» نحو سبعة آلاف عائلة (42000 مهجّر تقريباً)، معظمهم في دول الدنمارك والسويد والنرويج وألمانيا وبريطانيا وهولندا وكندا. وتشير تقديرات اللجان الشعبية للمخيمات والتجمعات وعدد من المؤسسات الأهلية في لبنان إلى وجود أكثر من 8000 عائلة مهجرة، أي حوالى خمسين ألف مهجر فلسطيني. هذا بالإضافة إلى وجود أكثر من خمسة آلاف شاب فلسطيني، معظمهم غادر خلال فترة حرب المخيمات، بين عامين 1984 و1991، منتشرين في دول أوروبا. ولن يكون هذا العدد غريباً إذا علمنا أن مخيم برج البراجنة وحده قد هاجر منه حوالى ألف عائلة، بالإضافة إلى وجود أكثر من 150 شاباً في المهجر وفقاً للجنة الشعبية للمخيم.
لا توجد معطيات كاملة بشأن الهجرة الكبيرة التي عرفها اللاجئون إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والخوف من تكرار مجازر صبرا وشاتيلا التي نعيش هذه الأيام ذكراها السابعة والعشرين، حيث كانت تُبث الشائعات بانتظام في بقية المخيمات، الأمر الذي دفع العائلات، وخصوصاً الشباب، إلى مغادرة لبنان.
هناك موجات أخرى من الهجرة برزت بين مرحلة اندلاع حرب المخيمات التي بدأت مع حصار مخيم برج البراجنة من قبل حركة أمل في أيار (مايو) من عام 1985، وما رافق ذلك من عمليات قتل واعتقال على الهوية، الأمر الذي دفع الكثير من الشباب وحتى أولياء الأمور لتسهيل هجرة أبنائهم مخافة القتل أو التنكيل أو الاعتقال، وقد بلغت الهجرة ذروتها بين عامي 1987 و1989 (خاصة بين الشباب) عندما توسعت حرب المخيمات لتشمل بقية مخيمات بيروت والجنوب والمدن والتجمعات عموماً، في واحدة من أسوأ صفحات التاريخ في حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
اختلاف التقديرات
لا يوجد أي مصدر للمعلومات يوثق إحصائيات دقيقة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبالتالي هناك معطيات تقديرية للإحصاءات تتحدث عن وجود نحو 285 ألف لاجئ، ويعود عدم توافر الإحصائيات الدقيقة إلى عدة أسباب، منها عدم وجود إحصاءات رسمية في لبنان عموماً، ففي عام 1987 قدرت الأونروا عدد اللاجئين الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية بنحو 30 ألف لاجئ، بينما قدرته بعض المؤسسات الأهلية بنحو 50 ألفاً.
تُعدّ أحوال بعض اللاجئين الميسورة وحلم البعض بالعودة القريبة من أسباب عدم تسجيل أسمائهم بسجلات الأونروا، وبالتالي لا وجود لمعلومات إحصائية للاجئين في لبنان مستندة إلى مسوح ديموغرافية شاملة. كذلك فإن عدد المسجلين في الأونروا شمل لبنانيين من الذين كانوا يعملون في فلسطين عام 1948، كذلك فإن الفلسطينيين الوافدين إلى لبنان بعد سنة 1952 عقب حرب 1967، أو الذين انتقلوا إلى لبنان بعد أحداث الأردن في فترة 1970– 1971 أو أبعدهم الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك، لم تشملهم الأونروا في سجلاتها ولم يتم قيدُهم جميعاً لدى مديرية شؤون اللاجئين اللبنانية.
وقد أشارت تقديرات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 1992 إلى أن عدد فلسطينيي لبنان وصل إلى 600 ألف لاجئ. أما الدراسة الميدانية التي قام بها النروجيون في المخيمات الفلسطينية قبل أكثر من عشر سنوات فقد قدرت «عدد الفلسطينيين في لبنان بحوالى 180 ألف نسمة». ومن الواضح الفارق الكبير بين أرقام الأونروا والنرويجيين والهلال، غير أن أياً من هذه الأرقام الثلاثة لا يعبّر عن حقيقة الوجود السكاني للفلسطينيين في لبنان. فاللاجئون المقيمون في لبنان مقسمون لمجموعات مختلفة، منهم من هو داخل المخيمات ومنها من هو خارجها في التجمعات وفي المدن والقرى، كذلك منها من يحمل الجنسية اللبنانية (خاصة أولئك الذين أعيدت الجنسية اللبنانية إليهم من أبناء القرى السبع وفقاً لمرسوم 5247 في 20/6/1994 وبلغ عددهم نحو 35 ألفاً)، ومنهم من يحمل جنسيات بلدان أخرى أوروبية وغيرها، حتى إن دائرة الإحصاء في منظمة التحرير الفلسطينية لم تستطع هي أيضاً أن تقدم مسحاً شاملاً ودقيقاً للاجئين.
تقديرات الإدارة اللبنانية
الدولة اللبنانية كذلك، لم تقدم أرقاماً رسمية دقيقة إلى الآن، والتقدير الرسمي الذي قدمته مديرية شؤون اللاجئين إلى وزارة الداخلية اللبنانية سنة 1969 يشير إلى أنه «قد جرى إحصاء عام لجميع اللاجئين الموجودين في لبنان في عام 1952 فكان عددهم 140 ألف نسمة تقريباً، وتشير سجلات ووقوعات الولادة إلى أن عدد المواليد حتى آخر عام 1968 بلغ 87 ألفاً وعدد الوفيات أربعة آلاف، فيكون العدد في نهاية عام 1968 حوالى 214 ألف نسمة». وهناك «أربعة آلاف نسمة جاؤوا بعد الإحصاء وأضيفوا لاحقاً إلى سجلات المديرية، بينما شطبت الأونروا في عام 1951 من سجلاتها 31 ألفاً بسبب أخطاء في التسجيل، ثم شطبت 7500 نسمة في عام 1966 بسبب تحسّن أوضاعهم المالية».
أرقام سياسية
يؤكد بعض المراقبين أن الدولة اللبنانية لديها الأرقام الحقيقية كاملة عن الفلسطينيين المقيمين فوق أراضيها وتحتفظ بها للاستحقاقات المقبلة. ولهذا فقد كانت أرقام المسؤولين اللبنانيين ترتفع وتنخفض حسب مواقفهم السياسية. حيث صرح الوزير اللبناني الراحل شوقي فاخوري، عضو اللجنة الوزارية المكلفة الحوار مع الفلسطينيين سنة 1992، بأن عدد اللاجئين في لبنان يتراوح بين 400 ألف و500 ألف نسمة. وكان المدير العام السابق لمديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في وزارة الداخلية اللبنانية يوسف صبرا قد قدّر في آخر سنة 1982 العدد الإجمالي الفلسطيني قبل الاجتياح الإسرائيلي بنحو 650 ألف لاجئ.
وللعمل على الإقلال من أهمية قضية اللاجئين يأخذ (الإسرائيليون) بالتقديرات الأكثر انخفاضاً، فالباحث الصهيوني موشيه أفرات مثلاً, خلص في مقالة خصصها لدحض ما يعدّه تضخيماً لأعداد الفلسطينيين في لبنان في عام 1984 إلى إن عدد اللاجئين سنة 1982 كان في حدود 203 آلاف نسمة فقط.
ويرى مركز بديل أن نظام تسجيل اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين عموماً «يفتقر إلى الدقة والانتظام أو الدورية، رغم أن نظام التسجيل الخاص بوكالة الغوث الدولية هو الأكثر انتظاماً وشمولية، إلا أنه يحوي في الوقت نفسه الكثير من الفجوات». ويشكل اليوم نظام التسجيل الخاص بوكالة الغوث الدولية نظام التسجيل الوحيد الخاص باللاجئين الفلسطينيين، ولكن تسجيلات الوكالة تغطي نحو 55% فقط من تعداد اللاجئين الفلسطينيين في عام 1948 وسلالاتهم).
بغياب المسوح والإحصاءات الدقيقة، يُعدّ التوزيع الديموغرافي للاجئين في لبنان من القضايا المركبة والمعقدة، حتى إن النسب التي تتحدث عنها الأونروا من السكن خارج المخيمات أو داخلها ليست نسباً دقيقة، بل تنطلق من تقديرات ليس إلا. ولكن قد يكفي التوقف عند المؤشر الخطير للاكتظاظ السكاني في المخيمات والتجمعات مع ما يرافقه من نسبة بطالة مرتفعة (أكثر من 60%)، ونسبة فقر تزيد على الحدّ المتعارف عليه عالمياً، ونسبة أمية تزيد على 24%، لمعرفة إلى أي مدى هناك حاجة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لتوفير الحقوق المدنية والاجتماعية والتخلص من حالة اللجوء وتطبيق حق العودة.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر