الفنان التشكيلي الفلسطيني ( حسن أبو صبيح) من مواليد ليبيا عام 1973، من والدين فلسطينيين من بلدة الدوايمة بمنطقة خليل الرحمن بفلسطين، درس فنون الحفر والطباعة اليدوية في مركز أدهم إسماعيل بدمشق كخطوة البداية في رحلته مع الفن، ثم تابع دراسته الخاصة لفنون التصوير الضوئي والتلفزيوني في مركز المأمون الدولي بدمشق لمدة عام وحصل على شهادة تخصص عام 1995، ثم درس في معهد وليد عزت للفنون التطبيقية بدمشق مهارات فن الخزف ما بين 1999-2001، وجدير بالقول بأنه لازم الفنان الراحل (مصطفى الحلاج) متعلماً ومساعداً في محترفه الفني ما بين أعوام 1997-2002، حيث ساعده في طباعة لوحاته، لاسيما جداريته الشهيرة "ارتجالات الحياة"، هو عضو في اتحاد الفنانين التشكيلين الفلسطينيين والسوريين، مشارك دائم في معارض الاتحاد الجماعية والسنوية وسواها، وحاصل على مجموعة جوائز وشهادات تقدير، متفرغ للعمل الفني.
تنتمي لوحاته ومنتجاته الفنية التشكيلية تقنياً إلى فنون الحفر والطباعة اليدوية، المشغولة بوسائط متعددة قوامها المشرط، وسكاكين الحفر والكشط، بعضها متصل بأدوات الحفر المعدنية المباشرة باليد، وبعضها الآخر بأدوات حفر كهربائية، يكون المكبس اليدوي شبه البدائي، المجال الحيوي لطباعة جلّ لوحاته، المعدة مسبقاُ والمتداعية كنماذج جاهزة محفورة ومنقوشة، وأشبه بكليشات غائرة ونافرة، ومنسابة على سطوح الخشب من نوع (M.D.F)، عاشقة لملونات أسود الطباعة ومؤثراته اللونية المتداعية بعامل التمديد وضغط القوة على سطح الورق الكرتوني الأبيض المبلل لتخرج لوحات مطبوعة عامرة بمكونات مستعارة من نسيج الحياة اليومية المعايشة والمتخيلة.
مواضيعه متناسلة من وحي ذاكرة مكان فلسطيني هنا وواقع مخيم هناك، ترصد مساحة أمل منثور في عميق نفسه ومخيلته ومشغولات حفرية، تبكي حزن القصيدة الحفرية اللونية، أسود راقص على التناقض الشكلي، والعاكس لتباينات الشكل والمضمون، من خلال خطوط التوشية المتداعية عبر الشبكات الخطيّة المتجاورة والمتقابلة في فضاء الأبيض، وكتامة الأسود تظهر حقيقة التباين ما بين الضوء والعتمة، ولا تترك مساحات شكلية مهملة فوق سطوح خاماته مدعاة للصدفة، بل هي موضوعة بعقلانية الوصف والتعبير في سياقاتها المنطقية المتجانسة، في مظهرها الشكلي وإيقاعاتها الملونة والمتناسقة والمحافظة على وحدتها العضوية.
الشخوص لهم مكانتهم في جميع لوحاته، موزعة ثنائيات تارة، وفرادى وهيئات أُخر، موشاة بخلفيات شكلية مفتوحة على جماليات المكان الفلسطيني، ولصيقة بمساحة الحلم والتخيل وتفاصيل الألم والأمل، الرجال والنسوة حاضرين على الدوام فوق سطوحه، وأسراب الطيور والسنونو خصوصاً ما زالت محلقة في كثير من حفرياته، كتعبير صريح عن مفاهيم الحرية، حرية الفكرة وحركية الملونات المتعارضة، تلقي بظلالها الشخصية، قصيدة بصرية محمولة بتقنيات البحث والتمرس المهني والحرفي في إخراج مسرود القول البصري المتاح.
هموم المخيم وسطوة الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرضنا، لها في لوحاته الحفرية مجموعة من الذكريات، تستعيد حدود المواجهة ما بين شعب فلسطيني شبه اعزل في مواجهة أحدث المار والقتل الصهيوني الشامل، يصوغ الفنان مفرداتها من معين المقاومة ويوميات العدوان الصهيوني المتكرر على القرى والمدن الفلسطينية داخل الوطن المحتل في الضفة وغزة، فيها توصيف لحجم القوة المعادية ومساحة الدمار، تلعب التقنية لعبتها المتوازنة على سطوح اللوحة، وتظهر مفاتنها التعبيرية المبسطة للعناصر ومكونات الأشكال المتسلسلة في حضرة التكوين.
القدس مدينتا المقدسة لها في حفرياته أكثر من موقف بصري ومشهد، لا تغادر مضامينها الفكرية ورمزيتها وإحالاتها الشكلية، مواطن القداسة التي تشغلها القدس في أديان التوحيد السماوية لاسيما الإسلامية منها، ولا تخفي أوراق التاريخ الممتدة عبر العصور المغرقة في القدم، وتعيش من وجوه مشرقة ومتفائلة من سكانها العرب الحقيقيين، تتعانق مآذن المساجد بالكنائس وتشدو أوصافها الشكلية أغنية دامعة المآقي لتناقض الأبيض مع الأسود، كخلطة تقنية متناسبة ومعطيات الواقع التي تعيشه مدينة القدس من تقسيم وتهويد وتطهير عرقي صهيوني.
القدس في بلدتها القديمة ومسجدها الأقصى وكنيسة القيامة هي مفردات شكلية دائمة التوهج في لوحاته الحفرية، تستقبل أسراب "السنونو" الخزينة المغادرة مع كل شتاء فلسطيني دامي حدود الم والمعاناة الفلسطينية، لتدمج فيها وتُصبح رمزية لقصة ما تحفظها ذاكرة الشعوب المقاومة. قدس محاصرة بالاحتلال، وشعب آثر المقاوم والذود عن حياضها الشريف بكل ما أوتي من قوة وبأس، فيها كثرة تقنية لتداعيات الخطوط، وترك المساحات البينية البيضاء، لتجعل الأمور المنظورة أكثر حساسية ودفعاً للمتأمل في التوقف بعض الوقت لتفحص نصوصها وما تروم الوصول إليه قصيدة الفنان الحفرية من مضامين وخلفيات.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر